logo
ما دلالات تصاعد الأحداث المتزامن في السويداء والشمال السوري؟

ما دلالات تصاعد الأحداث المتزامن في السويداء والشمال السوري؟

الجزيرةمنذ يوم واحد
شهدت سوريا تصعيدا أمنيا متزامنا في منطقتين حساستين، حيث اندلعت اشتباكات في محافظة السويداء الجنوبية بالتوازي مع توترات في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق البلاد، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا التزامن ودوافعه.
واستعادت قوات الأمن السورية السيطرة على نقاط تقدمت إليها مجموعات خارجة عن القانون في ريف السويداء، بعد هجوم نفذته أسفر أيضا عن مقتل 5 أفراد من قوات الأمن.
وبالتوازي مع هذه الأحداث، تصدت قوات الجيش السوري لهجوم صاروخي على نقطة تابعة للجيش في ريف منبج من قِبل قوات سوريا الديمقراطية، التي ادعت استخدام حقها في الدفاع المشروع.
وفيما يتعلق بهذا التزامن، يرى الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن التزامن قد يكون مقصودا أو مجرد مصادفة، لكن كلا الطرفين يشتركان في محاولة تحسين الشروط التفاوضية.
ويرى أن دوافع المتمردين في السويداء تتمثل في سعيهم لتحسين علاقتهم بالدولة السورية بعد اكتشاف ثغرات في الاتفاق المبرم في باريس ، خاصة مع نقص الخدمات ومنع دخول الدولة للمنطقة.
وفي السياق ذاته، يؤكد الكاتب والباحث السياسي ياسر النجار على الطابع العسكري للعمليات، مشيرا إلى أن العملية بدأت صباحا وشملت تدخلا بريا والسيطرة على مواقع جغرافية.
ويقدم النجار تفاصيل دقيقة حول الاعتداء الذي استهدف حاجزا عسكريا قرب قرية الكيالية، مما أسفر عن إصابة 5 جنود سوريين و3 مزارعين، مؤكدا عدم تسجيل إصابات أو تقارير ميدانية من طرف قوات سوريا الديمقراطية.
أحداث السويداء
أما بشأن أحداث السويداء تحديدا، فيوضح النجار أن المنطقة المستهدَفة تمثل تلا عسكريا مرتفعا على بوابة مدينة السويداء، حيث توجد قوات الأمن العام بسلاح خفيف لمنع تدخل العشائر أو دخولها المدينة.
ويصف ما حدث بأنه مباغتة من مجموعات "إرهابية" لقوات تؤدي وظائف مدنية أكثر منها عسكرية.
وبمنظور مختلف، يطرح الباحث في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز ستيفن هايدمان رؤية تستبعد وجود تخطيط متعمد بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل الدرزية.
وبدلاً من ذلك، يرى هايدمان أن الرابط الوحيد بينهما يتعلق بتوقعات هذه المجموعات من شروط الاندماج داخل الدولة السورية ومدى انتشار سلطة الدولة في حياة هذه المجتمعات.
ويضع هايدمان الأحداث في سياق أوسع، حيث يشدد على هشاشة وقف إطلاق النار في السويداء، مشيرا إلى تعرض المنطقة للحصار وإغلاق الطرقات إلى دمشق.
وتشكل هذه الظروف المعيشية الصعبة، التي أدت إلى ارتفاع سعر الخبز إلى 50 ضعف سعره في المناطق الأخرى، بيئة مولدة للغضب والخوف الشديدين بشأن المستقبل القريب.
وفي تقييم مقارن للوضعين، يحذر مكي من خطورة الوضع في السويداء أكثر من منطقة قوات سوريا الديمقراطية، موضحا التباين الجوهري بين الحالتين.
فبينما أصبحت قوات سوريا الديمقراطية محاصرة ومرهونة بالتوافقات الدولية، وتسعى الآن للتفاوض على نهايتها بشروط محسنة، فإن وضع السويداء يحمل تعقيدات مختلفة وأخطر.
ويكشف الباحث الأول عن الهدف الحقيقي وراء أحداث السويداء، والمتمثل في تحويل الأزمة من آلية تهدئة مؤقتة إلى قضية مزمنة مستمرة.
ويلفت مكي إلى مقارنة تاريخية بهدف تحويل السويداء إلى وضع مشابه ل كردستان العراق عام 1991، حين فرض مجلس الأمن منع الطيران العراقي، مما أدى لنشوء شبه دولة مستقلة نسبيا.
وتتضح خطورة هذا السيناريو في تحذير مكي من محاولة جعل السويداء منفصلة عن سوريا بحكم الأمر الواقع، مع استمرار تلقي الموارد من دمشق بينما يعين المتمردون المسؤولين المحليين.
وعند التطرق للبعد الخارجي للأزمة، يؤكد هايدمان وجود تدخل خارجي محتمل في الجنوب أكثر من الشمال الشرقي، مستشهدا بالموقف الأميركي الواضح بضرورة بسط الحكومة سيادتها على كامل الأراضي السورية.
وفي المقابل، ينتقد بشدة الدور الإسرائيلي في فتح المجال أمام خيار انفصالي للدروز، معتبرا فكرة كون إسرائيل حامية للدروز في سوريا موقفا خطيرا جدا.
ويتفق مع هذا التوجه النجار الذي يرى أن الدولة السورية تواجه مشروعين متناقضين: مشروعا وطنيا تمثله الدولة لبسط سيطرتها على كافة الأراضي، ومشروعا آخر يأتمر بأوامر خارجية يرى في تقسيم سوريا مآلا محتملا.
ويحذر النجار من أن سياسة تقسيم سوريا لمصلحة إسرائيل تشكل خطرا ليس فقط على سوريا، بل على دول الجوار كالأردن وتركيا والعراق.
وفي تقييم للتحديات المستقبلية، يؤكد مكي على حقيقة أن المفهوم الإسرائيلي لا يقدر حدوث سيطرة سورية كاملة في المدى المنظور.
ويفسر هذا التقدير بكون الدولة السورية الجديدة تنتهج سياسة واقعية نظرا لوراثتها دولة مفككة ومدمرة دون موارد كافية، خاصة بعد أن دمرت إسرائيل كافة الإمكانات العسكرية السورية في اليوم التالي لانتصار الثورة.
يذكر أن الاتفاق الذي وقّعه الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في 10 مارس/آذار الماضي، قد شهد تعثرا في التنفيذ، خاصة البند المتعلق بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، مما يؤكد تعقيد المشهد وصعوبة الحلول المطروحة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قسد تتهم القوات السورية بمهاجمتها في ريف حلب
قسد تتهم القوات السورية بمهاجمتها في ريف حلب

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

قسد تتهم القوات السورية بمهاجمتها في ريف حلب

قالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) اليوم الاثنين إن مقاتليها اشتبكوا مع قوات حكومية في محافظة حلب بشمال البلاد، في أحدث واقعة تلقي بظلالها على الاتفاق الذي وقعه الطرفان في مارس/آذار الماضي ووصف بالتاريخي. واتهم المركز الإعلامي التابع لـ"قسد" في بيان فصائل تابعة للحكومة بتنفيذ هجوم فجر اليوم ضد 4 مواقع لقواتها في قرية الإمام التابعة لمنطقة دير حافر، وهو ما لم تعلق عليه دمشق فورا، وهي التي اتهمت الطرف الآخر خلال الأيام الماضية بشن هجمات وقصف ضد قواتها والمدنيين بريف حلب. وأشار البيان إلى أن قوات قسد "تعاملت مع الهجوم وردّت عليه بما يلزم دفاعا عن مواقعها ومقاتليها، حيث نشبت اشتباكات استمرت 20 دقيقة متواصلة". وأكدت قوات "قسد" أن ما وصفته بهذا الاعتداء المتكرر يمثل تصعيدا مدبرا ويهدد الاستقرار في المنطقة، وحمّلت حكومة دمشق المسؤولية الكاملة عنه، كما أكدت أن قواتها "مستعدة أكثر من أي وقت مضى لاستخدام حقها في الرد المشروع بكل قوة وحزم"، وفق تعبيرها. ويأتي اتهام "قسد" دمشق بشن هجوم على قواتها بعد يوم من إعلان وزارة الدفاع السورية أن قوات الجيش تصدت لهجوم من "قسد" على إحدى نقاط انتشار الجيش بريف منبج شمال شرق محافظة حلب، مما أسفر عن إصابة 4 من عناصر الجيش و3 مدنيين في قصف صاروخي نفذته القوات المهاجمة على قرية الكيارية. وتعد قوات سوريا الديمقراطية القوة القتالية المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا، حيث دعمتها واشنطن خلال السنوات الماضية بالمال والسلاح، إذ تعتبرها رأس الحربة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا، قبل أن يتعرض للهزيمة بعد ذلك بـ5 سنوات. وفي 10 مارس/آذار الماضي وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات "قسد" مظلوم عبدي اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" شمال وشرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي سوريا، ورفض التقسيم، لكن الاتفاق لم يطبق بشكل عملي حتى اليوم، ولا تزال تدور اشتباكات متقطعة بين الطرفين كل فترة.

المبعوث الأميركي لسوريا يدعو للحوار بعد أحداث السويداء ومنبج
المبعوث الأميركي لسوريا يدعو للحوار بعد أحداث السويداء ومنبج

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

المبعوث الأميركي لسوريا يدعو للحوار بعد أحداث السويداء ومنبج

وصف المبعوث الأميركي لسوريا توم برّاك اليوم الاثنين خرق اتفاق السويداء جنوبي البلاد والقصف الذي تعرضت له منبج بريف حلب بـ"أعمال عنف مقلقة"، مشددا على أن الولايات المتحدة فخورة بمساعدتها في التوسط لإيجاد حل. وقال برّاك -في تدوينة على منصة إكس- إن الدبلوماسية هي السبيل الأمثل لحل سلمي ودائم في سوريا. وأعرب المبعوث الأميركي لسوريا عن فخره بدور بلاده في التوسط لإيجاد حل في السويداء بعد خرق اتفاق النار، وكذلك بمشاركتها في التوسط مع ما تعرف باسم " قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) لإعادة دمج الشمال الشرقي في سوريا موحدة. وشدد على أن "الطريق إلى الأمام بيد السوريين"، داعيا جميع الأطراف إلى الحفاظ على الهدوء وحل الخلافات بالحوار "لا سفك الدماء". وأضاف أن سوريا تستحق الاستقرار، قائلا "السوريون يستحقون السلام"، وفق تعبيره. وأمس الأحد، أفادت مصادر للجزيرة بمقتل 5 من قوات الأمن العام في هجمات وقعت ليلة السبت لمجموعات درزية مسلحة توصف بالخارجة عن القانون في ريف محافظة السويداء جنوبي سوريا. كما نقلت قناة الإخبارية السورية عن مصدر أمني قوله إن ما وصفها بالمجموعات الخارجة عن القانون في السويداء خرقت اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، وهاجمت قوات الأمن الداخلي، وقصفت قرى عدة في ريف المحافظة. وأول أمس السبت، قالت وزارة الدفاع السورية إن هجوما نفذته قوات قسد في ريف مدينة منبج بمحافظة حلب في شمال البلاد أدى إلى إصابة 4 من أفراد الجيش و3 مدنيين. ووصفت الوزارة الهجوم بأنه "غير مسؤول" وأسبابه "مجهولة"، في حين نفت "قسد" تنفيذ الهجوم.

إعادة فتح معبر بصرى الشام واستئناف دخول المساعدات للسويداء
إعادة فتح معبر بصرى الشام واستئناف دخول المساعدات للسويداء

الجزيرة

timeمنذ 15 ساعات

  • الجزيرة

إعادة فتح معبر بصرى الشام واستئناف دخول المساعدات للسويداء

أعادت السلطات السورية فتح معبر بصرى الشام الإنساني في ريف درعا بعد إغلاقه مؤقتا، أمس الأحد، بسبب اشتباكات في محافظة السويداء المجاورة جنوبي سوريا. وقال الدفاع المدني السوري إنه استأنف إدخال المساعدات وتأمين انتقال العائلات من وإلى السويداء عبر المعبر، موضحا أن 90 عائلة تضم 316 شخصا غادروا المحافظة، في حين دخلت 8 عائلات مؤلفة من 31 شخصا. وتدخل المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى محافظة السويداء من جهة بصرى الشام في ريف درعا في إطار جهود الحكومة السورية لتلبية الاحتياجات الإنسانية لأهالي المحافظة. وشنت مجموعات مسلحة تابعة لحكمت الهجري أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية بالسويداء أمس هجوما على قرى وبلدات تل الحديد وريمة وحازم وولغا غربي المحافظة وسيطرت على بعضها قبل أن تتمكن السلطات من استعادتها. وفي 13 يوليو/تموز الجاري، اندلعت اشتباكات مسلحة بين عشائر بدوية ومجموعات درزية بالسويداء، أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات مسلحة، قبل أن تنسحب تطبيقا لاتفاق مع الفعاليات المحلية في المحافظة. وتشهد السويداء وقفا هشا لإطلاق النار بعد اشتباكات دامية استمرت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية خلفت مئات القتلى، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان ، رغم إعلان الحكومة السورية 4 اتفاقات متتالية لوقف إطلاق النار في المنطقة، انهارت 3 منها. وتبذل جهودا مكثفة لاحتواء الأزمة الأمنية المتصاعدة في البلاد، وذلك بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store