logo
هل ينجح تكتل البريكس في صناعة التوازن العالمي؟

هل ينجح تكتل البريكس في صناعة التوازن العالمي؟

ومع تصعيد دونالد ترامب لسياساته الاقتصادية العدائية، في أول 100 يوم له، حتى تجاه الحلفاء، ازداد الاضطراب في الأسواق وفتحت نوافذ لفرص جديدة.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ترسخت أسس نظام عالمي وضع الولايات المتحدة الأميركية في قلب معادلاته السياسية والاقتصادية.
الدولار الأميركي، المهيمن على التجارة العالمية، بات بمثابة شريان الحياة للاقتصادات، بينما كانت واشنطن صاحبة الكلمة الفصل في العديد من الملفات الدولية.
هذا النظام، الذي استمر لعقود، بدأ يشهد تصدعات متزايدة، خصوصًا مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة وتبنيه سياسات اقتصادية غير تقليدية زعزعت استقرار العلاقات التجارية الدولية.
في خضم هذه التحولات، برز تكتل البريكس (BRICS) كقوة اقتصادية صاعدة تسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى العالمية.
هذه المجموعة، التي تضم البرازيل و روسيا و الهند و الصين و جنوب أفريقيا و الإمارات العربية المتحدة و مصر و إيران و إثيوبيا و إندونيسيا ، تمثل ثقلاً اقتصادياً عالمياً لا يمكن تجاهله، بالنظر إلى حجم الدول مجتمعة بالاقتصاد العالمي، علاوة على أنها تضم حوالي 40 بالمئة من سكان العالم، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك دول البريكس حوالي 40 بالمئة من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة وأكثر من 50 بالمئة من احتياطيات الغاز الطبيعي.
لم تعد مهمة البريكس تقتصر على مواجهة تداعيات سياسات ترامب، بل تجاوزت ذلك لتصبح مشروعاً طموحاً لإعادة رسم خريطة الاقتصاد العالمي.. فهل تنجح "البريكس" في تحويل فوضى ترامب إلى فرصة؟ وهل تستطيع التكتلات الصاعدة بناء نظام اقتصاد عالمي أكثر عدلاً؟
أزمات ترامب.. فرصة للآخرين!
لتحليل هذا المشهد المتشابك، تحدث الدكتور ضياء الفقي، عضو لجنة الشؤون الآسيوية واللجنة الاقتصادية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ببرنامج "بزنس مع لبنى"، على قناة "سكاي نيوز عربية"، والذي استهل حديثه حول كيفية استغلال البريكس لتصعيد ترامب في فرض الرسوم الجمركية على حلفائه الأوروبيين وكندا لتعزيز تأثيرها في إعادة تشكيل النظام التجاري الدولي.
ويقول إن "هذه القرارات الاقتصادية في وجود الرئيس دونالد ترامب أثارت ضجة عالمية اقتصادية كبيرة، وهي تعتبر قرارات متشددة إلى درجة بعيدة، وخلقت أزمة أو حالة من عدم اليقين.. وبالتالي الأزمات فرص في مكان آخر.. فما يبدو أزمة من جانب، يبدو فرصة من جانب آخر إذا أحسن استخدام".
وأشار الدكتور الفقي إلى أن "التكتل الاقتصادي المعروف الآن بمجموعة بريكس بلس، يمكن بالفعل أن يستغل هذه الثغرة من القرارات العنيفة والتي طالت حتى الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي ينبئ بأننا سنشهد خلال الخمس سنوات القليلة القادمة تحولا اقتصاديا عالميا كبيرا، ووجود وبزوغ نجم جديد في عالم التكتلات الاقتصادية، التبادل التجاري، الصناعة، السياحة.. ذلك أن دولٌ أعضاء في مجموعة البريكس يمكن بتضامنها معا أن تصنع الكثير".
توسيع التحالفات وتجنب الفوضى
ورداً على سؤال حول ما إذا كان انقسام الغرب بسبب سياسات ترامب سيشكل فرصة للبريكس لتوسيع تحالفاتها أم سيؤدي إلى مزيد من الفوضى على الساحة الاقتصادية العالمية، استبعد الدكتور الفقي سيناريو الفوضى، يقول:
الدول الأوروبية الكبرى تتسم بالعقلانية في قراراتها والحرص على مصالح شعوبها.
الأمر مرشح من خلال المصالح المشتركة أن تضع هذه الدول الأوروبية بعد هذا الوضع الجديد الذي أجبروا عليه، أن يذهبوا إلى مصالحهم المشروعة من خلال تكتل مثل البريكس، خاصة أن البريكس يضم اقتصاد قوي جدا مثل الصين، اقتصاد ضخم وواعد مثل البرازيل، اقتصاد بعيد أيضًا عن القوى التقليدية مثل الهند، ولدينا اقتصادات ناشئة في أفريقيا وآسيا، مصر والإمارات العربية المتحدة وهكذا.
تجمع البريكس هو فرصة للدول الأوروبية والتي ستذهب إلى هذا الاحتمال إلا إذا تراجع الرئيس دونالد ترامب عن هذه الإجراءات الاقتصادية المتعسفة".
تحدي هيمنة الدولار وبناء بدائل مالية
وفيما يتعلق بقوة الدولار وسيطرته على التجارة العالمية، وكيف يمكن للبريكس تحويل المعركة إلى مصلحتها من خلال تعزيز استخدام عملاتها المحلية أو إنشاء آلية مالية بديلة، يوضح الدكتور الفقي أن:
"الدولار لن يختفي، والأفضل أن تكون هناك بدائل بجانب الدولار مثل العملات الوطنية في التبادل، وليكن حتى مبدئيا التبادل الجزئي، حتى لا تصطدم هذه الدول اصطداما مباشرا بالدولار أو بالإدارة الأميركية.
يجب أن يتم هذا الأمر بهدوء وأن يكون جزءا من الأمر التبادل التجاري بالعملات الوطنية، وقد بدأ ذلك بالفعل على استحياء ولكن التوقع أن هذه الدائرة ستتسع لأنها مصالح دول تسعى إلى التنمية وهو حق مشروع لكل دولة".
ويتوقع ظهور "عملات أخرى بجانب الدولار، عملات جيدة وقوية، وقد تظهر عملة للبريكس"، مشيراً إلى تلميحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول هذا الأمر. كما يلفت إلى أهمية "نظام المقايضة، سلع أمام سلع، ولو حتى في إطار المجموعة، سيكون مفيدا للتخفيف على الطلب على الدولار الأميركي الذي ينعش الخزانة الأميركية لكنه يضر بالاقتصادات الأخرى".
وحول ما إذا كانت سياسات دونالد ترامب هي التي تحفز البريكس على إطلاق عملة جديدة أو موحدة أو استخدام عملاتها المحلية، خاصة بعد تهديداته بفرض رسوم بنسبة 100 بالمئة على الدول التي تتخلى عن الدولار، قال الدكتور الفقي إن هذا "سؤال مهم، وتوقيته أكثر أهمية وله دلالة، لأن الرئيس دونالد ترامب أو الإدارة الأميركية كلها تراهن على فكرة الأمن الوقائي، أي تتقي الأمر أو تتحوط وقائياً، ولذلك جاء هذا التصريح المتشدد، وكأنه مبطن بالتهديد، حتى تتراجع دول مجموعة البريكس إذا كان لديها الحافز والحماس، إذا اقترب الأمر أنها تتراجع وتفكر مليا".
ويشير إلى أن "الأمر سيخضع إلى مفاوضات سياسية وإلى ضغوط أيضا سياسية من الولايات المتحدة الأميركية، وقد تستخدم أوراق أخرى خاصة وأن التفاوض الجديد كل طرف فيه يرفع سقف التفاوض حتى إذا ما تنازل في التفاوض يكون ما زال في المساحة الآمنة التي يطلبها".
ويتابع: "بالتالي قد يكون هذا التهديد حتى لا تراهن كثيرا دول مجموعة البريكس على تلك الطموحات.. ولكن مصالح الدول ومستقبل الدول الاقتصادي لا يكون رهنا بتصريحات.. كما أن الإدارة الأميركية الحالية كثيرًا ما تعود في قراراتها حينما لا تجد لها صدى.. وأتوقع أن مجموعة البريكس ستذهب بعيدا وهي من أقوى الاقتصادات والتكتلات الاقتصادية في العالم".
البريكس وصناعة التوازن العالمي
وحول ما إذا كانت البريكس، في ظل الدور المحوري للصين فيها، تعتبر قوة صاعدة يمكنها تهديد الهيمنة الأميركية أم أنها ستتحول إلى مجرد استبدال قوة عالمية بأخرى، أجاب الدكتور ضياء الفقي، عضو لجنة الشؤون الآسيوية واللجنة الاقتصادية في المجلس المصري للشؤون الخارجية:
أعتقد بأنها ستصنع التوازن.. مجموعة البريكس ومثلها من التكتلات الاقتصادية المتزنة العاقلة لا تسعى إلى الهيمنة. هي مجموعة ليست سياسية ولا تطلب الهيمنة منذ أن أسست، بل تريد أن تصنع لنفسها مكانا تحت الشمس.
الدولار سيظل ولكن ليس بذات المكانة وليس بذات القيمة، ولن يكون هناك تبديل هيمنة بهيمنة.
من يقرأ الشخصية الصينية بحياد يرى أنها لا تريد أن تسيطر.. مجموعة البريكس كلها لا تريد أن تسيطر وهي ليست مجموعة للهيمنة ولكنها مجموعة اقتصادية بامتياز تسعى إلى مصالح شعوبها الذين يتجاوزوا 40 بالمئة من سكان الأرض.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«أنا مستاء مما يفعله».. ترامب ينتقد بوتين ويهدد بالعقوبات
«أنا مستاء مما يفعله».. ترامب ينتقد بوتين ويهدد بالعقوبات

العين الإخبارية

timeمنذ 42 دقائق

  • العين الإخبارية

«أنا مستاء مما يفعله».. ترامب ينتقد بوتين ويهدد بالعقوبات

في تطور لافت، انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، بشدة، معربا عن "استيائه" منه عقب هجوم روسي بعدد قياسي من الطائرات المسيرة على أوكرانيا أسفر عن مقتل 13 شخصا. ورغم أن ترامب دائما ما كان يبدي إعجابه ببوتين، إلا أنه أظهر في الأسابيع الأخيرة إحباطا متزايدا تجاه موقف موسكو خلال مفاوضات الهدنة مع كييف التي وصلت إلى "طريق مسدود". وقال ترامب للصحفيين على مدرج مطار موريستاون في نيوجيرسي قبل صعوده إلى الطائرة الرئاسية "أنا مستاء مما يفعله بوتين. إنه يقتل الكثير من الناس، ولا أعرف ما الذي أصابه". وأضاف "أعرفه منذ زمن طويل. ودائما ما كنت على وفاق معه، لكنه يطلق الصواريخ على المدن ويقتل الناس، وهذا لا يعجبني إطلاقا". وجاءت الهجمات الروسية على أوكرانيا بينما أنهى البلدان أكبر عملية تبادل للأسرى منذ بدء الحرب في فبراير/شباط 2022. ومن بين قتلى الهجمات الروسية على أوكرانيا بالطائرات والصواريخ طفلان يبلغان 8 و12 عاما وفتى يبلغ 17 عاما في منطقة جيتومير شمال غرب أوكرانيا، بحسب ما أعلن مسؤولون. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد "بدون ضغط قوي على القيادة الروسية لا يمكن وقف هذه الوحشية. العقوبات ستساعد بالتأكيد". وفي رد على سؤال بشأن العقوبات، قال ترامب إنه "قطعا" يفكر في زيادة العقوبات الأمريكية على روسيا ردا على أعمال العنف الأخيرة. وأضاف ترامب "إنه يقتل الكثير من الناس. لا أعرف ما خطبه. وما الذي حدث له بحق الجحيم، أليس كذلك؟ إنه يقتل الكثير من الناس. لست سعيدا بذلك". ويتناقض هذا التصريح مع شهادة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمام الكونغرس في وقت سابق من هذا الأسبوع، عندما قال إن ترامب يعتقد أن "الروس سيوقفون المحادثات" في حال هددهم الآن بفرض عقوبات. وأجرى ترامب وبوتين مكالمة هاتفية استمرت ساعتين الإثنين، وبعدها أعلن الرئيس الأمريكي إن موسكو وكييف "ستبدآن على الفور مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار". ولم يقدم بوتين أي التزام بوقف الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات لأوكرانيا، ولم يكشف إلا عن اقتراح بتقديم "مذكرة" تحدد مطالب موسكو للسلام. aXA6IDMxLjU4LjI3LjE4MiA= جزيرة ام اند امز GB

يديعوت أحرونوت: محادثات واشنطن مع ممثلي حماس مستمرة
يديعوت أحرونوت: محادثات واشنطن مع ممثلي حماس مستمرة

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

يديعوت أحرونوت: محادثات واشنطن مع ممثلي حماس مستمرة

وأوضحت الصحيفة: "في إسرائيل يُقدّرون أن الضغط العسكري على حماس بدأ يؤتي ثماره، لكنه غير كافٍ حتى الآن". وفي الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات الإسرائيلية لتكثيف العملية العسكرية وتوسيع سيطرة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، جاءت الرسالة من الجانب الأميركي: "تريثوا، لا تُسرعوا باجتياح كامل للقطاع"، بحسب الصحيفة. وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه الرسالة تعكس التوتر المتزايد بين تل أبيب وواشنطن، حيث تحاول الأخيرة دفع الطرفين إلى تسوية سياسية ووقف فوري لإطلاق النار، بينما ترى إسرائيل أن حماس لم تصل بعد إلى مرحلة الانهيار الكامل التي تُعد شرطًا لإبرام اتفاق بشروطها". ورغم أن الاتصالات بشأن الصفقة متعثرة إلى حد كبير، إلا أنها مستمرة طوال الوقت في جهاز الأمن والمستوى السياسي في إسرائيل يُقدّرون أن الضغط العسكري بدأ يُؤتي ثماره بالفعل، لكن في هذه المرحلة "غير كافٍ"، بحسب مصادر إسرائيلية. ولذلك، تُقدّر هذه المصادر أنه من المرجّح أن نشهد "تصعيدًا في العملية العسكرية" قريبًا. ومساء الأحد، يعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعا أمنيا بمشاركة كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، في ظل التوتر القائم بينهم، وفي وقت تمارس فيه واشنطن ضغوطًا على إسرائيل. ولم يوقف الجانب الأميركي فعليًا اتصالاته المباشرة مع حركة حماس، والتي لا تزال مستمرة خلف الكواليس. وفي هذه الأثناء، يطلب الأميركيون من إسرائيل: "أعطونا مزيدًا من الوقت قبل أن تُتموا السيطرة على قطاع غزة" ووفقًا لمسؤولين في الجيش الإسرائيلي، تسيطر إسرائيل بالفعل على حوالي 40 بالمئة من مساحة قطاع غزة وتخطط للسيطرة على 75 بالمئة، أي إضافة 35 بالمئة أخرى خلال شهرين. يذكر أن المسؤول الأميركي المتواصل مع الوسطاء هو المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف. وفي الوقت نفسه، تستمر أطراف أخرى في واشنطن في إجراء المحادثات مع حماس عبر قنواتهم الخاصة، بوساطة رجل الأعمال الأميركي الفلسطيني بشارة بحبح. ووفقًا لمسؤول رفيع في الجيش الإسرائيلي، إسرائيل تتجه نحو حسم الأمور، لأن "ليس بإمكانها السماح ببقاء حماس في غزة". وأضاف أن حماس نجحت في تصنيع مئات الصواريخ قصيرة المدى، وعشرات الصواريخ متوسطة المدى. وعند سؤاله كيف ستبدو عملية الحسم ضد حماس، أوضح أن الخطوات التالية هي تدمير الجناح العسكري، ضرب القدرات الحكومية، احتلال الأراضي والسيطرة عليها، وإدارة المساعدات الإنسانية مع قطعها عن حماس.

واشنطن وأوروبا.. حرب تجارية
واشنطن وأوروبا.. حرب تجارية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

واشنطن وأوروبا.. حرب تجارية

لا تزال تهديدات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية عقابية بنسبة خمسين في المائة على الواردات من أوروبا اعتبارا من الأول من يونيو المقبل، لا تزال تلقى صدى واسعا وانتقادات كبيرة لدى الأوروبيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store