
انتقادات متصاعدة في إسرائيل لخطة نتنياهو
وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد تعليقا على مؤتمر صحفي لنتنياهو، اليوم الأحد، استعرض فيه أهداف خطته الجديدة إن "احتلال غزة خطوة تشكل خطرا على إسرائيل وأمنها ولا هدف منها، وبدلا منها يجب إبرام صفقة وإعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب".
وأضاف أن "ما تابعناه ليس مؤتمرا صحفيا، بل عرض كارثي من رئيس وزراء فاشل استبدل الواقع بالاستعراض"، مؤكدا أن "ما اقترحه نتنياهو يعني أن المحتجزين سيموتون".
"أضاع 3 فرص"
من جانب آخر، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين إن "تكاليف احتلال غزة عسكريا وسياسيا وأخلاقيا لا يمكن تصورها"، وأشار إلى أن نتنياهو "أضاع 3 فرص لإنهاء حرب غزة بشروط جيدة".
وأكد يدلين أن "تقدير حماس بأن الوقت لصالحها صحيح"، موضحا أن السعي لتدمير كل قدرات الحركة سيكون "حربا بلا نهاية تخدم تكتيك حماس للاستنزاف".
في السياق نفسه، كتب اللواء احتياط إسحاق بريك في مقال بصحيفة هآرتس أن "نتنياهو وحكومته المتطرفة يندفعون نحو الهاوية ويسحبون معهم الدولة".
وأضاف بريك أن نتنياهو يواصل الحرب لكي يحافظ على منصبه وهو "مستعد للتضحية بالمقاتلين والرهائن والدولة".
في غضون ذلك، أظهر استطلاع رأي أجرته هيئة البث الإسرائيلية أن 60% من الإسرائيليين يعتقدون أن "نتنياهو لا يدير الحرب بشكل جيد"، وأن 54% يؤيدون إنهاء الحرب تماما وانسحاب الجيش من غزة.
في المقابل، يؤيد 28% من الإسرائيليين -وفقا للاستطلاع- توسيع القتال واحتلال مدينة غزة.
إعلان
وقد أقر المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل، أول أمس الجمعة، خطة احتلال تدريجي لقطاع غزة تبدأ بتطويق مدينة غزة وتهجير سكانها البالغ عددهم حوالي مليون نسمة إلى الجنوب.
وادعى نتنياهو في تصريحاته الصحفية اليوم الأحد أن "مدينة غزة هي المعقل الأخير لحماس"، رغم استمرار عمليات المقاومة الفلسطينية في مختلف أنحاء القطاع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن قرار الكابينت"حاسم في القضاء على حماس"، مشيرا إلى أنه أمر الجيش بتقليص الجدول الزمني للسيطرة على مدينة غزة.
ومضى ليقول "سنفرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة ونقيم حكما مدنيا بديلا لا يشمل حماس ولا السلطة الفلسطينية".
في تلك الأثناء، قالت صحيفة يسرائيل هيوم إن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي أوصى بتضمين قرار مجلس الوزراء "رفض إسرائيل أي اتفاق جزئي مع حماس بعد الآن".
وأضافت أن ديرمر أوضح أنه قلق من أي اتفاق جزئي يتبعه استئناف القتال وعدم تسامح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع استمرار الحرب، وفقا للصحيفة.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 153 ألفا وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
كمين مركب للقسام جنوب مدينة غزة وإسرائيل تحشد قواتها لاحتلالها
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها نفذت كمينا مركبا الأربعاء ضد قوة إسرائيلية جنوب حي الزيتون جنوبي مدينة غزة واستهدفت أفرادها بقذيفة وأسلحة رشاشة، في ظل حشد الاحتلال قواته لاحتلال المدينة. وأوضحت القسام أنها استهدفت خلال الكمين ناقلتي جند بعبوتين تم وضعهما داخل قمرة القيادة، ثم قصفت ناقلة جند من نوع نمر بقذيفة الياسين 105. وأكدت كتائب القسام أن مقاتليها استهدفوا بالقذائف، خلال انسحابهم من موقع كمين حي الزيتون، منزلين تحصن بهما جنود الاحتلال. وأشارت القسام إلى أن مقاتليها أكدوا إيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح خلال تنفيذ الكمين في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة. وكانت كتائب القسام أعلنت أنها استهدفت دبابة ميركافا بقذيفة الياسين 105 جنوب حي الزيتون. كما أعلنت القسام استهداف مقاتليها دبابة إسرائيلية من طراز ميركافا 4 وجرافة عسكرية من نوع "دي9" (D9) بقذيفتي "الياسين 105" في شارع 8 جنوب حي الزيتون بمدينة غزة. بدورها، أعلنت سرايا القدس تفجير آليتين عسكريتين إسرائيليتين بعبوات مضادة للدروع أثناء توغلهما بالمنطقة ذاتها في حي الزيتون الأربعاء. هذه التطورات العسكرية تأتي بالتزامن مع نسف المربعات السكانية وعلى وقع حشود عسكرية إسرائيلية مستمرة منذ أيام على حدود قطاع غزة. في الأثناء أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي أن الوزير يسرائيل كاتس عقد اجتماعا مع رئيس الأركان إيال زامير وقادة الجيش، وعُرضت أثناء الاجتماع مبادئ الخطة المتعلقة بتنفيذ قرارات المجلس المصغر للسيطرة على مدينة غزة تمهيدا للتصديق عليها يوم الأحد. وقال المكتب في بيان إن كاتس أكد عزم إسرائيل على هزيمة حماس في غزة وتحرير كل "المخطوفين" والعمل عل إنهاء الحرب. في غضون ذلك، نقلت صحيفة معاريف أن الجيش الإسرائيلي يستعد لعمليات في مدينة غزة مع نهاية سبتمبر/أيلول القادم. وقالت الصحيفة إنه من المتوقع أن تكون وتيرة التقدم في مدينة غزة بطيئة وأن تستمر لبضعة أشهر على الأقل. ونقلت عن مصادر عسكرية أن الجدول الزمني للجيش لا يلبي توقعات القيادة السياسية، وقالت إن القيادة السياسية تحث الجيش على تحرك سريع وقوي باستخدام نيران كثيفة وقوات كبيرة في مدينة غزة. ونقلت عن تقديرات للجيش الإسرائيلي أنه من المتوقع أن يتلقى آلاف جنود الاحتياط أوامر استدعاء طارئة خلال الأيام القليلة المقبلة.


الجزيرة
منذ 43 دقائق
- الجزيرة
نتنياهو يكشف حلم "إسرائيل الكبرى" ويقلق العرب
كشفت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية- الأخيرة، حيث أعلن إيمانه بـ'إسرائيل الكبرى' ووصف تحقيقها بـ'المهمة التاريخية والروحية'. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
تفاصيل مشروع "إسرائيل الكبرى" كما يتخيله نتنياهو
يبدو أن "ملك إسرائيل" لم يعد لقبا كافيا لوصف نظرة بنيامين نتنياهو لنفسه، فالرجل، مدفوعا بجنون القوة والعظمة، بدأ يتطلع للقب "رسالي"، يضعه على مقربة من "أنبياء إسرائيل وملوكها". فقد قال إنه في ذروة مهمة "تاريخية وروحية"، وإنه ملتصق بحلم "إسرائيل الكبرى"، وخرائطها التي ترتسم في مخيلته المريضة، تمتد من النيل إلى الفرات، غير آبهٍ ولا مكترث بوجود "نصف دزينة" من الدول ذات السيادة، ضاربا عرض الحائط بماضي وحاضر ومستقبل شعوب مؤسِسة لهذه المنطقة، ضربت جذورا في عمق الأرض والتاريخ والجغرافيا، تعود لألوف خلت من السنين. نتنياهو، الذي قالها بصريح العبارة، بأنه لم يخطئ قبل الحرب على غزة ولا بعدها أو في سياقاتها، اعتاد أن ينسب الانتصارات لنفسه، وإلقاء اللائمة في الفشل على غيره، لا ينتمي لمدرسة جابوتنسكي التصحيحية، التي كان والده أحد تلاميذها النجباء فحسب، بل ويعتقد جازما أن مكانته تفوق مكانة الآباء المؤسسين لهذا الكيان. كيف لا، وقد سجل رقما قياسيا في سدة الحكم، لم يحظَ به بن غوريون ولا مناحيم بيغن، ولا غيرهما. بعثته "العناية الإلهية" لتصحيح خطأ بن غوريون بالإبقاء على "فلسطينيي 48″، وخطأ رابين لإبرامه أوسلو وقبوله فكرة تقاسم "يهودا والسامرة"، وخطأ شارون لانسحابه من قطاع غزة. كل ما فعله نتنياهو إبان حكوماته المتعاقبة منذ أواسط التسعينيات وحتى يومنا هذا، إنما يندرج في إطار هذه "الورشة التصحيحية"، التي يقودها إستراتيجيا، بنزعة ودوافع "ثيولوجية"، ويديرها تكتيكيا، ببراغماتية ومراوغة، اشتهر بهما أكثر من غيره. بجُمل ثلاث، أدلى بها لمراسل صحفي، كشف نتنياهو المستور عن حقائق وخبايا الموقف الإسرائيلي، من دون مساحيق ولا أقنعة.. إسرائيل الكبرى، هي حلم اليهود على امتداد تاريخهم، والوصول إليها يتم على مراحل متعاقبة، بدأها "الجيل الأول" بإقامة الكيان بعد ابتلاع مساحة واسعة من "دولة فلسطين" التي رسّم حدودها قرار التقسيم 181.. وجيله، جيل نتنياهو، معني ببقائها (أو بالأحرى توسيعها)، ومهمة امتدادها بين خطي العلم الزرقاوين، "رسالة تاريخية- روحية"، سيعمل على إتمامها، حين يعيد الشعب الإسرائيلي تجديد ثقته به لولاية/ولايات قادمة. من النهر إلى البحر لم يتوسع الرجل في شرح مقصده من الحديث عن "حلم إسرائيل الكبرى" الذي يلتصق به، ويعيش من أجله، والمصطلح في القاموس السياسي الإسرائيلي، أخذ ويأخذ معاني مختلفة ومتغيرة، أكثرها شيوعا وانتشارا (وموضع إجماع)، ذاك الذي يؤشر لدولة اليهود "من النهر إلى البحر". إعلان ذلكم هدفٌ يتردد على ألسنة مختلف ألوان الطيف السياسي في إسرائيل، وقد أقره الكنيست مرتين: "قانون القومية 2018″، وتوصية الكنيست للحكومة بمنع قيام دولة فلسطينية قبل بضعة أشهر.. "حل الدولتين" وصفه سموتريتش بـ"وهم الدولتين"، أما جدعون ساعر، فرأى في قيام دولة فلسطينية انتحارا لإسرائيل. في الشق المتعلق بإسرائيل الكبرى، بما هي دولة اليهود بين النهر والبحر، لا تُبقي تل أبيب مجالا للشك، بأنها ماضية في تجسيد هذا "الحلم" على الأرض، أفعالها لا تتبع أقوالها، بل تستبقها. حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، ومساعي التهجير القسري، والبحث عن دول/حواضن للمشردين الفلسطينيين الجدد، تجري على قدم وساق. في الضفة، لا يبدو الوضع مختلفا من حيث أهداف السياسة الإسرائيلية، ربما الاختلاف في درجة استخدام القوة المفرطة. تهويد القدس يجري على قدم وساق، وآخر فصول هذه العملية ما يجري في العيزرية والقرى البدوية، وقرار بناء 3401 وحدة سكنية في منطقة "E1″، لإتمام شطر الضفة إلى شطرين منفصلين، عمليات تصفية المخيمات تسير بتدرج منهجي منظم. ومخطط تهجير الفلسطينيين يستند إلى الضغط العسكري- الأمني، والخنق المالي والاقتصادي، وسياسات الفصل العنصري المعمول بها ضد مختلف المناطق والتجمعات الفلسطينية، والهدف النهائي: احتلال وضم أكبر مساحة من الأرض، وطرد أكبر عدد من السكان. فيما السلطة، التي قدمت كل أوراق الاعتماد اللازمة للحفاظ على بقائها، وتأهلها للقيام بدور ما، تجد نفسها عرضة للتآكل وفقدان الهيبة والمكانة، ما دام أن المطلوب هو القضاء على "حلم الفلسطينيين بدولة"، حتى وإن كانت مقزّمة وعلى مقاس سلطة حكم ذاتي، لا سلطة لها. لبنان وسوريا ثانيا على أن الشق الثاني من مشروع "إسرائيل الكبرى"، يكتسي معاني متعددة، منها ما هو جيوسياسي- أمني، ومنها ما هو جيواقتصادي، والأول يتصدر سلم أولويات إسرائيل في ظل تفشي الفاشية والتطرف الديني- القومي. وهو في طوره الأول، يمتد إلى سوريا ولبنان، بدءا ببسط السيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، والتوسع في احتلال مساحات جديدة من الأرض السورية بعد الثامن من ديسمبر/كانون الأول، وبالأخص المناطق ذات القيمة الإستراتيجية: قمم جبل الشيخ، ومساقط المياه في حوض اليرموك، وتوسيع المجال الحيوي الأمني والإستراتيجي، وصولا لأطراف دمشق، والترويج لـ"حلف الأقليات"، وبسط الحماية على الدروز والأكراد، والحديث عن "ممر داود" الذي يصل إلى شرق الفرات، ويمتد على امتداد حدود الأردن الشمالية، وحدود العراق الشرقية. واستكمال ما كانت قد بدأته في حربها على لبنان، من خلال احتلال مناطق جديدة "خمسة مرتفعات"، وتوسيع المنطقة الأمنية إلى شمالي الليطاني، والتلويح بخطة عسكرية (حال تجدد الحرب) باجتياح لبنان من جهة جبل الشيخ والقنيطرة، وصولا للبقاع الغربي، وفصل مناطق نفوذ حزب الله عن بعضها البعض. هنا نفتح قوسين، لنشير إلى أمرين اثنين: الأول؛ أن إسرائيل الكبرى تتمدد شمالا بالسيطرة المباشرة على أراضٍ جديدة، وتهجير سكانها ومنعهم من العودة لقراهم المدمرة. والثاني؛ توسيع نطاق السيطرة الأمنية الإستراتيجية، دون نشر قوات على الأرض، بالاعتماد على تفوقها الجوي الكاسح، وخلق أحزمة أمنية في عمق هذه البلدان، أقله في مرحلة أولى، وربما توطئة لمراحل تمدُد وتوسع وانتشار لاحقة. أدوات متغيرة وهدف واحد بهذا المعنى، الجيوسياسي- الأمني، إسرائيل الكبرى، كمشروع، تجري عمليات ترجمتها على قدم وساق، وفي الأماكن التي تستسهل إسرائيل ضربها والوصول إليها. أما بقية ساحات وميادين استهدافها، فمتروكة لظروف مواتية، وربما باستخدام أدوات ضغط مغايرة، وهنا ستتكئ تل أبيب على واشنطن بصورة أوضح واعتمادية أكبر. فالأردن، على سبيل المثال، يُراد له أن يكون وعاء لاستيعاب "فائض السكان" الفلسطينيين المهجرين من الضفة الغربية أساسا. لن تكتمل "يهودية الدولة" بوجود سبعة ملايين فلسطيني بين النهر والبحر، يزيدون قليلا عن العدد الإجمالي للإسرائيليين اليهود على نفس الرقعة. فإن أظهر الأردن مقاومة لهذا المشروع، سيجري توظيف هراوات الضغط الأميركية، وإن أظهرت هذه الهراوات عدم فاعلية، يمكن اختلاق الأعذار والمبررات، للتحرش عسكريا وأمنيا بعمّان، والسعي لخلق حالة من الفوضى غير الخلاقة، التي تساعد على توسيع التدخلات الضارة في شؤونه الداخلية. وليس مستبعدا أبدا، أن تعمل إسرائيل على تخليق مشكلة حماية مستوطناتها في غور الأردن، المكشوفة من المرتفعات الأردنية المطلة عليها، لنكون أمام بوابة جديدة للتحرش الخشن بعمان. السيناريو ذاته قد يجري تفعيله (بقليل من التعديل) مع مصر، التي يُراد لصحرائها في سيناء أن تكون وعاء لاستقبال المهجرين قسرا من غزة، ودائما باللجوء إلى الهراوة الاقتصادية الأميركية، التي يمكن تفعيلها في أي وقت، وثمة في التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي هاجس اسمه الجيش المصري، الأكبر والأفضل تسليحا في المنطقة، الذي حافظ على تماسكه بعد تدمير عدد من جيوش الدول العربية الوازنة. ومن يتابع الإعلام ومراكز البحث في إسرائيل، يلحظ في السنوات الأخيرة، أن تل أبيب بصدد بناء قضية ضد التسلح المصري، إذ تُركّز الأضواء على قدرات هذا الجيش وتسلحه، وما يمكن أن يشكله من خطر إستراتيجي مستقبلي على أمن إسرائيل. قد يرى البعض أننا نذهب بعيدا في "الفانتازيا" في رسم ملامح المراحل المقبلة، والحديث عن سيناريوهات تبدو اليوم ضربا من الخيال، ولكن من قال إن ما يُرتكب في غزة من جرائم وفظائع، ليس ضربا من الخيال؟ من قال إن استباحة دمشق وبيروت وطهران، لم يكن قبل أشهر قلائل ضربا من الخيال؟ من قال إن التبني الأميركي للرؤية والرواية الإسرائيليتين حيال ما يجري على كل هذه الساحات، ودفاعها المستميت عن حكومة اليمين الفاشي، وتزويدها بكل ما تحتاجه آلة القتل والتدمير التي تتوفر عليها من سلاح وعتاد، من قال إن موقفا أميركيا كهذا، لم يكن ضربا من الخيال، قبل عامين على أبعد تقدير؟ دعم أميركي وتخاذل عربي لقد وفرت حرب السنتين في غزة وعليها، لإسرائيل فرصة نادرة لاختبار أمرين اثنين: الأول؛ صلابة الدعم الأميركي لها حتى وهي تقترف أبشع جرائم الحرب والتعدي والاستباحة، فقد أظهرت واشنطن في آخر ثلاث ولايات رئاسية على أقل تقدير، بأنها تقف بكل إمكاناتها خلف المشروع الصهيوني. ألم يقل ترامب إن إسرائيل تبدو ضيقة على الخريطة وقد آن أوان توسيعها؟ ألم يعترف بالأمس بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان وينقل سفارة بلاده إلى العاصمة الأبدية الموحدة للكيان، ويمنح إسرائيل ثلث مساحة الضفة في صفقة القرن الأولى، ويتسرب اليوم، أنه ينوي أن يكون أكثر سخاء معها في ولايته الثانية؟ ألم يرسل بايدن وزير خارجيته لتسويق التهجير القسري وتسويغه، في أول جولة له في المنطقة بعد اندلاع الطوفان؟ أليس أمرا بالغ الدلالة أن يبتلع ترامب لسانه في كل مرة يُؤتى بها على ذكر الدولة الفلسطينية أو "حل الدولتين"؟ أليس أمرا ذا مغزى أن يقول كبار المسؤولين الإسرائيليين إنهم يحظون بدعم واشنطن، ليس في غزة وحدها، بل وفيما يفعلونه في الضفة الغربية والقدس، وفي سوريا ولبنان؟ واشنطن لا ترى الشرق الأوسط إلا بالعيون والمصالح الإسرائيلية، حتى لو تسبب ذلك بإلحاق أفدح الأضرار بمصالح أصدقائها من "عرب الاعتدال"، فتلكم من منظورها، ليست سوى "أضرار جانبية- Collateral Damages"، ومن النوع القابل للاحتواء من دون أن يؤثر على مصالح واشنطن و"صفقات" رئيسها في الإقليم. والثاني؛ مستوى التهافت والهوان في المواقف الرسمية العربية، وقد بلغا حدا فاق حدود التوقعات الإسرائيلية، فكل ما يصدر عن عواصم العرب، ليس سوى "الإدانة" و"الإدانة بأشد العبارات"، ليرد عليهم سموتريتش بالقول: "مستقبلنا لا يتقرر بما يقوله الغرباء، بل بما يفعله اليهود". غياب العرب عن أي فعل حقيقي مؤثر، بل وانزياح بعضهم لقبول الرواية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتورُّم مخاوفهم من "المقاومة" و"الإسلام السياسي"، وأحيانا إيران ومحورها، مكّنت جميعها إسرائيل من ضرب غزة، والضفة، ولبنان، وسوريا بكل قوة وقسوة، وسط حالة من السبات والعجز المتواطئ من عواصم عربية عدة. بقاء الحال من المحال ليست "إسرائيل الكبرى" مشروعا من النوع الذي يمكن تحقيقه بضربة واحدة، ليس غدا أو بعد غدٍ، ولكنه مشروع يتراكم فصلا إثر آخر، منذ قيام إسرائيل وحتى يومنا هذا، في ظل مواقف عربية لفظية، لا ترقى إلى مستوى المجابهة الجادة والمسؤولة، وهو اليوم يخطو خطوات واسعة إلى الأمام مستندا للدعم الأميركي والتخاذل العربي. وإن ظل الحال على هذا المنوال، فليس مستبعدا أن يخطو خطوات إضافية إلى الأمام، أقله ما دامت حركة شعوب المنطقة تحت السيطرة والإخضاع، وهو أمرٌ لا يمكن التعويل عليه طوال الوقت، وفي كل البلدان، فنحن الذين استيقظنا على زلزال "الربيع العربي" ما زلنا نعيش صدمة المفاجأة التي استحدثها، ونحن الذين صحونا على زلزال السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ما زلنا نعيش تداعياته. وإن كان ثمة من أمل ورهان على الإطاحة بإسرائيل الكبرى والصغرى، فإنه سيبقى معقودا على صحوة الشعوب العربية ويقظتها، وليس ذلك ببعيد، ليس ذلك من باب التمني والرهانات العاطفية الرعناء، فقد علمتنا تجارب هذه المنطقة (والعالم)، أن بقاء الحال من المحال.