logo
فضيحة التسريب.. بريطانيا تنقل آلاف الأفغان سراً بعد تعريض حياتهم للخطر

فضيحة التسريب.. بريطانيا تنقل آلاف الأفغان سراً بعد تعريض حياتهم للخطر

عكاظمنذ يوم واحد
كشفت الحكومة البريطانية، اليوم الثلاثاء، عن نقل حوالى 4500 أفغاني، بينهم 900 من العاملين السابقين مع القوات البريطانية و3600 من أفراد عائلاتهم، إلى المملكة المتحدة في إطار برنامج سري أُطلق عليه «مسار الاستجابة الأفغانية»، بعد تسريب بيانات هوياتهم في فبراير 2022.
وقد أثار التسريب مخاوف من استهداف حركة طالبان للأفراد المدرجين في قاعدة البيانات، التي تضمنت أسماء وتفاصيل شخصية لحوالى 19000 أفغاني تقدموا بطلبات لجوء بموجب «سياسة إعادة التوطين والمساعدة الأفغانية».
وأوضح وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، في خطاب أمام مجلس العموم، أن التسريب وقع عن طريق الخطأ عندما أرسل مسؤول بوزارة الدفاع البريطانية بريداً إلكترونياً يحتوي على قاعدة بيانات تضم تفاصيل 33000 سجل، بما في ذلك أسماء ومعلومات الاتصال وتفاصيل عائلية، خارج النظام الحكومي الآمن.
واكتُشف التسريب في أغسطس 2023، عندما نُشرت مقتطفات من البيانات على مجموعة فيسبوك، مما أثار ذعراً في الأوساط الحكومية ودفع رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك لعقد اجتماع طارئ لمجلس «كوبرا»، وإطلاق عملية «روبيفيك» لنقل الأفغان المعرضين للخطر.
وأشار هيلي إلى أن برنامج «مسار الاستجابة الأفغانية»، الذي بدأ في أبريل 2024، كلف حتى الآن حوالى 400 مليون جنيه إسترليني (520 مليون دولار)، ومن المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية إلى 850 مليون جنيه إسترليني (1.1 مليار دولار) بحلول إغلاق البرنامج، الذي قررت حكومة حزب العمال إيقافه، مع الالتزام بنقل 6900 شخص إجمالاً، بما في ذلك 600 جندي أفغاني و1800 من أفراد عائلاتهم ما زالوا في أفغانستان.
وأظهر تقرير مستقل أجراه المسؤول المتقاعد بول ريمر، بتكليف من الحكومة في يناير 2025، أن التسريب «من غير المرجح أن يُغير بشكل كبير من تعرض الأفراد للخطر»، نظراً لامتلاك طالبان مصادر أخرى للمعلومات عن الأشخاص الذين عملوا مع القوات الغربية، ومع ذلك، أثار الأمر القضائي جدلاً واسعاً، حيث اعتبر القاضي جاستس تشامبرلين أن إخفاء التسريب وتكاليف البرنامج «يعيق آليات المساءلة في الديمقراطية»، مشيراً إلى أن الحكومة ربما زادت من قيمة البيانات المتسربة بمحاولتها التعتيم عليها.
وبدأت الأزمة مع انسحاب القوات الغربية من أفغانستان في صيف 2021، بقيادة الولايات المتحدة، مما سمح لحركة طالبان بالعودة إلى السلطة في أغسطس 2021 بعد عشرين عاماً من الإطاحة بها، وشاركت بريطانيا في المهمة العسكرية ضد تنظيم القاعدة وطالبان عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث نشرت ما يقرب من 10000 جندي في ذروة العمليات في إقليم هلمند.
ومع انتهاء العمليات القتالية البريطانية في 2014، غادرت القوات المتبقية في 2021، تاركة وراءها آلاف الأفغان الذين عملوا كمترجمين أو موظفين إداريين أو جنود إلى جانب القوات البريطانية، مما عرضهم لخطر الانتقام من طالبان، وأُطلق برنامج «سياسة إعادة التوطين والمساعدة الأفغانية» لنقل الأفغان الذين عملوا مع الحكومة البريطانية، حيث تم نقل حوالى 36000 أفغاني إلى المملكة المتحدة حتى الآن.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وسط توترات عالمية.. صندوق استخباراتي بريطاني سري يخرج إلى العلن
وسط توترات عالمية.. صندوق استخباراتي بريطاني سري يخرج إلى العلن

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

وسط توترات عالمية.. صندوق استخباراتي بريطاني سري يخرج إلى العلن

كشفت الحكومة البريطانية عن تفاصيل جديدة بشأن "صندوق الاستثمار الاستراتيجي للأمن القومي (NSSIF)"، والذي يرتبط بشكل غير معلن بأجهزة الاستخبارات البريطانية، بما في ذلك جهاز الأمن الداخلي (MI5)، والاستخبارات الخارجية (MI6)، ومقر الاتصالات الحكومية (GCHQ)، حسب ما أوردت مجلة "بوليتيكو". وذكرت المجلة في نسختها الأوروبية، أن الحكومة البريطانية تخطط لضخ 330 مليون جنيه إسترليني إضافية في ميزانية الصندوق على مدى أربع سنوات، مشيرة إلى أن هذه الأموال ستعزز قدرته على "الاستثمار في شركات تلبي متطلبات أمننا القومي ودفاعنا". وقالت الحكومة إن ذلك يأتي في إطار التركيز المتجدد على "التقاطع بين التقنيات ذات الاستخدام المزدوج والأمن القومي والمرونة مع تكثيف التعاون الدولي لتحقيق التفوق التكنولوجي". وفي المقابل، سيعزز صندوق الأمن القومي حضوره العام، حيث سيعين مسؤولاً للتواصل وسيشارك في المزيد من الفعاليات العامة، وفقاً لـ"بوليتيكو". صندوق الأمن القومي.. عودة مقصودة وقال أشخاص مطلعون على عمل الصندوق لـ"بوليتيكو"، إن ظهوره بعد فترة من التخفي النسبي في وقت يشهد توترات جيوسياسية متصاعدة وتغيراً تكنولوجياً سريعاً ليس مصادفة. وذكروا أن هذا لا يعكس فقط إجماعاً متزايداً على أن الصراعات المستقبلية ستُشكلها تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، حيث تستخلص الحكومات الدروس من الحرب في أوكرانيا، بل إن الميزة العسكرية والنمو الاقتصادي يعتمدان بشكل متزايد على تبني أحدث الابتكارات. وأضافوا أن الجمع بين استراتيجية الصندوق المتمثلة في وضع رهانات تجارية استراتيجية وتذليل العقبات أمام الشركات الناشئة، يُمثل نموذجاً يُحتذى به لمواجهة التحدي الدائم الذي تواجهه بريطانيا، والمتمثل في تحويل شركاتها الناشئة الواعدة إلى شركات رائدة راسخة. (NSSIF).. ما هو وكيف يعمل؟ عندما تم تأسيس صندوق الاستثمار الاستراتيجي للأمن القومي (NSSIF) في عام 2018، كان العالم يشهد بداية مرحلة جديدة من التنافس الجيوسياسي على التفوق التكنولوجي، وسط مخاوف متزايدة في الغرب من فقدان الريادة لصالح دول ذات أنظمة استبدادية. وقال إدموند فيليبس، الشريك الاستثماري الأول في الصندوق، خلال فعالية في لندن هذا الشهر، إن تلك الفترة شهدت إدراكاً متنامياً بأن "الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية تواجه تحدياً حقيقياً في الحفاظ على تفوقها التكنولوجي". ويُعد أنتوني فينكلشتاين، خبير الأمن السيبراني والمستشار العلمي السابق للحكومة البريطانية للأمن القومي، هو صاحب الفكرة الأصلية وراء إنشاء الصندوق، انطلاقاً من قناعة بضرورة تسريع تبنّي الابتكار التقني لخدمة الأمن القومي البريطاني. وفي تصريح لـ"بوليتيكو"، قال فينكلشتاين: "كنت مهتماً جداً بطرق أفضل تُمكّن منظومة الأمن القومي في المملكة المتحدة من الابتكار بشكل أسرع وبفعالية أكبر... واستخدام ذلك أيضاً كرافعة لنمو المملكة المتحدة"، موضحاً أن تفكيره تأثر بصندوق In-Q-Tel، وهو (صندوق الاستثمار التكنولوجي التابع للاستخبارات الأميركية) ويهدف إلى ربط وكالة المخابرات المركزية بالتكنولوجيا الجديدة. وبعد محاولة فاشلة لإنشاء صندوق مشترك مع الولايات المتحدة وأستراليا، تأسس (NSSIF) بقيادة وزير المالية المحافظ فيليب هاموند كمشروع مشترك بين الحكومة وبنك الأعمال البريطاني. ويوضح مستند توجيهي صدر عام 2020 أن صندوق (NSSIF) يستثمر تجارياً في شركات التكنولوجيا المتقدمة إلى جانب مستثمرين مشاركين"، داعماً بذلك استثمارات الأسهم طويلة الأجل- "رأس المال الصبور"- ومستفيداً من الخبرة التكنولوجية الفريدة للحكومة. وتشمل أهداف الصندوق إلى تسريع اعتماد قدرات الحكومة المستقبلية في مجال الأمن والدفاع الوطني، وتطوير منظومة التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج في بريطانيا. وإلى جانب توجيه بعض الأموال إلى صناديق رأس المال الاستثماري الأخرى، يستثمر صندوق (NSSIF) في أسهم شركات ناشئة تُعتبر أساسية لتلبية الاحتياجات السيادية للمملكة المتحدة. كما يُدير "برامج عمل" لتسريع تطوير النماذج الأولية وتجربة التكنولوجيا في مؤسسات الحكومة. الخروج إلى العلن ويأتي توسيع دور صندوق (NSSIF) في الوقت الذي تُصر فيه بريطانيا وحلفاؤها في الناتو على تسريع وتيرة استخدام أحدث التقنيات في الخطوط الأمامية في أعقاب الحرب في أوكرانيا. وفي قمة عُقدت في يونيو، اتفق قادة حلف الناتو على "تسريع وتيرة اعتماد الحلف للمنتجات التكنولوجية الجديدة بشكل كبير، وبشكل عام في غضون 24 شهراً كحد أقصى". كما أن التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك استغلال الصين لسلاسل التوريد وتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجارية، قد دفعت المخاوف بشأن السيادة وضمان الوصول إلى التقنيات الحيوية إلى الواجهة. وأوضح فينكلشتاين أن ذلك أجبر مسؤولي الأمن القومي، على إدراك أن الحفاظ على التفوق التكنولوجي يتطلب بناء روابط نشطة مع القطاع الخاص. وفي الوقت نفسه، أصبحت شركات التكنولوجيا أكثر انفتاحاً على العمل مع وكالات الدفاع والاستخبارات وسط تصاعد التوتر الجيوسياسي- وزيادة تاريخية في الإنفاق الدفاعي. وتُجري وزارة الدفاع إصلاحاتٍ جذرية في آلية شراء التكنولوجيا، بما في ذلك إنشاء وحدة مُخصصة للابتكار الدفاعي، في حين أعلنت وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا البريطانية الشهر الماضي أنها ستعمل بشكل أوثق مع وزارة الدفاع "لتطوير القدرات الابتكارية اللازمة لإنجاز المهام بسرعة، وتعزيز قطاع تكنولوجيا دفاع بريطاني مزدهر ورائد عالمياً". وفي خطة طويلة الأجل صدرت الشهر الماضي، أكدت وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا أن دعم التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج من خلال تحسين استخدام المشتريات وزيادة حصة تمويل البحث والتطوير لن يُعزز أمن المملكة المتحدة فحسب، بل سيُفيد قطاع التكنولوجيا الأوسع فيها أيضاً. وفي الأسبوع الماضي، طلبت وزارة الأمن الداخلي البريطانية (DSIT) من المعهد الوطني للذكاء الاصطناعي في بريطانيا إعادة تركيز عمله على الأمن والدفاع، بعد إعادة تسمية معهد سلامة الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة إلى "معهد أمن الذكاء الاصطناعي" في وقت سابق من هذا العام. حدود النجاح في الولايات المتحدة، استحوذت شركات مثل جوجل وأمازون على شركات ناشئة تدعمها شركة In-Q-Tel، أو نمت لتصبح شركات عملاقة مثل Palantir. ومع توسع صندوق (NSSIF) في عمله، يمكنه أن يخضع لتدقيق أكبر لسجله من قبل الوزراء والجمهور. لكن وزارة الأمن الداخلي ذكرت في بيان صحافي صدر مؤخراً أن الصندوق دعم عدداً من الشركات الناشئة التي أصبحت قيمتها بمليارات الدولارات، مما أدى إلى استقطاب الاستثمارات الخاصة وخلق فرص عمل. لكن خمسة أشخاص مقربين من (NSSIF) قالوا إنه على الرغم من نجاحه، إلّا أنه ليس حلاً سحرياً للقضايا العميقة التي تواجهها الشركات الناشئة في بريطانيا. وفي يونيو، قبلت شركة Oxford Ionics الناشئة صفقة استحواذ بقيمة 1.1 مليار دولار من شركة IonQ الأميركية، وهو ما وصفه البعض بأنه مثال آخر على انتقال الشركات البريطانية الناشئة الواعدة إلى الخارج. رغم أن Oxford Ionics تقول إنها تخطط للإبقاء على قاعدة أبحاثها في بريطانيا. لكن من المتوقع أن تُعيد الصفقة ملايين الجنيهات الإسترلينية إلى خزينة الدولة، بعدما كان (NSSIF) يمتلك حصصاً في الشركة، التي تعمل على تطوير أنظمة الحوسبة الكمومية. وقال سولي، من شركة Advai، إن هذه النوعية من الصفقات التجارية هي التي ينبغي أن يبرمها الصندوق، بحيث يُعاد استثمار العوائد لدعم الجيل القادم من رواد الأعمال. وأضاف سولي أن ما يميز (NSSIF) هو تركيزه الواضح على الجانب التجاري، معتبراً أن ذلك يعكس "مصلحة الحكومة البحتة"، وهو أمر - بحسب وصفه - ستحتاج بريطانيا إلى التكيّف معه مع توسع أنشطة الصندوق. وتابع: "لسنا بارعين في تحقيق المصلحة الذاتية كما تفعل الولايات المتحدة".

أفغانستان ودبلوماسية «السكك الحديدية»
أفغانستان ودبلوماسية «السكك الحديدية»

الشرق الأوسط

timeمنذ 6 ساعات

  • الشرق الأوسط

أفغانستان ودبلوماسية «السكك الحديدية»

في خطوة قد تُغيِّر قواعد التجارة الإقليمية، يشق مشروع «السكك الحديدية العابرة لأفغانستان» طريقه بثبات ليُعيد رسم خريطة النفوذ والربط الاقتصادي في قلب آسيا. المشروع الذي يربط أوزبكستان، الدولة الحبيسة في آسيا الوسطى، بالمواني الباكستانية على بحر العرب عبر الأراضي الأفغانية، ليس مجرد خط نقل، بل هو استراتيجية جيوسياسية متكاملة، تحمل وعوداً ومخاطر لجميع الأطراف المعنية. تسعى أوزبكستان من خلال هذا المشروع إلى التخلص من «جغرافيا الحصار»، بعدما ظلَّت تعتمد لعقود على طرق عبور تمر عبر روسيا وبحر قزوين. اليوم، تنفتح أمامها فرصة للوصول المباشر إلى موانٍ باكستانية، مثل كراتشي وغوادَر، ما يمنحها منفذاً على البحار الدافئة، ويُعزز تنافسيتها التجارية. هذا المسار الجديد يختصر المسافات، ويُقلل التكاليف، ويفتح نوافذ تصدير جديدة نحو أسواق الخليج وأفريقيا وجنوب آسيا. يمتد المشروع عبر مسارين رئيسيين: الأول يبدأ من مدينة مزار شريف في الشمال، مروراً بهرات وقندهار حتى نقطة العبور في تشامان على الحدود الباكستانية، وهو ما يُعرف بالممر الغربي. أما الثاني، فيسلك طريقاً أقرب إلى العاصمة كابل، من ترميز على الحدود الأوزبكية، مروراً بنيباباد ولوغر وصولاً إلى خرلاشي، وهو ما يُعرف بالممر الشرقي. المفاضلة بين المسارين لا تخضع فقط للعوامل الجغرافية، بل تتداخل فيها اعتبارات سياسية، وأمنية، واقتصادية دقيقة. فمن ناحية، يُفضّل المسار الأقصر إلى المواني من حيث التكاليف والسرعة، لكن من ناحية أخرى، تؤثر طبيعة التضاريس، ومدى استقرار المناطق، ومستوى التحكم الأمني على قرار الاختيار النهائي. في هذا السياق، تلعب أفغانستان دوراً محورياً، ليس بحكم موقعها فقط، بل بسبب تحوُّلها من دولة عبور هامشية إلى عقدة مركزية في شبكة الربط بين الشمال والجنوب. وعلى الرغم من عدم الاعتراف الدولي بحكومة «طالبان» (مؤخراً اعترفت روسيا، العدو اللدود، بـ«طالبان»)، فإن الأخيرة نجحت في توظيف المشروع بوصفه أداة نفوذ، وسلعة تفاوضية تفرض من خلالها واقعاً لا يمكن تجاهله. فهي تتيح مرور الشحنات مقابل رسوم عبور وإيجارات واستثمارات، وتُشارك في التنسيق الأمني مع الدول المعنية، ما يمنحها شرعية غير رسمية وشبكة علاقات عملية تتجاوز العزلة الدبلوماسية. لكن هذا الدور يبقى هشّاً بطبيعته، فنجاح «طالبان» في تحويل خط السكة إلى مصدر دخل واستقرار يعتمد على قدرتها في تأمين المناطق التي يمر بها، وعلى ضمان عدم ظهور بدائل أخرى تتفادى الأراضي الأفغانية، كخطوط تمر عبر إيران أو الصين. إن أي اهتزاز في الأمن، أو أي توتر سياسي، كفيل بأن يفقد أفغانستان موقعها بصفتها ممراً إجبارياً. في المقابل، ترى أوزبكستان في هذا المشروع فرصة ذهبية للخروج من عزلتها الجغرافية، فقد تبنَّت طشقند خلال السنوات الأخيرة سياسة تنويع مساراتها التجارية وعدم الارتهان لدولة واحدة. وهي تسعى إلى تطوير دورها وسيط نقل وتخزين وتخليص جمركي، مما يدر عليها عائدات من الخدمات اللوجيستية. كما تعمل على جذب التمويل الأجنبي لبناء مناطق صناعية عند تقاطعات النقل، وتحويل الجغرافيا إلى مصدر عملة صعبة. غير أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر، إذ إن أي اضطراب أمني في أفغانستان قد يعطّل هذا الطموح. أما روسيا، فتتعامل مع المشروع باعتباره مخرجاً استراتيجياً من عزلتها المفروضة بعد غزو أوكرانيا. فمع تضييق المنافذ الأوروبية، أصبح على موسكو أن تُعيد توجيه صادراتها نحو الجنوب. من خلال دعم هذا المشروع، تأمل في تجاوز الرقابة الغربية على التجارة البحرية، وتوسيع شبكتها البرية عبر آسيا الوسطى وباكستان. إضافة إلى ذلك، ترى روسيا في فرض مقياس السكك الحديدية الذي تعتمده، والمعروف باسم «1520 ملم»، أداة لتعزيز نفوذها الفني والبنى التحتية في المنطقة. وهنا تحديداً، تظهر أهمية مفهوم «مقياس السكة»، وهو ببساطة عرض قضيبَي السكك الحديدية. المقياس المستخدم في معظم دول الغرب والصين هو (1435 ملم)، ويُعرف بالمقياس القياسي العالمي. في المقابل، تعتمد روسيا ودول آسيا الوسطى، مثل أوزبكستان وكازاخستان، المقياس الأعرض (1520 ملم). الاختلاف بين هذين المقياسين يعني أن القطارات لا يمكن أن تتابع سيرها عند الحدود من دون تغيير نظام العجلات أو نقل البضائع من قطار إلى آخر، مما يُسبب تأخيراً وتكلفة إضافية. لذا فإن اختيار أفغانستان للعمل بالمقياس الروسي ليس مجرد قرار تقني، بل هو اختيار جيوسياسي يُقحمها ضمن دائرة النفوذ الروسي، ويصعِّب اندماجها مع مسارات تديرها الصين أو إيران أو الدول الغربية. بالنسبة إلى باكستان، يُمثل المشروع فرصة لتحويل موقعها من مجرد دولة حدودية إلى عقدة ربط تجاري بين آسيا الوسطى والعالم. فمع وصول البضائع إلى موانيها، تكتسب كراتشي وغوادر أهمية مضاعفة في سلاسل الإمداد الإقليمية، وتُحقق الدولة مكاسب مالية من الرسوم وخدمات المواني. كما تسعى إسلام آباد، من خلال هذا الربط، إلى تعزيز موقعها في وجه مشروعات هندية أو إيرانية قد تستهدف الأسواق نفسها، وهو ما يُعيد تفعيل التنافس الإقليمي عبر شبكات النقل والبنية التحتية. ومع كل هذه الأدوار المتشابكة، يظل مستقبل «السكك الحديدية العابرة لأفغانستان» مرهوناً بثلاثة عوامل: الاستقرار الأمني داخل أفغانستان، والتفاهم السياسي بين الدول المشاركة، واستمرارية التمويل والاستثمار في البنية التحتية. فالطموحات كبيرة، لكن الطريق لا يزال مملوءاً بالعوائق، والربح لن يكون مضموناً إلا لمن يثبت قدرته على حماية خط التجارة الجديد.

بريطانيا تعتزم نقل 33 ألف أفغاني إلى أراضيها سراً
بريطانيا تعتزم نقل 33 ألف أفغاني إلى أراضيها سراً

العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • العربية

بريطانيا تعتزم نقل 33 ألف أفغاني إلى أراضيها سراً

تسربت في بريطانيا معلومات أولية عن مخطط لنقل أكثر من 33 ألف شخص بشكل سري من أفغانستان ليتم توطينهم داخل الأراضي البريطانية، وهو ما أثار حفيظة المطالبين بإغلاق الأبواب أمام المهاجرين، فضلاً عن أن هذا المشروع سيكلف خزينة الدولة ودافعي الضرائب مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية. وبحسب التفاصيل التي نشرتها جريدة "Metro" البريطانية، واطلعت عليها "العربية نت"، فقد تم الكشف عن مخطط سري لنقل الأفغان المدرجين على "قائمة قتل" وهي قائمة تضم 33 ألف شخص، حيث سيتم نقلهم إلى بريطانيا وتوطينهم وتوفير الحماية لهم. وهؤلاء المواطنون الأفغان المهددون بالقتل في بلادهم كانوا يتعاونون مع القوات البريطانية خلال السنوات التي كانت القوات أميركية وبريطانية مشتركة تقوم باحتلال أفغانستان، وأصبحوا حالياً على قوائم للقتل وحياتهم مهددة. وكُشف النقاب عن بيانات شخصية لنحو 19 ألف مواطن أفغاني ممن ساعدوا القوات البريطانية، وذلك بعد إرسال مجموعة بيانات عن طريق الخطأ عبر بريد إلكتروني غير آمن في فبراير 2022. وكان الأشخاص المدرجون في القائمة المسربة قد تقدموا بطلب للحصول على إعادة التوطين والمساعدة، وفقاً لسياسة وضعتها الحكومة البريطانية سابقاً. وبحسب المعلومات الجديدة التي حصلت عليها جريدة "مترو" المحلية الصادرة في لندن، فقد تبين بأنه بعد أكثر من عامين على تسريب بيانات الـ19 ألف أفغاني، وتحديداً في أبريل 2024، أي قبل ثلاثة أشهر من انتخابات 2024، تم إطلاق مخطط سري لإعادة التوطين يُسمى "مسار الاستجابة الأفغانية". وكلف هذا البرنامج حوالي 400 مليون جنيه إسترليني حتى الآن، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 850 مليون جنيه إسترليني عند اكتماله. ومن المتوقع أن تُضيف التكاليف القانونية والتعويضات الإضافية ملايين أخرى إلى إجمالي الفاتورة، بحسب تقرير الصحيفة. واستغرق الأمر أكثر من عام حتى أدركت وزارة الدفاع خرق البيانات، والذي كان نتيجة خطأ واضح من مسؤول دفاعي. واكتُشف حجم المشكلة عندما نُشرت مقتطفات من مجموعة البيانات على مجموعة فيسبوك في أغسطس 2023. وبعد نشر المعلومات بوقت قصير، أخبر متطوع مدني عمل مع المتقدمين لبرنامج المساعدة، جيمس هيبي، وزير القوات المسلحة آنذاك: "قد يكون لدى طالبان الآن قائمة قتل طويلة تضم 33 ألف اسم، وقد حصلوا عليها أساساً من حكومة بريطانيا وليس من مصدر آخر". وأضاف المتطوع: "إذا تم قتل أي من هذه العائلات، فستكون الحكومة مسؤولة عن ذلك". وحتى اليوم، لم يُسمح لوسائل الإعلام أو البرلمان بنشر أي تفاصيل حول خطة إعادة التوطين بسبب أمر قضائي. وقال القضاة في عام 2024 إن ما بين 80 ألفاً و100 ألف شخص قد يتعرضون لخطر المضايقة أو التعذيب أو الموت إذا حصلت طالبان على البيانات من خلال الخرق. وصرح وزير الدفاع جون هيلي بأنه قدّم "اعتذاراً صادقاً" نيابةً عن الحكومة، وقال للنواب: "ما كان ينبغي أن تحدث هذه الحادثة الخطيرة المتعلقة بالبيانات". وقال رافي هوتاك، الناشط الذي عمل سابقاً مترجماً فورياً للجيش البريطاني في أفغانستان: "هذا الاختراق للبيانات خيانة صادمة من جانب حكومة بريطانيا. لقد فشلوا في حماية الأشخاص الذين خاطروا بكل شيء لدعم البعثات البريطانية في أفغانستان. لقد أُزهقت أرواح بالفعل، ولا يزال آخرون في خطر جسيم. هناك حاجة ماسة للمساءلة والتحرك الفوري".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store