
الرسوم الجمركية لن تعيد الصناعة لأمريكا لكن استلهام الوصفة الصينية قد ينجح
لا شكّ أن الصناعة الأمريكية شهدت أياماً أفضل من هذه بكثير. فالإنتاج الصناعي لم يعد قطّ إلى الذروة التي بلغها قبيل أزمة عام 2008 المالية، حين كان عدد العاملين في القطاع يزيد بمليون شخص عمّا هو عليه اليوم. وقد كشفت صدمتا جائحة كوفيد-19 وغزو روسيا لأوكرانيا مدى عجز المصانع الأميركية عن زيادة إنتاج السلع الأساسية بالسرعة الكافية، سواء كانت أقنعة طبية أو ذخائر عسكرية.
أما الأسماء العريقة مثل "بوينغ" و"إنتل" وشركات السيارات في ديترويت، فتعيش على وقع أزمات متتالية، في حين تواصل الشركات الصينية الكبرى مثل "بي واي دي" و"كاتل" (CATL) و"هواوي" صعودها بثبات.
يرى الرئيس دونالد ترمب التعريفات الجمركية علاجاً شافياً لكل داء، يفرضه على الأصدقاء والخصوم... وحتى على البطاريق. لكن في نظر معظم الاقتصاديين، لا يعدو كونه دواءً وهمياً قد يفاقم أوجاع قطاع الصناعة الأميركي بدل أن يخففها. فبناء جدار حول أكبر اقتصاد في العالم نهج خاطئ. وفي هذا السياق، نعرض مجموعة من السياسات البديلة للرسوم الجمركية يمكن أن تمهّد لمسار يضمن أكثر إعادة إحياء قطاع الصناعة الأميركي:
التعلم من التجربة الصينية
دأب الرئيس دونالد ترمب على اتهام الصين باستغلال الولايات المتحدة من أجل الاستيلاء على جزء كبير من قدراتها التصنيعية. فإذا كانت هذه الأساليب ناجحة حقاً، لمَ لا تستخدمها أميركا في مواجهة خصمها الاستراتيجي الأكبر؟
لم تصبح الصين "مصنع العالم" عبر فرض رسوم جمركية. بل على العكس، عمدت منذ تسعينيات القرن الماضي إلى تقليص الحواجز في وجه الواردات، واتبعت حزمة من السياسات لدعم الشركات الصناعية الرائدة لديها. وكثيراً ما احتج شركاؤها التجاريون ضد بعض هذه الإجراءات، مثل الإبقاء على قيمة اليوان منخفضة بشكل مصطنع، وإلزام الشركات الأجنبية بنقل التكنولوجيا إليها مقابل دخول السوق، وكبح نمو الأجور داخلياً.
كما تبنت بكين السياسات المعتمدة تقليدياً في القطاع الصناعي، مثل دعم الاستثمار في البحث والتطوير، وتقديم إعفاءات ضريبية وقروض تفضيلية للمصنّعين في القطاعات التي تُعتبر استراتيجية كالمركبات الكهربائية وأشباه الموصلات.
اعتمدت الصين على خطوتين بالغتي الفعالية لتحقيق نهضتها الصناعية، يجدر بالولايات المتحدة أن تحتذي بهما. أولاً، فتحت أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي. فكانت شركات السيارات الأوروبية من أوائل الوافدين إلى السوق الصينية في ثمانينيات القرن الماضي، لتلحق بها الشركات الأمريكية خلال التسعينيات، لا سيما بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في 2001. وفي السنوات الأخيرة، ضخّت شركات منها "أبل" و"تسلا" استثمارات هائلة في مدن مثل شنتشن وشنغهاي وغيرهما. واليوم، تسهم الشركات الأجنبية في نحو ثلث الصادرات الصينية.
قطاع التصنيع الصيني يتصدر الدول الصناعية الأخرى من حيث القيمة المضافة في 2023
في المقابل، لم تبذل الولايات المتحدة الكثير من الجهد لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، بل اكتفت بالاعتماد على ما تتمتع به من مزايا، مثل ضخامة سوقها، وسيادة القانون، واستقرار عملتها، على اعتبار أنها محفزات كافية. صحيح أن مصانع الرقائق الإلكترونية الضخمة التي تبنيها "شركة أشباه الموصلات" التايوانية و"سامسونغ" الكورية في الجنوب الغربي الأميركي تشكّل بداية واعدة، لكن يتعيّن على واشنطن أن تفتح الباب أيضاً أمام الشركات الصينية التقنية الرائدة.
بدل ذلك، عمدت الحكومة الأمريكية، على مختلف مستوياتها، إلى عرقلة محاولات الشركات الصينية لإنتاج السيارات الكهربائية أو بطارياتها داخل الولايات المتحدة، وهذا خطأ. فقبل أربعة عقود، استفادت شركات السيارات الأمريكية من استقاء المعارف مع الشركات المنافسة اليابانية التي أسست مصانع لها على الأراضي الأمريكية. ويمكن أن يتكرّر هذا السيناريو اليوم مع الشركات الصينية.
إلى ذلك، على الولايات المتحدة أن تقتدي بشبكة الصين الواسعة من المراكز الصناعية العملاقة. فمدينة شنتشن أصبحت اليوم عاصمة الإنتاج الإلكتروني في العالم بفضل التركّز الهائل للمعرفة التشغيلية هناك، ما يتجلى في وفرة اليد العاملة المرنة والماهرة، القادرة على تصنيع الهواتف الذكية والطائرات المسيّرة والروبوتات أو أي منتج ذي قيمة مستقبلية.
في المقابل، شهدت الولايات المتحدة مساراً معاكساً، فقد تشتتت المراكز الصناعية التقليدية في أرجاء البلاد، بحيث لم تعد ديترويت جديرة بلقب "مدينة المحركات"، فيما لم يعد وادي السيليكون يُنتج سوى القليل من المعالجات الدقيقة هذه الأيام.
رجل يسير وسط مبانٍ عصرية في شنتشن في الصين - بلومبرغ
تميل الشركات الأمريكية إلى توزيع استثماراتها على عدد من المناطق الانتخابية، بهدف توسيع نفوذها في واشنطن واستغلال التنافس بين الولايات والمقاطعات من أجل حصد المزيد من الحوافز والتسهيلات. لكن المطلوب اليوم أن يتعاون صنّاع السياسات والشركات على بناء تجمعات صناعية مركزية، تتيح تداول المعرفة والخبرات بين العمّال ورواد الأعمال والمستثمرين والأكاديميين، كما كان الحال سابقاً في ديترويت ووادي السيليكون.
ابتكار نماذج جديدة للتصنيع
لا تقتصر نقاط قوّة المصنّعين في الصين على وفرة اليد العاملة الرخيصة مقارنة بنظرائهم الأميركيين، بل تمتد إلى اعتمادهم الواسع على الأتمتة. ففي عام 2023، استحوذت الصين على 51% من إجمالي الروبوتات الصناعية التي جرى تركيبها حول العالم، في حين لم تتجاوز حصة الولايات المتحدة 7%.
الصين تتفوق على باقي دول العالم في عدد الروبوتات التي تم دمجها في القطاع الصناعي في 2023
لكي تتمكّن الولايات المتحدة من المنافسة، يجب أن تبتكر نماذج تصنيع جديدة تضاهي في تأثيرها تلك التي قادها الأميركيون خلال الثورات الصناعية السابقة. فقد غيّر المخترع إيلي ويتني مسار إنتاج البنادق في مطلع القرن التاسع عشر عبر ابتكار الأجزاء القابلة للتبديل، فيما ابتكر هنري فورد بعد قرن من ذلك خطّ التجميع.
إذاً ما هو التحوّل التكنولوجي الذي يمكن للمصنّعين الأميركيين تبنّيه في القرن الحادي والعشرين؟ يبدو الذكاء الاصطناعي الخيار الأوضح. فرغم تفوّق الصين في توظيف الروبوتات الصناعية، لم تثبّت قدميها بعد في مجال الذكاء الاصطناعي. وهذه فرصة يمكن أن تستغلها الشركات الأمريكية لمعالجة مكامن ضعفها في مجال التصنيع. وكما تطلّب الانتقال من الطاقة البخارية إلى الكهرباء إعادة تصميم المصانع بشكل جذري، فإن تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي بكفاءة في مجال التصنيع سيستلزم تطوير أنواع جديدة من الآلات وأنظمة الاستشعار المتقدمة وتسيير العمل بطريقة مختلفة.
تخيّل مصنع سيارات المستقبل: آلات تعمل بواسطة التحكّم الرقمي بالحاسوب أو أنظمة كبس قابلة للتعديل تصنع مكوّنات ضخمة بتصاميم معيارية، فيما تجمع آلات بسيطة مقاعد ومحاور وأبواب مصمّمة لتكون سهلة الحمل بواسطة كماشات آلية بدائية. في غضون ذلك، يتولى الذكاء الاصطناعي مراقبة كل خطوة من أجل رصد العيوب واقتراح تحسينات على عملية الإنتاج، وإجراء التعديلات اللازمة لحظة بلحظة.
لإطلاق هذا التحوّل، على صنّاع القرار في الولايات المتحدة أن يتخلّوا عن فكرة أن المصانع ستخلق وفرة من الوظائف كما في القرن الماضي. فالأولوية يجب أن تكون الآن للاستفادة ممّا تمتلكه البلاد من نقاط قوّة علمية وتكنولوجية.
إلى جانب الذكاء الاصطناعي، تبرز تطوّرات واعدة أخرى قد تمهّد لنهضة صناعية جديدة. فقد يتمكّن مصنّعو آلات التشغيل من تطوير أدوات ذكية، تجعل عملية التصنيع أقرب إلى البرمجة. ويمكن لأميركا أن تنطلق أيضاً من تفوقها في مجال الرحلات الفضائية التجارية من أجل التقدّم في ما يُعرف بـ"التصنيع المداري"، وهو نمط من التصنيع يستفيد من خصائص الفضاء، مثل الجاذبية شبه المعدومة، لإنتاج مواد ومنتجات فريدة من نوعها. وإذا ما ذهبنا أبعد، قد تفتح تقنيات النانو آفاقاً أمام التصنيع بالغ الدقة الذي يسمح بالتحكّم في المواد على مستوى الذرّة، الواحدة تلو الأخرى.
الحفاظ على مكامن القوّة الأمريكية
ستكون لدى الولايات المتحدة فرصة أوفر لترسيخ مكانتها كقوة صناعية كبرى إذا حافظت على ازدهارها الاقتصادي واستندت إلى تحالفات قوية وواصلت تعزيز سمعتها كمركز للتميّز العلمي والصناعي.
فالتعاون مع الدول الصديقة يجب أن يكون حجر زاوية أي نهضة تصنيعية أمريكية. لكن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية على العالم بأسره، جعل مزاجيته الخطر الأكبر الذي يتهدد ازدهار أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا، رغم أنها جميعها تشارك الولايات المتحدة مخاوفها حيال الممارسات التجارية الصينية، وإن بدرجات متفاوتة. وتدرك جميع الدول التي تتفاوض مع ترمب مدى سرعته في تغيير رأيه. مثلاً، خلال ولايته الأولى، أجبر المكسيك وكندا على إعادة التفاوض بشأن اتفاق التجارة الحرّة لأميركا الشمالية، وها هو اليوم يهدّد بالتراجع عن الاتفاق الذي كان قد توصل إليه معهما وقتها.
لا تزال الولايات المتحدة قادرة على الوقوف جنباً إلى جنب مع حلفائها. مثلاً من خلال الاعتماد على اليابان وكوريا الجنوبية في بناء السفن، واستيراد المعادن النادرة من كندا وأستراليا، والاستفادة من الخبرات الصناعية الواسعة في أوروبا. كانت إدارة بايدن تسير في هذا الاتجاه لإدراكها أن الولايات المتحدة لا تستطيع مجاراة القوة الصناعية الصينية وحيدة. لكن اليوم، بدأت العديد من الحكومات تشعر بالامتعاض تجاه واشنطن، وتتساءل إذا كان بالإمكان ترميم الثقة التي تضرّرت.
يصعب تصوّر أن يؤدي هجوم ترمب على الجامعات إلى ازدهار علمي حقيقي في الولايات المتحدة. نعم، تعاني الجامعات من الهدر أحياناً، وغالباً ما نجدها منفصلة عن هموم العالم الحقيقي، لكن يستحيل إنكار دورها الحيوي في دفع عجلة التقدّم العلمي، إذ تُجرى فيها نحو نصف الأبحاث العلمية الأساسية في البلاد. قادت الأبحاث الجامعية التقدم الكبير في مجالات مثل التصميم بمساعدة الحاسوب والطباعة ثلاثية الأبعاد، وهما من أبرز التحوّلات التي شهدها قطاع التصنيع في العقود الماضية. فهل تذوي الفكرة الثورية التالية في أحد المختبرات الجامعية بسبب حرمانها من التمويل الفيدرالي؟.
وأخيراً، حتى تتمكّن الولايات المتحدة من استعادة الصناعات التي لمعت فيها في الماضي، وقيادة قطاعات جديدة، لا بدّ أن يتبنّى قادتها سياسة هجرة متوازنة تشمل أصحاب المهارات العالية والمنخفضة على حدّ سواء. فقد أسهم مهندسون تايوانيون بنهضة قطاع أشباه الموصلات الأميركي المتدهور. وإذا ما جعل ترمب من الولايات المتحدة بلداً منفراً للمهاجرين، فلن يرغب أصحاب الكفاءات في القدوم والابتكار على أراضيها.
في استطلاع للرأي أُجري العام الماضي، أجاب ربع الأميركيين فقط بشكل إيجابي على السؤال: "هل ستكون حالك أفضل لو عملت في مصنع؟" ستحتاج البلاد إذاً إلى قوة عاملة أكبر، تضمن توفر عددٍ كافٍ من العمال المستعدين للقيام بأعمال شاقة ومتواضعة.
على الولايات المتحدة أن تكون في أفضل حالاتها حتى تنجح في مسعاها. فبرغم كل شيء، لا تزال تملك القدرة على طرح نموذج جذّاب تعجز الصين وروسيا عن مجاراته. لكن كلّما زاد ترمب من إخضاع البلاد لأهوائه، سواء في السياسات التجارية أو الهجرة أو التعامل مع المستثمرين، زاد احتمال أن تجد أميركا نفسها، لا الصين، معزولة عن العالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 30 دقائق
- الاقتصادية
رئيس «علي بابا»: الشركات الآسيوية يمكنها البحث عن النمو خارج أمريكا
قال جو تساي، رئيس مجلس إدارة "علي بابا غروب هولدينغ"، إن الشركات الآسيوية يمكنها السعي وراء الفرص في آسيا والسوق الأوروبية لتحقيق النمو في ظل التوترات المستمرة بين واشنطن وبكين. خلال مؤتمر تكنولوجي في ماكاو أمس، وجه تساي أيضاً انتقادات ضمنية للحرب التجارية التي أشعلتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قائلاً إن "بعض الحكومات تحاول هدم الجسر الذي بنيناه بين آسيا وبقية العالم". "هناك في الواقع الكثير من النشاط والتعاون التجاري البيني في آسيا الذي يمكن أن يحدث بين دول شرق آسيا، وبين شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وفي نهاية المطاف جنوب آسيا أيضاً" على حد قول تساي للحاضرين في مؤتمر "ما بعد إكسبو" (Beyond Expo). وأضاف أن أوروبا "فرصة مذهلة" للشركات الآسيوية. شراكة مع "أبل" تضررت الأنشطة الرئيسية لمجموعة "علي بابا" جراء التوترات الممتدة بين الولايات المتحدة والصين. هوت أسهم الشركة الأسبوع الماضي بعدما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن إدارة ترمب عبرت عن مخاوف بشأن اتفاق محتمل حول الذكاء الاصطناعي بين "أبل" (Apple) وشركة التجارة الإلكترونية الصينية الرائدة، وهي صفقة مهمة للشركة التي مقرها هانغتشو. لم تُصدر "أبل" أي تصريحات علنية حول هذه الشراكة، لكن تساي أكد التحالف في وقت سابق هذا العام، وإن كان لم يحدد إن كانت "علي بابا" ستصبح مزود الذكاء الاصطناعي الحصري للشركة الأميركية في الصين. التحالف مع شريك محلي من شأنه أن يُساعد في إنعاش مبيعات "آيفون" في الصين، التي تعاني مع طرح منافسين مثل "هواوي تكنولوجيز" (Huawei Technologies) لهواتف مدعومة بالذكاء الاصطناعي. لم تطرح "أبل" بعد حزمتها الكاملة من خصائص الذكاء الاصطناعي في الصين بسبب القواعد التنظيمية التي تشترط وجود شريك محلي معتمد. كما تأثرت عمليات التجارة الإلكترونية للمجموعة بسبب قرار ترمب إغلاق ثغرة جمركية للطرود الصغيرة الواردة من بر الصين الرئيسي وهونغ كونغ. نتائج مخيبة للآمال دفعت نتائج "علي بابا" المخيبة للآمال في وقت سابق من الشهر الجاري أسهم الشركة لتسجيل أكبر خسائرها في أكثر من شهر. يتزايد قلق المستثمرين بشأن قدرة شركة التجارة الإلكترونية الرائدة على تجاوز الضعف الاقتصادي المستمر في الصين والاستفادة من مكانتها كواحدة من الشركات التي تقود طفرة الذكاء الاصطناعي المستوحاة من تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek). لكن تساي دافع يوم السبت عن آفاق "علي بابا"، قائلاً إن الشركة تمضي "في مسار جيد جدا" مؤكداً تركيزها على التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي. يقود تساي والرئيس التنفيذي للشركة إيدي وو -وهما من أقرب المساعدين للمؤسس المشارك جاك ما- عودة الشركة عقب سنوات من التدقيق الحكومي. بعد توليهما المنصبين في 2023، أعاد الرجلان التركيز على الإنفاق على بناء الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية وفي نفس الوقت تسريع عملية بيع الأصول غير الأساسية للمجموعة لتمويل استثمارات الذكاء الاصطناعي والتوسع عالمياً. طرحت "علي بابا" منتجات الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة منذ بزوغ "ديب سيك" على الساحة العالمية هذا العام. وارتقت إلى صدارة صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين بفضل سلسلة من التحسينات والطروحات المتسارعة للنماذج، بما في ذلك أحدث إصدار من نموذجها الرائد "كوين3" (Qwen3) الشهر الماضي، الذي قالت إنه ينافس أداء "ديب سيك" على عدة أصعدة.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
تقرير كي بي إم جي يحدد الأولويات العاجلة للمنشآت العائلية في الشرق الأوسط
في الوقت الذي تواصل فيه المنشآت العائلية مساهماتها في الدفع بعجلة اقتصاد المنطقة إلى الأمام، تكشف دراسة عالمية جديدة عن العوامل الجديدة الحاسمة التي ستحدد ما إذا كانت هذه الشركات ستتمكن حقًا من الصمود والاستمرار ببساطة أم ستتميز وتشيد إرثًا مستداماً للأجيال القادمة. يستند تقرير المنشآت العائلية لعام 2025، الذي أعدته كي بي إم جي بالتعاون مع STEP Project Global Consortium، على رؤى مستخلصة من 2,683 رئيسًا تنفيذيًا من 80 دولة حول العالم، ويسلط الضوء على الطريقة التي يمكن للمنشآت العائلية من خلالها أن تصمد في مشهد عالمي يشهد تحولات تتمثل بتعاقب الأجيال المختلفة، والمتغيرات الرقمية، وتغيّر توقعات الحوكمة وتطورها، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية والبيئية. وتعليقاً على التقرير ، أكد عبد الله أكبر، رئيس استشارات المنشآت العائلية والمؤسسات الخاصة في كي بي إم جي الشرق الأوسط، قائلًا: "لقد مثَّلت المنشآت العائلية الركيزة الأساسية التي قامت عليها اقتصادات منطقة الخليج، مُقدمةً إسهامات جليلة في مجالات التوظيف والابتكار وتعزيز الهوية الوطنية، ولكن مع دخولنا مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية، تواجه المنشآت ضرورة مُلِحّة لتحديث هياكل حوكمتها، وتنويع محافظها الاستثمارية، واستكشاف الخيارات المتاحة لمواجهة تحديات تعطل سلاسل الإمداد، والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ووضع استراتيجيات مُحكمة لمواجهة التنافسية على المواهب وتهيئة الجيل القادم من القيادات وتأهيله". وتابع عبد الله أكبر :" لم يعد تخطيط تعاقب الأجيال مجرد خيار للنظر فيه، وإنما ضرورة استراتيجية؛ فالعقد القادم سيشهد انتقالًا غير مسبوق للثروات والمسؤوليات، وتلك المنشآت العائلية التي تخطو اليوم خطوات جريئة ومدروسة من خلال تعزيز مجالس إدارتها، وإشراك قادتها المستقبليين بفاعلية، والتوافق مع أولويات وممارسات الاستدامة المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات هي التي سترسم ملامح مستقبل القطاع الخاص". ويؤكد التقرير على أنَّ الحوكمة هي أساس تحقيق النجاح؛ إذ تبين أن المنشآت العائلية ذات الأداء المتميز تزداد احتمالية امتلاكها لهياكل مجالس إدارة رسمية بنسبة 10 بالمائة؛ ما يعزز أهمية اتخاذ القرارات والرقابة الاستراتيجية. وفي الواقع، أنشأت 67 بالمائة من المنشآت ذات الأداء المتميز على مستوى العالم مجالس إدارة، وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ارتفع هذا الرقم ليبلغ 89 بالمائة، وهو الأعلى على مستوى العالم. ويعد هذا الإقبال القوي على الحوكمة والتركيز عليها إشارة واضحة إلى أنَّ المنشآت العائلية في المنطقة أخذت تهيئ نفسها لتحقيق النمو المستدام والنجاح المستمر عبر الأجيال. ومع ذلك، فإنَّ الحوكمة وحدها لا تكفي؛ إذ يؤكد التقرير أنَّ ريادة الأعمال ونمو رأس المال أصبحا ضروريين بشكل متزايد. كما جاء في التقرير أنَّ حوالي 500 منشأة عائلية على مستوى العالم في عمليات اندماج واستحواذ، حيث كانت 60 بالمائة من المنشآت المستحوذ عليها مملوكة للعائلات أيضًا على مدى السنوات الثلاث الماضية؛ ما يشير إلى الرغبة المتزايدة لدى المنشآت العائلية في التوسع من خلال إبرام شراكات استراتيجية ومتوافقة مع القيم، بدلاً من النمو وحده. كما تراقب شركات الأسهم الخاصة ذلك عن كثب، وتظهر اهتمامًا متزايدًا بالمنشآت العائلية ذات الإدارة الرشيدة والأداء الثابت والرؤية طويلة الأجل. تمثل المنشآت العائلية نسبة تقرب من 95% من إجمالي المنشآت في المملكة العربية السعودية وحدها، وفقًا للأرقام الصادرة عن المركز الوطني للمنشآت العائلية. وتساهم هذه الشركات بنحو 66% في الناتج الإجمالي المحلي للقطاع الخاص، وتوظف حوالي 56% من العاملين في القطاع الخاص، وتعمل هذه المنشآت في مختلف القطاعات الحيوية، بدءًا من التشييد والبناء والتصنيع وصولًا إلى قطاعات البيع التجزئة والضيافة والمالية. وفي الوقت الذي تمضي فيه السعودية قدمًا في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030 ومستهدفاتها في التحول الاقتصادي، ستلعب الاستدامة طويلة الأجل لهذه المنشآت دورًا محوريًا لتحقيق أهداف النمو الوطنية. وفي الوقت الحالي، تتوسع العديد من المجموعات العائلية أيضًا خارج قطاعات الأعمال التقليدية لتدخل في قطاعات جديدة مثل: قطاعات التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والتعليم والرعاية الصحية؛ ما يفتح آفاقًا جديدة وواعدة لنماذج استثمار وتعاون مثمر. ولعل ما هو أهم من ذلك هو تسليط التقرير الضوء على أهمية التفاعل بين الأجيال؛ فعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبه الأجيال الشابة في صياغة الابتكار والاستدامة، فإنَّ 52 بالمائة فقط من الجيل القادم من أفراد العائلات منخرطون حاليًا في صنع القرارات الاستراتيجية، تمثل هذه فرصة ضائعة، خاصة أنَّ خلفاء جيل الألفية وجيل إكس قادرون على ابتكار أفكار جديدة بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتحول الرقمي، والاستثمار المؤثر. وفي الوقت نفسه، أعرب ما يقرب من 40 بالمائة من أفراد العائلات المشاركين في الاستطلاع عن مخاوفهم بشأن مدى جودة التواصل بين أفراد العائلة؛ ما يشير إلى الحاجة إلى أدوار أكثر وضوحًا، وحوار أقوى، وهدف مشترك. ويختتم التقرير بدعوة إلى العمل: ينبغي على المنشآت العائلية أن تعيد فهم المعنى الحقيقي لكلمة "نجاح" في هذا العالم الذي يشهد تطورًا غير مسبوق، وأن تراجع غاياتها بعناية شديدة وتغيرها إذا لزم الأمر؛ فالقوة المالية لا تزال مهمة، ولكنَّ المرونة والقدرة على التكيف والتأثير المجتمعي لها نفس القدر من الأهمية. وبينما تواصل المملكة العربية السعودية مسيرتها نحو التنويع الاقتصادي، فإنَّ المنشآت العائلية التي تركز على الغاية والحوكمة وريادة الأعمال وتضعها في صميم استراتيجيتها ستصمد و تحتل مركز الصدارة.


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
إكسترا: نظرة على الأداء المالي والقطاعات التشغيلية للشركة خلال الربع الأول 2025
شعار الشركة المتحدة للإلكترونيات - إكسترا تأثرت أرباح شركة "إكسترا" عن الربع المماثل من العام الماضي، مع تراجع حصتها من شركة "المتحدة ا