
فرانز فانون ـ مناضل من أجل استقلال الجزائر – DW – 2025/7/20
في 20 يوليو/ تموز 2025 كان سيبلغ عمره مائة عام - رجل دافع في وقت مبكر عن استقلال الجزائر: الطبيب النفسي فرانز فانون، الذي يُعدّ شخصًا مهمًا في نضالات تحرير الجزائر واستقلالها، ومنظرًا لإنهاء الاستعمار، ومناضلًا نشطًا في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
ويُعدّ فرانز فانون بالنسبة للجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال، ولكن دوره خلال حرب التحرير وأعماله تبقى مجهولة إلى حد كبير لدى عامة الناس.
وابنته الكبرى هي ميراي فانون منديس فرانس. وفي حوار مع DW قالت: "الكثيرون ممن كانوا يعرفون أنَّني ابنة فرانز فانون، كانوا ينظرون إليّ، كنت طفلة". وهي رئيسة مشاركة لمؤسسة فرانز فانون الدولية، لكنها بالكاد كانت تعرف والدها، ولم تحتفظ إلا بذكريات قليلة من طفولتها عنه.
لقد انغمرت خلال فنرة صباها في أعمال والدها الأدبية وشاركت في نضالاته. "هذا تأمل في فهم مفهوم التضامن وما يعنيه في زمن الحرب والمقاومة"، كما قالت الابنة. وأضافت أنَّ والدها قد أوضح أنَّ الكفاح من أجل استقلال الجزائر لا يفيد الجزائر وحدها، بل يتعلق أيضًا بالوحدة الأفريقية: "وهذه الوحدة الأفريقية ما تزال غائبة".
أليس شرقي امرأة في التاسعة والثمانين من عمرها، كانت تعرف فرانز فانون جيدًا. تنظر في شقتها الباريسية إلى وثائق قديمة من فترة شبابها خلال حرب الجزائر وتقول متذكرة: "عرفت حينها أنَّ هذا كان استعمارًا". لقد عملت معه في خمسينيات القرن العشرين كطبيبة معاونة في مستشفى الأمراض النفسية في مدينة البليدة الجزائرية.
وفي هذا المستشفى لم يكن الطبيب النفسي فرانز فانون يهتم بصفته رئيس قسم برعاية المرضى فقط، بل كان يساعد أيضًا الوطنيين الجزائريين.
وحول ذلك قالت أليس شرقي: "كنا نستقبل الجرحى، المقاتلين الذين كانوا يأتون إلى هنا". وأضافت أنَّ فرانز فانون قد أنشأ داخل المستشفى عيادة نهارية كمظهر فقط. ولكنه في الواقع كان يستقبل في السر الجرحى والأشخاص كانوا بحاجة إلى الشفاء.
ومنذ بداية حرب التحرير الجزائرية في عام1954، انخرط فرانز فانون في العمل مع الوطنيين الجزائريين، بينما استمر في عمله كطبيب نفسي. وأقام علاقات مع بعض ضباط جيش التحرير الوطني والقيادة السياسية لجبهة التحرير الوطني، وخاصة مع عبان رمضان وبن يوسف بن خدة. وابتداءً منذ عام 1956 التزم التزامًا تامًا بالقضية الجزائرية.
وفي هذا الصدد يؤكد المؤرخ أمزات بوكاري يابارا، المختص في الوحدة الأفريقية ومؤلف كتاب "أفريقيا موحدة" الصادر عن دار "لا ديكوفيرتي" الفرنسية، على أهمية الإشارة إلى أنَّ فرانز فانون استقال من عمله كطبيب في خريف عام 1956.
"وفي هذا الوقت كان قد أقام اتصالات مع عدد من أعضاء جبهة التحرير الوطني، وذهب لاحقًا إلى تونس، حيث تم تأسيس فرع للجبهة التحرير"، كما يقول يابارا. ويضيف أنَّ فرانز فانون "شارك من تونس في النضال من خلال كتابته لصحيفة جبهة التحرير الوطني 'المجاهد'، وقد رافق الثورة تحت اسم مستعار. وفي أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات، أصبح سفيرًا للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في أكرا، وكان سفيرًا متجولًا لأفريقيا جنوب الصحراء".
لقد كتب فرانز فانون، الذي بات يصف نفسه الآن بأنَّه "جزائري"، بعضًا من أكثر النصوص تأثيرًا في الحركة المناهضة للاستعمار، مثل كتابه "معذبو الأرض" الصادر في عام 1961 بمقدمة من جان بول سارتر.
وهذا الرجل وُلِد في مستعمرة مارتينيك الفرنسية ونشأ في مجتمع استعماري فرنسي وتأثر تأثيرًا عميقًا بتجاربه: إذ تطوّع في سن السابعة عشرة للحرب من أجل فرنسا. وبصفته رجلًا أسود فقد كان يتعرض يوميًا للعنصرية في الجيش الفرنسي.
وبعد الحرب درس الطب والفلسفة في مدينة ليون الفرنسية وأصبح طبيبًا نفسيًا. وبدأ العمل ككبير أطباء في عيادة الطب النفسي في البليدة، في الجزائر الفرنسية، واستقر هناك مع زوجته الفرنسية ماري جوزيف دوبل وابنهما.
وهناك ثارت في خمسينيات القرن العشرين انتفاضات بقيادة جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، الذي استخدم القوة العسكرية.
وتوفي فرانز فانون بسرطان الدم في واشنطن في 6 أيلول/ديسمبر 1961، عن عمر لم يتجاوز 36 عامًا، ومن دون أن يشهد استقلال الجزائر، الذي ضحى من أجله بكل شيء في سنواته الأخيرة. وهو بالنسبة لكثير من الجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال.
وفي حوار مع DW قالت الكاتبة والمحامية أنيسة بومدين، التي كانت سيدة الجزائر الأولى وزوجة الرئيس هواري بومدين، الذي حكم الجزائر من عام 1965 حتى عام 1978، إنَّ: "فرانز فانون هو أيضًا جزء من التاريخ الجزائري. لقد دافع عن الاستقلال. وكان حقًا شخصًا محترمًا للغاية".
وقبل 63 عامًا، في 5 تموز/يوليو 1962، حصلت الجزائر على استقلالها بعد كفاح مسلح استمر ثمانية أعوام ضد فرنسا، الدولة الاستعمارية آنذاك. ويُقدّر المؤرخون عدد القتلى الجزائريين بـ 500 ألف، وبحسب وزارة القوات المسلحة الفرنسية فقد قتل نحو 25 ألف جندي فرنسي.
وتقديرًا لدعمه في الحرب من أجل استقلال الجزائر وعمله في مجال الطب النفسي، فقد تم إطلاق اسمه على ثلاثة مستشفيات في الجزائر، من بينها مستشفى الطب النفسي في البليدة، الذي كان يعمل فيه.
ولكن هذا قليل نظرًا لمكانته، كما يقول أرزقي آيت وازو، وهو ناشط جزائري سابق في حرب الاستقلال، وكان أحد مسؤولي فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا:
"في الجزائر، في الجزائر العاصمة، توجد شوارع ومكتبة تحمل اسمه تقديرًا له ولما فعله، وما يُمثّله، لأنَّه رمز لكفاح الشعوب من أجل الحرية والاستقلال. وبالنسبة لنا هو بطل من أبطال حرب التحرير، بطل من أبطال الثورة الجزائرية".
وتخليدًا لذكرى فرانز فانون فقد قام الصحفي والكاتب والناشر الجزائري لزهاري لبتر بنشر كتب الناشط المناهض للاستعمار فرانز فانون وترجمها إلى العربية. ولكنه يعتقد أنَّ الشباب لا يعرفون الكثير عن فرانز فانون ودوره خلال الحرب الجزائرية.
ويقول إنَّ "الأجيال المعاصرة لم تعد تعرف شيئًا عن تاريخ بلادهم، وخاصة عن هذا الموضوع. واسم فانون بطبيعة الحال لا يعني الكثير للأجيال الشابة، بصرف النظر عن الدوائر الضيقة جدًا والجامعات والمثقفين. وقد يعود ذلك إلى عدم تدريس أعماله في المدارس والجامعات".
وبعد مائة عام من ولادته، يبقى فرانز فانون صوتًا مهمًا في النضال من أجل إنهاء الاستعمار. ومؤخرًا أعاد إحياء ذكراه وفكره المناهض للاستعمار فيلمُ "فانون" للمخرج جان كلود بارني في شهر نيسان/أبريل من هذا العام وفيلمُ "فرانز فانون" للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح من عام 2024.
أعده للعربية: رائد الباش (ع.ج.م)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
٢٦-٠٧-٢٠٢٥
- DW
وضع كارثي في غزة: معطيات ورسوم بيانية حول الأزمة الإنسانية – DW – 2025/7/26
تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مع استمرار الحصار وندرة وصول ما يكفي من المساعدات، في حين تحذر المنظمات الدولية من المجاعة. لمحة عامة عن حجم الكارثة بالأرقام والبيانات. معظم المباني مُدمَّرة، والكثير من المستشفيات اضطرت للتوقف عن العمل، والمواد الغذائية قليلة للغاية: الوضع في قطاع غزة كارثي. وتشرّد داخل القطاع نحو 1.9 مليون شخص، بعضهم نزحوا عدة مرات. ومع أمر الإخلاء الصادر مؤخرًا لمدينة دير البلح فقد أصبح يخضع الآن 87.8 بالمائة من مساحة قطاع غزة لأوامر الإخلاء أو ضمن المناطق المغلقة عسكريًا، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أعلن الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025) أنَّ الأهالي باتوا محشورين الآن في 12 بالمائة من مساحة القطاع. ولذلك وأمام هذا الوضع يزداد الضغط الدولي على إسرائيل. وتطالب 25 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا، بإنهاء الحرب. ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بلغ عدد القتلى بحسب وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 58,380 قتيلًا (حتى 15 تموز/يوليو 2025) على الجانب الفلسطيني - من بينهم الكثير من النساء والأطفال. وتستند كالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ذلك إلى بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة. وتسيطر على هذه الوزارة حركة حماس الإسلامية المتطرفة، المصنَّفة في العديد من الدول الغربية كمنظمة إرهابية. ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام، ولكنها المصدر الوحيد حتى الآن. لكن بالمقابل تشير دراسات أخرى إلى أنَّ الأعداد ربما تكون أعلى بكثير من الأعداد المقدمة من السلطات في غزة. ومن المفترض بحسب دراسة أجراها فريق بحث دولي أنَّ أكثر من 80 ألف فلسطيني تم قتلهم حتى كانون الثاني/يناير 2025. ونشرت في نهاية حزيران/يونيو 2025 مجلة "نيتشر" (Nature) العلمية تقريرًا حول هذه الدراسة، التي أجريت بإشراف مايكل سباغات من كلية رويال هولواي بجامعة لندن. وتجدر الإشارة إلى أنَّ الباحثين قد تعاونوا في إعداد هذه الدراسة مع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PCPSR)، الذي يتم تمويله جزئيًا من قبل الاتحاد الأوروبي. وأجرى موظفو المركز استطلاعًا لآراء 2000 أسرة في قطاع غزة حول عدد الوفيات داخل أسرهم - واستنتجوا من ذلك هذا الرقم. وكذلك لاحظت دراسة منشورة في شباط/فبراير بمجلة "لانسيت" عدم إضافة أية أسماء إلى قائمة الوزارة، التي كانت خالية من الأسماء. ومن أجل هذه الدراسة تمت مقارنة نعي الوفيات على وسائل التواصل الاجتماعي بقوائم وزارة الصحة. اندلعت الحرب في غزة بسبب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي هذا الهجوم قتلت حماس نحو 1200 شخص واختطفت 251 رهينة إلى قطاع غزة. وبحسب البيانات الإسرائيلية الرسمية لا يزال يوجد منهم 50 شخصًا مختطفين في قطاع غزة، ومن المفترض أنَّ 20 منهم على الأقل ما يزالون على قيد الحياة. وقُتل في هذه الحرب أيضًا 895 جنديًا إسرائيليًا، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، الصادرة يوم الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025). وبعد نحو سنتين من الحرب والحصار، أصبح وضع الإمدادات الغذائية مأساويًا في قطاع غزة. وأصبح الكثيرون يعانون من الجوع ولا يجدون حتى أهم الضروريات. وبحسب الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع فقد اضطرت جميع المخابز الـ25 المتبقية إلى الإغلاق في بداية نيسان/أبريل. وكذلك لم تعد توجد أية إمدادات غذائية لدى معظم المطابخ المجتمعية وتكايا الطعام (المبادرات الخيرية) البالغ عددها 177 مطبخًا وتكية، كما ذكرت الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع ردًا على استفسار من DW. وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ردًا على استفسار من DW أنَّ ثلث الأهالي تقريبًا يمضون أيامًا من دون طعام. وأنَّ المساعدات الغذائية تعتبر بالنسبة لمعظمهم السبيل الوحيد للحصول على مواد غذائية على الإطلاق. وبحسب أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) من شهر أيار/مايو 2025، والذي تستند إليه، بحسب أبحاث DW، العديد من منظمات الإغاثة أيضًا، فإنَّ جميع أهالي قطاع غزة يعانون الآن من انعدام حاد في الأمن الغذائي (المستوى 3 من التصنيف المرحلي المتكامل). وهذا يعني بحسب التعريف أنَّ المواد الغذائية المتوفرة محدودة للغاية وأنَّ الناس يضطرون إلى بذل جهد كبير جدًا للحصول على السعرات الحرارية الضرورية. وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي فإنَّ 470,000 شخص مهدّدون في قطاع غزة بخطر الجوع الكارثي (المستوى 5 من التصنيف المرحلي المتكامل). وهذا يمثل خطرًا حادًا يهدد بالموت جوعًا بسبب وجود نقص حاد في السعرات الحرارية الضرورية يوميًا لكل فرد. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ومن المتوقع بالإضافة إلى ذلك أن يحتاج خلال الأشهر القادمة أكثر من 71 ألف طفل ونحو 17 ألف أم إلى علاج عاجل بسبب سوء التغذية الحاد. ويعتبر الأطفال بحسب منظمة اليونيسف مصابين بسوء تغذية حاد إذا كان وزنهم أقل من 80 بالمائة من الوزن المناسب لأعمارهم. ونظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو أداة معترف بها دوليًا لقياس وتصنيف الجوع وشدة انعدام الأمن الغذائي. ويميّز النظام بين خمسة مستويات، تتراوح من المرحلة الأولى: "الحد الأدنى"، عبر "الإجهاد"، و"الأزمة"، و"الطوارئ"، وحتى المرحلة الخامسة: "المجاعة". وكذلك لاحظت في منتصف حزيران/يوليو فِرَقُ منظمة أطباء بلا حدود وجود زيادة حادة في حالات "سوء التغذية الحاد". وبحسب منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية، يُعالج حاليًا في المراكز الصحية مئات النساء والأطفال، الذين يعانون من سوء تغذية حاد ومتوسط، مع تزايد هذا الاتجاه بشكل واضح. وبحسب وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة حماس في غزة فقد توفي جوعًا يوم الثلاثاء (22 يوليو/تموز 2025) 15 شخصًا معظمهم من الأطفال. وكذلك تزداد باستمرار صعوبة الرعاية الطبية في غزة. ولم يعد يوجد حاليًا أي مستشفى يعمل بكامل طاقته، بحسب تقييم أجرته منظمة أطباء بلا حدود في منتصف حزيران/يوليو 2025. أما المرافق الصحية، التي ما تزال تعمل، فهي مرهقة تمامًا، وظروف العلاج كارثية: لأنَّ معظم المستشفيات لم يعد لديها كهرباء وماء. كما أفادت منظمة الصحة العالمية في نهاية حزيران/يونيو 2025 أنَّ 18 مستشفى من أصل 36 مستشفى ما تزال تعمل جزئيًا. وكذلك ما يزال يعمل أقل من 40 بالمائة من مراكز الرعاية الأولية - أي عيادات الأطباء والعيادات الخارجية وعروض المساعدات الطبية المقدّمة من المنظمات غير الحكومية. والمستشفيات الميدانية محدودة أيضًا؛ لم يعد يعمل منها سوى اثنين فقط بكامل طاقتهما. منعت إسرائيل على مدى أحد عشر أسبوعًا خلال فترة الربيع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة - ما أدى إلى تفاقم الوضع أكثر، وجعل كل شيء شحيحًا ونادرًا: الغذاء والماء والدواء والوقود الضروري لتشغيل المستشفيات والمطابخ المجتمعية العامة وتكايا الطعام. ومع أنَّ مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، تقوم منذ نهاية أيار/مايو 2025 بتوزيع مواد غذائية في عدد من مراكز التوزيع؛ ولكن كثيرًا ما ترد تقارير حول وقوع حوادث مميتة بالقرب من مراكز توزيع مؤسسة غزة الإنسانية، كما حدث أيضًا في الأيام الأخيرة. ولذلك تطالب منظمات الإغاثة منذ فترة طويلة بالسماح لها بإدخال المساعدات إلى القطاع بنفسها. وذكر برنامج الغذاء العالمي في حوار مع DW أنَّ متوسط عدد الشاحنات التابعة للبرنامج، والتي تصل يوميًا إلى قطاع غزة منذ انتهاء حصار المساعدات في 21 أيار/مايو، يتراوح بين 20 إلى 30 شاحنة محملة بمواد غذائية. وهذه الكمية المسلمة لا تمثل سوى جزء صغير مما يحتاجه أكثر من مليوني إنسان للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة. وللمقارنة: خلال وقف إطلاق النار كانت تعبر الحدود يوميًا ما بين 600 إلى 700 شاحنة. أعده للعربية: رائد الباش تحرير: هشام الدريوش


DW
٢١-٠٧-٢٠٢٥
- DW
العيش وحيدا .. أزمة اجتماعية صامتة تهدد نسيج المجتمعات – DW – 2025/7/21
رغم أنها حالة إنسانية شائعة، إلا أن ظاهرة العيش وحيدا ظلت لفترة طويلة مسكوتًا عنها. ومع جائحة كورونا، باتت هذه المشكلة أكثر بروزًا، ما يدفع للتساؤل: كيف يمكن إعادة بناء الروابط الاجتماعية المفقودة؟ يمكن أن تؤثر على أي شخص وكل شخص في جميع الفئات العمرية والمناطق. لطالما كانت الوحدانية موجودة ولكن لا يتم الحديث عنها كثيرا. وقد تغير هذا الأمر منذ جائحة فيروس كورونا. فقد أدت التجربة الجماعية للعزلة الاجتماعية إلى توعية الناس في جميع أنحاء العالم بهذه المشكلة. ولكن ما العمل الآن مع العلم أن واحدا من كل ستة أشخاص في العالم يعاني من الوحدة؟ تحذر منظمة الصحة العالمية من العواقب الصحية بما في ذلك الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم وما إلى ذلك. ويشير آخرون إلى العواقب الاجتماعية المحتملة. أظهرت عالمة الاجتماع كلوديا نيو من جامعة غوتنغن في دراسة لها علاقة بين الوحدانية وتطور المواقف المعادية للديمقراطية. وقالت كلوديا نيو لـ DW: "إنها ليست علاقة سببية، ولا يعني ذلك أن الشخص الذي يشعر بالوحدانية من المرجح أن يصبح متطرفا وليس كل المتطرفين يشعرون بالوحدانية فجأة لكننا وجدنا علاقة إحصائية". البشر كائنات اجتماعية، لذا فإن الألم يكون كبيرا في المقابل عندما لا يتم إشباع الحاجة إلى المجتمع. ومع ذلك فقد تغيرت الحياة اليومية في المجتمعات الحديثة. فقد اختفت العديد من أماكن الاجتماع الواقعية في السنوات الأخيرة بسبب العمل من المنزل والتسوق عبر الإنترنت وأخيرا وليس آخرا منصات التواصل الاجتماعي التي يقضي الناس الكثير من الوقت فيها. وتقول كلوديا نيو إنه لا يمكن التراجع عن هذا التطور. ومع ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه في المستقبل هو نوع المجتمع الذي نريد أن نعيش فيه. "كيف نخلق مجتمعا بينما لم نعد نلتقي في الأماكن العامة"؟ وتقول إنغا غيرتمان من منظمة "المزيد من التماسك الاجتماعي" إن الكثير من الناس يقللون من التأثير الإيجابي "للتفاعلات اليومية القصيرة جدا". وتضيف: "نحن اليوم أكثر ارتباطا بالعائلة والأصدقاء أكثر من أي وقت مضى. ونحن أيضا أكثر ارتباطا بأشخاص متشابهين في التفكير على سبيل المثال في الفضاء الرقمي حيث يمكن أن يجتمع الناس الذين هم بعيدون جسديا ولكنهم متقاربون في وجهات نظرهم. ما ينقصنا بشكل متزايد هو اللقاء اليومي، والتفاعل غير الرسمي مع أشخاص ربما يكونون مختلفين عنّا أيضا". إن إنشاء هذه المساحات للقاءات اليومية غير الرسمية مرة أخرى بطريقة جديدة مهمة رئيسية. وتشارك كلوديا نيو هذا الرأي: "إن الافتقار إلى هياكل الفرص يمكن أن يجعلك وحيدا. إذا لم تتح لي الفرصة للقاء الناس محليا فمن المرجح أن أشعر بالوحدانية". إذا لم تعد الحياة اليومية مكانا للالتقاء فإن هذا له عواقبه أيضا على المجتمع ككل: وتقول كلوديا نيو إن الأوساط الاجتماعية تبقى على نحو متزايد فيما بينها، مما يؤدي إلى الانقسام الاجتماعي. "فالزيجات أصبحت أكثر تجانسا والأحياء أصبحت أكثر تجانسا والطبقات أصبحت أكثر تجانسا". وهذا بدوره يعني أنه "لم يعد لديّ شعور بالتفاوت الاجتماعي، لأن الجميع من حولي يشبهونني". وهذا ما يجعل الأماكن التي لا يزال الناس يجتمعون فيها من مختلف الأوساط الاجتماعية أكثر أهمية في ملاعب كرة القدم على سبيل المثال. "الجميع هناك. ليسوا جميعا في نفس الزاوية، ولكن هذا ليس أمرا سيئا لأن الجميع لا يزالون ينظرون إلى نفس الملعب". وتؤكد إنغا غيرتمان أيضا على أننا بحاجة إلى أماكن نلتقي فيها بالناس في حياتنا اليومية ونحتك أحيانا. "إذا لم نتعلم الصراع، فإننا نفقد القدرة على تغيير وجهات النظر والانخراط في حوار اجتماعي حول كيفية رغبتنا الفعلية في العيش معا الآن وفي المستقبل". أو كما تقول كلوديا نيو: "علينا أن نتعلم كيف نتحمل بعضنا البعض مرة أخرى". هناك عوامل تساعد على الشعور بالوحدانية كما يوضح تقرير منظمة الصحة العالمية أيضا. فالحرب أو الفقر أو العنف أو ضربات القدر الشخصية هي عوامل خطر محددة بوضوح. ومع ذلك تقول كلوديا نيو إنه من المهم للغاية أن نتواصل اجتماعيا حيثما استطعنا. حتى لو كان ذلك مجرد "السفر إلى جزء آخر من المدينة والجلوس في مقهى أو ربما تناول الكباب"، كما تقول نيو. وتضيف: "نحن جميعا مجتمع"، ويمكننا جميعا أن نساعد في تقليل شعورنا بالوحدانية. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video أعده للعربية: م.أ.م


DW
٢٠-٠٧-٢٠٢٥
- DW
فرانز فانون ـ مناضل من أجل استقلال الجزائر – DW – 2025/7/20
فرانز فانون سياسي وطبيب نفسي ومفكر مناهض للاستعمار وبطل من أبطال حركة التحرير الجزائرية، وكان"جزءا من التاريخ الجزائري". تصادف يوم 20 تموز/يوليو 2025 ذكرى ميلاده المائة. فمن يكون هذا "البطل" في عيون الكثير من الجزائرين؟ في 20 يوليو/ تموز 2025 كان سيبلغ عمره مائة عام - رجل دافع في وقت مبكر عن استقلال الجزائر: الطبيب النفسي فرانز فانون، الذي يُعدّ شخصًا مهمًا في نضالات تحرير الجزائر واستقلالها، ومنظرًا لإنهاء الاستعمار، ومناضلًا نشطًا في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية. ويُعدّ فرانز فانون بالنسبة للجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال، ولكن دوره خلال حرب التحرير وأعماله تبقى مجهولة إلى حد كبير لدى عامة الناس. وابنته الكبرى هي ميراي فانون منديس فرانس. وفي حوار مع DW قالت: "الكثيرون ممن كانوا يعرفون أنَّني ابنة فرانز فانون، كانوا ينظرون إليّ، كنت طفلة". وهي رئيسة مشاركة لمؤسسة فرانز فانون الدولية، لكنها بالكاد كانت تعرف والدها، ولم تحتفظ إلا بذكريات قليلة من طفولتها عنه. لقد انغمرت خلال فنرة صباها في أعمال والدها الأدبية وشاركت في نضالاته. "هذا تأمل في فهم مفهوم التضامن وما يعنيه في زمن الحرب والمقاومة"، كما قالت الابنة. وأضافت أنَّ والدها قد أوضح أنَّ الكفاح من أجل استقلال الجزائر لا يفيد الجزائر وحدها، بل يتعلق أيضًا بالوحدة الأفريقية: "وهذه الوحدة الأفريقية ما تزال غائبة". أليس شرقي امرأة في التاسعة والثمانين من عمرها، كانت تعرف فرانز فانون جيدًا. تنظر في شقتها الباريسية إلى وثائق قديمة من فترة شبابها خلال حرب الجزائر وتقول متذكرة: "عرفت حينها أنَّ هذا كان استعمارًا". لقد عملت معه في خمسينيات القرن العشرين كطبيبة معاونة في مستشفى الأمراض النفسية في مدينة البليدة الجزائرية. وفي هذا المستشفى لم يكن الطبيب النفسي فرانز فانون يهتم بصفته رئيس قسم برعاية المرضى فقط، بل كان يساعد أيضًا الوطنيين الجزائريين. وحول ذلك قالت أليس شرقي: "كنا نستقبل الجرحى، المقاتلين الذين كانوا يأتون إلى هنا". وأضافت أنَّ فرانز فانون قد أنشأ داخل المستشفى عيادة نهارية كمظهر فقط. ولكنه في الواقع كان يستقبل في السر الجرحى والأشخاص كانوا بحاجة إلى الشفاء. ومنذ بداية حرب التحرير الجزائرية في عام1954، انخرط فرانز فانون في العمل مع الوطنيين الجزائريين، بينما استمر في عمله كطبيب نفسي. وأقام علاقات مع بعض ضباط جيش التحرير الوطني والقيادة السياسية لجبهة التحرير الوطني، وخاصة مع عبان رمضان وبن يوسف بن خدة. وابتداءً منذ عام 1956 التزم التزامًا تامًا بالقضية الجزائرية. وفي هذا الصدد يؤكد المؤرخ أمزات بوكاري يابارا، المختص في الوحدة الأفريقية ومؤلف كتاب "أفريقيا موحدة" الصادر عن دار "لا ديكوفيرتي" الفرنسية، على أهمية الإشارة إلى أنَّ فرانز فانون استقال من عمله كطبيب في خريف عام 1956. "وفي هذا الوقت كان قد أقام اتصالات مع عدد من أعضاء جبهة التحرير الوطني، وذهب لاحقًا إلى تونس، حيث تم تأسيس فرع للجبهة التحرير"، كما يقول يابارا. ويضيف أنَّ فرانز فانون "شارك من تونس في النضال من خلال كتابته لصحيفة جبهة التحرير الوطني 'المجاهد'، وقد رافق الثورة تحت اسم مستعار. وفي أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات، أصبح سفيرًا للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في أكرا، وكان سفيرًا متجولًا لأفريقيا جنوب الصحراء". لقد كتب فرانز فانون، الذي بات يصف نفسه الآن بأنَّه "جزائري"، بعضًا من أكثر النصوص تأثيرًا في الحركة المناهضة للاستعمار، مثل كتابه "معذبو الأرض" الصادر في عام 1961 بمقدمة من جان بول سارتر. وهذا الرجل وُلِد في مستعمرة مارتينيك الفرنسية ونشأ في مجتمع استعماري فرنسي وتأثر تأثيرًا عميقًا بتجاربه: إذ تطوّع في سن السابعة عشرة للحرب من أجل فرنسا. وبصفته رجلًا أسود فقد كان يتعرض يوميًا للعنصرية في الجيش الفرنسي. وبعد الحرب درس الطب والفلسفة في مدينة ليون الفرنسية وأصبح طبيبًا نفسيًا. وبدأ العمل ككبير أطباء في عيادة الطب النفسي في البليدة، في الجزائر الفرنسية، واستقر هناك مع زوجته الفرنسية ماري جوزيف دوبل وابنهما. وهناك ثارت في خمسينيات القرن العشرين انتفاضات بقيادة جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، الذي استخدم القوة العسكرية. وتوفي فرانز فانون بسرطان الدم في واشنطن في 6 أيلول/ديسمبر 1961، عن عمر لم يتجاوز 36 عامًا، ومن دون أن يشهد استقلال الجزائر، الذي ضحى من أجله بكل شيء في سنواته الأخيرة. وهو بالنسبة لكثير من الجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال. وفي حوار مع DW قالت الكاتبة والمحامية أنيسة بومدين، التي كانت سيدة الجزائر الأولى وزوجة الرئيس هواري بومدين، الذي حكم الجزائر من عام 1965 حتى عام 1978، إنَّ: "فرانز فانون هو أيضًا جزء من التاريخ الجزائري. لقد دافع عن الاستقلال. وكان حقًا شخصًا محترمًا للغاية". وقبل 63 عامًا، في 5 تموز/يوليو 1962، حصلت الجزائر على استقلالها بعد كفاح مسلح استمر ثمانية أعوام ضد فرنسا، الدولة الاستعمارية آنذاك. ويُقدّر المؤرخون عدد القتلى الجزائريين بـ 500 ألف، وبحسب وزارة القوات المسلحة الفرنسية فقد قتل نحو 25 ألف جندي فرنسي. وتقديرًا لدعمه في الحرب من أجل استقلال الجزائر وعمله في مجال الطب النفسي، فقد تم إطلاق اسمه على ثلاثة مستشفيات في الجزائر، من بينها مستشفى الطب النفسي في البليدة، الذي كان يعمل فيه. ولكن هذا قليل نظرًا لمكانته، كما يقول أرزقي آيت وازو، وهو ناشط جزائري سابق في حرب الاستقلال، وكان أحد مسؤولي فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا: "في الجزائر، في الجزائر العاصمة، توجد شوارع ومكتبة تحمل اسمه تقديرًا له ولما فعله، وما يُمثّله، لأنَّه رمز لكفاح الشعوب من أجل الحرية والاستقلال. وبالنسبة لنا هو بطل من أبطال حرب التحرير، بطل من أبطال الثورة الجزائرية". وتخليدًا لذكرى فرانز فانون فقد قام الصحفي والكاتب والناشر الجزائري لزهاري لبتر بنشر كتب الناشط المناهض للاستعمار فرانز فانون وترجمها إلى العربية. ولكنه يعتقد أنَّ الشباب لا يعرفون الكثير عن فرانز فانون ودوره خلال الحرب الجزائرية. ويقول إنَّ "الأجيال المعاصرة لم تعد تعرف شيئًا عن تاريخ بلادهم، وخاصة عن هذا الموضوع. واسم فانون بطبيعة الحال لا يعني الكثير للأجيال الشابة، بصرف النظر عن الدوائر الضيقة جدًا والجامعات والمثقفين. وقد يعود ذلك إلى عدم تدريس أعماله في المدارس والجامعات". وبعد مائة عام من ولادته، يبقى فرانز فانون صوتًا مهمًا في النضال من أجل إنهاء الاستعمار. ومؤخرًا أعاد إحياء ذكراه وفكره المناهض للاستعمار فيلمُ "فانون" للمخرج جان كلود بارني في شهر نيسان/أبريل من هذا العام وفيلمُ "فرانز فانون" للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح من عام 2024. أعده للعربية: رائد الباش (ع.ج.م)