
طموحات بن غفير بإلغاء "اتفاقيات أوسلو" تصطدم بمعارضة إسرائيلية
لم يكن اقتحام آليات عسكرية إسرائيلية الطريق الواصل بين منزل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومقر الرئاسة في قلب مدينة رام الله قبل يومين سوى أحد الانتهاكات الإسرائيلية لـ"اتفاقيات أوسلو" بين "منظمة التحرير الفلسطينية" وإسرائيل.
فإسرائيل تنتهك يومياً تلك الاتفاقية التي وقعت بين الجانبين قبل 30 عاماً، لكن حزب "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير يسعى إلى إلغائها رسمياً وبصورة كاملة عبر سن قانون في الكنيست اقترحه قبل أيام.
حبر على ورق
وفي حين أن تلك الاتفاقيات كان يفترض أن تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، إلا أنها تحولت حبراً على ورق بعد ثلاثة عقود على توقيعها.
ولم يبقَ من "اتفاقيات أوسلو" سوى السلطة الفلسطينية التي كان من المفترض أن تتحول إلى دولة فلسطينية قبل 25 عاماً.
يقول حزب "القوة اليهودية" "لأنها أضرت بمكانة إسرائيل الأمنية والاستراتيجية وفتحت الباب أمام إقامة دولة إرهاب داخل إسرائيل"، يدفع الحزب إلى إلغائها.
ويعمل الحزب اليميني المتطرف الذي يطالب بإلغاء الاتفاقيات بين إسرائيل و"منظمة التحرير" على حشد الدعم الحزبي لمشروع قانون في الكنيست لتشريع ذلك رسمياً.
ويسعى إلى إلغاء "اتفاقيات أوسلو" و"اتفاق الخليل" القاضي بانسحاب إسرائيل من 80 في المئة من مدينة الخليل و"اتفاق واي ريفر" الخاص بمحاربة الجماعات المسلحة.
ولا يحظى الحزب المتطرف إلا بـستة مقاعد في الكنيست الإسرائيلي من أصل 120، لكنه جزء من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو.
ويشكك مراقبون وسياسيون فلسطينيون وإسرائيليون في إمكان تمرير مقترح بن غفير الذي يحتاج أولاً إلى إقراره من اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، ثم التصويت عليه بالقراءات الثلاث في الكنيست.
"اتفاقية أوسلو 2"
ومع أن إسرائيل تعمل منذ سنوات على تقويض عمل ومكانة السلطة الفلسطينية التي تأسست عام 1994، لكنها "تبقى حريصة على بقائها خدمة لمصالحها"، وفق مراقبين.
ومهدت اتفاقية إعلان المبادئ بين إسرائيل و"منظمة التحرير" (أوسلو1) التي اعترف بموجبها الطرفان ببعضهما بعضاً إلى سيطرة فلسطينية على جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة وتأسيس السلطة الفلسطينية وإطلاق مفاوضات حول قضايا الوضع النهائي.
وبعدها بسنة نص "اتفاق غزة- أريحا" أولاً على انسحاب إسرائيل من بعض مناطق قطاع غزة ومدينة أريحا.
وعام 1995 توصل الطرفان إلى "اتفاقية أوسلو 2" حول تفاصيل المرحلة الانتقالية والانتخابات في السلطة الفلسطينية وتقسيم الضفة الغربية إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج) وانسحاب إسرائيل من ست مدن فلسطينية و400 قرية في الضفة الغربية.
لكن أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل تسعى إلى إلغاء تلك الاتفاقيات في ظل معارضة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ذلك وتأييدها بقاء السلطة الفلسطينية.
وبحسب بن غفير فإن مقترح القانون ينص على "إلغاء الاتفاقيات مع منظمة التحرير بالكامل وإعادة إسرائيل الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، بما في ذلك استعادة الأراضي التي تم تسليمها في إطار هذه الاتفاقيات".
ووصف بن غفير تلك الاتفاقيات بأنها "أحد أكبر الأخطاء في تاريخ الدولة"، مشيراً إلى أنها "جلبت آلاف القتلى وما زلنا نعاني تبعاتها حتى اليوم"، وطالب "جميع الكتل اليهودية بأن تضع الاعتبارات السياسية جانباً وتدعم هذا القانون".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التنصل من الاتفاقات
وأوضح مقترح القانون أن تلك الاتفاقات "أضرت بمكانة إسرائيل الأمنية والاستراتيجية وفتحت الباب أمام إقامة دولة إرهاب داخل أراضي دولة إسرائيل".
وقبل أشهر أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً بغالبية 91 من أعضائه يعارض بصورة قاطعة إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن "لأنها تشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل".
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" أحمد مجدلاني أن "مقترح بن غفير تطور خطر للغاية، على رغم أن حكومات إسرائيل تعمل منذ أعوام على التنصل من تلك الاتفاقات وإفراغها من مضمونها وانتهاكها يومياً".
مجدلاني أشار إلى أن نتنياهو يعمل منذ أعوام على "تقويض وجود السلطة الفلسطينية من خلال العمليات العسكرية والاجتياحات اليومية للمدن والقرى وفرض الحصار المالي عليها وضرب سمعتها من خلال الاقتحامات اليومية للمدن والبلدات".
وأوضح أن اليمين المتطرف في إسرائيل يسعى إلى تقويض الضفة الغربية وفرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة بدلاً من المسار السياسي المؤدي إلى إنهاء الاحتلال.
ووفق مجدلاني فإن اليمين القومي والديني في إسرائيل يعتقد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب "تشكل فرصة تاريخية ذهبية لإسرائيل بهدف حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم والقضاء على حل الدولتين".
ويرى الوزير الفلسطيني السابق وأحد المفاوضين في "اتفاقيات أوسلو" حسن عصفور أن إسرائيل "ألغت الاتفاقيات عندما اغتالت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004 واجتاحت المدن كافة في 2002 ومنعت الفلسطينيين من دخول القدس".
وبحسب عصفور فإن السلطة الفلسطينية كان يجب أن تتحول إلى دولة منذ عام 2012 بعد حصول الفلسطينيين على صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، مشيراً إلى "أننا كسرنا حائط أوسلو حينها".
استبعاد إمكان إلغائها
واعتبر الباحث السياسي والوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن إلغاء تلك الاتفاقات "ليس أمراً سهلاً على إسرائيل، بخاصة على الصعيد الدولي، حتى لو جاء ذلك بدعم أميركي من إدارة ترمب".
واستعبد عمرو إمكان إلغائها "حتى لو دفع بها اليمين الإسرائيلي المتطرف الساعي إلى ضم الضفة وتصفية القضية الفلسطينية وتهجير ما أمكن من الشعب الفلسطيني من قطاع غزة والضفة إلى الخارج".
وأوضح أن دول العالم والإقليم متمسكة "ببقاء السلطة الفلسطينية التي هي آخر بقايا أتفاقيات أوسلو"، مشيراً إلى أن الفلسطينييين يعتبرون "السلطة بنية أساسية لاستمرار حياتهم اليومية".
ولفت إلى أن إسرائيل ألغت الجانب السياسي من "اتفاقيات أوسلو" حول مفاوضات الوضع النهائي وأن "لا أمل لدى الفلسطينيين بالعودة لها في الوقت الحالي".
كما استبعد نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون إمكان تمرير مقترح القانون، وقال إن "الإسرائيليين بغالبيتهم يرفضون ذلك، حتى نتنياهو على رغم أنه لا يستطيع البوح بذلك حفاظاً على ائتلافه الحكومي مع أحزاب اليمين".
وأوضح أيالون لـ"اندبندنت عربية" أن "نسبة تأييده لا تتعدى الـ 15 في المئة من أًصوات الإسرائيليين"، مردفاً أن "الغالبية الصامتة في إسرائيل لا تدعم إقامة دولة فلسطينية في الوقت الحالي، لكنها تؤمن بالعيش المشترك مع الفلسطينيين".
"في النهاية لا خيار لنا في إسرائيل غير ذلك، فإسرائيل موجودة والفلسطينيون لن يذهبوا إلى إي مكان آخر"، قال أيالون.
دفعة انتخابية
ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد عواودة أن البرنامج السياسي لحزب بن غفير يدعو إلى إلغاء الاتفاقات مع الفلسطينيين وأنه أيد وصول ترمب إلى البيت الأبيض لطرح ذلك.
لكنه أشار إلى أن الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة وعلى رأسها "الليكود" تتشاور مع المؤسسة الأمنية قبل التصويت على تلك المشاريع، مضيفاً أن الأخيرة "تعارض إلغاء الاتفاقات بسبب الأبعاد والعواقب الاستراتيجية".
وبحسب عواودة فإن طرح بن غفير المقترح "سيعطيه دفعة انتخابية في صفوف قاعدة اليمين"، مردفاً أن "مضامين المقترح تُنفذ على الأرض، وبطرق أخرى، من دون تبني ذلك رسمياً".
"بن غفير أراد الذهاب إلى الحلقة الأخيرة قبل تحقيق ذلك على الأرض وتخطى كل الحلقات"، قال عواودة.
ووفق عواودة فإن "إسرائيل تعمل على تقويض السلطة الفلسطينية حتى تنهار بصورة تدريجية وتصبح عاجزة عن تنفيذ مهماتها".
وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد إن بن غفير يهدف إلى القضاء على السلطة الفلسطينية باعتبارها "آخر ما بقي من 'اتفاقيات أوسلو'"، مضيفاً أن وجود السلطة "يمنح بعداً سياسياً للقضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن إلغائها "يسهل من الناحية القانونية تطبيق مشروع الصهيونية الدينية وعلى رأسها تهجير الفلسطينين".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 5 ساعات
- العربية
بالتفاصيل.. كل ما تود معرفته عن السلاح الفلسطيني في لبنان
شكّل بسط الدولة اللبنانية لسيطرتها الكاملة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، العنوان الرئيسي لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت التي استمرت ثلاثة أيام، حيث اتّفق خلال محادثاته مع الرئيس اللبناني جوزيف عون على التزامهما بحصر السلاح بيد الدولة، وبأن زمن السلاح خارج إطار الدولة قد "ولّى". تشكيل لجان تنفيذية وفي السراي الحكومي، اتّفق الرئيس الفلسطيني مع رئيس الحكومة نواف سلام، أمس الخميس على تشكيل لجنة تنفيذية مشتركة لمتابعة تطبيق جملة تفاهمات لعل أبرزها تمسّك الدولة اللبنانية بفرض سيادتها على جميع أراضيها، بما في ذلك المخيمات الفلسطينية، وإنهاء كل المظاهر المسلّحة خارج إطار الدولة اللبنانية، وإقفال ملف السلاح الفلسطيني خارج أو داخل المخيمات بشكل كامل، لتحقيق حصر السلاح بيد الدولة. ويعود تاريخ دخول السلاح الى المخيمات الى اتّفاق القاهرة عام 1969 بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اللبنانية، والذي سمح للفلسطينيين بإقامة قواعد عسكرية في الجنوب اللبناني، والعمل السياسي داخل المخيمات، ما أعطى شرعية للعمل الفلسطيني داخل البلاد، وامتلاك السلاح في المخيمات، قبل ان يلغي لبنان الاتفاق بشكل رسمي عام 1987. 12 مخيماً ويتوزّع حوالي 235 لاجئ فلسطيني في لبنان على 12 مخيماً موزّعين بين محافظات عدة، بالإضافة إلى 57 نقطة تجمّع. فيما يتوزّع السلاح بشكل متفاوت بين المخيمات، باستثناء مخيم نهر البارد شمالا الخالي كلياً من السلاح وهو تحت إمرة الجيش اللبناني منذ العام 2007، وذلك بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر دارت رحاها في شوارعه بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الاسلام" الذي كان شنّ هجمات ضد الدولة والجيش قتل فيها العشرات. طاولات حوار للسلاح الفلسطيني وقبل معارك مخيم نهر البارد كان المسؤولون السياسيون اللبنانيون اتّفقوا على طاولة حوار جمعتهم، على نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خلال ستة أشهر، ثم كان اتفاق الدوحة في العام 2008 الذي حدد أهدافه بالاستراتيجية الدفاعية والسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات. لكن كل هذه القرارات بقيت حبراً على ورق ومرّت السنوات شهدت خلالها المخيمات جولات عنف بين الفصائل الفلسطينية نفسها فضلاً عن المشاركة بالمواجهة مع اسرائيل، لاسيما من جانب حركة حماس بغطاء من حزب الله، لاسيما خلال "حرب الاسناد" الاخيرة. تفكيك معسكرات أما اليوم، فوضع السلاح الفلسطيني على الطاولة بشكل جدّي بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وقرار الدولة حصر السلاح بيدها. وبدأت أولى النتائج الجدّية مع تسلم الجيش مواقع عسكرية لتنظيمات فلسطينية خارج المخيمات، في البقاع وبيروت. وفي السياق، أفادت مصادر أمنية العربية.نت والحدث.نت "بأن مخابرات الجيش عملت منذ سنتين على ايجاد حل لمشكلة الأراضي التي تستولي عليها الجبهة الشعبية- القيادة العامة في محيط أنفاق الناعمة وتم اعادتها الى اصحابها من أهالي الدامور، بعدها تم ممارسة الضغوط لإخلاء جميع المراكز خارج المخيمات من الناعمة الى قوسايا وعين البيضا وحشمش في البقاع". وكانت وحدات من الجيش اللبناني وضعت يدها لأول مرّة في ديسمبر/كانون الأول الماضي على معسكرات ومقرات في البقاع الغربي والأوسط وجبل لبنان تتبع لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة"، وكلها تقع خارج نطاق مخيمات اللاجئين المنتشرة في الجنوب والشمال والبقاع، وصادرت ما فيها من عتاد وذخائر. الأثقل في عين الحلوة أما عن السلاح المتبقي داخل المخيمات، فأوضحت المصادر الامنية "أن السلاح موجود داخل كافة المخيمات، خصوصاً الخفيف والمتوسط،. في حين يتركز السلاح الثقيل في مخيم عين الحلوة والرشيدية (جنوب لبنان)". منا أشارت المصادر إلى "أن مختلف الفصائل الفلسطينية لديها سلاح، لكن بأعداد مختلفة". من جهته، اعتبر الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد خالد حماده لـ"العربية.نت والحدث.نت" "أنه بعد الخسارة الكبيرة التي مُني به حزب الله بالحرب الأخيرة، أصبحت الدولة اللبنانية تتمتع بظروف ملائمة للانتهاء من السلاح الفلسطيني المُدرج اصلاً كبند باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في نوفمبر 2024". ولفت إلى "أن عناصر انتزاع السلاح غير الشرعي من حزب الله والمنظمات الفلسطينية غير ناضجة حتى الآن في الداخل اللبناني، وهناك ارتباط واضح بين الحزب وطهران". كما رأى "أن القرار الاخير الذي اتّخذه مجلس الأعلى للدفاع باستدعاء قادة حماس وابلاغهم عدم استخدام لبنان كساحة لتنفيذ عمليات ضد اسرائيل، لا يرقى الى مستوى الشروط المطلوبة لتطبيق القرار 1701، والبيان المشترك الصادر عن الرئاستين اللبنانية والفلسطينية الاخير لا يُغطّي الدولة اللبنانية، لأن ببساطة لا سلطة للرئيس محمود عباس على حماس"، وفق تبيره "نزع الشرعية عن السلاح" إلا أنه اعتبر في الوقت نفسه "أن عباس نزع كل سلطة شرعية عن السلاح بيد الفصائل، حتى تلك التي لا تأتمر به". ولفت إلى "أن الدولة اللبنانية اليوم مُربكة ومُحرجة بعد مواقف الرئيس الفلسطيني وعليها أن تضع خطة زمنية لاستلام كل السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح حزب الله، واإا فإن التصعيد الميداني من جانب إسرائيل وبغطاء اميركي سيتواصل ويتكثّف تماماَ كما حصل أمس الخميس". وشنّت إسرائيل يوميا هذا الأسبوع ضربات قالت إنها تستهدف عناصر حزب الله ومنشآت تابعة له، على الرغم من وقف إطلاق النار بين الطرفين الذي دخل حيز التنفيذ منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر.


الشرق الأوسط
منذ 11 ساعات
- الشرق الأوسط
محمود عباس في بيروت... الدولة والسلاح
في زمن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نجح الفلسطينيون واللبنانيون في إعادة تعريف العلاقة التاريخية بينهما. عملوا على تجاوز ما شابها من سلبيات قبل الحرب الأهلية وما بعدها، واتفقوا على تطوير الإيجابيات والتعامل من دولة إلى دولة، في علاقة عنوانها السيادة وعدم التدخّل في الشأن الداخلي لكل منهما. وقد كانت السيادة وتعريفاتها بالنسبة للرئيس عباس واضحة، بما يخص لبنان، هي سيادة الدولة اللبنانية فوق جميع أراضيها، بما فيها المخيمات الفلسطينية. وبهذا الموقف، سبق عباس المنظومة اللبنانية الحاكمة سابقاً، التي كانت تتلكأ وتحاول الالتفاف على كل المبادرات التي أعلنتها السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير تجاه لبنان. مبكراً، وفي زياراته السابقة، ألزم الرئيس عباس ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بالحياد الإيجابي. ورفض أن يُزَجّ سلاح المخيمات في اقتتال لبناني - لبناني أو في محاور خارجية، أو أن يُعاد تصويبه نحو أي طرف لبناني. فكان حازماً حين اعتبر أن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات مضر بفلسطين، وخارجها مضر بلبنان، وأن دور الفلسطينيين في لبنان يجب ألّا يكون مضراً بالبلدين. لبنان، بالنسبة للقيادة الفلسطينية الرسمية، ممر، لا مستقرّ للاجئين، وهذا يعني أنهم ضيوف أعزاء ملتزمون بشروط الضيافة، تحت سلطة الدولة اللبنانية وقوانينها. وهذا ما ورد في البيان اللبناني - الفلسطيني المشترك يوم الأربعاء الماضي، بعد لقاء الرئيسين اللبناني جوزيف عون والفلسطيني محمود عباس؛ حيث أكّد البيان على «العلاقات الأخوية بين الشعبين، اللبناني والفلسطيني، والتزامهما بتوفير الظروف اللازمة بما يضمن لللإخوة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حياة كريمة من دون المساس بحقهم في العودة أو التأثير على هويتهم الوطنية». وبحسب رئاسة الجمهورية اللبنانية، فإنّ الجانب الفلسطيني أكّد التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات عسكرية. في مسيرة الرئيس محمود عباس، يمكن أن نختلف في الرأي، لكن لا يمكن إنكار الثوابت التي التزم بها في أخطر المراحل، فيما يخص القضية الفلسطينية في الداخل والخارج، وعمله على نقل النضال من الميدان العسكري إلى ساحة السياسة. فتمسك بمؤسسات الدولة وحماها، رغم ضغوط الاحتلال، وواجه الضغوط الخارجية حين رفض أي حل خارج إطار حل الدولتين، متمسكاً بثوابت الشعب الفلسطيني: القدس، واللاجئين والحدود. دعا إلى وحدة الصف الفلسطيني، ورفض الانقسام والانقلابات، واعتبر أن المقاومة الحقيقية تبدأ بالحفاظ على القرار الوطني المستقل، لا بالارتهان للمحاور. وفي كلمته التي ألقاها أثناء تسلُّمه جائزة هاني فحص لصنّاع السلام في بيروت، قال إن «مخيمات اللاجئين الفلسطينيين هي تحت سيادة الدولة والجيش اللبناني، ونؤكد على موقفنا السابق بأن سلاح المخيمات خارج إطار الدولة هو إضعاف للبنان ويتسبب بضرر للقضية الفلسطينية أيضاً، وإننا مع لبنان في تنفيذ التزاماته الدولية والحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته». وعليه، وبوضوح، تبنّى عباس في لبنان نهجاً مسؤولاً: احترام السيادة اللبنانية، ورفض تحويل المخيمات إلى ساحات للصراع أوراق ضغط. لقد حرص على أن يكون الوجود الفلسطيني في لبنان عنصر استقرار، لا عنصر توتير، وسعى لتحصين مجتمع اللاجئين، لا توريطه في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.

العربية
منذ يوم واحد
- العربية
جوزيف عون استقبل محمود عباس الذي تستمر زيارته للبنان 3 أيام حيث سيتركز البحث حول سلاح المخيمات الفلسطينية
أكد الرئيسان اللبناني والفلسطيني، اليوم الأربعاء، التزامهما بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وذلك خلال زيارة يقوم بها محمود عبّاس إلى لبنان تهدف إلى البحث في ملف السلاح في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وبدأ عباس اليوم زيارة رسمية إلى لبنان ستستمرّ ثلاثة أيام، هي الأولى له منذ 2017. واستقبل رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون عباس في القصر الرئاسي في بعبدا. وسيلتقي عباس أيضاً خلال هذه الزيارة برئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام. وكان في استقبال الرئيس الفلسطيني في المطار وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي. وجاء في بيان مشترك نشرته الرئاسة اللبنانية بعد لقاء عون بعباس: "يؤكد الجانبان التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية"، و"يعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى". ثالثاً: في مجال الأمن والاستقرار - يؤكد الجانبان التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية. كما يؤكدان على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. ويعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد… — Lebanese Presidency (@LBpresidency) May 21, 2025 كما اتفق الرئيسان اللبناني والفلسطيني على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية. وأكد الجانبان، في البيان المشترك، على "ضرورة التوصل إلى سلام عادل وثابت في المنطقة. يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. كما يعطي كل بلدان المنطقة وشعوبها حقوقها المحقة والمشروعة". وفي وقت سابق من اليوم كان مصدر حكومي لبناني قد قال لوكالة الأنباء الفرنسية اليوم إن زيارة عباس "تهدف إلى وضع آلية تنفيذية لتجميع وسحب السلاح من المخيمات". وكان أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، قد قال أمس الثلاثاء إن عباس سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته لبيروت موضوع السلاح في المخيمات الفلسطينية في لبنان. وقال مجدلاني، وهو ضمن الوفد المرافق لعباس، لوكالة الأنباء الفرنسية: "طبعاً السلاح الفلسطيني الموجود في المخيمات سيكون واحداً من القضايا على جدول النقاش بين الرئيس عباس والرئيس اللبناني (جوزيف عون) والحكومة اللبنانية"، في وقت أعلنت السلطات اللبنانية نيتها تطبيق القرارات الدولية التي تنص على حصر السلاح في لبنان في أيدي القوى الشرعية. وأشار الى أن لعباس "موقفاً سابقاً أصلاً في موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان منذ العام 2010، ويعتبر أن هذا السلاح يجب أن يكون عاملاً إيجابياً في ضمان الأمن والسلم الأهلي في لبنان". كذلك، أشار إلى أن البحث سيتطرّق الى "أوضاع شعبنا وحقوقه المدنية في العمل والمساهمة في الحياة اللبنانية". من جهته قال علي بركة، رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس في لبنان، لوكالة الأنباء الفرنسية قبيل وصول عباس "نطالب الحكومة اللبنانية والرئيس محمود عباس أن تكون المقاربة شاملة ولا تقتصر على ملف السلاح أو الجانب الأمني". وأضاف "نؤكد احترامنا لسيادة لبنان وأمنه واستقراره وفي نفس الوقت نطالب بتوفير الحقوق المدنية والإنسانية لشعبنا الفلسطيني في لبنان". ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيمات مكتظة في لبنان بنحو 250 ألفاً. وهم يعيشون في ظروف صعبة غالباً، ويمنع الفلسطينيون من العمل في قطاعات عدة في لبنان. وبموجب اتفاق طويل الأمد، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها. وكان السلاح الفلسطيني عنصراً أساسياً في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990). وشدّد الرئيس اللبناني في مقابلة صحفية يوم الأحد على أن "حصرية السلاح يجب أن تكون بيد الدولة، وقرار الحرب والسلم بيدها". وأضاف "أتكلم ليس فقط عن السلاح اللبناني بل عن السلاح غير اللبناني، السلاح الفلسطيني في المخيمات"، موضحاً: "أنا أنتظر زيارة الرئيس عباس للبحث به". وقال إن الجيش اللبناني فكّك ستة معسكرات تدريب فلسطينية، "ثلاثة في البقاع (شرق)، واحد جنوب بيروت، واثنان في الشمال"، وتمّت "مصادرة الأسلحة وتدمير المنشآت كلها، وأصبحت المنطقة خالية" من السلاح. ومنذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تاريخ دخول اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ في لبنان، بعد مواجهة استمرت أكثر من عام على خلفية الحرب في قطاع غزة، تبدي السلطات اللبنانية حزماً لبسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية. ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، برعاية أميركية وفرنسية، على تفكيك سلاح حزب الله وتطبيق القرار الدولي 1701 الذي ينص على نزع سلاح كل المجموعات المسلحة غير الشرعية.