logo
مباحثات النووي الإيراني... هل من جديد؟

مباحثات النووي الإيراني... هل من جديد؟

الشرق الأوسط٢١-٠٧-٢٠٢٥
أيام قليلة ولربَّما تبدأ مباحثات بين كلّ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيران، في مكان أو أماكن تبادلية ستُحدّد لاحقاً. الدول الأوروبية الثلاث هدَّدت بعودة العقوبات الدولية على إيران بنهاية أغسطس (آب) المقبل إن لم تبدأ مفاوضات جادة بشأن برنامجها النووي. طهران قبلت مبدئياً اللقاء على مستوى نواب وزراء الخارجية، ليس من أجل التفاوض، وفقاً للخارجية الإيرانية، ولكن لتوضيح المواقف، وأهمها أنَّ الحلول العسكرية لا تفيد، وأنَّه لا بد من تعويض إيران عن الخسائر التي لحقت بها من جراء الهجوم الإسرائيلي والأميركي على منشآتها النووية، وأنَّ التوقف التام عن التخصيب غير وارد في القاموس الإيرانى، مع التأكيد أن برنامجها هو لأغراض سلمية بحتة، ولا نيَّة إيرانية لصنع قنابل نووية، وضرورة رفع العقوبات كاملة وفك التجميد عن الأرصدة المالية الإيرانية، وأن تتوافر ضمانات قوية بعدم تعرض البلاد لهجمات عسكرية مستقبلاً.
في المقابل تركز الرؤية الأوروبية على ضرورة وقف التخصيب تماماً لتأكيد عدم صنع أسلحة نووية، مشيرة إلى أنَّ التخصيب الذي حددته الوكالة الذرية بنسبة 60 في المائة هو أكبر من أي احتياجات سلمية تدعيها طهران، وأنه يشير إلى نية إيرانية ضمنية برفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة، ومن ثم صنع قنبلة نووية. ولا تتضمن الرؤية الأوروبية المعلنة أي إشارة لرفع العقوبات لا سيما الأوروبية عن إيران أو التخفيف منها، وكل ما يتم التلميح إليه هو أن تعود العلاقات التجارية مع إيران تدريجياً مع التيقن من التزام طهران بما يتم الاتفاق عليه.
وتبدو تهديدات الدول الأوروبية الثلاث بالعودة إلى العقوبات الدولية التي قُيدت حين تم التوقيع على الاتفاق الخاص بالنووى الإيراني 2015 وفق قرار مجلس الأمن «2231»، من قبيل الضغط السياسي والدعائي لا أكثر، فتنظيم العقوبات تفعيلاً أو رفعاً جاء بقرار من الأمم المتحدة، والعودة إليها أو تفعيلها يتطلب قراراً أممياً جديداً، وهو أمر يبدو متعذراً نظراً للفيتو الصيني والروسي المتوقع. فضلاً عن أن اتفاق عام 2015 لم يعد محل تطبيق فعلي بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 أثناء إدارة الرئيس دونالد ترمب الأولى. وهنا يبدو السؤال الأهم، ما الذي ستضيفه تلك المباحثات إن عُقدت بالفعل؟ وهل المسألة مجرد عقد مباحثات وتبادل الآراء المتضاربة المعلنة للطرفين، أم أنها ستقود إلى اتفاق جديد ينهي حالة التوتر ويحاصر أي تصعيد عسكري محتمل؟
كثير من الإجابات المحتملة إيجاباً أو سلباً تتوقف على الموقف الأميركي، الذي يحدده الرئيس ترمب في أمرين؛ الأول أنَّ الضربات الجوية المتتالية التي أمر بها يوم 22 يونيو (حزيران) الماضي باسم «عملية مطرقة منتصف الليل»، واسُتخدمت فيها طائرات الشَّبح الأميركية «بي 2» الأكثر تقدماً، وقنابل تدمير الأعماق، قد دمرت المنشآت النووية الإيرانية، خصوصاً منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، ومنشأة نطنز، وموقع أصفهان. ويفهم من هذا التأكيد الذي يصر عليه سيد البيت الأبيض بالرغم من تقييمات الاستخبارات الأميركية الأكثر تحفظاً، أن الإيرانيين فقدوا القدرة على التخصيب أو صنع قنبلة نووية إن لم يكن أبدياً، فعلى الأقل لعدة سنوات طويلة. والأمر الثاني أنه شخصياً ليس متعجلاً في التفاوض مع إيران بالرغم من طلبات طهران باللقاء والتفاوض، وفقاً لتصريحاته الكثيرة.
الموقف الأميركي على هذا النحو يطرح إشكالية سياسية بالنسبة للمفاوضين الأوروبيين من الدول الثلاث، فإن كانت واشنطن غير متعجلة، وترى أنه لا خطر نووياً إيرانياً قبل سنوات طويلة، فما الذي يمكن التوصل إليه من تفاهمات أو اتفاقات؟ وهل سيكون لها طابع ملزم للولايات المتحدة وإسرائيل؟ لا سيما وأن إسرائيل نتنياهو لا تريد إنهاء احتمالات التصعيد العسكري، والاكتفاء بما تم تحقيقه عسكرياً بالفعل، ويطرح رئيس وزرائها احتمال توجيه ضربة عسكرية أخرى ضد إيران حتى لو لم تشارك فيها الولايات المتحدة كما حدث في يونيو الماضي.
في ظني أن الدول الأوروبية الثلاث تدرك هذه الإشكالية جيداً، كما تدرك أيضاً أن هناك معلومات يتم تسريبها بناء على اللقاءات الثلاثة الأخيرة بين الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن ما بين السابع إلى التاسع من يوليو (تموز) الحالي، مفادها تفهّم على الأقل، إن لم يكن تأييداً كاملاً، من قبل ترمب لرغبة الطرف الآخر، باستكمال الضغط العسكري على إيران، وتدمير ما لم يتم تدميره من قدرات نووية، ما يعني احتمال قيام إسرائيل بعملية عسكرية تعيد التوتر إلى المنطقة، وقد تتطور إلى أمور أكبر، خصوصاً وأن إيران تتحدث عن استعدادها لمواجهة أي هجوم إسرائيلي مرتقب، بصواريخ أكثر قوة وأشد تأثيراً، مع تلميحات شبه رسمية بالاستعداد لإغلاق مضيق هرمز.
الإدراك الأوروبي الثلاثي على هذا النحو، يدفع إلى نوع من التحرك الاستباقي، يستهدف تحييد نزعة التصعيد الإسرائيلية التي لا يخفيها نتنياهو ووزراؤه المتطرفون. لكن تظل الحاجة إلى مساندة أميركية للمباحثات مع طهران مسألة أساسية من أجل إنجاحها، أو على الأقل أن تكون بداية لعودة جادة مرة أخرى للمفاوضات الأميركية - الإيرانية بوساطة عمانية أو وفق إطار تفاوضي جديد، وهي المفاوضات التي توقفت مع العدوان الإسرائيلي يوم 13 يونيو الماضي. ولا شك إن توصلت تلك المباحثات الرباعية إلى إطار عمل مقبول وقابل للتطبيق الفعلي، فسوف سيمثل علامة فارقة بين التصعيد العسكري وبين الحلول الدبلوماسية، شريطة أن يعالج القضايا الرئيسة بالقدرات النووية الإيرانية؛ مثل معدل التخصيب المقبول، ومكان التخصيب البديل، وتحديد مصير اليورانيوم المخصب في حدود 60 في المائة، وعودة مفتشي الوكالة الذرية إلى المواقع الإيرانية وفق تفاهمات تراعي الحالة الجديدة التي عليها تلك المواقع بعد استهدافها عسكرياً من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، وتخفيف العقوبات تدريجياً، وتطبيع علاقات إيران مع الغرب إجمالاً وواشنطن تحديداً. وهي شروط لازمة رغم تباعد المسافات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصين تُضيّق الفجوة مع أميركا كأكبر شريك تجاري لألمانيا
الصين تُضيّق الفجوة مع أميركا كأكبر شريك تجاري لألمانيا

الشرق الأوسط

timeمنذ دقيقة واحدة

  • الشرق الأوسط

الصين تُضيّق الفجوة مع أميركا كأكبر شريك تجاري لألمانيا

أظهرت بيانات أولية من مكتب الإحصاء الألماني أن الصين اقتربت من تجاوز الولايات المتحدة بوصفها أكبر شريك تجاري لألمانيا في النصف الأول من عام 2025، حيث انخفضت الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة وسط زيادة الرسوم الجمركية. وبلغ إجمالي الواردات والصادرات الألمانية مع الولايات المتحدة نحو 125 مليار يورو (145 مليار دولار) من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران)، بينما بلغ حجم التجارة مع الصين 122.8 مليار يورو، وفقاً لحسابات «رويترز». وقال فينسنت ستامر، الخبير الاقتصادي في «كومرتس بنك»: «على الرغم من أن الولايات المتحدة تمكنت من الدفاع عن مكانتها بوصفها أهم شريك تجاري لألمانيا، فإن الفارق ضئيل للغاية بين ألمانيا والصين». وتجاوزت الولايات المتحدة الصين بوصفها أكبر شريك تجاري لألمانيا في عام 2024، منهيةً بذلك سلسلةً من ثماني سنواتٍ من هذا التباهي. وجاء هذا التحول في الوقت الذي سعت فيه ألمانيا إلى تقليل اعتمادها على الصين، حيث أشارت برلين إلى خلافاتها السياسية واتهمت بكين بممارساتٍ غير عادلة. ومع ذلك، شهدت ديناميكيات التجارة تحولاً جديداً في عام 2025 مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتجديد الرسوم الجمركية. وقد حددت اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في يوليو (تموز) الرسوم الجمركية بنسبة 15 في المائة على معظم المنتجات. وصرح يورغن ماتيس، رئيس قسم السياسة الاقتصادية الدولية في معهد كولونيا للأبحاث الاقتصادية: «مع مرور العام، من المرجح أن تستمر الخسائر في الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة، بل وتزداد حدتها». وانخفضت الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة بنسبة 3.9 في المائة لتصل إلى 77.6 مليار يورو في النصف الأول مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. ويتوقع «كومرتس بنك» أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة إلى إبطاء صادرات ألمانيا إلى الولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 20 و25 في المائة خلال العامين المقبلين. وصرح ستامر قائلاً: «نتيجةً لذلك؛ من المرجح أن تستعيد الصين صدارة شركاء ألمانيا التجاريين خلال العام». وارتفعت الواردات من الصين بنسبة 10.7 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول، لتصل إلى 81.4 مليار يورو. وقال ستامر: «يبدو أن الشركات والمستهلكين الألمان يجدون صعوبة في استبدال البضائع الصينية». وقال كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، إن هذا الارتفاع قد يشير إلى أن الصين بدأت في إعادة توجيه تجارتها من الولايات المتحدة إلى أوروبا؛ ما أدى إلى إغراق السوق الألمانية والأوروبية بسلع أرخص. وقال ماتيس إن الانخفاض الكبير في قيمة اليوان مقابل اليورو يجعل الواردات الصينية أرخص أيضاً. انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 14.2 في المائة لتصل إلى 41.4 مليار يورو، حيث يعاني المصدرون في ظل تزايد المنافسة من المصنّعين الصينيين. وأدى الانخفاض الحاد في الصادرات إلى الصين، مقترناً بارتفاع الواردات، إلى عجز تجاري قياسي بلغ 40 مليار يورو، وهو ثاني أكبر عجز تجاري بعد عام 2022. وقال ماتيس: «كل هذه التطورات تُلحِق الضرر بالاقتصاد الألماني وتُفاقم الأزمة الصناعية».

ألمانيا توقف الصادرات العسكرية لإسرائيل... وتحث على وقف إطلاق النار بغزة
ألمانيا توقف الصادرات العسكرية لإسرائيل... وتحث على وقف إطلاق النار بغزة

الشرق الأوسط

timeمنذ 31 دقائق

  • الشرق الأوسط

ألمانيا توقف الصادرات العسكرية لإسرائيل... وتحث على وقف إطلاق النار بغزة

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الجمعة، إن الحكومة لن توافق على صادرات أي عتاد عسكري إلى إسرائيل يمكن استخدامها في قطاع غزة حتى إشعار آخر؛ وذلك رداً على خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية هناك. جنود من الجيش الإسرائيلي داخل أحد المنازل خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي) وأضاف ميرتس في بيان أن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والتفاوض على وقف إطلاق النار يتصدران أولويات ألمانيا، معبّراً عن قلقه الشديد إزاء معاناة السكان المدنيين في غزة.

ألمانيا تعلن تعليق أي صادرات عسكرية لإسرائيل يمكن استخدامها في غزة
ألمانيا تعلن تعليق أي صادرات عسكرية لإسرائيل يمكن استخدامها في غزة

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

ألمانيا تعلن تعليق أي صادرات عسكرية لإسرائيل يمكن استخدامها في غزة

أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الجمعة، أن برلين لن توافق على أي صادرات عتاد عسكري إلى إسرائيل يمكن استخدامها في قطاع غزة "حتى إشعار آخر"، وذلك في أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية بـ"فرض السيطرة العسكرية" على غزة. وأعرب المستشار الألماني عن قلقه "البالغ" إزاء استمرار معاناة السكان المدنيين في قطاع غزة، لافتاً إلى أن مفاوضات وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين تمثل أهم الأولويات للحكومة الألمانية. وحث المستشار الألماني الحكومة الإسرائيلية على عدم اتخاذ أي خطوات أخرى نحو ضم الضفة الغربية. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، موافقة مجلس الوزراء الأمني المصغر على فرض السيطرة العسكرية على قطاع غزة. دعوات لفرض عقوبات على تل أبيب وكانت زيمتيي مالر، وهي مشرعة بارزة في ائتلاف المستشار الألماني فريدريش ميرتس، دعت إلى دراسة إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تعليق جزئي لصادرات الأسلحة أو تعليق اتفاق سياسي على مستوى الاتحاد الأوروبي، وذلك وسط ضغوط دولية بشأن مواصلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وكتبت زيمتيي مالر، التي تشغل منصب نائبة زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، رسالة إلى نواب الحزب بعد عودتها من رحلة إلى إسرائيل مع وزير الخارجية يوهان فاديفول الأسبوع الماضي. وقالت في الرسالة، وفق وكالة "رويترز": "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية لن تتحرك كثيراً دون ضغوط.. وإذا لم تطرأ تحسينات ملموسة قريباً، فلا بد من أن تكون هناك عواقب". وأضافت أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا ينبغي أن يكون أمراً يقع في نطاق "المحظورات"، مشيرة إلى أن التصريحات الإسرائيلية التي تفيد بعدم وجود قيود على المساعدات إلى غزة ليست مقنعة. ألمانيا تدعو إلى مفاوضات "حل الدولتين" والأسبوع الماضي، دعت ألمانيا إلى إجراء مفاوضات بشأن "حل الدولتين"، معتبرة أن "حل الدولتين عبر التفاوض" هو "السبيل الوحيد لإحلال السلام بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني". وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "يجب أن يأتي في نهاية مفاوضات حل الدولتين، لكن هذه العملية (المفاوضات) يجب أن تبدأ الآن"، معتبراً أن تزايد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما يشمل دولاً أوروبية عدة، هو نتيجة للتهديدات الصادرة عن عدد من مسؤولي الحكومة الإسرائيلية، في إشارة إلى تهديدات وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو بشأن ضم الضفة الغربية، محذراً من أن برلين سترد على "أي خطوات أحادية الجانب". ويواجه المستشار الألماني ميرتس ضغوطاً متنامية للتراجع عن موقفه الداعم بقوة لإسرائيل، وفتح المجال أمام الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على حكومة نتنياهو، حسبما أوردت مجلة "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية. وكثفت الدول الغربية جهودها للضغط على إسرائيل، إذ أبدت بريطانيا وكندا وفرنسا استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store