logo
ما حاجتنا إلى سلاح لا يحمي القائد حسن نصرالله؟

ما حاجتنا إلى سلاح لا يحمي القائد حسن نصرالله؟

كتب عوني الكعكي:
بكل صدق بدأت قضية حمل السلاح خارج شرعية الدولة منذ «اتفاقية القاهرة» عام 1969 التي أعطت موافقة عربية للفلسطينيين بأن يحملوا السلاح لهدفين:
الهدف الأول: القيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل لتحرير فلسطين.
الهدف الثاني: حماية المخيمات الفلسطينية.
أما اليوم، وبعد مرور أكثر من 55 عاماً، فيمكننا القول إنّ هذا السلاح لم يحقق أيّاً من أهدافه بل كانت نتائجه سلبي.
أما حمل السلاح الثاني، فقد جاء بعد احتلال إسرائيل لبنان والوصول الى العاصمة بيروت عام 1982 في شهر حزيران بعد حصار لمدينة بيروت دام 100 يوم، بعدها دخلت إسرائيل الى بيروت، وكانت أوّل عاصمة عربية تحتلها إسرائيل، وطردت منظمة التحرير من لبنان من خلال مرفأ بيروت بالبواخر الى اليونان…
وكان من الطبيعي أن تنشأ مقاومة، فهذه سنّة الحياة، لأنّ كل احتلال يؤدي الى قيام مقاومة.
وبالفعل، فإنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعمت مشكورة حزب الله الذي أنشأته عام 1983، وبقيت الحالة حتى العام 2000… يوم أعلنت إسرائيل انسحابها من لبنان من دون شرط أو قيد.
وبالفعل تحرّر جنوب لبنان على يد أبنائه الأبطال، وبقيت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا… وهاتان المنطقتان تعتبران «مسمار جحا» لإسرائيل. فإسرائيل العدو الماكر يستغل الثغرات ليدخل من خلالها الى احتلال العالم العربي، وطبعاً بدءاً بفلسطين.
بصريح العبارة، المقاومة أدّت واجبها كاملاً، ولم يَعُد لبنان بحاجة الى مقاومة، ولكن للأسف، يبدو أن الإيراني فرح بالتحرير معتبراً أن هذا يحقق له مكاناً على البحر الأبيض المتوسط، هذا أولاً.. وثانياً: احتلال لبنان والسيطرة عليه.
كما أن المقاومة أيضاً، أغرتها السلطة، فأرادت أن تسيطر على الحكم من خلال الانتخابات النيابية، فدخلت البرلمان، ثم تحوّل الطموح الى الطمع بالدخول الى الحكومة والسيطرة عليها تحت شعار: حماية السلاح.
هنا حصلت المصيبة.. ووقع الحزب الذي كان فخراً وانتصاراً للبنان من خلال تحرير الأراضي اللبنانية، في كمين السلطة والانجرار إليها.
المصيبة أنه عندما تحوّلت المقاومة الى نظام… فإنها تخلّت بذلك عن مبرّر وجودها.
الغلطة الثانية: كانت حرب 6 تموز 2006، يوم خطف الحزب عسكريين من جيش العدو الإسرائيلي، مما أدى الى حرب مع إسرائيل العدوّة، تمكنت إسرائيل خلالها من قتل 6000 عنصر من الجيش اللبناني والمواطنين اللبنانيين ومن مقاتلي الحزب… يومذاك رفع القائد شهيد فلسطين السيد حسن نصرالله شعار «لو كنت أعلم».. على كل حال تكبّد اللبنانيون خسائر بالأرواح: 6000 شهيد و15 مليار دولار خسائر مالية تسببت بها الحرب.
لم يكتفِ الحزب بهذه الخطيئة، بل ظلّ يمارس لعبة الحكم والسيطرة على السلطة.. إذ لم يكن بالإمكان أن يتم انتخاب رئيس جمهورية إلاّ بعد انتظار سنتين ونصف.. وهذا يحصل لأوّل مرة في تاريخ لبنان.. كما أنه لا يمكن تشكيل حكومة إلاّ بعد موافقة حلفاء الحزب وانتظار سنة ليختاروا الوزارات التي يريدونها. والمصيبة أن فشل الحزب وجماعته في الحكم لم تدفعهم للاعتذار من الشعب اللبناني، بل ظلّوا على تعنّتهم بمصادرة السلطة والتلاعب بالبلد.
على الصعيد الاقتصادي، لم يمر في تاريخ لبنان أزمات اقتصادية ومالية وفوضى في الحكم كما جرى في عهد «الحزب»، وليت الحزب قدّم اعتذاراً من اللبنانيين وعاد الى موقعه الطبيعي كمكوّن لبناني شريف.
وما إن تحرّر لبنان من الاحتلال الاسرائيلي حتى دخل في حرب أهل غزة إثر عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، التي أعادت القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات بعد أن أصبحت نسياً منسياً.
في الشهر الأول، جاء المبعوث الأميركي آموس هوكشتين وعرض على لبنان أفضل عرض يمكن أن يحصل عليه وهو:
-1 انسحاب كامل من الأراضي اللبنانية التي احتلتها إسرائيل، ومن ضمنها 23 نقطة وليس 5 نقاط التي يتحدثون عنها اليوم.
-2 إعادة النظر باتفاق الحدود البحرية، والبحث جدّياً بالمطالب اللبنانية بمسافة 900 كيلومتر في البحر سرقتها إسرائيل، مقابل أن تتوقف المقاومة عن إطلاق صواريخ على إسرائيل.
بالمناسبة، فإنّ المقاومة حقّقت إنجازاً لكنه مبتوراً… فلماذا؟ المقاومة استطاعت أن تهجّر 80 ألف مواطن إسرائيلي من شمال فلسطين المحتلة، بينما إسرائيل هجّرت 500 ألف مواطن لبناني.
على كل حال، جاء المبعوث الاميركي آموس هوكشتين الى لبنان 11 مرّة كما ذكرنا، وفي كل مرّة كان يُقابَل بالرفض.
اليوم، استشهد السيّد حسن نصرالله من أجل فلسطين، واغتيل أكثر من 4000 من نخبة قادة المقاومة من الصف الأول.
ولم يكتفِ العدو الإسرائيلي بذلك، بل إنه يمارس يومياً عمليات اغتيال ليرهب بها كل اللبنانيين. وبات الجميع يتحدثون عن سلاح المقاومة تتمسّك به المقاومة، ويقول لهم: سلاحكم لم يعد يصلح، ولا يمكن أن تدافعوا به عن أنفسكم ولا عن قياداتكم… لذلك اتركوا الدولة اللبنانية تفاوض عنكم.. فهي الجهة الوحيدة الشرعية المؤهلة المسؤولة عن التحرير.
وسلاحكم عندما تحوّل من سلاح مقاومة الى سلاح تقليدي لا قيمة له، أسقطكم سقوطاً ذريعاً، فلعلكم تتعظون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سوريا "نوَّرت"... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار
سوريا "نوَّرت"... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

MTV

timeمنذ 38 دقائق

  • MTV

سوريا "نوَّرت"... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

طوال السنوات الماضية، بدا ملف الطاقة في سوريا، كما في لبنان، كواحد من أصعب الملفات وأكثرها استعصاء على المعالجة، بفعل تعقيدات الحرب والعقوبات والانهيار الهيكلي الذي أصاب البنية التحتية منذ عام 2011. لكن الاتفاق الذي تمّ توقيعه في دمشق قبل أيام، وتحديداً في 29 من أيار الفائت، يُعتبر بمثابة التطور الأكثر جرأة في هذا القطاع منذ أكثر من عقد، سواء لجهة حجم الاستثمار أو تنوّع الأطراف المنخرطة فيه، أو حتى دلالاته السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، والتي يبدو أن لبنان لا يزال بعيداً عنها حتى اللحظة. بلغت قيمة الاتفاق 7 مليارات دولار، وقد جرى توقيعه بين الحكومة السورية و"ائتلاف دولي". ويشمل إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات غازية بالدورة المركبة (CCGT) بقدرة إجمالية تصل إلى 4000 ميغاواط، موزعة بين دير الزور (شرق سوريا)، ومحردة وزيزون (ريف حماة) وتريفاوي (بريف حمص)، بالإضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط ستقام في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد. وبحسب الاتفاق، من المفترض إنجاز المحطات الغازية خلال 3 سنوات، في حين يُتوقع أن تُنجز محطة الطاقة الشمسية في أقل من سنتين، بعد استكمال التفاصيل الفنية وإغلاق التمويل. الشركات المستثمرة يقود الائتلاف شركة UCC Concession Investments القطرية، وهي الذراع الاستثمارية لشركة "أورباكون" القابضة التي يرأسها رجل الأعمال السوري - القطري معتز الخياط. فيما تمثل شركة Power International USA الطرف الأميركي في المشروع، وهي شركة طاقة مسجّلة في الولايات المتحدة يُعتقد أنّها ستتولى توريد التكنولوجيا والأنظمة التقنية الحديثة. أما الطرف التركي، فيمثله كل من شركة Kalyon GES Enerji Yatirimlari وشركة Cengiz Enerji، اللتين تشتركان في تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة في دول عدّة. ما يعطي هذا الاتفاق وزناً سياسياً استثنائياً، أنّه يأتي في أعقاب تحوّلات كبرى في المشهد السوري منذ نهاية العام الماضي، حين تسلّم الرئيس أحمد الشرع السلطة عقب الإطاحة ببشار الأسد. ومع الانفتاح الجزئي الذي تشهده دمشق، وتراجع وتيرة العنف، بدأ الحديث يدور بصوت عالٍ عن عودة رؤوس الأموال الخارجية، لا سيما من دول الخليج وتركيا، إلى قطاعات البنية التحتية، وفي مقدّمها اليوم قطاع الطاقة. الجانب الأميركي: "داعم صامت" التوقيع تمّ في قصر الشعب بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي كان حاضراً خلال التوقيع، وكذلك حضر جزءاً من اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة قبل أيام أيضاً، بحسب معلومات "نداء الوطن". هذا الحضور يعكس وجود "ضوء أخضر" أميركي، ولو صامت، للمضي في العديد من مشاريع إعادة الإعمار ولو ضمن شروط محددة، من بينها ضمانات تتعلق بالشفافية، وشراكة القطاع الخاص، واستخدام معدات وتقنيات مصدرها دول غير خاضعة لعقوبات ثانوية. بحسب تقديرات الخبراء، فإنّ الاتفاق يُعدّ بمثابة اختبار أولي لقدرة الحكومة الجديدة على استقطاب التمويل وتنفيذ مشاريع استراتيجية ضمن بيئة لا تزال تعاني من هشاشة أمنية وإدارية. كما أنّ نجاح هذه المشاريع قد يمنح دفعة قوية للمناطق الداخلية التي تعاني من انقطاعات كهرباء شبه دائمة، وسيخلق بيئة ملائمة لاستئناف النشاط الصناعي والزراعي، ورفع مستويات الإنتاج المحلي. وكان قطاع الكهرباء في سوريا، قد انهار بشكل شبه كامل على مدار سنوات الحرب، إذ انخفضت القدرة الإنتاجية من نحو 9500 ميغاواط في 2010 إلى أقل من 1600 ميغاواط في 2025، وذلك بحسب أرقام صادرة عن وزارة الطاقة السورية. وحتى الآن، ما زالت أغلب المناطق في الجارة سوريا، تعتمد على ساعات تغذية لا تتجاوز 3 إلى 4 ساعات يومياً، ما انعكس سلباً على الحياة اليومية والخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن توقف أغلب المصانع والمعامل الخاصة. الرسالة الأبرز التي يحملها هذا الاتفاق، أنّ سوريا بدأت فعلياً تدخل، ولو ببطء، مرحلة "التعافي الاقتصادي" المفقود في لبنان، انطلاقاً من قطاع الطاقة، وبتوقيع مع شركات من دول كانت متنافسة سياسياً حتى الأمس القريب. لكن تبقى التحديات قائمة، سواء لناحية التمويل المستدام، أو الضمانات السياسية، أو البيئة التشريعية والإدارية التي يتطلبها إنجاح مشروع بهذا الحجم والتعقيد. لبنان المظلم... ينتظر لكنّ المفارقة الأشد وقعاً، لا تكمن فقط في حجم الاتفاق. بل في موقع سوريا اليوم مقارنة بلبنان، الذي يرزح بدوره تحت عبء انهيار كهربائي مزمن من دون أي بوادر جدية لحلول استراتيجية. فعلى الرغم من الفارق الكبير في مستوى التدمير والبنى التحتية بين البلدين، استطاعت دمشق توقيع واحدة من أضخم صفقات الطاقة في المنطقة، بينما لا يزال لبنان عاجزاً حتى عن تثبيت تعرفة عادلة أو تطبيق خطة إصلاح متكاملة، بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة. مع العلم أنّ حاجة لبنان هي أقل من 4000 ميغاواط، واستطاع تأمين قرابة 1000 ميغاواط منها بشكل فردي عبر الطاقة الشمسية (مبادرات خاصة من المواطنين). في لبنان، السجال يتواصل منذ سنوات بين الحصول على الدعم الغازي من مصر، واستيراد الكهرباء من الأردن، وإنشاء معامل عبر القطاع الخاص أو عبر الدولة، من دون أن يُترجم ذلك بخطوة تنفيذية واحدة، فيما تغيب الإرادة السياسية، وتتراكم الشبهات، وتُستنزف البلاد في "بازار" داخلي لا ينتهي. حلول قاصرة هذا التقصير يدفع ثمنه المواطنون اللبنانيون اليوم، خصوصاً بعد زيادة رواتب العسكريين العاملين والمتقاعدين عبر تثبيت سعر المحروقات، والذي سيؤدي اعتباراً من بداية هذا الشهر إلى رفع فواتير الاشتراكات نتيجة ارتفاع سعر المازوت بمقدار 170 ألف ليرة تقريباً. تراجع لبنان يقابله تقدّم في سوريا بهذا المجال، برغم الحصار والماضي القريب المثقل بالحرب. وهذا لا يعكس فقط تبدّل الظروف الجيوسياسية لصالحها على حساب لبنان، بل يطرح علامات استفهام موجعة عن سبب عجز الدولة اللبنانية، بأجهزتها ومؤسساتها، عن التقاط لحظة استثمار مماثلة، ولو بالحد الأدنى.

لبنان بانتظار واشنطن أم العكس؟
لبنان بانتظار واشنطن أم العكس؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 42 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

لبنان بانتظار واشنطن أم العكس؟

مضى وقت طويل نسبياً، منذ الاعلان عن اتفاق وقف الاعمال العدائية والبدء بتنفيذ القرار١٧٠١، وبقيت قوات الاحتلال الاسرائيلي متمركزة في النقاط الخمس الاستراتيجية جنوباً، ولم تنجح الاتصالات التي اجراها لبنان مع الادارة الاميركية وفرنسا وغيرها من الدول، في تأمين انسحاب الجيش الاسرائيلي منها. تشدد واشنطن في مواقفها، على ان المطلوب من لبنان،نزع سلاح حزب الله من كامل الاراضي اللبنانية، وليس من جنوب الليطاني فقط، لكي تنسحب اسرائيل نهائيا من المناطق التي ماتزال تحتلها جنوباً،والرد على مطالبها بتشكيل ثلاث لجان متخصصة، للتفاوض وبحث تفاصيل الانسحاب الاسرائيلي من لبنان، والثانية لحل مشكلة اسرى حزب الله لدى اسرائيل، والثالثة لمناقشة النقاط الثلاثة عشر الحدودية المختلف عليها، فيما يطالب لبنان قيام الادارة الاميركية بممارسة دورها المؤثر على اسرائيل لاستكمال انسحاب جيشها من الاراضي اللبنانية، ووقف اعتداءاتها وخرقها لاتفاق وقف النار وتنفيذ القرار١٧٠١،لكي يستكمل الجيش اللبناني انتشاره في المناطق التي ماتزال تحتلها جنوباً. لم تنفع كل مناشدات المسؤولين اللبنانيين للادارة الاميركية، لحمل اسرائيل على الانسحاب من النقاط الخمس او في تغيير هذه المعادلة القائمة، ما زاد من منسوب القلق من اطالة امد الاحتلال الاسرائيلي الى وقت غير معلوم، مع ما يمكن ان ينتج عنه من تداعيات ومخاطر غير محسوبة. الى متى يبقى وضع لبنان معلقاً على هذا النحو، بانتظار الرد على مطالب واشنطن لفتح قنوات التفاوض غير المباشر مع اسرائيل من خلال تشكيل اللجان الثلاث المطروحة، ام لحين انتهاء الحرب العدوانية الاسرائيلية على غزة، او لحين انتهاء مفاوضات الملف النووي الايراني؟ الامور متشابكة، والسؤال المطروح هل يبقى لبنان ينتظر واشنطن وكل الامور معلقة بالداخل، مع كل تداعياتها على مسار الدولة، معالجة الازمة المالية، واطلاق ورشة اعادة الاعمار وغيرها. يبدو واضحا انه من الصعب معرفة مسار الامور، قبل الزيارة المرتقبة، للموفدة الاميركية اورتاغوس الى لبنان في الاسابيع المقبلة. معروف الداعوق - اللواء انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

الودائع السّوريّة على خطّ 'التّوتّر المضبوط' مع لبنان
الودائع السّوريّة على خطّ 'التّوتّر المضبوط' مع لبنان

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 42 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

الودائع السّوريّة على خطّ 'التّوتّر المضبوط' مع لبنان

دخلت قضيّة المودعين السوريّين في البنوك اللبنانية على خطّ التوتّر المضبوط بين البلدين بعدما أثار الرئيس السوري أحمد الشرع القضيّة مرّتين خلال استقباله رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي والحالي نوّاف سلام، وشمل القضيّة في إعلان 'العمل على تشكيل لجان مشتركة' لحلّ القضايا العالقة. يبقى حجم الودائع السورية في لبنان مسألة فيها نظر. فالرئيس المخلوع بشّار الأسد رمى في التداول أرقاماً شديدة التباين، تراوحت بين 20 و60 مليار دولار. إلّا أنّ التقديرات من المصادر المصرفية اللبنانية تراوح بين 8 و10 مليارات دولار، أي ما يقارب 10% من حجم الودائع في البنوك اللبنانية. أيّاً يكن الرقم، وعلى افتراض أنّه أقرب إلى التقديرات الدنيا، يبدو أنّ كثيرين لا يدركون المعنى السياسي والاقتصادي لأن يكون لبنان، بالمفهوم الواسع، مديناً بما بين 8 و10 مليارات دولار، على أقلّ التقديرات، لسوريا، بالمفهوم الواسع. فالحكم الجديد في دمشق يمسك بالكثير من الأوراق التي لم تكن بيد النظام السابق، وهو متحرّر من الاعتبارات التي كانت تحول دون تحريك الملفّ، وليس أقلّها تداخل المصالح العابرة للحدود. ترفض المصادر المصرفية في لبنان تسييس القضيّة، وترى أنّ مصير الوديعة السورية مربوط بالحلّ الشامل للأزمة النظاميّة، 'ولا يمكن إعطاء معاملة تفضيليّة للمودع السوري على حساب غيره لدواعٍ سياسيّة'. أوراق ضغط لكن في دمشق، كما في بيروت، هناك من يحذّر من أنّ المستوى السياسي اللبناني لا يقدّر وزن القضيّة في الملفّات الشائكة بين البلدين. في زيارة سلام لدمشق، طرح كلّ طرف ما لديه من أولويّات. أثار الوفد اللبناني ضبط الحدود والمعابر ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود برّاً وبحراً، وعودة اللاجئين السوريين، ومصير المفقودين والمعتقلين في سوريا، والمطلوبين في قضايا إرهابية في لبنان، وملفّات اقتصادية ملحّة أهمّها فتح خطوط التجارة والترانزيت، واستجرار النفط والغاز، والنظر في خطوط الطيران المدني. في كلّ هذه الملفّات يظهر ما لدى دمشق من أوراق ضغطٍ بدأ المودعون السوريون بالفعل المطالبة باستخدامها. وهذا ما بدا في البيان العالي اللهجة الذي أصدره اتّحاد المودعين السوريين في البنوك اللبنانية، والذي طالب بتقييد الاستثمارات اللبنانية في سوريا، وربطها باسترجاع الودائع السورية في البنوك اللبنانية. ويترافق ذلك مع تحرّكات من المودعين لمطالبة السلطات السوريّة بالضغط على لبنان عبر إقفال خطّ الترانزيت عبر سوريا، واتّخاذ إجراءات ضدّ عمل الشركات اللبنانية في سوريا، فيما يعمل بعض المودعين الكبار مع مكاتب محاماة لدراسة إجراءات ضدّ البنوك اللبنانية العاملة في سوريا، خصوصاً أنّ في بعضها مساهمات لبنانية مباشرة، وعلى 'طلب الحماية الدبلوماسية من الدولة السوريّة للمودعين لتصبح هي المسؤولة عن متابعة الملفّ مع السلطات اللبنانية'، على ما يكشف أحد العاملين على الملفّ في دمشق. يُسأل رئيس اتّحاد المودعين السوريين هيثم صوان عن توقيت التحرّك الآن، ولماذا لم يبدأ قبل سقوط نظام الأسد، فيقول: 'ما حدا كان بيسترجي'. ويسرد واقعة محدّدة تعود إلى عام 2023، حين حاول بعض المودعين الكبار رفع دعوى ضدّ أحد البنوك اللبنانية في سوريا (مملوك لبنك لبنانيّ بنسبة 49%)، فأتت توجيهات مباشرة من الأسد بمنع أيّ تحرّك ضدّ البنوك اللبنانية العاملة في سوريا. يشير صوان إلى أنّ المودعين تواصلوا مع الرئاسة السورية قبيل زيارة ميقاتي لدمشق في كانون الثاني الماضي، وتجاوب الشرع وأثار الموضوع في اللقاء مع ميقاتي وأمام الإعلام، ثمّ أكّدت وزارة الخارجية الأولويّة المعطاة لهذه القضيّة في البيان الذي صدر عقب الزيارة، وتمّ إدراج القضيّة في جملة الملفّات التي تمّ الاتّفاق على تشكيل لجان مشتركة لمعالجتها. وكرّر الشرع إثارة القضيّة خلال زيارة سلام في نيسان الماضي، وهذا ما يشير إلى الأولويّة التي تعطيها دمشق لها. تجاهل لبنانيّ في المقابل، كان الأسد يثير هذه القضيّة في الإعلام من وقت لآخر من باب تحريك الأوراق في ظروف سياسية معيّنة. لكنّ المعلومات الشائعة تشير إلى أنّ بنوكاً لبنانيّة أعادت ودائع بكاملها إلى نافذين في النظام السابق فيما كانت تغلق أبوابها بوجه المودعين اللبنانيين والسوريين. يرى صوان أنّ حجم الودائع السورية أكبر بكثير من الأرقام المتداولة في لبنان، ويستدلّ على ذلك بأنّ لبنان كان المنفذ شبه الوحيد أمام التجّار السوريين لإجراء عمليّاتهم المصرفيّة، خصوصاً بعد عام 2011. غير أنّ كثيراً من السوريين لا يودعون بجنسيّاتهم السوريّة، بل بجنسيّات لبنانية أو أجنبيّة، خصوصاً أنّ البنوك اللبنانية بدأت تضيّق على الودائع المسجّلة بأسماء سوريّة اعتباراً من عام 2016، وتمنع تحويلها أو السحب منها بذريعة العقوبات. بل حتّى إنّها طبّقت إجراءات متشدّدة على أولئك الذين يحملون جوازات أخرى ما داموا من أصول سوريّة. يشتكي المودعون السوريون من تجاهل لبنانيّ لهم، سواء على مستوى المصارف أو على المستوى الرسمي. بل إنّ المودعين يتحدّثون عن مضايقات لهم تحول دون متابعتهم لقضيّتهم. يذكر هؤلاء قصصاً كثيرة موثّقة لبنوكٍ قامت بإغلاق حسابات زبائنها السوريين، عبر تحرير شيكات مسحوبة على مصرف لبنان، وإيداعها كتاب العدل. بل إنّ أحد المودعين يروي كيف رفع البنك دعوى قضائية عليه لإلزامه بتسلّم الشيك، و'كلّ ذنبي أنّني طلبت كشف حسابٍ ورفضت توقيع الشروط التي أُرسلت إليّ لإصداره'. يروي مودع آخر كيف تلقّى اتّصالاً عام 2020 من مدير فرع البنك الذي يتعامل معه، ليقنعه ببيع وديعته بأربعين في المئة من قيمتها، عبر إصدار 'شيك بانكير' بالوديعة مع تعهّد بتدبير زبون لشرائه. ثمّ تكرّر الاتّصال في الأعوام التالية مع تخفيض السعر المعروض مرّةً بعد أخرى. وبعدما رفض بدأت المضايقات، وصولاً إلى إصدار شيك بالرصيد القائم وإغلاق الحساب، بذريعة أنّ صاحب الحساب يثير المشاكل. يتحدّث مودعون سوريون كبار عن 'التعامل المتعجرف' الذي يواجهونه، فلا أحد يستقبلهم أو يردّ على استفساراتهم. وأكثر ما يغضبهم أنّهم ممنوعون من دخول الأراضي اللبنانية إلّا بشروط معقّدة. ويشتبه بعضهم بأنّ الهدف من هذه الإجراءات منعهم من متابعة قضيّتهم. ربّما يشكّل هذا الملفّ بذرة توتّر بين دمشق وبيروت، وربّما يشكّل حافزاً لتحريك المياه الراكدة. وقد يشكّل حافزاً لتسريع البحث في مصير الودائع كلّها في البنوك اللبنانية. فما يشتكي منه المودع السوري يشكو منه المودع اللبناني من باب أولى. عبادة اللدن -اساس انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store