logo
6 مؤشرات تحكي حال الاقتصاد المصري المائل

6 مؤشرات تحكي حال الاقتصاد المصري المائل

العربي الجديد٢٤-٠٧-٢٠٢٥
حسناً، لنأخذ بالرواية الحكومية والأرقام الصادرة عن
الجهات الرسمية
في مصر بشأن حال الاقتصاد وأرقام الموازنة والأسعار والأسواق والتضخم، وهي الرواية التي تقول إن مؤشرات الاقتصاد تتحسن، وإن الوضع المالي أفضل من ذي قبل، وإن معدلات النمو في أحسن حالاتها، وإن مصر تُحقّق طفرة في النمو الاقتصادي قلما تجدها في اقتصادات الدول الناشئة، بل وإن المواطن يجهل بما تحقق، وإن الإعلام ينكر تلك النجاحات ويتذكر فقط السلبيات كما قال مصطفى مدبولي
رئيس الحكومة
قبل أيام، لكن دعونا نُناقش حقيقة تلك الأرقام من خلال رصد ستة مؤشرات.
المؤشر الأول: الرواية الرسمية تقول إنّ
سعر الدولار
تراجع إلى أقل من 49 جنيهاً لأوّل مرة منذ فبراير الماضي مقابل 51.70 جنيهاً في إبريل الماضي، دون أن تكشف لنا الحكومة عن أسباب التراجع، وهل هو لأسباب خارجية تتعلّق بتهاوي سعر الدولار في الأسواق العالمية بنسبة 10% مقابل اليورو، أم لأسباب محلّية أخرى، وإذا كان التراجع حقيقياً فلماذا لم ينعكس ذلك على الأسعار، لماذا لم تنخفض أسعار السلع الرئيسية، خاصة أنّ مصر تستورد نحو 70% من احتياجات أسواقها من الخارج، معظمه يُسدّد بالعملة الأميركية، وإذا كانت الجهات الرسمية تتحجج في أوقات سابقة بأن زيادة الأسعار ترجع بشكل أساسي إلى قفزات الدولار والتعويم المستمر للعملة المحلية، فبم تفسّر لنا عدم تراجع الأسعار في هذا التوقيت، خاصّة أن الأسواق المحلية تشهد ركوداً عميقاً بسبب قفزات الأسعار المتواصلة وتهاوي القدرة الشرائية للمصريين وتآكل مدخراتهم؟
ثلاث دولٍ خليجية تحتفظ بودائع بقيمة 18.3 مليار دولار لدى المركزي المصري
المؤشر الثاني: تتباهى الحكومة دوماً بحدوث قفزات في احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، باعتباره حائط الصدّ أمام أي مخاطر خارجية تتعلّق بأعباء الديون الضخمة وكلفة الواردات وغيرها، وقبل أيام كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاحتياطيات إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2025، مقابل 47.109 مليار دولار في نهاية 2024، بنمو 3.38%، وزيادة 1.591 مليار دولار.
السؤال هنا: هل هذا الاحتياطي النقدي مملوك بالكامل للدولة المصرية، وما هي قيمة الذهب المدرجة به، وكيف ساهمت قفزات المعدن الأصفر والقروض الخارجية والاقتراض الدولاري الداخلي من البنوك المصرية في زيادة الاحتياطي، وهل يُغذّى الاحتياطي من موارد ذاتية أم عبر قروض. كذلك ما هي قيمة ودائع الخليج المدرَجة ضمن الاحتياطي المصري، علماً بأن تلك الودائع مستحقة السداد في مواعيد متفق عليها، وأن ثلاث دولٍ خليجية تحتفظ بودائع بقيمة 18.3 مليار دولار لدى المركزي المصري يحين أجل سداد آخر وديعة منها في أكتوبر 2026؟
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
اقتصاديون: صدمات الاقتصاد المصري المحلية أشد فتكاً من رسوم ترامب
المؤشر الثالث: تتباهى الحكومة بمؤشر تراجع المعدّل السنوي للتضخم العام إلى 14.9% في يونيو 2025، مقابل 16.8% في مايو الماضي، بل وتؤكد انحسار الضغوط التضخمية الناتجة عن السلع الغذائية رغم الزيادة في أسعار الغاز المنزلي، السؤال: هل لمست الأسر المصرية تراجعاً في قيمة أسعار السلع بنسبة تفوق 50%، خاصّة أن التضخم السنوي وصل إلى 38% في سبتمبر/ أيلول 2023؟ وهل شعر المواطن بأن هناك تراجعاً في أسعار الوقود والكهرباء والمياه والرسوم والضرائب، أم إن الأسعار تواصل الزيادة حتى بالنسبة لرغيف الخبز في ظلّ خفض الدعم وزيادة الأسعار من قبل الحكومة؟
المؤشر الرابع: هناك تباهٍ رسمي بأن مصر تمتلك أكبر حقل لإنتاج الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، وهو حقل ظهر، وأن إنتاج الحقل يكفي لتلبية احتياجات مصر والتصدير الخارجي لسنوات، وأن هناك اكتشافات قوية في مجال الغاز والنفط، لكن الواقع يقول إن مصر خصصت 9.5 مليارات دولار لاستيراد الغاز والوقود بالسنة المالية الحالية 2025-2026، وإنها تعتزم مواصلة استيراد الغاز المسال حتى 2030، وإنها باتت واحدة من أكبر مستوردي الغاز، وإنها تجري محادثات لاستيراد الغاز من شركات أرامكو وترافيغورا وفيتول حتى عام 2028، وكذلك من قطر ومناشئ أخرى.
التحويلات باتت المصدر الثاني للنقد الأجنبي في مصر بعد الصادرات
المؤشر الخامس: تتفاخر الحكومة بتسجيل تحويلات المصريين العاملين في الخارج قفزة بنسبة 82.7 % خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024-2025، حيث بلغت نحو 26.4 مليار دولار، مقابل 14.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق.
السؤال: ما انعكاس القفزة على حياة المصريين وكلفة المعيشة، خاصة أنّ التحويلات باتت المصدر الثاني للنقد الأجنبي في مصر بعد الصادرات، وهل قدمت تلك الحكومة خدمات مميزة للجاليات المصرية في الخارج لتشجيعها على زيادة تلك التدفقات الدولارية، أم تجاهلتها، بل وتمارس ضغوطاً على شريحة منها في استخراج بعض الأوراق الثبوتية مثل جواز السفر وبطاقة الرقم القومي وغيرها؟
المؤشر السادس: تتفاخر الحكومة منذ سنوات طويلة بأن لديها برنامجاً للإصلاح الاقتصادي والمالي بالشراكة مع صندوق النقد الدولي، وأن الحكومة ملتزمة بمواصلة تنفيذ هذا البرنامج، وأنه في ظل البرنامج أثبت الاقتصاد المصري قدرته على الصلابة واستيعاب الصدمات ويسير في طريق التعافي، وأنه حقق نسبة نمو عالية بلغت 4.77% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025، وهناك تحسّن للمؤشرات رغم التحديات الراهنة. فهل يمكن أن تدلنا الحكومة على أبرز ملامح البرنامج وانعكاساته الإيجابية على المواطن والاقتصاد، وهل البرنامج يعني مزيداً من الاستدانة والقروض وبيع أصول الدولة وشركاتها وبنوكها وأراضيها وخفض الدعم المقدم للطبقات الفقيرة، وانهيار الطبقة الوسطى؟ أم إنه يعني أموراً لا نعرف عنها شيئاً؟
ينطبق الأمر على مؤشرات أخرى، منها مثلاً حديث الحكومة في بداية كلّ عام عن تحقيق الموازنة فائضاً أولياً ومبدئياً، فإذا بنا في نهاية العام نجد عجوزات ضخمة وزيادات في الدين العام غير مسبوقة، بالإضافة إلى شهادات المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية بشأن المؤشرات الكلية وتحسن قيمة العملة، وغيرها من المؤشرات الرسمية الوردية والمتفائلة التي لا نجد لها صدى على أرض الواقع.
الخلاصة أنه عندما تتحسّن معيشة الفرد في مصر، وتسترد العملة المحلية عافيتها، وتتراجع الأسعار، وتتوقف الحكومة عن سياسة الجباية وزيادة الأسعار وخفض الدعم، هنا يمكن القول إن المؤشرات الرسمية حقيقة، أما فيما عدا ذلك فهو "طق حنك وكلام مصاطب".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غوتيريس يخطط لخفض 700 مليون دولار من ميزانية الأمم المتحدة
غوتيريس يخطط لخفض 700 مليون دولار من ميزانية الأمم المتحدة

العربي الجديد

timeمنذ 42 دقائق

  • العربي الجديد

غوتيريس يخطط لخفض 700 مليون دولار من ميزانية الأمم المتحدة

يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس الصورة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنطونيو غوتيريس سياسي ودبلوماسي برتغالي، ولد في مدينة لشبونة البرتغالية في 30 إبريل/ نيسان عام 1949، شغل منصب رئيس وزراء البرتغال من عام 1995 إلى عام 2002، ومنصب المفوض السامي للأمم المتحدة بين 2005 و2015، ويشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ عام 2017، وهو الشخص التاسع الذي يحمل هذا اللقب في تاريخ المنظمة ، خفض أكثر من 700 مليون دولار من الإنفاق، ووضع خطط لإعادة هيكلة المنظمة، على خلفية تراجع الدعم من جانب الولايات المتحدة، أكبر مموليها. وتتضمن خطة غوتيريس خفض الإنفاق والوظائف بنسبة 20%، ما سيؤدي إلى تقليص ميزانية الأمم المتحدة البالغة حالياً 3.7 مليارات دولار، إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2018، وهو ما قد يشمل إلغاء نحو 3 آلاف وظيفة، وفقاً لما ذكرته وكالة بلومبيرغ للأنباء. ورغم أنّ برنامج الإصلاح يرتبط رسمياً بالذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، فإنه لا ينفصل عن تداعيات تراجع الدعم الأميركي، الذي شكّل تقليدياً نحو 22% من ميزانية المنظمة. وقد أوقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 ، هذا التمويل، وانسحب بالفعل من عدة هيئات تابعة للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تؤدي مراجعة أوسع إلى مزيد من التخفيضات. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، تومي بيجوت، للصحافيين، الخميس الماضي: "لن نكون جزءاً من منظمات تنتهج سياسات تعيق مصالح الولايات المتحدة". وتأتي التخفيضات المقررة في الأمم المتحدة في وقت أقدمت فيه إدارة ترامب على إلغاء عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الخارجية، في إطار سعيها للتركيز على ما تعتبره مصالح الولايات المتحدة. وزادت الصراعات الممتدة من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا وأفريقيا من الحاجة إلى المساعدات العالمية. وبعد سنوات من الصعوبات المالية، بدأت الأمم المتحدة، في عهد غوتيريس، بالفعل بالتخطيط لإجراء تغييرات هيكلية شاملة. وكان غوتيريس قد حذر، في يناير/ كانون الثاني الماضي، من أن المنظمة الدولية تواجه "أزمة سيولة مكتملة الأركان". وبشكل عام، من المتوقع أن ينخفض الإنفاق عبر منظومة الأمم المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ نحو عقد، بتراجع قد يصل إلى 20 مليار دولار مقارنة بأعلى مستوى سجله في عام 2023. وثائق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (الأمم المتحدة) تُعد الولايات المتحدة أكبر ممول منفرد للأمم المتحدة، إذ تساهم تقليدياً بنحو 22% من ميزانيتها التشغيلية، فضلاً عن دعم إضافي لبرامج ووكالات متخصصة. ومع ذلك، شهدت العلاقة بين واشنطن والمنظمة الدولية توترات متكررة، خصوصاً خلال إدارات جمهورية سابقة، انتقدت أداء الأمم المتحدة واعتبرت بعض هيئاتها "منحازة" ضد السياسات الأميركية. وقد بلغ هذا التوتر ذروته في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي اتخذ سلسلة من القرارات الانسحابية من منظمات واتفاقيات دولية، مثل منظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان واتفاق باريس للمناخ، بدعوى حماية "المصالح القومية الأميركية" وتقليص الالتزامات المالية الدولية. تاريخياً، شهدت الأمم المتحدة أزمات مالية مشابهة، أبرزها في تسعينيات القرن الماضي، عندما تراكمت على بعض الدول الأعضاء متأخرات مالية، ما دفع المنظمة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية وتقليص في برامجها. لكن الأزمة الحالية تبدو أكثر تعقيداً، إذ تتزامن مع أزمات جيوسياسية متصاعدة وحاجة متزايدة إلى العمل الإنساني والدبلوماسي على مستوى العالم. تأتي خطة غوتيريس لخفض الإنفاق وإعادة الهيكلة في لحظة حرجة بالنسبة للأمم المتحدة، إذ تتقاطع الضغوط المالية مع تصاعد النزاعات العالمية، وازدياد الحاجة إلى جهود الوساطة والإغاثة. وفي ظل استمرار التراجع في الدعم الأميركي، يُتوقع أن تواجه المنظمة الدولية تحدياً مزدوجاً: الحفاظ على فعاليتها الميدانية وقدرتها على التدخل السريع، مع ضمان استدامة تمويلها عبر تنويع مصادر الدعم وتعزيز الشراكات الدولية. وإذا لم تُعالج هذه الأزمة بقرارات استراتيجية عاجلة، فقد تجد الأمم المتحدة نفسها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على البقاء كفاعل محوري في النظام الدولي خلال العقد المقبل. (أسوشييتد برس، العربي الجديد)

البنك المركزي اليمني في عدن يواصل إيقاف تصاريح شركات الصرافة المخالفة
البنك المركزي اليمني في عدن يواصل إيقاف تصاريح شركات الصرافة المخالفة

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

البنك المركزي اليمني في عدن يواصل إيقاف تصاريح شركات الصرافة المخالفة

أعلن البنك المركزي اليمني في عدن ، التابع للحكومة المعترف بها دولياً، اليوم الأحد، سحب تراخيص أربعة فروع وشركة صرافة مخالِفة، ووقف تراخيص منشأتين، نتيجة مخالفتها للأحكام القانونية والتنظيمية. وبموجب قرار محافظ البنك رقم (12) لسنة 2025، تم إيقاف تراخيص منشأتي النقيب والفنيع للصرافة، فيما نص القرار رقم (13) على سحب تراخيص فروع شركات: القطيبي في المنصورة، والحداد في البريقة – إنماء، وبن علوي، والمفلحي في شارع التسعين. أما القرار رقم (14) فتضمّن سحب الترخيص الممنوح لشركة المهدي للصرافة. وأوضح البنك أنّ قرارات الإيقاف جاءت استناداً إلى مخالفات موثقة في تقرير النزول الميداني المرفوع من قطاع الرقابة على البنوك، وبالاستناد إلى عدة قوانين، أبرزها قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتُعد هذه القرارات امتداداً لإجراءات مماثلة اتخذها البنك خلال الأيام الماضية، ليرتفع إجمالي شركات ومنشآت الصرافة التي تم إيقاف تراخيصها إلى 40 شركة ومنشأة وخمسة فروع. وتندرج هذه الخطوات ضمن مساعي البنك المركزي اليمني للحد من تدهور سعر الصرف وتنظيم تداول النقد الأجنبي، وسط مؤشرات إيجابية على تحسّن نسبي في قيمة الريال اليمني . وفي السياق، واصلت العملة المحلية تحسنها المتسارع، إذ بلغ سعر الدولار الأميركي 1617 ريالاً للشراء و1632 ريالاً للبيع، بينما بلغ سعر الريال السعودي 425 ريالاً للشراء و428 ريالاً للبيع. وكانت جمعية الصرافين قد أصدرت أخيراً تعميماً يقضي بمنع شركات ومنشآت الصرافة من بيع العملات الأجنبية أو إجراء أي تحويلات خارجية لتجار المشتقات النفطية، تنفيذاً لتوجيهات البنك المركزي. أسواق التحديثات الحية مصرف ليبيا المركزي يتوعد بإجراءات صارمة ضد تجار العملة وأكدت الجمعية أنّ توفير العملة الأجنبية والتحويلات الخاصة باستيراد المشتقات النفطية سيجري عبر البنوك المعتمدة من البنك المركزي اليمني في عدن فقط، في خطوة تهدف إلى ضبط السوق ومنع المضاربة والاختلالات في قطاع الوقود. وشددت الجمعية على ضرورة التزام جميع شركات ومنشآت الصرافة بهذه التوجيهات بشكل صارم، محذرة من أنّ المخالفين سيواجهون إجراءات عقابية قد تصل إلى سحب وإلغاء التراخيص.

زيادة الرواتب في سورية تشعل الأسعار: المواطن يدفع الثمن من جديد
زيادة الرواتب في سورية تشعل الأسعار: المواطن يدفع الثمن من جديد

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

زيادة الرواتب في سورية تشعل الأسعار: المواطن يدفع الثمن من جديد

في الشهر الأول لصرف الرواتب بعد الزيادة التي أقرّتها الحكومة السورية بنسبة 200% ، لم يشعر السوريون بتحسّن حقيقي في قدرتهم الشرائية، بل على العكس، وجد كثيرون أنفسهم أمام موجة جديدة من الغلاء طاولت المواد الأساسية والغذاء والمواصلات، لتُفرغ هذه الزيادة من معناها العملي وتحوّلها إلى رقم جديد يُستهلك قبل أن يُصرف. ورغم أنّ الرواتب الجديدة دخلت حيّز التنفيذ منذ منتصف يوليو/ تموز المنصرم، إلا أنّ الأسواق سبقتها بالاستجابة، إذ بدأت الأسعار بالارتفاع تدريجياً منذ لحظة صدور المرسوم، من دون أي تدخل حكومي فعّال لضبط الأسعار أو كبح توقعات التضخم. وفي ظل هذا الواقع، باتت الزيادة أقرب إلى عبء إضافي على المواطنين، لا إلى دعم يُخفّف أعباء المعيشة. ارتفاع الأسعار إلى الضعف في سوق باب سريجة وسط دمشق، يقف زياد الناصر، موظف حكومي في الخمسين من عمره، يتأمل واجهات الخضار والفواكه، ويقول لـ"العربي الجديد": "كنا نحسب بالكيلو، اليوم نحسب بالحبة. كيلو البندورة الجيدة وصل إلى 7 آلاف ليرة سورية، والدراق بـ15 ألف ليرة سورية (الدولار الأميركي = 10,375 ليرة سورية)،هذه أسعار لا يحتملها راتب موظف، حتى بعد الزيادة. فاكهة لأولادي؟ مرة في الأسبوع بالكاد، والخضار نأخذ منها ما يسد الحاجة فقط. الأسواق سبقت الحكومة ورفعت الأسعار قبل أن نستلم الراتب الجديد... لا شيء تغيّر". وفي بلدة حرستا بريف دمشق، كانت سعاد الخطيب، ربة منزل وأم لخمسة أولاد، تتحضّر كل عام في مثل هذا الوقت لتحضير مؤونة الشتاء. هذا الصيف، تقول: "نظرت إلى الأسعار وقلت لأولادي: ننسى المكدوس هذا العام. الباذنجان بـ6 آلاف ليرة سورية، والفليفلة بـ8 آلاف ليرة سورية، وتنكة الزيت بـ700 ألف ليرة سورية! حتى كيس أرز إضافي نفكر فيه مرتين. الزيادة لم تساعدنا بشيء، ذهبت كلها على ديون الشهر الماضي وحاجات يومية". أما في حي التضامن جنوبي دمشق، فتعيش سميرة الخالدي، أرملة في بداية الأربعينات، مع أطفالها الثلاثة في شقة صغيرة تفتقر إلى أبسط وسائل التهوية. تقول لـ"العربي الجديد": "كنت أفكر أن أشتري مروحة تعمل على البطارية، تساعدنا على تجاوز موجة الحرّ، لكن أصبحت بـ300 ألف! من أين لنا أن نأتي بها؟ أنام أنا والأولاد على الأرض، ونقضي نهارنا على الشرفة. الزيادة أفرحتنا يومين، بعدها كل شيء ارتفع: الكهرباء، السكر، الخبز، وحتى الحليب. شعرنا أن الزيادة كانت طُعماً، وليس دعماً". اقتصاد عربي التحديثات الحية سورية تمنع استيراد الخضار والفواكه والدواجن لـ"دعم الإنتاج المحلي" إلى جانب ارتفاع الأسعار، تعاني شريحة واسعة من الموظفين والعمال من تأخر صرف الرواتب أو حبس السيولة، ما يُفاقم الأزمة. يقول فارس أبو صالح، موظف في دائرة حكومية بدمشق: "الراتب صار يصل متأخراً، وأحياناً يعطوننا نصفه فقط. لم نعد قادرين على التخطيط لأي شيء. السوق واقفة، والناس ليست لديها أموال، والتجار كل يوم يرفعون الأسعار على مزاجهم". زيادة الرواتب سرّعت للتضخم ويرى محللون أنّ نقص السيولة يشلّ حركة الأسواق ويُضعف الدورة المالية بين المستهلكين والبائعين، ما يؤثر على العرض والطلب معاً ويعمّق حالة الركود. ويوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق مؤيد الرفاعي أنّ زيادة الرواتب جاءت في بيئة اقتصادية هشة، ويقول: "بدل أن تُحسّن الزيادة مستوى المعيشة، تحولت إلى عامل مسرّع للتضخم. نحن نتعامل مع اقتصاد مثقل بأزمات هيكلية: ضعف الإنتاج، ارتفاع تكاليف الاستيراد، انخفاض قيمة الليرة ، وارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء". ويضيف لـ"العربي الجديد": "عندما يرتفع الطلب فجأة نتيجة زيادة الرواتب، من دون أن يقابله تحسّن في المعروض، ترتفع الأسعار بشكل حاد. فعلياً، المواطن لم يربح شيئاً، لأن الأسعار قفزت بنسبة أعلى من قيمة الزيادة". ويشير إلى أنّ "أسعار بعض السلع الأساسية والخضار والفواكه ارتفعت خلال الشهر الماضي بين 15% و60%، ما يعني أن دخل المواطن الحقيقي يتآكل بسرعة، وأن القدرة الشرائية تنهار تدريجياً". وحول حالة السوق، يوضح الرفاعي أنّ "تذبذب الأسعار مردّه غياب الرقابة واحتكار بعض التجار السوق، فضلاً عن تأثر الأسعار المباشر بتقلّبات سعر الصرف". ويحذّر من أن استمرار هذا الوضع من دون تدخل حكومي حقيقي لضبط السوق وتحفيز الإنتاج، "سيؤدي إلى تفاقم الأزمة المعيشية، وازدياد الفقر، وتهديد الاستقرار الاجتماعي". ويختم بالقول: "أي سياسة لزيادة الرواتب لا بد أن تكون جزءاً من خطة اقتصادية متكاملة، تشمل ضبط الأسعار، ودعم الصناعات المحلية، وحماية الشرائح الأكثر هشاشة، حتى لا تتحول كل زيادة إلى عبء إضافي بدلاً من أن تكون أداة دعم". يُذكر أن الرئيس السوري أحمد الشرع الصورة الرئيس السوري أحمد الشرع الرئيس السوري أحمد الشرع، ولد في العاصمة السعودية الرياض عام 1982، استقر في العاصمة السورية دمشق منذ 1989، انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق عام 2003 وشارك في القتال ضد القوَّات الأميركية التي اعتقلته عام 2006 حتى 2011. عاد إلى سورية وحارب ضد بشار الأسد، وقاد معركة "ردع العدوان" لإسقاط الأسد في 8 ديسمبر 2024، وأصبح رئيساً لسورية في 29 يناير 2025. كان قد أصدر في 15 يوليو 2025 مرسومين تشريعيين؛ قضى أولهما بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة بنسبة 200%، والثاني بزيادة المعاشات التقاعدية بالنسبة نفسها، وذلك في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة المعيشية. غير أنّ هذه الزيادة، التي جاءت من دون إجراءات مرافقة لضبط الأسواق أو تعزيز الإنتاج، سرعان ما انعكست بارتفاع كبير في الأسعار، ما جعل كثيراً من السوريين يرون فيها عبئاً إضافياً لا دعماً حقيقياً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store