logo
'الحزب' بنسخته التكفيرية: 'فئة مختارة' ودروع بشرية

'الحزب' بنسخته التكفيرية: 'فئة مختارة' ودروع بشرية

صوت لبنانمنذ 5 أيام
كتب سامر زريق في 'نداء الوطن':
في العام الثالث للهجرة، وبينما كان الإسلام كقوة سياسية لا يزال طري العود، دارت رحى معركة بين جيش المسلمين بقيادة النبي، وبين قبيلة قريش القوية، عرفت بـ 'غزوة أُحُد'، بعدما اتخذ النبي من جبل يحمل الاسم نفسه على تخوم المدينة المنورة ساترًا دفاعيًا.
تحتل هذه المعركة موقعًا مركزيًا في الموروث الإسلامي لما فيها من عِبَر، منها حرص النبي على أن يكون القتال خارج المجتمع المديني، والتي يحاجج بها المسلون ضد حماس وتهورها، وفيها خسر المسلمون انتصارًا كان في يدهم، وتعرضوا لمحنة شديدة، بلغت حد إصابة النبي. في تلك اللحظة العصيبة، دعا النبي قائلًا: 'اللهم لا يعلون عليك، لا قوة لنا إلا بك'، فنزل قول الله تعالى في سورة 'آل عمران' 'ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون'.
الشاهد أن هذا الدعاء وهذه الآية يتم استحضارهما بشكل مكثف في زماننا على وقع تراكم المحن والخيبات عند المسلمين سنة وشيعة، ولا سيما مؤخراً. من الزلزال الذي نزل بـ 'حزب الله' و'شيعته' وصولاً إلى إيران، الدولة المركزية الشيعية، إلى انفلاش الصراعات في سوريا، وتمدد آثارها إلى لبنان، والتي تتجاوز فكرة الوجود الديموغرافي، لتتصل بالتأثير السياسي وقيمه المتغيرة ضمن قواعد لعبة يعاد تشكيلها بالدم. تتخذ هذه الصراعات طابعًا مذهبيًا شديد الكثافة والتركيز، ضمن لوحة كبرى عنوانها الصراع التاريخي السني – الشيعي بكافة أشكاله وقيمه وتحولاته حسب موازين القوى الدولية و'الجماعاتية'، حيث تشحن الغرائز وتستحضر الرمزيات.
ذلك أن الموحدين المعروفين بـ 'الدروز'، هم في الأصل جماعة ولدت من رحم 'الإسماعيلية' ودولتها القوية 'الفاطمية'، المنسوبة إلى فاطمة الزهراء ابنة النبي، والتي لها مكانة مميزة في الموروث الشيعي. والإسماعيليون، كما العلويون وجماعات أخرى، ينتسبون إلى الشيعة، وكانوا أكثر قوة وانتشارًا خلال بعض الحقب التاريخية، من 'الإماميين' أو 'الإثنا عشرية'، التي يلتصق بها مصطلح الشيعة في التاريخ المعاصر، نتيجة توسع انتشارهم وتنامي قوتهم السياسية.
بيد أن المثير في حمأة توهج الصراعات هو موقف 'حزب الله' كجماعة راديكالية شديدة الغلو، ليس تجاه السنة فحسب، بل كذلك إزاء الموحدين والعلويين، وما يتسم به من استعلاء ممزوج بعوامل تكفيرية، يتمأسس حول مفهوم 'الجماعة الناجية' الشديد التماهي مع 'شعب الله المختار'، فيما تندرج الفرق الشيعية الأخرى ضمن 'الفئات الباغية'.
وإذا كان هذا الموقف يحضر في السخرية من مصاب الموحدين، بمفعول انتقامي رجعي يتدثر بحادثة 'شويا'، ويتصل بكيفية التعامل معهم إبان 'غزوة 7 أيار' وإعمال القتل فيهم، إلا أنه يبرز بصلافة أكبر في التعامل مع العلويين، واعتبارهم 'جماعة مارقة'، حتى أيام نظام بشار الأسد، مع الإصرار على نشر التشيع الإثنا عشري بنسخته الأكثر تطرفاً في مناطق الثقل العلوي في سوريا، بالحديد والنار، واستسهال الاعتداء على نسائهم، عن تناول اللحم في مطاعمهم لعدّه حرامًا! والأمر نفسه إنما بنسخة مخففة يحدث في بعض القرى في عكار وطرابلس.
ذروة سنام هذا الموقف تتبدى في تحويل العلويين إلى دروع بشرية، مع احتضان بعض القيادات العسكرية والميليشيوية، مثل مقداد فتيحة وغيره، بغية إعادة استخدامهم كأداة انتقامية من النظام الناشئ، وتقويض عملية ترميم النسيج الاجتماعي في سوريا، رغم إدراكه المسبق بمآلات هذا السلوك، الذي رام توظيف الجرح العلوي للطعن في مشروعية الرئيس أحمد الشرع ووضعه تحت ضغط دولي. وحينما وقعت الواقعة، امتنع 'الحزب' عن تقديم يد العون إلى الجماعات العلوية النازحة، ولم يستغل نفوذه داخل الدولة لممارسة ضغط جدي في الإحاطة بمآسيهم، بينما أنشأ مخيمًا من البيوت الجاهزة في الهرمل لإيواء شيعته وتكفل بتأمين احتياجاتهم.
يعبر هذا النهج عن خبث يرتدي قناع المظلومية، يعتمد شعار 'اللهم لا يعلون عليك' ويعني مشروعه، يتفنن في استخدام الدروع البشرية من الجماعات الشيعية الأخرى، ويواسي جمهوره ومنهم أبناء المخيم إياه بالآية السالفة الذكر، ويمعن في توظيف مشاعر الخوف من فقدان الحظوة السياسية الممزوجة بترويج 'توحّش السنة'، في محاولة لمنح بعض الأوكسيجين لهلال شيعي تكفيري كلما اقتربت نهايته زادت وتيرة سفك الدماء.
وإذا كان التعويل على حنكة وليد جنبلاط لاحتواء أبواق تؤجج الفتن عند الموحدين، فإن العلويين في لبنان يبدون أقل تأثرًا بالمناخات السائدة، بعدما نجحت الجهود المبذولة من بعض النخب السنية ودار الفتوى، وتلاقت مع جهود تبذلها نخب علوية للتأكيد على مرجعية الدولة وحدها كضمانة لأمنهم الاجتماعي.
ثمة توجه يتفاعل منذ مدة في الأوساط العلوية للخروج من إسار 'الحزب' وطي صفحة الأسد، يتوكأ على مواقف النائب حيدر ناصر العالية السقف ضد 'الحزب'، في موازاة تشجيعه العلويين على التقارب مع السنة، وتفعيل آليات اندماج واقعية مع الدولة عبر قنواتها الشرعية من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة لتحصيل الحقوق، لإبعادهم عن القنوات الاستعلائية التي لم تعطهم سوى رموز ميليشيوية تستثمر في دمائهم. بالتوازي مع جهود يبذلها في عكار النائب أحمد رستم من خلال تحالفه مع النائب وليد البعريني تصب في الإطار نفسه. لا يزال هذا المسار في بداياته لكنه نجح في مراكمة مجموعة من الخطوات الجدية التي يمكن تطويرها لتخفيف حدة الشعور بالمظلومية.
مقابل مظلومية سنية تجددت على وقع صعود نجم أحمد الشرع وما يتمتع به نظامه من عصبية سنية بارزة، ترى في ما يجبهه من تحديات وصراعات حربًا دينية، فتلهج في الدعاء 'اللهم لا يعلون عليك'. هذه المظلومية يسهم النهج المتبع من مؤسسات الدولة في رفع منسوبها وما تتسم به من طابع انفعالي انفصالي، نتيجة رؤيتهم حرية بعض الأبواق في التعرض لرموزهم وترويج الفتنة، فيما سيف الاضطهاد الأمني والقضائي ماثل فوق رؤوسهم، مع ارتفاع وتيرة الاعتقالات والاستدعاءات الأمنية ضدهم وحدهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كلاس نعى بو حبيب
كلاس نعى بو حبيب

ليبانون 24

timeمنذ 5 دقائق

  • ليبانون 24

كلاس نعى بو حبيب

غيب الموت وزير الخارجية السابق عبدالله بو حبيب، عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد تعرضه لأزمة قلبية نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات حيث فارق الحياة. كلاس قال الوزير السابق جورج كلّاس في بيان: "الوزير الكبرلي عبدالله ابو حبيب يرتقي إلى مجد الروح! بهدأته الباسمة، و حضوره الراقي، قاد الدكتور عبدالله وزارة الخارجيّة و المغتربين، في ادق المراحل السياسية التي عرفها لبنان (2021-2025)، و نجح بأن يضع مدماكاً لتحصين موقع لبنان وتحسين علاقاته مع الخارجيْن العربي و الدولي، معتمداً هندسة الانفتاح على ما فيه خير الوطن". أضاف: "تشرفت ُ بزمالته في مجلس الوزراء ، و إعتزيتُ بصداقته الدائمة، وأشهد له بفنيّة حلّ الأزمات وتجاوز قطوعات النزاعات التي أثقلت ظروف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي (معاً للإنقاذ) في مراحلها الثلاث كحكومة مكتملة الأركان، و كحكومة تصريف أعمال ومعتبرة مستقيلة بعد إجراء الانتخابات النيابية، وكحكومة إنتقلت اليها الصلاحيات غير اللصيقة برئيس الجمهورية بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون". تابع: "في الحالات الثلاث، كان عبدالله ابوحبيب، وزير الإيجابية الذي تليق به المسوولية الدبلوماسية في كل سلوكاته ومواقفه، وهو الذي كان يقاطع جلسات مجلس الوزراء على مدى سنتين واربعة أشهر من الشغور الرئاسي، إلتزاماً شريفاً من معاليه بنهج و تيار سياسي له موقعه و مكانته، من دون ان يقاطع السراي او يتأخر عن القيام بمهمات إستثنائية تستوجبها المرحلة. وقال: "كان عبدالله ابو حبيب (شيخ ربعة) اللقاءات الوزارية التي إستحدث الرئيس ميقاتي نمطها للبقاء في دائرة التشاور مع كل الوزراء، إحتراماً لمواقفهم والتباحث معهم في ما كان يهدد البلد من مخاطر ومحاولة ايجاد مخارج لازمة لتحصين الداخل وإنقاذ الوطن من الهجمات الكونية عليه". ختم: "رحمك الله يا معالي الوزير الكبرلي، الذي كنت ارى فيه صورة لبنان السلام ولبنان الصلابة ولبنان الكرامة".

أبرز مضامين الورقة الأميركية! (نداء الوطن)
أبرز مضامين الورقة الأميركية! (نداء الوطن)

OTV

timeمنذ 5 دقائق

  • OTV

أبرز مضامين الورقة الأميركية! (نداء الوطن)

كشفت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة 'نداء الوطن' أن 'الورقة الأميركية' المقدمة إلى لبنان تتضمن بنودًا شديدة التفصيل، خصوصًا في ما يتعلق بتسليم السلاح إلى الجيش اللبناني. وتشير الوثيقة إلى ضرورة تسليم جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، إلى المؤسسة العسكرية الرسمية. ويبدو أن هذا الشرط يشكّل جوهر المقترح الأميركي لحل أزمة السلاح غير الشرعي في لبنان. وتؤكد المصادر أن الورقة لا تحمل التزامات أميركية صارمة، بل تستخدم مصطلح 'السعي' لزيادة الدعم المالي للجيش اللبناني، وهو ما يعني أن هذا البند غير ملزم للولايات المتحدة. ومع ذلك، يُتوقَّع أن يرتفع الدعم المقترح من 150 مليون دولار إلى 500 مليون دولار، بهدف تعزيز قدرات الجيش اللبناني ليكون القوة الأمنية الشرعية الوحيدة المسؤولة عن حماية الحدود والحفاظ على الأمن الداخلي. في أحد فصول الورقة، وتحديدًا الفصل الثالث، ورد بند يتحدث عن فتح الأبواب أمام الطاقات العربية والدولية لمساعدة لبنان، سواء على مستوى الدعم الاقتصادي أو عبر مشاريع إعادة الإعمار. ويهدف هذا البند إلى استثمار العلاقات العربية والدولية لإعادة بناء البنى التحتية المتهالكة، وتحريك عجلة الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمة خانقة منذ سنوات. أما من حيث الجدول الزمني، فقد تم تقسيم الاتفاق المقترح إلى مرحلتين أساسيتين: الأولى مدتها 90 يومًا تخصص لعملية تسليم السلاح بشكل كامل ومنظم، بينما المرحلة الثانية تستغرق 30 يومًا، يتم خلالها وضع لبنان على 'سكة الحلول'، أي إدماجه في المسار الدولي الداعم لاستقراره، وضمان استيعاب الوضع الجديد من قبل المجتمع الدولي. ويشير المراقبون إلى أن أخطر ما ورد على لسان المسؤولين الأميركيين، ومنهم برّاك، هو تحذيرهم من أن 'الوقت بدأ ينفد'. هذا التحذير يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق من استمرار الوضع الراهن في لبنان، خصوصًا مع التحديات الأمنية والاقتصادية المتفاقمة. وتضيف مصادر دبلوماسية موثوقة أن أي تأخير في الالتزام ببنود الورقة الأميركية أو أي مماطلة سياسية داخلية قد يكون له تداعيات خطيرة على لبنان. وتتمثل أبرز هذه التداعيات في أمرين رئيسيين: الأول هو فقدان الاهتمام الأميركي بالملف اللبناني، ما يعني تراجع الدعم السياسي والمالي للبنان، أما الثاني فهو إفساح المجال أمام 'العربدة الإسرائيلية'، أي السماح لإسرائيل بتنفيذ سياساتها العسكرية بحرية أكبر داخل الأراضي اللبنانية أو على الحدود الجنوبية. الورقة الأميركية، بحسب ما تسرب من بنودها، مقسّمة إلى ثلاثة فصول رئيسية، يتناول كل منها جانبًا مختلفًا من خطة الحل. ويبدو أن واشنطن تراهن على هذه الخطة لإعادة ضبط الوضع الأمني والسياسي في لبنان، بما يضمن استقرارًا طويل الأمد واحتواء أي تهديدات إقليمية قد تنطلق من الأراضي اللبنانية. ويعتقد بعض المحللين أن الورقة تحمل في طياتها فرصة للبنان، لكنها في الوقت نفسه تشكّل اختبارًا لقدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها واتخاذ قرارات حاسمة، بعيدًا من التجاذبات السياسية التي طالما أعاقت أي حلول جذرية. في المحصلة، الورقة الأميركية تمثل تحذيرًا واضحًا للبنان: لا دعم بلا إصلاح، ولا استقرار بلا ضبط سلاح، ولا حياد في حرب قد تطرق أبواب الجنوب. لبنان اليوم أمام اختبار جديد، والكرة في ملعبه.

استحقاقات لبنان سلاحاً واقتصاداً: التشاؤم يغمر التفاؤل
استحقاقات لبنان سلاحاً واقتصاداً: التشاؤم يغمر التفاؤل

IM Lebanon

timeمنذ ساعة واحدة

  • IM Lebanon

استحقاقات لبنان سلاحاً واقتصاداً: التشاؤم يغمر التفاؤل

جاء في 'المدن': لم يخرج لبنان من 'دوامة' توم باراك. انشغل اللبنانيون في فك طلاسم المواقف التي أطلقها. ففي مكان ما أكد أنه لن يكون هناك حرب إسرائيلية على لبنان. وفي مكان آخر استخدم عبارة التركيز على الديبلوماسية قبل اللجوء إلى التصعيد. أشار إلى أن الوقت أصبح داهماً، وأنه لا أحد يمتلك ضمانات، ولا أميركا قادرة على إجبار إسرائيل على فعل أي شيء. لكنه في الوقت عينه تحدث عن لقاءاته الإيجابية مع المسؤولين، وخصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. الإشارات المتناقضة هذه كلها كانت مواقف علنية عملت إشارات متناقضة، لم يعرف اللبنانيون في أي خانة يضعونها. هل هي خانة تفاوضية تتضمن تحذيرات لتحسين شروط التفاوض أم أنها انعكاس لجو فعلي؟ في الكواليس لم يختلف الجو عن ما هو علني. ففي لقاء عقده مع عدد من الوزراء في السفارة الأميركية كان متشدداً حول ضرورة إقرار الجدول الزمني ومراحل تطبيق مسار حصر السلاح بيد الدولة، وفي لقاءات أخرى كرر هذا الموقف، فخرج وزراء ونواب ومسؤولون من اللقاء معه بانطباعات سلبية لا تحاكي الإيجابية التي تم ضخها. على الرغم من كل هذا التناقض، بقيت الأجواء الإيجابية هي المسيطرة أو الطاغية، وسط كلام في الكواليس عن وجود تقاطع مشترك مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأن اللقاء كان بناء. وبحسب المعلومات، فإن رئيس مجلس النواب طرح كل الهواجس اللبنانية على باراك الذي بدا متفهماً لها، كما أكد بري التزام لبنان بتطبيق اتفاق 'ترتيبات وقف الأعمال العدائية' الذي أقر في شهر تشرين الفائت. من غير المعروف بعد إذا كانت إسرائيل ستوافق على اقتراح وقف اعتداءاتها وخروقاتها وعملياتها العسكرية في لبنان، كي يتم التحرك جدياً باتجاه حزب الله، لإقناعه بالموافقة على وضع مسار لحصر السلاح بيد الدولة. واشنطن تصر على اتخاذ قرار من قبل الحكومة اللبنانية، بينما بري وحزب الله يفضلان الشروع في حوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية. وهذا أمر يتسبب بانقسام لبناني، بين من يريد حصر مثل هذا القرار في الحكومة ويرفض الدخول في حوار، كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب وعدد من الكتل والقوى الأخرى، وبين الجهات التي تتمسك بالحوار كمخرج فعلي لتجاوز الأزمة. باراك وسوريا مواقف باراك تجاه سوريا كانت أكثر وضوحاً. فهو أشار إلى الدعم الأميركي الكبير للرئيس السوري أحمد الشرع، وحاول تبرئة الحكومة السورية من أي مجازر في السويداء، واعتبر أنه لا خطة بديلة عن أحمد الشرع، والخيار البديل هو نموذج ليبيا وأفغانستان. وللمفارقة أنه في ظل كل هذا الدعم الأميركي لسوريا، تبرز أدوار داخل الولايات المتحدة الأميركية مضادة لهذا المسار، وترفض دعم الشرع وتحاول ممارسة ضغوط عليه. وسط هذا التباين الأميركي، برز تطور جديد على مستوى السعودية، التي دخلت بقوة على خط دعم دمشق وأحمد الشرع، سياسياً، ديبلوماسياً، واقتصادياً أيضاً، من خلال المنتدى الاقتصادي، والذي ستصل اتفاقيات الاستثمار فيه إلى ما يقارب 4 مليارات دولار. هذا المبلغ يساوي حجم الميزانية السنوية السورية حالياً. مع ما يعنيه ذلك من توفير دعم واحتضان للشرع، وهو ما لا يزال لبنان يفتقده حتى الآن، لأن الشروط العربية والدولية واضحة، بأن لا استثمارات ولا مساعدات قبل معالجة ملف السلاح والشروع في تطبيق الإصلاحات. المسار الإسرائيلي عملياً، يواجه لبنان استحقاقات كثيرة، أهمها تداعيات ما بعد زيارة باراك، وحصيلة ما سيحققه في إسرائيل خصوصاً أنه حتى الآن لم يعرض مقترحه على المسؤولين الإسرائيليين. واللافت أن زيارته تتزامن مع زيارة تجريها الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت إلى تل أبيب. وعليه فإن الأيام القليلة المقبلة من شأنها أن توضح وجهة المسار الإسرائيلي الفعلية. في الموازاة، يتحضر باراك أيضاً لترتيب لقاء سوري إسرائيلي، في محاولة للمضي قدماً نحو الوصول إلى اتفاق حول الترتيبات الأمنية بين الجانبين، وسلوك ما يسميه الموفد الأميركي بمسار السلام، والذي أراد للبنان أن يسلكه أيضاً. استحقاق آخر يواجهه لبنان، هو بالنسبة إلى القوى الدولية يوازي أهمية ملف السلاح، أي ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية، والتي ستكون حاضرة في زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى باريس، حيث سيكون له لقاءات عدة، أبرزها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انطلاقاً من المواقف الفرنسية المساندة للبنان والداعمة لمسار الإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة، مع الإشارة إلى التفهم الفرنسي للموقف اللبناني وعدم التطابق في وجهات النظر مع واشنطن، لجهة ممارسة أقصى أنواع الضغوط. علماً أن بعض المؤشرات تفيد بأن باراك يريد منح الفرنسيين دوراً أكبر من السابق في لبنان، خصوصاً لجهة عملهم كجهة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار. الزيارة إلى باريس لا تنفصل عن المؤتمر الذي تسعى فرنسا إلى عقده في الخريف المقبل لمساعدة لبنان، وإطلاق مسار إعادة الإعمار. وهو لا يزال يتعثر بفعل الضغوط الدولية إلى حين معالجة ملف السلاح. كما أن أحد أبرز الملفات هو التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، في ظل الحديث عن استعداد أميركي لتخفيض المساهمة المالية التي تدفعها واشنطن لقوات اليونيفيل. علماً أن باريس تبدو أكثر المتحمسين للتجديد لهذه القوات ولتوفير المبالغ المالية اللازمة لها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store