logo
الهوس بالماتشا يستنزف الإمدادات العالمية

الهوس بالماتشا يستنزف الإمدادات العالمية

BBC عربية٢٦-٠٧-٢٠٢٥
يجتاح هوس الماتشا العالم بأسره. ويُمكنك أن تجد هذا الشاي الياباني الأخضر الزاهي في كل شيء تقريباً، من "لاتيه ستاربكس" في المملكة المتحدة، إلى "دونات كريسبي كريم" في سنغافورة.
وتُعزى شعبية الماتشا عالمياً إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث يشارك المؤثرون نصائح ومراجعات ووصفات لتحضيره. وقد حصد هاشتاغ "ماتشا توك" عشرات الملايين من المشاهدات.
وترتبط شعبية الماتشا المتزايدة أيضاً بازدهار السياحة في اليابان بعد تفشي فيروس كورونا، إذ يُسهم سعر الصرف القليل لعملتها في جعلها وجهة جذابة، ناهيك عن تعزيز الطلب على السلع اليابانية.
وفي خضمّ هذه الضجة، يتزايد الطلب على مسحوق الماتشا بشكل كبير. وتقول لورين بورفيس، وهي مستوردة أمريكية، لبي بي سي، إن مخزون الماتشا الذي كان يكفي زبائنها شهراً، صار ينفد في غضون أيام.
وتضيف بورفيس، التي تدير شركة "ميزوبا تي": "بعض المقاهي تطلب كيلوغراماً واحداً يومياً. وهم يعملون بجدّ لمواكبة الطلب".
لكن هذا الطلب المتزايد، إلى جانب انخفاض حجم محاصيل الشاي بسبب موجات الحر والرسوم الجمركية الأمريكية على اليابان، يدفع أسعار الماتشا إلى الارتفاع أيضاً.
يُطلب الماتشا لفوائده الصحية، واحتوائه على الكافيين، إضافة إلى النكهة، ويُعد تقليدياً نتاج عملية متخصصة تعود لعدة قرون.
ويُصنع من أوراق الشاي الأخضر المعروفة باسم "تينشا"، والتي تُحفظ في الظل لأسابيع أثناء نموها. وهذه الخطوة أساسية لتطوير نكهة "أومامي" المُمِيزة للشاي، وهي مذاق لذيذ يُكمل حلاوته الطبيعية.
وتُحصد الأوراق وتُجفف وتُطحن إلى مسحوق باستخدام مطاحن حجرية، ويمكن لهذه المطاحن إنتاج 40 غراماً فقط من الماتشا في الساعة الواحدة.
لكن المزارعين واجهوا صعوبات خلال الأشهر الأخيرة، حيث أثّرت موجات الحر القياسية على المحاصيل.
وفي منطقة كيوتو، حيث مصدر نحو ربع إنتاج اليابان من نبات التينشا، أدى الطقس الحار إلى ضعف الحصاد حتى مع ارتفاع الطلب.
وتواجه البلاد أيضاً نقصاً في عدد المزارعين، وذلك بالنظر إلى تقدم سكّانها في السن، وعدم دخول عدد كافٍ من الشباب في المجال.
وفي كثير من الأحيان، تُفرغ رفوف المتاجر في أوجي، وهي مدينة في كيوتو تُشتهر بشاي الماتشا، من قبل السُيّاح بمجرد فتح أبوابها.
ونتيجة لذلك، فرض العديد من تجار التجزئة حدوداً على الكمية التي يمكن للزبائن شراؤها.
ويسمح حفل كاميليا، وهو حفل للشاي يُقام في كيوتو، للعملاء بشراء علبة واحدة فقط من الماتشا لكل منهم، إذ تضاعف عدد الزوار خلال العام الماضي، كما تقول مديرة الحفل أتسوكو موري.
وتقول ري تاكيدا، وهي خبيرة شاي يابانية، إنها تُضطر لتتبع مخزوناتها من الماتشا عن كثب، إذ إن الطلبات التي كانت تصل في السابق خلال أيام فقط، صارت تستغرق الآن أكثر من أسبوع.
وتعمل تاكيدا في شركة "تشازن"، وهي سلسلة متخصصة بحفلات الشاي ومقرها في طوكيو، وتستضيف طقوساً تقليدية تتضمن تقديم الماتشا للضيوف.
ويعني النقص في الإمداد أن أسعار الشاي في منافذ بيع "تشازن" ارتفعت بنحو 30 في المئة هذا العام.
وتقول تاكيدا: "الطلب جيد. والماتشا يُعدّ بوابة لمزيد من الناس للتعرف على الثقافة اليابانية".
ويستقطب الماتشا كذلك المزيد من المزارعين، فوفقاً لوزارة الزراعة اليابانية، تضاعف الإنتاج ثلاث مرات تقريباً بين عامي 2010 و2023.
كما أفادت الوزارة بأن صادرات الشاي الأخضر، بما في ذلك الماتشا، ارتفعت بنسبة 25 في المئة العام الماضي، لتصل إلى 36.4 مليار يَن (250 مليون دولار أمريكي).
تذوّقه، لكن لا تخزّنه
حفّز الشغف بالماتشا حركة لتشجيع الاستهلاك بطريقة أكثر وعياً.
وينتقد ناشطون مَن يعتبرونهم محتكرين للماتشا أو مستغلين لشعبيته. ويحث آخرون شاربي الشاي على توخي الحذر في الكمية التي يستهلكونها، والاستمتاع به في صورته النقيّة بدلاً من إضافته إلى وصفات وخلطات أخرى.
وتقول موري إنه "من المحزن بعض الشيء" أن نرى استخدام الماتشا عالي الجودة في الطهي، حيث تُفقد نكهته الرقيقة عادةً، أو تخزينه لإعادة بيعه.
وتضيف: "الماتشا هو أجود أنواع الشاي، وله مكانة خاصة لدينا. لذا، أشعر ببعض التناقض عندما أسمع قصصاً عن كيفية إعادة بيعه أو استخدامه في الطعام".
تُشجع جمعية الشاي اليابانية العالمية الناس على استخدام الماتشا ذي الجودة الأقل والذي يُحصد متأخراً، إذ يكون أكثر وفرة وملاءمة للطهي.
وتضيف الجمعية أن الماتشا عالي الجودة غالباً ما يفقد نكهته الرقيقة عند استخدامه في مشروبات مثل اللاتيه.
وترى الجمعية أن "تعزيز الوعي بهذه التفاصيل يساعد على ضمان الاستمتاع بالشاي الياباني مع إبداء الاحترام ودعم الحرفة والتقاليد التي تكمن وراءه".
وتقول أيضاً إن أسعار الماتشا من المرجح أن ترتفع بشكل أكبر بسبب الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على اليابان.
وأعلنت واشنطن وطوكيو يوم الثلاثاء عن اتفاق تجاري من شأنه فرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة على المنتجات اليابانية التي تدخل إلى الولايات المتحدة.
ويستعد مورّدو الماتشا لتداعيات هذه الرسوم. وتقول بورفيس إن الطلبات ارتفعت بأكثر من 70 في المئة في أوائل يوليو/تموز، وذلك على إثر اقتراب الموعد النهائي المحدد للبلدين للتوصل إلى اتفاق تجاري.
وتضيف: "بما أن الشاي الياباني لا يُزرع في الولايات المتحدة، فلا توجد منتجات أمريكية مُهددة تتطلب حماية جمركية. ونأمل أن يكون هناك إدراك لضرورة إعفاء هذا النوع من الشاي من الرسوم الجمركية".
ورغم أن الطلب المتزايد والإمدادات المحدودة تدفع الأسعار إلى الارتفاع، إلا أن هناك بصيصاً من الأمل في الأفق.
وتعتقد إحدى الشركات التي تدير سلاسل مقاهي للماتشا أن الأسعار قد تنخفض في المستقبل، ولكن ليس على المدى القريب.
ويقول ماساهيرو ناغاتا، المؤسس المشارك لشركة (ماتشا طوكيو)، لبي بي سي: "يُباع الماتشا منخفض الجودة بسعر مرتفع، ونحن نعتقد أن ذلك لن يكون من الأعمال القابلة للاستمرار بعد الآن".
ويضيف: "هناك طفرة في الوقت الحالي والطلب ينمو بسرعة، لكننا نعتقد أن الأمور ستهدأ قليلاً خلال عامين أو ثلاثة أعوام".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟
ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟

BBC عربية

timeمنذ 6 أيام

  • BBC عربية

ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟

بعد الوصول إلى الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقدم عشرات الدول بعروض لاتفاقات تجارية مع الولايات المتحدة، وهو الأول من أغسطس/آب الجاري، لم تستجب جميع الدول لما طلبته واشنطن لتخضع لتعريفة جمركية مرتفعة بداية من هذا الشهر. في هذا الصدد نحاول التوصل إلى إجابات على الكثير من الأسئلة التي يطرحها الموقف الراهن لسياسات ترامب التجارية وما قد تخلفه من آثار على الاقتصاد الأمريكي والعالمي واقتصادات المنطقة العربية. وأعلن ترامب في الثاني من إبريل/نيسان الماضي ما يُعرف "بالتعريفة الجمركية المتبادلة" التي تطال عدداً كبيراً من دول العالم برسوم غير مسبوقة تُفرض على صادرات هذه الدول إلى الولايات المتحدة. لكن الرئيس ترامب عاد في الثامن من نفس الشهر وأمر بتعليق العمل بهذه التعريفة لمدة تسعين يوماً تنتهي في التاسع من يوليو/تموز الماضي، وهو الموعد الذي تم تمديده إلى الأول من أغسطس/آب الجاري. واعتبر كثيرون الموعد النهائي مهلة للشركاء التجاريين للولايات المتحدة للتقدم بعروض لاتفاقات تجارية والعمل على التفاوض بشأنها وإلا تعرضوا للعودة إلى تفعيل التعريفة الجمركية. وجاء قرار التمديد ليلقي الضوء على احتمالات أن تكون الإدارة الأمريكية تستخدم التفاوض في الاتفاقات التجارية كورقة ضغط من أجل تحقيق مكاسب تجارية. لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ هل يمكن أن يتماسك الجنيه المصري في الأيام المقبلة؟ ما هي الدول التي توصلت إلى اتفاقات؟ توصلت الإدارة الأمريكية إلى اتفاقات تجارية مع عدد من شركائها التجاريين، أهمهم المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، وفيتنام وغيرها من دول الاقتصادات الرئيسية والناشئة على مستوى العالم. على الجانب الآخر، هناك دول هامة على الصعيد التجاري لم تتمكن من التوصل إلى اتفاقات تجارية مع واشنطن، أبرزها كندا، والمكسيك، وتايوان، والهند، وهو ما أدى إلى فرض تعريفة جمركية مرتفعة على صادراتها إلى الولايات المتحدة. وتوصل الجانبان الأمريكي والصيني لما وُصف بالهدنة التجارية التي تتضمن تعليق العمل ببعض التعريفات الجمركية في بعض القطاعات، علاوة على تأجيل تفعيل بعض الرسوم مع سريان بعضها، والذي كان مفروضًا من قبل. "مصالح واشنطن أولاً" قال مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد والتمويل، لبي بي سي: "بعد انتهاء المهلة التي حددها ترامب لعقد اتفاقات تجارية جديدة مع الشركاء التجاريين لبلاده، يبدو المشهد العالمي مهيئاً لتغييرات عميقة في قواعد اللعبة التجارية، تتجاوز ما اعتدناه منذ تأسيس النظام التجاري متعدد الأطراف بعد الحرب العالمية الثانية". وأضاف: "الوضع الحالي يعكس تصعيداً مُمنهجاً للضغوط الأمريكية على الشركاء التجاريين، من أجل إعادة صياغة الاتفاقات بما يحقق مصالح واشنطن أولاً". وأشار إلى أن الرئيس ترامب استطاع بالفعل في فترة ولايته الأولى أن يفرض إيقاعاً تفاوضياً جديداً، تُرجم إلى اتفاقيات محدثة مثل اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) بدلاً من نافتا. لكن نافع أكد أن هذه النجاحات جاءت بثمنٍ باهظ يتمثل في توتر الأسواق، وازدياد انعدام اليقين، وتقويض الثقة في منظمة التجارة العالمية، وهو ما جعل مناخ الاستثمار العالمي أكثر هشاشة. وأعلن ترامب وضع تعريفة جمركية مرتفعة، كانت معلقة لأكثر من 90 يوماً، حيز التنفيذ على 69 شريكاً تجارياً للولايات المتحدة تتراوح بين 10 في المئة و41 في المئة. ويبدأ تطبيق هذه النسب على أرض الواقع خلال سبعة أيام من هذا الإعلان. وقال الرئيس الأمريكي إنه سوف يتخذ القرار في وقتٍ لاحقٍ بشأن تمديد الهدنة التجارية مع الصين من عدمه، وما إذا كانت الهدنة سوف تستمر من أجل المزيد من التفاوض أو البدء في العمل بالتعريفة الجمركية الأمريكية الهائلة المفروضة على الصين بمجرد انتهاء الهدنة في 12 أغسطس/آب الجاري. وقبل الدخول في مفاوضات تجارية مع الصين، كان الرئيس الأمريكي قد فرض تعريفة جمركية على واردات بلاده من الصين بقيمة 145 في المئة. وقال محمد حسن زيدان، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى شركة كافيو للوساطة المالية لبي بي سي: "أرى أن الوضع الحالي لسياسات الرئيس ترامب التجارية يعكس نهجاً متشدداً يهدف إلى إعادة تشكيل العلاقات التجارية العالمية تحت شعار 'أمريكا أولاً'". وأضاف: "نجح ترامب إلى حدٍ ما في فرض هيمنة تجارية عبر اتفاقات ثنائية مع كيانات مثل الاتحاد الأوروبي (تعريفة جمركية بقيمة 15 في المئة)، وبريطانيا، واليابان، لكنه لم يحقق هدفه الطموح بـ '90 صفقة في 90 يوماً'". "أداة تفاوض وعقاب" وقال نافع: "أما التأثيرات الاقتصادية المترتبة على النسب الجديدة للتعريفات والاتفاقات، فهي لا تقتصر على الجوانب التجارية المباشرة، بل تمتد إلى آليات التسعير والتضخم". وأضاف: "رفع التعريفات يُترجم إلى زيادة في تكلفة الاستيراد، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والوسيطة، وبالتالي الضغط على المستهلك الأمريكي نفسه". وأكد أن هذا المسار "يُربك البنوك المركزية ويقيد قدرتها على التوفيق بين استهداف التضخم ودعم النمو، وهو ما قد يدفع ببعض الاقتصادات المتقدمة إلى حافة الركود التقني". كيف يتأثر الاقتصاد العالمي؟ قال زيدان: "التعريفات الجديدة، التي تتراوح بين 10 في المئة و145 في المئة (كما على الصين)، قد تؤجج التضخم عالمياً بسبب ارتفاع تكاليف الواردات، مع تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي نتيجة اضطراب سلاسل التوريد". وأشار أيضاً إلى إمكانية تفاقم التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركاء تجاريين مهمين، وهو ما يتضح في حالة الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال المشهد على صعيد اتفاقه التجاري مع واشنطن مغلفاً بالكثير من انعدام اليقين. فشروط الاتفاق بين الجانبين الأمريكي والأوروبي لا تزال قيد التفاوض. كما لا نعرف ما الذي يمكن أن تنتهي إليه الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين. وحذر نافع من آثار أخرى للتعريفة الجمركية على الاقتصاد العالمي؛ وهي محدودية الخيارات أمام الدول التي لم توقع اتفاقات تجارية مع واشنطن، إذ أن هذه الدول: "إما أن تخضع للشروط الأمريكية والدخول في اتفاقات غير متكافئة، أو الدخول في مواجهات تجارية قد تُفضي إلى اضطراب أكبر في سلاسل التوريد العالمية". ترامب وميلوني يبحثان فرص التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا ترامب يستثني الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من الرسوم الجمركية الجديدة المنطقة العربية المنطقة العربية، ومصر على وجه الخصوص، ليست في منأى عن تلك التبعات، حتى وإن لم تكن طرفاً مباشراً في هذه الاتفاقات أو الخلافات، وفقًا لنافع. وقال، في تصريحات لبي بي سي: "فمع تعطل سلاسل التوريد وارتفاع تكلفة النقل، تتأثر اقتصادات المنطقة من خلال قنوات عدة: أبرزها تقلب أسعار السلع الأساسية، وتراجع الطلب العالمي على صادراتها، فضلاً عن احتمالات انكماش تحويلات العاملين بالخارج إذا تباطأ النشاط الاقتصادي في الدول المضيفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الخليج". كما حذر من أن إعادة رسم خريطة الاستثمارات العالمية قد تؤدي إلى تقليص تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، التي تعتمد على استثمارات قصيرة ومتوسطة الأجل لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي وتمويل العجز المالي. وفي السياق ذاته، قد لا تكون اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) بمنأى عن هذه التداعيات، إذ من المحتمل أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في بعض بنودها، مثل نسبة المكوّن الإسرائيلي أو قواعد المنشأ، مما قد يضر بالصادرات المصرية، وفقاً لنافع. وفرضت الإدارة الأمريكية رسوماً جمركية على 69 دولة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة تتراوح بين 10 في المئة و41 في المئة بعد انتهاء المهلة التي أعطاها الرئيس الأمريكي لتلك الدول من أجل التقدم بعروض للدخول في اتفاقات تجارية مع واشنطن. وفرض ترامب تعريفة جمركية على كندا بقيمة 35 في المئة، وتعريفة جمركية على واردات بلاده من سويسرا بقيمة 39 في المئة، مع فرض تعريفة على الواردات الأمريكية من الهند بقيمة 25 في المئة. ورأى زيدان أن تأثير سياسات ترامب التجارية على الشرق الأوسط لن يكون بسبب التعريفات الجمركية في حد ذاتها، بل بسبب النتائج السلبية الناتجة عنها اذا خرجت الأمور عن السيطرة، فدخول الاقتصاد العالمي في أي مأزق من شانه أن يضر بمصر ودول الشرق الأوسط بشكل مباشر". وأشار إلى أن الأمر يتطلب من الدول العربية "تنويع الأسواق ومصادر الاستثمارات، وتعزيز التكامل الإقليمي لتخفيف الصدمات في حال أرادت هذه الدول الخروج من المأزق المُحتمل". وفرضت إدارة ترامب تعريفة جمركية على دول عربية تتضمن 15 في المئة على الأردن، و25 في المئة على تونس، و30 في المئة على الجزائر وليبيا، و35 في المئة على العراق، و41 في المئة على سوريا. "أداة سياسية بامتياز" وقالت رانيا وجدي، كبيرة استراتيجيي الأسواق في شركة "أو دبليو ماركتس"، لبي بي سي إن "ربط ترامب الملفات التجارية بقضايا سيادية، مثل الأمن الحدودي وتهريب المخدرات مع كندا، يمثل سابقة خطيرة في التجارة الدولية. هذا التوسع في نطاق النزاع التجاري إلى ساحات سياسية يعقد التوصل إلى حلول ويرفع احتمال استمرار التوتر لفترة أطول". وأضافت أن "وجود تعريفات عالية على دول مثل كندا والهند، حتى مع استمرار المفاوضات، يؤكد أن إدارة ترامب تستخدم التعريفات كأداة ضغط مستمرة وليست مجرد تهديد مؤقت". ويرى نافع أن "السياسة التجارية الأمريكية باتت أداة سياسية بامتياز، تتجاوز مقتضيات الاقتصاد الكلي إلى حسابات انتخابية وجيوسياسية". وأضاف أنه "على الدول النامية، ومنها مصر، أن تُحسن قراءة هذا التحول، لا عبر التكيّف معه فقط، بل من خلال تنويع شراكاتها التجارية، وتعزيز إنتاجها المحلي، وبناء قدرة تفاوضية جماعية إقليمية تقيها التقلبات القادمة". وأكدت وجدي أنه على الرغم من نجاح الإدارة الأمريكية في عقد اتفاقيات مع بعض الشركاء كالاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، إلا أن هذه الاتفاقات جاءت مشروطة ومبنية على تنازلات قاسية من الطرف الآخر.

الهوس بالماتشا يستنزف الإمدادات العالمية
الهوس بالماتشا يستنزف الإمدادات العالمية

BBC عربية

time٢٦-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

الهوس بالماتشا يستنزف الإمدادات العالمية

يجتاح هوس الماتشا العالم بأسره. ويُمكنك أن تجد هذا الشاي الياباني الأخضر الزاهي في كل شيء تقريباً، من "لاتيه ستاربكس" في المملكة المتحدة، إلى "دونات كريسبي كريم" في سنغافورة. وتُعزى شعبية الماتشا عالمياً إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث يشارك المؤثرون نصائح ومراجعات ووصفات لتحضيره. وقد حصد هاشتاغ "ماتشا توك" عشرات الملايين من المشاهدات. وترتبط شعبية الماتشا المتزايدة أيضاً بازدهار السياحة في اليابان بعد تفشي فيروس كورونا، إذ يُسهم سعر الصرف القليل لعملتها في جعلها وجهة جذابة، ناهيك عن تعزيز الطلب على السلع اليابانية. وفي خضمّ هذه الضجة، يتزايد الطلب على مسحوق الماتشا بشكل كبير. وتقول لورين بورفيس، وهي مستوردة أمريكية، لبي بي سي، إن مخزون الماتشا الذي كان يكفي زبائنها شهراً، صار ينفد في غضون أيام. وتضيف بورفيس، التي تدير شركة "ميزوبا تي": "بعض المقاهي تطلب كيلوغراماً واحداً يومياً. وهم يعملون بجدّ لمواكبة الطلب". لكن هذا الطلب المتزايد، إلى جانب انخفاض حجم محاصيل الشاي بسبب موجات الحر والرسوم الجمركية الأمريكية على اليابان، يدفع أسعار الماتشا إلى الارتفاع أيضاً. يُطلب الماتشا لفوائده الصحية، واحتوائه على الكافيين، إضافة إلى النكهة، ويُعد تقليدياً نتاج عملية متخصصة تعود لعدة قرون. ويُصنع من أوراق الشاي الأخضر المعروفة باسم "تينشا"، والتي تُحفظ في الظل لأسابيع أثناء نموها. وهذه الخطوة أساسية لتطوير نكهة "أومامي" المُمِيزة للشاي، وهي مذاق لذيذ يُكمل حلاوته الطبيعية. وتُحصد الأوراق وتُجفف وتُطحن إلى مسحوق باستخدام مطاحن حجرية، ويمكن لهذه المطاحن إنتاج 40 غراماً فقط من الماتشا في الساعة الواحدة. لكن المزارعين واجهوا صعوبات خلال الأشهر الأخيرة، حيث أثّرت موجات الحر القياسية على المحاصيل. وفي منطقة كيوتو، حيث مصدر نحو ربع إنتاج اليابان من نبات التينشا، أدى الطقس الحار إلى ضعف الحصاد حتى مع ارتفاع الطلب. وتواجه البلاد أيضاً نقصاً في عدد المزارعين، وذلك بالنظر إلى تقدم سكّانها في السن، وعدم دخول عدد كافٍ من الشباب في المجال. وفي كثير من الأحيان، تُفرغ رفوف المتاجر في أوجي، وهي مدينة في كيوتو تُشتهر بشاي الماتشا، من قبل السُيّاح بمجرد فتح أبوابها. ونتيجة لذلك، فرض العديد من تجار التجزئة حدوداً على الكمية التي يمكن للزبائن شراؤها. ويسمح حفل كاميليا، وهو حفل للشاي يُقام في كيوتو، للعملاء بشراء علبة واحدة فقط من الماتشا لكل منهم، إذ تضاعف عدد الزوار خلال العام الماضي، كما تقول مديرة الحفل أتسوكو موري. وتقول ري تاكيدا، وهي خبيرة شاي يابانية، إنها تُضطر لتتبع مخزوناتها من الماتشا عن كثب، إذ إن الطلبات التي كانت تصل في السابق خلال أيام فقط، صارت تستغرق الآن أكثر من أسبوع. وتعمل تاكيدا في شركة "تشازن"، وهي سلسلة متخصصة بحفلات الشاي ومقرها في طوكيو، وتستضيف طقوساً تقليدية تتضمن تقديم الماتشا للضيوف. ويعني النقص في الإمداد أن أسعار الشاي في منافذ بيع "تشازن" ارتفعت بنحو 30 في المئة هذا العام. وتقول تاكيدا: "الطلب جيد. والماتشا يُعدّ بوابة لمزيد من الناس للتعرف على الثقافة اليابانية". ويستقطب الماتشا كذلك المزيد من المزارعين، فوفقاً لوزارة الزراعة اليابانية، تضاعف الإنتاج ثلاث مرات تقريباً بين عامي 2010 و2023. كما أفادت الوزارة بأن صادرات الشاي الأخضر، بما في ذلك الماتشا، ارتفعت بنسبة 25 في المئة العام الماضي، لتصل إلى 36.4 مليار يَن (250 مليون دولار أمريكي). تذوّقه، لكن لا تخزّنه حفّز الشغف بالماتشا حركة لتشجيع الاستهلاك بطريقة أكثر وعياً. وينتقد ناشطون مَن يعتبرونهم محتكرين للماتشا أو مستغلين لشعبيته. ويحث آخرون شاربي الشاي على توخي الحذر في الكمية التي يستهلكونها، والاستمتاع به في صورته النقيّة بدلاً من إضافته إلى وصفات وخلطات أخرى. وتقول موري إنه "من المحزن بعض الشيء" أن نرى استخدام الماتشا عالي الجودة في الطهي، حيث تُفقد نكهته الرقيقة عادةً، أو تخزينه لإعادة بيعه. وتضيف: "الماتشا هو أجود أنواع الشاي، وله مكانة خاصة لدينا. لذا، أشعر ببعض التناقض عندما أسمع قصصاً عن كيفية إعادة بيعه أو استخدامه في الطعام". تُشجع جمعية الشاي اليابانية العالمية الناس على استخدام الماتشا ذي الجودة الأقل والذي يُحصد متأخراً، إذ يكون أكثر وفرة وملاءمة للطهي. وتضيف الجمعية أن الماتشا عالي الجودة غالباً ما يفقد نكهته الرقيقة عند استخدامه في مشروبات مثل اللاتيه. وترى الجمعية أن "تعزيز الوعي بهذه التفاصيل يساعد على ضمان الاستمتاع بالشاي الياباني مع إبداء الاحترام ودعم الحرفة والتقاليد التي تكمن وراءه". وتقول أيضاً إن أسعار الماتشا من المرجح أن ترتفع بشكل أكبر بسبب الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على اليابان. وأعلنت واشنطن وطوكيو يوم الثلاثاء عن اتفاق تجاري من شأنه فرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المئة على المنتجات اليابانية التي تدخل إلى الولايات المتحدة. ويستعد مورّدو الماتشا لتداعيات هذه الرسوم. وتقول بورفيس إن الطلبات ارتفعت بأكثر من 70 في المئة في أوائل يوليو/تموز، وذلك على إثر اقتراب الموعد النهائي المحدد للبلدين للتوصل إلى اتفاق تجاري. وتضيف: "بما أن الشاي الياباني لا يُزرع في الولايات المتحدة، فلا توجد منتجات أمريكية مُهددة تتطلب حماية جمركية. ونأمل أن يكون هناك إدراك لضرورة إعفاء هذا النوع من الشاي من الرسوم الجمركية". ورغم أن الطلب المتزايد والإمدادات المحدودة تدفع الأسعار إلى الارتفاع، إلا أن هناك بصيصاً من الأمل في الأفق. وتعتقد إحدى الشركات التي تدير سلاسل مقاهي للماتشا أن الأسعار قد تنخفض في المستقبل، ولكن ليس على المدى القريب. ويقول ماساهيرو ناغاتا، المؤسس المشارك لشركة (ماتشا طوكيو)، لبي بي سي: "يُباع الماتشا منخفض الجودة بسعر مرتفع، ونحن نعتقد أن ذلك لن يكون من الأعمال القابلة للاستمرار بعد الآن". ويضيف: "هناك طفرة في الوقت الحالي والطلب ينمو بسرعة، لكننا نعتقد أن الأمور ستهدأ قليلاً خلال عامين أو ثلاثة أعوام".

ترامب يعلن إبرام "أكبر صفقة تجارية في التاريخ" مع اليابان
ترامب يعلن إبرام "أكبر صفقة تجارية في التاريخ" مع اليابان

BBC عربية

time٢٣-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

ترامب يعلن إبرام "أكبر صفقة تجارية في التاريخ" مع اليابان

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة وافقت على إبرام صفقة تجارية "ضخمة" مع اليابان، التي تُعد أكبر شركائها التجاريين. وقال ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن الصفقة ستؤدي إلى استثمار اليابان 550 مليار دولار في الولايات المتحدة، ودفع تعريفة جمركية متبادلة بنسبة 15 في المئة. وأضاف أن اليابان ستفتح اقتصادها أمام السلع الأمريكية، بما في ذلك السيارات والشاحنات والأرز وبعض المنتجات الزراعية الأخرى. وقال كبير مفاوضي التجارة في اليابان، ريوسي أكازاوا، في منشور على منصة فيسبوك، إنه زار البيت الأبيض، مستخدماً وسم "المهمة أُنجزت" ضمن منشوره، من جهتها تواصلت بي بي سي مع السفارة اليابانية في واشنطن بغية معرفة تفاصيل الصفقة. وقال ترامب خلال مراسم أقيمت في البيت الأبيض مساء الثلاثاء: "وقّعت لتوي على أكبر صفقة تجارية في التاريخ، وربما تكون أكبر صفقة على الإطلاق، مع اليابان." وأضاف: "شارك كبار مسؤوليهم هنا، وعملنا على هذه الصفقة بجد واجتهاد. إنها صفقة ممتازة للجميع. أقول دائماً: يجب أن تكون الصفقة جيدة للجميع، إنها صفقة عظيمة." ولفت ترامب أيضاً إلى أنه سيجري الإعلان عن صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء، مشيراً إلى أن المزيد من الصفقات ستُعلن قريباً. كما تواصلت بي بي سي مع البيت الأبيض لمعرفة تفاصيل الصفقة التجارية. ورحب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا بإعلان ترامب وأكد أنه توصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. وقال إيشيبا خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء "إن معدل الرسوم الجمركية اليابانية، الذي كان من المقرر أن يرتفع إلى 25% على الرسوم الجمركية المتبادلة، تم الإبقاء عليه عند 15%. وهذا هو أدنى رقم حتى الآن بين الدول التي لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة". وأكد إيشيبا أيضاً أنه سيتم تخفيض رسوم الاستيراد الأمريكية على السيارات اليابانية إلى 15% من 25%. وأضاف أن "الاتفاقية لا تتضمن أي تخفيض في الرسوم الجمركية من الجانب الياباني، بما في ذلك على المنتجات الزراعية". وكانت خطة التعريفات الجمركية لشهر أبريل، التي شملت فرض رسوم على العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين في شتى أرجاء العالم، قد عُلّقت لمدة 90 يوماً على إثر اضطرابات شهدتها الأسواق العالمية، الأمر الذي أتاح لممثلي التجارة في طوكيو فرصة للتفاوض مع نظرائهم في واشنطن. وسجل مؤشر الأسهم الياباني، نيكي 225، ارتفاعاً بنحو 2 في المئة صباح يوم الأربعاء في طوكيو. كما قفزت أسهم عمالقة صناعة السيارات مثل "تويوتا" و"نيسان" و"هوندا"، بعد أن أعلنت هيئة الإذاعة اليابانية أن التعريفات الجمركية القائمة على شركات السيارات اليابانية سوف تنخفض. وتأتي الصفقة المعلن عنها في ظل ضغوط تمُارس على رئيس الوزراء الياباني، شيغيرو إيشيبا، لتقديم استقالته بعد أن خسر حزبه الليبرالي الديمقراطي أغلبيته في مجلس الشيوخ خلال انتخابات جرت نهاية الأسبوع. وكان الحزب الليبرالي الديمقراطي قد خسر أيضاً أغلبيته في مجلس النواب الأقوى في اليابان العام الماضي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store