logo
عميد البحوث الطبية والإكلينيكية بالقومي للبحوث لـ "الفجر": التشخيص المبكر طوق نجاة لأطفالنا من الأمراض الوراثية

عميد البحوث الطبية والإكلينيكية بالقومي للبحوث لـ "الفجر": التشخيص المبكر طوق نجاة لأطفالنا من الأمراض الوراثية

بوابة الفجرمنذ يوم واحد
في ظل توجهات الدولة المصرية لتعزيز مفهوم الوقاية الصحية، وتمكين الأسر من التعامل المبكر مع الأمراض الجينية، تأتي
المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لدى الأطفال حديثي الولادة
، لتُحدث فارقًا حقيقيًا في حياة الآلاف من الأسر المصرية. المبادرة لا تستهدف فقط اكتشاف 19 مرضًا وراثيًا لدى المواليد، بل تسعى إلى بناء قاعدة بيانات صحية دقيقة، تُساعد في تقديم رعاية صحية نوعية للأجيال القادمة.
ولفهم أعمق لأهمية هذه المبادرة، وسبل تشخيص الأمراض الوراثية مبكرًا، والتحديات التي تواجه الأسرة المصرية في هذا الملف الحساس، كان لنا هذا الحوار مع
الدكتورة عبير محمد نور الدين
،
عميد معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث
، والتي تحدثت باستفاضة حول الأبعاد العلمية والصحية والاجتماعية للمبادرة، ودور المركز القومي في دعمها.
بدايةً دكتورة عبير، كيف ترون أهمية المبادرة الرئاسية الخاصة بالكشف الأمراض الوراثية؟
المبادرة الرئاسية للكشف الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الولادة هي خطوة تاريخية في المجال الصحي بمصر. التشخيص المبكر (Early Diagnosis) يمثل عنصرًا أساسيًا في منع المضاعفات وتوفير مستقبل صحي شبه طبيعي للأطفال المصابين بأمراض وراثية. فبدلًا من أن نصل إلى مرحلة العلاج المتأخر أو مواجهة الإعاقات الدائمة، نحن نبدأ من حيث يجب أن نبدأ: من لحظة الولادة، بل أحيانًا قبلها.
ما أبرز الأمراض التي تستهدفها المبادرة حاليًا؟ وهل العدد كافٍ من وجهة نظركم؟
المبادرة تستهدف حتى الآن نحو
19 مرضًا وراثيًا
، من بينها أمراض استقلابية (Metabolic Disorders) وأمراض الغدة الدرقية الخلقية (Congenital Hypothyroidism)، والفينيل كيتونيوريا (Phenylketonuria)، وغيرها. وهذه الأمراض تم اختيارها لأنها قابلة للتشخيص المبكر، ويتبعها
Intervention Protocol
واضح يمكن أن يغيّر مجرى حياة الطفل بالكامل.
لكن الحقيقة أن الأمراض الوراثية كثيرة جدًا، وزي ما بنقول "19 هو مجرد البداية". نأمل أن تتوسع المبادرة تدريجيًا لتشمل عددًا أكبر، خاصة مع التقدم في أدوات الـ Genetic Screening.
هل هناك علاقة بين انتشار الأمراض الوراثية وزواج الأقارب؟
نعم، علاقة واضحة جدًا.
Consanguineous Marriage
أو زواج الأقارب من الأسباب الرئيسية لزيادة معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية في مصر. حين يتكرر هذا النمط من الزواج عبر الأجيال، تتراكم الطفرات الجينية (Genetic Mutations)، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الإصابة بأمراض نادرة وخطيرة. للأسف في بعض المناطق الريفية والصعيد، زواج الأقارب لا يزال عرفًا مجتمعيًا يصعب تجاوزه، ولهذا التوعية هي الحل الجذري.
كيف ترون الوعي المجتمعي حاليًا بشأن خطورة الأمراض الوراثية؟
الوعي لا يزال في بدايته، رغم الجهود المبذولة. زمان، الأمراض الوراثية كانت تُعتبر "تابو" أو من المحظورات، لا أحد يتحدث عنها أو يعترف بوجودها. لكن الآن، بفضل الإعلام والمبادرات الحكومية، أصبح هناك انفتاح نسبي، والأمهات أصبحن أكثر استعدادًا للفحص والتشخيص المبكر. نحن نحتاج إلى مزيد من التثقيف الصحي، ودمج هذا الملف في برامج الصحة المدرسية، والعيادات العامة، وحتى الإعلام المرئي والمسموع.
بعض الأمراض الوراثية تصيب الجهاز العصبي تحديدًا، لماذا تعتبر هذه الفئة الأخطر؟
بالفعل، أمراض الجهاز العصبي (Neurological Genetic Disorders) هي الأخطر لأنها غالبًا ما تؤدي إلى إعاقات دائمة، مثل التخلف العقلي أو الشلل أو ضعف النمو. الجهاز العصبي لا يتجدد بنفس كفاءة أجهزة الجسم الأخرى، وبالتالي أي تلف به يكون شبه دائم. أحد الأمثلة البارزة هو مرض
Congenital Hypothyroidism
، والذي إذا لم يُكتشف خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة يؤدي إلى تأخر ذهني دائم.
لكن الجميل أن هذا المرض تحديدًا يمكن تشخيصه بسهولة من خلال اختبار بسيط يُجرى على نقطة دم من كعب المولود، وهي الخدمة التي أصبحت إجبارية تقريبًا الآن في كل وحدات الصحة.
هل هذه الفحوصات تتم بشكل روتيني في المستشفيات الحكومية؟
نعم، حاليًا هناك
Newborn Screening Protocol
معمول به في معظم مستشفيات وزارة الصحة، حيث يتم أخذ عينة دم من كعب الطفل خلال أول أسبوع من الولادة، ويتم تحليلها لاكتشاف الأمراض الوراثية المستهدفة. وفي حالة وجود شك في نتيجة معينة، يتم إجراء
Confirmatory Test
للتشخيص الدقيق، ثم بدء العلاج حسب البروتوكول المعتمد.
الحمد لله هذه الإجراءات أصبحت مؤسسية، ولم تعد مقتصرة على القطاع الخاص كما كان الحال سابقًا.
هل التطعيمات الروتينية مرتبطة بالأمراض الوراثية أيضًا؟
لا، هناك خلط شائع هنا. التطعيمات الموجودة في شهادة الميلاد (مثل شلل الأطفال والحصبة والدرن) تستهدف
Infectious Diseases
وليس الأمراض الوراثية. الأمراض الوراثية ناتجة عن خلل جيني داخلي، لا علاقة له بالعدوى أو الميكروبات. لذا فإن التطعيم لا يقي منها، لكن الفحص المبكر هو ما ينقذ الطفل من تداعياتها.
متى يجب أن تبدأ الأسرة في التفكير في الفحوصات الوراثية؟
يُفضل أن تبدأ عملية الفحص حتى قبل الزواج. ما يُعرف باسم
Premarital Genetic Counseling
، وهي خدمة يقدمها المركز القومي للبحوث حاليًا. من خلال تحاليل متخصصة، يمكننا اكتشاف إن كان هناك خطر على النسل في حال تم الزواج. وإذا وُجدت احتمالات إصابة، يمكن تقديم نصائح طبية دقيقة أو استخدام تقنيات الإنجاب المساعدة مع فحص الأجنة (
Preimplantation Genetic Diagnosis
).
أيضًا، أثناء الحمل، يمكن إجراء فحوصات على الجنين من خلال تحليل السائل الأمينوسي، أو استخدام اختبارات الدم المتقدمة للكشف تشوهات الكروموسومات.
ما النصائح التي توجهينها للأمهات بشأن هذا الموضوع؟
أهم نصيحة: المعرفة قوة. يجب على كل أم أن تمتلك الحد الأدنى من الثقافة الصحية، خاصة في ما يتعلق بزواج الأقارب، وأهمية المتابعة أثناء الحمل، والولادة في مؤسسات صحية موثوقة. كما أنصح بضرورة التوجه فورًا إلى الوحدات الصحية بعد الولادة لإجراء فحوصات الكشف المبكر، وعدم التهاون في نتائج التحاليل.
وأناشد كل أم، إذا كان لديها طفل ظهرت عليه أعراض غير طبيعية، أن تتوجه مباشرة إلى المراكز المتخصصة مثل المركز القومي للبحوث، فلدينا وحدة متقدمة لفحص الأمراض الوراثية، ونقدم الدعم الكامل.
في ختام هذا اللقاء، ما الرسالة التي توجهينها للأسر المصرية؟
رسالتي بسيطة لكنها حاسمة:
الوقاية خير من العلاج
. والتشخيص المبكر هو مفتاح الوقاية. المبادرة الرئاسية فرصة ذهبية علينا استغلالها لإنقاذ أبنائنا من أمراض قد تبدو صامتة لكنها مدمرة. نحن في المركز القومي للبحوث على استعداد تام لدعم كل أسرة مصرية في هذا الطريق، ونضع العلم في خدمة الإنسان، فالأمل موجود ما دام هناك وعي ومتابعة واستجابة للبرامج الصحية.
يؤكد هذا الحوار أن قضية الأمراض الوراثية لم تعد رفاهية علمية، بل قضية أمن صحي قومي. المبادرة الرئاسية فتحت الباب لمرحلة جديدة من الرعاية الاستباقية، والمراكز البحثية الوطنية مثل المركز القومي للبحوث تلعب دورًا محوريًا في تحويل المعرفة العلمية إلى خدمات صحية تنقذ حياة الأطفال. يبقى الرهان على وعي الأسرة، ودور الإعلام، ومواصلة الدعم المؤسسي لتحقيق الهدف الأكبر:
طفل مصري يتمتع بصحة جيدة وحق مكتمل في الحياة
.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عيادة وراثية بالمركز القومي للبحوث تتصدر الجهود في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية بالمخ
عيادة وراثية بالمركز القومي للبحوث تتصدر الجهود في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية بالمخ

بوابة الفجر

timeمنذ 28 دقائق

  • بوابة الفجر

عيادة وراثية بالمركز القومي للبحوث تتصدر الجهود في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية بالمخ

في إطار الجهود البحثية والعلاجية المتواصلة لتشخيص وعلاج الأمراض الوراثية العصبية، أكدت الدكتورة غادة محمد الحسيني عبد السلام، أستاذ ورئيس قسم الوراثة الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث، أن صغر حجم الرأس والعيوب الخلقية بالمخ يُعدان من أكثر المشكلات شيوعًا في فئة الأمراض الوراثية العصبية، مشيرة إلى أن "صغر حجم الرأس" ليس تشخيصًا نهائيًا بحد ذاته، وإنما مؤشر على قصور في نمو أو تكوين المخ ناتج عن عوامل وراثية أو بيئية متعددة. واضاف الحسيني، في تصريح خاص، إن قياس محيط الرأس يمثل أداة تشخيصية بالغة الأهمية، ويجب رصده بدقة عند الولادة، ثم عبر 3 قياسات متتالية خلال العام الأول من العمر وقياسين بعد السنة الأولى، موضحة أن بعض الحالات التي تم تشخيصها مبكرًا بصغر الرأس قد تتراجع عن هذا التشخيص لاحقًا بعد نمو طبيعي للدماغ، مما يعكس أهمية القياسات المتسلسلة. وشددت على أن صغر حجم الرأس قد يظهر كعيب خلقي منفرد أو ضمن متلازمات وراثية متعددة، وتختلف الأسباب بين تغيرات في الكروموسومات، وخلل في الجينات المتنحية أو السائدة أو المرتبطة بالكروموسوم X، أو نتيجة لاضطرابات في الميتوكوندريا، بالإضافة إلى العوامل البيئية مثل نقص الأكسجين أثناء الحمل، أو التعرض للإشعاع، أو العدوى الفيروسية، أو استخدام العقاقير الضارة. وفيما يتعلق بالتشخيص، أوضحت أن الرنين المغناطيسي للمخ، وفحص قاع العين، ورسم المخ الكهربائي، تُعد أدوات ضرورية لتقييم حالة المريض، كما أن التاريخ الطبي العائلي والجنيني يمثلان خطوة أولى في الوصول إلى السبب الدقيق، خصوصًا في الحالات المنفردة غير المصاحبة لعيوب خلقية أخرى. وأشارت أ.د. غادة إلى أن عيادة صغر حجم الرأس والعيوب الخلقية بالمخ التابعة للمركز القومي للبحوث، تعمل على تقديم الدعم الطبي والوراثي لمرضى هذه الفئة، حيث تستقبل العيادة الحالات يوم الاثنين من كل أسبوع بمركز التميز الطبي بالمركز، وتقدم خدمات تشخيصية متقدمة تشمل التحاليل الوراثية الدقيقة، وفحوصات الكروموسومات، والتمثيل الغذائي، وتحاليل الإنزيمات والمناعة، بالتنسيق مع الأقسام التكميلية بمعهد الوراثة البشرية بالمركز. كما توفر العيادة خدمات الاستشارة الوراثية الدقيقة للعائلات، لتفادي تكرار الإصابة في الأحمال المستقبلية، موضحة أن نسبة تكرار المرض تختلف حسب السبب الوراثي، سواء كان متنحيًا أو سائدًا أو مرتبطًا بالكروموسوم X، أو ناجمًا عن خلل في الكروموسومات أو الميتوكوندريا. وأكدت د. الحسيني أنه لا يوجد علاج مباشر لصغر الرأس، إلا أن التدخل المبكر عبر برامج تنمية المهارات، والعلاج الطبيعي، والدعم النفسي والأسري، إلى جانب العلاجات الدوائية (مثل أدوية التشنجات)، والتغذية العلاجية، قد يسهم بشكل كبير في تحسين جودة حياة الأطفال المصابين. وأشارت إلى أن بعض الحالات تستفيد من التدخل الجراحي في وجود مضاعفات مثل الاستسقاء الدماغي أو التحام مبكر لعظام الجمجمة، لافتة إلى أن التشخيص الدقيق والتدخل المبكر يمثلان ركيزة أساسية لتقليل الإعاقة وتحقيق أفضل نتيجة علاجية ممكنة. جدير بالذكر أن أ.د. غادة الحسيني حاصلة على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الطبية المتقدمة لعام 2009، وجائزة Elsevier TWOWS للباحثات الشابات في مجال العلوم الطبية عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2010، إلى جانب جائزة مؤسسة مصر الخير للنشر العلمي، وشهادات تقدير متتالية من المركز القومي للبحوث عن أعلى معدل نشر في مجلات دولية ذات معامل تأثير مرتفع للأعوام 2014، 2015، 2016. كما ساهمت في تأليف كتاب علمي حول صغر حجم الرأس، وساهمت في تحديث قواعد بيانات عالمية للأمراض الوراثية، فضلًا عن مشاركتها في أكثر من 140 بحثًا علميًا في مجال الوراثة البشرية نُشرت في دوريات دولية مرموقة.

نجوى عبد المجيد: دمج 10% من أطفال مصر ضرورة لتحقيق تنمية شاملة
نجوى عبد المجيد: دمج 10% من أطفال مصر ضرورة لتحقيق تنمية شاملة

بوابة الفجر

timeمنذ 2 ساعات

  • بوابة الفجر

نجوى عبد المجيد: دمج 10% من أطفال مصر ضرورة لتحقيق تنمية شاملة

أكدت الدكتورة نجوى عبد المجيد ، أستاذ الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث ورئيس قسم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، أن الإعاقات الذهنية والنمائية تشكل قضية متعددة الأبعاد في مصر والعالم، إذ تمثل أكثر من 10% من السكان، ولا تقتصر مسؤوليتها على وزارة الصحة فقط، بل تمتد لتشمل وزارات التعليم والتضامن والإعلام والشباب والرياضة، علاوة على الأسر التي تمثل نحو ربع المجتمع. جاء ذلك خلال كلمتها في الصالون العلمي للمركز القومي للبحوث، حيث استعرضت جهود القسم الذي تأسس عام 2002، والذي يُعد أول قسم بحثي من نوعه يهتم ببناء خلفية وراثية وجزيئية للأمراض النمائية لدى الأطفال، من أبرزها: اضطرابات طيف التوحد، متلازمة كروموسوم إكس الهش، صعوبات التعلم، واضطرابات اللغة المرتبطة بالتغيرات الجينية والمخية . وقالت عبد المجيد إن القسم يعمل على دراسة العلاقة بين التغذية والجينات ، بهدف وضع استراتيجيات وقائية للإعاقة، إلى جانب تطوير برامج تأهيل إدراكي ولغوي وحسي-حركي للأطفال المصابين، وتحسين جودة حياتهم عبر التدخلات العلمية المبنية على أحدث الأبحاث العالمية. من أبرز أهداف القسم: دعم صحة الأطفال عبر تطبيقات الأبحاث الجينية الحديثة. التوسع في فهم الأمراض العصبية النمائية مثل فرط الحركة، وصعوبات التعلم. دراسة الصرع عند الأطفال من زاوية جينية. اعتماد تدخلات غذائية داعمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. تحسين اللغة الاستقبالية عبر التأهيل الإدراكي. تطوير التأهيل الحسي والحركي للمصابين. دراسات بحثية بارزة: واستعرضت عبد المجيد بعض نتائج الأبحاث الحديثة، منها: التأثير الإيجابي للرضاعة الطبيعية على تطور الأعصاب لدى حديثي الولادة، حيث تسهم مركبات مثل miRNA في دعم التعبير الجيني العصبي في المراحل الأولى من الطفولة. بحث علمي يوضح فعالية المكملات الغذائية في دعم النمو والتطور لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون والتوحد، خاصة عند دمجها ببرامج تحفيز لغوي. دراسة أشارت إلى وجود ارتباط وثيق بين المواد الكيميائية البيئية —مثل مادة "بيسفينول" المستخدمة في الصناعات البلاستيكية—وحدوث التهابات عصبية مزمنة قد تسهم في تطور اضطراب طيف التوحد. ودعت الدراسة إلى تبني سياسات تقلل من استخدام هذه المواد والحد من تعرض الأطفال لها. وفي سياق متصل، لفتت عبد المجيد إلى التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه أمهات الأطفال المصابين بمتلازمة "كروموسوم إكس الهش"، خاصة أن بعض الأمهات يحملن الطفرة الجينية ذاتها، مما يجعلهن عرضة للاضطرابات النفسية. وأكدت أن هذه الفئة من الأمهات تعاني من تمييز مجتمعي وضغوط مضاعفة، مطالبة بتقديم استشارات وراثية متخصصة لهن، إلى جانب دعم مجتمعي شامل يشمل برامج تأهيل نفسي واجتماعي وتدريب مقدمي الرعاية، بما يُحسن نتائج الرعاية الصحية والنفسية للأطفال وأسرهم. وفي ختام كلمتها، أشارت الدكتورة نجوى عبد المجيد إلى عضويتها بمجلس إدارة الشبكة العربية للتصدي للملوثات الناشئة في الإمارات، حيث تواصل جهودها في ربط البحث العلمي بسياسات وقائية لحماية الطفولة من العوامل الوراثية والبيئية والمجتمعية المعقدة.

عميد البحوث الطبية والإكلينيكية بالقومي للبحوث لـ "الفجر": التشخيص المبكر طوق نجاة لأطفالنا من الأمراض الوراثية
عميد البحوث الطبية والإكلينيكية بالقومي للبحوث لـ "الفجر": التشخيص المبكر طوق نجاة لأطفالنا من الأمراض الوراثية

بوابة الفجر

timeمنذ يوم واحد

  • بوابة الفجر

عميد البحوث الطبية والإكلينيكية بالقومي للبحوث لـ "الفجر": التشخيص المبكر طوق نجاة لأطفالنا من الأمراض الوراثية

في ظل توجهات الدولة المصرية لتعزيز مفهوم الوقاية الصحية، وتمكين الأسر من التعامل المبكر مع الأمراض الجينية، تأتي المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لدى الأطفال حديثي الولادة ، لتُحدث فارقًا حقيقيًا في حياة الآلاف من الأسر المصرية. المبادرة لا تستهدف فقط اكتشاف 19 مرضًا وراثيًا لدى المواليد، بل تسعى إلى بناء قاعدة بيانات صحية دقيقة، تُساعد في تقديم رعاية صحية نوعية للأجيال القادمة. ولفهم أعمق لأهمية هذه المبادرة، وسبل تشخيص الأمراض الوراثية مبكرًا، والتحديات التي تواجه الأسرة المصرية في هذا الملف الحساس، كان لنا هذا الحوار مع الدكتورة عبير محمد نور الدين ، عميد معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث ، والتي تحدثت باستفاضة حول الأبعاد العلمية والصحية والاجتماعية للمبادرة، ودور المركز القومي في دعمها. بدايةً دكتورة عبير، كيف ترون أهمية المبادرة الرئاسية الخاصة بالكشف الأمراض الوراثية؟ المبادرة الرئاسية للكشف الأمراض الوراثية للأطفال حديثي الولادة هي خطوة تاريخية في المجال الصحي بمصر. التشخيص المبكر (Early Diagnosis) يمثل عنصرًا أساسيًا في منع المضاعفات وتوفير مستقبل صحي شبه طبيعي للأطفال المصابين بأمراض وراثية. فبدلًا من أن نصل إلى مرحلة العلاج المتأخر أو مواجهة الإعاقات الدائمة، نحن نبدأ من حيث يجب أن نبدأ: من لحظة الولادة، بل أحيانًا قبلها. ما أبرز الأمراض التي تستهدفها المبادرة حاليًا؟ وهل العدد كافٍ من وجهة نظركم؟ المبادرة تستهدف حتى الآن نحو 19 مرضًا وراثيًا ، من بينها أمراض استقلابية (Metabolic Disorders) وأمراض الغدة الدرقية الخلقية (Congenital Hypothyroidism)، والفينيل كيتونيوريا (Phenylketonuria)، وغيرها. وهذه الأمراض تم اختيارها لأنها قابلة للتشخيص المبكر، ويتبعها Intervention Protocol واضح يمكن أن يغيّر مجرى حياة الطفل بالكامل. لكن الحقيقة أن الأمراض الوراثية كثيرة جدًا، وزي ما بنقول "19 هو مجرد البداية". نأمل أن تتوسع المبادرة تدريجيًا لتشمل عددًا أكبر، خاصة مع التقدم في أدوات الـ Genetic Screening. هل هناك علاقة بين انتشار الأمراض الوراثية وزواج الأقارب؟ نعم، علاقة واضحة جدًا. Consanguineous Marriage أو زواج الأقارب من الأسباب الرئيسية لزيادة معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية في مصر. حين يتكرر هذا النمط من الزواج عبر الأجيال، تتراكم الطفرات الجينية (Genetic Mutations)، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب الإصابة بأمراض نادرة وخطيرة. للأسف في بعض المناطق الريفية والصعيد، زواج الأقارب لا يزال عرفًا مجتمعيًا يصعب تجاوزه، ولهذا التوعية هي الحل الجذري. كيف ترون الوعي المجتمعي حاليًا بشأن خطورة الأمراض الوراثية؟ الوعي لا يزال في بدايته، رغم الجهود المبذولة. زمان، الأمراض الوراثية كانت تُعتبر "تابو" أو من المحظورات، لا أحد يتحدث عنها أو يعترف بوجودها. لكن الآن، بفضل الإعلام والمبادرات الحكومية، أصبح هناك انفتاح نسبي، والأمهات أصبحن أكثر استعدادًا للفحص والتشخيص المبكر. نحن نحتاج إلى مزيد من التثقيف الصحي، ودمج هذا الملف في برامج الصحة المدرسية، والعيادات العامة، وحتى الإعلام المرئي والمسموع. بعض الأمراض الوراثية تصيب الجهاز العصبي تحديدًا، لماذا تعتبر هذه الفئة الأخطر؟ بالفعل، أمراض الجهاز العصبي (Neurological Genetic Disorders) هي الأخطر لأنها غالبًا ما تؤدي إلى إعاقات دائمة، مثل التخلف العقلي أو الشلل أو ضعف النمو. الجهاز العصبي لا يتجدد بنفس كفاءة أجهزة الجسم الأخرى، وبالتالي أي تلف به يكون شبه دائم. أحد الأمثلة البارزة هو مرض Congenital Hypothyroidism ، والذي إذا لم يُكتشف خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة يؤدي إلى تأخر ذهني دائم. لكن الجميل أن هذا المرض تحديدًا يمكن تشخيصه بسهولة من خلال اختبار بسيط يُجرى على نقطة دم من كعب المولود، وهي الخدمة التي أصبحت إجبارية تقريبًا الآن في كل وحدات الصحة. هل هذه الفحوصات تتم بشكل روتيني في المستشفيات الحكومية؟ نعم، حاليًا هناك Newborn Screening Protocol معمول به في معظم مستشفيات وزارة الصحة، حيث يتم أخذ عينة دم من كعب الطفل خلال أول أسبوع من الولادة، ويتم تحليلها لاكتشاف الأمراض الوراثية المستهدفة. وفي حالة وجود شك في نتيجة معينة، يتم إجراء Confirmatory Test للتشخيص الدقيق، ثم بدء العلاج حسب البروتوكول المعتمد. الحمد لله هذه الإجراءات أصبحت مؤسسية، ولم تعد مقتصرة على القطاع الخاص كما كان الحال سابقًا. هل التطعيمات الروتينية مرتبطة بالأمراض الوراثية أيضًا؟ لا، هناك خلط شائع هنا. التطعيمات الموجودة في شهادة الميلاد (مثل شلل الأطفال والحصبة والدرن) تستهدف Infectious Diseases وليس الأمراض الوراثية. الأمراض الوراثية ناتجة عن خلل جيني داخلي، لا علاقة له بالعدوى أو الميكروبات. لذا فإن التطعيم لا يقي منها، لكن الفحص المبكر هو ما ينقذ الطفل من تداعياتها. متى يجب أن تبدأ الأسرة في التفكير في الفحوصات الوراثية؟ يُفضل أن تبدأ عملية الفحص حتى قبل الزواج. ما يُعرف باسم Premarital Genetic Counseling ، وهي خدمة يقدمها المركز القومي للبحوث حاليًا. من خلال تحاليل متخصصة، يمكننا اكتشاف إن كان هناك خطر على النسل في حال تم الزواج. وإذا وُجدت احتمالات إصابة، يمكن تقديم نصائح طبية دقيقة أو استخدام تقنيات الإنجاب المساعدة مع فحص الأجنة ( Preimplantation Genetic Diagnosis ). أيضًا، أثناء الحمل، يمكن إجراء فحوصات على الجنين من خلال تحليل السائل الأمينوسي، أو استخدام اختبارات الدم المتقدمة للكشف تشوهات الكروموسومات. ما النصائح التي توجهينها للأمهات بشأن هذا الموضوع؟ أهم نصيحة: المعرفة قوة. يجب على كل أم أن تمتلك الحد الأدنى من الثقافة الصحية، خاصة في ما يتعلق بزواج الأقارب، وأهمية المتابعة أثناء الحمل، والولادة في مؤسسات صحية موثوقة. كما أنصح بضرورة التوجه فورًا إلى الوحدات الصحية بعد الولادة لإجراء فحوصات الكشف المبكر، وعدم التهاون في نتائج التحاليل. وأناشد كل أم، إذا كان لديها طفل ظهرت عليه أعراض غير طبيعية، أن تتوجه مباشرة إلى المراكز المتخصصة مثل المركز القومي للبحوث، فلدينا وحدة متقدمة لفحص الأمراض الوراثية، ونقدم الدعم الكامل. في ختام هذا اللقاء، ما الرسالة التي توجهينها للأسر المصرية؟ رسالتي بسيطة لكنها حاسمة: الوقاية خير من العلاج . والتشخيص المبكر هو مفتاح الوقاية. المبادرة الرئاسية فرصة ذهبية علينا استغلالها لإنقاذ أبنائنا من أمراض قد تبدو صامتة لكنها مدمرة. نحن في المركز القومي للبحوث على استعداد تام لدعم كل أسرة مصرية في هذا الطريق، ونضع العلم في خدمة الإنسان، فالأمل موجود ما دام هناك وعي ومتابعة واستجابة للبرامج الصحية. يؤكد هذا الحوار أن قضية الأمراض الوراثية لم تعد رفاهية علمية، بل قضية أمن صحي قومي. المبادرة الرئاسية فتحت الباب لمرحلة جديدة من الرعاية الاستباقية، والمراكز البحثية الوطنية مثل المركز القومي للبحوث تلعب دورًا محوريًا في تحويل المعرفة العلمية إلى خدمات صحية تنقذ حياة الأطفال. يبقى الرهان على وعي الأسرة، ودور الإعلام، ومواصلة الدعم المؤسسي لتحقيق الهدف الأكبر: طفل مصري يتمتع بصحة جيدة وحق مكتمل في الحياة .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store