logo
عن الخلاف بين ترامب ونتنياهو

عن الخلاف بين ترامب ونتنياهو

جريدة الايام١٥-٠٥-٢٠٢٥

فجأة وبلا مُقدمات، خرج الإعلام العربي مُحمَلاً بعدد كبير من «المُحلِلين» السياسيين، لِيروج عن خلاف بين ملك الولايات المتحدة، ترامب، وملك إسرائيل، نتنياهو.
وفي التفاصيل تم سوق «الأدلة» الآتية على هذا الخلاف:
ترامب يريد إنهاء الحرب في غزة، ونتنياهو لا يريد ذلك.
ترامب يريد التأسيس لسلام دائم في المنطقة لينال جائزة نوبل للسلام، ونتنياهو يريد الاستمرار في التصعيد والحروب.
ترامب يريد الاتفاق مع إيران على برنامجها النووي، ونتنياهو يريد «غزو» إيران وتدمير مقدراتها النووية.
قاعدة ترامب الانتخابية الجمهورية أو ما يُعرف بأنصار «حملة الماغا» الأميركية لا تؤيد إسرائيل ولا تتعاطف معها.
ترامب خرج من الحرب على اليمن دون أن يُنسِق مع نتنياهو أو يُعلمه بقراره.
ترامب فاوض سراً «حماس» للإفراج عن الأسير الإسرائيلي ألكسندر عيدان، دون إعلام نتنياهو.
ترامب تعامل مع نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن بدرجة أفضل قليلاً من تعامله مع زيلينسكي.
الغريب في كل ما قيل أن جميع هذه «الأدلة» تم نسبها «للمجهول».
لا يوجد اسم واحد في الإدارة الأميركية أو من «الخبراء» في السياسة الأميركية، تم إرجاع هذه المعلومات أو نسبها لهم، باستثناء تقرير نُشِر في صحيفة الواشنطن بوست ذُكرِت فيه المعلومة التي قارنت بين لقاء ترامب مع نتنياهو ولقائه مع زيلينسكي، وحتى هذا التقرير نَسب المعلومة لمصدر «مجهول» في إدارة ترامب.
ما هو مؤكد يقيناً وبالأدلة هو الآتي:
لقد أيد ترامب وأركان إدارته «خروج» دولة الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة في غزة والذي عُقِد برعاية هذه الإدارة وبضمانات منها قُبيل توليه للرئاسة بيوم واحد.
وهو أيد عملياتها العسكرية الوحشية في غزة بما فيها سياسات الحصار والتجويع والإبادة، ولم يصدر عنه أو عن أي من أركان إدارته ولو حتى «انتقاد» هامشي لجرائمها في غزة.
لقد أيدت إدارة ترامب وما زالت سياسة دولة الاحتلال المُعلنة بضرورة القضاء كلياً على المقاومة بما في ذلك تجريدها من سلاحها وتصفية قادتها أو نفيهم.
ودعونا نُذكِر هنا، بأن إدارة ترامب كانت أكثر تطرفاً من إدارة نتنياهو، فهي من اقترح علناً تهجير فلسطيني قطاع غزة في الوقت الذي كانت فيه دولة الاحتلال تعمل على ذلك دون أن تجاهر به علناً.
لقد أبعدت إدارة ترامب آدم بوهلر عن ملف المفاوضات الخاص بالأسرى بعد أن احتجت دولة الاحتلال على تصريحه بأن إدارة ترامب «لا تعمل لدى إسرائيل» وأن سياساتها مُستقلة عنها بعد اجتماعه بقادة حماس.
لم يصدر أي تصريح من إدارة ترامب ينتقد سلوك دولة الاحتلال في سورية أو لبنان، بل إن سياسات إدارة ترامب في لبنان على الأقل مُعلنه ومُنسجمة كلياً مع ما تريده دولة الاحتلال.
فهي ما زالت تمنع إعادة إعمار لبنان إلى أن يتم تجريد حزب الله من سلاحه، وهي ما زالت تؤيد وتدافع عن الخروقات اليومية لدولة الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي سورية، قالت إسرائيل إن سياساتها يتم تنسيقها مع إدارة ترامب، ولم تُنكر الأخيرة ذلك.
أما في الملف النووي الإيراني، فالخلاف بين ترامب ونتنياهو، هو مثل الخلاف بين أي إدارة أميركية سابقة وبين قادة دولة الاحتلال، حكومة ومعارضة.
الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تُرد الحرب على إيران لكلفتها العالية عليها، بينما يرى قادة إسرائيل أن على الولايات المتحدة وإسرائيل «معاً» تدمير برنامج إيران النووي كلياً، لأن مجرد وجوده في ظل الخبرات النووية التي راكمها الإيرانيون يسمح لهم، إذا أرادوا، بتحويل البرنامج إلى المجال العسكري.
في هذا السياق، دولة الاحتلال ترى فرصة قائمة للحرب على إيران لتدمير برنامجها النووي مُفترضين أن حلفاء إيران في المنطقة قد تم إضعافهم كثيراً، وأن إدارة ترامب بتاريخها السابق والمؤيد لدولة الاحتلال - ما منحته سابقاً لها من تطبيع مع العرب، والسيادة على القدس والجولان، وخروجها من الاتفاق النووي مع إيران - يسمحان بتوجيه هذه الضربة الآن.
في المقابل، لم تحسم إدارة ترامب خياراتها بعد. هي من جهة لا تريد أن تتورط في حرب كبيرة في المنطقة، وهي من جهة أخرى، لا تريد أن تعقد اتفاقاً نووياً مع إيران مشابهاً للاتفاق الذي خرجت منه العام 2018.
والواقع أن التصريحات الأميركية متناقضة في هذا الاتجاه، وهي تتراوح ما بين المطالبة بالتفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني والقبول ببرنامج نووي سلمي يُسمح فيه لإيران بتخصيب اليورانيوم بالحدود الدنيا مع رقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو ما تَقبله إيران.
بلا شك، سَيحسم ترامب خياراته وهو أمام اللوبي الإسرائيلي في واشنطن وأمام حلفائها في الكونغرس، ربما يُفضل الإبقاء على سياسات العقوبات القصوى على إيران بديلاً لاتفاق شبيه بالاتفاق الذي وقعه الرئيس أوباما معها، وبديلاً أيضاً لخيار الحرب الذي تريده إسرائيل.
وفي الشأن اليمني، كان خروج ترامب من الحرب معها مدفوعاً بعاملين: الأول أن الولايات المتحدة خسرت خلال شهرين من الحرب ما يقارب ملياري دولار دون أن تتمكن من تقويض القدرات اليمنية على إطلاق الصواريخ باتجاه دولة الاحتلال.
والثاني أن الهجمات اليمنية على حاملات الطائرات الأميركية في البحر الأحمر كان يمكن، في مرتين على الأقل، أن تودي إلى سقوط طائراتها وخسارة طياريها، وهو ما كان سيدفع إدارة ترامب للتورط أكثر وأكثر في الحرب.
لذلك اختصر ترامب الطريق وعاد إلى ممارسة سياسات الدفاع عن إسرائيل، بمعنى محاولات اعتراض الصواريخ اليمنية، دون المشاركة المباشرة في الحرب.
لا يوجد شيء هنا يتعلق بالخلاف مع دولة الاحتلال بما في ذلك التفاوض مع أنصار الله سِراً، فلا يوجد في هذه المفاوضات ما يستدعي إخبار إسرائيل بها ما ناحية عدم وجود التزامات قدمتها الولايات المتحدة نيابة عن إسرائيل وفرضتها عليها.
كان هذا هو الحال في السابق وهذا هو الحال الآن. مثلا، الرئيس أوباما فاوض إيران على برنامجها النووي سِراً دون أن يُعلم إسرائيل بذلك، وفقط عندما تم التوصل لاتفاق مع إيران، أخذت إسرائيل علما بالمفاوضات.
وليس صحيحاً أيضاً أن ترامب عامل نتنياهو بطريقة سيئة في زيارته الثانية لواشنطن.
في حينه، لم تتحدث أي وسيلة إعلام أميركية عن ذلك، وكان من الواضح أن الزيارة أتت لتنسيق المواقف قبل بدء المحادثات الأميركية الإيرانية.
ونتنياهو عاد من تلك الزيارة دون أن يُغير من سياساته، ولو كان هنالك خلاف بين الرجلين بشأن غزة مثلاً، لخرج على الأقل تصريح من أركان إدارة ترامب ينتقد الهجوم الإسرائيلي الواسع على غزة وحصارها وقتل أهلها جوعاً.
نعم هناك خلاف بين أميركا وإسرائيل حول المسألة الفلسطينية. أميركا ومن باب مساعدة حلفائها العرب تريد أن «ينتهي الملف الفلسطيني بتسوية ما أياً كانت» تفتح الطريق أمام تطبيع للعلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. لكن هذا لا يتعلق بإدارة ترامب، كانت هذه رغبة الرئيس بايدن قبله، ورغبة كل رئيس أميركي سابق. لكن إسرائيل، بحكومتها الحالية وبمن يعارضها، لا تريد أي نوع من الكيانية الفلسطينية.
دع عنك إقامة دولة على حدود العام 1967، دولة الاحتلال، حكومة ومعارضة للتأكيد، لا تريد «دولة فلسطينية على أي جزء مهما كان حجمه من أرض فلسطين التاريخية». لذلك هذا الخلاف ليس خاصاً بالرئيس ترامب ولكن مع الإدارة الأميركية التي سبقته أيضاً.
أما بشأن قاعدة ترامب الانتخابية وعدم وقوفها إلى جانب إسرائيل، فهذه واحدة من أكبر الأكاذيب لسببين: الأول أن القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري مما يعرف بالإنجيليين الصهاينة هم مؤيدون لإسرائيل. والثاني أن هنالك غالبية في الشعب الأميركي ترفض جرائم دولة الاحتلال في غزة، لكن ذلك لم يمنع لا إدارة بايدن ولا إدارة ترامب من التضييق على الجامعات الأميركية التي تنظم فيها التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني ولم يمنع ذلك طرد أساتذة الجامعات والطلاب المناصرين للشعب الفلسطيني، ولا من سَن التشريعات المُقيدة لحرية التعبير في الولايات المتحدة.
لماذا إذاً كل هذا الحديث «الممجوج» والفجائي عن خلاف بين ترامب ونتنياهو؟
لا داعي للتنجيم هنا.
ترامب كان في طريقه «لحصاد اقتصادي خرافي في الإقليم لا يحدث حتى في قصص ألف ليلة وليلة» دون أن يُقدم مقابل ذلك ولو «كيس طحين واحداً لأهلنا في غزة» وكان من الضروري التمهيد لهذا الحصاد، وممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية لتقديم «ألكسندر عيدان» هديه له تحت مسمى «الخلاف بين الرجلين».
وهذا هو أصل حكاية الخلاف غير القائم بين ملكي الولايات المتحدة وإسرائيل.
لا نقول إن الرجلين مُغرمان ببعضهما البعض، فلكل منهما «إيغو كبير» لا يسمح بهذا الغرام بينهما.
لكن ذلك لا ينعكس خلافاً بينهما في أي من الملفات باستثناء رغبة إسرائيل بالحرب على إيران، ورغبة أميركا بتفاديها.
لكن هذا النوع من الخلاف سابق للرئيس ترامب بِعدة رؤساء وهو خلاف من أيام الرئيس جورج دبليو بوش.
لعل الأسوأ من كل ما سبق هو تقديم سورية «الشرع» على أنها حققت اختراقاً إستراتيجياً برفع العقوبات الاقتصادية عنها مقابل الوعد بالتطبيع مع إسرائيل ومحاصرة قوى المقاومة الفلسطينية فيها.
دعونا نُذكر هؤلاء: لو فعلها نظام الأسد «المخلوع» لكان في الحكم الآن في سورية، ولكان «الشرع» لا يزال مطلوباً كأكبر رجل إرهابي.
كم هو بائس ومُخادع هذا الإعلام العربي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كاتس يمنع يائير غولان من الخدمة العسكرية بعد انتقاده قتل أطفال غزة
كاتس يمنع يائير غولان من الخدمة العسكرية بعد انتقاده قتل أطفال غزة

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 9 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

كاتس يمنع يائير غولان من الخدمة العسكرية بعد انتقاده قتل أطفال غزة

شفا – قرر وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، منع زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان، الذي شغل سابقاً منصب نائب رئيس الأركان، من الخدمة العسكرية، رداً على انتقاده قتل الأطفال في قطاع غزة. غولان الذي لا يزال محتفظاً برتبة عسكرية، قال، في تصريحات سابقة أثارت موجة غضب داخل إسرائيل، إنّ 'الدولة العاقلة لا تقتل الأطفال في غزة هوايةً'. وأعلن كاتس اليوم أنه 'قرر إصدار تعليمات للجيش بعدم استدعاء يائير غولان للخدمة الاحتياطية، ومنعه من ارتداء الزي العسكري ودخول قواعده (الجيش)'. وأرجع كاتس موقفه إلى ما سماه 'سلوك يائير غولان الذي نسج افتراءً دموياً ضد جنود الجيش الإسرائيلي باتهامهم المتهور والكاذب بأنهم يقتلون الأطفال الفلسطينيين هوايةً'. وأضاف أنه قرر أيضاً دعم مشروع قانون يُطرح حالياً في الكنيست، أشار إلى أنه يخول وزير الأمن بـ'سحب ​​رتب ضباط الاحتياط من خلال إجراء منظم إثر تصريحات أو سلوك من هذا النوع'. واعتبر أنه 'لا مكان لأمثال غولان في الحياة العامة'، معلناً أنه يتوقع من جميع ممثلي الإسرائيليين، يميناً ويساراً، 'التنديد به وشجب سلوكه'. وفي السياق، وصف كاتس تصريحات غولان بأنها 'خطيرة'، مضيفاً أن 'أعداء إسرائيل سيستخدمونها لمواصلة ملاحقة جنود الجيش في العالم، والتقدم بطلبات إلى المحاكم الدولية لاعتقالهم وحرمانهم من حريتهم'، على حد قوله. وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة. في المقابل، ردّ غولان على كاتس عبر منصة إكس واصفاً إياه بأنه 'وزير التهرب'، في إشارة إلى دعم الأخير مشروع قانون ترى المعارضة أنه يسمح للمتدينين اليهود 'حريديم' بالتهرب من الخدمة العسكرية. ولفت غولان في منشوره إلى أن آخر مرة ارتدى فيها زي الجيش الإسرائيلي كانت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، 'عندما توجهت جنوباً لإنقاذ المدنيين بعد الفشل الأمني ​​الذريع لحكومتكم'، في إشارة إلى عملية 'طوفان الأقصى' التي شنتها حركة حماس على مستوطنات محاذية لقطاع غزة. ومتجاهلاً قرار كاتس، شدد غولان على أنه 'سيواصل بذل كل ما في وسعه من أجل إسرائيل وأمنها'. وتابع موجهاً كلماته إلى كاتس: 'أنا متأكد أنكم ستواصلون تملق نتنياهو وآلته السامة'. والثلاثاء، قال غولان إن الحكومة 'تقتل الأطفال (الفلسطينيين) هوايةً'، وفي اليوم التالي شدد على أنه عندما 'يحتفل الوزراء بموت وتجويع الأطفال، يجب أن نتحدث عن ذلك'. وأثارت تصريحاته موجة من ردات الفعل الغاضبة في الحكومة والمعارضة.

ترامب يوصي برفع الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى 50%
ترامب يوصي برفع الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى 50%

معا الاخبارية

timeمنذ 14 ساعات

  • معا الاخبارية

ترامب يوصي برفع الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى 50%

واشنطن -معا- هدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، بفرض رسم جمركي بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتبارا من الأول من حزيران/ يونيو، قائلا إن المفاوضات الجارية "تراوح مكانها". وذكر ترامب في منشور عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشال"، أنه "من الصعب جدا التعامل مع الاتحاد الأوروبي، الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجاريا". وقال الرئيس الأميركي: "مناقشاتنا تراوح مكانها". وأضاف أنه "في ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسم جمركي بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من الأول من حزيران/ يونيو". وفي سياق ذي صلة، هدّد ترامب، اليوم، شركة "آبل"، بفرض رسم جمركي قدره 25%، ما لم تقم بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة. وشدّد على أنه "ما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة". ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي، "الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية، والمضاربات المالية، والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية"، ما تسبّب في "عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول بتاتا". وأشار ترامب مرارا إلى العجز التجاري للولايات المتحدة في المبادلات الثنائية مع أوروبا، والذي يراوح بين 300 و350 مليار دولار، بحسب تقديره. وبناء على معطيات ممثّل البيت الأبيض لشؤون التجارة، يقدّر العجز التجاري للولايات المتحدة في هذا المجال بحوالى 235 مليار دولار لسنة 2024، لكن المفوضية الأوروبية تعترض على هذا المجموع وتفيد من جانبها بعجز يبلغ 150 مليار يورو (حوالى 160 مليار دولار) للسلع فحسب وينخفض إلى 50 مليار يورو بعد حساب الفائض التجاري الأميركي من حيث الخدمات. وفي المعدّل، تبلغ الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية حاليا 12,5 %، مع نسبة 2,5 % كانت معتمدة قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أضيفت إليها 10 % منذ مطلع نيسان/ أبريل إثر إقرار رسوم جمركية "متبادلة". وأراد البيت الأبيض في بادئ الأمر فرض رسوم بنسبة 20 % على المنتجات الأوروبية، قبل الإعلان عن فترة سماح لتسعين يوما للرسوم الجمركية التي تتخطّى نسبتها 10% ريثما تمضي المفاوضات قدما. ومن حيث المبدأ، تنتهي هذه الفترة مطلع تموز/ يوليو. وخلال الأسابيع الأخيرة، أجرى المفوّض الأوروبي لشؤون التجارة ماروس سيفكوفيتش عدّة محادثات مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك وممثّل التجارة جيميسون غرير، لكن من دون إحراز تقدّم يُذكر. وفور تهديد الرئيس الأميركي بالرسوم الجديدة بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية، هبطت البورصات في أوروبا وتراجعت خصوصا أسهم شركات السلع الفاخرة والسيارات. وعدّت برلين أن تهديدات ترامب هذه "لا تخدم أحدا".

لماذا يستكين العرب ؟!
لماذا يستكين العرب ؟!

جريدة الايام

timeمنذ يوم واحد

  • جريدة الايام

لماذا يستكين العرب ؟!

كان يمكن للعرب وهم يعدون اثنتين وعشرين دولة عضواً في الأمم المتحدة، وبتعداد سكاني أكثر من أربعمائة مليون نسمة، وبجيوش واقتصاد وجغرافيا، مجتمعة لو كانت دولة واحدة، لكانت دولة عظمى عالمياً، دون شك، لكن حتى والعرب منقسمون على 22 دولة ونظام حاكم، كان يمكنهم أن يفعلوا شيئا مهما، بل حاسما خلال الأيام العشرة التي مضت، لجهة وقف حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية منذ أكثر من عام ونصف العام على الشعب الفلسطيني، وهو شعب من الأمة العربية، وكانت هناك مناسبتان مرتا خلال الأيام العشرة الماضية، وشكلتا مناسبتين مهمتين، لو كان القادة العرب على قدر المسؤولية القومية، لقاموا بواجبهم الذي يفرضه عليهم المنصب الذي يشغلونه، وبصلاحيات غير محدودة، ونقصد بشكل صريح مناسبتي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدول الخليج العربي، كذلك مناسبة انعقاد القمة العربية في العاصمة العراقية بغداد. والعرب يحيطون بإسرائيل من الجهات الثلاث، وللمفارقة فإن جامعة الدول العربية التي تعتبر الإطار الجامع للعرب، قد تأسست في نفس الوقت الذي جرى فيه اغتصاب فلسطين، وإقامة الكيان الإسرائيلي بدلاً من دولة فلسطين المستقلة، وهي قلب العرب، حيث شهدت عبر التاريخ أهم الحروب التي جرت بين العرب من جهة والاحتلالات الخارجية، من مغول وبيزنطيين، ففي عين جالوت، جرت معركة العرب مع المغول بعد أن احتلوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وانتصر فيها العرب بالطبع، وفي حطين انتصر صلاح الدين وحرر القدس، ووضع نهاية الاحتلال الصليبي للمشرق العربي بعد أن استمر مائتي عام، والعرب اليوم، ليسوا أقل قوة مفترضة أو على الورق، إن كان عسكريا أو اقتصاديا، وليس هناك من مقارنة سكانية بين العرب وإسرائيل، ولا من حيث المساحة الجغرافية ولا حتى من حيث القوة الاقتصادية، وباختصار يمكن القول، إنه يمكن للعرب لو أرادوا، أو لو تحققت لهم الإرادة الحرة، أن ينفخوا على إسرائيل لتطير أو تتبدد. قبل عشرة أيام جاء دونالد ترامب في جولة للشرق الأوسط، انحصرت في ثلاث دول، هي: السعودية وقطر والإمارات، وكانت تلك جولته الخارجية السياسية الأولى، وقد لوحظ أنها اقتصرت على هذه الدول الثلاث، دون أن تشمل الجولة لا إسرائيل ولا دول عربية أخرى، مثل مصر والأردن، بما أكد بوضوح، أن الرجل اختار الدول الثرية، لأن الاقتصاد يمثل بوصلة خطه السياسي، ولأنه يعتبر أن التنافس المركزي لأميركا إنما هو مع الصين، وليس مع روسيا كما كان يعتقد سلفه الديموقراطي جو بايدن، وهو حصل ما سعى إليه من الدول الخليجية الثلاث، من استثمارات بلغت عدة تريليونات من الدولارات، بما يمكن الاقتصاد الأميركي من الوقوف في وجه الاقتصاد الصيني الذي يتفوق عليه في نسبة النمو السنوي، وفي ميزان التجارة بين البلدين، ومن الطبيعي أن تكون الدول الخليجية الثلاث قد حصلت على المقابل من ترامب، لكن فيما يخص الملف الفلسطيني، وصفحته المشتعلة المتمثلة بحرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين بجناحيها قطاع غزة والضفة الفلسطينية، لم يحدث أي شيء، وذلك بالرغم من تصريحات ترامب نفسه عشية زيارته تلك. قبل الزيارة أعلن ترامب أنه خلال الأيام ما بين الأربعاء والجمعة، وهي فترة وجوده في الخليج العربي متنقلا بين الدول الثلاث، سيكون هناك إعلان خاص بغزة، وكان يراهن على ما يبدو على ما يجري في الدوحة من تفاوض من الواضح تماما أنه يجري رغم أنف بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أن قدمت حماس هديتها لترامب والمتمثلة بالإفراج عن عيدان اسكندر مزدوج الجنسية الإسرائيلية الأميركية دون مقابل، والعالم كله يعرف أن أميركا هي فقط من يمكنها أن تجبر إسرائيل على وقف الحرب، خاصة بعد أن تيقن العالم كله ومنه معظم الإسرائيليين وبحكم الوقائع من أن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لم يتم ولن يتم إلا بالتفاوض، ورغم أن إسرائيل أعلنت بشكل صريح ووقح أنها ستطلق ما تسميه «عربات جدعون» بعد انتهاء زيارة ترامب، وذلك في حال عدم التوصل للاتفاق في الدوحة، وهي تدرك أن ذلك الاتفاق لن يكون، لأن نتنياهو بات يطالب باستسلام فلسطيني تام، وليس باتفاق يحقق بعض مطالب الطرفين. أي أن الطريق كان واضحا، حتى في هذه اللحظة، وبعد مضي عام ونصف العام، لم يفعل العرب شيئا مهما أو حاسما، أو يقارب ما هم عليه من أسباب قوة افتراضية، كان يمكن لدول الخليج، أن تحصل على ثمن الاستثمارات الهائلة في أميركا من ترامب، وكان يمكنها لو طلبت منه على الأقل أن يعلن رفع يده عن إسرائيل، وأن أميركا لم تعد مع مواصلة حرب الإبادة التي ينكرها كل العالم، ونصف الإسرائيليين، وعلى الأقل كان يمكنهم أن يطلبوا منه تحذيراً واضحاً لإسرائيل، بأنها إن أقدمت على إطلاق «عربات جدعون»، فإن أميركا ستتوقف عن تزويدها بالسلاح والعتاد، وهذا أضعف الأيمان، كان يمكن في حقيقة الأمر، إعلان موقف قوي بهذا الشأن. ثم جاءت القمة في بغداد، لتجمع بعض قادة الصف الأول، وبالطبع ممثلي الاثنتين وعشرين دولة، دون أن يتجاوز الموقف ما هو معتاد منذ عشرات السنين من إدانة ورفض وبيانات ورقية لا قيمة لها، وكان يمكن بالطبع أن يعلن عن قرارات قوية مؤثرة على إسرائيل، من مثل تعليق العلاقات الدبلوماسية لخمس أو ست دول عربية لها سفراء في إسرائيل، هذا إن لم نقل طردهم، كذلك كان يمكن لكل الدول العربية حتى تلك التي ليس لها علاقات مع إسرائيل، أن تعيد التأكيد على عدم التطبيع دون الدولة الفلسطينية، هذا أولاً، وثانياً، أن العرب مجتمعين وفرادى يؤكدون على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال بما في ذلك المقاومة المسلحة، فإذا كانت إسرائيل تحرق الدنيا، وتتدخل في شؤون إيران بحجة الدفاع عن أمنها، وتقول أميركا وغيرها إنها مع أمن إسرائيل، فإن العرب عليهم أن يقفوا مع فلسطين وقفة أميركا مع إسرائيل على الأقل، وكان يمكن للعرب أن يفعلوا ما يفعله اليمن من ضغط اقتصادي على كل ما يتعامل مع إسرائيل رغم شنها حرب إبادة منذ أكثر من عام ونصف العام، بأن يقاطعوا كل من يتعامل مع إسرائيل من دول، وأن يحاسبوا دول العالم على تصويتها في مجلس الأمن والجمعية العمومية. باختصار كان يمكن، وما زال ممكناً للعرب أن يفعلوا أو حتى أن يتخذوا موقفا من شأنه أن يجبر نتنياهو وما يمثله من يمين متطرف، يقف ضده نصف المجتمع الإسرائيلي نفسه، وكان يجب على القادة العرب أن يعلنوا موقف يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين الذي تشكل العام الماضي من ائتلاف حزبي العمل وميريتس، حيث قال إن إسرائيل ذاهبة لتكون دولة منبوذة عالميا على طريقة جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري وأن إسرائيل دولة تقتل الأطفال من باب الهواية، بل كان يمكن ويجب على العرب أن يحذو حذو الدول الأوروبية، ليس مجموعة أيرلندا، إسبانيا، بلجيكا والنرويج، بل فرنسا وبريطانيا وكندا، مع اليابان وهم دول من بين الدول السبع الكبار في الاقتصاد العالمي، الذين أعلنوا رداً على «عربات جدعون» بأنهم سيراجعون علاقاتهم التجارية مع إسرائيل، فيما تؤكد فرنسا وهي دولة عظمى، واحدة من خمس دول لها حق الفيتو في مجلس الأمن، بأنها ستعترف بدولة فلسطين الشهر القادم، رداً على الفاشية الإسرائيلية. إن إسرائيل بما هي عليه حاليا من حكومة فاشية، يمينية متطرفة، تؤكد تماما أنها تقوم بالقتل والتدمير في غزة لإجبار الناس على الذهاب لجنوب القطاع ومن ثم لدولة ثالثة، وتفعل الشيء نفسه في جنين وطولكرم بهدف التطهير العرقي تاليا، وهي تحلم بدولة إسرائيل الكبرى من الفرات للنيل، فإن لم يكن بشكل صريح فالسيطرة والنفوذ بإعادة ترتيب الشرق الأوسط، وإن لم يكن فإسرائيل الكاملة على أرض فلسطين التاريخية الانتدابية، وهكذا فإنه لم يعد مجديا أن يدفن العرب رؤوسهم في التراب، ويدعي بعضهم على الأقل أن إسرائيل بحكومتها الحالية قابلة للتعايش السلمي مع الآخرين، وأن التطبيع بات نتنياهو بشركائه الفاشيين يراه نتيجة فرض الأمر الواقع، وليس نتيجة تفاوض مع أحد، وهو لأجل هذا رفض ما سعى إليه بايدن، وحتى ما كان يمكن أن يعتبره ترامب هدفه الأسمى، نقصد التطبيع مع السعودية، لأن السعودية طلبت مقابل ذلك أفقاً سياسياً في الملف الفلسطيني يفضي لحل الدولتين، ومجرد الحديث عن أفق لدولة فلسطينية رفضه نتنياهو، بل اقترح على السعودية بفظاظة أن تقيم تلك الدولة على أرضها!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store