logo
بريطانيا: «الإصلاح» يقض مضاجع «العمّال»

بريطانيا: «الإصلاح» يقض مضاجع «العمّال»

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام

في سباق ماراثون لندن السنوي، يعمل المنظّمون للسباق على تقسيم المتسابقين إلى فئات. الذين منهم ينوون إكمال السباق في 6 ساعات مثلاً، يوضَعون في فئة خاصة بهم، تحت إمرة عدّاء محترف يطلق عليه اسم «عدّاء الوتيرة» تكون مهمته قيادة فريق تلك الفئة من المتسابقين، خلال السباق، إلى خط الوصول في الزمن المطلوب. خبرة العدّاء الوتيري تتمثل في قدرته على ضبط إيقاع الجري، خلال مراحل السباق، بحيث يضمن الوصول بالفريق في الوقت المراد.
هذه الخاصيّة الرياضية لا مكان لها في الماراثونات الانتخابية، إذ يترك المتنافسون لقدراتهم ومواهبهم وحظوظهم أيضاً، من دون حاجة إلى من يضبط إيقاع الجري في كل مرحلة. على عكس ماراثون لندن الرياضي، الماراثون الانتخابي البريطاني الحالي، مثل نظيره الأميركي، مسموح للمتسابق باللجوء إلى الشدّ والرفس والركل.
ماراثون الانتخابات النيابية المقبلة في بريطانيا بدأ مبكراً، هذه المرّة، ولم تكمل الحكومة العمالية الجديدة بعدُ عامها الأول. خط النهاية سيكون في عام 2028. لكن من يتابع ما يُنشر في وسائل الإعلام البريطانية من تقارير وأخبار يظنّ أن الانتخابات النيابية ستُعقد في الأسبوع المقبل، أو الشهر المقبل على أبعد تقدير.
أهم ما يميّز السباق الحالي أن متسابقاً جديداً، دخل على الخط، وتمكّن من خطف الأضواء من المتسابقين السابقين، وأضرم نار المنافسة بتصدُّره السباق. المتسابق الجديد هو حزب الإصلاح بقيادة نايجل فاراج. والذين منّا اطلعوا على سيرة فاراج الذاتية يدركون أنّه يحظى بخبرةٍ لا يستهان بها في سباقات الماراثون، اكتسبها من خلال مشاركته في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكان ضمن الفائزين بالسباق النهائي. إلا أن الجائزة، لسوء حظّه، ذهبت إلى بوريس جونسون.
حزب الإصلاح، بقيادة نايجل فاراج، كان أعظم الفائزين في سباق الانتخابات البلدية الأخيرة. حظي الحزب بعدد 674 مقعداً. ذلك الفوز وضع الحزب على الخريطة السياسية الانتخابية، رغم أن نصيبه من مقاعد البرلمان لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة. أضاف الحزب مقعداً آخر بفوز مرشحه في الانتخابات الثانوية مؤخراً. ومن المفيد الإشارة إلى أن الحزب جاء في المرتبة الثانية بعد حزب العمال في عدد 90 دائرة انتخابية خلال الانتخابات النيابية الأخيرة. وهذا نذير للعماليين؛ لأن فاراج وضعهم نصب عينيه، خاصة في مناطق شمال إنجلترا، حيث صوّت واحد من كل عشرة ناخبين إلى حزب العمال، وفقاً للتقارير. استبيانات الرأي العام تضع حزب فاراج على رأس القائمة بعدد 30 نقطة. آخِر الاستبيانات، في الأسبوع الماضي، وضع رئيس الحكومة السير كير ستارمر أمام نايجل فاراج بعدد 4 نقاط (28-24) في سؤالٍ يتعلق بأيهما الأقدر على إدارة الاقتصاد.
التقارير الإعلامية، في عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، ذكرت أن ستارمر ألغى زيارة إلى ألمانيا للقاء المستشار الألماني، ورئيسة المفوضة الأوروبية لمناقشة الهجرة غير القانونية والحرب الأوكرانية. الهدف من الإلغاء هو التصدي لفاراج لدى عودته من عطلته السنوية، واستئناف نشاطه، بعقد مؤتمر صحافي أعلن خلاله عن برنامج حزبه الاقتصادي. التقارير تتفق في أن إلغاء الزيارة أمر غير مسبوق. بعد الانتهاء من المؤتمر الصحافي، خرج السير ستارمر وألقى خطاباً دحض فيه برنامج حزب الإصلاح الاقتصادي، وشبهه ببرنامج رئيسة الوزراء المحافِظة السابقة ليزا ترس، والكارثة التي سببها لبريطانيا. خلال ذلك الخطاب، ذكر السير ستارمر اسم فاراج 16 مرّة. الأمر الذي دعا الأخير إلى التصريح ساخراً بأنّه يسكن في رأس رئيس الحكومة من دون دفع إيجار!
اللافت للاهتمام غياب المحافظين بشكل ملحوظ. والتقارير الإعلامية تتحدث عن إمكانية لجوء الحزب إلى بوريس جونسون وإحلاله مكان الزعيمة الحالية كيمي بادنوك، بهدف إعادة الزخم الشعبي للحزب. وهو أمر مثير للاستغراب، وفي الوقت نفسه يذكّر بالحالة اليائسة التي وصل إليها الحزب، آخذين في الاعتبار الفضائح الكثيرة التي لازمت بوريس جونسون، وأفضت بنواب الحزب إلى التخلص منه.
العماليون في وضعية غير مريحة انتخابياً، رغم أغلبيتهم البرلمانية التي تصل إلى 165 مقعداً. فهم، من جهة، لا يستطيعون تجاهل التهديد الذي يشكله فاراج وحزبه، خاصة في دوائرهم بشمال إنجلترا، ويشعرون بأن المعركة الانتخابية ستكون بينهم وبينه، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، وجد العماليون أنفسهم في سباق مع الزمن بغرض استعادة ثقة الناخبين، من خلال العمل على تحقيق وعودهم الانتخابية. وهم ما زالوا يمتلكون كثيراً من الأوراق في أيديهم. ذلك أن وجودهم في الحكم يمنحهم ميزة التحكم في الأجندة السياسية، وتوجيهها. وعلى أملِ أن تواتي مراكبهم الرياح المواتية خلال الشهور المقبلة. ورغم انتهازية فاراج ودوغمائيته، فإنّ مهاراته الحسابية محدودة. وما قدّمه مؤخراً من برنامج اقتصادي للحزب يؤكد ذلك. إذ يرى خبراء الاقتصاد أنّه غير ممكن التحقق، ويقود إلى كارثة اقتصادية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوروبا تختار 13 مشروعًا جديدًا للمواد الخام لتقليل الاعتماد على الصين
أوروبا تختار 13 مشروعًا جديدًا للمواد الخام لتقليل الاعتماد على الصين

العربية

timeمنذ 28 دقائق

  • العربية

أوروبا تختار 13 مشروعًا جديدًا للمواد الخام لتقليل الاعتماد على الصين

أعلنت المفوضية الأوروبية عن 13 مشروعًا جديدًا للمواد الخام الأساسية خارج الاتحاد الأوروبي، بهدف زيادة إمداداتها من المعادن والعناصر الأساسية وتقليل الاعتماد على الصين. وتأتي تلك الخطوة ضمن قانون المواد الخام الأساسية المتفق عليه عام 2023، والذي يهدف بموجبه الاتحاد إلى استخراج 10% ومعالجة 40% وإعادة تدوير 25% من احتياجاته بحلول عام 2030. وستركز معظم المشاريع الجديدة على المواد الأساسية لبطاريات السيارات الكهربائية والتخزين، مثل الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والجرافيت، إضافة إلى العناصر المستخدمة في إنتاج المغناطيسات. وتقع هذه المشاريع في بريطانيا، وكندا، وغرينلاند، وكازاخستان، والنرويج، وصربيا، وأوكرانيا، وزامبيا، والبرازيل، وفرنسا. وقدّر الاتحاد الأوروبي حاجة المشاريع الجديدة إلى استثمارات بنحو 6.3 مليار دولار للبدء، وبذلك يصل إجمالي عدد المشاريع الاستراتيجية الأوروبية إلى 60 مشروعًا. ويأتي القرار بعد فرض الصين قيودًا في شهر أبريل الماضي على تصدير المعادن النادرة لصناعة المغناطيسات، إلى حين الحصول على تراخيص جديدة. وتسيطر الصين على أكثر من 90% من الطاقة الإنتاجية العالمية للمغناطيسات، التي تدخل في كافة الصناعات، من المركبات والطائرات إلى الأجهزة المنزلية وغير ذلك. كما تُعد بكين المورد الرئيسي للعديد من المدخلات الرئيسية للطاقة المتجددة، وخاصةً المعادن النادرة والبطاريات والألواح الشمسية.

كيف قفز سهم Rolls-Royce بنسبة 600% في عامين؟
كيف قفز سهم Rolls-Royce بنسبة 600% في عامين؟

الرجل

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرجل

كيف قفز سهم Rolls-Royce بنسبة 600% في عامين؟

في مقابلة مع Financial Times كشف توفان إرجينبيلجيتش، الرئيس التنفيذي لشركة Rolls-Royce، عن ملامح خطة تحوّل جذرية قادها بنفسه منذ تولّيه المنصب قبل عامين فقط، ساهمت في رفع قيمة سهم الشركة بنسبة 600%، وزيادة رأسمالها السوقي بما يفوق 70 مليار دولار، وتجاوز أهداف الأرباح المحددة قبل عامين من موعدها. من منصة مشتعلة إلى قصة نجاح حين تولّى إرجينبيلجيتش منصبه عام 2023، وصف وضع الشركة بأنه "منصة مشتعلة"، في إشارة صريحة إلى الخسائر المتراكمة وتراجع القيمة الاستثمارية. وكان هذا التحذير بمثابة صدمة أولى لموظفي الشركة الذين يبلغ عددهم 42 ألفًا، وأطلق من خلاله أول ركيزة في خطة التحوّل: مواجهة الواقع دون تجميل. ورغم أن Rolls-Royce تُعد من كبرى الشركات المصنعة لمحركات الطائرات التجارية والعسكرية، وكانت شريكًا أساسيًا لكل من Airbus وBoeing، إلا أن تبعات جائحة كورونا والعقود الخاسرة أوصلت الشركة إلى أدنى مستوياتها السوقية. إعادة هيكلة تبدأ من الداخل الركيزة الثانية في خطة الرئيس التنفيذي تمثّلت في اتخاذ خطوات حاسمة، شملت الاستغناء عن 2,500 موظف من مديري الفئات المتوسطة في عام 2023، بالتوازي مع عقد ورش عمل شارك فيها 500 موظف لتقديم أفكار تطويرية من داخل الشركة نفسها. أما الركيزة الثالثة فركزت على الأهداف، حيث وضعت الشركة 17 مؤشرًا رئيسيًا للأداء، أبرزها زيادة عدد ساعات تشغيل المحركات على أجنحة الطائرات بدلاً من فقدانها داخل الورش بسبب الأعطال والصيانة. الركيزة الرابعة كانت السرعة، فقد شدّد إرجينبيلجيتش على ضرورة تنفيذ الأهداف "بإيقاع حثيث وكثافة عالية"، مشيرًا إلى أن "أي استراتيجية لا يمكن تمريرها بوضوح إلى 42,000 موظف، لن يتم تنفيذها فعليًا". هذا النهج الإداري دفعه أيضًا إلى تبنّي أساليب إدارية تفاعلية وشفافة، تجمع بين إشراك الموظفين والتخلي عن التعقيد البيروقراطي.

بريطانيا تتوعد إسرائيل بعقوبات بسبب حربها على غزة
بريطانيا تتوعد إسرائيل بعقوبات بسبب حربها على غزة

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

بريطانيا تتوعد إسرائيل بعقوبات بسبب حربها على غزة

دعت الحكومة البريطانية، اليوم (الأربعاء)، إلى إجراء «تحقيق فوري ومستقل» في سلسلة من الحوادث القاتلة قرب مواقع توزيع المساعدات في قطاع غزة هذا الأسبوع. وقال وزير شؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر إن سقوط فلسطينيين قتلى أثناء سعيهم للحصول على الطعام «أمرٌ مقلق للغاية»، ووصف الإجراءات الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات بأنها «لا تراعي أبسط المبادئ الإنسانية». وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال في وقت سابق من اليوم إن بلاده تُعارض بشدةٍ الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة، مشيراً إلى أن المملكة المتحدة ستواصل النظر في اتخاذ مزيد من التدابير؛ بما فيها العقوبات. ونقلت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية عن ستارمر قوله: «الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة مروِّعة، وهي، في رأيي، غير مقبولة ولها نتائج عكسية. وقد عارضنا بشدة توسيع العمليات العسكرية وأعمال عنف المستوطنين ومنع وصول المساعدات الإنسانية». وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة علّقت المحادثات بخصوص اتفاقية للتجارة الحرة مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية. وتابع: «سنواصل النظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات مع حلفائنا، بما في ذلك فرض عقوبات». يأتي ذلك بعدما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً حِيال تل أبيب، ما لم يتحسن الوضع الإنساني في قطاع غزة، وعَدَّ، في تصريحات، الجمعة، أن الغرب يُخاطر «بفقدان كل مصداقيته أمام العالم»، إذا «تخلّى عن غزة وسمح لإسرائيل بأن تفعل ما تشاء». وقال ماكرون حينها: «من الواضح جداً، اليوم، أنه لا يمكننا أن نسمح باستمرار هذا الوضع»، مضيفاً أن «الحظر المفروض على المساعدات الإنسانية يؤدي إلى وضعٍ لا يمكن تحمُّله على الأرض». كانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد قالت إن 27 فلسطينياً قُتلوا وهم ينتظرون المساعدات في المنطقة المخصّصة لتوزيعها بمحافظة رفح، فجر أمس الثلاثاء، بالإضافة إلى أكثر من 90 مصاباً؛ بينهم حالات خطيرة. وأصدر الجيش الإسرائيلي بياناً قال إنه أطلق طلقات تحذيرية بالقرب من مركز توزيع المساعدات. وأشار إلى أنه على علم بتقارير عن وقوع إصابات، وأنه يحقق في الأمر. ووفقاً لأحدث إحصاءات وزارة الصحة في غزة، ارتفع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 54607 قتلى، إلى جانب 125341 مصاباً، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store