
تفاصيل 'فضيحة 2006' في علاقة المخزن بالكيان الصهيوني
ولا يعد كلود مونيكي مجرد صحفي، فهو رجل سياسي، ورئيس سابق لحزب 'ليدام' البلجيكي، وعمل في العديد من المنابر الإعلامية والفرنسية، وعلى رأسها أسبوعية 'ليكسبريس'، وعميل سابق للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي (DGSE) وله ارتباطات أيضا بالمخابرات المغربية، وهو ما يعطي لاعترافاته بعدا ذا مصداقية لافتة.
وفي 'تغريدة' له على حسابه في منصة 'إكس'، كتب كلود مونيكي: 'علمتُ من مصدر إسرائيلي موثوق أنه خلال حرب الـ33 يوما بين إسرائيل وحزب الله (في جويلية 2006)، نظم مهدي حجاوي شخصيا رحلة لياسين منصوري (مسؤول المخابرات الخارجية المغربية) إلى إسرائيل لحضور اجتماعات رفيعة المستوى مع الموساد وزيارة لخط المواجهة على الحدود الشمالية'، مع لبنان.
وجلبت هذه الشهادة لعميل المخابرات الفرنسية والمغربية معا، متاعب كبيرة، تجلت من خلال الحملة التي تعرض لها، والتي حمل مسؤوليتها لذباب النظام المغربي، حيث حاول وصمه بأنه يعمل لصالح الجزائر، وهو ما نفاه بشدة، حيث ذكّر بماضيه في 'تغريدة' ثانية مؤكدا مواقفه الثابتة: '.. ليعلم منتقديّ القلائل أنني لستُ 'مدفوع الأجر من الجزائر'، بل أواصل دعم المملكة المغربية، من بين أمور أخرى، في قضية الصحراء الغربية..'.
وجاءت شهادة السياسي البلجيكي التي فجرت جدلا كبيرا في المملكة العلوية واللوبيات الداعمة لها في أوروبا، في سياق نشره معلومات سرية عن الرجل الثاني في المخابرات الخارجية المغربية المنشق، مهدي حجاوي، الذي فر من المغرب قبل أشهر، وكذا ما يتعرض له من حملة إعلامية.
وقال كلود مونيكي: 'يُزعم أن 'القضاء' المغربي يتهم مهدي حجاوي بارتكاب 'أفعال إجرامية' مختلفة، لكن المحاميين الفرنسيين للشخص المعني، ويليام بوردون وفينسن برينغا، تمكنا من الإشارة إلى 'إجراء سياسي بحت مدعوم بتلفيق قضائي…'، واعتبر ما قيل بحق الرجل، مجرد ادعاءات زائفة لتشويه سمعة الحجاوي'.
وكذب عميل المخابرات المغربية جميع المقالات التي تناولت قضية مهدي حجاوي، التي قالت إنه لم يشغل قط أي منصب استراتيجي في المخابرات المغربية. وأضاف: 'أستطيع أن أشهد على العكس. بين عامي 2005 و2014.. كنت على اتصال منتظم بالمهدي الحجاوي، وهو نجل جنرال متوفى كان مقربًا من الملك الحسن الثاني'.
وكان حينها مهدي حجاوي رئيسا لديوان ياسين منصوري، رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي المغربي. 'في مناسبتين، نظم الحجاوي اجتماعات ثلاثية (منصوري، الحجاوي، وأنا) في مكتب المنصوري. في الوقت نفسه، وبعد هجمات لندن نظّم لي الحجاوي اجتماعا مخصصا للجماعات الجهادية (بما فيها القاعدة) في بلاد المغرب'، وفق شهادة مونيكي.
وأوضح أن هذا الاجتماع انعقد في مقر المديرية العامة للأمن الخارجي، وحضره رؤساء مختلف الإدارات داخل الجهاز. وترأس مهدي الحجاوي المناقشات، يقول مونيكي. ثم نظّم اجتماعات أخرى مع الفريق بناني، الذي كان آنذاك قائدا للمنطقة الجنوبية، ومع فؤاد علي الهمة (مستشار الملك المغربي حاليا)، وزير الدولة للداخلية آنذاك والمقرب جدًا من الملك محمد السادس، ومع مسؤولين أمنيين مهمين آخرين.
كما يؤكد كلود مونيكي أنه استطاع من خلال مصادر في أجهزة الاستخبارات الفرنسية والصهيونية، التأكد من أن مهدي الحجاوي كان يحظى بتقدير كبير هناك، وكان ركيزة أساسية للتعاون الأمني بين الرباط وباريس من جهة، والرباط وتل أبيب من جهة أخرى، الأمر الذي مكنه من ترتيب زيارة محمد ياسين المنصوري، وهو رئيس المخابرات الخارجية المغربية (DGED)، الكيان الصهيوني في العام 2006، ليحضر اجتماعات رفيعة المستوى مع المخابرات الصهيونية 'الموساد'.
ويعتبر مهدي حجاوي أول ضابط في جهاز المخابرات الخارجية المغربي (DGED) يستفيد (في سبتمبر 2000) من تدريب لمكافحة الإرهاب نظمته المخابرات الصهيونية، معتبرا ما يحصل لمهدي حجاوي مجرد تصفية حسابات بين رجالات المخابرات المغربية، والرعب الذي يجتاح هؤلاء خوفا من التخلي عنهم في أي لحظة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 2 أيام
- الشروق
تفاصيل 'فضيحة 2006' في علاقة المخزن بالكيان الصهيوني
فجّر السياسي والصحفي البلجيكي المعروف، كلود مونيكي، فضيحة مدوية مفادها أن محمد ياسين المنصوري، وهو رئيس المخابرات الخارجية المغربية (DGED)، زار الكيان الصهيوني في العام 2006، أين حضر اجتماعات رفيعة المستوى مع المخابرات الصهيونية 'الموساد'، مؤكدا أن العلاقات بين النظام المغربي والكيان الصهيوني، لم تكن وليدة التطبيع الذي حصل أمام أنظار العالم في ديسمبر 2020، وإنما يعود إلى عقود خلت. ولا يعد كلود مونيكي مجرد صحفي، فهو رجل سياسي، ورئيس سابق لحزب 'ليدام' البلجيكي، وعمل في العديد من المنابر الإعلامية والفرنسية، وعلى رأسها أسبوعية 'ليكسبريس'، وعميل سابق للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي (DGSE) وله ارتباطات أيضا بالمخابرات المغربية، وهو ما يعطي لاعترافاته بعدا ذا مصداقية لافتة. وفي 'تغريدة' له على حسابه في منصة 'إكس'، كتب كلود مونيكي: 'علمتُ من مصدر إسرائيلي موثوق أنه خلال حرب الـ33 يوما بين إسرائيل وحزب الله (في جويلية 2006)، نظم مهدي حجاوي شخصيا رحلة لياسين منصوري (مسؤول المخابرات الخارجية المغربية) إلى إسرائيل لحضور اجتماعات رفيعة المستوى مع الموساد وزيارة لخط المواجهة على الحدود الشمالية'، مع لبنان. وجلبت هذه الشهادة لعميل المخابرات الفرنسية والمغربية معا، متاعب كبيرة، تجلت من خلال الحملة التي تعرض لها، والتي حمل مسؤوليتها لذباب النظام المغربي، حيث حاول وصمه بأنه يعمل لصالح الجزائر، وهو ما نفاه بشدة، حيث ذكّر بماضيه في 'تغريدة' ثانية مؤكدا مواقفه الثابتة: '.. ليعلم منتقديّ القلائل أنني لستُ 'مدفوع الأجر من الجزائر'، بل أواصل دعم المملكة المغربية، من بين أمور أخرى، في قضية الصحراء الغربية..'. وجاءت شهادة السياسي البلجيكي التي فجرت جدلا كبيرا في المملكة العلوية واللوبيات الداعمة لها في أوروبا، في سياق نشره معلومات سرية عن الرجل الثاني في المخابرات الخارجية المغربية المنشق، مهدي حجاوي، الذي فر من المغرب قبل أشهر، وكذا ما يتعرض له من حملة إعلامية. وقال كلود مونيكي: 'يُزعم أن 'القضاء' المغربي يتهم مهدي حجاوي بارتكاب 'أفعال إجرامية' مختلفة، لكن المحاميين الفرنسيين للشخص المعني، ويليام بوردون وفينسن برينغا، تمكنا من الإشارة إلى 'إجراء سياسي بحت مدعوم بتلفيق قضائي…'، واعتبر ما قيل بحق الرجل، مجرد ادعاءات زائفة لتشويه سمعة الحجاوي'. وكذب عميل المخابرات المغربية جميع المقالات التي تناولت قضية مهدي حجاوي، التي قالت إنه لم يشغل قط أي منصب استراتيجي في المخابرات المغربية. وأضاف: 'أستطيع أن أشهد على العكس. بين عامي 2005 و2014.. كنت على اتصال منتظم بالمهدي الحجاوي، وهو نجل جنرال متوفى كان مقربًا من الملك الحسن الثاني'. وكان حينها مهدي حجاوي رئيسا لديوان ياسين منصوري، رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي المغربي. 'في مناسبتين، نظم الحجاوي اجتماعات ثلاثية (منصوري، الحجاوي، وأنا) في مكتب المنصوري. في الوقت نفسه، وبعد هجمات لندن نظّم لي الحجاوي اجتماعا مخصصا للجماعات الجهادية (بما فيها القاعدة) في بلاد المغرب'، وفق شهادة مونيكي. وأوضح أن هذا الاجتماع انعقد في مقر المديرية العامة للأمن الخارجي، وحضره رؤساء مختلف الإدارات داخل الجهاز. وترأس مهدي الحجاوي المناقشات، يقول مونيكي. ثم نظّم اجتماعات أخرى مع الفريق بناني، الذي كان آنذاك قائدا للمنطقة الجنوبية، ومع فؤاد علي الهمة (مستشار الملك المغربي حاليا)، وزير الدولة للداخلية آنذاك والمقرب جدًا من الملك محمد السادس، ومع مسؤولين أمنيين مهمين آخرين. كما يؤكد كلود مونيكي أنه استطاع من خلال مصادر في أجهزة الاستخبارات الفرنسية والصهيونية، التأكد من أن مهدي الحجاوي كان يحظى بتقدير كبير هناك، وكان ركيزة أساسية للتعاون الأمني بين الرباط وباريس من جهة، والرباط وتل أبيب من جهة أخرى، الأمر الذي مكنه من ترتيب زيارة محمد ياسين المنصوري، وهو رئيس المخابرات الخارجية المغربية (DGED)، الكيان الصهيوني في العام 2006، ليحضر اجتماعات رفيعة المستوى مع المخابرات الصهيونية 'الموساد'. ويعتبر مهدي حجاوي أول ضابط في جهاز المخابرات الخارجية المغربي (DGED) يستفيد (في سبتمبر 2000) من تدريب لمكافحة الإرهاب نظمته المخابرات الصهيونية، معتبرا ما يحصل لمهدي حجاوي مجرد تصفية حسابات بين رجالات المخابرات المغربية، والرعب الذي يجتاح هؤلاء خوفا من التخلي عنهم في أي لحظة.


إيطاليا تلغراف
١٦-٠٧-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
البوليساريو .. مشنقة الإرهاب
إيطاليا تلغراف بقلم: عزيز لعويسي في سياق تداعيات حرب ال 12 يوما التي جرت فصولها المثيرة بين إسرائيل وإيران، برزت تحركات على مستوى الكونغريس الأمريكي، تدفع في اتجاه تصنيف مرتزقة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية، وذلك على خلفية 'مشروع قانون'، تقدم به بتاريخ 24 يونيو المنصرم، النائب الجمهوري 'جو ويلسون' بدعم من زميله الديمقراطي 'جيمي بانيتا'، وقد استند مقترحا مشروع القانون المذكور، على عدة وثائق وشهادات ووقائع تثبت ارتباطات البوليساريو بإيران وحزب الله، وتورطها في أعمال إرهابيـــة، في وقت أكد فيه النائب الجمهوري المذكور في تغريدة له، أن البوليساريو تعد 'منظمة ماركسية مدعومة من إيران وحزب الله وروسيا'، توفر حسب إفادته، 'غطاء استراتيجيا لإيران للتدخل في إفريقيا، وزعزعة استقرار المملكة المغربية، الحليف الأمريكي منذ 248 سنة'؛ مرتزقة البوليساريو، وبطريقة جمعت بين التهور والانتحار والغباء، سارعت إلى الرد على تحركات الكونغريس الأمريكي، باستهداف مدينة السمارة بمقذوفات ، سقطت في منطقة غير مأهولة بالسكان دون أن تخلف أية خسائر مادية أو بشرية، بعضها سقط بالقرب من مقر بعثة الأمم المتحدة 'المينورسو'، وقد تعامل سلاح الجو المغربي مع الحادث الإرهابي، بما يليق به من الحزم والصرامة والجاهزية، في وقت باشرت فيه البعثة الأممية زيارة ميدانية للأماكن التي سقطت فيها المقذوفات، لتوثيق ما حدث، في أفق إعداد تقرير تفصيلي يرفع إلى رئيس الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش'؛ الاعتداء الجبان على السمارة، يعد امتدادا لتصرفات إرهابية سابقة، استهدفت من خلالها مرتزقة البوليساريو المدعومة قلبا وقالبا من قبل نظام الشر بالجزائر، التراب الوطني في مناطقه الجنوبية، أمام مرأى ومسمع الأمم المتحدة، ممثلة في بعثة 'المينورسو'، كان آخرها، استهداف حفل منظم بمنطقة المحبس، احتفاء بالذكرى 49 للمسيرة الخضراء، وقبله استهداف مدينة السمارة في مناسبتين، ترتب عن إحداها وفاة مواطن مغربي؛ لجوء صعاليك تندوف إلى الفعل الإرهابي، في سياق جيوسياسي دولي موسوم بالتوتر والقلق، باتت فيه إيران وحلفائها وأدرعها تحت المجهر، يؤكد ليس فقط، 'الهوية الإرهابية' لهذا الكيان المصطنع، الذي يسخره نظام الشر بالجزائر، لزعزعة أمن واستقرار المغرب واستهداف مصالحه الحيوية والاستراتيجية، بل ويعكس بعمق، ما وصل إليه بمعية حاضنه وراعيه الرسمي، من يأس وبؤس وهزيمة وانسداد أفق، أمام تآكل جدار الوهم والانفصال في إفريقيا والعالم، واتساع دائرة الدول المعترفة بسيادة المغرب على صحرائه، منذ الاعتراف الأمريكي التاريخي خلال ولاية ترامب الأولى؛ رهان البوليساريو على ورقة الإرهاب لاستهداف الأمن القومي المغربي، تزامنا وتحركات الكونغريس الأمريكي، قد يرى فيه البعض مغامرة بطعم الانتحار، وقد يرى فيه البعض الآخر تهورا وغباء استراتيجيا، في سياق الإجماع الدولي حول سيادة المغرب على صحرائه، وعلى مقترح الحكم الذاتي المقدم من قبل المغرب، لطي ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وقد يرى فيه البعض الثالث، ممارسة إرهابية صادرة عن ميليشيات إرهابية، تعيش أنفاسها الأخيرة، وفي هذا الإطار، ومهما كانت متانة هذه الرؤى، فالثابت، أن البوليساريو بمغامرتها المتهورة الفاقدة لأدنى شروط التبصر والمسؤولية، وباعترافها بتبني هذا العمل الإرهابي الخطير، تزكي التقارير التي تثبت تورطها في عدد من التصرفات الإرهابية، في عدد من بؤر التوتر، فضلا عن الإرهاب المسكوت عنه، الذي تمارسه داخل مخيمات تندوف، وبذلك، تكون قد قدمت للكونغريس الأمريكي، دليلا آخر، يدفع بدون شك، في اتجاه تسريع الإفراج عن قرار تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية، ومنحت الدبلوماسية المغربية فرصا دبلوماسية كثيرة، للدفع في اتجاه الحسم النهائي لنزاع مفتعل امتد لنصف قرن من الزمن؛ ما حدث من فعل إرهابي جبان، بقدر ما يسائل المجتمع الدولي، ويضعه وجها لوجه أمام 'الهوية الإرهابية' للبوليساريو، ومدى ترابطاتها بشبكات الجريمة والإرهاب، ومدى صلاتها بإيران وأدرعها، بقدر ما يضع نظام العسكر بالجزائر تحت المجهر، لمسؤوليته المباشرة في احتضانها ورعايتها وتسليحها والترافع عن أطروحتها، وتسخيرها لخدمة عدائه الخالد للمغرب ووحدته الترابية منذ نصف قرن من الزمن، وإذا كان ملف هذا النزاع المفتعل لازال مفتوحا منذ عقود حتى اليوم، فما كان له أن يبقى ويستمر، لولا عنترية هذا النظام الأرعن، الذي لازال منفصلا تماما عن الحقيقة والواقع، أسير أوهام وأطروحات تجاوزها الزمن، وعليه، فأي سلوك إرهابي ممارس من قبل مرتزقة تندوف، لا يمكن البتة، فهمه أو مقاربته أو معالجته، دون وضع نظام العسكر الحاضن والداعم له، تحت المجهر، اعتبارا لمسؤولياته في الاحتضان والدعم والتبني والتسليح والتحريض والتحريك والتحكم، ما يجعله و'البوليساريو' وجهان لعملة واحدة عنوانها العريض : الإرهاب؛ تحركات الكونغريس الأمريكي لوضع مشنقة الإرهاب حول عنق البوليساريو، يأتي في سياق جيوسياسي دولي، بدأت ترتفع فيه الأصوات المطالبة بتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية، في ضوء ما صدر ويصدر من تقارير أمنية واستخباراتية، تثبت تورطها في أعمال إجرامية وإرهابية متفرقة، كما تثبت ترابطاتها مع إيران وحزب الله، ما يجعلها مهددة للأمن والسلم الإقليميين، في محيط إفريقي، موسوم بالقلق والتوتر، يتقاطع فيه الإرهاب والجريمة والانفصال، ونشير في هذا الإطار، إلى الدعوة التي سبق أن وجهتها صحيفة 'التلغراف' البريطانية، إلى حكومة المملكة المتحدة، بشأن تصنيف هذه المرتزقة كمنظمة إرهابية، داعية لندن، إلى التحرك لحماية مصالحها بشمال إفريقيا، انسجاما ومسعى الكونغريس الأمريكي، ومسايرة للموقف الأمريكي المتقدم بشأن سيادة المغرب على صحرائه، وهو نفس الاتجاه الذي سارت عليه، صحيفة 'واشنطن آي' أحد كبريات الصحف الأمريكية، التي استعرضت في منشور تفصيلي لها، الأسباب المتحكمة في توجه تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي، وهذه الخرجات الإعلامية العالمية وغيرها، تؤكد أن البوليساريو باتت قريبة من مشنقة الإرهاب أكثر من أي وقت مضى؛ جنوح البوليساريو وحاضنها وراعيها الرسمي إلى الخيار الإرهابي، دون اعتبار لما طال ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، من تحولات ومتغيرات عميقة، منذ الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، يطرح عدة تساؤلات مشروعة، بخصوص مدى جدوى مقترح الحكم الذاتي، في ظل عنترية نظام العسكر بالجزائر وإصراره العمدي على إطالة أمد النزاع بما يخدم مخططه العدائي ضد المغرب ووحدته الترابية، ومدى جدوى أي تفاوض أو تعامل محتمل مع مرتزقة مسلحة، ترفع سلاح الإرهاب في وجه المغرب وتهدد وحدة وسلامة أراضيه، ومدى صواب الإبقاء على بعثة 'المينورسو'، التي لم يعد البتة، أي مبرر لبقائها أو تمديد لمهمتها، بعدما أصبحت نفسها مهددة بما باتت تشكله هذه المرتزقة من مخاطر إرهابية مهددة لأمن منطقة شمال إفريقيا واستقرارها، ومدى جدوى الإبقاء على المنطقة العازلة، ومدى بقاء ملف الصحراء المغربية باللجنة الرابعة للأمم المتحدة، ومدى نجاعة التقارير السنوية التي يصدرها مجلس الأمن الدولي، في ظل ما حققه المغرب من معطيات على الواقع، وقياسا لاعتراف ثلاثة أعضاء دائمي العضوية بسيادة على المغرب على صحرائه بوزن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، ومدى جدوى أن يبقى الملف مفتوحا إلى ما لا نهاية له، ويبقى معه المغرب رهينة تجاذبات ومصالح قوى دولية كبرى، في وقت يتمادى فيه نظام العسكر بالجزائر في الاستفزاز والابتزاز والترويج للأطروحات البالية وشراء الذمم، خدمة لعدائه الخالد للمغرب ووحدته الترابية، ومدى جدوى أن يبقى الملف بين رفوف الأمم المتحدة، دون مراعاة لمختلف الأدلة والأسانيد التاريخية والقانونية والروحية المثبتة لمغربية الصحراء، ولا الإجماع الدولي المتزايد حول سيادة المغرب على صحرائه، ولا النهضة التنموية المفتوحة التي تشهدها مدن وأقاليم الصحراء المغربية، في إطار النموذج التنموي الذي أطلقه الملك محمد السادس منذ سنوات؛ الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، كان قويا في عمقه ورسائله ودلالاته، ما جعل الكثير من التحليلات السياسية والاستراتيجية، تضعه في خانة 'خطاب النصر'، بعدما أشار الملك محمد السادس إلى تمكن المغرب منذ المسيرة الخضراء، من 'ترسيخ واقع ملموس، وحقيقة لا رجعة فيها، قائمة على الحق والشرعية، والالتزام والمسؤولية'. ويتجلى ذلك كما أكد ذلك جلالته، من خلال: 'تشبث أبناء الصحراء بمغربيتهم، وتعلقهم بمقدسات الوطن، في إطار روابط البيعة، القائمة عبر التاريخ، بين سكان الصحراء وملوك المغرب'، و'النهضة التنموية، والأمن والاستقرار، الذي تنعم به الصحراء المغربية'، علاوة على 'الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي'، وقد حمل عاهل البلاد في سياق ذات الخطاب، المسؤولية للأمم المتحدة، مطالبا إياها أن 'توضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين 'عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته'، في إشارة واضحة إلى نظام العسكر بالجزائر، الذي لازال يراهن على أوهام الماضي ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن، ما يجعله يعيش في 'عالم آخر' منفصل تماما عن الحقيقة والواقـــــــع؛ وفي هذا الإطار، ونحن على مقربة من الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء المظفرة، لم يعد ممكنا أن يبقى هذا النزاع المفتعل مستمرا إلى ما لا نهاية، ويبقى معه النظام الجزائري مستمرا في تصرفاته الوضيعة الماسة بأمن واستقرار المغرب، والمهددة للأمن والسلم الإفريقيين، والأمم المتحدة، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن توضح الفرق بين 'العالم الحقيقي والشرعي' الذي يجسده المغرب في صحرائه، و'العالم الآخر' الذي يعكسه نظام العسكر بالجزائر ودميته 'البوليساريو'، وأن تستحضر بمسؤولية، ليس فقط، مختلف الأسانيد القانونية والتاريخية والروحية التي تثبت سيادة المغرب على صحرائه، بل وما أطلقه عاهل البلاد، من مبادرات مبدعة ومبتكرة وخلاقة، داعمة لإفريقيا موحدة وآمنة ومستقرة ومتعاونة ومزدهـرة، من قبيل 'مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي'، و'تمكين بلدان الساحل من منفذ على المحيط الأطلسي'، فضلا عن مبادرة 'إفريقيا الأطلسية'، في وقت يراهن فيه، نظام الشر بالجزائر، على إثارة الفتن والقلاقل، وتحريك نعرات التشرذم والانفصال، وشــراء الذمم لخدمة مشروعه العدائي للمغرب ووحدته الترابية، ما يجعله مهددا حقيقيا لأمن إفريقيا واستقرارها، ومعرقلا محوريا لما تتطلع إليه الشعوب الإفريقية من بناء ونماء وأمن واستقرار وازهار، وراعيا رسميا للجريمة والإرهاب، في محيط إفريقي يعيش تحت تهديد ثالوث 'الجريمة' و'الانفصال' و'الإرهاب'؛ المطلوب اليوم من المغرب، الرفع من وثيرة التحركات الدبلوماسية، على مستوى الأمم المتحدة كما على مستوى الاتحاد الإفريقي، بشكل يدفع في اتجاه الطي النهائي لملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، على بعد أشهر من الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، مع الحرص كل الحرص، على تقوية الجبهة الداخلية، وكسب رهانات النهضة التنموية التي تشهدها المملكة في إطار النموذج التنموي الجديد، والمدن والأقاليم الجنوبية في إطار النموذج التنموي للصحراء، والتنزيل الأمثل للمبادرات الإفريقية الرائدة التي أطلق عنانها الملك محمد الســـادس، خدمة لإفريقيا آمنة وموحدة ومستقرة ومتعاونة ومزدهـرة، بالموازاة مع تقوية القدرات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية، استثمارا لما يربط المملكة من شراكات استراتيجية وازنة مع عدد من الشركاء، في طليعتهم الولايات المتحدة الأمريكية، ما يساعد على حماية الحدود الدولية، والتصدي الحازم لما قد يصدر عن صعاليك تندوف وراعيهم الرسمي، من استفزازات وتصرفات إرهابية؛ بالرجوع إلى تحركات الكونغريس الأمريكي الرامية إلى تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، فمن اللازم أن تستثمر الدبلوماسية المغربية هذا المسعى الأمريكي، استثمارا لعلاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولشراكاتها المتعددة الزوايا مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة، ما يعجل بالإفراج عن قانون أمريكي يضع البوليساريو ضمن قائمة الجماعات والمنظمات الإرهابية، وتبني قانون من هذا القبيل، سيكون بدون شك، آخر منعرج في اتجاه الطي النهائي لملف الصحراء، وسيكرس نظام الشر بالجزائر، كحاضن للإرهاب وراعي رسمي له، بكل ما لذلك من عقوبات وتبعات اقتصادية، ما لم يتحرك في اتجاه تفكيك ميلشيات تندوف، على غرار ما حدث بالنسبة لحزب العمال الكردستاني الذي اضطر إلى تسليم أسلحته بعد 40 عاما من القتال، في خطوة أولى للتحول من العمل المسلح إلى الانخراط السلس في الحياة السياسية والديمقراطية؛ وفي المجمل، ومهما أسهبنا في النقاش أو التحليل أو البوح، فالثابت أن 'المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها' منذ خمسة عقود من الزمن، والمتغير، نظام جزائري، وصل اليوم، إلى حالة من العزلة والإفلاس واليأس والإخفاق، بسبب رهانه العصي على الفهم والإدراك، على 'العداء المروكي'، الذي تحول إلى 'حالة مرضية' مستعصية، إلى درجة أنه لم يعد قادرا على رؤية خريطة المملكة، أو القدرة حتى على الكشف عن شعار شركة الطيران المغربية أو شعار المغرب، في تظاهرة كروية إفريقية بنون النسوة، يفترض أن تحضر فيها قواعد الأخلاق وضوابط حسن الجوار والروح الرياضية العالية؛ حكاية المغرب ليست مع جماعة البوليساريو الإرهابية، بل مع نظام جزائري مريض، بنى شرعيته ومشروعيته، على عقيدة العداء الخالد للمغرب ووحدته الترابية، واستمراريته رهينة، بمدى القدرة على الإبقاء على المغرب كعدو خارجي في أذهان وتمثلات الجزائريين، ومدى الإبقاء على ملف الصحراء المغربية مفتوحا إلى ما لا نهاية، بما يخدم مصالحه ومخططاته الوضيعة، أما البوليساريو، فما هي إلا أداة ووسيلة، ليس لها أي دور أو وظيفة، ســــوى خدمة المشروع الكابراني، فيما يتعلق باستهداف المغرب ووحدته واستقراره، وعرقلة ما يتطلع إليه من ريادة وإشعـــاع، وزعزعة ما تتوق إليه إفريقيا من أمن ووحدة واستقرار وتعاون، بعيدا عن أوهام الانفصال ونعرات التفرقة والتشرذم، وممارسات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وعدد من الأنشطة المشروعة، ما دفع الاتحاد الأوربي قبل أيام، إلى إدراج الجزائر ضمن القائمة الأوربية للدول عالية المخاطر في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تزامنا وتحركات الكونغريس الأمريكي الدافعة في اتجاه تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابيــة؛ وهو توجه دولي، يعكس ما وصل إليه نظام العسكر بالجزائر، من بؤس ويأس وعزلة دولية، نتيجة عقود من الزمن، من الرهان الجنوني على البوليساريو، وهدر الأموال والمقدرات الجزائرية عليها، نكاية في المغرب، في وقت يتعذر فيه على المواطن الجزائري الوصول إلى الحليب والموز والبطاطس والماء والكهرباء وعدد من المواد الاستهلاكية الأساسية؛ والأمم المتحدة، لابد لها أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، في كبح جماح هذا النظام المتهور، والدفع في اتجاه الطي النهائي لنزاع، تعد الجزائر مفتعله ومحركه ومغذيه، في انتظار أن تطال مشنقة الإرهاب عنق البوليساريو، وعنق من يحركها من وراء حجاب، بأساليب حقيرة ووضيعة باتت مكشوفة أمام العالم أكثر من أي وقت مضى، أما الاتحاد الإفريقي، فلم يعد مقبولا أن يلعب دور الكومبــارس تجاه ممارسات نظام الجزائر ودميته البوليساريو، ولابد له أن يتحرك في إطار المسالك القانونية المتاحة، لطرد الكيان الوهمي من الأسرة الإفريقية، وضبط أوتار النظام الجزائري الحاضن له، خدمة لإفريقيا موحدة وآمنة ومستقرة ومتعاونة ومزدهــرة. إيطاليا تلغراف


الشروق
٠٨-٠٧-٢٠٢٥
- الشروق
المخرج يبحث عن إخراج
تتّجه الأنظار بعد طول انتظار إلى البيت الأبيض الذي ما فتئ ينفخ البارد والساخن ويتفاءل ويتشاءم ويتوعد وينذر ويحلم بمستقبل زاهر قريب في الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار ودخول مرحلة الجنة حيز التنفيذ بعد أن وعد الفلسطينيين في غزة بالجحيم. أنجز الأمريكي ما وعد، ولم يحقق الصهيوني ما ادّعى أنه 'نصر مطلق'، وبات التقتيل والتجويع والتشريد سمة حرب قذرة يعلنها المحتل الغاشم بدعم أمريكي لا سابق له، وبات التعطش لدم الفلسطيني وللإبادة عطشا لا يروى، مقابل عطش الغزاويين لقطرة ماء وربع رغيف وحلم بلحظة واحدة تغيب عنها القاذفات والقنابل. اليوم، وبعد توقّف العدوان على إيران، مرغم العدو لا، بطل، بدا للكيان وداعمه الأعلى، أن الحرب في غزة باتت تشكل العبء الأكبر في تاريخ كيانهم المصطنع، بعد أن باتت الخسائر التي يتكبَّدها الاحتلال يوميا على يد مقاومة شرسة لم تستكن ولم تلن، تتسع كل يوم، ويتزايد عنفوانها وحصادها باضطراد، بعد أن صار جنود الاحتلال على مرمى حجر من عبواتهم وغولهم وراجماتهم اليدوية. بات وجودهم في غزة عبءا عليهم، وقد بدأ التآكل الداخلي يدبُّ ويمتدُّ ويعود إلى الواجهة بعد عشرة أيام من التكتل في جبهة موحَّدة ضد إيران. حرب غزة، عادت للكيان كابوسا يقضي على حلم عودة أسراهم لدى المقاومة، وبات الأمر لزاما على الكيان والإدارة الأمريكية أن تفكر في بقاء الكيان واقفا على قدم واحدة، أحسن من أن يترنح ويسقط إذا ما استمرت المقاومة، خاصة مع الضربة التي استيقظ عليها الكيان خلال عشرة أيام من الخراب، الذي طال البنية العسكرية والحيوية داخل الكيان بفعل الصواريخ والمسيّرات الإيرانية. الذهاب نحو صفقة بشأن غزة، هو اليوم الخيار الأفضل لكل من الإدارة الأمريكية والكيان: فقد يتخذ الكيان من صورة 'الانتصار' الوهمي الذي يبيعه لداخله المأزوم والمتشرذم بشأن إيران وسورية ولبنان وغزة، عنوانا جامعا لتبرير أي صفقة أمام اليمين الصهيوني في حكومة التطرف الديني وأمام المعارضة بشكل عامّ. تبرير يجعل الكيان وعلى رأسهم رئيس وزرائه، ينزل من على الشجرة عبر سلّم وهمي ليدعي في نهايتها أن أهداف الحرب تحققت وأنه أدخل الشرق الأوسط برمته تحت طاعة سلطة دولة من النهر إلى البحر. الولايات المتحدة تعمل على تجيير ذلك، وتدفعه نحو تسهيل مهمتها نحو تطبيع أوسع وأشمل، ضمن أطر اقتصادية وتجارية تهيمن فيها هي على طرق التجارة العالمية الجديدة بعيدا عن طريق الحرير والهيمنة الصينية المرتقبة على الاقتصاد والتجارة العالمية بدءا من الشرق الآسيوي ووصولا إلى أوروبا فأمريكا. الهوس الأمريكي، والخوف من تنامي قدرات الشرق الآسيوي، هو ما يدفعها إلى استعجال نصر، ولو صوري استعراضي في الشرق الأوسط إرضاء للربيب المشاكس، من أجل التفرغ لمجابهة التنين الصيني والدب الروسي. هذا ما يجعل الصفقة أقرب اليوم أكثر من أي وقت مضى في غزة، من دون أن يعني ذلك أن الكيان سيتماهى مع الحل الأمريكي، كونه يعرف أن غزة والمقاومة عصية عن الهزيمة وان إيران وحزب الله واليمن وباقي الجبهات لم تُهزم لا واقعيا ولا حتى في الإعلام الصهيوني، والكل بات يعرف أن سلاح المقاومة باق ويتجدّد، والمقاومة باقية وتتمدّد.