logo
ظهور مرتقب بالصوت والصورة للمرة الأولى لقائد "أولي البأس" في سوريا وسط توسع تحالفات الفصائل المسلحة

ظهور مرتقب بالصوت والصورة للمرة الأولى لقائد "أولي البأس" في سوريا وسط توسع تحالفات الفصائل المسلحة

القدس العربي منذ 2 أيام
مقاتل تابع للسلطات السورية الجديدة في الصنمين وسط اشتباكات في 5 مارس 2025. ا ف ب
لندن- 'القدس العربي': قالت صحيفة 'النهار' اللبنانية، نقلاً عن مصادر، إن أبو جهاد رضا، القائد العام لـ 'المقاومة الإسلامية في سوريا' 'أولي البأس'، سيلقي، خلال الساعات القادمة، خطاباً مصوراً، وذلك للمرة الأولى، بعد أن ظلت صورته وهويته مجهولتين طوال الأشهر الماضية.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن الإعداد للخطاب يأتي بعد اكتمال انضمام مجموعات المقاومة المختلفة في سوريا إلى 'أولي البأس' لتشكل كياناً موحداً.
ورجحت المصادر أن يرتدي أبو جهاد لثاماً على وجهه لسببين: الأول، وجود تيار داخل 'أولي البأس' يرفض الكشف عن هوية القائد؛ والثاني، بسبب وجود آثار إصابة في وجهه لم تندمل بعد.
ووفقاً لذات المصادر، فإن أبا جهاد تعرض لإصابة في ريف درعا نتيجة إحدى الغارات التي نفذتها إسرائيل قبل نحو أسبوعين، في سياق الرد على أحداث السويداء الأخيرة، والتي شملت مناطق في السويداء ودرعا.
وأشارت الصحيفة إلى أن 'المقاومة الوطنية في الجولان المحتل'، وهي جماعة كانت تعمل تحت إشراف 'حزب الله' و'الحرس الثوري الإيراني'، أعلنت اليوم انضمامها إلى 'أولي البأس'.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت مجموعة مسلحة من الساحل السوري تحمل اسم 'المقاومة الشعبية في سوريا' انضمامها أيضاً إلى التشكيل الموحد.
ومن المتوقع، بحسب المصادر، أن يُعلن خلال الأيام القليلة المقبلة انضمام 'المقاومة الوطنية في لواء إسكندرون' إلى جماعة 'أولي البأس'، مشيرة إلى أن علي كيالي هو من يقود هذه المقاومة، وهو من سيصدر بيان الانضمام.
والاسم الحقيقي لعلي كيالي هو معراج أورال، وهو قائد 'المقاومة الشعبية في لواء إسكندرون'، وكان له دور في القتال إلى جانب قوات النظام السوري السابق.
وجاء في بيان مشترك صادر عن 'أولي البأس' و'مقاومة الجولان'، بحسب الصحيفة، أن هذا التوحد يعد 'خطوة مفصلية لمستقبل الصراع في المنطقة'، حيث أعلنت 'جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا' (أولي البأس)، و'الجبهة الوطنية لتحرير الجولان' عن تشكيل جبهة عمل مشتركة وتوحيد الصفوف تحت راية المقاومة، لمواجهة ما وصفوه بـ 'التحديات الكبرى التي تمر بها البلاد'.
وأكد البيان أن هذا التوحد يأتي 'وفاءً لدماء الشهداء، وإيماناً عميقاً بالثوابت الوطنية، وإدراكاً لخطورة المرحلة الحالية التي تشهد تآمراً دولياً وعدواناً داخلياً يستهدف هوية سوريا ووحدة أرضها'.
واختتم البيان بتجديد العهد 'أمام الله وأمام الشعب بعدم التهاون أو التفريط'، مؤكدين أن 'القرار محسوم والمعركة مستمرة حتى تحرير الأرض وعودة الكرامة'.
ومن المتوقع، وفق الصحيفة، أن يتضمن خطاب أبو جهاد رضا ثلاثة محاور رئيسية: سردية 'أولي البأس' لوقائع سقوط النظام السابق، وتفنيد المخطط الدولي المرسوم لسوريا، ومن يقف خلفه، والتأكيد على ضرورة إحياء المقاومة السورية لمواجهة المشروع الإقليمي والدولي الجاري تنفيذه في المنطقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل
سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

سورية الجديدة.. بين ثقل الماضي وأفق المستقبل

ورثت القيادة السورية الجديدة وطناً منهكاً، جريحاً، تغمره الخرائب، ويثقل صدره دخان عقودٍ من الاستبداد و الفساد . لم يكن الاستبداد مجرّد نظام حكم، بل علّةً مزمنة نخرت في عظام الدولة، وأتت على أعصاب المجتمع ، حتى بات الجسد السوري يتآكل في صمت موجِع. واليوم، مع بزوغ فجر جديد، تجد الدولة السورية الناشئة نفسها أمام تحديات جسيمة، داخلية وخارجية، تتطلب وعياً جماعياً، وحكمة في القيادة، وصبراً في البناء. فعلى الصعيد الداخلي، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة، وترميم الثقة بين المواطن والحكم، وإنعاش الاقتصاد الوطني المنهك من جراء سنوات عجاف من الحرب والعقوبات، وتحريك عجلة الإنتاج باتجاه الاكتفاء والاستقرار. ولم تكن هذه التحديات داخلية فقط، بل تطوق الدولة كذلك قوى خارجة عن القانون، متصلة بأجندات خارجية، لا هدف لها سوى زعزعة الأمن، وضرب وحدة البلاد، وإفشال المرحلة الانتقالية، في محاولة يائسة لبعث الفوضى من جديد. من رحم المعاناة يولد الأمل ورغم كل ما سبق، فإنّ سورية الجديدة تقف على أعتاب مستقبل واعد. فالأرض التي صبرت طويلاً، واحتملت ما لا يُحتمل، باتت اليوم مهيّأة للنهوض من جديد، وفتح أبواب الاستثمار والإعمار، وبناء جسور التنمية والازدهار. ولأنّ الرفاه لا يتحقّق دون أمن، فإن الأمن يظل الركيزة الأولى لبناء الغد. وقد قال الله تعالى: "الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف". فحين يسود الأمان، تزدهر الحياة، ويطمئن الإنسان إلى يومه وغده، ويجد الوطن متسعاً لأحلامه وطموحاته. بين الأمن والحزم: مقولة من التاريخ كما قال الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش، في لحظة كان يؤسس فيها لدولة الأندلس بعد أن فر من القتل وشق طريقه في المنفى: "لا رفاه بغير أمن. ولا أمن بغير حزم. هو السيف لبناء الدولة، وفصل الدم لدواء العلل". لا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن تختصر هذه المقولة فلسفة قيام الدول: فلا تعليم، ولا صحة، ولا استثمار، بلا أمن. ولا أمن بلا حزم وعدالة. ليس المقصود بالقوة هنا القسوة، بل الصرامة في محاسبة من يعبث بالأمن، وردع من يعتاش على آلام الشعب أو يتسلّق على أكتافه. فبناء الدولة لا يتم بالشعارات، بل بالأفعال، وبالقرارات التي قد تكون قاسية أحياناً، لكنها ضرورية للشفاء من علل الماضي وبدء عهد جديد. جناحان لطائر واحد: الأمن والازدهار لا يطير طائر بجناحٍ واحد، كذلك لا تنهض دولة بالأمن وحده دون ازدهار، أو بالازدهار دون أمن. السوريون اليوم لا يريدون فقط أن "يبقوا على قيد الحياة"، بل يتطلعون إلى أن "يعيشوا بكرامة". أن يتعلم أبناؤهم، ويتعالج مرضاهم، ويجد شبابهم عملاً يحفظ كرامتهم ويصون مستقبلهم. وهذا لا يتحقق إلا في ظل بيئة مستقرة، ونظام قانوني عادل، وإدارة كفؤة نزيهة. وهنا يبرز دور الشعب: في المشاركة لا الانسحاب، في النقد البناء لا التحريض، في الرقابة لا الفوضى. فالدولة التي يسندها وعي مواطنيها لا تسقط. فرصة لا تُقدر بثمن الفرص التاريخية لا تأتي كثيراً، وإن جاءت، لا تنتظر طويلًا. وسورية اليوم، في عام 2025، تمر بمرحلة انتقالية دقيقة، تحمل في طياتها إمكانيات عظيمة لبناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً. إنها لحظة نادرة، تتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر المرحلة. ما عاشه السوريون من معاناة، وما قدّموه من تضحيات، يجب أن يكون منطلقاً للبناء والتكافل، لا محطة للتنازع أو التراخي. فنجاح هذه المرحلة لا يتوقف على مؤسسة أو جهة بعينها، بل هو ثمرة تفاعل وطني شامل، تتكامل فيه الأدوار، وتتوحد فيه النيات والجهود. إن الوقوف خلف الدولة السورية الجديدة اليوم هو وقوف مع مصلحة الوطن بأسره، وهو ما يضمن عبور المرحلة الانتقالية بسلام، ويُمهّد الطريق نحو دولة مستقرة، قوية، وراعية لكل أبنائها. الدولة التي نحلم بها تُبنى إنّ الدولة التي ننتظرها لن تهبط من السماء، ولن تُمنح كجائزة، بل تُبنى على أكتاف شعبها، بالحكمة والإرادة، وبالإيمان بأن ما مضى من الألم يجب أن يتحول إلى درس، لا إلى لعنة. في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ سورية، لا مجال للتردد، ولا وقت للتشكيك. كل تراجع عن دعم الدولة الناشئة هو خطوة نحو المجهول، وكل يد تُمدّ للبناء هي لبنة في جدار وطن يليق بتضحيات أبنائه. فلنُغلق أبواب العبث، ونفتح نوافذ الأمل. ولنجعل من هذه المرحلة بداية حقيقية لسورية التي نحلم بها: حرة، عادلة، آمنة، وعزيزة.

الوصفة السحرية للحالة السودانية
الوصفة السحرية للحالة السودانية

العربي الجديد

timeمنذ 16 ساعات

  • العربي الجديد

الوصفة السحرية للحالة السودانية

أوشكَت لقاءاتي مع الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين والأفارقة أن تصبح مملةً من كثرة ما ردّدتُ مطلباً غاية في البساطة، في إطار حواراتنا المتكرّرة في الحالة السودانية، ولما لقيته من إجاباتٍ غير مفيدة، إن لم تكن مخجلة. هذا إن لقيتُ إجابةً. في حال كان الدبلوماسي من المستوى العادي، فإنه يكتفي بهزّ رأسه وتسجيل النقاط في دفتره، أو طرح بعض الأسئلة. أمّا إذا كان من المستوى الرفيع، فإنه يعطي إجاباتٍ أخجل من تردادها (غالباً ما تتصل بدولة معينة من منطقتنا، وحاجتهم إلى مداراتها لأنها تعينهم في حرب غزّة). لا تحتاج النقطة البسيطة التي ظللت أكرّرها إلى اجتراح معجزة أو مخالفة المعهود، بل تتوافق تماماً مع السياسات المُعلَنة لتلك الدول. وتتلخّص في طلب بسيط بالضغط على مليشيا الدعم السريع لوقف ما ترتكبه من انتهاكات وكبائر لا تتوقّف في حقّ المدنيين، وما يتبع ذلك من تخريب للممتلكات العامّة والخاصّة، وإعاقة للإغاثة، وتدمير لأسس الحياة في البلاد. أقول لجليسي (أو جلسائي)، الذي غالباً ما يزورني في المكتب، أو ألتقيه في الفندق الذي يقيم فيه، أو في منزل السفير، يا سعادة كذا وكذا، ألا ترى أن من الخطل طلب الحوار مع منظّمةٍ لا تملك التوقّف عن ارتكاب الانتهاكات التي هي في الحدّ الأدنى جرائم حرب؟ فهي تقتل بلا سبب، وتختطف الأطفال والفتيات والنساء وتمارس في حقّهن أقبح أشكال الاغتصاب وهتك الأعراض. وتشمل انتهاكاتها تدمير محطّات المياه ومصادرها، وتجريف المزارع، وأيضاً ما يمكن تسميته تجريفاً في حقّ الجامعات والمدارس والمستشفيات، ونهب الصيدليات والأسواق وتخريبهما، وتدمير محطّات توليد الكهرباء، وتخريب ونهب وسائط توصيلها من أسلاك وأعمدة ومحوّلات. يهزّ صاحبي (أو صاحبتي) الرأس في صبر، وقد يصرّح (أو تصرّح) بالعلم بهذه المنكرات، فيأتي دوري للتساؤل: أليست مثل هذه الجرائم من الكبائر المحرمات في قوانينكم والقانون الدولي؟ وأليس ارتكابها بصورة روتينية، وعلى مدار الساعة، وفي كلّ مكان وطئته أقدام هذه الجماعة المارقة من الموبقات؟... هزّة رأس أخرى وتصريح بأن حكومته/ ها قد أدانتها، وربّما فرضت عقوبات بشأنها. لا يزال هناك وقت للخروج من المهلكة بإدراك استحالة إدخال مليشيا الدعم السريع في العملية السياسية عندها أضيف نقطتي الأساس، أن الإدانة وحتى العقوبات لا تكفي. وما أرى أنه الأنجع أن توجّه الدولة المعنية رسالةً مباشرةً إلى هذه الفئة الباغية بأن عليها وقف هذه الجرائم فوراً، وبصورة كلّية، وأنه الشرط لقبولها في أيّ مكان في العالم، فضلاً عن أن يسمح لها بأن تكون جزءاً من الحكم في أي بلد. هل تقبلون في بلادكم أو محيطكم التعامل مع عصابات من هذا النوع (في المكسيك أو كولمبيا، أو هايتي مثلاً)؟... هنا نصل إلى نقطة صمت، تأتي بعدها وعود بعمل شيء. وينصرف معظم هؤلاء غير راشدين. ولكن بعض دولهم سرعان ما ترسل شخصاً آخر، خصوصاً إذا وقعت كارثة جديدة، أو لاحت بادرة تغير في الأوضاع، لتطرح الأسئلة نفسها أسئلة أخرى. ولكن السودانيين هم الأوْلى باتخاذ المواقف الحازمة في مثل هذه الأمور، فلم يضلل المليشيا ويجعلها تمضي في غيّها إلا فئة من السودانيين زوّدتها بشعاراتٍ لا معنى لها، مثل "دولة 56" وغيرها من الترّهات، وأماني مثل أنها تقاتل في سبيل الديمقراطية. ولا أريد هنا إضاعة وقتٍ في الحديث عن "الحكومة" الجديدة التي أعلنها "الجنجويد"، إذ إنها جهاز علاقات عامّة فاشل مسبقاً. وقد أنشأوا قبل ذلك "إدارةً مدنيةً" من شخصٍ واحد في منطقة الجزيرة، فلم تفلح حتى في دور علاقات عامّة، ولم يفتح الله عليه حتى بتصريحاتٍ تبرّئ "الجنجويد" من فظائعهم. وكنتُ قد نشرت قبل أيّام تغريدة في "إكس" حول من يُنكر وجود الإبادة في غزّة، جاء فيها أن من يعتقد أنه لا توجد إبادة ومجاعة في غزّة عاطل عن الفهم، وبالتالي، لا يستحقّ أن يتولى أدنى مسؤولية عامّة، خاصّةً في الجامعات. أمّا من يعلم بالإبادة والمجاعة، ولكنّه يدلّس ويخادع، فهو عاطل أخلاقياً، وأقلّ جدارةً بأيّ مسؤولية. وهذه المقولة تنطبق على مناصري "الجنجويد" بحجّة أن الفئة المارقة منخرطة في مشروع إصلاحي في السودان، وأن مجرميها هم أحقّ من يدعم الديمقراطية في البلاد. فمن كان صادقاً فهو أجهل الجهلاء، ومن كان كاذباً فهو أخبث الخبثاء. وبينهم من جمع السوأتَين. يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية في السودان نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها مهما يكن، لا يزال هناك وقت للخروج من هذه المهلكة لمن لديه أدنى حدٍّ من الخُلق، ليدرك استحالة إدخال هذه المليشيا في أيّ جانبٍ من العملية السياسية، بل في أيّ جانبٍ من الحياة في السودان، بقيادتها الحالية وجنودها الملوّثين بهذه الفظائع. فلن يكون هذا الخيار مقبولاً من الغالبية الساحقة من السودانيين، الذين اكتووا بنار انتهاكاتها، وشهدوا تدمير بلادهم وكلّ ما ألفوه، وكلّ ما له قيمة في حياتهم من دراسة وعمل ومسكن وبيئة اجتماعية. هذا طبعاً يتعلّق بالحدّ الأدنى من قبول هذه المليشيا في المجتمع، أمّا مقترح المليشيا وداعميها المتحمّسين (أو المُكرَهين) بأن تكون هي الحاكمة في السودان، أو حتى أيّ جزءٍ منه، فهو أول المستحيلات، وليس ثالثها. يكفي أن أماكن سيطرتها في دارفور لا تزال تشهد أسوأ فظاعاتها من إبادة جماعية وتدمير للحياة، وحصار إجرامي للفاشر ينذر بكبائر أدهى. وأي شخص يصفّق للمليشيا في جريمتها المعتزمة هذه، ويتمنّى نجاحها جدير بأن يبوء بإثمها، ويتحمّل المسؤولية عمّا مضى من جرائم وانتهاكات، وما سيأتي، وأدناها ممّا يلقي كاسبه في سقر. نعود إلى نقطة البداية، وهي المتعلّقة بردع المليشيا عن جرائمها وضلالاتها، عبر مواجهتها بصوتٍ واحدٍ باستنكار جرائمها التي تشبّهها بالطاعون، لم تدخل قريةً إلا وكانت أداة خرابها. وما اجترحته لم تشهده نواحي الأرض حتى في عصر المغول، وكلّ عصور الاستعمار. فكلّ جهة غازية، أو حكومة غاشمة، تسمح للناس بالاستمرار في معاشهم لتستفيد منه. أمّا هذه الجائحة الطاعونية الجنجويدية، فإنها عطّلت الطرقات، ودمّرت المكاتب وأماكن العمل، وأعاقت التجارة والصناعة والزراعة، وفرضت على من بقي الإقامة الجبرية في البيوت. ولم يؤمنهم هذا من الانتهاكات، حتى اضطرّ كلّ من استطاع إلى الفرار. في الجزيرة مثلاً نهبتْ مخزون الطعام في البيوت، بل كانت من جهلها وخطلها، تدخل المنازل في نهار رمضان، فتأخذ ما أعدّته الأسر للإفطار في الشهر الكريم، بدعوى أنهم أولى بالإفطار، كأنّ الصوم عن الطعام أولى بالصوم عن القتل والنهب وانتهاك حرمات المؤمنين. زادوا فنهبوا ما أعدّه الناس من بذور وأدوات للزراعة، كما نهبوا كلّ الدواب والأنعام والسيارات والجرّارات، فاستحال البقاء لانعدام الطعام والعجز عن الزراعة، وقد وجد من عادوا إلى قراهم بعد أن حرّرها الجيش أن الحشائش قد غطّت المنازل بسبب غياب الحيوانات التي كانت تتغذّى منها، والناس الذين كانوا يعالجونها بالقطع. توجّه أفريقي ودولي (وعربي؟) موحّد باتجاه التخلّص من "الدعم السريع" باعتباره مفتاح الحلّ في السودان وقد كتبت في مقال سابق في "العربي الجديد" عن دهشتي لاستمرار هذه العدوانية، حتى في مناطق دارفور التي يعتبرونها "حاضنتهم" وديارهم (استمعتُ إلى أحد القيادات القَبلية يستنكر قيام هؤلاء (في تسجيل مصوّر جادّاً غير هازل) بممارسة النهب والاقتتال فيما بينهم، ممّا قد يوردهم قاع جهنم، داعياً إياهم بدلاً من ذلك إلى النهب في مناطق أخرى، مثل الخرطوم وغيرها، ولكنّهم، بخلاف حسن الظنّ مارسوا في نيالا (وغيرها) ما اعتادوا من النهب وهتك الأعراض وحرق الأسواق، وزادوا بحرق وتدمير المباني التي نهبوها، خاصّة الجامعات، ممّا يعني أنه لا يوجد في هذه الفئة رجل رشيد، أو قائد له ذرّة عقل، ينهاهم على الأقلّ عن تدمير ما نهبوا. ونحن نتمنّى (ولا نتوقّع) أن يكون في أولياء هذه الفئة المارقة من "سياسيين" و"مثقّفين" عقلاء يذكّرونهم بأن مثل هذه العقلية التدميرية هادمة للعمران، وغير مؤهّلة لهم للقبول في أيّ مجتمع قديم ولا حديث، فضلاً عن أن تكون هي الطريق للديمقراطية المزعومة في السودان، ولا غيره. ونرجو أن تكون فيهم بعض الشجاعة (وهم في المنافي البعيدة التي لا تطاولها يد البريرية هذه) لينبّهوا قيادات هذه العصابات إلى أن مثل هذا السلوك مهلك لهم قبل غيرهم. فهم كالجراد، ما حلّ بزرع إلا أهلكه، ممّا يضطرهم باستمرار إلى التحرّك إلى حقل آخر يتركونه خراباً يباباً. ولكني غير متفائل (للأسف!) بعودة الوعي إلى غالب هؤلاء، فقد قرأت لأحد قادتهم إشادةً بالمليشيا، زاعماً أنها منحت "الثوار" الحماية. وهو يعلم (كما نعلم ويعلم العالم كلّه) أن المليشيا هي مَن فضّ الاعتصام، وكان هو ورهطه يتفاوضون مع قادتها على الحصانة من الملاحقة في هذا الأمر، إذا انحازت إلى صفّهم ضدّ الجيش. ولكن التفاؤل يأتي من أن هذا الكيان الوحشي هو ذاتي التدمير، وسينقرض ومَن راهن عليه رهاناً سياسياً خاسراً. كفى أننا نرى أن الكيانات السياسية المفلسة سياسياً وأخلاقياً قد بدّدت كلّ ما كان لها من دريهمات الرصيد في الانحياز لها، وهو انحياز كانت تنكره عندما كان لا يزال لها قليل من الحياء، ونزر من الميكيافيلية. وما نراه اليوم من مجاهرة بهذا الإثم/ الفضيحة ما هو إلا عملية انتحارية لمن يئس من كلّ خير. ومع ما يبدو أنه استحالة أن تطهّر المليشيا الإجرامية نفسها من آثامها، فإننا نشهد توجّهاً أفريقياً ودولياً (وعربياً؟) موحّداً باتجاه التخلّص منها، باعتباره مفتاح الحلّ في السودان. ما أرجوه هو أن يتحقّق ما ظللنا ندعو أليه من إرسال رسالة جماعية للمليشيا (وخدّامها) بالتخلّي عن النهج الانتحاري المضرّ بهم وبالبلاد، وإن كان انتحارهم لا يسوؤني إطلاقاً.

صحيفة إسرائيلية.. مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق: لم يعد لهذه الحرب أهداف أمنية
صحيفة إسرائيلية.. مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق: لم يعد لهذه الحرب أهداف أمنية

القدس العربي

timeمنذ يوم واحد

  • القدس العربي

صحيفة إسرائيلية.. مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق: لم يعد لهذه الحرب أهداف أمنية

احتفظت بصور المخطوفين الأمريكيين الذين احتجزتهم حماس على طاولتي في البيت الأبيض. عرفت أسماءهم وقصصهم وكذا عرفت عائلاتهم. كانت شجاعتهم بعثاً للإلهام، وكذا من ألمهم وغضبهم. أكثر من 600 يوم مرت منذ مذبحة 7 أكتوبر، ولا نهاية للحزن – الحزن على الضحايا، على المخطوفين وعلى عائلاتهم، وكذا الحزن على المواطنين الفلسطينيين الذين يقتلون ويعانون في حرب غزة. عندما انتهت ولايتي في البيت الأبيض في كانون الثاني كان لنا أمل في ظل كل المأساة. نجحنا في إحلال وقف نار على أساس إطار عرضه الرئيس بايدن في أيار، وتحرر في أعقابه 30 مخطوفاً، وتقررت جداول زمنية واضحة لاتصالات تحول وقف النار إلى إنهاء الحرب وإعادة كل المخطوفين. إسرائيل دمرت منظومات حماس العسكرية، وصفت زعمائها في غزة، وتصدت بدعم من الولايات المتحدة لتهديدات إقليمية. عندما انهار وقف النار، استؤنف القتال وتوقفت المفاوضات. توجهت، في هذه المرحلة كمواطن خاص، إلى محافل في حكومة إسرائيل. أما الآن فبودي أن أتوجه إليكم – مواطني إسرائيل، إلى الجمهور الذي عانى وقاتل، الذي يتصدى لنقد دولي متزايد وأغلبيته الساحقة تريد إنهاء الحرب. على زعمائكم وضع مقترح جديد لإعادة كل المخطوفين إلى الديار مقابل وقف نار دائم – إنهاء تام للقتال. اسمحوا لي أن أشرح. اليوم، إسرائيل قوية، وأعداؤها ضعفاء. لكن إسرائيل لم تترجم إنجازاتها العسكرية إلى استراتيجية تضمن أمناً بعيد المدى لمواطنيها. الزعماء الإسرائيليون يتطلعون لخوض حرب بلا نهاية، تجلب إنجازات عملياتية طفيفة، تكاد لا ترى، بثمن كارثة إنسانية متواصلة وتقتيل رهيب لفلسطينيين أبرياء. العزلة الدولة لإسرائيل تتسع، وتتعمق وتتعزز – والأمر يمس بأمنها وبرفاهها على المدى البعيد. إضافة إلى ذلك، استمرار القرار يمنع أي إمكانية لرؤية إيجابية من الاستقرار والتطبيع الإقليمي. في ضوء كل هذا، يجب أن يتسع الهدف الإسرائيلي في المفاوضات إلى ما يتجاوز وقف نار من 60 يوماً فقط، وأن يتضمن مقترحاً جريئاً وفورياً: إنهاء الحرب، مقابل إعادة سريعة لكل المخطوفين الأحياء والأموات. بلا جدالات إضافية عن مراحل، وبلا تصريحات علنية أخرى لوزراء إسرائيليين يعلنون استئناف الحرب بعد شهرين. في هذا المقترح، حماس تمنح السيطرة الإدارية في غزة لجسم فلسطيني مدعوم من دول المنطقة. والأسرة الدولية تساعد في مهمة عظيمة لإعمار غزة. هل ستوافق حماس على مثل هذه الصفقة؟ أعتقد أنها ستكون ملزمة، وبخاصة إذا ما جندت الولايات المتحدة العالم لدعم ذلك وممارسة ضغط عليها. ثمة من سيقول: لكن لا يزال هناك مقاتلون من حماس في غزة. وقف النار في جنوب لبنان أثبت أن إسرائيل قد تشعر بأمان حتى دون أن تقتل كل مخربي حزب الله – هدف عسكري غير قابل للتحقق على أي حال. إسرائيل يمكنها أن تتصرف بالشكل ذاته حيال حماس في غزة أيضاً. آخرون سيقولون: لكن حماس ستتسلح من جديد. هنا أيضاً، الاستراتيجية التي تنفذها إسرائيل الآن في لبنان – أعمال لغرض منع نقل السلاح إلى حزب الله – يمكن أن تنفذ في غزة أيضاً. عملياً، إسرائيل في موقف أفضل لمنع إعادة تسليح حماس لأن لها تحكماً أوسع بكثير على حدود غزة مما على حدود لبنان. فضلاً عن ذلك، يمكن لإسرائيل أن تعمل على بلورة استراتيجية دبلوماسية مع الدول العربية التي دعت لأول مرة إلى نزع سلاح حماس. أنا على علم تام بتحديات غير مسبوقة تتصدى لها إسرائيل في غزة، لكن بديل إنهاء الحرب هو مواصلة حرب لا نهاية لها، بثمن أخلاقي واستراتيجي باهظ لإسرائيل، دون إنجاز حقيقي باستثناء الهدف المنكر وغير المقبول لليمين المتطرف: تدمير تام لغزة وتقليص سكانها لإقامة مستوطنات بدلاً منهم. على إسرائيل أن تبدي بأن هذا ليس الاتجاه الذي تسعى إليه. وإلا فإنها سترى أصدقاءها يصبحون منتقديها. أعرف أن إسرائيل لم تختر هذه الحرب. حماس هي التي انقضت على الجدار، ونفذت مذبحة وحشية بعائلات بريئة، واعتدت جنسياً على النساء، واختطفت مئات الأشخاص، وبعدها فرت عائدة إلى غزة كي تختبئ وتقاتل من خلف المدنيين. اضطرت إسرائيل لان تتصدى لتحدٍ غير مسبوق – أن تقاتل مخربين اختلطوا بسكان أبرياء ويعملون من منظومة أنفاق هائلة تمر من تحت مبان مدنية. لكن التعقيدات التي تتصدى لها إسرائيل في ميدان المعركة هذا لا تبرر الواقع الصادم الذي يتضور فيه أبرياء جوعاً. لا شيء يبرر هذا. استمرار الحرب يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. أنا على اتصال مع مسؤولين إسرائيليين كبار حول معاناة عميقة يمر بها الفلسطينيون الأبرياء، ولا سيما الأطفال. في الأشهر الأخيرة، رأينا حصاراً طويلاً على دخول المنتجات الأساسية لكل القطاع. وبعده تنفيذ خطة غير منظمة لتوزيع المساعدات مست بشكل معيب بالمواطنين الفلسطينيين وساهمت بجباية ثمن إنساني رهيب. تدعي المحافل الإسرائيلية بأن هذا ليس مسؤوليتهم – إن الشاحنات تدخل إلى غزة، لكن الأمم المتحدة أو حماس مذنبون في عدم توزيع المساعدات. لكن الحقيقة أن إسرائيل هي التي تسيطر عسكرياً في غزة، وبالتالي تلقى عليها مسؤولية خلق الظروف التي تسمح لرجال المساعدات الإنسانية المهنيين بتوزيع الإغاثة لمواطني غزة بشكل آمن. الخطوات الأخيرة، مثل الهدن الإنسانية، هي خطوات في الاتجاه الصحيح. لكن المقياس الوحيد المهم هنا ليس الجهد – بل النتيجة. إذا لم تصل المساعدات لمن يحتاجها، فعلى إسرائيل إيجاد السبيل لإيصالها. عندما تقرر إسرائيل حل مهمة خطيرة ومعقدة، تثبت قدرتها على عمل ذلك. 'هذا ببساطة صعب للغاية' ليست بجملة تصدر عن زعماء إسرائيليين في أمر يهمهم. ولا يعد هذا رداً مقبولاً على هذه الأزمة الإنسانية. جذر المشكلة، بالطبع، هو استمرار الحرب. المعاناة لن تنتهي ما لم تنته الحرب. ومرة أخرى: لم يعد لهذه الحرب أهداف ترمي إلى حماية أمن إسرائيل. وعليه، فإني أدعو إلى تغيير نهج إسرائيل، وإنهاء تام للحرب، وإعادة كل المخطوفين. أتذكر كيف حصل في زيارتي الأولى لإسرائيل كمستشار أمن قومي للولايات المتحدة، أن امتدت لقاءاتي مع المسؤولين الإسرائيليين إلى أكثر مما كان متوقعاً. كان هذا في 'الحانوكا'، وعندما حل المساء أشعلنا معاً شموع الشمعدان. في تلك اللحظات، على ضوء الشموع، لم يشعر الكثيرون بمسافة آلاف الكيلومترات بين واشنطن والقدس. دولتانا ديمقراطيتان مصممتان وتعجان بالحياة. نتجادل، لكننا قادرون على إصلاح طريقنا. ونتحدث معاً بصراحة، بصدق، كأصدقاء حقيقيين. بهذه الروح أكتب هذه الأقوال. جاك سوليفان يديعوت أحرونوت 1/8/2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store