
التداعيات الاقتصادية والعالمية لخطة ترامب مع أوكرانيا بالأسلحة وتهديداته بفرض التعريفات الجمركية
منذ نهاية الحرب الباردة، شكّلت العولمة العلاقات الدولية والأنظمة الاقتصادية، مما عزز الترابط بين الدول. وقد اعتُبر هذا الترابط في كثير من الأحيان رادعًا للصراعات واسعة النطاق، حيث ربطت التجارة والتعاون الاقتصادات ببعضها البعض. ومع ذلك، في القرن الحادي والعشرين، بدأت التوترات الجيوسياسية تتحدى هذا التصور. فقد أثارت عملية ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، والعقوبات اللاحقة ضد روسيا، والغزو الشامل لأوكرانيا عام 2022، نقاشات جديدة حول استخدام الأدوات الاقتصادية كوسائل للسياسة الخارجية. وأصبحت العقوبات والتعريفات الجمركية والقيود التجارية استراتيجيات أساسية للتأثير على سلوك الدول دون اللجوء إلى المواجهة العسكرية المباشرة.
يمثل الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تزويد أوكرانيا بأسلحة متقدمة عبر دول حلف الناتو، إلى جانب التهديد بفرض تعريفات جمركية ثانوية بنسبة 100% على شركاء روسيا التجاريين، مثالًا على تطور هذه الأدوات الاقتصادية. يتناول هذا المقال الآثار الاقتصادية والتداعيات العالمية لهذه السياسات، مع التركيز على إمكانيتها لإعادة تشكيل التجارة الدولية وديناميكيات القوة العالمية.
تتضمن خطة ترامب تزويد أوكرانيا بأسلحة 'متطورة للغاية' بقيمة مليارات الدولارات لتعزيز دفاعاتها ضد الضربات الجوية الروسية. كما ستقوم الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو بتقديم أنظمة الدفاع الجوي 'باتريوت' الموجودة لديها إلى كييف، على أن يتم استبدالها لاحقًا بأنظمة أمريكية. تسعى هذه الخطوة الاستراتيجية إلى تقوية القدرات العسكرية الأوكرانية مع إعادة تأكيد الدور الجماعي لحلف الناتو في الصراع.
اقتصاديًا، قد يكون لاقتراح فرض تعريفات جمركية ثانوية بنسبة 100% على أي دولة تواصل التجارة مع روسيا عواقب بعيدة المدى. ستعاقب هذه التعريفات فعليًا دولًا مثل الهند أو الصين التي تستورد النفط الروسي من خلال فرض ضرائب على صادراتها إلى السوق الأمريكية. وتهدف هذه الإجراءات إلى قطع العلاقات الاقتصادية لروسيا وتقليل قدرتها على تحقيق الإيرادات لتمويل مجهودها الحربي. وبما أن النفط والغاز يمثلان أكثر من 60% من صادرات روسيا وحوالي ثلث ميزانيتها الحكومية، فقد تحدّ هذه التعريفات بشكل كبير من القدرة المالية لموسكو.
ومع ذلك، فإن التداعيات العالمية لهذه السياسات معقدة. أولًا، إن تنفيذ التعريفات الثانوية يهدد بتفكيك سلاسل الإمداد الدولية. وقد تُجبر الدول التي تحافظ على علاقات تجارية مع روسيا على الاختيار بين الوصول إلى السوق الأمريكية ومواصلة التعامل مع موسكو. يمكن أن يؤدي هذا السيناريو إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضغوط تضخمية، واضطرابات في الصناعات الحيوية التي تعتمد على تدفقات التجارة العالمية.
ثانيًا، قد تواجه الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الصادرات إلى الولايات المتحدة خسائر كبيرة في الإيرادات إذا وقعت في هذا الصراع الجيوسياسي. وقد تكافح الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص للتكيف مع السياسات التجارية المتغيرة بسرعة والتعريفات المتزايدة.
إن الارتفاع غير المتوقع لمؤشر بورصة موسكو بعد إعلان ترامب يشير إلى أن المستثمرين كانوا يتوقعون عقوبات أكثر صرامة على الفور. ومع ذلك، تعكس الإجراءات المقترحة اتجاهًا أوسع يتمثل في استخدام الأدوات الاقتصادية كوسائل للاستراتيجية الجيوسياسية.
في الختام، بينما يسعى نهج ترامب المزدوج المتمثل في المساعدات العسكرية والإكراه الاقتصادي إلى تسريع حل الصراع الأوكراني، فإنه يبرز في الوقت نفسه هشاشة الترابط الاقتصادي العالمي. وإذا تم تنفيذ هذه السياسات، فقد تسرّع من انقسام الأسواق العالمية إلى كتل متنافسة، مما يخلق تحديات أمام النمو والابتكار والتعاون الدولي.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
وزير التجارة الأميركي: ترامب يحب تيك توك حقًا لكن لا بد من نقله إلى ملكية أميركية
قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، يوم الأحد، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحب " تيك توك"، لكن لابد من انتقال التطبيق، المملوك لشركة بايت دانس الصينية، إلى ملكية أميركية. ويستخدم أكثر من 170 مليون أميركي تطبيق تيك توك. وقال لوتنيك، في مقابلة مع المذيعة شانون بريم في برنامج "Fox News Sunday": "الرئيس يحب تيك توك حقًا، وقال ذلك مرارًا وتكرارًا، لأنه، كما تعلمين، كان وسيلة جيدة للتواصل مع الشباب"، بحسب "رويترز". وتابع: "لكن دعونا نواجه الأمر، لا يمكنك السماح للصينيين بأن يكون لديهم تطبيق على 100 مليون هاتف أميركي، فهذا ببساطة غير مقبول". وأضاف وزير التجارة: "لذا، يجب أن ينتقل (تيك توك) إلى ملكية أميركية، يجب أن ينتقل إلى تكنولوجيا أميركية، وخوارزميات أميركية". وقال: "أعلم أن الرئيس إيجابي تجاه تيك توك، إذا تمكم من الانتقال إلى أيدٍ أميركية". جاءت تصريحات وزير التجارة الأميركية بعدما كان حذر يوم الخميس من أن "تيك توك" سيتعين عليه التوقف عن العمل في الولايات المتحدة إذا لم توافق الصين على صفقة لبيع أعمال التطبيق في أميركا. وفي الشهر الماضي، مدد الرئيس ترامب الموعد النهائي الممنوح لشركة بايت دانس الصينية لبيع أعمال "تيك توك" في الولايات المتحدة لمدة 90 يومًا تنتهي في 17 سبتمبر المقبل. وجاء قرار ترامب على الرغم من قانون صدر عام 2024 يُلزم ببيع أو إغلاق "تيك توك" بحلول 19 يناير من هذا العام إذا لم يُحرز تقدم يُذكر في بيع أعماله. وكان العمل جاريًا خلال ربيع هذا العام على صفقة من شأنها فصل عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة إلى شركة جديدة مقرها الولايات المتحدة، مملوكة بأغلبية ويديرها مستثمرون أميركيون. لكن هذه الصفقة توقفت بعد أن أشارت الصين إلى أنها لن توافق عليها عقب إعلانات ترامب عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الصينية. وأجل ترامب ثلاث مرات تنفيذ القانون الفيدرالي الذي يفرض بيع أو إغلاق "تيك توك" في الولايات المتحدة، والذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في يناير.


الحدث
منذ 12 ساعات
- الحدث
صعيد حدودي بين تايلاند وكمبوديا رغم مساعي التهدئة
شهدت الحدود بين كمبوديا و تايلاند تصعيدًا خطيرًا في ساعة مبكرة من صباح الأحد، حيث تبادل الطرفان القصف المدفعي، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توصل زعيمي البلدين إلى اتفاق للعمل نحو وقف إطلاق النار. يأتي هذا التطور المقلق في أعقاب أربعة أيام من المواجهات الأعنف التي تشهدها المنطقة الحدودية منذ أكثر من عقد، والتي خلفت أكثر من 30 قتيلًا، غالبيتهم من المدنيين، وتسببت في نزوح ما يزيد عن 130 ألف شخص من القرى القريبة من مناطق الاشتباكات. وأفادت وزارة الدفاع الكمبودية بأن الجيش التايلاندي شن هجمات برية وقصفًا مدفعيًا على عدة نقاط حدودية، بما في ذلك منطقة قرب مقاطعة ترات الساحلية التايلاندية. وأكد المتحدث باسم الوزارة أن القصف استهدف مجمعات معابد تاريخية، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات بشرية. في المقابل، صرح الجيش التايلاندي بأن القوات الكمبودية فتحت النار على عدة مناطق قرب الحدود، بما في ذلك مواقع مدنية. وذكر حاكم مقاطعة سورين أن قذيفة سقطت على منزل وأدت إلى نفوق ماشية. وفي مقاطعة سيساكيت التايلاندية، أفاد مراسلو رويترز بسماع دوي قصف عنيف فجر الأحد، رغم عدم التأكد مما إذا كانت القذائف أطلقت من الجانب الكمبودي أم التايلاندي. تتسم العلاقات بين البلدين بتوتر مستمر منذ سنوات بسبب النزاع على المنطقة المحيطة بمعبد "بريا فيهير" ، المدرج ضمن قائمة التراث العالمي. يتنازع الطرفان على السيادة في هذه المنطقة، على الرغم من صدور أحكام سابقة من محكمة العدل الدولية.


صدى الالكترونية
منذ 13 ساعات
- صدى الالكترونية
ترامب يوجه اتهامات للديمقراطيين بدفع أموال للمشاهير لتأييدهم
هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الديمقراطيين، متهماً إياهم بدفع ملايين الدولارات لعدد من المشاهير مقابل تأييدهم، في ممارسات وصفها بأنها 'غير قانونية تماماً' مؤكداً أنها يجب أن تؤدي بهم إلى المحاكمة. وأوضح ترامب إن الديمقراطيين تدينوا مبالغ طائلة من المال خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مضيفاً أنهم 'يعترفون بدفع، ربما بشكل غير قانوني، مبلغ 11 مليون دولار للمغنية بيونسيه مقابل تأييدها لهم'. وامتدت اتهاماته لتشمل شخصيات بارزة أخرى، فقال إن ثلاثة ملايين دولار دُفعت لأوبرا وينفري تحت بند 'مصاريف'، بالإضافة إلى 900 ألف دولار تم دفعها للمذيع التلفزيوني آل شاربتون. كما ألمح إلى وجود أسماء أخرى تلقت أموالاً من الديمقراطيين.