logo
هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟

هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟

Independent عربيةمنذ 18 ساعات
هل تذكرون فيلم "الشرطي الآلي" Robocop، الفيلم الكلاسيكي السوداوي العائد إلى ثمانينيات القرن الماضي، الذي حاولت فيه شركة خبيثة أن تستبدل برجال الشرطة آلات قاتلة يقودها الذكاء الاصطناعي؟ يبدو أن الكابوس المستقبلي الحقيقي قد يكون أكثر بساطة – "مصرف آلي" Robobank حيث تدمر الأتمتة بهدوء وظائف المبتدئين.
ففي "سيتي" (الحي المالي في لندن)، أدت الحماسة الكبيرة لتبني الذكاء الاصطناعي إلى موجة من إلغاء وظائف المبتدئين. إذ تكشف أرقام الموقع المتخصص في البحث عن وظائف "أدزونا" أن عدد الوظائف المتاحة عند المستوى الأولي انخفض بما يقرب من الثلث (بنسبة 31.9 في المئة) منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
وقد طاولت هذه الموجة وظائف الخريجين والمتدربين والمبتدئين. وكذلك هي الحال بالنسبة إلى فرص التدرب المهني. وباتت هذه الفئات مجتمعة لا تمثل سوى ربع سوق العمل، بعدما كانت تمثل 28.9 في المئة عام 2022.
ويُعزى جزء من هذا الانخفاض بوضوح إلى تباطؤ الاقتصاد البريطاني، الذي غالباً ما تدفع الشركات في ظله إلى تقليص الاستثمارات لمصلحة خفض التكاليف والحفاظ على السيولة.
ولم تساعد وزيرة الخزانة رايتشل ريفز في تحسين الوضع، إذ زادت الضرائب على التوظيف وخفّضت الحد الأدنى لبدء سريانها، ما جعل توظيف العمال ذوي الأجور المنخفضة أكثر كلفة على الشركات.
أضف إلى ذلك الذكاء الاصطناعي، إذ تضع شركات- مثل "بي تي" وشركات المحاسبة الأربع الكبرى ("إرنست أند يونغ"، و"ديلويت" Deloitte، و"برايس ووترهاوس كوبرز" waterhouse Coopers Price ، و"كاي بي أم جي" KPMG ومصارف الحي المالي- خططاً لخفض التكاليف بمساعدة هذه التكنولوجيا، وستجد نفسك أمام أزمة متكاملة الأبعاد.
لا يبدو أن هذه الأزمة ستنحسر في أي وقت قريب. على العكس. الشهر الماضي، حذر داريو أمودي، رئيس شركة "أنثروبيك" Anthropic الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي [تشغل تطبيق "كلود"] والتي تبلغ قيمتها 61 مليار دولار (44.5 مليار جنيه استرليني)، من أن هذه التكنولوجيا قد تحل محل نصف وظائف المبتدئين المتاحة خلال خمس سنوات فقط.
من الواضح أن ذلك سيتسبب في مشكلة خطيرة لحكومة يمكن تلخيص موقفها من الذكاء الاصطناعي بجملة "نحب الذكاء الاصطناعي"، فيما تخبر الشباب أنهم كسالى وعديمو الفائدة ويحتاجون إلى البحث عن عمل.
صحيح أن من المنطقي أن نكون في طليعة ثورة وافدة لا محالة، لكن ذلك لا يعفي واضعي السياسات من مسؤولية التعامل مع آثارها.
في حين يُخفض الدعم المخصص للشباب وذوي الإعاقة- وهما فئتان تجدان صعوبة بالغة في الحصول على وظائف- من غير اللائق أن تتجاهل الحكومة الأسئلة الصعبة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي وكأن الحكومة تجسد مشهد "القرود الثلاثة الحكيمة" التي لا تسمع ولا ترى ولا تنطق.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا شيء يؤجج نيران الشعبوية مثل معدلات البطالة المرتفعة- والمجموعات الغاضبة من الشباب العاطلين من العمل الذين لا يجدون ما يفعلونه. ومعدل البطالة يرتفع بسرعة في الوقت الحالي، على رغم أن رؤية "أدزونا" لأعداد الوظائف الشاغرة (يؤكد الموقع أنها تتزايد قليلاً) تختلف عن أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية الذي يشير إلى انخفاضات حادة.
لكن المشكلة لا تقتصر على الحكومة. إذا قُضِي على الجيل المقبل من الموظفين، من سينجز الأعمال التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إنجازها في مراحل لاحقة من الهرم الوظيفي؟ ومن سيمتلك المهارات اللازمة إذا تخلى أصحاب العمل عن التدريب أثناء العمل؟
تعاني بريطانيا بالفعل من فجوة في المهارات- وللإنصاف، لا يقتصر ذلك عليها. تبين للمفوضية الأوروبية، مثلاً، أن ما يقرب من نصف الشركات الصغيرة والمتوسطة (42 في المئة) في الاتحاد الأوروبي كانت تواجه صعوبة في العثور على موظفين مؤهلين عام 2023.
قد يكون المستقبل بالنسبة إلى أصحاب العمل عبارة عن معركة ضارية ومكلفة للغاية يتنافسون فيها على عدد متناقص من الأشخاص الذين يمتلكون المهارات اللازمة للقيام بوظائف متخصصة للغاية.
هل تحل "الروبوتات" لاحقاً محل شاغلي الوظائف المتوسطة وحتى الأعلى منها؟ لنتأمل هذه الفرضية: ماذا يحدث إذا استخدمت المؤسسات كلها خوارزميات متماثلة في مجال الذكاء الاصطناعي في أعمالها؟ سيكون من الصعب إيجاد أي ميزة تنافسية تؤدي إلى صفقات رابحة إذا كان الجميع يستخدمون الأدوات الجذابة نفسها ويقومون بالعمل نفسه.
وإن كنا ننتقد الحكومة على تقاعسها في استشراف الآثار العميقة لهذه التكنولوجيا، فإن الرؤساء التنفيذيين قصيري النظر، الذين لا يرون أبعد من نتائج ربع السنة، يستحقون بدورهم اللوم.
في ما يتعلق بفجوة المهارات، على الشركات أن تتحمل جزءاً من المسؤولية. لا تحب مجموعات الضغط التابعة لها أن تفعل شيئاً غير الشكوى من صعوبة العثور على الأشخاص المناسبين. لكن هذه الحجة لا تصمد عندما يكون أعضاؤها متحمسون للمساهمة في تفاقم المشكلة.
ومن الصحيح طبعاً أن بعض الناس يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي قد ينشئ وظائف أيضاً. مثلاً، يرى "المنتدى الاقتصادي العالمي" أن هذه التكنولوجيا- إلى جانب التحول الأخضر والتغيرات الاقتصادية والديموغرافية- سوف "تحل محل" 92 مليون وظيفة، لكنها ستولد 170 مليون وظيفة جديدة. وهذا يعني زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة.
لكن من الذي سيشغل هذه الوظائف إذا كان الرئيس التنفيذي الأنيق والشهير قد تخلى عن التدريب العملي أثناء العمل؟
قال وزير العلوم والتكنولوجيا، بيتر كايل، معلناً استراتيجية الحكومة "نحو الذكاء الاصطناعي"- عفواً، "خطة العمل لفرص الذكاء الاصطناعي" البالغة قيمتها ملياري جنيه استرليني: "نريد من بريطانيا أن تأخذ زمام المبادرة؛ أن تشكّل ثورة الذكاء الاصطناعي بدلاً من أن تنتظر لترى كيف ستشكّلنا هي".
بصراحة: إذا تمكن الذكاء الاصطناعي فقط من مساعدة الحكومة في صياغة عبارات إعلامية أقل إحراجاً- وتكون أكثر إنسانية ربما- فسأكون أول المقتنعين.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فشل التواصل المؤسسي.. حلول ومشكلات
فشل التواصل المؤسسي.. حلول ومشكلات

مجلة رواد الأعمال

timeمنذ 3 ساعات

  • مجلة رواد الأعمال

فشل التواصل المؤسسي.. حلول ومشكلات

بالمرور عبر قاعات مجلس الإدارة ومن خلال الاجتماعات الإستراتيجية للشركات، نجد حقيقة واضحة ومؤكدة لأي مسؤول تنفيذي ألا وهي فشل التواصل المؤسسي. على الرغم من المنصات الجديدة والفعاليات المختلطة والمحتوى الذي لا يتوقف، لا يزال الوضوح مفقودًا. رسائل القيادة تتلاشى، وتتلاشى التحديثات الداخلية، وتتشتت قصص العلامة التجارية عبر الفرق والمناطق والقنوات. لا تزال معظم المؤسسات تعتمد على أساليب تقليدية؛ مثل النشرات الإخبارية، واللقاءات المفتوحة لمرة واحدة، ومقاطع الفيديو التنفيذية المتناثرة. بينما تتوقع أن تعمل في عالم سريع الحركة والتوزيع. لقد أصبحت المؤسسة الحديثة شبكة اتصالات عالمية. ومع ذلك فإن معظمها يحاول إدارتها بأنظمة مجزأة وتكتيكات غير مترابطة. مفهوم التواصل المؤسسي يشير التواصل المؤسسي إلى تكامل الأنظمة والأدوات التي تسهل التواصل الداخلي والخارجي في المؤسسة. كما توفر هذه الأنظمة مجموعة شاملة من حلول الاتصال باستخدام التقنيات. بما في ذلك بروتوكول الصوت عبر الإنترنت 'VoIP' ومؤتمرات الفيديو والبريد الإلكتروني والرسائل الفورية والهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي. ولذلك تم تطوير مفهوم 'جوهر الاتصالات' وهو أساس إستراتيجي يحقق الاتساق والمواءمة والتوسع للمؤسسة بأكملها. حيث يربط بين رسائل القيادة والثقافة الداخلية وعلاقات المستثمرين ورواية قصص العلامة التجارية في نظام واحد متماسك. ويعد هذا المفهوم هو نتاج وجهات نظر متعمقة مصممة لمساعدة القادة على إعادة التفكير في الأنظمة الكامنة وراء كيفية التواصل والمواءمة والقيادة. هذه ليست مقالات عن الاتجاهات أو قوائم مرجعية تكتيكية؛ إنها أطر عمل لتوجيه قرارات أكثر وضوحًا واستعدادًا للمستقبل. أهمية التواصل المؤسسي علاوة على ذلك، تشير تقارير ماكنزي إلى أن المؤسسات التي لديها إستراتيجيات تواصل مؤسسي متقدمة تتفوق على نظيراتها بنسبة تصل إلى 25% في الإنتاجية. ذلك من خلال مواءمة أقوى واتخاذ قرارات أسرع. كما أفادت شركة 'Deloitte' أن 81 % من المديرين التنفيذيين العالميين يرون الآن أن الإنتاجية هي المقياس الأعلى لنجاح التحول الرقمي. قبل نمو الإيرادات وتوفير التكاليف (Deloitte, Mapping Digital Transformation Value: المقاييس المهمة. نوفمبر 2023). كذلك يوفر حل اتصالات المؤسسات استراتيجيات وأدوات على مستوى المؤسسات مفيدة للشركات الحديثة. تعمل هذه الأدوات على تحسين سير العمل والإنتاجية. تعزيز التواصل والتعاون تعمل حلول الاتصالات المؤسسية على توحيد قنوات الاتصال المتعددة التي تعزز الإنتاجية والتعاون بين الموظفين. بالإضافة إلى ذلك؛ فهي توفر ميزات؛ مثل مشاركة المستندات. ومؤتمرات الفيديو. ورسائل البريد الإلكتروني. ما يتيح التعاون في الوقت الفعلي بغض النظر عن موقعهم. التكامل بين أدوات وخدمات المؤسسات الميزة الأكثر بروزًا لحلول الاتصالات المؤسسية الحديثة هي قدرتها على التكامل مع أدوات وأنظمة الأعمال المختلفة. كما يعمل التكامل على تبسيط سير العمل مع تعزيز الكفاءة. سواء كانت أدوات إدارة المشاريع أو مجموعات الإنتاجية أو إدارة علاقات العملاء (CRM). قابلية التوسع والتكيف وتوفر المؤسسات الحديثة حلول اتصالات قابلة للتطوير والتكيف مقارنة بالأنظمة التقليدية. كما يشمل كل حل مصمم خصيصًا لاستيعاب الاحتياجات المتغيرة لكل نوع من أنواع الأعمال. سواء كانت شركات ناشئة أو شركات صغيرة ومتوسطة أو مؤسسات. أيضا يمكن توسيع نطاق هذه الأنظمة أو تقليصها بسهولة حسب المتطلبات. تحسين الاتصال بالعملاء الاتصال الفعال ضروري للتعاون الداخلي وكذلك للتفاعل مع العملاء. كما يوفر نظام الاتصال المؤسسي وظائف متقدمة. مثل المُضيف التلقائي والرد الصوتي التفاعلي وإعادة توجيه المكالمات. أيضًا يضمن اتصالًا سلساً ومخصصًا للعملاء؛ ما يقلل من أوقات انتظار المكالمات. وجود مجموعة الميزات الحديثة توفر حلول اتصالات المؤسسات مجموعة شاملة من الميزات الحديثة المصممة لتلبية الاحتياجات المتنوعة للشركات الحديثة. وتشمل هذه الميزات إدارة المكالمات المتقدمة. ومركز مبيعات يعمل بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى تحليل المشاعر، وبروتوكولات الامتثال. والأمان القوي. مواصفات التواصل المؤسسي توفر أنظمة الاتصالات المؤسسية توفر أنظمة الاتصالات المؤسسية حلولًا غنية بالميزات، تشمل مجموعة من الميزات المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات عملك. تعمل الميزات. بما في ذلك إدارة المكالمات والاتصالات الموحدة، على تسهيل التعاون الفعال بين فرق العمل. الاتصالات الموحدة تدمج أنظمة الاتصالات المؤسسية جميع قنوات الاتصال. بما في ذلك المكالمات والفيديو والمؤتمرات والمراسلة. في منصة واحدة متماسكة. كما يعمل هذا التكامل على تعزيز التعاون وزيادة الإنتاجية في جميع أنحاء المؤسسة. المكالمات الجماعية تتيح المكالمات الجماعية للشركات استضافة اجتماعات افتراضية مع عدة مشاركين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. فهي تتيح التعاون واتخاذ قرارات مستنيرة باستخدام ميزات؛ مثل: التسجيل، واللوح الأبيض، ومشاركة الشاشة'. تكامل إدارة علاقات العملاء يتيح تكامل برامج إدارة علاقات العملاء المختلفة مع أنظمة الاتصالات المؤسسية الحالية للشركات تبسيط عمليات الاتصالات ومركزية بيانات العملاء. يعمل هذا التكامل على توسيع وظائف نظامك لتحسين إدارة العملاء. خطوات تحقيق التواصل المؤسسي تقييم الاحتياجات والمتطلبات قبل اختيار مزود الاتصالات، عليك تقييم الاحتياجات والمتطلبات الخاصة بمؤسستك. لذا ضع في اعتبارك عوامل مختلفة؛ مثل حجم عملك وحجم الموظفين وقيود ميزانيتك. اعتماد مزود خدمة جيد اختر مزود خدمة موثوقًا ومعروفًا بتقديم حلول اتصالات آمنة ويمكن الاعتماد عليها. ابحث عن شهادات E911 وشهادات أخرى لإثبات التزامهم بالامتثال والجودة. وظائف الاتصالات المؤسسية يقدم كل مزود اتصالات مجموعة فريدة من الوظائف المصممة خصيصًا. تأكد من توافق حلولهم مع متطلبات مؤسستك وأهدافها. بالإضافة إلى الاتجاهات الحالية والمستقبلية الناشئة. التكامل تتيح عمليات التكامل تحسين إمكانية الوصول إلى البيانات؛ ما يجعل العمليات التجارية أكثر مرونة واستجابة. اختر موفرًا يسمح بالتكامل مع تطبيقاتك وأنظمتك الحالية. الأمن والامتثال التنظيمي إعطاء الأولوية للأمن والامتثال التنظيمي لضمان التزام حلول الاتصالات الخاصة بهم بلوائح ومعايير الصناعة. اختر نظام هاتف عبر بروتوكول الإنترنت يتوافق مع اللوائح التنظيمية؛ مثل: اللوائح العامة لحماية البيانات (GDPR). وقانون قابلية نقل التأمين الصحي والمساءلة (HIPAA) مثل Calilio. دعم العملاء سريع الاستجابة فكر في مزود يتمتع بخدمات دعم سريعة الاستجابة لضمان التواصل السلس مع العملاء والعملاء أثناء فترات التوقف. ما يساعد على معالجة أي مشاكل أو طلبات دعم بشكل فوري وفي الوقت المحدد. التواصل المؤسسي ضروري لنجاح أي مؤسسة؛ حيث يسهل عملية تدفق الأفكار والمعلومات والتعاون بين الإدارات والموظفين والعملاء وأصحاب المصلحة. ولتحقيق الازدهار في مشهد الأعمال التنافسي اليوم، يجب على المؤسسات أن تتبنى التكنولوجيا المتطورة والتطورات في أدوات الاتصال. علاوة على ذلك؛ فإنها تحتاج أيضًا إلى حل قابل للتطوير يعزز النمو المستقبلي. المقال الأصلي: من هنـا وهنـا

هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟
هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟

Independent عربية

timeمنذ 18 ساعات

  • Independent عربية

هل ينجو قلب لندن التجاري إذا قضى الذكاء الاصطناعي على وظائف المبتدئين؟

هل تذكرون فيلم "الشرطي الآلي" Robocop، الفيلم الكلاسيكي السوداوي العائد إلى ثمانينيات القرن الماضي، الذي حاولت فيه شركة خبيثة أن تستبدل برجال الشرطة آلات قاتلة يقودها الذكاء الاصطناعي؟ يبدو أن الكابوس المستقبلي الحقيقي قد يكون أكثر بساطة – "مصرف آلي" Robobank حيث تدمر الأتمتة بهدوء وظائف المبتدئين. ففي "سيتي" (الحي المالي في لندن)، أدت الحماسة الكبيرة لتبني الذكاء الاصطناعي إلى موجة من إلغاء وظائف المبتدئين. إذ تكشف أرقام الموقع المتخصص في البحث عن وظائف "أدزونا" أن عدد الوظائف المتاحة عند المستوى الأولي انخفض بما يقرب من الثلث (بنسبة 31.9 في المئة) منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وقد طاولت هذه الموجة وظائف الخريجين والمتدربين والمبتدئين. وكذلك هي الحال بالنسبة إلى فرص التدرب المهني. وباتت هذه الفئات مجتمعة لا تمثل سوى ربع سوق العمل، بعدما كانت تمثل 28.9 في المئة عام 2022. ويُعزى جزء من هذا الانخفاض بوضوح إلى تباطؤ الاقتصاد البريطاني، الذي غالباً ما تدفع الشركات في ظله إلى تقليص الاستثمارات لمصلحة خفض التكاليف والحفاظ على السيولة. ولم تساعد وزيرة الخزانة رايتشل ريفز في تحسين الوضع، إذ زادت الضرائب على التوظيف وخفّضت الحد الأدنى لبدء سريانها، ما جعل توظيف العمال ذوي الأجور المنخفضة أكثر كلفة على الشركات. أضف إلى ذلك الذكاء الاصطناعي، إذ تضع شركات- مثل "بي تي" وشركات المحاسبة الأربع الكبرى ("إرنست أند يونغ"، و"ديلويت" Deloitte، و"برايس ووترهاوس كوبرز" waterhouse Coopers Price ، و"كاي بي أم جي" KPMG ومصارف الحي المالي- خططاً لخفض التكاليف بمساعدة هذه التكنولوجيا، وستجد نفسك أمام أزمة متكاملة الأبعاد. لا يبدو أن هذه الأزمة ستنحسر في أي وقت قريب. على العكس. الشهر الماضي، حذر داريو أمودي، رئيس شركة "أنثروبيك" Anthropic الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي [تشغل تطبيق "كلود"] والتي تبلغ قيمتها 61 مليار دولار (44.5 مليار جنيه استرليني)، من أن هذه التكنولوجيا قد تحل محل نصف وظائف المبتدئين المتاحة خلال خمس سنوات فقط. من الواضح أن ذلك سيتسبب في مشكلة خطيرة لحكومة يمكن تلخيص موقفها من الذكاء الاصطناعي بجملة "نحب الذكاء الاصطناعي"، فيما تخبر الشباب أنهم كسالى وعديمو الفائدة ويحتاجون إلى البحث عن عمل. صحيح أن من المنطقي أن نكون في طليعة ثورة وافدة لا محالة، لكن ذلك لا يعفي واضعي السياسات من مسؤولية التعامل مع آثارها. في حين يُخفض الدعم المخصص للشباب وذوي الإعاقة- وهما فئتان تجدان صعوبة بالغة في الحصول على وظائف- من غير اللائق أن تتجاهل الحكومة الأسئلة الصعبة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي وكأن الحكومة تجسد مشهد "القرود الثلاثة الحكيمة" التي لا تسمع ولا ترى ولا تنطق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لا شيء يؤجج نيران الشعبوية مثل معدلات البطالة المرتفعة- والمجموعات الغاضبة من الشباب العاطلين من العمل الذين لا يجدون ما يفعلونه. ومعدل البطالة يرتفع بسرعة في الوقت الحالي، على رغم أن رؤية "أدزونا" لأعداد الوظائف الشاغرة (يؤكد الموقع أنها تتزايد قليلاً) تختلف عن أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية الذي يشير إلى انخفاضات حادة. لكن المشكلة لا تقتصر على الحكومة. إذا قُضِي على الجيل المقبل من الموظفين، من سينجز الأعمال التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إنجازها في مراحل لاحقة من الهرم الوظيفي؟ ومن سيمتلك المهارات اللازمة إذا تخلى أصحاب العمل عن التدريب أثناء العمل؟ تعاني بريطانيا بالفعل من فجوة في المهارات- وللإنصاف، لا يقتصر ذلك عليها. تبين للمفوضية الأوروبية، مثلاً، أن ما يقرب من نصف الشركات الصغيرة والمتوسطة (42 في المئة) في الاتحاد الأوروبي كانت تواجه صعوبة في العثور على موظفين مؤهلين عام 2023. قد يكون المستقبل بالنسبة إلى أصحاب العمل عبارة عن معركة ضارية ومكلفة للغاية يتنافسون فيها على عدد متناقص من الأشخاص الذين يمتلكون المهارات اللازمة للقيام بوظائف متخصصة للغاية. هل تحل "الروبوتات" لاحقاً محل شاغلي الوظائف المتوسطة وحتى الأعلى منها؟ لنتأمل هذه الفرضية: ماذا يحدث إذا استخدمت المؤسسات كلها خوارزميات متماثلة في مجال الذكاء الاصطناعي في أعمالها؟ سيكون من الصعب إيجاد أي ميزة تنافسية تؤدي إلى صفقات رابحة إذا كان الجميع يستخدمون الأدوات الجذابة نفسها ويقومون بالعمل نفسه. وإن كنا ننتقد الحكومة على تقاعسها في استشراف الآثار العميقة لهذه التكنولوجيا، فإن الرؤساء التنفيذيين قصيري النظر، الذين لا يرون أبعد من نتائج ربع السنة، يستحقون بدورهم اللوم. في ما يتعلق بفجوة المهارات، على الشركات أن تتحمل جزءاً من المسؤولية. لا تحب مجموعات الضغط التابعة لها أن تفعل شيئاً غير الشكوى من صعوبة العثور على الأشخاص المناسبين. لكن هذه الحجة لا تصمد عندما يكون أعضاؤها متحمسون للمساهمة في تفاقم المشكلة. ومن الصحيح طبعاً أن بعض الناس يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي قد ينشئ وظائف أيضاً. مثلاً، يرى "المنتدى الاقتصادي العالمي" أن هذه التكنولوجيا- إلى جانب التحول الأخضر والتغيرات الاقتصادية والديموغرافية- سوف "تحل محل" 92 مليون وظيفة، لكنها ستولد 170 مليون وظيفة جديدة. وهذا يعني زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. لكن من الذي سيشغل هذه الوظائف إذا كان الرئيس التنفيذي الأنيق والشهير قد تخلى عن التدريب العملي أثناء العمل؟ قال وزير العلوم والتكنولوجيا، بيتر كايل، معلناً استراتيجية الحكومة "نحو الذكاء الاصطناعي"- عفواً، "خطة العمل لفرص الذكاء الاصطناعي" البالغة قيمتها ملياري جنيه استرليني: "نريد من بريطانيا أن تأخذ زمام المبادرة؛ أن تشكّل ثورة الذكاء الاصطناعي بدلاً من أن تنتظر لترى كيف ستشكّلنا هي". بصراحة: إذا تمكن الذكاء الاصطناعي فقط من مساعدة الحكومة في صياغة عبارات إعلامية أقل إحراجاً- وتكون أكثر إنسانية ربما- فسأكون أول المقتنعين.

ثلث وظائف المبتدئين في بريطانيا اختفت منذ ظهور "تشات جي بي تي"
ثلث وظائف المبتدئين في بريطانيا اختفت منذ ظهور "تشات جي بي تي"

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

ثلث وظائف المبتدئين في بريطانيا اختفت منذ ظهور "تشات جي بي تي"

أظهرت الأبحاث تراجعاً حاداً في عدد الوظائف المتاحة للمبتدئين في المملكة المتحدة، حيث انخفضت بنسبة تقارب الثلث (31.9 في المئة) منذ إطلاق برنامج الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي"، وشمل هذا الانخفاض الوظائف المخصصة للمبتدئين، والخريجين الجدد، وفرص التدريب المهني. وكشفت بيانات حديثة من موقع البحث عن الوظائف Adzuna عن تراجع كبير في فرص العمل المتاحة للخريجين، إذ هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ جائحة كورونا، وأصبحت الوظائف المخصصة للمبتدئين تمثل الآن ربع سوق العمل فقط، انخفاضاً من 28.9 في المئة عام 2022. وعلى رغم أن إحلال الذكاء الاصطناعي محل وظائف المبتدئين لأداء بعض المهام يسهم في هذا التراجع، فإن ارتفاع تكاليف العمالة- بما في ذلك مساهمات التأمين الوطني- يعد عاملاً إضافياً، حيث كانت الرواتب ترتفع بوتيرة تتجاوز التضخم حتى وقت قريب. أُطلق "تشات جي بي تي" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وأُصدر عدة نسخ منه منذ ذلك الحين، إيذاناً ببداية حقبة جديدة من التحول التكنولوجي. وتبلغ قيمة الشركة المالكة له حالياً 300 مليار دولار (219 مليار جنيه استرليني)، ما يجعلها أكبر من أي شركة مدرجة في بورصة لندن. الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك"، وهي شركة أخرى متخصصة في الذكاء الاصطناعي، حذر من أن الذكاء الاصطناعي قد يقضي على ما يصل إلى نصف وظائف المبتدئين خلال خمس سنوات فقط. وأوضح داريو أمودي أن معدل البطالة قد يرتفع في المملكة المتحدة إلى 10 أو حتى 20 في المئة خلال تلك الفترة، قائلاً: "لا أعتقد أن هذا يشغل بال أحد حالياً". قال جيمس نيف، رئيس قسم علوم البيانات في Adzuna: "تقليص التوظيف في الوظائف المبتدئة يعني ببساطة زيادة الكفاءة وتحقيق وفورات في التكاليف. أما مساهمات التأمين الوطني فليست سوى عبء مالي صِرف على أصحاب العمل". وأضاف أن مشروع قانون حقوق العمل المرتقب قد يُشكل بدوره عاملاً رادعاً إضافياً أمام التوظيف. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف: "إذا كنتَ صاحب عمل، فإن كل هذه العوامل تضاف إلى قائمة الأسباب التي تجعلك تتردد في التوظيف". وقد أعلنت عدة شركات كبرى في مختلف أنحاء المملكة المتحدة بالفعل عن خطط لخفض أعداد موظفيها بشكل كبير، في إطار إجراءات لخفض التكاليف، مع توقع أن يتولى الذكاء الاصطناعي جزءاً كبيراً من المهام الوظيفية. وتُعدّ شركة BT للاتصالات مثالاً على ذلك، إذ قالت الرئيسة التنفيذية أليسون كيركبي إن الخطط الأولية لتقليص عدد الموظفين بما يتراوح بين 40 و50 ألفاً بحلول عام 2030 "لا تعكس الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي"، ما يعني أن المزيد من فقدان الوظائف قد يحدث لاحقاً. وأعلنت شركة "أمازون" أيضاً أن تسريحات وظيفية ستتم نتيجة توسيع الأدوار التي يؤديها الذكاء الاصطناعي، لكنها لم تحدد عدد الوظائف أو توقيت تنفيذ ذلك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store