logo
جيوش العالم تزيد التسلح وتراكم انبعاثات الكربون

جيوش العالم تزيد التسلح وتراكم انبعاثات الكربون

الجزيرةمنذ يوم واحد

مع انخراط العالم في أكبر عدد من الصراعات المسلّحة منذ الحرب العالمية الثانية، شرعت البلدان في حملات إنفاق عسكري، ليصل مجموعها إلى رقم قياسي بلغ 2.46 تريليون دولار في عام 2023، كان لتلك الصراعات آثار إنسانية واقتصادية واجتماعية مدمرة، ومخاطر بيئية ومناخية.
حسب دراسة جديدة، يشكّل الحشد العسكري العالمي تهديدا وجوديا لأهداف المناخ، فعدد قليل من الجيوش تتمتع بالشفافية بشأن حجم استخدامها الوقود الأحفوري، لكن الباحثين في الدراسة قدروا أن هذه الجيوش مجتمعة مسؤولة بالفعل عن 5.5% من انبعاثات الغازات المسببة لل احتباس الحراري على مستوى العالم.
وقالت إيلي كيني، الباحثة في مرصد الصراعات والبيئة والمؤلفة المشاركة للدراسة، والتي شاركت في إعدادها حصريا مع صحيفة غارديان البريطانية، "هناك قلق حقيقي بشأن الطريقة التي نعطي بها الأولوية للأمن على المدى القصير، ونضحي بالأمن على المدى الطويل".
ويشكّل تغيّر المناخ عاملا محفزا للصراعات التي يرتبط بالتنافس على الموارد الشحيحة بعد فترات جفاف وتصحر طويلة، أو على الموارد الجديدة، حيث يُؤدي انحسار الجليد البحري في القطب الشمالي إلى توترات حول مَن يملك السيطرة على موارد النفط والغاز والمعادن الحيوية النادرة التي أصبحت متاحة حديثا.
ومن المتوقع أن يرتفع حجم الإنفاق، وبالتالي الانبعاثات مع تصاعد التوترات في عدد من المناطق، ومع إشارة الولايات المتحدة، التي كانت لعقود من الزمن أكبر دولة منفقة على الجيش في العالم، إلى أنها تتوقع من حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تخصيص المزيد من الموارد لقواتهم المسلحة.
وحسب مؤشر السلام العالمي، ارتفعت وتيرة العسكرة في 108 دول عام 2023، مع تورط 92 دولة في صراعات مسلحة بشكل ما.
أوروبا والعودة إلى السلاح
وفي أوروبا، كانت الزيادة دراماتيكية بشكل خاص، فبين عامي 2021 و2024، ارتفع إنفاق دول الاتحاد الأوروبي على الأسلحة بأكثر من 30%، وفقا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية.
وفي شهر مارس/آذار، أشار الاتحاد الأوروبي، الذي شعر بالقلق إزاء خفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات العسكرية والدعم الدبلوماسي لأوكرانيا، إلى أنه سيذهب إلى أبعد من ذلك، مع مقترحات لإنفاق 800 مليار يورو (907 مليارات دولار)، إضافية في جميع أنحاء الكتلة، كما جاء في خطة تسمى "إعادة تسليح أوروبا".
في تحليلٍ أجراه مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، بحثت كيني وزملاؤها التأثير المحتمل لزيادة العسكرة على تحقيق أهداف المناخ، وكانت النتيجة صادمة، فالزيادة المحتملة في الانبعاثات الناتجة عن إعادة تسليح حلف الناتو وحدها تعادل إضافة تكلفة دولة كبيرة وكثيفة السكان مثل باكستان إلى ميزانية الكربون المتبقية في العالم.
وقدر الباحثون أن إعادة التسلح التي يخطط لها حلف الناتو وحدها قد تزيد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 200 مليون طن سنويا.
وقالت إيلي كيني "يتناول تحليلنا تحديدا التأثير على الهدف الـ13 من أهداف التنمية المستدامة، وهو العمل المناخي، أي اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره"، وأضافت "وما يخلص إليه تحليلنا، بالنظر إلى مختلف الأهداف الفرعية لهذا الهدف.. هو أن هناك تهديدا حقيقيا للعمل المناخي العالمي ناجما عن الزيادة العالمية في الإنفاق العسكري".
من بين جميع وظائف الدول، تُعدّ الجيوش فريدة من نوعها في استهلاكها للكربون. يقول لينارد دي كليرك، من مبادرة محاسبة انبعاثات غازات الدفيئة في الحروب، وهو أحد المشاركين في الدراسة "أولا، من خلال المعدات التي تشتريها، والتي تتكون أساسا من كميات كبيرة من الفولاذ والألمنيوم، التي يستهلك إنتاجها كميات كبيرة من الكربون".
وتأتي الانبعاثات أيضا من خلال العمليات، حيث تكون الجيوش سريعة الحركة، وتستخدم الوقود الأحفوري للتنقل، الديزل للعمليات البرية والكيروسين للعمليات الجوية، أو في العمليات البحرية، يُستخدم الديزل بشكل أساسي أيضا، إذا لم تكن تعمل بالطاقة النووية.
ونظرا للسرية التي تحيط عادة بالجيوش وعملياتها، يصعب تحديد كمية غازات الاحتباس الحراري التي تنبعث منها، قال دي كليرك "اخترنا الناتو لأنه الأكثر شفافية من حيث الإنفاق، لذا، ليس هدفنا التركيز عليه تحديدا، بل ببساطة لأن لديه بيانات أكثر توافرا".
وقد قام الباحثون بحساب مقدار الزيادة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إذا قامت دول حلف الناتو باستثناء الولايات المتحدة، لأنها تنفق بالفعل أكثر بكثير من الدول الأخرى، بزيادة قدرها نقطتان مئويتان في حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة لجيوشها.
هذه الزيادة جارية بالفعل، حيث زاد العديد من الدول الأوروبية إنفاقها العسكري بشكل ملحوظ استجابة للأزمة في أوكرانيا، ورغم التزام دول الناتو علنا بزيادة الإنفاق إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
العسكرة والأثمان البيئية
يرى الباحثون أن خطة إعادة تسليح أوروبا قد تؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة قدرها 3.5%، من حوالي 1.5% في عام 2020. وافترض الباحثون زيادة مماثلة في عدد أعضاء الناتو غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل المملكة المتحدة.
واستعار الباحثون منهجية من ورقة بحثية حديثة زعمت أن كل زيادة بنسبة نقطة مئوية واحدة في حصة الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للإنفاق العسكري، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة في الانبعاثات الوطنية تتراوح بين 0.9% و2%، وقدروا أن صدمة الإنفاق بنسبة نقطتين مئويتين من شأنها أن تؤدي إلى زيادة تتراوح بين 87 و194 ميغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO2e) سنويا في جميع أنحاء الكتلة.
يقول الباحثون إن هذه الزيادة الهائلة في الانبعاثات لن تُفاقم انهيار المناخ فحسب، بل إن ارتفاع درجات الحرارة العالمية سيضر بالاقتصاد، وتشير التقديرات الأخيرة للتكلفة الاجتماعية للكربون، وهو مؤشر نقدي على أضرار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلى أنها تبلغ 1347 دولارا لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مما يشير إلى أن التكلفة السنوية للحشد العسكري لحلف الناتو قد تصل إلى 264 مليار دولار سنويا.
وتشير كيني إلى أن هذا لا يمثل سوى جزء ضئيل من التكلفة الكربونية الحقيقية للعسكرة، وقالت "الحسابات الواردة في الدراسة، والتي تشمل 31 دولة، تمثل 9% فقط من إجمالي الانبعاثات العالمية، وإذا نظرنا إلى تأثير ذلك، نجد أن هناك الكثير من دول العالم التي لم نأخذها في الاعتبار في هذا الحساب تحديدا".
ويشير التحليل أيضا إلى أن زيادة الإنفاق على الجيوش تُقلل الموارد المتاحة للسياسات الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، ويبدو أن هذا هو الحال بالفعل، إذ تُمول المملكة المتحدة -على سبيل المثال- زيادة إنفاقها بخفض ميزانية مساعداتها الخارجية، وهي خطوة تتكرر في بلجيكا وفرنسا وهولندا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها

الجزيرة

timeمنذ 28 دقائق

  • الجزيرة

هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها

تبنّت وسائل الإعلام والجامعات والحزب الديمقراطي والليبراليون فكرة "معاداة السامية المتفشية"، فمهّدوا الطريق لهلاكهم بأنفسهم. جامعتا كولومبيا وبرينستون، حيث درّست، وجامعة هارفارد، التي درستُ فيها، ليست حواضن للكراهية تجاه اليهود. وصحيفة نيويورك تايمز، التي عملت بها لمدة خمسة عشر عامًا، والتي يصفها ترامب بأنها "عدو الشعب"، تخضع طوعًا للرواية الصهيونية. ما تشترك فيه هذه المؤسسات ليس معاداة السامية، بل الليبرالية. وهذه الليبرالية، بعقيدتها القائمة على التعددية والشمول، مستهدفة من نظامنا السلطوي للمحو التام. إن الخلط بين الغضب من الإبادة الجماعية ومعاداة السامية هو حيلة دنيئة لإسكات الاحتجاج، وإرضاء المتبرعين الصهاينة، وطبقة المليارديرات والمعلنين. هذه المؤسسات الليبرالية، من خلال تسليح مصطلح "معاداة السامية"، قمعت وطردت النقّاد، وحظرت مجموعات طلابية مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام"، و"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وسمحت للشرطة باعتقال المئات من المحتجين السلميين في الحرم الجامعي، وفصلت أساتذة، وتذللت أمام الكونغرس. استخدم مصطلحات مثل "أبارتهايد" أو "إبادة جماعية"، وسيتم فصلك أو تشويهك. في هذه الرواية الخيالية، يُصوَّر اليهود الصهاينة كمضطهدين. أما اليهود الذين يحتجون على الإبادة الجماعية، فيُشوَّهون ويُعاقبون. هناك "يهود جيدون" و"يهود سيئون". فئة تستحق الحماية، وأخرى تُقدّم للذئاب. هذا الانقسام الكريه يفضح المسرحية كلها. في أبريل/ نيسان 2024، أدلت رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، بشهادتها أمام لجنة التعليم في مجلس النواب الأميركي، برفقة عضوين من مجلس الأمناء وأستاذ قانون. قبلت شفيق فرضية أن معاداة السامية تمثّل مشكلة كبيرة في كولومبيا ومؤسسات التعليم العالي الأخرى. وعندما قال ديفيد غرينوالد، الرئيس المشارك لمجلس أمناء كولومبيا، إن شعارات مثل "من النهر إلى البحر" و"تحيا الانتفاضة" معادية للسامية، وافقته شفيق، وقامت بالتخلي عن الطلاب والأساتذة، بمن فيهم البروفيسور يوسف مسعد. في اليوم التالي لجلسة الاستماع، أوقفت شفيق جميع الطلاب المشاركين في الاحتجاجات، واستدعت شرطة نيويورك (NYPD)، التي اعتقلت ما لا يقل عن 108 طلاب. كتبت شفيق في رسالتها للشرطة: "لقد قررت أن المخيم والاضطرابات المرتبطة به تمثل خطرًا واضحًا ومباشرًا على الوظيفة الأساسية للجامعة". لكن رئيس شرطة نيويورك، جون تشيل، قال للصحافة: "الطلاب الذين تم اعتقالهم كانوا سلميين تمامًا، ولم يُبدوا أي مقاومة، وكانوا يعبّرون عن آرائهم بطريقة سلمية". في الجلسة، سألت النائبة إليز ستيفانيك: "ما الإجراء التأديبي الذي اتُخذ ضد تلك الأستاذة؟"، مشيرة إلى أستاذة القانون كاثرين فرانكي. فأجابت شفيق بأن فرانكي، وهي يهودية وقد درّست في كلية القانون 25 عامًا، طُلب منها مغادرة منصبها، وأنها، إلى جانب أساتذة آخرين، تخضع للتحقيق. وأشارت كذلك إلى البروفيسور الزائر محمد عبدو، وقالت إنه "تم فصله"، وتعهدت بأنه "لن يُدرّس في كولومبيا مرة أخرى". عبدو يقاضي الجامعة بتهم التشهير والتمييز والتحرش والخسائر المالية والمهنية. كتب مركز الحقوق الدستورية عن خيانة فرانكي: "في هجوم صارخ على حرية الأكاديميا والدعوة لحقوق الفلسطينيين، دخلت جامعة كولومبيا في "اتفاق" مع كاثرين فرانكي لمغادرة منصبها التدريسي بعد مسيرة حافلة استمرت 25 عامًا. هذه الخطوة -بحسب فرانكي- كانت فصلًا تم تغليفه بعبارات مقبولة". وقد ارتكبت "جريمتها"، حين أعربت عن قلقها من فشل الجامعة في التصدي لتحرشات طلاب إسرائيليين قادمين من الخدمة العسكرية بمؤيدين لحقوق الفلسطينيين، بعد أن رش الإسرائيليون المتظاهرين بمادة كيميائية سامة. على إثر ذلك، تم التحقيق مع فرانكي بتهمة التحرش، وتقرر أنها انتهكت سياسات كولومبيا. السبب الحقيقي لإقصائها كان قمع المعارضة في الجامعة عقب احتجاجات تاريخية ضد إبادة الفلسطينيين في غزة. وقد تم حسم مصير فرانكي عندما تخلّت عنها شفيق خلال شهادتها الجبانة أمام الكونغرس. رغم خضوعها للوبي الصهيوني، استقالت شفيق بعد عام وبضعة أشهر من توليها المنصب. لكن القمع استمر؛ تم اعتقال نحو 80 شخصًا، وتعليق أكثر من 65 طالبًا في أوائل مايو/ أيار بعد احتجاج في مكتبة الجامعة. رئيسة الجامعة المؤقتة، الصحفية السابقة كلير شيبمان، أدانت الاحتجاج بقولها: "لن يتم التسامح مع أي تعطيل للأنشطة الأكاديمية.. كولومبيا تدين بشدة العنف في حرمها، ومعاداة السامية وكل أشكال الكراهية والتمييز". بالطبع، الاسترضاء لا ينفع. لم تكن هذه الحملة، سواء تحت إدارة بايدن أو ترامب، قائمة على حسن النية. بل كانت تهدف لقطع رؤوس منتقدي إسرائيل، وتهميش الطبقة الليبرالية واليسار. إنها مدفوعة بالأكاذيب والتشهير، التي لا تزال هذه المؤسسات تتبناها. مشاهدة هذه المؤسسات الليبرالية، التي تعادي اليسار، وهي تُشهر بها إدارة ترامب بتهم "الماركسيين المجانين" و"اليساريين المتطرفين" و"الشيوعيين"، تكشف فشلًا إضافيًا لهذه الطبقة. كان بإمكان اليسار إنقاذ هذه المؤسسات أو على الأقل تزويدها بالتحليل والشجاعة لاتخاذ موقف مبدئي. اليسار على الأقل يسمّي الأبارتهايد أبارتهايد، والإبادة الجماعية إبادة جماعية. تنشر وسائل الإعلام مقالات وآراء تقبل دون تمحيص مزاعم طلاب وأكاديميين صهاينة. لا تميز بين اليهودي والصهيوني، وتشيطن المحتجين، ولا تغطي المخيمات الطلابية بصدق، حيث اتحد يهود ومسلمون ومسيحيون من أجل قضية واحدة. شعارات مناهضة للصهيونية ومؤيدة للتحرر الفلسطيني تُصنّف باعتبارها خطاب كراهية أو معاداة للسامية أو سببًا لشعورالطلاب اليهود بعدم الأمان. أمثلة من الصحف: نيويورك تايمز: "لماذا تُقلق الاحتجاجات في الحرم الجامعي؟"، "أنا أستاذ في كولومبيا. ما يحدث ليس عدالة"، "ما الذي يجعل احتجاجًا معاديًا للسامية؟". واشنطن بوست: "سمّوا الاحتجاجات الجامعية كما هي"، "اعذروا الطلاب، لا الأساتذة". ذي أتلانتيك: "المخيمات الاحتجاجية غير أخلاقية"، "مشكلة كولومبيا مع معاداة السامية". سلايت: "متى تتجاوز الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين حدود معاداة السامية؟". فوكس: "موجة متصاعدة من معاداة السامية في الجامعات خلال احتجاجات غزة". ماذر جونز: "كيف أشعلت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين معاداة السامية في الجامعات؟". ذا كت: "مشكلة احتجاجات فلسطين في الحرم الجامعي". ديلي بيست: "طفرة في معاداة السامية خلال احتجاجات الجامعات الأميركية". ووفقًا لمذكرة داخلية حصل عليها موقع ذا إنترسبت، طلبت صحيفة نيويورك تايمز من مراسليها تجنّب استخدام كلمات مثل: "مخيمات اللاجئين"، "الأراضي المحتلة"، "مجزرة"، "ذبح"، "إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي" عند الحديث عن فلسطين. بل إنها تثني عن استخدام كلمة "فلسطين" في النصوص والعناوين. في ديسمبر/ كانون الأول 2023، أرسلت حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوشول رسالة لرؤساء الجامعات تحذر فيها من الفشل في إدانة معاداة السامية، متوعدة بعقوبات شديدة. وفي أكتوبر/ تشرين الثاني 2024، قالت في مناسبة تأبينية: "هناك قوانين – قوانين حقوق إنسان، قوانين فدرالية وولائية – سأطبقها إذا سمحتم بالتمييز ضد طلابنا، حتى باستخدام عبارات مثل: "من النهر إلى البحر"، فهي دعوات صريحة لإبادة اليهود". وضغطت هوشول بنجاح على جامعة مدينة نيويورك لإلغاء وظيفة دراسات فلسطينية بسبب مصطلحات مثل: "استعمار استيطاني"، و"إبادة جماعية"، و"أبارتهايد". في كتابه الجديد؛ "معاداة السامية في أميركا: تحذير"، يقود زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر حملة الحزب الديمقراطي لإدانة المحتجين على الإبادة الجماعية باعتبارهم يمارسون "افتراء دمويًا ضد اليهود". ويكتب: "بغض النظر عن وجهة نظرك بشأن الحرب في غزة، لم تكن سياسة الحكومة الإسرائيلية أبدًا إبادة الشعب الفلسطيني"، متجاهلًا مئات التصريحات من مسؤولين إسرائيليين تدعو إلى محو الفلسطينيين. لكن الحقيقة؛ الوحشية مختلفة تمامًا، ومعترف بها من مسؤولين إسرائيليين أنفسهم. قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: "نحن نفكك غزة، ونتركها كأنقاض، دمار شامل لا سابقة له عالميًا. والعالم لا يوقفنا". وقال عضو الكنيست زفي سوكوت للقناة 12: "قتلنا نحو 100 فلسطيني الليلة الماضية… ولا أحد يهتم. تعوّد العالم على قتل 100 فلسطيني في ليلة واحدة خلال الحرب دون أن يكترث أحد". الاستمرار في ترويج خرافة معاداة السامية المنتشرة- التي توجد، ولكن لا تُغذى أو تُشجع من هذه المؤسسات- ورفض قول الحقيقة الموثقة على الهواء مباشرة، حطّم ما تبقى من سلطة أخلاقية لتلك المؤسسات والليبراليين، ومنح مصداقية لمساعي ترامب لتدمير مؤسسات الديمقراطية الليبرالية. يحيط بترامب متعاطفون مع النازيين الجدد، وفاشيون مسيحيون يدينون اليهود لأنهم صلبوا المسيح. لكن معاداة السامية من اليمين تمرّ دون مساءلة لأن هؤلاء "المعادين الجيدين للسامية" يدعمون المشروع الصهيوني الاستيطاني للإبادة: مشروع يرغب هؤلاء الفاشيون في تطبيقه على السود والملونين باسم "نظرية الاستبدال العظيم". ويروج ترامب لفكرة "إبادة البيض" في جنوب أفريقيا. وفي فبراير/ شباط، وقّع أمرًا تنفيذيًا يُسرّع هجرة الأفريكانيين (البيض الجنوب أفريقيين) إلى الولايات المتحدة. جامعة هارفارد، التي تحاول إنقاذ نفسها من هجوم إدارة ترامب، كانت متواطئة تمامًا في هذه الحملة. فقد أدانت رئيسة الجامعة السابقة كلودين غاي شعار: "من النهر إلى البحر" بوصفه يحمل "دلالات تاريخية محددة توحي لكثيرين بإبادة اليهود". وفي يناير/ كانون الثاني 2024، شدّدت الجامعة قواعد الاحتجاجات، وزادت الوجود الأمني، ومنعت 13 طالبًا من التخرج، ووضعت أكثر من 20 آخرين في "إجازة قسرية"، وطردت بعضهم من السكن الجامعي. هذه السياسات انتشرت في جامعات أخرى. ورغم كل هذه التنازلات والقمع لحرية التعبير والنشاط المؤيد لفلسطين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لم تسلم الجامعات من الهجوم. منذ تولي ترامب منصبه، تم تعليق أو تجميد ما لا يقل عن 11 مليار دولار من المنح والعقود الفدرالية البحثية، بما في ذلك 3 مليارات لهارفارد، و400 مليون لكولومبيا، و175 مليونًا لجامعة بنسلفانيا، و6-7.5 ملايين سنويًا لجامعة برانديز. وفي 22 مايو/ أيار، صعّدت إدارة ترامب من هجومها على هارفارد بإلغاء قدرتها على تسجيل طلاب دوليين (يشكّلون نحو 27% من عدد الطلاب). قالت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي، على منصة إكس: "هذه الإدارة تحاسب هارفارد على تحريضها على العنف، ومعاداة السامية، وتنسيقها مع الحزب الشيوعي الصيني في حرمها". وأضافت: "ليكن هذا تحذيرًا لجميع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في البلاد". لقد أساءت هارفارد، مثل كولومبيا والإعلام والحزب الديمقراطي والطبقة الليبرالية، قراءة موازين القوة. ومن خلال رفض الاعتراف بالإبادة الجماعية في غزة، واضطهاد من يفعل، قدمت الذخيرة لجلاديها. وها هي تدفع ثمن غبائها وجبنها.

يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا
يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

الجزيرة

timeمنذ 38 دقائق

  • الجزيرة

يديعوت أحرونوت: إسرائيل فقدت شرعية الحرب دوليا

قال المحلل السياسي إيتمار آيخنر إن إسرائيل فقدت شرعيتها الدولية للاستمرار في الحرب على قطاع غزة، محملا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) مسؤولية هذا التدهور نتيجة انشغاله ببقائه السياسي على حساب المصالح الإستراتيجية للدولة. واعتبر أن الولايات المتحدة قد تتوقف قريبا عن استخدام الفيتو لصالح إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وسط عزلة دولية متزايدة وتراجع في التأييد العالمي. وفي مقال نُشر في صحيفة يديعوت أحرونوت، وصف آيخنر الوضع الحالي لإسرائيل بأنه "شرعية ناقصة"، مشيرا إلى أن لحظة التعاطف الدولي التي حصلت عليها إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، لم تستغل بشكل دبلوماسي، بل تم تبديدها خلال أسابيع بسبب أداء القيادة السياسية التي وضعت بقاء الائتلاف فوق أي اعتبار آخر، بما في ذلك مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة. تفاوض دون إسرائيل ويقول آيخنر إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقود الدفة السياسية في المنطقة حاليا يتفاوض على اتفاقيات مع إيران والحوثيين، ومع دول الخليج، من دون إشراك إسرائيل. ويضيف "لقد أصبح واضحا أن ترامب لم يعد يرى في إسرائيل شريكا مركزيا في صياغة مستقبل الإقليم، بل بات ينسّق مع السعوديين، والإيرانيين، وحتى مع حماس والحوثيين، في حين إسرائيل غائبة عن المشهد". ويحذر المحلل السياسي من أن تلك التطورات تمثل تحوّلا إستراتيجيا حادا قد يدفع الولايات المتحدة لاحقا إلى الامتناع عن استخدام الفيتو دفاعا عن إسرائيل في مجلس الأمن، وهو تطور من شأنه أن يفتح المجال أمام إدانات وقرارات دولية صارمة تمسّ مكانة إسرائيل وتؤثر على قدرتها على "الدفاع عن نفسها"، وفق تعبيره. وللتدليل على موقفه، يشير آيخنر إلى أن إسرائيل كانت تمتلك فرصة دبلوماسية نادرة بعد هجوم 7 أكتوبر، حيث حظيت بدعم عالمي واسع، لكن الحكومة الإسرائيلية -وخصوصا نتنياهو- فشلت في تحويل هذا الدعم إلى إنجاز سياسي أو دبلوماسي. وكتب: "كان يمكن إعلان انتصار سياسي ودولي لإسرائيل، وقيادة مشروع دولي لإعادة إعمار غزة بشراكة العالم، لكن نتنياهو أضاع الفرصة بسبب تمسكه بحسابات الائتلاف السياسي الضيق، وليس بالمصلحة الوطنية العليا". وأضاف أن نتنياهو، الذي يتمتع بمهارات سياسية لكنه يفتقر إلى الحس الدبلوماسي، فضل إرضاء شركائه المتطرفين في الحكومة، وترك إسرائيل في وضع "هامشي" حتى في اللحظات التي كان يمكن أن تلعب فيها دورا مركزيا. تدهور الصورة الدولية ويحاول المحلل السياسي لفت الأنظار عن الأسباب الحقيقة لتدهور الوضع الدولي لإسرائيل، والمتمثلة بسياسة الإبادة الجماعية التي تنفذها في غزة، ويعزو فشل تسويق سياسة إسرائيل إلى الحكومة. ويقول إن وزراء الخارجية الحاليين والسابقين يفتقرون إلى المهارات الدبلوماسية الأساسية مثل القدرة على الإنصات والابتكار السياسي. ويضيف أن "الدبلوماسية ليست مجرد تصريحات، بل شبكة علاقات وبنية تحتية من الحوار مع العالم، وهذا ما لا تملكه الحكومة الحالية. أما الوزير رون ديرمر فهو مجرد منفذ لأوامر نتنياهو، وليس صاحب رؤية أو تأثير مستقل". وفي تقييمه لصورة إسرائيل حول العالم، يقول آيخنر إن أداء القيادة السياسية تسبب بأضرار جسيمة لصورة الدولة، مشيرا إلى أن الدعم الشعبي الدولي لإسرائيل يتآكل بسرعة، وأن الأصدقاء التاريخيين باتوا يتراجعون خطوة بعد خطوة. وكتب: "لم يتبقَ لنا سوى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي، أما بقية العواصم فقد بدأت تتجه نحو دعم خطوات للاعتراف بدولة فلسطينية، في ظل غياب إسرائيل عن دوائر القرار الإقليمي والدولي". وفي هذا السياق، يحذر الكاتب من أن المؤتمر الدولي المقرر عقده في 17 يونيو/حزيران الحالي لمناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي ترعاه فرنسا والسعودية، قد يتحول إلى منصة لعزل إسرائيل، خصوصا إذا غضّت واشنطن الطرف عنه، وهو ما يبدو مرجحا رغم تصريحاتها الرسمية. فشل خارجي وبينما يشيد الكاتب بأداء الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد والشاباك، ويصف الضربة التي تلقاها حزب الله بأنها "ستُدرّس لعقود"، إلا أنه يؤكد أن الفشل الحاسم كان في السياسة الخارجية. ويكتب: "الحرب تتيح أحيانا فرصا سياسية للتقدم. قدمت الأجهزة الأمنية المظلة العسكرية التي يحتاجها المستوى السياسي، لكن نتنياهو لم يستغلها. خشي أن ينهار ائتلافه، ونحن الآن جميعا ندفع الثمن: تصنيف ائتماني يتراجع، وارتفاع في أعداد الشباب الذين يتحدثون عن مغادرة البلاد". ويتحدث آيخنر عن ضعف التواصل الإعلامي الإسرائيلي مع الخارج، قائلا إن استبدال المتحدث العسكري السابق دانيال هاغاري المتمرس بآخر لا يظهر في الأستوديوهات شكّل خطأ فادحا، يعكس ارتباكا داخل القيادة. ويضيف: "حتى المتحدثون الإسرائيليون القلائل الذين يجيدون اللغات الأجنبية لا يستطيعون تقديم أجوبة مقنعة، والسفراء يُضربون على رؤوسهم في المقابلات. تصريحات متطرفة لوزراء مثل سموتريتش تضر بنا ولا يمكن نفيها، بينما لا توجد سياسة رسمية واضحة لتفسير ما يحدث في غزة". في ختام مقاله، يدعو آيخنر إلى طرح خطة سياسية واضحة لما بعد الحرب، وإشراك الأميركيين في خطة إعادة إعمار غزة، قبل أن تُفرض تسوية من الخارج لا تلائم المصالح الإسرائيلية. ويختم بتحذير صريح: "ترامب قد يقرر قريبا: كفى. أوقفوا طبول الحرب. وسيكون علينا حينها التعامل مع تسوية لم نشارك في صياغتها، ومع نظام عالمي بدأ يدير ظهره لنا بفضل فشل دبلوماسي مدوٍّ اسمه بنيامين نتنياهو".

غارديان: جل مقاطع فيديو الصحة النفسية على تيك توك مضللة
غارديان: جل مقاطع فيديو الصحة النفسية على تيك توك مضللة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

غارديان: جل مقاطع فيديو الصحة النفسية على تيك توك مضللة

كشف تحقيق أجرته صحيفة غارديان البريطانية أن أكثر من نصف مقاطع الفيديو الأكثر تداولا التي تقدم نصائح حول الصحة النفسية على تيك توك تحوي معلومات مضللة. وقالت الصحيفة إن أعدادا متزايدة من الناس ينكبون على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على دعم نفسي، إلا أن الدراسات كشفت أن العديد من المؤثرين في منصات الشبكة العنكبوتية يروجون معلومات مضللة، وإساءة استخدام مصطلحات علاجية، وتقديم حلول سريعة وادعاءات كاذبة. وأضافت أن من يلتمسون المساعدة يتلقون مشورة مشكوكا في صحتها، مثل نصحهم بتناول برتقالة لتخفيف التوتر، والترويج لمكملات غذائية تفتقر إلى أدلة كافية كعلاج للحد من القلق كالزعفران وغليسينات الماغنيسيوم والريحان المقدس، والخضوع لجلسات علاج من الصدمات النفسية في غضون ساعة، وتقديم إرشادات حول تجارب عاطفية عادية على أنها مؤشر على معاناة المريض من اضطراب الشخصية الحَدّيّ أو سوء المعاملة. أضرار وقال أعضاء في البرلمان البريطاني وخبراء إن النتائج التي توصلت إليها الصحيفة في تحقيقها بأن منصات التواصل الاجتماعي حافلة بنصائح ضارة في مجال الصحة النفسية، بل وخطيرة أحيانا تعد أدلة دامغة ومثيرة للقلق، وحثوا الحكومة على تشديد اللوائح التنظيمية لحماية الجمهور من انتشار المعلومات المضللة. وأثبت الخبراء أن 52 من أصل 100 مقطع فيديو تقدم نصائح حول التعامل مع الصدمات النفسية والتباعد العصبي و القلق و الاكتئاب والأمراض النفسية الحادة تحتوي على بعض المعلومات الخاطئة، وأن العديد من الفيديوهات الأخرى كانت غامضة أو غير مفيدة. وأثبت الخبراء أن 52 من أصل 100 مقطع فيديو على منصة تيك توك تقدم نصائح حول التعامل مع الصدمات النفسية والتنوع العصبي والقلق والاكتئاب والأمراض النفسية الحادة، تحتوي على بعض المعلومات الخاطئة، وأن العديد من الفيديوهات الأخرى كانت غامضة أو غير مفيدة. ونقلت الصحيفة عن ديفيد أوكاي، استشاري الطب النفسي العصبي والباحث في الطب النفسي في كلية كينغز كوليدج لندن الذي راجع مقاطع الفيديو المتعلقة بالقلق والاكتئاب، القول إن بعض المنشورات في تلك المنصة تسيء استخدام مترادفات لغوية علاجية -مثل الراحة النفسية والقلق والاضطراب العقلي- مما قد يسبب ارتباكا حول ما ينطوي عليه المرض النفسي بالفعل. الطريق الصحيح وأردف القول إن العديد من مقاطع الفيديو قدمت نصائح عامة تستند إلى تجربة شخصية ضيقة وأدلة سردية "قد لا تكون قابلة للتطبيق عالميا". وقد عكست المنشورات كيف أن مقاطع الفيديو القصيرة التي تجذب الانتباه يمكن أن تطغى أحيانا على الحقائق الأكثر دقة المتعلقة بالعلاج النفسي المهني، حسب تقرير الصحيفة التي ترى أن الفيديوهات تبالغ في التركيز على العلاج. ومن جانبه، قال دان بولتر -الطبيب النفسي ووكيل وزارة الصحة البريطاني السابق- بعد أن راجع مقاطع الفيديو حول الأمراض النفسية الحادة إن بعضها "يشخِّص الحالات اليومية والمشاعر خطأ بما يوحي أنها تُشبه المرض النفسي الخطير". ووفق البروفيسور برنادكا دوبيكا، مسؤولة السلامة على الإنترنت في الكلية الملكية للأطباء النفسيين، فإنه على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تزيد من الوعي، إلا أنه من المهم أن يتمكن الناس من الوصول إلى أحدث المعلومات الصحية القائمة على الأدلة من مصادر موثوقة. وأضافت أنه لا يمكن تشخيص المرض النفسي إلا من خلال تقييم شامل من أخصائي صحة نفسية مؤهل. وقالت منصة تيك توك إنها تقوم بحذف مقاطع الفيديو إذا كانت تثني الناس عن طلب الدعم الطبي أو تروج لعلاجات خطيرة. وتابعت موضحة: "عندما يبحث الأشخاص في بريطانيا عن مصطلحات مرتبطة بحالات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب أو القلق أو التوحد أو اضطراب ما بعد الصدمة، يتم توجيههم أيضا إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية للحصول على المعلومات".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store