logo
حري ببريطانيا عدم السخرية من الاتفاق التجاري بين ترمب وأوروبا

حري ببريطانيا عدم السخرية من الاتفاق التجاري بين ترمب وأوروبا

Independent عربيةمنذ 16 ساعات
في عالم مليء بخاسرين جراء حروب الرسوم الجمركية والتجارة التي يشنها دونالد ترمب، هل من رابح في اتفاقه التجاري الأخير الذي أبرم وختم بمصافحة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في قاعة احتفالات بأحد ملاعب الغولف التي يمتلكها الرئيس الأميركي في اسكتلندا؟
لا شك أن أحد الخاسرين المحققين هو فون دير لاين نفسها. إن احتكمنا إلى لغة الجسد، فقد بدت كضحية تعرضت لتنمر من الرجل البرتقالي الكبير - وللحقيقة، هذا ما حدث. في تصريحاتها الشخصية المختصرة، اعترفت بأن تخفيض الرسوم الجمركية إلى 15 في المئة أمر "لا يستهان به"، لكنه "أفضل ما أمكننا الحصول عليه".
أما إيمانويل ماكرون، فقد صرح بأن الاتفاق الأميركي الأوروبي "يوم قاتم" بالنسبة إلى أوروبا - ويمكننا أن نتفهم سبب قوله هذا. فالتعريفة الجمركية العامة التي استقرت عند نسبة 15 في المئة - وإن كانت أفضل من 20 في المئة التي طرحها ترمب خلال "يوم التحرير" سيئ الذكر الذي احتفل به في أبريل (نيسان) وأفضل بكثير من نسبة 30 في المئة التي كان يهدد بفرضها منذ فترة قصيرة - ما زالت باهظة. ولا شك أنها أعلى بكثير من نسبة 2 إلى 3 في المئة الذي كان يواجهها المصدرون من الاتحاد الأوروبي.
صحيح أنه جرى تفادي اندلاع حرب تجارية، لكن هذا الاتفاق أقرب شكلاً إلى ذلك الذي فرضه الأميركيون على دول مثل فيتنام أو إندونيسيا، ولذلك فهو يحمل بعض الإذلال للاتحاد الأوروبي العظيم، تلك القوة التجارية العالمية العظمى.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا بد أن التفكير السائد في بعض أنحاء أوروبا هو أنه لو تحلت فون دير لاين بصرامة أكبر، مثل الصينيين، كان بالإمكان التوصل إلى علاقة أكثر توازناً وأفضل في النهاية. لكننا لن نعرف أبداً مدى صحة هذا الكلام.
يعد الاتفاق مخيباً للآمال وتترتب عليه كلفة باهظة، سواء على صعيد كبرياء أوروبا، أو على صعيد أهم الهواجس الصناعية التي تسود القارة - وقد عبرت مجموعة "فولكسفاغن"، من بين شركات أخرى، عن ذلك علناً، لكنه جيد بالنسبة إلى المستهلكين الأوروبيين. فسيكون بمقدورهم التمتع بأسعار منخفضة على الواردات الأميركية، فيما سيدفع المستهلكون الأميركيون مبالغ أعلى لشراء نبيذهم الفرنسي وسياراتهم الرياضية الإيطالية.
هل يكون الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي - الذي روج له ترمب على أنه "أكبر اتفاق على الإطلاق"، والذي يعد أكبر "المكاسب" فيه هو إزالة خطر رفع الرسوم الجمركية إلى 30 في المئة في وقت لاحق من هذا الأسبوع - أسوأ بقليل من الاتفاق الذي أبرمه كير ستارمر مع ترمب في مايو (أيار)؟
خفض الاتفاق التجاري مع بريطانيا التعريفة الجمركية على الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة إلى 10 في المئة، وفرض رسوماً أقل، قيمتها 25 في المئة، على صناعة الصلب البريطانية فاتحاً المجال لمزيد من المساومة أكثر، فيما سيبقى "المعدل العالمي" الذي يساوي 50 في المئة مفروضاً على الاتحاد الأوروبي.
لكن بالنسبة إلى المحتفين بهذه النقطة باعتبارها عائداً نادراً من "بريكست"، فهذا فرح كاذب. لأن التنازلات التي حصلت عليها بريطانيا ضئيلة لدرجة أنها غير قادرة على التعويض عن الخسائر التي تكبدناها منذ "بريكست" - وهي خسائر تساوي قيمتها أكثر من 5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ولم نصل بر الأمان بعد أبداً. أثناء لقائه الرئيس الأميركي للتعمق في المحادثات التجارية في ملعب ترمب للغولف في تيرنبيري، لا شك أن ستارمر سيكون مدركاً جداً لتقلبات مزاج نظيره. حقق ستارمر أقصى استفادة ممكنة من التنازلات المتواضعة التي تمكن من الحصول عليها، ولا سيما تلك المتعلقة بالسيارات والمعايير الغذائية، لكن لا تزال هناك نقاط كثيرة غامضة وغير محسومة. ويكمن أكبر خطر في أن يؤدي التزام المملكة المتحدة بتحسين البيئة التجارية لشركات صناعات الأدوية الأميركية إلى زيادة ضخمة في فواتير الأدوية المفروضة على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وهي زيادة تفوق إمكاناتها.
استثنى ترمب إجمالاً قطاع الخدمات برمته من اتفاقه مع المملكة المتحدة، وهو قطاع يحقق فيه البريطانيون فائضاً، وهذا أمر عظيم إلى أن يقرر خلاف ذلك. فليس في هذا المجال أي قواعد ملزمة قانوناً.
ما زال اقتصاد العالم مترابطاً بصورة كبيرة، ومع أن العولمة تنحسر بعض الشيء، إلا أنه يمكن لها أن تنتهي منطقياً، وهذه نقطة يحاول إيلون ماسك نفسه طرحها. كل الحواجز التجارية تؤذي البلد الذي يفرضها إما بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، من خلال تأثيرها السلبي في النمو العالمي. تفرض كلفة أعلى على المستهلكين، وتؤثر بصورة غير متكافئة على الفئات ذات الدخل المنخفض، وترغم الشركات على دفع مبالغ أعلى لقاء الاستيراد، مما يقلل من كفاءتها، فيما تواجه المنافسة والتغيير الهيكلي الديناميكي عرقلة متعمدة.
بعيداً من تفاصيل الاتفاقات الفردية التي تحاول الدول إبرامها مع بعضها بعضاً، ستزيدنا الرسوم الجمركية فقراً على المدى البعيد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«الفيدرالي» يتحدى ترمب... تثبيت الفائدة اليوم رغم الانقسامات الداخلية
«الفيدرالي» يتحدى ترمب... تثبيت الفائدة اليوم رغم الانقسامات الداخلية

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

«الفيدرالي» يتحدى ترمب... تثبيت الفائدة اليوم رغم الانقسامات الداخلية

من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على أسعار الفائدة دون تغيير اليوم الأربعاء، وسط انقسامات داخلية بشأن مسار السياسة النقدية. وتأتي هذه التوقعات في ظل ضغوط متزايدة من الرئيس ترمب ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض على البنك المركزي. يترقب المستثمرون ما إذا كان محافظان في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» سيختاران المعارضة، وهو ما سيكون سابقة لم تحدث منذ أكثر من ثلاثة عقود. فقد سبق لكل من المحافظين كريستوفر والر وميشيل بومان أن دافعا علناً عن ضرورة خفض أسعار الفائدة في اجتماع اليوم. ترمب يلقي كلمةً إلى جانب السيناتور تيم سكوت أثناء جولتهما في مشروع تجديد مقر «الاحتياطي الفيدرالي» (أ.ف.ب) يعتقد مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في «جي بي مورغان»، أن المحافظ والر سيعارض القرار، بينما يرى أن موقف بومان أقرب إلى المعارضة. أضاف: «نشك في أنها ستنضم إليه وتعترض بطريقة تصالحية». من جهته، قال ويلمر ستيث، مدير محفظة السندات في «ويلمنغتون تراست»، إنه من المرجح أن تكون هناك معارضة واحدة وليس اثنتين. وأشار إلى أن ذلك «في نهاية المطاف لا يغير حقيقة أن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية سيبقى دون تغيير وأنهم سيكونون صبورين. هذه هي الرواية السائدة»، وفق موقع «ياهو فايناناس». وهذا يثير سؤالاً مهماً آخر للمستثمرين: هل سيقدم رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، أي إشارة خلال مؤتمره الصحافي اليوم إلى أنه قد يكون منفتحاً على خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول)؟ يتوقع المتعاملون حالياً أن يقوم البنك المركزي بأول خفض لأسعار الفائدة في عام 2025 خلال اجتماعه يومي 16 و17 سبتمبر. يرى ستيث أن باول قد يُقدم بعض التعليقات التي تمهد الطريق لاحتمال التحرك في سبتمبر، وذلك بعد أشهر من الانتقادات المستمرة من ترمب ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض. ويشير إلى أن الانتقادات الأخيرة التي تتعلق بتجاوز تكاليف تجديد مقر البنك المركزي بقيمة 2.5 مليار دولار قد تلعب دوراً في قرارات باول. ترمب ينزل الدرج أثناء زيارته لمبنى «الاحتياطي الفيدرالي» خلال أعمال التجديد (أ.ب) وقال ستيث: «بالنظر إلى تجاوز التكاليف في (مقر الاحتياطي الفيدرالي)، والانتقادات المستمرة من الإدارة، أعتقد أن هذا يؤثر على نفسية باول. لذا، من المرجح أن يفتح السياسي الباب قليلاً. بينما كان الباب مغلقاً دائماً من قبل». وقد دافع باول عن مشروع التجديد، بينما أصرّ لأشهر على أن هناك حاجة لمزيد من الوقت لتقييم كيفية تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس على مسار التضخم. ويتفق العديد من زملائه في السياسة النقدية مع هذا الموقف، مشيرين إلى أن التضخم لا يزال فوق المستهدف، والمخاطر التضخمية لا تزال قائمة، وسوق العمل قريب من التوظيف الكامل. باول يتحقق من صحة أرقام ذكرها ترمب في وثيقة خلال جولة في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» (رويترز) على الجانب الآخر، كان المحافظ كريستوفر والر صريحاً منذ اجتماع يونيو (حزيران) الماضي، حيث أشار إلى أن الرسوم الجمركية تسبب ارتفاعاً لمرة واحدة في الأسعار، مما يسمح للبنك المركزي بـ«تجاهلها» والتركيز على جانب التوظيف في مهمته المزدوجة. وأعرب والر عن قلقه من أن نمو وظائف القطاع الخاص يقترب من «سرعة التوقف»، وتشير بيانات أخرى إلى تزايد مخاطر تدهور سوق العمل. أما المحافظة ميشيل بومان فتستند في دعوتها لخفض الفائدة إلى أن التضخم قد انخفض أو جاء أقل من التوقعات في الأشهر الأخيرة، وأن سياسة التجارة لن يكون لها سوى «تأثيرات ضئيلة» على التضخم. كما أشارت إلى مخاوفها بشأن مخاطر تدهور التوظيف بسبب علامات الهشاشة في سوق العمل. وتُمثل دعوة بومان لخفض الفائدة تحولاً في آرائها منذ الخريف الماضي، عندما عارضت خفضاً كبيراً للفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر 2024، بسبب مخاوفها من أن التضخم لم يكن تحت السيطرة بعد. آخر مرة اعترض فيها محافظان في نفس الاجتماع كانت في ديسمبر (كانون الأول) 1993 تحت رئاسة آلان جرينسبان، عندما عارض المحافظان واين أنجيل ولورانس ليندسي السياسة النقدية الفضفاضة للبنك المركزي وفضلا رفع أسعار الفائدة. من بين 61 اجتماعاً ترأسه باول، كانت هناك 16 حالة معارضة، منها 14 من رؤساء البنوك الإقليمية واثنتان من محافظي مجلس «الاحتياطي الفيدرالي». ورغم أي معارضات محتملة اليوم، يتوقع معظم مراقبي «الاحتياطي الفيدرالي» أن يدافع باول عن موقف البنك المركزي «الصابر» حتى الآن في عام 2025. وقال كريستيان هوفمان، من «ثورنبورغ إنفستمنت مانجمنت»: «لن يفعل (الاحتياطي الفيدرالي) شيئاً، وأعتقد أن باول سيواصل التمسك بموقفه، وبصراحة، لديه أساس متين يقف عليه».

اتفاق أوروبا وأميركا يصطدم بالتطبيق فماذا يقول المحللون؟
اتفاق أوروبا وأميركا يصطدم بالتطبيق فماذا يقول المحللون؟

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

اتفاق أوروبا وأميركا يصطدم بالتطبيق فماذا يقول المحللون؟

يشكك خبراء الطاقة والاقتصاديون والمحللون في إمكان تحقيق ما أعلن ضمن الاتفاق الأميركي الأوروبي في شأن التجارة، في ما يخص زيادة واردات الطاقة الأوروبية من أميركا بنحو ثلاثة أضعاف. فبكل معايير السوق وتوجهات سوق الطاقة الأوروبية لا يمكن للدول الأوروبية استيعاب تلك الزيادة، فضلاً عن أن الإنتاج الأميركي لن يكون كافياً لتصدير تلك الكميات، في ظل تراجع إنتاج النفط الصخري وجمود أو انخفاض إنتاج المشتقات البترولية المكررة. أضف إلى ذلك أن أوروبا تعمل على زيادة نصيب الطاقة المتجددة في استهلاكها من الطاقة على حساب الوقود الأحفوري الذي تعهدت بزيادة استيراده من أميركا، كما أن المصافي الأوروبية تفضل أنواع نفط أخرى غير النفط الأميركي الخفيف، مثل خام الأورال الروسي أو خامات من الشرق الأوسط. في مقابل خفض التعريفة الجمركية على الصادرات الأوروبية لأميركا من 30 في المئة، التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، إلى 15 في المئة، تعهدت أوروبا بشراء منتجات طاقة أميركية بنحو 750 مليار دولار في السنوات الثلاث المقبلة، ذلك بحسب الاتفاق الذي لم تعلن تفاصيله بعد وينتظر الكشف عنها في الأيام المقبلة. يعني ذلك أن تصل قيمة واردات أوروبا من النفط والغاز وتكنولوجيا الطاقة النووية الأميركية إلى 250 مليار دولار سنوياً، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة وارداتها الحالية التي لا تصل إلى 80 مليار دولار سنوياً. أما المشكلة الأكبر فهي أن المفوضية الأوروبية لا تملك فرض أية سياسات استيراد طاقة على القطاع الذي غالبه شركات خاصة تتخذ إداراتها القرارات بما يحمي مصالح المساهمين فيها، بغض النظر عن أية سياسات رسمية. هل وعد الأوروبيون ترمب لتمرير خفض التعريفة؟ بعد يوم من إعلان الرئيس الأميركي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إثر لقائهما في اسكتلندا، التوصل إلى أسس اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريراً عن وعد زيادة واردات أوروبا من الطاقة الأميركية، واصفة الوعد بأنه "كلام في الهواء"، والتعبير هو خلاصة آراء الخبراء والمحللين الذين تحدثت إليهم الصحيفة. جاء "الوعد" الأوروبي في مقابل خفض ترمب نسبة التعريفة الجمركية على الصادرات الأوروبية إلى بلاده من 30 في المئة، التي أعلنها سابقاً، إلى نسبة 15 في المئة. ومع أن الاتفاق الذي سيعلن قبل موعد الـ12 من أغسطس (آب) المقبل المحدد لبدء فرض رسوم التعريفة الجمركية المتبادلة على شركاء أميركا التجاريين سيتضمن بنوداً أخرى، إلا أن أهم مقايضة فيه كانت خفض التعريفة الجمركية الأميركية في مقابل وعد بزيادة واردات الطاقة الأوروبية من أميركا. وعن ذلك، يقول مدير شركة "كلير فيو انرجي" للاستشارات، ومقرها واشنطن كيفن بوك، إن "تجربة فترة الرئاسة السابقة باتفاق المرحلة الأولى مع الصين وفر سابقة مهمة لوعد الاتحاد الأوروبي باستيراد طاقة بنحو 750 مليار دولار، وتلك إشارة إلى أن كثيراً مما يعلنه الرئيس ترمب لا يتحقق على أرض الواقع". تضمن اتفاق إدارة التجارة مع الصين في مرحلته الأولى، الذي وقعته إدارة ترمب السابقة في عام 2020 مع بكين، أن يزيد الصينيون وارداتهم من الولايات المتحدة بمقدار 200 مليار دولار، ولم يحدث ذلك مطلقاً، فضلاً عن أن كثيراً من الوعود بمئات مليارات الدولارات التي ستأتي إلى أميركا من الشرق الأوسط وغيره من المناطق لم يتحقق منها إلا النزر اليسير. كما فعل اليابانيون أمراً مماثلاً قبل أيام للتوصل إلى اتفاق خفض التعريفة الجمركية مع إدارة ترمب، فقد وعدوا باستثمار 550 مليار دولار في الولايات المتحدة في السنوات المقبلة، وكان الرقم كافياً ليعلن الرئيس الأميركي انتصاراً تجارياً، على رغم أن الوعد الياباني يظل مجرد "وعد" ليس أكثر، والواضح أن الأوروبيين فعلوا الشيء نفسه بوعد زيادة وارداتهم من الطاقة. لماذا يصعب تحقيق زيادة واردات الطاقة؟ وبحسب بيانات وأرقام مركز الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، استوردت دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي 2024 نحو 435.7 مليار دولار من أنواع الطاقة المختلفة، ومن بين تلك الواردات كان حجم ما استوردته أوروبا من الوقود الأحفوري (الغاز المسال والنفط ومشتقاته) من الولايات المتحدة لا تزيد قيمته على 75 مليار دولار، أما البقية فمن مصادر أخرى، منها روسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وغيرها. ولكي تفي أوروبا بالوعد الذي تضمنه إعلان الاتفاق التجاري مع ترمب "يتطلب ذلك أن تستورد أوروبا كميات أكبر بكثير من الغاز والنفط من الولايات المتحدة بدلاً من الموردين الآخرين للقارة أيضاً، مع افتراض استمرار ارتفاع أسعار الغاز والنفط كي تصل إلى مستهدف واردات بقيمة 250 مليار دولار سنوياً"، كما تقول المحللة في مركز سياسات الطاقة الدولية بجامعة كولومبيا صوفي كوربو. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إلا أن ذلك لا يبدو وارداً، على رغم التفاؤل الذي ساد قطاع الطاقة، خصوصاً الشركات الأميركية، فور إعلان ترمب وفون دير لاين، وهو التفاؤل الذي تراجع بسرعة منعكساً في استقرار أسعار أسهم شركات الطاقة التي ارتفعت لفترة. ويقول بيل فارين برايس من معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة إنه "يصعب تصور أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من مضاعفة قيمة واردات الطاقة من الولايات المتحدة نحو خمسة أضعاف، في وقت تتجه فيه نحو مصادر الطاقة المتجددة". ويضيف رئيس أبحاث الغاز في المعهد أن "الطلب الأوروبي على الغاز بطيء النمو وأسعار الطاقة تنخفض، ثم في النهاية الشركات الخاصة هي التي تتعاقد على استيراد الطاقة وليست الدول، سواء أحببنا ذلك أم لا، فان توربينات الرياح هي التي تكسب سباق الطاقة في أوروبا". ما قدرة أميركا على زيادة الصادرات بقوة؟ وبحسب تقرير لشركة "غلوبال كوموديتي انسايتس"، التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني، فإن النفط يشكل 55 في المئة من واردات الطاقة الأوروبية من أميركا، بينما تشكل المشتقات المكررة نسبة 14 في المئة. ويقول تقرير آخر من شركة "بلاتس" لمعلومات واستشارات الطاقة إن صناعة الغاز المسال الأميركية ربما تستفيد قليلاً من زيادة الواردات الأوروبية، لكن تحقيق الهدف المعلن لزيادة واردات الطاقة "غير قابل للتحقيق". طبقاً لبيانات شركة "كوموديتيز آت سي"، فإن دول الاتحاد الأوروبي استوردت في العامين الماضيين 2023 و2024 نفطاً أميركياً بمعدل 1.9 مليون برميل يومياً في المتوسط، شكلت خمس (نسبة 20 في المئة) واردات النفط الأوروبية من الخارج. وحتى بفرض قدرة المفوضية الأوروبية أن تضغط على الشركات الخاصة، وهو أمر غير وارد في الغالب، لشراء النفط الأميركي بدلاً من نفوط أخرى فإن الإنتاج الأميركي ربما لا يمكنه تلبية الزيادة في الاستيراد الأوروبي. فقد وصلت طاقة التصدير الأميركية إلى حدها الأقصى في فبراير (شباط) 2023، حين بلغت صادرت النفط 5.63 مليون برميل يومياً، بحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وبدأ منحنى التصدير في النزول منذ ذلك الحين، ومع تراجع إنتاج النفط الصخري المستمر قد لا تتمكن الشركات الأميركية من العودة لهذا المستوى من الصادرات. حتى إذا ارادت الولايات المتحدة زيادة صادراتها من خام النفط إلى دول أوروبا، فإن قطاع التكرير الأوروبي أصلاً في منحى انكماش، كما يشير إليه تقرير "غلوبال". ولم يعد الطلب على النفط في أوروبا يشهد نمواً مع سلسلة من إغلاق مصافي التكرير، ويتوقع أن يستمر إغلاق مصافي التكرير في أوروبا وأميركا الشمالية في السنوات المقبلة، مما يقلل الطلب على النفط أكثر.

ما المتوقع من أرقام النمو الاقتصادي الأميركي في الربع الثاني؟
ما المتوقع من أرقام النمو الاقتصادي الأميركي في الربع الثاني؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ما المتوقع من أرقام النمو الاقتصادي الأميركي في الربع الثاني؟

من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي الأميركي قد انتعش في الربع الثاني من العام، مع انخفاض تدفق الواردات. إلا أن هذا الانتعاش قد يكون مبالغاً فيه، نظراً إلى النمو المعتدل في الإنفاق الاستهلاكي، وتباطؤ الاستثمار في المعدات. وتتوقع وزارة التجارة الأميركية أن يكون تقرير الناتج المحلي الإجمالي قد تأثر بشكل كبير بالتجارة، وهو ما حدث بالفعل في الربع الأول، عندما انكمش الناتج المحلي الإجمالي لأول مرة منذ ثلاث سنوات. ويرى الاقتصاديون أن السياسات التجارية الحمائية للرئيس دونالد ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية على الواردات، جعلت من الصعب فهم الوضع الحقيقي للاقتصاد. يدعو الخبراء إلى التركيز على «المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص» بوصفها معياراً حقيقياً للنمو الاقتصادي الأميركي؛ حيث يتوقع أن تكون قد تباطأت وتيرتها مقارنة بالربع الأول. وفي هذا الصدد، قال كبير الاقتصاديين الأميركيين في «سانتاندير يو إس كابيتال ماركتس»، ستيفن ستانلي: «للربع الثاني على التوالي، لن تقدم أرقام الناتج المحلي الإجمالي الرئيسية صورة دقيقة للوضع الأساسي. لقد انتشرت الآثار المضاعفة لاستراتيجية الرسوم الجمركية غير المتوقعة لإدارة ترمب على نطاق واسع في جميع أنحاء الاقتصاد، وكان تأثيرها الأساسي هو خلق حالة من الحذر لدى الشركات». ووفقاً لاستطلاع أجرته وكالة «رويترز» بين الاقتصاديين، من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع بمعدل سنوي قدره 2.4 في المائة في الربع الماضي، بعد انكماش بنسبة 0.5 في المائة في الربع الأول. ومن المتوقع أيضاً أن يتجاوز حجم الاقتصاد 30 تريليون دولار لأول مرة. على الرغم من أن الاستطلاع لم يأخذ في الحسبان البيانات التي أظهرت انكماش العجز التجاري للسلع في يونيو (حزيران)، وارتفاع المخزونات بشكل طفيف، فإن الاقتصاديين حدّثوا تقديراتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي، ليصل إلى 3.3 في المائة. في الربع الأول، أثرت التجارة سلباً في الناتج المحلي الإجمالي بـ4.61 نقطة مئوية. ومع أنه من المتوقع أن ينعكس هذا التأثير فإن جزءاً من هذه الزيادة قد يقابله انخفاض في المخزونات. ويقدّر الاقتصاديون أن الاقتصاد نما بأقل من 1.5 في المائة خلال النصف الأول من العام، ويتوقعون أن يكون النصف الثاني باهتاً، مما سيحد من النمو الكامل للعام عند 1.5 في المائة أو أقل، وهو تباطؤ حاد عن نسبة 2.8 في المائة المسجلة في عام 2024. وعلى الرغم من إعلان البيت الأبيض عدداً من الاتفاقيات التجارية فإن معدل الرسوم الجمركية الفعلي في البلاد لا يزال من بين الأعلى منذ ثلاثينات القرن الماضي؛ حيث لا تزال نحو 60 في المائة من واردات البلاد غير مغطاة باتفاق. قال كبير الاقتصاديين في «أوكسفورد إيكونوميكس»، رايان سويت: «لن يتمكن الاقتصاد من سد الفجوة فيما يتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بما رأيناه العام الماضي؛ لأن الرسوم الجمركية ستنعكس في أرقام التضخم وستضر بالدخل الحقيقي، وبالتالي لن ينفق المستهلكون بالوتيرة نفسها التي كانوا عليها في الماضي». يتوقع الاقتصاديون أن يُبقي مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على سعر الفائدة القياسي في نطاق بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة بعد نهاية اجتماع السياسة الذي يستمر يومين. وكان البنك المركزي قد خفّض أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2024، وآخر مرة كانت في ديسمبر (كانون الأول). وأضاف سويت: «المفتاح هو سوق العمل. وما دامت عمليات التسريح لا ترتفع بشكل كبير، فسيظل الاقتصاد قادراً على الصمود في النصف الثاني من هذا العام، ولا يوجد الكثير من الاستعجال لدى (الاحتياطي الفيدرالي) لخفض أسعار الفائدة. من المرجح أن يكون الخفض التالي في ديسمبر». ومن المتوقع أن يكون الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثّل أكثر من ثلثَي الاقتصاد، قد انتعش بشكل معتدل بعد أن كاد يتوقف في الربع الأول. كما أن الإنفاق التجاري على المعدات كان فاتراً أو حتى تراجع. في النهاية، يحذّر الاقتصاديون من أن نمو القوى العاملة يتباطأ، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاضطرابات في الهجرة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي؛ إذ لن تكون الإنتاجية وحدها كافية لدعم النمو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store