
سيدي ولد التاه.. خبير اقتصادي موريتاني يرأس البنك الأفريقي للتنمية
سيدي ولد التاه خبير اقتصادي موريتاني من مواليد 1964 اشتغل أكثر من 35 عاما في قطاعات الاقتصاد والمال والتنمية بصفته استشاريا ومسؤولا ووزيرا في بلاده، ومسؤولا في مؤسسات مالية عربية أهمها المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا ، الذي تولى إدارته 10 سنوات (2015-2025)، قبل أن يتم انتخابه في 29 مايو/أيار 2025 رئيسا للبنك الأفريقي للتنمية.
الولادة والنشأة
ولد سيدي ولد التاه في 31 ديسمبر/كانون الأول 1964 في مقاطعة المذرذرة بولاية الترارزة جنوب شرق العاصمة نواكشوط.
ترعرع في كنف عائلة محافظة، وكان والداه يشتغلان في مجال التعليم، ويجمعان بين الإلمام بالثقافتين العربية والفرنسية.
كانت للعائلة اهتمامات بالشأن السياسي العام في البلاد، وهو ما جعل سيدي ولد التاه يظهر شغفا مبكرا بالشؤون العامة، وخاصة الاقتصادية.
الدراسة والتكوين
تابع سيدي ولد التاه دراسته الابتدائية والثانوية في العاصمة نواكشوط، وأكمل دراسته العليا في جامعة نواكشوط بالحصول على شهادة الدراسات العليا في الاقتصاد وشهادة بكالوريوس في الاقتصاد قبل أن يغادر بلاده لمتابعة دراساته في فرنسا.
حصل ولد التاه على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة نيس صوفيا أنتيبوليس، التي تعتبر من أكبر الجامعات بفرنسا، وقبل ذلك حصل على شهادة الدراسات المعمقة (درجة الماستر) من جامعة باريس 7، وهو يجيد اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية.
كما شارك ولد التاه في دورات تدريبية في مجالات الاستثمار والقيادة وإدارة الأصول والهندسة المالية في مؤسسات أكاديمية مرموقة مثل معهد هارفارد للتنمية الدولية (جامعة هارفارد) في الولايات المتحدة الأميركية ومدرسة لندن للأعمال في بريطانيا.
المسار المهني
بدأ سيدي ولد التاه مسيرته المهنية خبيرا في البنك الموريتاني للتنمية والتجارة (1984-1986)، ثم اشتغل محللا ماليا في هيئة الأمن الغذائي بنواكشوط (1986)، وتولى منصب مدير الشؤون الإدارية والمالية في بلدية نواكشوط (1987).
وفي الفترة بين 1988 و1996 عمل مستشارا للمدير العام ومدير دائرة التدقيق الداخلي بهيئة ميناء نواكشوط.
في عام 1996 شهدت المسيرة المهنية لولد التاه منعطفا حاسما تمثل في أول تجربة عملية خارج البلاد، إذ تم تعيينه محللا ماليا في الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في مقرها بالخرطوم، وبقي في ذلك المنصب إلى عام 1999.
وفي الفترة من عام 1999 إلى 2006 عمل مسؤولا عن ترويج الاستثمار ثم مساعدا فنيا لرئيس البنك الإسلامي للتنمية في المملكة العربية السعودية.
وفي عام 2006 عاد ولد التاه إلى بلاده وتولى مناصب رفيعة، فتم تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء على التوالي بين عامي 2006 و2008، وكان مكلفا بشؤون الاستثمار والبني التحتية.
وفي يوليو/تموز 2008، تم تعيينه وزيرا للاقتصاد والمالية وفي أغسطس 2008 أصبح وزيرا للشؤون الاقتصادية والتنمية حتى تعيينه في منصب المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا عام 2015، وظل في ذلك المنصب إلى عام 2025.
وفي 29 مايو/أيار 2025، انتُخب سيدي ولد التاه رئيسا للبنك الأفريقي للتنمية في عهدة تستمر 5 سنوات، قابلة للتجديد.
إنجازات محلية وإقليمية
أثناء أداء مهامه الوزارية أسهم سيدي ولد التاه في تنفيذ إصلاحات كبرى في قطاعات التنمية والاستثمار والتمويل في موريتانيا، وذلك بالتعاون مع شركاء دوليين وإقليميين بينهم صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين في مجال التنمية.
وفي السنوات العشر التي قضاها على رأس "المصرف العربي"، تمكنت هذه المؤسسة المالية التي تأسست عام 1974 من زيادة رأسمالها بشكل كبير (من نحو 4 مليارات دولار إلى أكثر من 20 مليار دولار).
كما عززت المؤسسة محافظها الاستثمارية ووصلت عام 2023 إلى متوسط استثماري سنوي يقدر بنحو 2.2 مليار بعد أن ظل ضعيفا في السنوات الأربعين السابقة لتعيينه.
كما زاد دور "المصرف العربي" -في السنوات التي تولى فيها مسؤوليته- في دعم الشراكة بين العالم العربي وأفريقيا وأصبح من أكبر البنوك الفاعلة في مجال التنمية على الصعيد الإقليمي.
من الإنجازات الأخرى التي تمت في عهد ولد التاه، زاد حجم الموافقات السنوية على القروض بمقدار 12 مرة، وتضاعف حجم الصرف السنوي بمقدار 8، وانخفضت الديون المعدومة من أكثر من 10% إلى أقل من 0.5%.
وهكذا غادر ولد التاه المصرف وهو يتمتع بواحد من أفضل التصنيفات الائتمانية الموجودة، إذ رفعت وكالة ستاندرد آند بورز في 16 مايو/أيار 2025 تصنيف المصرف إلى AA+، وهو أقل بدرجة واحدة فقط من AAA، أعلى تصنيف ائتماني ممكن.
رئاسة البنك الأفريقي للتنمية
فاز سيدي ولد التاه برئاسة البنك الأفريقي للتنمية، الذي يوجد مقره في مدينة أبيدجان بكوت ديفوار، وذلك بحصوله في الانتخابات التي جرت يوم 29 مايو/أيار 2025 على أغلبية غير مسبوقة في تاريخ المنافسة على قيادة تلك المؤسسة المالية القارية، إذ حصل على 76.18% من الأصوات متقدما على 4 مرشحين يمثلون زامبيا والسنغال وجنوب أفريقيا وتشاد.
وبذلك أصبح ولد التاه أول شخصية موريتانية تتولى هذا المنصب القاري الرفيع، وتاسع رئيس للبنك ورابع شخصية عربية تقود هذه المؤسسة، بعد السوداني مأمون بحيري (1964-1970) والتونسي عبد الواحد العبيدي (1970-1976) والمغربي عمر القباج (1995-2005).
وأثناء حملته الانتخابية قدم سيدي ولد التاه رؤية طموحة لتطوير البنك الأفريقي ترتكز على 4 نقاط أساسية هي: إصلاح البنية المالية لأفريقيا، وتحويل العامل الديمغرافي إلى قوة اقتصادية، ودعم التصنيع في القارة مع تنمية مواردها الطبيعية، وتعبئة رأس المال على نطاق واسع.
وفي هذا الصدد كتب ولد التاه في مقال رأي في موقع الجزيرة نت قائلا "ينبغي لأفريقيا أن تتجاوز منطق التبعية للمانحين، وتتوجّه نحو طيف أوسع من الشركاء: من المستثمرين السياديين، ورؤوس الأموال الخيرية، وصناديق الأثر الاجتماعي، والممولين المعتمدين على التكنولوجيا".
ويضيف أن "هؤلاء لا تقيّدهم دورات المعونات التاريخية ولا الإرهاق السياسي، إنما يبحثون عن التوافق، وعن فرص واسعة النطاق، وعن نتائج ملموسة. ويجب أن يكون البنك الأفريقي للتنمية هو المنصة التي تفتح الباب لهذا التحول".
وحظي ترشيح سيدي ولد التاه لرئاسة البنك الأفريقي بدعم أطراف وازنة في الساحة الأفريقية على رأسها كوت ديفوار ودول أخرى من غرب وشمال القارة، إضافة إلى أطراف إقليمية ودولية أخرى مساهمة في رأسمال البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا على رأسها السعودية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
تشاد تعلن عن خطة تنموية لجذب استثمارات بقيمة 30 مليار دولار
قال وزير المالية في دولة تشاد طاهر حامد نغيلين، أمس الثلاثاء، إن خطة التنمية الوطنية للبلاد التي أقرّها صندوق النّقد الدولي في مايو/أيار الماضي، تسعى إلى جذب استثمارات عامة وخاصة بقيمة 30 مليار دولار أميركي، وذلك في إطار سعيها لتحقيق النمو في مجالات من بينها الرقمنة والبنية التحتية. الخطة التي تحمل اسم " تشاد كونكشن 2030″ تحظى بدعم من صندوق النقد الدولي، الذي توصّل في الشهر الماضي إلى اتفاق مع الحكومة بشأن برنامج دعم مالي مدته 4 سنوات، بقيمة تقارب 630 مليون دولار، كما تحظى بدعم من البنك الدولي. وسيتمّ إطلاق الخطة في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بهدف إبرام شراكات مع المستثمرين في مجالات تشمل الطرق والبنية التحتية، والكهرباء، والاقتصاد الرقمي. وفي مؤتمر صحفي، قال وزير المالية تشادي طاهر نغيلين إنه يُتوقّع أن تحقق الخطة معدل نمو اقتصادي سنوي يبلغ في المتوسط 8% خلال الفترة الممتدة بين 2025-2030. وأشار نغيلين إلى أن مستوى الدين العام خلال الفترة نفسها سيظل عند 32% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل نحو ملياري دولار. وأكّد الوزير أن هذه الاستثمارات ستساعد دولة تشاد في انتشال مواطنيها من الفقر، وتقليص معدل وفيات الأمهات بنسبة 50%، ومضاعفة الإنتاج الزراعي. وأضاف أن الحكومة تعتزم منح تصاريح تنقيب للشركات الخاصة العاملة في قطاعي النفط والتعدين، ما من شأنه أن يساهم في زيادة الإنتاج. وقال نغيلين إن الحكومة كانت تفضّل الاستثمار الخاص على العام، حتى تتمكّن بحلول عام 2030 من رفع مساهمة قطاع التعدين، لتصل إلى 5% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن النسبة الحالية، بما في ذلك التعدين الحرفي، تتراوح بين 1% و2%.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
"نيران صديقة".. قصة جيب أميركي صغير يدفع ثمن حرب ترامب التجارية مع كندا
لم يكن يدُر في خلد سكان مدينة بوينت روبرتس الأميركية -التي تقع على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا-، أنهم سيدفعون ثمن الحرب التجارية التي شنها الرئيس دونالد ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض بأيام، الأمر الذي يمكن وصفه بـ"النيران الصديقة". ويعتمد سكان هذه المدينة الأميركية -التي تبلغ مساحتها نحو 12.65 كيلومترا مربعا ويصل عدد سكانها إلى 1275 تقريبا-، على السياح والزوار القادمين من الجارة الشمالية بسبب قرب المسافة بين كندا والولايات المتحدة، إذ تعد هذه المنطقة جيبا جغرافيا فريدا ونادرا كونها تقع في الركن الشمالي الغربي من ولاية واشنطن، ويعود أصله إلى ترسيم الحدود الذي تم بين الولايات المتحدة وكندا عام 1846. وتحيط المياه ببوينت روبرتس، من 3 جهات لكن الجهة الوحيدة التي تربطها باليابسة هي صوب كندا ولذلك يُضطر سكانها عبور الحدود إلى كندا والدخول في العمق نحو 40.2 كيلومترا قبل الدخول إلى الولايات المتحدة. ونتيجة لوضعها الجغرافي الفريد واعتمادها على جارتها الشمالية (كندا)، أصبحت بوينت روبرتس من أكبر الخاسرين في الحرب التجارية الدائرة بين كندا والولايات المتحدة. كندا.. شريان الحياة الاقتصادي للمدينة ويعتمد اقتصاد هذه المدينة أساسا على الزوار والمقيمين الكنديين الذين يُشكلون نحو 90% من سوق المدينة، حتى باتت العملة الكندية هي الأكثر استخداما في المدينة بديلا من الدولار الأميركي أو لا تقل أهمية عنه على الأقل. وتعتبر الصناعة الرائدة الحالية في البلدة هي البيع بالتجزئة، وتساهم السياحة بالنصيب الأكبر من هذه الصناعة نظرا لوجود عدد كبير من العقارات المخصصة لقضاء العطلات التي يمتلكها كنديون. ويقيم العديد من أصحاب العقارات الكنديين في منطقة فانكوفر الكبرى وينظر سكان بوينت روبرتس إلى سكان مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية كـ"إخوة" بحسب تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، وليس مجرد جيران كون عدد كبير منهم يحمل الجنسيتين الأميركية والكندية. ووصلت الحرب التجارية بين كندا والولايات المتحدة إلى مستوى غير مسبوق في العصر الحديث وذلك بسبب التهديدات المتكررة من الرئيس ترامب بفرض تعريفات جمركية كبيرة على مجموعة واسعة من السلع التي تعبر الحدود، هذا الوضع كان "مدمرا للغاية" لأعمال بوينت روبرتس. جاء هذا التأثير بعد سنوات قليلة من محاولات التعافي التجاري من تأثير إغلاق حدود "كوفيد-19" الذي استمر 20 شهرا، وأدى إلى فقدان نصف الأعمال في البلدة. شكاوى أصحاب الأعمال يقول أصحاب الأعمال لصحيفة "كاسكاديا ديلي نيوز" المحلية في ولاية واشنطن، إنهم يشعرون بصدمة كبيرة بسبب الحرب التجارية التي تسببت في انخفاض عدد الزوار القادمين إلى المدينة إلى نحو 25% بعدما كانت تصل نسبة الإشغال إلى 90% خاصة في فصل الصيف. وتركت هذه التغييرات المفاجئة في العلاقات التجارية والقواعد الجمركية أصحاب الأعمال في حالة من عدم اليقين، إذ يشعر السكان بأنهم "عالقون في المنتصف" في هذا الموقف، بينما يصف بعضهم الوضع بأنه "غبي تماما" و"غير منتج وغير ضروري" -حسبما نقل موقع "غلوبال نيوز" الكندي-. ويعاني سوبر ماركت "إنترناشيونال ماركيتبليس" -الوحيد في البلدة- بشدة بسبب التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة السبب الذي دفع صاحبها إلى رفع الأسعار على الزبائن من أجل تعويض الخسائر الناجمة عن هذه الإجراءات إلا أنه هذه الحيلة باءت بالفشل بسبب رفض المتعاملين معها هذه الزيادة. محاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه تقول "ذا غارديان" إن المحاولات من أجل إنقاذ بوينت روبرتس من الخسائر التي منيت بها بسبب التعريفات الجمركية تتوالى، إذ أقدم بعض العملاء الكنديين الذين يزورون المدينة بشكل متكرر على زيارة خفيةً خوفا من الغضب الشعبي. إعلان كما قام بعض الأميركيين من أهالي بوينت روبرتس بتعليق ملصقات تحمل عبارة "بوينت روبرتس تدعم كندا" بهدف إظهار الدعم للكنديين وتشجيعهم على عبور الحدود للمساعدة في تعزيز الاقتصاد المحلي. كما عرضت بعض المحال، مثل "سالتواتر كافيه"، دعمها كندا من خلال اللافتات والزينة، بما في ذلك لوحة مكتوب عليها "سكان بوينت روبرتس يدعمون كندا" -بحسب "أسوشيتد برس"-. ولم تتوقف الجهود المبذولة لتغير الوضع على الجوانب الشعبية بل وصلت للرسمية إذ كتب رئيس الغرفة التجارية السابق برايان كالدر إلى رئيس حكومة مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية ديفيد إيبي، مناشدا إعفاء بوينت روبرتس من الإجراءات الكندية "الانتقامية" بالنظر إلى ظروفها الجغرافية الفريدة. وعلى الجانب الآخر يتواصل مسؤولو مقاطعة واتكوم بوفد ولاية واشنطن في العاصمة الأميركية لمعالجة هذا الوضع. قصة الحرب التجارية بين كندا وأميركا بعد أقل من شهر من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعلن بدء حربه التجارية على العديد من الدول، أبرزهم الصين وكندا والمكسيك. وفي الأول من فبراير/شباط من العام الجاري عندما وقّع ترامب أوامر فرض رسوم جمركية شبه شاملة على البضائع القادمة من كندا والمكسيك إلى الولايات المتحدة. ودعت الأوامر إلى فرض رسوم بنسبة 25% على جميع الواردات من المكسيك وجميع الواردات من كندا باستثناء النفط والطاقة، التي ستُفرض عليها رسوم بنسبة 10%. وردا على ذلك، قال رئيس الوزراء الكندي حينها جاستن ترودو، إن كندا سترد بفرض رسوم بنسبة 25% على بضائع أميركية بقيمة 30 مليار دولار كندي (20.6 مليار دولار أميركي)، والتي ستتوسع إلى 155 مليار دولار كندي (106 مليارات دولار أميركي) بعد ثلاثة أسابيع. ودخلت الرسوم الأميركية حيز التنفيذ في 4 مارس/آذار 2025؛ وبدأت الرسوم الانتقامية الكندية في نفس الوقت، بينما قالت المكسيك إنها ستنتظر الرد. وفي 6 مارس/آذار الماضي، أجّل ترامب الرسوم على البضائع المتوافقة مع اتفاقية الولايات المتحدة -المكسيك- كندا التي تشكل نحو 50% من الواردات من المكسيك و38% من الواردات من كندا.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
حج 2025.. ارتفاع في التكاليف وتحديات مختلفة
يشهد موسم حج هذا العام تحولات اقتصادية لافتة، سواء على صعيد الأفراد أو الدول الإسلامية، وسط سعي واضح من السلطات لتخفيف الأعباء المالية على الحجاج، وتوسيع نطاق الوصول عبر برامج دفع مرنة، في وقت لا تزال فيه التكلفة الإجمالية تشكل عائقا أمام ملايين المسلمين. وتكلفة أداء الحج في عام 2025 تتراوح بين 4 آلاف و20 ألف دولار، وذلك وفقًا لـ: نوع الخدمة المقدمة. مدة الإقامة. وتُعد هذه الأرقام مرتفعة نسبيًا مقارنةً بقدرة شرائح واسعة من المسلمين، ما دفع حكومات مثل باكستان والسعودية إلى إدخال نظم تقسيط للمدفوعات بهدف التيسير. تقسيط تكلفة الحج وفي سابقة مهمة، تبنّت باكستان برنامجًا يسمح للحجاج بدفع رسومهم على ثلاث دفعات. وصرّح المواطن الباكستاني زهير أحمد لصحيفة إيكونوميك تايمز قائلًا: "قدّمت طلب الحج في ديسمبر/كانون الأول، وسددت دفعة مقدمة، ثم دفعت المتبقي في فبراير/شباط. لولا هذا البرنامج، ما استطعت أداء الفريضة إطلاقًا". السعودية بدورها طبقت نظامًا مشابهًا على الحجاج المحليين: إعلان هذه الخطوات تشير إلى رغبة في فتح باب الحج لعدد أكبر من الراغبين، دون التضحية بالقدرة الاقتصادية. ضغط التكاليف يقلل الإقبال ورغم تخصيص 127 ألف تأشيرة حج لبنغلاديش هذا العام، إلا أن البلاد لم تتمكن من ملء الحصة، وفقًا لتصريح فريد أحمد مجمدر، الأمين العام لاتحاد وكالات الحج البنغالية، والذي أشار إلى أن السبب الرئيسي هو ارتفاع التكاليف وعدم قدرة المواطنين على تغطيتها، حتى مع الحوافز الحكومية. وتعاني دول إسلامية أخرى، مثل إندونيسيا، من قوائم انتظار طويلة تجاوزت 5.4 مليون شخص، بينما فرضت الهند قيودًا على من أدوا الحج مسبقًا عبر لجنة الحج الوطنية، في محاولة لإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المواطنين. سوق الحج والبعد الاقتصادي وبحسب "إيكونوميك تايمز"، يُمثّل موسم الحج أحد أبرز المواسم الاقتصادية الموسمية في السعودية والعالم الإسلامي عمومًا. ويُدر الحج، حسب تقديرات مستقلة، مليارات الدولارات سنويًا من الخدمات المباشرة وغير المباشرة مثل: إلا أن هذه السوق تواجه هذا العام ضغطًا مزدوجًا: ارتفاع التكاليف التشغيلية، وتراجع القدرة الشرائية للحجاج في ظل التضخم العالمي وتدهور العملات في عدة دول إسلامية. أبعاد تنظيمية وفي أبريل/نيسان 2025، أوقفت السعودية إصدار التأشيرات قصيرة المدى لـ14 دولة. وقد برّرت السلطات هذا الإجراء بالرغبة في تنظيم الحركة وتقليص أعداد الحجاج غير المسجلين، الذين لا يمكنهم الوصول إلى المرافق الأساسية مثل أماكن الإقامة المكيّفة. وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت في مايو/أيار أن دخول مكة دون تأشيرة حج نظامية سيعرّض المخالفين لغرامة تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (حوالي 5330 دولار). وأكدت الوزارة أن نسبة كبيرة من وفيات الحج في العام الماضي كانت بين من دخلوا مكة بطرق غير نظامية، دون تسجيل رسمي، وبالتالي لم يتمكنوا من الاستفادة من البنى التحتية الصحية واللوجستية. تحديات مناخية من ناحية أخرى، تشكل الظروف المناخية القاسية تهديدًا مباشرًا على صحة الحجاج وكفاءة البنية التحتية. وقد سُجّل العام الماضي أكثر من1300 حالة وفاة بسبب الحرارة التي تجاوزت 47 درجة مئوية، بينما تتراوح الحرارة هذا العام بين 41 و44 درجة منذ بداية يونيو/حزيران. وهذه الظروف تُجبر السلطات على الاستثمار في تجهيزات إضافية، مثل توزيع مجموعات طبية توعوية، وتحديث شبكات الإسعاف، وهو ما يحمّل الاقتصاد المحلي تكاليف إضافية لتأمين السلامة.