logo
ستيفن روتش يكتب: هل يقود «ترامب» العالم نحو ركود تضخمى أشد فتكاً من أزمات القرن

ستيفن روتش يكتب: هل يقود «ترامب» العالم نحو ركود تضخمى أشد فتكاً من أزمات القرن

البورصة٠٧-٠٥-٢٠٢٥

«هذا الانقلاب، المدفوع بازدراء أمريكا الجديد لشركائها التجاريين السابقين، سيكون دائماً»
قبل ما يقرب من خمس سنوات، حذرتُ من أن الركود التضخمى لم يكن يفصلنا عنه سوى سلسلة توريد معطلة واحدة.وبالفعل، شهدنا فاشية مؤقتة فى أعقاب صدمة كوفيد-19، إذ تزامن ارتفاع التضخم مع التعافى الهزيل فى الطلب العالمي.لكن، مثله كمثل الجائحة، سرعان ما انحسر ذلك الارتباك الاقتصادي.
واليوم، يلوح فى الأفق شكل أكثر إثارة للقلق من أشكال الركود التضخمي، ويهدد بعواقب وخيمة ودائمة تهدد الاقتصاد العالمى والأسواق المالية العالمية.
يتمثل أحد الاختلافات المهمة بين هاتين السلالتين من الركود التضخمى فى طبيعة الضرر.
فأثناء الجائحة، كانت سلاسل التوريد مُجهَدة بفعل تحولات كبرى فى الطلب ــ فخلال فترات الإغلاق المبكرة استهلك الناس كميات أكبر من السلع وكميات أقل من الخدمات، مع حدوث انقلاب حاد بعد إعادة فتح الأسواق.وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ونقص أشباه الموصلات، واختناقات الشحن العالمي، التى شكّلت مجتمعة نحو 60% من الارتفاع المفاجئ فى التضخم فى الولايات المتحدة فى الفترة 2021-2022.
واستغرق الأمر عامين تقريباً حتى بدأت ارتباكات سلاسل التوريد تلك تتلاشى، لتسمح بتخفيف الضغوط التضخمية.
الآن، تكاد مثل هذه الارتباكات المؤقتة تبدو عجيبة مقارنة بعملية إعادة الترتيب الجوهرية لسلاسل التوريد العالمية التى أشعلت شرارتها نزعة الحماية التى أطلق لها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العنان تحت شعار «أمريكا أولاً».
الواقع أن الولايات المتحدة، رغم جميع المآرب والأغراض، تعمل جاهدة على فك الارتباط أو الانفصال عن شبكات التجارة العالمية، وخاصة عن سلاسل التوريد التى تتوسطها الصين فى آسيا، وربما حتى عن سلاسل التوريد التى تربط أمريكا الشمالية عبر اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، المسماة «المعيار الذهبي» للاتفاقيات التجارية.
هذه التدابير كفيلة بإهدار كفاءات سلاسل التوريد التى تشير الأبحاث الأكاديمية إلى أنها نجحت فى خفض معدل التضخم فى الولايات المتحدة بنحو 0.5 من النقطة المئوية على الأقل سنوياً على مدار العقد الماضي.
هذا الانقلاب، المدفوع بازدراء أمريكا الجديد لشركائها التجاريين السابقين، سيكون دائماً فى الأرجح.وفى حين أن الاضطرابات التى أحدثتها جائحة كوفيد-19 كانت لها نقطة نهاية واضحة، فإن انعدام الثقة فى الولايات المتحدة سيستمر لفترة طويلة بعد رحيل ترامب عن المشهد.
وهذه المرة، لن يتوفر أى حل سريع أو سهل.
لن تكون عملية إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة سلسة.
يشير ترامب إلى إعلانات الاستثمار الضخمة من جانب شركات أجنبية ومحلية على أنها علامات على انبعاث التصنيع الأمريكى من جديد.
إلا أن منصات الإنتاج لا يمكن تفكيكها وإعادة تجميعها كقطع الليجو.
فى أفضل الظروف، تستغرق هذه المشاريع سنوات للتخطيط والبناء قبل أن تبدأ العمل تدريجياً.
ولكن فى مناخ اليوم الذى يتسم بانعدام اليقين فى السياسات إلى حد غير عادي، وفى ظل تعريفات جمركية انتقامية متبادلة، وعقوبات تعتمد بدرجة خطيرة على أهواء ترامب، من المرجح أن تؤجل إعادة الاستثمارات إلى الداخل، إن لم تُلغَ تماماً.
لن يكون من السهل أيضاً على بقية دول العالم لملمة الشتات بعد تراجع أمريكا عن العولمة، وتطوير سلاسل توريد جديدة.
وكما ستستغرق الولايات المتحدة بعض الوقت لإعادة بناء قدراتها المحلية، فستكون جهود البلدان الأخرى لإعادة هيكلة الترتيبات التجارية ممتدة على فترة طويلة.
بقدر ما تعكس سلاسل القيمة العالمية كفاءات الميزة النسبية، فإن إعادة تشكيل منصات الإنتاج والتجميع والتوزيع على هذا النحو تهدد بإضافة أوجه قصور جديدة من شأنها أن ترفع التكاليف والأسعار فى مختلف أنحاء العالم.
ينطوى الأمر على عنصر أكثر خبثاً فى هذا المزيج من الركود التضخمي: تسييس عمل البنوك المركزية.
وهنا، مرة أخرى، تقود الولايات المتحدة الطريق.
يصر ترامب على أن له الحق فى إبداء الرأى فى تصرفات مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى وضع السياسات، وقد أعرب عن استيائه صراحة وبشكل متكرر إزاء القرارات التى اتخذتها لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية مؤخراً بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
مكمن الخطر هنا أن ترامب سيذهب إلى مسافة أبعد فى مهاجمة استقلالية الاحتياطى الفيدرالي.أعلن الرئيس مؤخراً أنه قد يجبر رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول على الاستقالة، مشيراً إلى أن «إنهاء ولايته كان واجباً منذ أمد بعيد».
رغم تراجع ترامب منذ ذلك الحين عن هذا التهديد، فإن مثل هذه الخطوة ستكون متسقة مع مساعيه الأوسع نطاقاً ــ والتى يبدو أنها غير دستورية ــ لتوسيع نطاق السلطة التنفيذية.كجزء من الاستيلاء على السلطة على هذا النحو، استهدف ترامب بالفعل وكالات مستقلة أخرى، فأقال بشكل غير قانونى قادة المجلس الوطنى لعلاقات العمل، ولجنة تكافؤ فرص العمل، ولجنة التجارة الفيدرالية لأغراض سياسية.
من منا قد يزعم أن ترامب المتقلب فى الأغلب الأعم لن يتراجع مرة أخرى ويجدد هجماته على باول؟فى أقل تقدير، يكثف ترامب الضغط السياسى على السياسة النقدية الأمريكية فى وقت تتصاعد فيه الضغوط التضخمية فى مواجهة ارتباكات سلاسل التوريد الجديدة.
أضف إلى هذا المزيج تفضيل ترامب المعروف للدولار الأمريكى الأضعف، فيتبين لك أن الظروف الحالية تشبه إلى حد مذهل تلك التى كانت فى أواخر سبعينيات القرن العشرين، عندما تسبب الدولار الضعيف والاحتياطى الفيدرالى الواهن فى تفاقم أول اندلاع للركود التضخمى فى أمريكا.هل تذكرون جي. ويليام ميلر الساذج، الذى كان رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى ذلك الوقت؟
الواقع أن هذا جزء مؤلم من تجربتى الخاصة كموظف فى الاحتياطى الفيدرالى أفضل أن أنساه.يتمثل الجانب الآخر من عملة الركود التضخمى فى تزايد خطر الركود الأمريكى والعالمي.ومرة أخرى، يعود ذلك إلى الاحتمال المتنامى لحدوث صدمة انعدام اليقين واسعة الانتشار وطويلة الأمد تضرب الاقتصادين الأمريكى والعالمي، وما يرتبط بذلك من شلل يصيب عملية صنع القرارات التجارية والاستهلاكية.
فى الثانى من أبريل، احتفل ترامب بفرض ما يسمى التعريفات الجمركية «المتبادلة» باعتباره «يوم التحرير».فى اعتقادي، أن ذلك الأمر كان أشبه بعمل تخريبي، والذى أشعل شرارة ردود انتقامية وربما انحدار دورة التجارة العالمية.
إذا استمر هذا الوضع، فسيكون من الصعوبة بمكان أن يتجنب العالم الركود.
قد لا تقل نتائج أجندة ترامب تدميراً عن تلك التى نجمت عن الحرب التجارية العالمية أوائل القرن العشرين فى أعقاب صدور قانون «سموت-هاولي» للتعريفة الجمركية لعام 1930، وهو خطأ آخر فادح من أخطاء سياسات الحماية.
ومع ارتفاع التعريفات الجمركية الأمريكية الآن بدرجة أكبر حتى مما كانت عليه فى ذلك الوقت (فى الواقع، أعلى مما كانت عليه فى أى وقت منذ عام 1909)، يجدر بنا أن نتذكر انكماش التجارة العالمية بنسبة 65% فى الفترة من 1929 إلى 1934.الحق أن العالم اليوم قد يكون محظوظاً إذا أفلت بما لا يزيد على الركود التضخمي. بقلم: ستيفن روتش، عضو هيئة التدريس فى جامعة ييل المصدر: موقع «بروجكت سنديكيت» : الولايات المتحدة الأمريكيةترامب

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يهاجم الرئيس الروسي: بوتين يلعب بالنار
ترامب يهاجم الرئيس الروسي: بوتين يلعب بالنار

فيتو

timeمنذ 13 دقائق

  • فيتو

ترامب يهاجم الرئيس الروسي: بوتين يلعب بالنار

هاجم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، اليوم، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ووصفه بإنه "يلعب بالنار". ترامب يصعد اللهجة ضد الرئيس الروسي بوتين وتابع ترامب، في منشور على منصة "تروث سوشيال" المملوكة له: "ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت حدثت بالفعل أمور سيئة جدا لروسيا، وأنا أقصد ذلك تماما. إنه يلعب بالنار!". وكانت شبكة "سي إن إن"، نقلت عن مصادر مطلعة فى وقت سابق اليوم، أن ترامب يدرس فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا خلال الأيام المقبلة، وذلك في أعقاب تصاعد التوترات بين الجانبين. وكشفت المصادر، أن ترامب عبر مؤخرًا عن استيائه من تصرفات نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معتبرًا أن موسكو لم تبد ما يكفي من التعاون في عدد من الملفات العالقة. تصاعد الخلافات بين ترامب وبوتين وفي تصريح لافت، قال ترامب: "ما لا يدركه بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت روسيا شهدت أحداثًا سيئة للغاية بالفعل"، في إشارة إلى ما وصفه بدوره في تجنيب موسكو أزمات أكبر خلال السنوات الماضية. ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية الروسية حالة من الترقب، وسط تباين في المواقف بشأن قضايا دولية عدة، أبرزها الملف الأوكراني والدور الروسي في الشرق الأوسط. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

إيلون ماسك يعلن تقليص دعمه السياسي: هل يفقد الحزب الجمهوري أحد أبرز مموليه؟
إيلون ماسك يعلن تقليص دعمه السياسي: هل يفقد الحزب الجمهوري أحد أبرز مموليه؟

تحيا مصر

timeمنذ ساعة واحدة

  • تحيا مصر

إيلون ماسك يعلن تقليص دعمه السياسي: هل يفقد الحزب الجمهوري أحد أبرز مموليه؟

في تحول قد يعيد تشكيل خريطة التمويل السياسي في الولايات المتحدة، أعلن الملياردير هذا القرار يثير تساؤلات حول مستقبل دعم الحملات الجمهورية، خاصة بعد أن كان ماسك أحد أبرز ممولي الحزب في انتخابات 2024. ماسك يقلص إنفاقه السياسي أفاد ماسك الأسبوع الماضي بأنه يخطط للحد من إنفاقه السياسي بعد مساهمته بمئات الملايين من الدولارات في انتخابات 2024، وفقًا لموقع "ذا هيل" الأميركي. هذا التراجع يأتي وسط مؤشرات على ابتعاد ماسك عن البيت الأبيض في عهد الرئيس دونالد ترامب، وتحوله للتركيز بشكل أكبر على أعماله التجارية. رغم ذلك، لا يزال كثيرون في الأوساط السياسية من الحزبين يشككون في إمكانية انسحابه الكامل من الساحة السياسية. تأثير محتمل على الحزب الجمهوري يواجه الحزب الجمهوري احتمال خسارة أحد أكبر مصادر تمويله مع تقليص ماسك لدعمه المالي. وقد اعتبر المستشار الجمهوري أليكس كونانت أن انسحاب ماسك المحتمل "يثير القلق"، مشيرًا إلى أن دعم المتبرعين الكبار لا يُعتبر أمرًا مضمونًا، بل يجب كسبه في كل دورة انتخابية. وأضاف: "إذا برز مرشح رئاسي في 2028 يثير حماسة ماسك، فقد يعود ويضاعف دعمه". دور ماسك في إدارة ترامب مع عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي، تولى ماسك دورًا غير مسبوق في البيت الأبيض، مثيرًا جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإدارية. كُلِّف ماسك بقيادة "إدارة كفاءة الحكومة" (DOGE)، والتي تهدف إلى تقليص النفقات الحكومية وتخفيض القوى العاملة في المؤسسات الفيدرالية. أثارت الإجراءات التي تبنّاها موجات من الصدمة داخل أجهزة الدولة، وسط احتجاجات حادة وانتقادات لاذعة. يمتلك ماسك مكتبًا دائمًا في مجمع البيت الأبيض، وسبق أن قضى ليالٍ في "غرفة لينكولن"، واصفًا علاقته بالرئيس بأنها "صداقة قوية". كما أصبح وجهًا مألوفًا في اجتماعات الحكومة والوفود الدبلوماسية، رغم أنه لا يحمل صفة رسمية كعضو في مجلس الوزراء. تحديات أمام ماسك وشركاته يواجه ماسك تحديات متزايدة، خصوصًا بعد موجة احتجاجات عنيفة استهدفت معارض ومحطات شحن تسلا، وسط غضب من سياسات "إدارة الكفاءة". كما أن صفة ماسك كـ"موظف حكومي خاص" تتيح له العمل لمدة لا تتجاوز 130 يومًا، مما يفرض عليه قيودًا زمنية في دوره الحكومي. إعلان ماسك عن تقليص إنفاقه السياسي يمثل تحولًا مهمًا في المشهد السياسي الأميركي، وقد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على تمويل الحملات الانتخابية، خاصة للحزب الجمهوري. بينما يركز ماسك على أعماله التجارية، يبقى دوره السياسي محل اهتمام ومتابعة، في ظل علاقاته القوية مع الإدارة الحالية وتأثيره المتزايد في السياسات الحكومية.

السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟
السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟

مصرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصرس

السياحة لأمريكا تتراجع.. كيف أطاحت سياسات ترامب التجارية بثقة الزوار؟

بين تشديد الإجراءات على الحدود، وفرض رسوم جمركية واسعة النطاق، وتدهور الصورة الذهنية للولايات المتحدة في الخارج، تبدو السياحة الدولية إلى أمريكا في مسار انحداري يُنذر بتبعات اقتصادية ثقيلة، حيث تشير أحدث البيانات الصادرة عن مجموعة من المؤسسات المتخصصة في الشأن السياحي إلى أن واشنطن قد تخسر أكثر من 23 مليار دولار من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام، نتيجة تراجع ثقة السياح الأجانب، خاصة من دول كانت حتى وقت قريب بين أكثر زوار الولايات المتحدة إنفاقًا. هذا التراجع لا يقتصر فقط على أرقام الحجوزات في الفنادق، بل يمتد تأثيره إلى قطاعات الخدمات المرتبطة بالسياحة، مثل الفنادق والمطاعم، حيث تشير تقديرات صحيفة موقع "إمبلان" الاقتصادي الأمريكي، إلى خسائر محتملة بقيمة 23 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، وفقدان حوالي 230 ألف وظيفة. ومن المتوقع أن تتأثر بشكل خاص الوظائف في قطاعات الضيافة والترفيه والتجزئة، وهو ما يمثل ضربة اقتصادية كبيرة لمناطق سياحية رئيسية مثل فلوريدا ونيويورك ولاس فيجاس.ثقة السياح تتآكلتشير بيانات حديثة نشرها موقع "تريفاجو" المتخصص في حجوزات الفنادق إلى انخفاض مزدوج الرقم في حجوزات السفر من دول رئيسية مثل اليابان وكندا والمكسيك خلال شهري مايو ويونيو 2024 مقارنة بالعام السابق، حيث سجلت اليابان وكندا تراجعاً بنحو 20 في المئة، بينما شهدت دول أخرى كألمانيا انخفاضاً أقل نسبياً بنحو 10 في المئة. وفي مقابل ذلك، حافظت المملكة المتحدة على نسب مستقرة بعد توقيع أول اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة عقب إعلان التعريفات الجمركية.وتعد تلك الدول من أوائل الدول التي طالتها رسوم ترامب الجمركية بشكل مباشر. فبعد أن فرض الرئيس الجمهوري تعريفات بنسبة 25% على واردات السيارات وقطع الغيار، بالإضافة إلى تعريفات أخرى على الصلب والألمنيوم، بدأت أعداد الزائرين من تلك الدول بالانخفاض بشكل ملحوظفي تقرير صدر هذا الشهر، توقع "مجلس السياحة والسفر العالمي" أن تنخفض نفقات الزوار الدوليين في الولايات المتحدة من 181 مليار دولار في عام 2024 إلى أقل من 169 مليار دولار بحلول نهاية 2025.ويأتي هذا الانخفاض بنسبة 7% مقارنة بعام 2024 وبنسبة 22% عن ذروة السياحة ما قبل جائحة كورونا 2019. وبحسب جوليا سيمبسون، رئيسة المجلس، فإن "دولاً عديدة حول العالم تفرش السجاد الأحمر للسياح، بينما يبدو أن أمريكا تضع لافتة: نحن مغلقون".كندا تقود المقاطعةمنذ اليوم اليوم الأول لتنصيبه رسميا في ولايته الثانية رفع ترامب شعار "أمريكا أولًا" وهو ما اعتبر "سياسات عدائية" بنظر بعض الدول خاصة في ظل الإجراءات الحدودية المشددة ضد المهاجرين التي لعبت دورًا في ترسيخ صورة سلبية عن البلاد بين الجمهور الدولي، ما أدى إلى إصدار عدة دول لتحذيرات سفر إلى الولايات المتحدة.في كندا، حيث العلاقات التجارية والإنسانية عميقة مع الولايات المتحدة، إلا أنها تغيرت بعد إفصاح ترامب عن رغبته في جعل الجارة الشمالية "الولاية الأمريكية رقم 51"، حيث أظهر استطلاع أجرته شركة "لونجوودز إنترناشيونال" أن 60% من الكنديين باتوا أقل ميلًا للسفر إلى الولايات المتحدة بسبب التوترات السياسية والاقتصادية الأخيرة. وانعكس ذلك ميدانيًا، إذ تراجعت زيارات الكنديين بنسبة 35% عبر البر و20% عبر الجو، وسط توقعات بانخفاض إجمالي الزوار الكنديين إلى أميركا بنسبة 20% هذا العام.هذه التغيرات تركت أثرًا واضحًا في بلدات أمريكية صغيرة على الحدود، خاصة في ولايات مثل واشنطن ونيويورك، وذلك بعد إبلاغ أكثر من 66% من الشركات السياحية في شمال نيويورك بحدوث تراجع في الحجوزات الكندية لعام 2025.ووفقًا لتقديرات موقع "إمبلان" الاقتصادي الأمريكي، فإن انخفاضًا بنسبة 10% في السياحة الدولية يمكن أن يؤدي إلى خسارة ما يعادل 230,000 وظيفة في الولايات المتحدة. ومن بين أكثر القطاعات المهددة بأن تكون الأكثر تضررًا:قطاع المطاعم بخسارة 50,000 وظيفة.قطاع الفنادق والإقامة بخسارة نحو 45,000 وظيفة.قطاع الترفيه بخسارة 25,000 وظيفة.قطاع التجزئة، بما يشمل محطات الوقود، بخسارة تقارب 19,500 وظيفة.وتُقدر خسائر الدخل الناتجة عن هذه التراجعات بما يزيد عن 13 مليار دولار، وتشمل الأجور والرواتب والأرباح الفردية، وهو ما حذرت الخبيرة الاقتصادية جينيفر ثورفالدسون في تصريحات لصحيفة "فورتن"، أنها ستؤدي إلى تأثير كبير على قطاع العمالة الأمريكية.من شركات الطيران إلى الفنادقومن أمريكا إلى أوروبا التي طالتها أيضًا رسوم ترامب الجمركية، حيث لاحظت شركات الطيران الأوروبية مثل "إير فرانس - كيه إل إم" و"لوفتهانزا" انخفاضًا في الطلب على الرحلات عبر الأطلسي إلى أمريكا. في المقابل، ارتفع الطلب الأمريكي على السفر إلى أوروبا، مما يعكس تباينًا حادًا في تدفق المسافرين.وفي الوقت نفسه، بدأت شركات الطيران الأمريكية الكبرى مثل "دلتا" و"يونايتد" بإعادة النظر في جداولها التشغيلية. حيث خفضت "دلتا" جدول رحلاتها الصيفية، وقررت "يونايتد" قررت تقاعد 21 طائرة مبكرًا وتقليص الرحلات نحو كندا، استجابةً لتراجع الحجوزات. كما تواجه المطارات الأمريكية أزمات تشغيلية تتعلق بفشل أنظمة المراقبة الجوية ونقص الموظفين، خاصة في مطارات مثل نيوارك وأتلانتا.أما الفنادق، فلا تزال تنتظر الضربة الكبرى. فوفقًا لمجلة "فوربس"، تراجعت أسهم شركات الفنادق بشكل متسارع بعد إعلان الرسوم الجمركية في أبريل، وهو ما يعتبر بمثابة "ضربة جديدة لقطاع السياحة الذي لم يتعافَ بعد من جراح جائحة كورونا".الترويج لبدائل أرخصرغم تراجع الدولار بعد موجة الرسوم الجمركية، إلا أنه لا يزال قويًا نسبيًا مقارنة بعملات مثل الين الياباني والريال البرازيلي، ما يجعل الولايات المتحدة وجهة مكلفة للسياح، وهو ما سيجعل كثير من المسافرين الآن يفضلون دولًا تقدم أسعارًا أفضل وتجربة دخول أسهل، مثل المكسيك ودول الكاريبي، التي باتت تروّج لنفسها كبدائل مريحة لأمريكا.ووفقًا لتوقعات موقع "أوكسفورد إيكونوميكس"، من المحتمل أن تنخفض أعداد الزوار الدوليين إلى الولايات المتحدة بنسبة 8.7% في 2025، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى زيادة قدرها 8.8% قبل أشهر فقط، وهي الآثار التي يرجح الموقع أن تظهر بشكل أكثر وضوحًا مع دخول أشهر الذروة الصيفية، مثل يونيو ويوليو وأغسطس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store