logo
هجوم ترامب على الصين يؤجج التوترات التجارية

هجوم ترامب على الصين يؤجج التوترات التجارية

وفي ظل الأجواء المشحونة التي تعيشها العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، يبدو أن الحرب التجارية من الصعوبة بمكان أن تطوي صفحتها، بل إنها تتخذ أشكالاً أكثر تعقيداً تتداخل فيها الحسابات السياسية والاقتصادية.
وسط هذا المشهد الملتبس، يبرز موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كعامل محفز للتوتر، مع توجهات متزايدة نحو فرض الرسوم الجمركية وتقييد التجارة، ما يعيد إلى الواجهة تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن ، والانعكاسات المحتملة لهذه الحرب المستمرة على الأسواق العالمية ، خاصة في ظل تشابك الملفات الحساسة مثل التكنولوجيا وسلاسل الإمداد.
بعد أسبوعين فقط من توصل البلدين إلى اتفاق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الصين"انتهكت اتفاقها" مع الولايات المتحدة بشأن التجارة بشكل كامل. ووصفت صحيفة الغارديان البريطانية تلك التصريحات بأنه "تثير مخاوف من أن الحرب التجارية ستستمر في زعزعة الاقتصاد العالمي".
وكتب ترامب على موقع "تروث سوشيال" صباح الجمعة: "عقدتُ صفقة سريعة مع الصين لإنقاذهم مما ظننتُ أنه سيكون وضعاً سيئاً للغاية.. كان الجميع سعداء.. هذا هو الخبر السار.. أما الخبر السيء فهو أن الصين، وهو أمرٌ ربما لا يُفاجئ البعض، قد انتهكت اتفاقها معنا تماماً".
جاء منشور ترامب عقب تصريحات لوزير الخزانة، سكوت بيسنت ، على فوكس نيوز، التي ذكر فيها أن محادثات التجارة مع الصين "متعثرة بعض الشيء"، مع أنه صرّح بإجراء المزيد من المناقشات مع المسؤولين الصينيين في الأسابيع المقبلة.
مرّ ما يقرب من أربعة أشهر منذ أن فرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات الصينية في فبراير، وهو ما شكل بداية النزاع التجاري الذي تصاعد في الربيع.
بعد رفع الرسوم إلى 20 بالمئة في مارس، اندلعت نذر حرب تجارية شاملة، حيث فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 145 بالمئة على الصين، وردّت الصين بفرض تعريفات جمركية بنسبة 125 بالمئة على البضائع الأميركية.
أُعلن عن هدنة في 12 مايو، حيث خفض ترامب الرسوم الجمركية إلى 30 بالمئة، وخفضت الصين الرسوم إلى 10 بالمئة. ووصف البيت الأبيض الاتفاق بأنه "تاريخي"، وقال إنه "يمهد الطريق لمناقشات مستقبلية لفتح أسواق الصادرات الأميركية".
لكن منشور ترامب يوم الجمعة يشير إلى استمرار حالة عدم الاستقرار وسط الحرب التجارية التي يشنها الرئيس، والتي هزت الأسواق في جميع أنحاء العالم لأسابيع، وفق تقرير الصحيفة البريطانية.
تصعيد ترامب
من برلين، يقول خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
"تصعيد ترامب أصبح سمةً مميزة للسياسات الأميركية الجديدة، خاصةً في المجال الاقتصادي، ما تسبب باضطراب مستمر في الأسواق العالمية منذ عودته للرئاسة".
ترامب اتهم الصين بـ"التلاعب التجاري وسرقة الوظائف"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى نيته التحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قريباً، ما أبقى الباب مفتوحًا أمام إمكانية التهدئة.
وتتفاعل الأسواق بشكل مباشر مع تلك التوترات وتبقى "تحت الضغط" عُرضة لتقلبات حادة تأثراً بهذه التصريحات وحرب الرسوم.
أما عن أبرز السيناريوهات المتوقعة لهذا المشهد، فيشير خفاجي إلى:
سيناريو التهدئة المحتمل، إذا نجح التواصل بين ترامب والرئيس شي، وهو ما تعوّل عليه الأسواق بشكل كبير.
أما السيناريو السلبي فيتمثل في تصعيد متبادل عبر تعريفات أو قيود تجارية من الجانبين، وهو ما لن يؤثر على الولايات المتحدة والصين فحسب، بل سيُلحق ضررًا واسعًا بالاقتصاد العالمي، خاصةً في قطاع التكنولوجيا الذي يشهد تداخلًا كبيرًا بين البلدين.
وفي حال تحقق هذا السيناريو الأخير "قد نشهد تحولًا في سلاسل الإمداد نحو دول بديلة مثل الهند وفيتنام، وهو الخيار الأصعب للصين وللشركات، لما يحمله من نفقات إضافية ومخاطر اقتصادية".
ويشدد على أن التصعيد يعكس توجه إدارة ترامب الثانية نحو سياسة تجارية أكثر صدامية، في وقت تترقب فيه الأسواق نتائج أي حوار مباشر مع بكين. ويمكن القول إن الحذر والترقب هما السمتان المهيمنتان حاليًا على الأسواق العالمية."
عقبة أمام ترامب
وفي سياق متصل، بدا المستثمرون مرتاحين بعض الشيء بعد صدور أنباء في وقت متأخر من يوم الأربعاء تفيد بأن لجنة قضاة في محكمة التجارة الدولية الأميركية أوقفت معظم التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، بما في ذلك رسوم استيراد خاصة بكل دولة، كتلك المفروضة على الصين. ولكن في غضون 24 ساعة، أوقفت محكمة استئناف فيدرالية تنفيذ الحكم، مما سمح باستمرار تعريفات ترامب الجمركية.
لكن ليس من الواضح ما هو تأثير هذه العقبة القانونية على مفاوضات ترامب التجارية مع نظرائه الأجانب. وكانت المحكمة التجارية قد اتفقت مع الجماعات التي رفعت دعاوى قضائية ضد البيت الأبيض، والتي جادلت بأن الرئيس يستغل قانون التجارة الفيدرالي بشكل غير سليم لتطبيق التعريفات الجمركية، وأنه ينبغي إلزام ترامب بالحصول على موافقة الكونغرس على تعريفاته الجمركية الأوسع.
حرب الرسوم الجمركية
من لندن، يقول الباحث الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
يبدو أن مسألة الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها ترامب والتي هزّت النظام الاقتصادي العالمي، وأثارت قلق حلفاء الولايات المتحدة، لن تنتهي، فبعد العودة لرفع التعريفات لتصبح 50 بالمئة على الحديد والألمنيوم قد تعود واشنطن مجددا لزيادة التعريفة على السيارات الكهربائية.
الولايات تربط تحالفاها الاقتصادية مع آسيا وأوروبا بتحالفها السياسي.. وهذا ما يفسر عودة اللهجة الصينية القوية تجاه واشنطن في الوقت الذي قلّصت فيه عمداً حضورها في الحوار معها.
ما يؤكد مضي الولايات المتحدة بحربها الاقتصادية تحذّير ترامب الجديد للدول الآسيوية من السعي لإقامة علاقات اقتصادية مع الصين، قائلاً إن بكين ستستخدمها "كرافعة" لتعميق "نفوذها الخبيث"، مما يُعقّد القرارات الدفاعية الأميركية.
موقف الصين
واتهمت الصين الولايات المتحدة بفرض "قيود تمييزية" في استخدام ضوابط التصدير بقطاع الرقائق ، بعد أن اتهمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثاني أكبر اقتصاد في العالم بانتهاك اتفاق تجاري أولي بين البلدين.
وفي التصريحات التي نقلتها شبكة "إن بي سي نيوز"، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، ليو بينغيو: في الآونة الأخيرة، عبرت الصين مراراً عن قلقها للولايات المتحدة بشأن إساءة استخدام إجراءات ضوابط التصدير في قطاع أشباه الموصلات وممارسات أخرى ذات صلة.
ويعد هذا التصعيد الأحدث في الحرب التجارية المتواصلة بين الصين والولايات المتحدة، لا سيما في ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية اللازمة لتطوير أحدث التقنيات.
وقال المتحدث باسم السفارة: "تُجدد الصين مطالبتها للولايات المتحدة بتصحيح إجراءاتها الخاطئة فوراً، ووقف القيود التمييزية ضد الصين، والالتزام المشترك بالتوافق الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات رفيعة المستوى في جنيف".
وصباح الاثنين، رفضت الصين مزاعم واشنطن بأنها انتهكت اتفاق جنيف التجاري، واتهمت الولايات المتحدة بدلا من ذلك بانتهاك شروط الاتفاق، مما يشير إلى أن المحادثات بين أكبر اقتصادين في العالم اتخذت منعطفا نحو الأسوأ.
وبينما شددت إدارة دونالد ترامب القيود المفروضة على تصدير برامج تصميم أشباه الموصلات والمواد الكيميائية إلى الصين، في حين أعلنت أنها ستلغي التأشيرات للطلاب الصينيين، مما أثار غضب بكين، قال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن هذه الإجراءات "تقوض بشكل خطير" الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف .
وأفاد المتحدث بأن "حكومة الولايات المتحدة واصلت بشكل أحادي إثارة احتكاكات اقتصادية وتجارية جديدة، مما أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار في العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية".
بدوره، يقول الكاتب والباحث السياسي والاقتصادي، نادر رونغ هوان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
"العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة لها انعكاسات مباشرة وعميقة على الأسواق".
"تشهد الأسواق العالمية تقلبات حادة كلما تصاعدت حدة التوترات التجارية، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة" كما حدث في الآونة الأخيرة.
الصين لطالما أكدت أنه لا يوجد رابح في الحرب التجارية، مشددة على ضرورة سلك الولايات المتحدة نفس المسار، والعمل المشترك لحل الخلافات التجارية من خلال التفاوض البناء بدلاً من اللجوء إلى العقوبات أو فرض الرسوم الجمركية والقيود المختلفة."
"بكين منفتحة دائماً على الحوار، لكن هذا الحوار يجب أن يقوم على أسس راسخة من الاحترام المتبادل، والمنفعة المتبادلة، والمساواة بين الطرفين، بما يحقق الاستقرار والنمو المشترك للاقتصاد العالمي."
اتصال ترامب وشي
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأحد، إنه يعتقد بأن الرئيس دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ سيتحدثان قريبا لبحث القضايا التجارية، ومنها خلاف بشأن المعادن النادرة.
استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن إعلان الرئيس ترامب عن نيته التحدث إلى الرئيس الصيني يُفهم كمحاولة لخفض التصعيد أو كسب الوقت، لكنه لم يهدئ الأسواق بشكل كافٍ، خاصة في ظل غياب أي مؤشر على مفاوضات فعلية أو اتفاقات جديدة.
ويشير إلى أنه أمام تلك المعطيات فمن بين أبرز السيناريوهات المطروحة حدوث "تصعيد تجاري جديد"، مردفاً: "في حال مضى ترامب أو حتى أطراف في الكونغرس الأميركي في طرح تشريعات معادية للصين أو فرض تعريفات جديدة، فإن الأسواق قد تشهد اضطرابًا واسعًا، وقد تتخذ الصين إجراءات انتقامية".
أما عن فرص الهدنة المؤقتة أو التهدئة، فيقول إن احتمال عقد اتصال أو لقاء بين ترامب وشي قد يؤدي إلى تهدئة مؤقتة، شبيهة بما حدث في قمة أوساكا 2019، ما يمنح الأسواق متنفسًا، دون أن يغير كثيرًا من مسار العلاقات على المدى الطويل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تشلسي يدعّم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو
تشلسي يدعّم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو

الإمارات اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • الإمارات اليوم

تشلسي يدعّم صفوفه بالبرتغالي إيسوغو

دعّم تشلسي الإنجليزي صفوفه تمهيداً للمشاركة بمونديال الأندية في الولايات المتحدة، بلاعب خط الوسط البرتغالي داريو إيسوغو، من سبورتينغ لشبونة، في صفقة بلغت قيمتها 25 مليون دولار، وفقاً لما أعلنه بطل مسابقة كونفرنس ليغ لكرة القدم. وسيكون إيسوغو، ابن الـ20 عاماً، الذي قضى الموسم المنصرم على سبيل الإعارة في لاس بالماس الإسباني الذي هبط إلى الدرجة الثانية، متاحاً للمشاركة مع الـ«بلوز» في كأس العالم للأندية في وقت لاحق من هذا الشهر. وتدرّج إيسوغو في أكاديمية سبورتينغ، وأصبح أصغر لاعب يشارك مع الفريق الأول للنادي بسنّ 16 عاماً في مارس 2021، وتم الاتفاق مبدئياً على صفقتَي إيسوغو ومواطنه جيوفاني كيندا (18 عاماً) في مارس.

بعثة العين تغادر إلى أميركا استعداداً لمونديال الأندية
بعثة العين تغادر إلى أميركا استعداداً لمونديال الأندية

الإمارات اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • الإمارات اليوم

بعثة العين تغادر إلى أميركا استعداداً لمونديال الأندية

تغادر بعثة فريق العين، اليوم، إلى الولايات المتحدة الأميركية استعداداً للمشاركة في بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، التي تنطلق منتصف الشهر الجاري. وتنطلق الرحلة من مطار دبي، وتستغرق نحو 14 ساعة، ومن المقرر أن تصل البعثة إلى مطار واشنطن دالاس الدولي الساعة 8:40 من صباح غدٍ بتوقيت الإمارات. وتحمل هذه الرحلة طابعاً خاصاً، كونها الأولى للفريق عبر «طيران الإمارات» بعد الإعلان عن الشراكة الجديدة. واستقرت إدارة النادي، بالتنسيق مع مدرب الفريق الصربي فلاديمير إيفيتش، على إقامة معسكر تدريبي قصير في واشنطن، يهدف إلى رفع معدلات اللياقة البدنية، وتنفيذ برامج تكتيكية، ويتخلله خوض مباراتين وديتين، تحضيراً للدخول في أجواء البطولة مبكراً. وذكر مصدر لـ«الإمارات اليوم» أن اللاعبين الدوليين الأجانب سينضمون إلى المعسكر مباشرة بعد انتهاء التزاماتهم مع منتخبات بلادهم، بينما تغادر الدفعة الأخيرة من بعثة الفريق يوم الأربعاء المقبل، وتضم لاعبي العين المرتبطين باستحقاقات مع المنتخب الوطني الإماراتي، وهم: خالد عيسى، ويحيى نادر، وكوامي كويدو. ويستهل ممثل الإمارات مشواره في البطولة بمواجهة مرتقبة أمام يوفنتوس الإيطالي، يوم الخميس 19 يونيو، على ملعب «أودي فيلد» في العاصمة واشنطن، ثم يلاقي مانشستر سيتي الإنجليزي يوم الإثنين 23 يونيو على ملعب «مرسيدس بنز ستاديوم» في أتلانتا، قبل أن يختتم دور المجموعات بمواجهة الوداد المغربي، الأحد 26 يونيو، على ملعب «أودي فيلد». وكان الفريق خاض سلسلة من التدريبات المغلقة، بهدف تعزيز التركيز والاستعداد الذهني، بعد راحة قصيرة استمرت أسبوعاً عقب نهاية مشواره في دوري أدنوك للمحترفين. ولم تقتصر تحضيرات «الزعيم» على الجوانب الفنية، بل شهدت فترة الانتقالات الاستثنائية نشاطاً كبيراً، إذ أبرمت إدارة النادي ست صفقات بارزة، لتدعيم صفوف الفريق، كان آخرها التعاقد مع المدافع الدولي المصري رامي ربيعة. وسبق التعاقد مع ربيعة، ضم الحارس البرتغالي روي باتريسيو، في خطوة لتعزيز مركز الحراسة بخبرة أوروبية، إضافة إلى التعاقد مع المدافع السلوفيني مارسيل راتنيك، والمدافع النمساوي أديس ياسيتش، والجناح المغربي حسين رحيمي، إلى جانب مواطنه المدافع يحيى بن خالق. وعكست هذه التحركات رغبة الإدارة العيناوية الجادة في ظهور الفريق بمستوى مشرف يليق بمكانة البطولة، في وقت تترقب جماهير «الزعيم» هذه المشاركة بحماسة كبيرة، على أمل أن يعيد الفريق كتابة التاريخ على غرار نسخة 2018، عندما بلغ النهائي في إنجاز لايزال خالداً في ذاكرة الكرة الإماراتية. . اللاعبون الدوليون الأجانب سينضمون إلى المعسكر مباشرة بعد انتهاء التزاماتهم مع منتخبات بلادهم.

مهمة إيلون ماسك في الحكومة الأميركية باءت بالفشل
مهمة إيلون ماسك في الحكومة الأميركية باءت بالفشل

الإمارات اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • الإمارات اليوم

مهمة إيلون ماسك في الحكومة الأميركية باءت بالفشل

عندما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في نوفمبر الماضي، أن الملياردير إيلون ماسك سيقود مبادرة لتعزيز كفاءة الحكومة، أبدى العديد من زملائه من كبار رجال الأعمال سعادتهم، وكتب شون ماغواير، الشريك في شركة «سيكويا كابيتال»، وهي شركة لرأس المال الاستثماري، أن الفكرة «من أعظم ما قرأت على الإطلاق». كما كتب الرئيس التنفيذي لشركة «بيرشينغ سكوير كابيتال مانجمنت»، بيل أكمان، حول كيفية تأثير هيئة الكفاءة الحكومية الإيجابي، وحتى السيناتور اليساري، بيرني ساندرز، غرّد بدعم حذر، قائلاً إن «ماسك كان محقاً»، مشيراً إلى الهدر والاحتيال في ميزانية الدفاع. الإصلاح كان حماسهم مفهوماً، فحاجة الحكومة الأميركية للإصلاح أمر لا يمكن إنكاره، فالبيروقراطية المستمرة تعيق كل شيء، من شراء القطارات إلى ترخيص خطوط أنابيب الغاز، كما يمثل عجز الميزانية الأميركية مشكلة هائلة، والاحتيال يكلف مليارات الدولارات سنوياً. وخلال مسيرته المهنية في مجال الأعمال، بنى ماسك العديد من الشركات المتميزة في مجالات ظنها البعض مستحيلة، وبدا من المعقول أن يصلح الحكومة، أو على الأقل يعيد تنظيمها بشكل بناء. ومع ذلك، بعد بضعة أشهر فقط، يعتقد معظم المسؤولين في واشنطن أن «هيئة الكفاءة الحكومية» فاشلة، وأن ماسك لابد أن يغادر، وقد رحل بالفعل. هل كان هذا حتمياً؟ وماذا يشير هذا إلى مستقبل الإصلاح الحكومي؟ استقالات أعلن ماسك رحيله عن الخدمة الحكومية، في 28 مايو الماضي، عبر منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي التي يمتلكها. كما استقال مساعده، ستيف ديفيس، الذي قيل إنه أدار جزءاً كبيراً من العملية التي كلف بها ماسك، وفضلاً عن ذلك، ستغادر كاتي ميلر، زوجة ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي كان المتحدث الرسمي باسم الهيئة. وبعد يومين ظهر ماسك في مؤتمر صحافي وكدمة بارزة بجانب عينه اليمنى، قال إنها جراء ضربة من ابنه البالغ من العمر خمس سنوات. وفي المقابل، أصر ترامب على أن الرحيل ليس نهائياً، إذ سيظل ماسك مستشاراً، لكنه قدم للملياردير مفتاحاً ذهبياً للاحتفال بتقاعده. خفض التكاليف يأتي هذا الرحيل بعد مقابلتين، إحداهما مع صحيفة «واشنطن بوست» والأخرى مع شبكة «سي بي إس»، حيث أقرّ ماسك بأنه أحرز تقدماً أقل مما كان يأمل. وقال للصحيفة: «وضع البيروقراطية الفيدرالية أسوأ بكثير مما كنت أعتقد»، وانتقد ماسك في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» ميزانية ترامب الجديدة لتقويضها خفض التكاليف من خلال زيادة الدين. وأضاف أنه لا يريد انتقاد الرئيس، لكنه أيضاً لا يريد «تحمل مسؤولية كل شيء». في الواقع، لم يحقق ماسك سوى القليل مما وعد به، فبعد أن تعهد بتوفير تريليوني دولار من الإنفاق الفيدرالي، قام بتقليص المساعدات الخارجية وطرد عشرات الآلاف من العمال، لكن المساعدات الخارجية وحتى الرواتب الفيدرالية لا تشكل سوى حصة ضئيلة من الإنفاق الحكومي، ووفقاً لبيانات وزارة الطاقة المشكوك فيها، تم تحقيق وفورات قدرها 175 مليار دولار، وبحسب أرقام وزارة الخزانة، استمر الإنفاق الإجمالي في الارتفاع، وعلى الرغم من اختراق أنظمة البيانات الحكومية الأكثر حساسية، فشل مهندسو ماسك الشباب أيضاً في الكشف عن الكثير من عمليات الاحتيال. نظريات المؤامرة بخلاف معظم الجهود الأخرى في واشنطن على مر السنين، بدا سعي ماسك نحو الكفاءة متجذراً في نظريات المؤامرة، وجادل الملياردير بأن الديمقراطيين حولوا الحكومة إلى أداة لضخ الأموال للمهاجرين غير الشرعيين، واعتبر أن القوى العاملة الفيدرالية مليئة بالموظفين الوهميين الذين لا وجود لهم في الواقع. وفي إحدى المرات ألمح إلى أن المكاتب الحكومية في واشنطن كانت فارغة، لدرجة أن مجموعات المشردين استولت عليها، لكن كل هذا لم يكن صحيحاً، ووفقاً لتقرير حديث في صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن إيمان ماسك بهذه «المعطيات غير الصحيحة» تزامن مع تعاطيه كميات هائلة من الأدوية المخدرة القوية، ونفى ماسك ما أوردته الصحيفة على الرغم من أنه تحدث سابقاً عن استخدامه لعقار «كيتامين»، وهو مخدر قوي يسبب الانفصال. خطة عدوانية قد تكلف عمليات الاحتيال والمدفوعات غير السليمة مئات المليارات سنوياً، وفقاً لتقديرات مكتب المحاسبة الحكومي، غير أن الكشف عن هذه التجاوزات والأخطاء يتطلب محاسبين جنائيين وأشخاصاً ذوي فهم عميق للسياسة، وسرعان ما جعل ماسك هؤلاء الخبراء ينفرون من العمل معه، وركزت خطته العدوانية لخفض التكاليف في البداية على تسريح العمال على الرغم من أن الرواتب تمثل أقل من 5% من الإنفاق الفيدرالي، وبسبب تسريح العمال بشكل مفاجئ وجماعي، غرقت وزارة الطاقة في دعاوى قضائية. في النهاية، اضطرت معظم الإدارات إلى استئناف العملية التقليدية، حيث يتم تسريح الموظفين بعد عملية قانونية مع توفير الحماية بناء على الأقدمية وأوضاع العمل المهنية. هذا لا يعني أن ماسك لم يغير شيئاً، فتأثيره الأكبر هو في الخارج، ووفقاً للتنبؤات النموذجية لخبيرة الاقتصاد الصحي في جامعة بوسطن، بروك نيكولز، كان من الممكن أن تتسبب تخفيضات المساعدات الخارجية بالفعل في وفاة 300 ألف شخص، منهم 200 ألف طفل، بسبب الجوع والأمراض المعدية، لكن التأثير في الداخل هائل أيضاً. تحسين الأداء لقد أدت تخفيضات وزارة الطاقة إلى إحباط القوى العاملة الفيدرالية، حيث تصرف المهندسون الشباب في «هيئة الكفاءة الحكومية» كمنفذين لنظرية ترامب للسلطة التنفيذية المطلقة، مستخدمين سيطرتهم على أنظمة الكمبيوتر لمضايقة البيروقراطيين المحترفين، وقام المهندسون بإغلاق معهد الولايات المتحدة للسلام، على سبيل المثال، وهو مركز أبحاث أنشأه الكونغرس، وأعيد افتتاح المعهد بعد صدور حكم قضائي، وعند دخول عمال النظافة المبنى مجدداً، وجدوا المبنى في حالة مزرية. وقال ماكس ستير، من شراكة الخدمة العامة، وهي مؤسسة خيرية تشجع على الإصلاح، إن «الفكرة الأساسية القائلة بأن حكومتنا بحاجة إلى التحديث ويمكنها أن تحسن أداءها هي فكرة صائبة تماماً». وينبع العديد من مشكلات أميركا من منع البيروقراطيين من اتخاذ القرارات من خلال التلاعب بالقواعد، وعدم محاسبة أحد على المشاريع التي تكلف ثروات طائلة أو يتم تأجيلها. كان حدس ماسك بأن العديد من القواعد يمكن وربما ينبغي أن تكسر صحيحاً، وللأسف إذا حاولت إدارة أخرى بذل جهد إصلاحي أكثر جدية فقد يكون الأمر أصعب بكثير. عن «الإيكونوميست» غياب المعايير قال إيلون ماسك في البداية إنه سيعمل كمتطوع، لكن البيت الأبيض أكد لاحقاً أنه سيعمل كموظف حكومي خاص من دون أجر، ويشمل هذا التصنيف من يعملون لدى الحكومة لمدة لا تزيد على 130 يوماً في السنة. وقال المؤيدون إن وضع «هيئة الكفاءة الحكومية» كجهة خارجية، وصلاحياتها الغامضة نوعاً ما، سيزيدان من فاعليتها. ويرى السيناتور الجمهوري، كيفن كريمر، من ولاية داكوتا الشمالية، أن الهيئة «أقل ارتباطاً بالبيروقراطية نفسها وبالأنظمة التي تبطئ العمليات هنا»، وقال: «أعتقد أن غياب المعايير جزء مما سيجعلها فعالة». واجه ماسك اتهامات بتحويل تركيزه عن شركة «تيسلا»، وأثار انخراطه السياسي احتجاجات عالمية ومقاطعات ضد سيارات الشركة. وفي أبريل، أعلنت الشركة أن مبيعاتها انخفضت إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات، وحذرت المستثمرين من أن «تغير التوجهات السياسية» قد يستمر في الإضرار بالطلب. . الملياردير الأميركي جادل بأن الديمقراطيين حوّلوا الحكومة إلى أداة لضخ الأموال للمهاجرين غير الشرعيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store