
طيً مرحلة حقل ظهر... تخريب متعمد وسوء إدارة أم فقاعة كبرى؟
عملاق الغاز
كما تم وصفه في مصر لسنوات قد طويت مؤقتا على الأقل، فهل السبب هو تخريب متعمد كما زعم البعض، أم سوء إدارة وقلة استثمارات، أم أنه كان فقاعة كبرى تم النفخ فيها إلى أن توقفت عن الإنتاج؟ ولنبدأ القصة من أولها، ففي عام 2015 أعلنت الحكومة المصرية عن اكتشاف حقل ظهر، والذي صنفته على أنه أكبر حقل لإنتاج الغاز في منطقة البحر المتوسط، وبعدها أعلنت شركة إيني الإيطالية عثورها على أكبر حقل غاز عملاق على مساحة 100 كيلومتر مربع وهو حقل ظهر، ضمن منطقة شروق، الواقعة على بُعد 200 كيلومتر من سواحل بورسعيد.
ومع قرب الإنتاج عدد الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية مزايا الحقل العملاق قائلاً إن انتاجه الوفير سيحقق
الاكتفاء الذاتي
من الغاز الطبيعي وتغطية احتياجات الأسواق المحلية، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز الطبيعي خاصة لأوروبا، وتوفير موارد جديدة للدولة بوصول الحقل إلى ذروة إنتاجه منتصف عام 2019، كما أن الحقل سيوفر للاقتصاد المصري دخلاً مالياً بقيمة 220 مليون دولار شهريّاً، بما يعادل نحو 2.6 مليار دولار سنويّاً، ويفتح شهية شركات النفط العالمية للعمل في مصر والتنقيب عن البترول والغاز في المياه العميقة بالبحر المتوسط، مع تطوير صناعة البتروكيماويات والأسمدة، وهو ما يُعَد قيمة مضافة للاقتصاد.
اقتصاد الناس
التحديثات الحية
حكومة مصر تعتزم رفع أسعار الغاز رغم الصفقة مع إسرائيل
وقيل وقتها إنه بحسب تقارير صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، ستصل
احتياطيات الغاز
في منطقة شرق البحر المتوسط إلى نحو 200 تريليون قدم مكعبة احتياطيّاً، وهو ما يغير خريطة اللاعبين في الطاقة بالمنطقة، وإنه مع تحقيق فائض بالإنتاج، فإن مصر ستصدر الغاز الطبيعي للوفاء بتعاقداتها المتوقفة، وتشغيل محطات الإسالة المتوقفة التي تملك فيها الدولة نحو 40%. وسارع الإعلام المصري إلى إطلاق ألفاظ فخيمة على حقل ظهر، منها مثلاً أنه الحقل العملاق و"كنز الغاز المصري"، وأن مصر دخلت مرحلة الحقول "الجامبو"، وأن رحلة عملاق إنتاج الغاز في مصر بدأت، وأن ظهر يعد من أكبر الاكتشافات الغازية على مستوى العالم، ومن أهم مشروعات تنمية حقول الغاز الطبيعي، وأكبر كشف غازي يقع بالبحر المتوسط، ويعتبر نقطة جذب للاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المصري.
تم التعامل حينها مع اكتشاف حقل ظهر على أنه نقطة تحول تاريخية في ملف الطاقة المصري
ووصف الإعلام المحلي حقل ظهر بأنه يمثل نقطة تحول بارزة في دعم البلاد لتصدير الغاز المسال، ويعتبر من أكبر الحقول المكتشفة في البحر المتوسط، متجاوزاً حقل غاز ليفياثان الإسرائيلي باحتياطي مؤكد 30 تريليون قدم مكعبة، وسيضاعف ثروة مصر من الغاز، ويفتح الباب على مصراعيه أمام إحداث طفرة في صادرات الطاقة وحصد مليارات الدولارات سنوياً، وأنه يحول مصر من مستورد صافٍ للغاز إلى دولة مكتفية ذاتياً، بل ومصدّرة عبر محطات الإسالة في إدكو ودمياط. ببساطة، تم التعامل حينها مع اكتشاف حقل ظهر على أنه نقطة تحول تاريخية في ملف الطاقة المصري، مع الحديث عن ضخ نحو 12 مليار دولار في المشروع، واستخدام تقنيات حفر متقدمة وتعاون دولي واسع خاصة مع عملاق النفط إيني الإيطالي، وهو ما أهل الحقل لدخول مرحلة الإنتاج في وقت قياسي وخلال عامين بدلاً من ستة أعوام، وأن الآمال المعلّقة عليه في تحويل مصر إلى نقطة تصدير إقليمية.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
اتفاقية الغاز الإسرائيلي لمصر... زيادة في الأسعار وبنود إذعان
وبالفعل تم افتتاح الحقل في العام 2017، وتوقع المصريون حدوث طفرة في صادرات الطاقة، وتراجع ملحوظ في سعر الغاز المحلي، سواء المنزلي أو الموجه للأنشطة الصناعية والتجارية، خاصة مع الحديث عن حدوث وفرة في الإنتاج تغطي الاحتياجات المحلية، بل وتصدير كميات كبيرة، لكن ما حدث هو العكس، حيث جرت طفرات في أسعار الوقود الأزرق رغم الحديث الرسمي والإعلامي عن المزايا الاقتصادية والمالية لحقل ظهر التي قيل إنها ستعود بالرخاء على الاقتصاد والمواطن وقطاعات اقتصادية، منها الطاقة والصناعة والزراعة. لكن عاماً بعد آخر بدأ يتلاشى الحديث عن حقل ظهر وتختفي أخباره إلا من مواد تنشرها وسائل إعلام عالمية عن تراجع مخيف في الإنتاج ناتج عن سوء إدارة وعدم ضخ استثمارات جديدة، بل وزعم البعض تعرض الحقل لعملية تخريب متعمدة، وبدأت صورة العملاق الغازي تهتزّ خلال السنوات الأخيرة، مع تراجع الإنتاج، وانخفاض الاحتياطيات بشكل غير متوقع.
بات الجميع يدرك أن مرحلة حقل ظهر تم طيها بسرعة مع تراجع الإنتاج الكبير
وفي عام 2022 تراجع الإنتاج بصورة كبيرة، ظهرت بشكل أكبر في العام 2024، وبدأت ملامح التراجع تظهر بوضوح، ما أثار تساؤلات حول مستقبل الحقل العملاق، خاصة أنه في ديسمبر/كانون الأول 2024، بلغ إنتاجه نحو 1.56 مليار قدم مكعبة يومياً. وفي يناير/كانون الثاني 2025، تراجع الإنتاج إلى 1.49 مليار قدم، وهو ما انعكس على إنتاج مصر من الغاز الذي هبط إلى أدنى مستوياته في ثماني سنوات. وفي فبراير/شباط الماضي، انخفض إنتاج مصر من الغاز إلى أقل مستوى له منذ إبريل/نيسان 2016، عند 3.35 مليارات متر مكعب (4.22 مليارات قدم مكعبة يومياً).
ومع بحث الحكومة المصرية عن دول ومناشئ لاستيراد الغاز الطبيعي منها وتخصيص مليارات الدولارات من مخصصات الموازنة العامة لهذا الغرض، بات الجميع يدرك أن مرحلة حقل ظهر تم طيها بسرعة مع تراجع الإنتاج الكبير والخفوت الإعلامي وتردد شركة إيني فض ضخ استثمارات جديدة، وحديث عن مشاكل فنية، وهذه نقطة تحتاج إلى بحث مطول للإجابة عن سؤال مهم وكبير وهو: هل كان حقل ظهر بهذه الأهمية والضخامة من حيث الإنتاج والاحتياطيات المؤكدة والاستثمارات الضخمة، وما الذي أوصله إلى تلك المرحلة، هل سوء إدارة وضعف ضخ استثمارات جديدة، أم مبالغة رسمية وإعلامية حينما تم وصف الحقل على أنه أحد المشروعات القومية الكبرى، أم تخريب متعمد لصالح مواقع إنتاج الغاز الإسرائيلية المجاورة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
مكاسب إسرائيل من صفقة الغاز مع مصر... تعرف عليها
طرحت صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل ، التي تم توقيعها يوم 7 أغسطس/آب الجاري، بقيمة 35 مليار دولار، تساؤلات حول الرابحين والخاسرين منها. وبدأت وسائل إعلام إسرائيلية وأجنبية تحصي مكاسب وخسائر كل طرف، مؤكدة أن صفقة الغاز بين القاهرة وتل أبيب تمنح دولة الاحتلال مكاسب اقتصادية هائلة، وتجعلها لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة، بينما تحول مصر إلى رهينة للغاز الإسرائيلي وبوابة مرور تخدم مصالح الغير. فقد وصف الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد الإسرائيلية، أحد الشركاء في حقل ليفياثان، يوسي أبو، في تصريح لصحيفة غلوبس العبرية، 8 أغسطس الحالي، الاتفاقية بأنها "منجم أموال للإسرائيليين"، حيث ستدفع مصر 35 مليار دولار على مدار 14 عاماً لإسرائيل مقابل الغاز، وأشار إلى أنها سوف تجلب "أموالاً كثيرة للإسرائيليين، ولخزينة الدولة"، حيث ستدفع "نيوميد"، أيضاً من مكاسبها من مصر، ملايين الدولارات لوزارة المالية الإسرائيلية في صورة عوائد ورسوم وضرائب تذهب للإسرائيليين. عوائد تذهب إلى خزائن الاحتلال وأوضح الرئيس التنفيذي أن الشركة دفعت 205 ملايين شيكل من جميع أنواع العوائد والرسوم والضرائب في الربع الثاني من عام 2025، ووصل إجمالي ما دفعته إلى خزينة الدولة الإسرائيلية منذ بداية عام 2025 إلى 428 مليون شيكل (الدولار = 3.41 شواكل). كما أكد يوسي أبو أهمية صفقة الغاز كأنها مرساة لخلق التطبيع مع الدول العربية خاصة مصر، موضحاً أن إسرائيل تستهدف ذلك التطبيع الاقتصادي مع العالم العربي. أيضاً قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، 7 أغسطس الجاري، إن الصفقة مُربحة بصورة كبيرة لإسرائيل، حيث سينتج منها "تحويل مئات الملايين من الشواكل من عائدات الغاز والضرائب إلى خزائنها". ولفتت إلى أنه "مقابل مضاعفة الصفقة لكمية الغاز الطبيعي السنوية الموردة من حقل ليفياثان البحري إلى مصر إلى ثلاثة أمثالها تقريباً، فهي سوف تسهم في تعزيز إيرادات الدولة الإسرائيلية من عوائد هذه الصفقة". اقتصاد الناس التحديثات الحية حكومة مصر تعتزم رفع أسعار الغاز رغم الصفقة مع إسرائيل ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست، 7 أغسطس الحالي، عن المساهم المسيطر في مجموعة ديليك الإسرائيلية، إسحق تشوفا، قوله: "بالنسبة لنا، لا يُعد هذا إنجازاً تجارياً استثنائياً فحسب، بل هو أيضاً إنجاز تاريخي يُعزز التعاون الإقليمي"، ومجموعة ديليك هي شركة قابضة إسرائيلية متعددة الجنسيات، وشركة نيوميد تابعة لها. وقد أثير جدل في إسرائيل حول قدرتها على الوفاء بالكميات الضخمة في الصفقة لمصر وتأثيرها على احتياجات الاحتلال من الغاز. وقالت صحيفة هآرتس، 8 أغسطس الحالي، إن الاتفاقية الجديدة تعني أن ينتج حقل ليفياثان الإسرائيلي حوالي 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي أكثر من ضعف الإنتاج الأصلي. وبيّنت أن الاتفاقية ستؤدي بذلك إلى نضوب احتياطيات إسرائيل من الغاز الطبيعي في غضون 20 عاماً تقريباً، وفقاً تقرير لجنة وزارية إسرائيلية بحثت الأمر. وذكرت أنه منذ بدء الإنتاج في حقل ليفياثان، استقبلت السوق المصرية ما يقارب 23.5 مليار متر مكعب من غاز الحقل. ويورد الحقل حالياً 4.5 مليارات متر مكعب سنوياً بموجب عقود طويلة الأجل. وبموجب بنود الصفقة الموقعة بين الطرفين، ستُزوَّد مصر بنحو 22% من سعة خزان ليفياثان، ونحو 13% من إجمالي سعة الغاز لدى دولة الاحتلال، وفق "غلوبس". خبر سار للاقتصاد الإسرائيلي بسبب هذه المكاسب الإسرائيلية الضخمة من الصفقة، فقد وصف وزير الطاقة، إيلي كوهين، الصفقة مع مصر بأنها "خبر سار للاقتصاد الإسرائيلي، سيُدر مليارات الدولارات على خزينة الدولة، ويخلق فرص عمل، ويعزز الاقتصاد". وقال إنها "أكبر صفقة غاز في التاريخ"، واعتبر أنها "خبر مهم أمنياً وسياسياً واقتصادياً"، و"أخبار رائعة للاقتصاد الإسرائيلي، ستجلب مليارات الدولارات إلى خزائن الدولة". وأضاف أن "هذا يرسخ مكانتنا قوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة، والتي يعتمد عليها جيراننا ويحتاجون إلينا"، مشيراً إلى أن "اقتصاد الغاز الطبيعي، هو أحد الأصول الاستراتيجية لإسرائيل". اقتصاد عربي التحديثات الحية الحكومة المصرية تطرح الأراضي بكورنيش النيل أمام القطاع الخاص وكان كوهين قد لمح في ديسمبر/ كانون الأول 2024، إلى "الدور السياسي والاقتصادي" للغاز الإسرائيلي، حيث كتب معلقاً على إنشاء خط ثالث لتصدير الغاز لمصر، عبر منصة إكس، بقوله إن "الطاقة الإسرائيلية قوة سياسية". وكتب الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين: "بهذا المبلغ الذي ستدفعه مصر في الصفقة (35 مليار دولار) ستشتري إسرائيل سرب طائرات إف 35 وتصنع 100 دبابة وتشتري مئة ألف صاروخ ومليون رشاش". رفع السعر مكسب لتل أبيب وركزت صحف الاحتلال على أن تل أبيب هي الرابح الأكبر من الصفقة من زاويتين: الأولى هي نجاح إسرائيل في رفع سعر الغاز على مصر بنسبة 14.8% في الصفقة الجديدة المعدلة، والثانية، تتمثل في خسائر مصر في هذه الاتفاقية، "إلغاء بند رئيسي كان يمنح مصر الحق في تقليل الكميات المستوردة من إسرائيل إذا انخفض سعر خام برنت عن 50 دولاراً للبرميل". ويعني هذا البند أن مصر ستظل ملزمة بدفع كامل قيمة الصفقة وفقاً للأسعار المحددة حالياً، حتى إذا تراجعت الأسعار مستقبلاً أو انخفضت حاجة البلاد إلى الغاز، وفق صحيفة جيروزاليم بوست في 7 أغسطس الجاري. ووفقاً لنص الاتفاقية، يجري الاعتماد على صيغة Take or Pay، وهو بند شائع في عقود الطاقة، يُلزم المستورد بدفع قيمة كميات الغاز المتفق عليها سنوياً، سواء تسلّمها بالفعل أو لم يفعل لانخفاض الحاجة أو الأسعار، وهو ما يضمن دخلاً ثابتاً ومستقراً لإسرائيل على حساب مصر، بغض النظر عن التغيرات في السوق أو مدى حاجة القاهرة لما ستستورده من غاز. وفي السنوات الماضية، كانت مصر تستورد الغاز من إسرائيل بأسعار تتراوح بين 5.5 إلى 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية. وكانت تل أبيب تطالب بزيادة سعر توريد المليون وحدة حرارية لأكثر من ثمانية دولارات، وقتما كان سعر السوق ما بين أربعة وخمسة دولارات، واستغلت حرب غزة وأوقفت التصدير إلى مصر، بحجة الحرب، لممارسة ضغوط لرفع السعر. وكان سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر يبلغ حوالي 6.70 دولارات، ومع ذلك، طلبت إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25%. وفقاً للعقد، من المقرر أن يتم تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز (الإسرائيلي) إلى مصر حتى عام 2040، بدلاً من حوالي 64 مليار متر مكعب تم الاتفاق عليها عام 2018، وزيادة كمية الاستيراد من 850 مليون قدم مكعبة إلى 1.7 مليار.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
نزيف أرباح تاريخي... رسوم ترامب تكبد كبرى شركات السيارات خسائر مليارية
تشهد صناعة السيارات العالمية في عام 2025 واحدة من أشد أزماتها المالية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، مدفوعة بارتفاع التكاليف الناجم عن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات السيارات وقطع الغيار من مختلف الأسواق. هذه السياسة، التي تهدف وفقاً للبيت الأبيض إلى حماية الصناعة المحلية وتقليص العجز التجاري، انعكست سلباً على أرباح كبرى الشركات المصنعة حول العالم، إذ تكبدت شركات يابانية وأوروبية وأميركية خسائر بمليارات الدولارات في غضون أشهر قليلة، وأصبحت تعيد النظر في استراتيجيات الإنتاج والتصدير وسط حالة من عدم اليقين التجاري العالمي. وبحسب بيانات رسمية وتقارير مالية، فإنّ شركة تويوتا موتور اليابانية تتصدر قائمة المتضرّرين بتوقعات لخسارة تصل إلى 9.5 مليارات دولار هذا العام. وفي أوروبا، تكبدت فولكس فاغن الألمانية، أكبر شركة لصناعة السيارات في القارة، خسائر بلغت 1.3 مليار يورو (نحو 1.42 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام، نتيجة مباشرة للرسوم الأميركية، فيما كشفت شركة بورشه، التابعة للمجموعة والمعروفة بسياراتها الرياضية الفاخرة، عن خسائر قدرها 400 مليون يورو (462 مليون دولار) في الفترة ذاتها. أمّا مجموعة مرسيدس بنز فقد حذرت من تراجع أرباحها بنحو 370 مليون يورو في الربع الثاني فقط، محملة السياسة الجمركية الأميركية جانباً كبيراً من المسؤولية، في وقت تواجه فيه الشركة ضغوطاً إضافية من تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية في بعض الأسواق الأوروبية والآسيوية. وفي المملكة المتحدة، انضمت أستون مارتن إلى قائمة المتضرّرين، محذرة من تراجع أرباحها بفعل التأثير المزدوج لرسوم الاستيراد الأميركية وضعف الطلب الصيني، وهو ما يعكس الترابط بين الأزمات التجارية المتعددة التي تواجهها الشركات ذات الحضور العالمي. سيارات التحديثات الحية خسائر لشركات السيارات من الرسوم الجمركية هي الأشد منذ 2008 أما في الولايات المتحدة، فجاءت الضربة قاسية للشركات الثلاث الكبرى (جنرال موتورز، فورد موتور، وستيلانتيس)، إذ تتوقع مجتمعة خسائر تصل إلى 7 مليارات دولار في 2025 نتيجة الرسوم. وتشير بيانات جنرال موتورز إلى تراجع أرباحها في الربع الثاني وحده بمقدار 1.1 مليار دولار، ضمن تأثير سنوي متوقع يتراوح بين 4 و5 مليارات دولار، فيما أكدت ستيلانتيس أن أرباحها ستتراجع بنحو 1.7 مليار دولار هذا العام، بينما أوضحت فورد أن أرباحها ستنخفض بنسبة تصل إلى 36%، أي ما يعادل ملياري دولار، وهو رقم يفوق تقديراتها السابقة بكثير. وتكشف هذه الأرقام أن التأثير لم يكن ظرفياً أو محدود النطاق، بل هي خسائر متراكمة تهدّد هوامش الربح وإمكانية الاستثمار في تطوير طرازات جديدة أو التحول الكامل نحو السيارات الكهربائية. ويحذر خبراء الصناعة من أن استمرار سياسات ترامب الجمركية أو توسيع نطاقها قد يفاقم أزمة قطاع السيارات العالمية، خاصّة إذا تزامن ذلك مع تباطؤ اقتصادي عالمي أو ركود في أسواق رئيسية مثل الصين والاتحاد الأوروبي. ويؤكد محللون أن الشركات التي تعتمد كثيراً على السوق الأميركية ستكون الأكثر عرضة للخسائر، فيما قد تستفيد المنافسون المحليون على المدى القصير.


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
الإنتاج الصناعي في السعودية يسجل أعلى مستوى منذ 2022
أظهرت بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، أن مؤشر الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفع بنسبة 7.9% على أساس سنوي بنهاية الربع الثاني من 2025، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أواخر عام 2022، وفقاً لبلومبيرغ. ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقارب 4% في نفس الفترة، مدعوماً بزيادة في إنتاج النفط وتعافي أنشطة الصناعات التحويلية ، وهو ما يعكس تحسناً ملموساً في النشاط الاقتصادي الكلي للمملكة. ويعتمد مؤشر الإنتاج الصناعي في السعودية على قياس قيمة الإنتاج في قطاعات التعدين والمحاجر، والصناعات التحويلية، والمرافق العامة مثل الكهرباء والغاز وإمدادات المياه. وبحسب الهيئة العامة للإحصاء، فقد ساهم قطاع التعدين والمحاجر، الذي يشمل إنتاج النفط والغاز، بالنصيب الأكبر من النمو، بينما شهدت الصناعات التحويلية توسعاً في مجالات مثل البتروكيماويات، والمعادن، والمنتجات الغذائية، في حين سجل قطاع المرافق العامة تحسناً بفضل استثمارات جديدة في شبكات الطاقة وتحلية المياه. وبعد فترة انكماش في الربع الأول من 2025، عاد الاقتصاد النفطي السعودي إلى التوسع، نتيجة قرار أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا بزيادة الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية، بعد سنوات من سياسات تقييد المعروض. وأدت هذه الخطوة إلى زيادة الإنتاج المحلي، ما عزز الإيرادات الحكومية ورفع معدلات التشغيل في المنشآت النفطية والقطاعات المرتبطة بها، في وقت تستفيد فيه المملكة من أسعار نفط مستقرة نسبياً قرب مستويات 90 دولاراً للبرميل. ورغم تحسن مؤشرات النمو، تظل السعودية معتمدة كثيراً على عائدات النفط للحفاظ على زخمها الاقتصادي. وتشير تقديرات بلومبيرغ إيكونوميكس إلى أن سعر التعادل المالي للنفط في المملكة يبلغ نحو 96 دولاراً للبرميل لتغطية النفقات الحكومية، ويرتفع إلى 113 دولاراً في حال احتساب الاستثمارات المحلية التي ينفذها صندوق الاستثمارات العامة. هذه المستويات المرتفعة تعكس ضغوطاً محتملة على الموازنة إذا تراجعت أسعار النفط عالمياً، ما يجعل تنويع مصادر الدخل أولوية استراتيجية. طاقة التحديثات الحية تراجع أرباح أرامكو السعودية 22% في الربع الثاني من 2025 وعلى الرغم من استمرار هيمنة النفط، شهد القطاع غير النفطي نمواً مستقراً في الربع الثاني، مدفوعاً بالتوسع في مشاريع البنية التحتية الكبرى، وزيادة النشاط في قطاعات السياحة، والخدمات اللوجستية، والصناعات الخفيفة. وتأتي هذه التطورات ضمن إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، وتقليص الاعتماد على تقلبات أسواق الطاقة، وتعزيز مكانة المملكة مركزاً إقليمياً للتجارة والاستثمار. وكان الإنتاج الصناعي السعودي قد بلغ ذروته السابقة في أواخر 2022، مستفيداً حينها من أسعار نفط تجاوزت 100 دولار للبرميل بعد الحرب الروسية الأوكرانية، قبل أن يتباطأ لاحقاً نتيجة خفض الإنتاج في إطار اتفاقات أوبك+. واليوم، يعكس التعافي المسجل في 2025 عودة النشاط في كل من النفط والصناعات التحويلية، لكنه يظل مرتبطاً إلى حد كبير بالسياسات الإنتاجية لقطاع الطاقة.