logo
العشوش يكتب: مقترح إنشاء دائرة متخصصة في وزارة الخارجية الأردنية لرصد خطاب "إسرائيل الكبرى"

العشوش يكتب: مقترح إنشاء دائرة متخصصة في وزارة الخارجية الأردنية لرصد خطاب "إسرائيل الكبرى"

سرايا الإخباريةمنذ 11 ساعات
بقلم :
في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه المنطقة، يبرز خطاب "إسرائيل الكبرى" كأحد أخطر المشاريع السياسية والأيديولوجية التي تهدد ليس فقط الحقوق الفلسطينية الثابتة، بل تمس مباشرة الأمن القومي الأردني والهوية التاريخية للمنطقة. فالمتابعة الدقيقة لهذا الخطاب تكشف أنه لم يعد مجرد طرح فكري، بل يسير بخطوات متدرجة نحو محاولة فرض أمر واقع على الأرض، عبر التوسع الاستيطاني، وتغيير الهوية الديموغرافية، والسعي لطمس الحقوق الفلسطينية. ومن هنا تبرز الحاجة إلى إنشاء دائرة متخصصة داخل وزارة الخارجية الأردنية تعنى برصد هذه الخطابات، تحليلها، وبناء أدوات دبلوماسية واستراتيجية لمواجهتها.
مبررات إنشاء الدائرة
1. التهديد المباشر للأمن القومي الأردني: فكرة "الوطن البديل" ضمنياً جزء من خطاب "إسرائيل الكبرى"، ما يعني أن الأردن هو الهدف التالي بعد فلسطين.
2. التجارب الدولية:
الولايات المتحدة أنشأت مراكز متخصصة لمتابعة الدعاية السوفييتية أثناء الحرب الباردة، ورصد خطابها الإعلامي وتحليله لصياغة استراتيجيات الرد.
ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية أسست دوائر لمتابعة خطاب النازيين القدامى، لقطع الطريق أمام عودة التطرف.
دول الاتحاد الأوروبي لديها وحدات خاصة لمكافحة خطاب الكراهية والتحريض المرتبط بالتطرف والإرهاب.
3. تحويل الخطاب إلى قضية دولية: ما لم يتم توثيقه وتحليله لن يحظى بالاهتمام الكافي في المحافل الدولية.
مهام الدائرة المقترحة
1. الرصد الإعلامي والسياسي: متابعة كل ما يصدر عن قادة إسرائيل، مراكز الأبحاث، الأحزاب، ومؤسسات الضغط، حول "إسرائيل الكبرى".
2. التحليل الاستراتيجي: إعداد تقارير شهرية وسنوية تكشف أبعاد هذا الخطاب وآثاره المحتملة على الأردن وفلسطين والمنطقة.
3. بناء شراكات دولية: التواصل مع البرلمانات، مراكز الدراسات، ومؤسسات الرأي في العالم لتوضيح خطورة هذه الأطروحات.
4. إعداد ردود دبلوماسية: تقديم توصيات لوزارة الخارجية حول كيفية الرد في المحافل الدولية، سواء عبر البيانات، أو استدعاء السفراء، أو التوجه لمجلس الأمن.
5. إدارة اللوبي الأردني: دعم فكرة إنشاء "لوبي أردني" في الولايات المتحدة وأوروبا لمواجهة نفوذ اللوبي الإسرائيلي، عبر توثيق الحجج القانونية والسياسية.
الأدوات المتاحة
* القانون الدولي: استخدام قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تؤكد بطلان الاحتلال ورفض التوسع.
* الإعلام الدبلوماسي: إطلاق منصات باللغات الأجنبية لفضح هذا الخطاب وربطه بالتطرف والعنصرية.
* التعاون العربي: توحيد الموقف مع مصر، السعودية، ودول الخليج لزيادة الضغط الإقليمي.
* الشراكة مع المجتمع المدني العالمي: إشراك النقابات، الجامعات، ومنظمات حقوق الإنسان في توثيق المخاطر.
المخاطر في حال غياب هذه الدائرة
* تفوق الخطاب الإسرائيلي في المحافل الدولية دون مواجهة مضادة.
* إضعاف الموقف الأردني في قضية القدس والوصاية الهاشمية.
* فتح الباب تدريجياً لطرح مشاريع "الوطن البديل" بشكل أكثر علانية.
إن إنشاء دائرة متخصصة في وزارة الخارجية الأردنية لرصد خطاب "إسرائيل الكبرى" ليس ترفاً سياسياً، بل ضرورة وجودية وأمنية. فالتاريخ يعلمنا أن تجاهل الخطابات التوسعية يمنحها قوة إضافية، بينما المواجهة المبكرة والمنظمة تضعفها وتفشلها. الأردن، بما يملكه من شرعية تاريخية ودينية وسياسية، قادر على قيادة جهد دبلوماسي جماعي لوقف هذا المشروع، إذا ما تحرك بشكل مؤسسي ومنهجي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محمد رفيع : «توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»
محمد رفيع : «توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

محمد رفيع : «توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»

أخبارنا : كثير من ممثلي الإدارة الأمريكية الحالية يحرصون على الإشارة إلى عدم إلمام الرئيس الحالي دونالد ترامب بالتاريخ، وذلك تفاديا للهفوات الفادحة التي وقع فيها في رئاسته الأولى..! ولكن هل يخفف هذا التنويه، فعلاً، من خطورة جهل السياسي بالتاريخ؟ وما أهمية وعلاقة ذلك بالسياسة، وخصوصا السياسة الخارجية، التي تخص بلدانا وشعوبا أخرى؟ (..) المكان: مقهى في نيويورك. الزمان: مساء يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001. الحضور: مواطنان أميركيان. الأول: ‹›ما جرى شبيه ببيرل هاربر››. (والمقصود هنا ذلك الهجوم الانتحاري الذي شنه اليابانيون على القاعدة الأميركية في جزيرة بيرل هاربر، الواقعة في المحيط الهادي، في الحرب العالمية الثانية، والذي استخدمت بعده الولايات المتحدة القنابل الذرية، في قصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين). الثاني: ‹›ما هو بيرل هاربر؟›› الأول: ‹›هذا يدل على إلقاء الفيتناميين لقنابل في أحد المرافئ، لتبدأ بعدها حرب فيتنام››..! بهذا الحوار الغريب، والفاضح في آن معا، تحاول الكاتبة الإنجليزية مرغريت مكميلان نقل خطورة ‹›استخدام التاريخ››، من قبل الساسة، وما يترتب على ذلك من أخطار في تشويه طبيعة الماضي، في أذهان الناس العاديين، الذين يعانون من جهل كبير بأحداثه. المؤرخة البريطانية مكميلان، وصاحبة الكتاب الشهير ‹›باريس 1919››، وفي كتابها ‹›ألعاب خطيرة››، تلفت الانتباه إلى مفارقة مهمة. وهي أنه عندما بدأ ‹›التاريخ›› يحظى بمكانة أكبر وأهم، في الحوارات والنقاشات العامة، فإن المؤرخين المحترفين تخلّوا أو تراجعوا كثيرا عن دورهم، مُفسحين المجال، بهذا التخلّي، للهواة من كتبة التاريخ. ما أتاح الفرصة لـ››خفة›› لافتة في التعامل مع التاريخ، مكّنت العديد من القادة والسياسيين والحكومات من استخدام التاريخ لصالحهم، بلي عنقه أو اختراعه على هواهم، وبما يناسب مصالحهم الحالية. وهكذا، اكتظّت رفوف المكتبات بعدد ضخم من كتب السيرة الذاتية، في ‹›عالم يعيش حالة بحث دائمة عن أبطال››..! الوجه الآخر للجهل بالتاريخ هو إمكانية ايجاد الحجج والبراهين، التي تخدم بعض السياسات. فالمواطنون العاديون، وخصوصا في الولايات المتحدة، لا يفهمون ‹›سياق الأمن الحاضر››، ولا يملكون سوى معلومات سطحية وضحلة عن الماضي، ولهذا فإنهم يصدقون بسهولة قصص أولئك الذين يزعمون أنهم عارفون بالتاريخ ودروسه. والمسافة بين ‹›الاحتراف›› وبين ‹›الهواية››، في التعامل مع التاريخ، لا تحدّدها شهادة جامعية في ‹›التاريخ››. ذلك أن التعامل مع التاريخ يشمل: كتابته وروايته وتعليمه، ورؤيته وقراءته، والاستفادة منه، وتوظيفه، وصناعته، وتحصينه من المحاولات الدائمة لتشويهه.. وهو ما يشكل في المحصلة العنصر الأهم في صناعة ‹›الثقافة العامة›› للشعب أو للأمة. وبحسب ‹›الألعاب الخطيرة›› لمكميلان، فإن التاريخ يساعدنا على فهم ‹›الذين ينبغي علينا التعامل معهم››، وكذلك يساعدنا على ‹›فهم أنفسنا››. فلو تم فهم ‹›الفرق بين أمة تشن حربا، وبين مجموعة تمارس الإرهاب››، لكان من الصعب قبول حجج الإدارة الأميركية، التي ساقتها لبدء الـ ‹›حرب ضد الإرهاب››، ولغزوها للعراق وغيره. وذلك لأن ‹›الحروب تشن ضد الأعداء، وليس ضد الأفكار››. ومن مخاطر جهل المسؤولين بالتاريخ، كما حدث أكثر من مرة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، هو حدوث ‹›تشويه للتاريخ››، سواء بطريقة إرادية، أو بسبب غياب المعرفة. الأمر الذي يوفر الفرصة لاستخدام التاريخ كسلاح، من أجل ‹›تصنيف الخصوم أو التقليل من شأنهم››، وهو ما يعني تشويه التاريخ والعمل على المتاجرة به، وبيعه للسياسيين..! ولعلّ أفدح الأمثلة الراهنة، ما شهدناه وسمعناه على لسان رئيس الإدارة الأمريكية الحالية من مشاريع حول غزة وتحويلها إلى ريفيرا، متعددة الجنسيات، وخالية من سكانها، بإدارة أمريكية، بكل ما في ذلك من جهل واستهتار بتاريخ الشعوب والأمم وتجاربها..!

«توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»
«توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»

الدستور

timeمنذ 2 ساعات

  • الدستور

«توظيفُ التاريخ.. والجهلُ به»

كثير من ممثلي الإدارة الأمريكية الحالية يحرصون على الإشارة إلى عدم إلمام الرئيس الحالي دونالد ترامب بالتاريخ، وذلك تفاديا للهفوات الفادحة التي وقع فيها في رئاسته الأولى..! ولكن هل يخفف هذا التنويه، فعلاً، من خطورة جهل السياسي بالتاريخ؟ وما أهمية وعلاقة ذلك بالسياسة، وخصوصا السياسة الخارجية، التي تخص بلدانا وشعوبا أخرى؟ (..) المكان: مقهى في نيويورك. الزمان: مساء يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001. الحضور: مواطنان أميركيان. الأول: ‹›ما جرى شبيه ببيرل هاربر››. (والمقصود هنا ذلك الهجوم الانتحاري الذي شنه اليابانيون على القاعدة الأميركية في جزيرة بيرل هاربر، الواقعة في المحيط الهادي، في الحرب العالمية الثانية، والذي استخدمت بعده الولايات المتحدة القنابل الذرية، في قصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين). الثاني: ‹›ما هو بيرل هاربر؟›› الأول: ‹›هذا يدل على إلقاء الفيتناميين لقنابل في أحد المرافئ، لتبدأ بعدها حرب فيتنام››..! بهذا الحوار الغريب، والفاضح في آن معا، تحاول الكاتبة الإنجليزية مرغريت مكميلان نقل خطورة ‹›استخدام التاريخ››، من قبل الساسة، وما يترتب على ذلك من أخطار في تشويه طبيعة الماضي، في أذهان الناس العاديين، الذين يعانون من جهل كبير بأحداثه. المؤرخة البريطانية مكميلان، وصاحبة الكتاب الشهير ‹›باريس 1919››، وفي كتابها ‹›ألعاب خطيرة››، تلفت الانتباه إلى مفارقة مهمة. وهي أنه عندما بدأ ‹›التاريخ›› يحظى بمكانة أكبر وأهم، في الحوارات والنقاشات العامة، فإن المؤرخين المحترفين تخلّوا أو تراجعوا كثيرا عن دورهم، مُفسحين المجال، بهذا التخلّي، للهواة من كتبة التاريخ. ما أتاح الفرصة لـ››خفة›› لافتة في التعامل مع التاريخ، مكّنت العديد من القادة والسياسيين والحكومات من استخدام التاريخ لصالحهم، بلي عنقه أو اختراعه على هواهم، وبما يناسب مصالحهم الحالية. وهكذا، اكتظّت رفوف المكتبات بعدد ضخم من كتب السيرة الذاتية، في ‹›عالم يعيش حالة بحث دائمة عن أبطال››..! الوجه الآخر للجهل بالتاريخ هو إمكانية ايجاد الحجج والبراهين، التي تخدم بعض السياسات. فالمواطنون العاديون، وخصوصا في الولايات المتحدة، لا يفهمون ‹›سياق الأمن الحاضر››، ولا يملكون سوى معلومات سطحية وضحلة عن الماضي، ولهذا فإنهم يصدقون بسهولة قصص أولئك الذين يزعمون أنهم عارفون بالتاريخ ودروسه. والمسافة بين ‹›الاحتراف›› وبين ‹›الهواية››، في التعامل مع التاريخ، لا تحدّدها شهادة جامعية في ‹›التاريخ››. ذلك أن التعامل مع التاريخ يشمل: كتابته وروايته وتعليمه، ورؤيته وقراءته، والاستفادة منه، وتوظيفه، وصناعته، وتحصينه من المحاولات الدائمة لتشويهه.. وهو ما يشكل في المحصلة العنصر الأهم في صناعة ‹›الثقافة العامة›› للشعب أو للأمة. وبحسب ‹›الألعاب الخطيرة›› لمكميلان، فإن التاريخ يساعدنا على فهم ‹›الذين ينبغي علينا التعامل معهم››، وكذلك يساعدنا على ‹›فهم أنفسنا››. فلو تم فهم ‹›الفرق بين أمة تشن حربا، وبين مجموعة تمارس الإرهاب››، لكان من الصعب قبول حجج الإدارة الأميركية، التي ساقتها لبدء الـ ‹›حرب ضد الإرهاب››، ولغزوها للعراق وغيره. وذلك لأن ‹›الحروب تشن ضد الأعداء، وليس ضد الأفكار››. ومن مخاطر جهل المسؤولين بالتاريخ، كما حدث أكثر من مرة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، هو حدوث ‹›تشويه للتاريخ››، سواء بطريقة إرادية، أو بسبب غياب المعرفة. الأمر الذي يوفر الفرصة لاستخدام التاريخ كسلاح، من أجل ‹›تصنيف الخصوم أو التقليل من شأنهم››، وهو ما يعني تشويه التاريخ والعمل على المتاجرة به، وبيعه للسياسيين..! ولعلّ أفدح الأمثلة الراهنة، ما شهدناه وسمعناه على لسان رئيس الإدارة الأمريكية الحالية من مشاريع حول غزة وتحويلها إلى ريفيرا، متعددة الجنسيات، وخالية من سكانها، بإدارة أمريكية، بكل ما في ذلك من جهل واستهتار بتاريخ الشعوب والأمم وتجاربها..!

شبح «السيطرة المالية» يعود... هل يضحي «الفيدرالي» باستقلاليته لتمويل ديون أميركا؟
شبح «السيطرة المالية» يعود... هل يضحي «الفيدرالي» باستقلاليته لتمويل ديون أميركا؟

Amman Xchange

timeمنذ 7 ساعات

  • Amman Xchange

شبح «السيطرة المالية» يعود... هل يضحي «الفيدرالي» باستقلاليته لتمويل ديون أميركا؟

مع ازدياد الدين الأميركي وضغط البيت الأبيض على «بنك الاحتياطي الفيدرالي» لخفض أسعار الفائدة، يقيّم المستثمرون خطر «السيطرة المالية»، وهو سيناريو تصبح فيه ضرورة تمويل الحكومة بأسعار منخفضة أكبر أهمية من مكافحة التضخم. ومن المتوقع أن يزيد مشروع قانون الموازنة الذي أقره الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، الشهر الماضي الالتزامات على الدين الأميركي بمليارات الدولارات؛ مما يرفع تكلفة خدمة هذا الدين. وفي الوقت نفسه، دعا الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، صراحةً «الاحتياطي الفيدرالي» إلى خفض أسعار الفائدة جزئياً لتخفيف تكاليف الفائدة على الحكومة الأميركية. وقد أثارت حملة الضغط هذه مخاوف من أن الإدارة تسعى لإعادة «الاحتياطي الفيدرالي» إلى فترة سابقة، حين أبقى أسعار الفائدة منخفضة لتسهيل الاقتراض بتكلفة منخفضة، وفق «رويترز». وقال نيت ثوف، الرئيس التنفيذي للاستثمارات في إدارة حلول الأسهم والأصول المتعددة لدى «مانولايف»: «السيطرة المالية مصدر قلق... هناك مخاطر في الأفق، سواء من زيادة مستويات الدين، ومن احتمال ارتفاع التضخم الهيكلي، أو على الأقل، زيادة تقلبات الأسعار». وأضاف: «السبب الذي يجعل إدارة ترمب والسياسيين عموماً يرغبون في رؤية أسعار فائدة منخفضة هو أنها ضرورية لتحمل مستويات الدين الحالية». «السيطرة المالية» في التجربة الأميركية وشهدت الولايات المتحدة «السيطرة المالية» خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، عندما كان على «الاحتياطي الفيدرالي» إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لتمويل جهود الحرب؛ مما أدى لاحقاً إلى ارتفاع التضخم الذي تسبّب في اتفاقية وزارة الخزانة و«الاحتياطي الفيدرالي» عام 1951 لإعادة استقلال «البنك المركزي». ويشير بعض المحللين إلى أن ارتفاع العوائد على سندات الخزانة طويلة الأجل، وضعف الدولار، يعكسان بالفعل هذا الوضع الاقتصادي، حيث يطالب المستثمرون بتعويض أعلى للاحتفاظ بالأصول الأميركية التي قد تفقد قيمتها إذا ارتفع التضخم. وقالت كيلي كوالسكي، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في «ماسميتشوال»: «الإدارة تريد التغلب على الدين... والطريقة الأخرى للتعامل معه هي التضخم». ويعني ارتفاع التضخم انخفاض القيمة الحقيقية للدين الحكومي. وقال ترمب الشهر الماضي إن معدل الفائدة القياسي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» يجب أن يكون أقل بـ3 نقاط مئوية من النطاق الحالي البالغ ما بين 4.25 و4.50 في المائة، مؤكداً أن هذا التخفيض سيوفر تريليون دولار سنوياً. وأضاف أن «البنك المركزي» قد يرفع الفائدة مرة أخرى إذا ارتفع التضخم. وخلال الأشهر الـ12 المنتهية في يونيو (حزيران)، سجل التضخم، وفق مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، 2.6 في المائة، وهو لا يزال أعلى من هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ اثنين في المائة. ومع ذلك، أكد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، أن «البنك المركزي الأميركي» لا يأخذ إدارة الدين الحكومي في الحسبان عند وضع السياسة النقدية. ويشير بعض المستثمرين إلى أن «السيطرة المالية» لا تزال على أفق غير مؤكد؛ إذ لم تؤدِ زيادة الدين بعد إلى ارتفاع أسعار الفائدة بشكل غير مستدام، في حين يرى آخرون أنها بدأت تؤثر على الأسواق بالفعل؛ إذ تظل العوائد طويلة الأجل مرتفعة حتى مع توقعات خفض الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي». وقال كوش ديزاي، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن إدارة ترمب تحترم استقلالية «الفيدرالي»، لكن مع انخفاض التضخم بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، يعتقد ترمب أن الوقت مناسب لتخفيض الفائدة. وحتى الآن، قاوم «البنك المركزي» هذه المطالب، لكن من المتوقع أن يخفض تكاليف الاقتراض في اجتماعه المقرر يومي 16 و17 سبتمبر (أيلول) المقبل. تفويض «الاحتياطي الفيدرالي» انخفض الدولار هذا العام بنحو 10 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية، بينما تظل العلاوات على السندات طويلة الأجل مرتفعة، حتى مع تراجع العوائد مؤخراً بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. وقال أوليفر شيل، مختص الاستثمار في «روفّر»: «من الصعب التفاؤل بالسندات طويلة الأجل في هذا المناخ»، مشيراً إلى الإنفاق الحكومي الذي قد يبقي التضخم مرتفعاً ويقلل من قيمة السندات. وأضاف: «إذا كان الاقتصاد يعمل فوق طاقته الطبيعية، فهذا سيؤدي إلى التضخم أو له آثار مهمة على أسعار الفائدة والعملات». ورأى ثوف أنه متشائم بشأن سندات الخزانة طويلة الأجل؛ لأن ارتفاع التضخم سيستدعي علاوات أكبر على المدى الطويل. وعلى الرغم من سنوات النمو الاقتصادي، فإن العجز الأميركي استمر في التوسع، ليصبح الدين أكثر من 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بأعلى من مستواه بعد الحرب العالمية الثانية. وعادةً ما يدير «الاحتياطي الفيدرالي» التضخم بينما يلتزم الكونغرس بالانضباط المالي، لكن هذا التوازن ينقلب في سيناريو «السيطرة المالية»؛ إذ يصبح التضخم مدفوعاً بالسياسات المالية ويحاول «الاحتياطي الفيدرالي» إدارة عبء الدين، كما قال إريك ليبر، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا: «لا يمكن لـ(الاحتياطي الفيدرالي) التحكم في التضخم والحفاظ على دفعات الفائدة منخفضة في الوقت نفسه. هذان الأمران متعارضان». أحد المؤشرات السلبية للمستثمرين هو تقلص الفجوة بين أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي. فقد تراوحت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات حول 4.3 في المائة خلال الأسابيع الأخيرة، بينما نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل سنوي بلغ 5.02 في المائة خلال الربع الثاني. وعندما تتجاوز أسعار الفائدة معدل النمو، يرتفع الدين بوصفه نسبةً من الناتج المحلي الإجمالي حتى دون اقتراض جديد؛ مما يجعل الدين أكبر صعوبة في التحمل. وقالت تحليلات «بنك دويتشه»: «المخاطر على استقلالية (الاحتياطي الفيدرالي)، الناجمة عن السيطرة المالية، مرتفعة»، مشيرة إلى العجز المرتفع والعوائد طويلة الأجل القريبة من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. تحذيرات تاريخية التاريخ يقدم دروساً تحذيرية؛ فقد أدت السيطرة المالية القصوى إلى التضخم المفرط في ألمانيا في عشرينات القرن الماضي، وفي الأرجنتين في أواخر الثمانينات وأوائل الألفية. ومؤخراً في تركيا، أدى الضغط على «البنك المركزي»؛ للحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة، إلى تقويض مصداقية السياسة النقدية، وأثار أزمة عملة. وأعرب غالبية الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع «رويترز» الشهر الماضي عن قلقهم بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي». وعلى الرغم من انتقادات ترمب ومسؤوليه، فإن باول أكد عزمه على البقاء رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» حتى انتهاء ولايته في مايو (أيار) 2026. وقال أمار ريغانتي، استراتيجي الدخل الثابت في «هارتفورد فاندز» والمسؤول السابق في وزارة الخزانة: «يبدو واضحاً أن أي مرشح للمقعد، بغض النظر عن آرائه السابقة، من المحتمل أن يتبنى توجهاً متساهلاً ليجري ترشيحه». لكن أسعار الفائدة المنخفضة قد تكون حلاً مؤقتاً فقط. فالإدارة قد تأمل «زيادة النمو الاسمي» رغم خطر ارتفاع التضخم، للوصول إلى مستوى يجعل النمو الحقيقي دافعاً لجعل مسار الدين مستداماً، كما قال بريج خورانا، مدير محفظة الدخل الثابت في «ويلينغتون»... «المشكلة هي... أن البنك المركزي يقول: (لا أريد أن أخوض هذه المخاطرة معكم)».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store