
المساعدات سلاح حرب... إعادة إنتاج جيش لحد في غزّة
منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر (2023)، يعيش قطاع غزّة واحدةً من أعقد المراحل وأقساها في تاريخه، في فترة تشهد ندرة الموارد وارتهانها لجيش الاحتلال، الذي أحكم قبضته على منافذ غزّة، وبات السكّان عاجزين عن توفير ما يُبقيهم في قيد الحياة، في ظلّ اشتداد القصف وملاحقة الموت كلّ تحرّكاتهم وسكناتهم. وإلى جانب هذه المأساة الإنسانية، هناك معركة أخرى في الأرض لا تقلّ أهميةً، لكنّها أقلّ ظهوراً للعامّة؛ هي معركة السيطرة على الموارد وهندسة توزيعها وتهيئة الأرض لزرع جيش محلّي يدير الشؤون المدنية لقطاع غزّة بدعم الاحتلال الإسرائيلي.
تحاول إسرائيل نسج مشروع قديم بثوب جديد، مشروع الوكيل المحلّي، أو "العميل المستتر"، الذي يرتدي قناع الإغاثة، لكنّه في العمق أداة للتحكّم بالوعي الجمعي وتعظيمه قوةً يُسعى منها إلى تفكيك إرادة المقاومة مادّياً ومعنوياً. الجديد في هذه الأمر أن المخطّط يأتي بالتزامن مع خطّة أطلقتها إدارة ترامب لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزّة عبر شركة أميركية خاصّة تُدعى GHF، تتولّى إدارة التوزيع داخل مواقع محصّنة تخدّم نحو مليونَي نازح من خلال أربع مناطق توزيع، تُدار من خارج المؤسّسات الأممية، في محاولة لتجاوز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ودور المؤسّسات الدولية ومؤسّسات المجتمع المدني، وكذلك الوزارات والأجسام الأمنية في غزّة. وقد قوبلت الخطّة بانتقادات واسعة، باعتبارها أداةَ ابتزازٍ سياسي.
لا شيء في السياسة الإسرائيلية يُترَك للمصادفة، فخطّة المساعدات الأميركية، التي بدأ تطبيقها، وبعد تسليم الجندي الأميركي عيدان ألكسندر، لم تكن وليدة ضغوط إنسانية أو أخلاقية، بل جزءا من ترتيبات أميركية إسرائيلية ضمن عملية "مركبات جدعون". وبذلك، تصبح المساعدات أداةً سياسيةً لإعادة إنتاج السيطرة، لا مساراً لتخفيف المعاناة. تستخدم إسرائيل ورقة الغذاء والدواء لا لإغاثة الضحايا، بل لترويضهم، ولإعادة تشكيل البيئة الديمغرافية والسياسية في القطاع بما يتماشى مع أهدافها الأمنية والاستراتيجية، ومحاولة لتجريب واقع جديد من خلال مساعدات مشروطة ومغموسة بإذلال المواطنين، إذ يصبح من يتحكّم في شاحنة الطحين أقوى من حامل البندقية، ومن يملك قائمة المستفيدين أشدَّ تأثيراً من صاحب الشرعية النضالية. وإنتاج مسرحية لتأمين المساعدات من "جهاز مكافحة الإرهاب" برز في السطح فجأة بقيادة أحد قطّاع الطرق، ممّن يحملون تاريخاً أسودَ في قطاع غزّة، في محاولة لتضخيم دورهم وفرضهم رُعاةَ أمن على أهل غزّة. تأتي هذه الخطّة في ظلّ أزمة إنسانية متفاقمة، إذ تُستخدم المساعدات أداة ضغط سياسي وأمني. إذ تفيد بيانات لمنظّمات إغاثية بأن 83% من المساعدات الغذائية المطلوبة لا تصل إلى غزّة، ما أدّى إلى تقليص الوجبات اليومية للسكّان إلى وجبة واحدة كلّ يومَين، مع حاجة 93% من سكّان قطاع غزّة إلى العلاج من سوء التغذية، كما أشار تقرير لمنظمة أوكسفام إلى أن 2% فقط من الغذاء المعتاد دخل غزّة منذ 7 أكتوبر (2023). وأفادت دراسة للمرصد الأورومتوسطي بأن 71% من سكّان غزّة يعانون الجوع الشديد، بما يمكن اعتباره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، إذ يُعدّ استخدام التجويع وسيلةَ حربٍ جريمةَ حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
خطّة المساعدات الأميركية لم تكن وليدة ضغوط إنسانية أو أخلاقية، بل جزءا من ترتيبات أميركية إسرائيلية ضمن عملية "مركبات جدعون"
يجد المراقب لمشهد غزّة نفسه أمام مشهد تكرّر بشكل صارخ في ثمانينيّات القرن الماضي، حين صنعت إسرائيل في جنوب لبنان جيشاً وهميّ السلطات بقيادة عساكر محلّيين، كان أبرزهم سعد حدّاد ثمّ أنطوان لحد، شكّلا "جيش لبنان الجنوبي"، الذي كان أداةً وظيفيةً للاحتلال، يتقاضى أفراده الرواتب من تلّ أبيب، نُشِر في الجنوب اللبناني في محاولة لضبط الحدود، وتفكيك أيّ حالة صمود للسكّان والمقاومة في جنوب لبنان. ... اليوم، يعاد سيناريو شبيه بالجيش المحلّي البديل، ولكن في قطاع غزّة، عبر أدوات جديدة واستنفاخ جهاز جديد، بلا هيكلة وبلا امتداد أخلاقي، "جهاز مكافحة الإرهاب"، بقيادة شخص يسمّى ياسر أبو شباب. ليست هذه المحاولة وليدة اللحظة، بل سبقتها محاولات عديدة كانت أكثر وضوحاً خلال حرب "طوفان الأقصى"، فقد كشفت تقارير خاصّة لقاءات سرّية في القاهرة جمعت قادةً للجيش مع قياداتٍ من السلطة الفلسطينية موجّهة من رئيس المخابرات العامة ماجد فرج، هدفت إلى تخطيط تنفيذ عملية إدخال عناصر من السلطة الفلسطينية إلى غزّة في صورة قواتٍ أمنيةٍ تتسلّل ليلاً إلى القطاع من بين خيام النازحين لتنفيذ مهام استخبارية وعسكرية، على أمل إلحاقها بفرقةٍ ثانيةٍ وأخرى ثالثةٍ، ويُستلّ سيف الانقلاب على إرادة المقاومة بعد إدخال أكبر قدر من هذه القوات وإعادة السيطرة العسكرية والأمنية على القطاع، لكن سرعان ما كُشفتْ هُويَّاتهم وأُجلوا بالقوة. من المحاولات الأخرى، دعم بعض العشائر والعائلات، ذات النفوذ الاجتماعي والتجاري في غزّة، وسرعان ما احتواها وعي مخاتير العوائل أولاً، ثمّ تنبّه الناس وتصدّي المقاومة، ما أجبر الاحتلال على تعديل استراتيجيته.
أمّا المحاولة الراهنة فقد تكون أكثر خطراً، إذ تشكّلت بفعل الحرب حالاتٌ فرديةٌ للصوص خارجين عن إطار القانون والأخلاق، فاستغلّ جيش الاحتلال هذه الحالة، وشكّل لها غطاءَ حمايةٍ جوّيا، ليمكّنهم من نهب أكبر قدر من الممتلكات والمخازن والمساعدات الإنسانية، بل امتدّت إلى سرقة بعض العتاد في العُقد القتالية للمقاومة أحياناً. تلاقت هذه الحالة مع الخطّة الأميركية لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزّة، إذ شُكّل فجأةً جهاز مكافحة الإرهاب وصدّر ياسر أبو شباب، الذي يحمل سجلّاً إجرامياً معروفاً في غزّة، إذ ظهر أخيراً في صورة، لابساً خوذةً للاحتلال ودرعاً للسلطة الفلسطينية. وأبو شباب، من قبيلة الترابين في جنوب غزّة، التي يمتدّ نفوذها إلى جنوب سيناء، وتشير عدة مصادر إلى ارتباطه السابق بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويعمل تحت حماية الجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزّة تحت اسم "جهاز مكافحة الإرهاب" بادعاء حماية المساعدات. برز اسمه وجهاً جديداً يحاول الاحتلال دعمه وتسويقه محلّياً. لكن ياسر ليس شخصاً جديداً في الساحة؛ هو معروف قاطعَ طريق كان مطلوباً للعدالة قبل الحرب على غزّة، ويحمل تاريخاً من الفساد في الذاكرة الجمعية لسكّان غزّة، خاصّة لإسهامه في تجويعهم بسرقة ما يخصّص لهم من مساعدات في فترة الحرب، الأمر الذي يجعل من مسألة تلميع صورته أو أي "Rebranding" له، وكذا تسويقه ملاكاً حارساً للمساعدات وإيصالها إلى الناس، محاولةً غير ناجحة، فالناس مهما بلغ الجوع بهم لن تتغيّر في أذهانهم بهذه السهولة صورة شبّان المقاومة بتأثير صورة قاطع طريق.
تجري محاولة تقويض شرعية المقاومة بنُخب بديلة، وإنشاء سلطة مرتزقة لا تختلف عن "جيش لبنان الجنوبي"
ليس المقصود من هذا المشروع مجرّد إدخال الطعام، بل تفكيك صورة المقاومة في وعي الناس، ومقايضة الناس بإرادة القتال، فكَي تنجو بأمعائك يجب أن تقتل إرادة المقاومة والقتال في داخلك، وإن لم تصدّق ذلك، فإليك الدلائل في الأرض، إذ سيوهمون الناس بأن المقاوم يظهر معرقلاً للإغاثة، وأن يظهر المتعاون منقذاً للأرواح. إنها عملية إعادة صياغة الرمزيّات داخل المجتمع، بحيث تستبدل صورة البطل بصورة "المنقذ الإنساني"، وتُجرَّد المقاومة من بعدها الأخلاقي أمام مجتمع أنهكه الحرب والدمار. وهنا، تبرز خطورة المشروع؛ إنه لا يستهدف البنية العسكرية للمقاومة بشكل مباشر، بل يحاول تقويض شرعيتها من أسفل، عبر إعادة تدوير نُخب بديلة، وهياكل خدماتية جديدة، وتكريس واقع استهلاكي تنشأ فيه "سلطةً مرتزقةً" لا تختلف كثيرا عن "جيش لبنان الجنوبي"، الذي ظنّ أنه جيش محميّ بالاحتلال؛ لكنّه تفكَّكَ أمام إرادة المقاومة الشعبية واستنزاف الاحتلال وأذرعه، فانسحب الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، وترك جيش الجنوب اللبناني (جيش لَحْد) مكشوفاً قبالة الشعب ومقاومته. ربّما يدرك الاحتلال بأن الشعوب التي أرهقتها الحرب قد تتنازل مؤقّتاً أمام الجوع، لكنّها تحاول هذه المرّة أن تُؤسّس لهذا التنازل بنية تحتية كاملة: شخصيات محلّية ذات تاريخ ملطّخ بالسلاح، تعمل في الأرض تحت غطاء "العمل المدني"، وتقدّم نفسها جسراً وحيداً بين السكّان وقوت نجاتهم، رغم أنهم مُسيّجون بتاريخٍ قذرٍ من الإفساد في حقّ الناس.
سيلتهم الوعي الجمعي حاجة الجوع، ولا يمكن بناء قيادة على رماد الجوع. فمخطّط برنامج المساعدات الأميركي، مهما بلغ، بأدواته، مثل ياسر أبو شباب، ومن في شاكلته، لن ينجح في غزّة، فغزّة رغم كلّ آلامها تبقى ذاكرةَ نضال مركّبة، تكشف الوجوه المتوارية خلف الأقنعة. وبالتالي، لن يمرّ أيّ مخطّط لتطويع السكّان أو ترويضهم، حتى لو كان برغيف الخبز الذي يتوقعونه منذ شهور، طالما أن هذه الخطط تنفّذ خارج الإرادة الجمعية لأهل غزّة ومقاومتهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
واشنطن ترسل مقترح الاتفاق النووي إلى إيران
أكد البيت الأبيض، السبت، أن الولايات المتحدة أرسلت إلى إيران مقترحا بشأن اتفاق نووي بين طهران وواشنطن. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه تلقى "عناصر من اتفاق أمريكي" قدّمها له نظيره العماني بدر البوسعيدي خلال زيارة قصيرة إلى العاصمة الإيرانية طهران. ويأتي ذلك بعد تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أفاد بأن إيران رفعت مستوى إنتاجها من اليورانيوم المخصب، وهو عنصر أساسي في تصنيع الأسلحة النووية. وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن من "مصلحة طهران قبول" الاتفاق، مضيفة: "الرئيس ترامب أوضح أن إيران لا يمكنها أبدًا الحصول على قنبلة نووية". وأشارت ليفيت إلى أن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، أرسل مقترحا "مفصلا ومقبولا" إلى إيران. وكتب عراقجي على منصة "إكس" أن المقترح الأمريكي "سيُرد عليه بشكل مناسب بما يتماشى مع المبادئ والمصالح الوطنية وحقوق الشعب الإيراني". ولم تُعرف بعد التفاصيل الدقيقة للاتفاق. ويأتي المقترح في أعقاب تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية - اطّلعت عليه بي بي سي - كشف أن إيران تمتلك الآن أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60 في المئة، وهي نسبة تقترب من الـ90 في المئة المطلوبة لصناعة الأسلحة النووية. وهذا يتجاوز بكثير مستوى النقاء المطلوب للاستخدامات المدنية في الطاقة النووية والبحث العلمي. وإذا تم تخصيبه بدرجة أعلى، فإن هذه الكمية تكفي لصناعة نحو 10 أسلحة نووية، مما يجعل إيران الدولة غير النووية الوحيدة التي تنتج يورانيوم بهذا المستوى من التخصيب. ويفتح هذا التقرير الطريق أمام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لدفع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اعتبار إيران منتهكة لالتزاماتها المتعلقة بعدم الانتشار النووي. وتُصر إيران على أن برنامجها سلمي. ووصفت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية،السبت، تقرير الوكالة بأنه "مسيس" ويتضمن "اتهامات لا أساس لها". وقالت إيران إنها ستتخذ "إجراءات مناسبة" ردًا على أي محاولة لاتخاذ إجراءات ضدها في اجتماع مجلس محافظي الوكالة. وسعت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة إلى الحد من القدرات النووية الإيرانية. وقد بدأت محادثات بين البلدين بوساطة عمان منذ شهر أبريل/ نيسان الماضي. وعلى الرغم من أن كلا الجانبين أعربا عن تفاؤلهما خلال سير المحادثات، إلا أنهما ما زالا مختلفين بشأن قضايا رئيسية، على رأسها ما إذا كان يُسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بموجب أي اتفاق مستقبلي. ورغم استمرار المفاوضات بين طهران وواشنطن، لم يُشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران قد خففت من جهودها في تخصيب اليورانيوم. فقد وجد التقرير أن إيران أنتجت يورانيوم عالي التخصيب بمعدل يعادل تقريبًا قنبلة نووية واحدة شهريًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقدّر المسؤولون الأمريكيون أنه إذا قررت إيران تصنيع سلاح نووي، فإنها تستطيع إنتاج مواد انشطارية بدرجة تسليحية خلال أقل من أسبوعين، وقد تتمكن من تصنيع قنبلة خلال بضعة أشهر. ولطالما نفت إيران سعيها لتطوير أسلحة نووية، إلا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت إنها لم تعد قادرة على تأكيد ذلك، لأن إيران ترفض السماح لكبار المفتشين بالوصول لمنشآتها النووية، ولم تجب عن الأسئلة العالقة بشأن تاريخ برنامجها النووي. ويسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتفاق نووي جديد مع طهران، بعد أن سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي السابق بين إيران و6 قوى عالمية عام 2018. وكان قد تم توقيع ذلك الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 بين إيران وكل من الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، وألمانيا، وبريطانيا. وكان الهدف من خطة العمل الشاملة المشتركة هو الحد من البرنامج النووي الإيراني ومراقبته، مقابل رفع العقوبات التي فُرضت على النظام الإيراني عام 2010 بسبب الشكوك حول استخدام برنامجه النووي لتطوير قنبلة. لكن ترامب انسحب من الاتفاق خلال فترته الرئاسية الأولى، واصفًا الاتفاق بأنه "اتفاق سيئ" لأنه غير دائم ولم يتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، إلى جانب قضايا أخرى. وأعاد ترامب فرض العقوبات الأمريكية في إطار حملة "الضغط الأقصى" لإجبار إيران على التفاوض على اتفاق جديد وموسع. وتجاوزت طهران في السنوات التي تلت ذلك تدريجيًا القيود التي فرضها اتفاق عام 2015 على برنامجها النووي، وهي قيود كانت تهدف إلى جعل تطوير قنبلة نووية أكثر صعوبة. وقد هدد ترامب في وقت سابق بقصف المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق.


BBC عربية
منذ 2 ساعات
- BBC عربية
حماس تنفي رفضها مقترح ويتكوف، وتربط الإفراج عن الرهائن "باتفاق أشمل"
قدّمت حركة حماس رداً على المقترح الأمريكي الأخير لوقف إطلاق النار المؤقت في غزة، عبّرت فيه عن استعدادها لإطلاق سراح 10 من الرهائن الإسرائيليين الأحياء وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل عدد متفق عليه من المعتقلين الفلسطينيين، لكنها طالبت بإدخال تعديلات على الخطة التي أعدّها مبعوث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. وأكدت الحركة في بيانها تمسّكها بمطالبها الأساسية، وعلى رأسها: إلى جانب السماح بحرية الحركة من وإلى القطاع، واستئناف النشاط التجاري، وإعادة إعمار البنية التحتية بما يشمل الكهرباء والمياه والاتصالات والمستشفيات والمدارس والمخابز. كما نصّ الرد على أن الرئيس ترامب سيتولى الإعلان عن أي اتفاق يتم التوصل إليه، وأن الولايات المتحدة ومصر وقطر ستتولّى دور الضامن لاستمرار الهدنة لمدة 60 يوماً، على أن تُستأنف المفاوضات خلالها للتوصّل إلى اتفاق دائم، مع استمرار دخول المساعدات وتوقّف العمليات العسكرية. وأفاد رد حماس بأن الحركة ستقدّم معلومات حول بقية الرهائن، أحياءً وأمواتاً، في المقابل تطالب إسرائيل بتقديم بيانات كاملة عن الفلسطينيين المحتجزين لديها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ما هو المقترح الأمريكي؟ وينص الاقتراح الأمريكي – الذي وافقت عليه إسرائيل وفقاً لبيان رسمي – على هدنة مدتها 60 يوماً، تشمل إطلاق سراح 28 رهينة (أحياء وأموات) في الأسبوع الأول، تليها دفعة ثانية تضم 30 رهينة إضافية في حال التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح 1,236 معتقلاً فلسطينياً وتسليم رفات 180 فلسطينياً. وتعهدت الخطة بإيصال المساعدات إلى غزة عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر وقنوات أخرى، في حين تصرّ إسرائيل على أن الهدنة يجب أن تبقى مؤقتة مع احتفاظها بحق استئناف العمليات العسكرية. وقد صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الحرب لن تنتهي ما لم تُجبر حماس على إلقاء السلاح والخروج من الحكم، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن "أمام حماس خياران: إما قبول صفقة ويتكوف أو مواجهة الإبادة". ووصف مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، رد حماس بأنه "غير مقبول على الإطلاق"، وقال إن الحركة "تعيد الأمور إلى الوراء" بدلاً من التقدم للأمام، مضيفاً أن عليها "قبول المقترح كأساس لمحادثات غير مباشرة يمكن أن تبدأ خلال أيام". وقال ويتكوف إنه تلقى رد حماس، وكتب في منشور على منصة إكس "هذا أمر غير مقبول بالمرة ويعيدنا إلى الوراء، وعلى حماس قبول مقترح الإطار الذي طرحناه كأساس لمحادثات غير مباشرة والتي يمكننا البدء بها فوراً هذا الأسبوع". حماس تتهم ويتكوف بـ"الانحياز الكامل لإسرائيل" في المقابل، قال مسؤول في حماس لوكالة رويترز، إن الحركة ردّت بإيجابية على المقترح وتسعى إلى تعديلات دون أن يوضح طبيعتها، بينما صرّح القيادي في الحركة، باسم نعيم، بأن حماس توصّلت الأسبوع الماضي إلى تفاهم مع ويتكوف حول الصيغة، لكن إسرائيل رفضت جميع البنود المتفق عليها. وقد نفى نعيم رفض الحركة لمقترح ويتكوف، وقال إن رد إسرائيل يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه. وأضاف "نحن لم نرفض مقترح السيد ويتكوف، نحن توافقنا مع السيد ويتكوف على مقترح وأعتبره مقبولاً كمقترح للتفاوض وجاءنا برد الطرف الآخر عليه، وكان لا يتفق مع أي بند مما توافقنا عليه". واتهم نعيم المبعوث الأمريكي بالتصرف "بانحياز كامل للطرف الإسرائيلي". وسبق أن رفضت إسرائيل مطالب حماس وطالبت بنزع سلاح الحركة بالكامل وتفكيك قوتها العسكرية وإنهاء إدارتها في غزة، إضافة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في القطاع البالغ عددهم 58 رهينة. وأعرب ترامب يوم الجمعة، عن اعتقاده بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وفق أحدث مقترحات مبعوثه ويتكوف، وقال البيت الأبيض، يوم الخميس، إن إسرائيل وافقت على المقترح. ويُعتقد أن حماس تجد نفسها في موقف معقّد، إذ تواجه ضغوطاً شعبية من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون ظروفاً غير مسبوقة، إلى جانب عجزها العسكري عن التصدي للتصعيد العسكري الإسرائيلي، ما يجعلها غير قادرة على رفض المقترح بشكل صريح، وفي الوقت نفسه غير قادرة على قبوله بصيغته الحالية. وفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 54,000 شخص في غزة منذ بدء الحرب، بينهم أكثر من 4,100 منذ استئناف العمليات الإسرائيلية في 18 مارس/آذار الماضي. وقال الجيش الإسرائيلي، الذي استأنف حملته الجوية والبرية في مارس/ آذار 2025، بعد وقف لإطلاق النار استمر شهرين، إنه واصل ضرب أهداف في غزة، منها مواقع للقناصة، وقتل ما قال إنه قائد موقع لتصنيع الأسلحة تابع لحماس. وفرضت إسرائيل حصاراً على جميع الإمدادات التي تدخل القطاع بالتزامن مع بدء الحملة العسكرية في محاولة لإضعاف حماس، ووجدت نفسها تحت ضغط متزايد من المجتمع الدولي الذي صدمه الوضع الإنساني البائس الذي خلقه الحصار، واستأنفت إسرائيل إدخال المساعدات، لكنها وصفت "بالقليلة". وقالت منظمات إغاثة يوم السبت إن مسلحين اعترضوا عشرات من شاحنات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة المحملة بالطحين وهي في طريقها إلى مخابز غزة واستولى سكان جوعى على الطعام. وذكر برنامج الأغذية العالمي في بيان "بعد حصار شامل لقرابة 80 يوماً، يعاني السكان من الجوع ولم يعد بإمكانهم رؤية الطعام يمر من أمامهم". إعلام فلسطيني: مقتل 26 في غارة إسرائيلية على نقطة لتوزيع المساعدات في رفح ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، يوم الأحد، أن إسرائيل شنت غارة على نقطة لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، ما أدى إلى مقتل 26 شخصاً على الأقل في رفح. وقال الجيش الإسرائيلي إنه "لا علم له حالياً بوقوع إصابات نتيجة نيران قوات الدفاع الإسرائيلية" في موقع توزيع المساعدات الإنسانية. وأضافت في بيان أن "الأمر لا يزال قيد المراجعة". وبدأت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أيضاً من إسرائيل عملها منذ فترة قصيرة في غزة. وفي حين عبر بعض الفلسطينيين عن قلقهم إزاء حياد المؤسسة وإجراءات التحقق بالمقاييس الحيوية وغيرها من عمليات التدقيق التي ذكرت إسرائيل أنها ستطبقها، قال مسؤولون إسرائيليون إن المؤسسة سمحت بإجراء تدقيق بشأن المستفيدين لاستبعاد أي شخص يثبت ارتباطه بحماس. وفي 28 مايو/ أيار، اتهمت حماس إسرائيل بقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل وإصابة 46 آخرين بالقرب من أحد مواقع توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، وهو اتهام نفته المؤسسة. كما قال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت أعيرة نارية تحذيرية في المنطقة خارج المجمع لإعادة السيطرة عليه، بينما هرع آلاف الفلسطينيين إلى موقع توزيع المساعدات. بي بي سي تحدد موقع مقاطع فيديو قُرب نقطة توزيع المساعدات الجديدة وأجرت بي بي سي مسحاً لمنصات التواصل الاجتماعي، في محاولة للتحقق من صحة لقطات نُشرت بزعم أنها توثّق مشاهد وقعت صباح اليوم. وحتى الآن، تُظهر غالبية المقاطع التي تم رصدها مشاهد لجثث تُنقل إلى مستشفى ناصر في خان يونس، سواء على عربات تجرها الخيول أو في مؤخرة الشاحنات، دون أن تتضمن توثيقاً مباشراً للأحداث الجارية. وبحسب تقارير إعلامية محلية، فقد سُجّل إطلاق نار في موقعين مختلفين، غير أن أياً من اللقطات المتاحة لم يُظهر بوضوح الموقع الدقيق لهذين الحدثين. مع ذلك، تمكّنت "بي بي سي للتحقق" من تحديد موقع مقطعي فيديو نُشرا مؤخراً، يُظهران طريق صلاح الدين إلى الجنوب من نقطة توزيع المساعدات الجديدة في ممر نتساريم. وتُظهر اللقطات أشخاصاً يركضون وينحنون في ظل سماع إطلاق نار كثيف في الخلفية. ويتوقف بعضهم بحثاً عن غطاء خلف الصخور والأنقاض، وسط أصوات متواصلة لانفجارات وطلقات نارية. وتواصل بي بي سي جمع وتحليل المزيد من المقاطع المصورة، في محاولة لرسم صورة أوضح لما حدث، وتحديد المكان بدقة. فيما أظهرت صوراً لاحقة من مستشفى ناصر في غزة، تجمع حشود من الفلسطينيين خلال تشييع قتلى.


العربي الجديد
منذ 14 ساعات
- العربي الجديد
لماذا تعارض دول الخليج ضرب طهران؟
وصفت السلطة القضائية الإيرانية، الثلاثاء 26 مايو/ أيار الحالي، إلقاء السعودية القبض على عالم الدين الإيراني علام رضا قاسميان بـ"غير المبرّر". وكان قاسميان نشر مقطعاً مصوّراً ينتقد فيه سياسات المملكة الأحدث لتخفيف قيود اجتماعية عديدة، في إطار سعيها لفتح الاقتصاد أمام السياحة والشركات الغربية. وأطلقت الرياض سراح قاسميان، الذي اعتقل في اليوم السابق، في أثناء وجوده في المملكة لأداء مناسك الحج، وأفادت وكالة مهر للأنباء، بأنه بحسب الصفحة الرسمية للبرنامج القرآني، جرى "إطلاق سراح حجّة الإسلام بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها القنصلية الإيرانية في المملكة، وهو في طريق عودته إلى بلاده". خبر لا بدّ وأن يتوقف عنده المتابع، لأنه يبرز مدى الاختلاف بين الرياض وطهران، كما ويؤكّد أن هناك "هشاشة" في العلاقة المستجدة بين البلدين. وإن توقيف الشيخ وإطلاق سراحه يحملان رسائل سعودية واضحة إلى الجانب الإيراني، على اعتبار أن العلاقة، رغم التقدم الحاصل على المستوى الدبلوماسي، تحمل الكثير من نقاط الاستفهام بشأن جدّيًتها واستمراريتها. وجاء قرار إطلاق سراح قاسميان، بالتزامن مع ما كشفته القناة 12 العبرية في تقريرها أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمر بوقف التنسيق العسكري مع إسرائيل، خشية أن يعرقل هجومها المحتمل على منشآت إيران النووية المحادثات الجارية مع طهران. وبحسب التقرير، أجرى ترامب اتصالاً هاتفيّاً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حذره خلاله "بلهجة حادّة"، من القيام بهجوم منفرد على هذه المنشآت. ولا جديد في هذا الخصوص، سيما وأن الرجل أطلق من ضمن حملاته الانتخابية تعهدات بوقف الحروب المنتشرة، في أوكرانيا كما في الشرق الأوسط. إذ على ما يبدو، اختلفت سياسات ترامب تجاه المناطق الساخنة، لا بل اختلف في نظرته إلى جعل أميركا قائدة للعالم، فهو يريدها "عظيمة" وليست قائدة. الجديد في تصريح ترامب أخيراً تأكيدُه على أن قادة السعودية والإمارات وقطر أبلغوا ترامب، في زيارته المنطقة، "رفضهم أي هجوم عسكري على إيران"، وتشجيعهم على التوصل إلى اتفاق نووي جديد عبر السبل الدبلوماسية، فهل فعلًا قرار ترامب بوقف التنسيق أتى استجابة لمطالب دول الخليج العربي؟ أم هناك غاية في نفس يعقوب؟ في العمق، يدفع ترامب نحو إيجاد قوة متنوعة في مناطق النفوذ في العالم، تعمل على فرض التوازن والأمن. ولهذا توجه إلى دول الخليج في زيارته الأولى ليؤكد أنّ المنطقة يحدّد أمنها "التوازن الإقليمي بين دولها". تريد واشنطن في المنطقة لعب دور الضابط الأمني، فلطالما بنيت استراتيجيّتها على مبدأ توزيع القوى بين اللاعبين الأربعة الرئيسيين في المنطقة، الخليجي والإسرائيلي والتركي والإيراني. فإن أي خللٍ ترتكبه واشنطن في هذا الإطار يعطي أفضلية الهيمنة لفريق على الآخرين، الأمر الذي يعرّض حضورها للخطر، لا بل يجعل مصالحها في المنطقة عرضة "للابتزاز" من الفريق المهيمن. قرار العودة الخليجية القوية إلى لبنان وسورية دليل على أنّ هذه الدول تعمل على ضبط جنوح نتنياهو والقوة الإقليمية الأخرى، من تركيا وإيران وتتعرّض العلاقة بين ترامب ونتنياهو لاهتزازاتٍ كثيرة، سيما وأن لا حدود لوقاحة نتنياهو حتى داخل دوائر القرار الأميركي، وهذا ما بات يزعج ترامب. لهذا، يعمل الأخير على ضبط جنوح نتنياهو كي لا تستيقظ الإدارة الأميركية يوماً وتجد عسكرها في خضم المعركة الإقليمية، لهذا اتخذ ترامب منفرداً قرار وقف الهجمات على اليمن، بعدما أخذ ضمانات بعدم تعرّض قواته لأي هجوم صاروخي. لا يتوقف الأمر عند ما يريده الأميركي من المنطقة، بل أيضاً لدول الخليج رؤية استراتيجية ترتبط أولاً بمصالحها المرتبطة بالممر النفطي الرئيسي عبر باب المندب الذي يقع تحت نيران الإيراني وجماعاته، فإن دول الخليج تدرك جيّداً أن أي تدهور عسكري في المنطقة سيرتدّ مباشرة على أمن ممراتها النفطية في موضوع التصدير، هذا ما يهدّد موازناتها التي ترتكز بشكل رئيسي على العائدات النفطية. كما في الأمن النفطي كذلك الأمر يتعلق بالخوف الخليجي من اهتزاز الصعود الاستثماري في مجالي التحوّلات الرقمية والسياحة، فهذه البلدان الخليجية تعمل على إيجاد بيئة آمنة بعيدة عن التوترات العسكرية، لأنها تسعى إلى أن تكون دولا مستقطبة للاستثمارات الدولية، وهذا يحتاج حتماً إلى تفاهماتٍ سياسية. لقد ادركت تلك الدول أن الأمن والاستقرار لا يمكن فرضهما عبر القوة العسكرية، بل يفرض عبر الأطر السياسية بما يتضمن التفاهمات وبناء الشراكات، وما إطلاق الشيخ الإيراني إلا دليل على رفض المواجهة مع إيران. لدول الخليج رؤية استراتيجية ترتبط أولاً بمصالحها المرتبطة بالممر النفطي الرئيسي عبر باب المندب الذي يقع تحت نيران الإيراني وجماعاته لدى دول الخليج قراءة مختلفة أيضاً للموضوع، بعيداً عن لغة القوة الاستعراضية التي يحاول نتنياهو إظهارها في المنطقة، فأي عمل عسكري تجاه طهران سيرفع من منسوب "نشوة" الانتصار عند نتنياهو، الذي لا يترك مناسبة إلا ويعبر فيها عن صناعته لشرق أوسط جديد، فهذا الرجل الذي رفع شعار تغيير خريطة المنطقة، بعد 7 أكتوبر (2023) لن يتوانى إن أقدم على ضرب ايران في فرض شروط حكومته ذات الطابع اليميني المتطرّف في وضع رسم جديد لخريطة المنطقة، وهذا ما تخشاه دول الخليج. قرار العودة الخليجية القوية إلى لبنان وسورية دليل على أنّ هذه الدول تعمل على ضبط جنوح نتنياهو والقوة الإقليمية الأخرى، من تركيا وإيران. هناك أيضاً إشكالية جوهرية، لا تستطيع دول الخليج التعامي عنها، وهو إقامة دولة فلسطينية، حيث يريد نتنياهو إزالة القضية من الذاكرة والوجود. ولهذا رفعت هذه الدول ورقة التحدّي امام التعنّت الإسرائيلي عبر التركيز على حل الدولتين الطريق الأمثل لتحقيق السلام في المنطقة. لا تستطيع الدول الخليجية وحيدةً وقف العدوان على غزّة وبناء حل الدولتين، لأنّ الموضوع يرتبط بالقدرة على فرض التأثير على الجانب الإسرائيلي. لقد وجدت بتقاطع المطلب في الاعتراف بدولة فلسطينية عنواناً آخر للتقارب الحذر مع الإيراني، رغم الاختلاف، في جوهر القضية، إذ ترفض طهران حلّ الدولتين، لكنّ من الأفضل أن يبقى السبيل لربط الصراع في هذه المرحلة بينهما، إلا أن السؤال يبقى إلى أي مدىً ستستمر سياسة "ربط النزاع" مع الإيراني، وهل قضية قاسميان عابرة أم سيبنى عليها؟