logo
نمو الناتج المحلي ليس ضماناً لرفع مستويات المعيشة

نمو الناتج المحلي ليس ضماناً لرفع مستويات المعيشة

البيانمنذ 2 أيام

آندي هالدين
بالنسبة للعديد من الحكومات، النمو هو الهدف الأسمى، لذلك، نجد الأمر يملأ خطاباتها السياسية. وهذا يترك هذه الحكومات، وخاصة تلك التي تتشدد في الأمر، في حالة من العذاب الأبدي، حيث يكون كل إصدار للناتج المحلي الإجمالي سبباً للاحتفال (إن كان جيداً) أو للندم والكثير من الهموم (إن كان سيئاً).
إن هذا الولاء المفرط لمفهوم إحصائي مجرد، وغير مفهوم إلى حد كبير، عمره يبلغ قرناً واحداً بالكاد.. وهو أمر غريب بالنسبة للمواطن العادي. لكن مع كل هذا الحماس الشديد، هناك واقع اقتصادي عالمي جديد صارخ: لقد تراجع النمو بشكل ملموس. وبين دول مجموعة السبع، انخفضت معدلات النمو بأكثر من النصف عند مقارنة السنوات الخمس والعشرين الأولى من القرن الحادي والعشرين بالسنوات الخمس والعشرين الأخيرة من القرن العشرين.
وكان لهذا التراجع عواقب مجتمعية وخيمة للغاية، مثل انخفاض مستويات المعيشة، وتضخم الدين العام، وإرهاق الخدمات العامة. وقد أدى هذا كله إلى تأجيج الاستياء العام، وفي نهاية المطاف إلى حالة جلية من الهشاشة السياسية. وفي نظر كثيرين، فإن من شأن استعادة النمو أن تعكس هذه الرياح المعاكسة القوية، اقتصادياً واجتماعياً، وأن تُحقق إصلاحاً سياسياً.
ولكن هل سيحدث ذلك فعلاً؟ خلال هذا القرن، لم يكن نمو الناتج المحلي الإجمالي ضماناً لارتفاع مستويات المعيشة، وخاصة بين الأسر ذات الدخل المنخفض. وفي الولايات المتحدة، ارتفع متوسط الدخل الحقيقي بالكاد منذ ثمانينيات القرن الماضي. وفي المملكة المتحدة، انخفض متوسط الأجر الحقيقي عما كان عليه وقت الأزمة المالية العالمية. ولا يبدو أن هناك أي تراجع في الأفق: فمن المتوقع أن تكون دخول أدنى 50% في نهاية مدة الولاية التشريعية لهذا البرلمان (في إنجلترا) أقل مما كانت عليه في بدايته، كما كانت هي الحال في البرلمان السابق.
وخلال نقاش حول استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبخ واحد من الحضور أحد المتحدثين قائلاً: «هذا ناتجكم المحلي الإجمالي اللعين، وليس ناتجنا المحلي الإجمالي». كانت هناك حقيقة إحصائية في هذه النكتة. لم يكن النمو مؤخراً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وخارجها شاملاً على الإطلاق، سواء من الناحية الجغرافية أو الاجتماعية والاقتصادية. وكما أوضح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن النمو غير الشامل الذي يركز على الأثرياء والجنوب الشرقي يزيد من استياء العامة.
عموماً، فإن العلاقة بين الدخل والرضا العام معقدة. وعند مستويات دخل تتجاوز حوالي 75 ألف دولار أمريكي للفرد، يختفي هذا الارتباط تماماً - وهو ما يُسمى بمفارقة إيسترلين - التي اكتشفها أستاذ الاقتصاد الأمريكي ريتشارد إيسترلين عام 1974. فوق هذه المستويات، لا يمكن للمال أن يشتري لك الحب (أو السعادة). ولكن حتى دون هذا الحد، تكون العلاقة بين الدخل والرفاهية دقيقة للغاية ويصعب إدراكها.
واستناداً إلى استطلاعات رأي المواطنين، تشير أبحاث الأكاديمية كارول غراهام إلى أن الارتقاء الاجتماعي أهم من حجم الدخل لرضا الجمهور. على سبيل المثال، المجتمعات والبلدان الأكثر فقراً، حيث تحسنت الآفاق بشكل ملحوظ مقارنةً بالأجيال السابقة، باتت أكثر سعادة من الأماكن الأكثر ثراءً حيث تعثرت الآفاق أو انخفضت. باختصار، الرحلات بين الأجيال أهم من وجهات الناتج المحلي الإجمالي.
عندما يتعلق الأمر بالرفاهية، فإن الحراك الاجتماعي يتفوق على الدخل القومي. يعتمد النجاح المجتمعي الدائم على فتح الفرص أكثر من تعظيم الإنتاج. ويحمل مفهوم مختلف من الناتج المحلي الإجمالي مفتاح إحساسنا بالذات والنمو والرضا - «الحلم الأمريكي» للتحسن من جيل إلى آخر الجيل، والذي ناقشه لأول مرة المؤرخ جيمس تروسلو آدامز عام 1931.
لكن الحلم الأمريكي مات بالنسبة للكثيرين، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن حوالي ربع الأمريكيين فقط يعتقدون الآن أن «الحلم الأمريكي لا يزال حقيقياً». وبالمقارنة، فإنه في عام 2010، كانت هذه النسبة أكثر من النصف.
ويشير «أطلس الفرص» الذي أعده الخبير الاقتصادي راج تشيتي إلى أن هذه التصورات تعكس بدقة واقعاً جديداً، حيث تباطأ الحراك الاجتماعي أو تراجع في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة على مدار نصف القرن الماضي. كما تشير مقاييس الحراك الاجتماعي في المملكة المتحدة إلى تراجع أو ركود مماثل.
والشخص العادي اليوم في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من عمره يكسب أقل من والديه عندما كانا في نفس العمر، بعد احتساب التضخم. وكثيرون منهم تبدو فرصتهم لامتلاك منزل أقل احتمالاً من أجدادهم، وبعضهم أقل احتمالاً من أجداد أجدادهم. أي بالنسبة لهم، فقد تباطأ مسار الفرص أو بدأ يتراجع.
وبالنسبة للكثيرين، يبدأ هذا في وقت مبكر من الحياة. في المملكة المتحدة، ينشأ 4.5 ملايين طفل في فقر. والأطفال الفقراء أكثر عرضة للفصل من المدرسة بمرتين، ويفشل ثلثهم في تحقيق درجاتهم في سن الـ16. وما يقرب من مليون شخص لا يتعلمون ولا يكسبون في سن 16 ـ 24. أي أن جيلاً بأكمله معرض لخطر الضياع. وجيل اليوم الضائع يعني نمواً ضائعاً للغد.
وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين، أصبح الارتقاء من جيل إلى آخر معياراً اجتماعياً، لأول مرة في تاريخ البشرية، فيما أدى تآكل الحراك الاجتماعي خلال القرن الحالي إلى عصر من التطلعات المبتورة والتوقعات المتضائلة، وهو ما أدى بدوره إلى تقزم نمو الأفراد والمجتمعات والأمم. ورسم كتاب مايكل يونغ «صعود الجدارة» صورة بائسة للطبقية الاجتماعية حسب التحصيل الدراسي. وبعد ما يقرب من 70 عاماً، أصبح هذا العالم الخيالي واقعاً اليوم.
وأدى صعود الجدارة إلى انهيار ثروات أولئك الذين لا يمتلكون سوى مؤهلات أكاديمية منخفضة أو معدومة. والنمو المنخفض ليس سبباً، بل أثر. بدون إعادة تشغيل سلم الفرص، يصبح السعي وراء النموّ مسعىً أحمق.
وهكذا، من الواضح أن الناتج المحلي الإجمالي يقيس كل شيء إلا ما هو جدير بالاهتمام.
وباتت كلمات روبرت إف. كينيدي عام 1968 الآن أصدق من ذي قبل، فقد حجب الحراك الاجتماعي المتعثر الطريقَ الوحيدَ الموثوقَ به لتحقيق الرفاهية والنمو المستدامين. وبإعطائها الأولوية لمعدلات النمو الوطني على الفرص المحلية، تتجه الحكومات إلى الوجهة غير الصحيحة وتلاحق قوس قزح الخطأ.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيران: الموقف الأمريكي لم يتغير.. ونطالب بـ«ضمانات»
إيران: الموقف الأمريكي لم يتغير.. ونطالب بـ«ضمانات»

صحيفة الخليج

timeمنذ 36 دقائق

  • صحيفة الخليج

إيران: الموقف الأمريكي لم يتغير.. ونطالب بـ«ضمانات»

وكالات - «الخليج» قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الاثنين: إن إيران في حاجة لأن ترى ما إذا كانت هناك تغييرات في موقف الولايات المتحدة بشأن العقوبات، مضيفاً: «إن ذلك هو ما لم نشهده حتى الآن». وأضاف: إنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون واضحة بشأن كيفية رفع العقوبات لضمان عدم تكرار التجارب السابقة، بينما يتفاوض البلدان على اتفاق لحل نزاع مستمر منذ عقود حول طموحات إيران النووية. وحثت إيران الولايات المتحدة على تقديم «ضمانات» بشأن رفع العقوبات التي تخنق اقتصاد البلاد وقال بقائي: «نريد ضمانات بشأن رفع العقوبات»، مضيفاً: «حتى الآن، لم يرغب الطرف الأمريكي في توضيح هذه المسألة».

بورصة دمشق: ارتفاعات طفيفة في أول يوم تداول
بورصة دمشق: ارتفاعات طفيفة في أول يوم تداول

زاوية

timeمنذ ساعة واحدة

  • زاوية

بورصة دمشق: ارتفاعات طفيفة في أول يوم تداول

ارتفعت مؤشرات سوق دمشق للأوراق المالية بشكل طفيف، خلال تعاملات الاثنين - أول يوم عمل بعد توقف أكثر من 5 أشهر - وجاءت في المنطقة الخضراء. كانت آخر جلسة تداول في السوق يوم 5 ديسمبر 2024، ثم توقف التداول منذ الأحد 8 ديسمبر 2024، على خلفية الأحداث السياسية في البلاد، والتي شهدت انتهاء حكم الرئيس السابق بشار الأسد رسميا. والاثنين، عادت عمليات التداول والتي ستكون 3 جلسات أسبوعيا من الاثنين للأربعاء. وبحلول الساعة 11:50 صباحا بتوقيت سوريا، ارتفع مؤشر الأسهم المثقل بالقيمة السوقية - DWX بنسبة 0.9% فيما ارتفع مؤشر الأسهم الإسلامية -DIX بنحو 0.5%. والشهر الماضي، رفعت دول غربية بقيادة الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية عن البلاد بوساطة سعودية في محاولة لإنعاش الاقتصاد وإعادة سوريا إلى المجتمع العربي والدولي مرة أخرى. وفي تصريحات الأحد لزاوية عربي، قال باسل أسعد المدير التنفيذي لسوق دمشق، إن إدارة السوق لديها حرص على عودة العمل بنفس قواعد التداول الآن مع إمكانية إجراء تعديلات في فترات لاحقة. وأشار إلى أن سوق دمشق للأوراق المالية تستهدف جذب صناديق الاستثمار خلال العام الجاري أو المقبل ضمن خططها لإضافة منتجات جديدة.

هجوم ترامب على الصين يؤجج التوترات التجارية
هجوم ترامب على الصين يؤجج التوترات التجارية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

هجوم ترامب على الصين يؤجج التوترات التجارية

وفي ظل الأجواء المشحونة التي تعيشها العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، يبدو أن الحرب التجارية من الصعوبة بمكان أن تطوي صفحتها، بل إنها تتخذ أشكالاً أكثر تعقيداً تتداخل فيها الحسابات السياسية والاقتصادية. وسط هذا المشهد الملتبس، يبرز موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كعامل محفز للتوتر، مع توجهات متزايدة نحو فرض الرسوم الجمركية وتقييد التجارة، ما يعيد إلى الواجهة تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن ، والانعكاسات المحتملة لهذه الحرب المستمرة على الأسواق العالمية ، خاصة في ظل تشابك الملفات الحساسة مثل التكنولوجيا وسلاسل الإمداد. بعد أسبوعين فقط من توصل البلدين إلى اتفاق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الصين"انتهكت اتفاقها" مع الولايات المتحدة بشأن التجارة بشكل كامل. ووصفت صحيفة الغارديان البريطانية تلك التصريحات بأنه "تثير مخاوف من أن الحرب التجارية ستستمر في زعزعة الاقتصاد العالمي". وكتب ترامب على موقع "تروث سوشيال" صباح الجمعة: "عقدتُ صفقة سريعة مع الصين لإنقاذهم مما ظننتُ أنه سيكون وضعاً سيئاً للغاية.. كان الجميع سعداء.. هذا هو الخبر السار.. أما الخبر السيء فهو أن الصين، وهو أمرٌ ربما لا يُفاجئ البعض، قد انتهكت اتفاقها معنا تماماً". جاء منشور ترامب عقب تصريحات لوزير الخزانة، سكوت بيسنت ، على فوكس نيوز، التي ذكر فيها أن محادثات التجارة مع الصين "متعثرة بعض الشيء"، مع أنه صرّح بإجراء المزيد من المناقشات مع المسؤولين الصينيين في الأسابيع المقبلة. مرّ ما يقرب من أربعة أشهر منذ أن فرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات الصينية في فبراير، وهو ما شكل بداية النزاع التجاري الذي تصاعد في الربيع. بعد رفع الرسوم إلى 20 بالمئة في مارس، اندلعت نذر حرب تجارية شاملة، حيث فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 145 بالمئة على الصين، وردّت الصين بفرض تعريفات جمركية بنسبة 125 بالمئة على البضائع الأميركية. أُعلن عن هدنة في 12 مايو، حيث خفض ترامب الرسوم الجمركية إلى 30 بالمئة، وخفضت الصين الرسوم إلى 10 بالمئة. ووصف البيت الأبيض الاتفاق بأنه "تاريخي"، وقال إنه "يمهد الطريق لمناقشات مستقبلية لفتح أسواق الصادرات الأميركية". لكن منشور ترامب يوم الجمعة يشير إلى استمرار حالة عدم الاستقرار وسط الحرب التجارية التي يشنها الرئيس، والتي هزت الأسواق في جميع أنحاء العالم لأسابيع، وفق تقرير الصحيفة البريطانية. تصعيد ترامب من برلين، يقول خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية". "تصعيد ترامب أصبح سمةً مميزة للسياسات الأميركية الجديدة، خاصةً في المجال الاقتصادي، ما تسبب باضطراب مستمر في الأسواق العالمية منذ عودته للرئاسة". ترامب اتهم الصين بـ"التلاعب التجاري وسرقة الوظائف"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى نيته التحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قريباً، ما أبقى الباب مفتوحًا أمام إمكانية التهدئة. وتتفاعل الأسواق بشكل مباشر مع تلك التوترات وتبقى "تحت الضغط" عُرضة لتقلبات حادة تأثراً بهذه التصريحات وحرب الرسوم. أما عن أبرز السيناريوهات المتوقعة لهذا المشهد، فيشير خفاجي إلى: سيناريو التهدئة المحتمل، إذا نجح التواصل بين ترامب والرئيس شي، وهو ما تعوّل عليه الأسواق بشكل كبير. أما السيناريو السلبي فيتمثل في تصعيد متبادل عبر تعريفات أو قيود تجارية من الجانبين، وهو ما لن يؤثر على الولايات المتحدة والصين فحسب، بل سيُلحق ضررًا واسعًا بالاقتصاد العالمي، خاصةً في قطاع التكنولوجيا الذي يشهد تداخلًا كبيرًا بين البلدين. وفي حال تحقق هذا السيناريو الأخير "قد نشهد تحولًا في سلاسل الإمداد نحو دول بديلة مثل الهند وفيتنام، وهو الخيار الأصعب للصين وللشركات، لما يحمله من نفقات إضافية ومخاطر اقتصادية". ويشدد على أن التصعيد يعكس توجه إدارة ترامب الثانية نحو سياسة تجارية أكثر صدامية، في وقت تترقب فيه الأسواق نتائج أي حوار مباشر مع بكين. ويمكن القول إن الحذر والترقب هما السمتان المهيمنتان حاليًا على الأسواق العالمية." عقبة أمام ترامب وفي سياق متصل، بدا المستثمرون مرتاحين بعض الشيء بعد صدور أنباء في وقت متأخر من يوم الأربعاء تفيد بأن لجنة قضاة في محكمة التجارة الدولية الأميركية أوقفت معظم التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، بما في ذلك رسوم استيراد خاصة بكل دولة، كتلك المفروضة على الصين. ولكن في غضون 24 ساعة، أوقفت محكمة استئناف فيدرالية تنفيذ الحكم، مما سمح باستمرار تعريفات ترامب الجمركية. لكن ليس من الواضح ما هو تأثير هذه العقبة القانونية على مفاوضات ترامب التجارية مع نظرائه الأجانب. وكانت المحكمة التجارية قد اتفقت مع الجماعات التي رفعت دعاوى قضائية ضد البيت الأبيض، والتي جادلت بأن الرئيس يستغل قانون التجارة الفيدرالي بشكل غير سليم لتطبيق التعريفات الجمركية، وأنه ينبغي إلزام ترامب بالحصول على موافقة الكونغرس على تعريفاته الجمركية الأوسع. حرب الرسوم الجمركية من لندن، يقول الباحث الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": يبدو أن مسألة الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها ترامب والتي هزّت النظام الاقتصادي العالمي، وأثارت قلق حلفاء الولايات المتحدة، لن تنتهي، فبعد العودة لرفع التعريفات لتصبح 50 بالمئة على الحديد والألمنيوم قد تعود واشنطن مجددا لزيادة التعريفة على السيارات الكهربائية. الولايات تربط تحالفاها الاقتصادية مع آسيا وأوروبا بتحالفها السياسي.. وهذا ما يفسر عودة اللهجة الصينية القوية تجاه واشنطن في الوقت الذي قلّصت فيه عمداً حضورها في الحوار معها. ما يؤكد مضي الولايات المتحدة بحربها الاقتصادية تحذّير ترامب الجديد للدول الآسيوية من السعي لإقامة علاقات اقتصادية مع الصين، قائلاً إن بكين ستستخدمها "كرافعة" لتعميق "نفوذها الخبيث"، مما يُعقّد القرارات الدفاعية الأميركية. موقف الصين واتهمت الصين الولايات المتحدة بفرض "قيود تمييزية" في استخدام ضوابط التصدير بقطاع الرقائق ، بعد أن اتهمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثاني أكبر اقتصاد في العالم بانتهاك اتفاق تجاري أولي بين البلدين. وفي التصريحات التي نقلتها شبكة "إن بي سي نيوز"، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، ليو بينغيو: في الآونة الأخيرة، عبرت الصين مراراً عن قلقها للولايات المتحدة بشأن إساءة استخدام إجراءات ضوابط التصدير في قطاع أشباه الموصلات وممارسات أخرى ذات صلة. ويعد هذا التصعيد الأحدث في الحرب التجارية المتواصلة بين الصين والولايات المتحدة، لا سيما في ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية اللازمة لتطوير أحدث التقنيات. وقال المتحدث باسم السفارة: "تُجدد الصين مطالبتها للولايات المتحدة بتصحيح إجراءاتها الخاطئة فوراً، ووقف القيود التمييزية ضد الصين، والالتزام المشترك بالتوافق الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات رفيعة المستوى في جنيف". وصباح الاثنين، رفضت الصين مزاعم واشنطن بأنها انتهكت اتفاق جنيف التجاري، واتهمت الولايات المتحدة بدلا من ذلك بانتهاك شروط الاتفاق، مما يشير إلى أن المحادثات بين أكبر اقتصادين في العالم اتخذت منعطفا نحو الأسوأ. وبينما شددت إدارة دونالد ترامب القيود المفروضة على تصدير برامج تصميم أشباه الموصلات والمواد الكيميائية إلى الصين، في حين أعلنت أنها ستلغي التأشيرات للطلاب الصينيين، مما أثار غضب بكين، قال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن هذه الإجراءات "تقوض بشكل خطير" الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف . وأفاد المتحدث بأن "حكومة الولايات المتحدة واصلت بشكل أحادي إثارة احتكاكات اقتصادية وتجارية جديدة، مما أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار في العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية". بدوره، يقول الكاتب والباحث السياسي والاقتصادي، نادر رونغ هوان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة لها انعكاسات مباشرة وعميقة على الأسواق". "تشهد الأسواق العالمية تقلبات حادة كلما تصاعدت حدة التوترات التجارية، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة" كما حدث في الآونة الأخيرة. الصين لطالما أكدت أنه لا يوجد رابح في الحرب التجارية، مشددة على ضرورة سلك الولايات المتحدة نفس المسار، والعمل المشترك لحل الخلافات التجارية من خلال التفاوض البناء بدلاً من اللجوء إلى العقوبات أو فرض الرسوم الجمركية والقيود المختلفة." "بكين منفتحة دائماً على الحوار، لكن هذا الحوار يجب أن يقوم على أسس راسخة من الاحترام المتبادل، والمنفعة المتبادلة، والمساواة بين الطرفين، بما يحقق الاستقرار والنمو المشترك للاقتصاد العالمي." اتصال ترامب وشي وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأحد، إنه يعتقد بأن الرئيس دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ سيتحدثان قريبا لبحث القضايا التجارية، ومنها خلاف بشأن المعادن النادرة. استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن إعلان الرئيس ترامب عن نيته التحدث إلى الرئيس الصيني يُفهم كمحاولة لخفض التصعيد أو كسب الوقت، لكنه لم يهدئ الأسواق بشكل كافٍ، خاصة في ظل غياب أي مؤشر على مفاوضات فعلية أو اتفاقات جديدة. ويشير إلى أنه أمام تلك المعطيات فمن بين أبرز السيناريوهات المطروحة حدوث "تصعيد تجاري جديد"، مردفاً: "في حال مضى ترامب أو حتى أطراف في الكونغرس الأميركي في طرح تشريعات معادية للصين أو فرض تعريفات جديدة، فإن الأسواق قد تشهد اضطرابًا واسعًا، وقد تتخذ الصين إجراءات انتقامية". أما عن فرص الهدنة المؤقتة أو التهدئة، فيقول إن احتمال عقد اتصال أو لقاء بين ترامب وشي قد يؤدي إلى تهدئة مؤقتة، شبيهة بما حدث في قمة أوساكا 2019، ما يمنح الأسواق متنفسًا، دون أن يغير كثيرًا من مسار العلاقات على المدى الطويل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store