logo
تخلّي واشنطن المتهوّر عن لبنان

تخلّي واشنطن المتهوّر عن لبنان

شبكة النبأ٢٦-٠٤-٢٠٢٥

لا يحتاج المرء اليوم إلى تعاطي المخدّرات ليعي أن الوثوق بالأميركيين غالبًا ما يكون فكرةً سيّئة. وهذا ما تثبت صحته أكثر عندما تأتي مبعوثتهم إلى بيروت وتستهلّ تصريحاتها بتوجيه الشكر إلى إسرائيل على إلحاق الهزيمة بحزب الله، غافلةً عن حقيقة أن الإسرائيليين فعلوا ذلك بعد أن قتلوا آلاف المدنيين...
بقلم: مايكل يونغ
شهد الأسبوع الماضي تبادلًا لافتًا للتصريحات عبر منصّة أكس (تويتر سابقًا). فقد علّقت الموفدة الأميركية إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، على تغريدةٍ للباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية، ديفيد داوود، أورد فيها موجزًا لمقابلة وليد جنبلاط الأخيرة مع شبكة التلفزيون العربي التي يقع مقرّها في قطر.
وفقًا للملخّص الذي نشره داوود، أكّد جنبلاط في المقابلة على أن "أورتاغوس تضع شروطًا تعجيزية، مثل استئصال حزب الله، بما في ذلك سلاح حزب الله. لكن هل تمّ تحديد المواقع كلّها، وهل ثمّة استعداد لدعم (الجيش اللبناني) الذي يحتاج إلى أسلحة؟...'". وردًّا على تغريدة داوود، كتبت أورتاغوس عبارة Crack is Whack, Walid، بما معناه أن "المخدّرات مضرّة يا وليد"، وهو شعار شائع في سياق مكافحة المخدّرات. من الصعب أن نفهم لمَ ردّت أورتاغوس بفظاظةٍ غير مبرّرة على تعليق لم يهاجمها شخصيًا، مُلمحةً إلى أن تعاطي المخدّرات قد أغشى تفكير جنبلاط السليم. عمومًا، لا يقتضي دور الموفدين الأميركيين الخوض في سجالات صبيانية على منصات التواصل الاجتماعي مع سياسيين من الدول التي يعملون فيها، لكننا نختبر اليوم حقبة غريبةً عجيبةً من الدبلوماسية الأميركية.
ردًّا على ذلك، غرّد الزعيم الدرزي بلوحة شهيرة لهانز لاروين، يظهر فيها الموت واقفًا خلف جنديّ في الحرب العالمية الأولى، وأرفقها بعبارة The Ugly American (أي الأميركي القبيح) لوصف أورتاغوس. وكان جنبلاط يُلمح إلى أن الأميركيين يحاولون جرّ اللبنانيين إلى صراعٍ مسلّح مع حزب الله، الأمر الذي لن يحمل معه سوى الموت والدمار.
بصرف النظر عن هذا التبادل المُلفت للتصريحات، أثارت هذه الحادثة سؤالًا مهمًّا حول العلاقات الأميركية اللبنانية. فمنذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حين فرضت الولايات المتحدة اتفاق استسلامٍ على حزب الله، باتت واشنطن الرجل القوي الجديد في البلاد. أما على الجانب اللبناني، فقد التزم كلٌّ من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام بتطبيق القرار 1701، الداعي إلى نزع سلاح حزب الله من جنوب نهر الليطاني.
تفيد الأنباء الواردة من بيروت بأن أورتاغوس غير راضيةٍ عن وتيرة نزع السلاح، حتى لو أن السلطات اللبنانية سلّطت الضوء رسميًا على إعجاب أورتاغوس بنشر عناصر الجيش اللبناني في الجنوب خلال زيارتها الأخيرة. بدا أن تصريحات جنبلاط تعكس تفسيرًا أكثر تحفّظًا للمزاج الأميركي. مع ذلك، قد تستفيد أورتاغوس من الاطّلاع على تاريخ لبنان منذ 1982 فصاعدًا، وهو العام الذي ولدت فيه، لفهم سبب تردّد اللبنانيين لهذه الدرجة في الوثوق بالأميركيين حين يتعلّق الأمر بالعلاقة بين الدولة وحزب الله.
ففي صيف العام 1982، اجتاح الإسرائيليون لبنان بهدف طرد منظمة التحرير الفلسطينية من البلاد. وقد أجرى الأميركيون مفاوضات، ممَثَّلين بالدبلوماسي المتقاعد فيليب حبيب، من أجل انسحاب الفلسطينيين، ما أدّى في نهاية المطاف إلى انتخاب أمين الجميّل رئيسًا (بعد أن أقدم السوريون على اغتيال شقيقه الرئيس المُنتخب بشير الجميّل). وقامت واشنطن برعاية المفاوضات حول اتفاق انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، وهو مشروع كان يفضّله وزير الخارجية الأميركي آنذاك جورج شولتز. لكن الاتفاق، الذي جرى توقيعه في 17 أيار/مايو 1983 كان في الحقيقة اتفاق سلام، ما أثار عداء السوريين إلى حدٍّ كبير. كانت رغبة شولتز في تنفيذ هذا الاتفاق أحد أسباب تمكّنه من إطالة أمد الوجود العسكري الأميركي في لبنان، ضمن قوة متعدّدة الجنسيات لحفظ السلام، ووسط معارضة متنامية في واشنطن.
عارض شولتز في هذا الشأن وزيرُ الدفاع الأميركي آنذاك كاسبار واينبرغر، الذي كان أشدّ حذرًا بكثير حيال الوجود العسكري الأميركي في لبنان. وفي نهاية المطاف، ثبُت أن واينبرغر كان على حقّ عندما خسر الأميركيون 241 جنديًا في تفجير انتحاري في مطار بيروت، وفشلت الحكومة اللبنانية في تطبيق اتفاق 17 أيار. في غضون ذلك، شجّع الأميركيون الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها على أرجاء البلاد كافّة، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات بين الجيش والميليشيات الشيعية والدرزية المتحالفة مع سورية. وبحلول كانون الثاني/يناير 1984، كان الجيش في حالة حرب مع جزءٍ من شعبه، وكان يقصف ضاحية بيروت الجنوبية. وبعد أن انتفضت الميليشيات ضدّ حكومة الجميّل في 6 شباط/فبراير 1984، "أعاد الأميركيون نشر قواتهم على السفن قبالة الساحل"، في إشارةٍ ملطّفة إلى أنهم فرّوا من البلاد. وبينما صوّرت إدارة ريغن ذلك على أنه صمود، عمَدت إلى إنهاء المهمّة الأميركية في بيروت بحلول أواخر آذار/مارس.
مذّاك الحين، اعتبرت الولايات المتحدة تجربتها الفاشلة في لبنان هزيمةً موجعة، وتجاهلت البلاد بالكامل على مدى أكثر من عقدَين من الزمن. عندما اجتاحت قوات صدام حسين الكويت في آب/أغسطس 1990، سمح الأميركيون للقوات السورية بانتهاك اتفاق "الخطوط الحمراء" للعام 1976، واستخدام طائراتها لإطاحة ميشال عون، رئيس الحكومة العسكرية اللبنانية الذي كان مُعارِضًا لسورية. فعل الأميركيون ذلك سعيًا منهم إلى الحصول على دعم عسكري سوري لعملية كبرى لتحرير الكويت. فكان أن اجتاح السوريون مناطق عون، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 1990، مُرسِّخين بذلك قبضة دمشق الخانقة على لبنان، حتى الانسحاب السوري في العام 2005.
تَبدَّت العواقب الوخيمة في نيسان/أبريل 1996، حينما شنّت إسرائيل عملية عناقيد الغضب في لبنان ضدّ حزب الله. لم يسافر وزير الخارجية الأميركي آنذاك وارن كريستوفر إلى بيروت، بل إلى دمشق للتفاوض على حلٍّ مع الرئيس السوري حافظ الأسد. فقد جرى تهميش المسؤولين اللبنانيين، مع أن الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه في العاصمة السورية كانت له تداعيات كبرى على البلاد. أفضى ذلك إلى ما سُمّي بـ"تفاهم نيسان"، الذي أرسى قواعد الاشتباك في الجنوب، مُساويًا بين حزب الله والإسرائيليين على نحوٍ أضرّ بالدولة اللبنانية. حين يلقي المسؤولون الأميركيون اليوم الملامةَ على اللبنانيين لإضفائهم الشرعية على حزب الله، يتناسون أنهم أيّدوا اتفاقًا بالغ الأثر في العام 1996، فعَلَ الأمر نفسه تمامًا.
كانت دروس ما بعد العام 1982 واضحةً من المنظور اللبناني. الدرس الأول كان أن الأميركيين لا يتردّدون في جرّ اللبنانيين إلى صراع داخلي سعيًا وراء أهداف تفضّلها الولايات المتحدة وإسرائيل، ثم يتخلّون عنهم عندما تسوء الأمور. والدرس الثاني كان أن واشنطن تستخدم لبنان بسهولة كورقة مساومة عندما يُحقّق لها ذلك مكاسب قيّمة، كما فعلت في أواخر العام 1990. أما الدرس الأخير، فكان أن الأميركيين يعقدون صفقاتٍ سرّية من وراء ظهر لبنان، لا تؤدّي سوى إلى تقويض سيادته، أو ما يُعَدّ سيادة، ثم يحمّلون اللبنانيين مسؤولية العواقب، كما اتّضح من موافقة كريستوفر على تفاهم نيسان.
لذا، لا يحتاج المرء اليوم إلى تعاطي المخدّرات ليعي أن الوثوق بالأميركيين غالبًا ما يكون فكرةً سيّئة. وهذا ما تثبت صحته أكثر عندما تأتي مبعوثتهم إلى بيروت وتستهلّ تصريحاتها بتوجيه الشكر إلى إسرائيل على إلحاق الهزيمة بحزب الله، غافلةً عن حقيقة أن الإسرائيليين فعلوا ذلك بعد أن قتلوا آلاف المدنيين اللبنانيين، ودمّروا جزءًا كبيرًا من البلاد. كذلك، في وسع المسؤولين في بيروت أن يروا بوضوح أن الأميركيين سمحوا لإسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه واشنطن نفسها. وبما أننا نستخدم هنا مصطلحاتٍ تتعلّق بالمخدّرات، فربما يكون المغزى الحقيقي أن اللبنانيين لا يريدون ببساطة أن يتعاطوا بضاعة مغشوشة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التكليف الشرعي ودوره في الانتخابات: أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد
التكليف الشرعي ودوره في الانتخابات: أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد

النهار

timeمنذ 18 دقائق

  • النهار

التكليف الشرعي ودوره في الانتخابات: أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد

في ظل الأجواء السياسية المتشنجة التي ترافق الاستحقاقات الانتخابية في لبنان، يعود الحديث مجدداً عن "التكليف الشرعي" كأداة تعبئة تستخدمها بعض القوى لتوجيه ناخبيها. هذا المفهوم، الذي يتداخل فيه الديني بالسياسي، يُطرح كموقف شرعي مُلزِم يصدر عن مرجع ديني أو "ولي فقيه"، ما يثير نقاشاً متجدّداً حول مشروعيته وحدوده في العمل السياسي، ومدى تأثيره على حرية الناخب وحقه في الاختيار. ولفهم خلفيات هذا المصطلح من زاوية دينية وفقهية واجتماعية، تحدث الشيخ ياسر عودة، عضو الهيئة الشرعية في مكتب المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، إلى "النهار"، موضحاً ماهيته وموقعه في الفقه الإسلامي، كما في الواقع السياسي الشيعي، حيث يثير هذا النوع من الخطاب إشكاليات تتصل بالسلطة والتعددية والقرار الحرّ. View this post on Instagram A post shared by Annahar (@annaharnews) ويبدأ الشيخ عودة بتعريف "التكليف الشرعي" بأنه كل ما أوجبه الله أو حرّمه أو رغّب فيه أو كرهه أو أباحه، ويُستنبط من مصادر التشريع الإسلامي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والعقل، والإجماع. ويشدّد على أن إصدار هذا النوع من الأحكام يتطلب أهلية علمية عالية، ولا يجوز أن يصدر إلا عن الفقهاء المؤهّلين. لكن حين يتصل التكليف بالشأن السياسي، تتفاوت المواقف. فبحسب عودة، يرتبط الأمر بمن يقول بـ"الولاية العامة للفقيه"، أي إن للفقيه صلاحيات شاملة تشمل إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ووفق هذا الرأي، يمكن أن يُعتبر توجيه الناخبين نحو انتخاب لائحة معيّنة تكليفاً شرعياً واجباً. إلا أن هذا الرأي ليس موضع إجماع، إذ هناك فقهاء، كالسيد السيستاني، لا يقولون بالولاية العامة، بل يحصرونها بالشأنين الديني والفقهي الفردي، ويرفضون استخدام الدين لتوجيه الناس في خياراتهم السياسية. ويضيف عودة أن البيئة الشيعية، ولا سيما تلك المرتبطة بـ"حزب الله"، غالباً ما تلتزم بهذا النوع من التكليف إذا صدر، كأن يُطلب منها التصويت للائحة معيّنة. لكنه يطرح سؤالاً: هل صدر مثل هذا التكليف فعلاً في الانتخابات البلدية الحالية؟ وفق ما ينقله عن بعض مسؤولي الحزب، فإن التوجّه المعلن هو ترك الأمور للعائلات والتوافقات المحلية، مع السعي إلى تمثيل الجميع، بما في ذلك العائلات الصغيرة، ولا سيما في الاستحقاقات البلدية والاختيارية. غير أن الواقع على الأرض، بحسب عودة، يكشف أن كثرة المرشحين وتنوّع الانتماءات يفرضان معايير خاصة لدى الحزب لاختيار الأسماء، ما يؤدّي إلى تشكّل عدة لوائح، ويدفع لاحقاً إلى اللجوء إلى "التكليف الشرعي" كوسيلة لحسم التباينات، كما حدث في انتخابات بيروت. وفي هذا السياق، يرى الشيخ عودة أن ما جرى في بيروت أظهر بوضوح حجم التناقضات بين الأحزاب، إذ لا توجد علاقة ودّية بين القوات اللبنانية وحزب الله، بل تنافر واضح، ومع ذلك توافق الطرفان على لائحة واحدة باسم "بيروت بتجمعنا". وهنا يطرح عودة تساؤلات مشروعة: هل كانت البيئات الحزبية مقتنعة بهذا التوافق؟ ويجيب: "لا البيئة الشيعية المؤيدة لحزب الله كانت مقتنعة تماماً، ولا بيئة القوات كذلك". من هنا، برز "التكليف الشرعي" كأداة لإلزام جمهور الحزب بالاقتراع، حتى وإن لم يكن الأمر نابعاً من قناعة تامة. ويرى الشيخ عودة أن استخدام "التكليف الشرعي" في السياسة لا يختلف جوهرياً عن أسلوب الأحزاب في توجيه ناخبيها، معتبراً أن الفارق الوحيد هو الطابع الديني للخطاب. فهو يشبه بين من يلتزم بتوجيه "الوليّ الفقيه" في حزب الله، وبين من يلتزم بتوجيه حزبي سياسي مختلف، مثل من يتبع رئيس حزب التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية. ويقول: "في النهاية، الجميع يطيعون زعماءهم، سواء غُلّف الخطاب بالدين أم لا".

صيدا بين سعد والحريري: خروج البزري والجماعة من السباق والتشطيب سيد الموقف
صيدا بين سعد والحريري: خروج البزري والجماعة من السباق والتشطيب سيد الموقف

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

صيدا بين سعد والحريري: خروج البزري والجماعة من السباق والتشطيب سيد الموقف

أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية لعمليات فرز الأصوات في الانتخابات البلدية والإختيارية في مدينة صيدا خروج اللوائح من السباق وانحصار المنافسة بين لائحتين هما لائحة "سوا لصيدا" ولائحة "نبض البلد". الأولى مدعومة من النائبة السابقة بهية الحريري والثانية من النائب أسامة سعد. وما زالت الأرقام متضاربة بين اللائحتين، حتى الساعة، بسبب ذهاب العديد من الصيداويين إلى تشكيل لوائحهم الخاصة، ووسط تكاثر عمليات التشطيب. منع توزيع نتائج حتى ساعات متأخرة من الصباح تتواصل عمليات الفرز، وثمة تضارب في الأرقام الصادرة عن الماكينات العائدة للوائح الرئيسية، ما دفع بمحافظ الجنوب منصور ضو للتعميم على كل الماكينات الانتخابية عدم التداول بأية ارقام قبل انجاز عمليات الفرز وإصدار المحاضر الرسمية للنتائج. علماً أنه حتى ما بعد منتصف الليل لم يكن عدد أقلام الإقتراع التي تم فرز اصواتها قد تعدى الـ20 قلماً من أصل مائة قلم في 17 مركز اقتراع في المدينة ككل. وكانت مدينة صيدا عاشت نهاراً ديمقراطياً بامتياز، حيث جرت الانتخابات في أجواء تنافسية حامية بين خمس لوائح، هي "سوا لصيدا" برئاسة مصطفى حجازي والمدعومة من جمهور تيار المستقبل ومن الرئيس السابق للبلدية محمد السعودي ورجل الأعمال مرعي أبو مرعي وعائلات، ولائحة "نبض البلد" برئاسة محمد دندشلي والمدعومة من النائب أسامة سعد ومن "تجمع علِ صوتك" ومجموعات من الثورة وعائلات، ولائحة صيدا "بدها ونحنا قدها" برئاسة عمر مرجان والمدعومة ضمناً من النائب عبد الرحمن البزري وعائلات، ولائحة "صيدا بتستاهل" المدعومة من الجماعة الإسلامية وعائلات و"صيدا تستحق" برئاسة مازن البزري والمدعومة من مهندسين وعائلات. التشطيب سيد الموقف نهار صيدا الإنتخابي مر بدون إشكالات تذكر داخل مراكز الإقتراع الـ17 التي توزعت عليها الأقلام في احيائها الـ13، لكن الأمر لم يخل من بعض إشكالات صغيرة خارج بعض المراكز، عملت القوى الأمنية سريعا على تطويقها. ورغم أن ثلاثة من اللوائح الرئيسية المتنافسة كانت مكتملة العدد وتضم 21 عضواً، الا أن التشطيب كان سيد الموقف سواء على هذه اللوائح او حتى على اللوائح غير المكتملة، مضافاً اليها اللائحة التي عممها الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) على مناصريه وجمع فيها مرشحين من اللوائح الأخرى معطياً الأفضلية عدداً للائحة نبض البلد بحسب ما ظهر من الأسماء التي جرى تعميمها من قبل الثنائي. وتسابقت الماكينات الانتخابية للوائح منذ بدء عملية الإقتراع صباحاً وحتى أقفال الصناديق مساءً على استقطاب الناخبين وتوجيههم الى انتخاب مرشحيها. كما تبارت شكلاً في اظهار مدى تنظيمها وحضور مندوبيها بكثافة عند مداخل وفي محيط مراكز الاقتراع. رغم تواريها قبل يوم الانتخابات خلف هذه اللائحة أو تلك، حضرت السياسة خلاله بأكثر من شكل وموقف، فواكب مندوبو كل لائحة من يدعمها من الفاعليات السياسية عند توجهه للإدلاء بصوته. وكان اقتراع هذا الفريق أو ذاك مناسبة ليعبر عن موقفه السياسي أو الإنتخابي من هذا الإستحقاق وما يعنيه بالنسبة له. وشهدت شوارع المدينة وطرقاتها الرئيسية والداخلية ولاسيما في محيط مراكز الاقتراع ازدحاما بالمواطنين والسيارات. لكن هذا الإزدحام لم يترجم خلال النهار بالقدر نفسه في أقلام الاقتراع. فتصاعدت نسبته لكن ببطء قبل الظهر، وتسارعت ظهرا قبل ان تعود وتتراجع بعده وحتى قرابة الخامسة. ما دفع ببعض الماكينات الإنتخابية لإعادة استنهاض ناخبيها وتحفيزهم على النزول والإقتراع وهكذا كان حيث توافدت بعدها اعداد كبيرة من الناخبين الى المراكز ليدلوا بأصواتهم وبقي قسم منهم داخلها حتى ما بعد موعد اقفال الصناديق لحين انتهاء عمليات الاقتراع. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد
أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد

بيروت نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • بيروت نيوز

أداة الثنائي الشيعي للتعبئة والحشد

في ظل الأجواء السياسية المتشنجة التي ترافق الاستحقاقات الانتخابية في لبنان، يعود الحديث مجدداً عن 'التكليف الشرعي' كأداة تعبئة تستخدمها بعض القوى لتوجيه ناخبيها. هذا المفهوم، الذي يتداخل فيه الديني بالسياسي، يُطرح كموقف شرعي مُلزِم يصدر عن مرجع ديني أو 'ولي فقيه'، ما يثير نقاشاً متجدّداً حول مشروعيته وحدوده في العمل السياسي، ومدى تأثيره على حرية الناخب وحقه في الاختيار. ولفهم خلفيات هذا المصطلح من زاوية دينية وفقهية واجتماعية، تحدث الشيخ ياسر عودة، عضو الهيئة الشرعية في مكتب المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، إلى 'النهار'، موضحاً ماهيته وموقعه في الفقه الإسلامي، كما في الواقع السياسي الشيعي، حيث يثير هذا النوع من الخطاب إشكاليات تتصل بالسلطة والتعددية والقرار الحرّ. ويبدأ الشيخ عودة بتعريف 'التكليف الشرعي' بأنه كل ما أوجبه الله أو حرّمه أو رغّب فيه أو كرهه أو أباحه، ويُستنبط من مصادر التشريع الإسلامي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والعقل، والإجماع. ويشدّد على أن إصدار هذا النوع من الأحكام يتطلب أهلية علمية عالية، ولا يجوز أن يصدر إلا عن الفقهاء المؤهّلين. لكن حين يتصل التكليف بالشأن السياسي، تتفاوت المواقف. فبحسب عودة، يرتبط الأمر بمن يقول بـ'الولاية العامة للفقيه'، أي إن للفقيه صلاحيات شاملة تشمل إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ووفق هذا الرأي، يمكن أن يُعتبر توجيه الناخبين نحو انتخاب لائحة معيّنة تكليفاً شرعياً واجباً. إلا أن هذا الرأي ليس موضع إجماع، إذ هناك فقهاء، كالسيد السيستاني، لا يقولون بالولاية العامة، بل يحصرونها بالشأنين الديني والفقهي الفردي، ويرفضون استخدام الدين لتوجيه الناس في خياراتهم السياسية. ويضيف عودة أن البيئة الشيعية، ولا سيما تلك المرتبطة بـ'حزب الله'، غالباً ما تلتزم بهذا النوع من التكليف إذا صدر، كأن يُطلب منها التصويت للائحة معيّنة. لكنه يطرح سؤالاً: هل صدر مثل هذا التكليف فعلاً في الانتخابات البلدية الحالية؟ وفق ما ينقله عن بعض مسؤولي الحزب، فإن التوجّه المعلن هو ترك الأمور للعائلات والتوافقات المحلية، مع السعي إلى تمثيل الجميع، بما في ذلك العائلات الصغيرة، ولا سيما في الاستحقاقات البلدية والاختيارية. غير أن الواقع على الأرض، بحسب عودة، يكشف أن كثرة المرشحين وتنوّع الانتماءات يفرضان معايير خاصة لدى الحزب لاختيار الأسماء، ما يؤدّي إلى تشكّل عدة لوائح، ويدفع لاحقاً إلى اللجوء إلى 'التكليف الشرعي' كوسيلة لحسم التباينات، كما حدث في انتخابات بيروت. وفي هذا السياق، يرى الشيخ عودة أن ما جرى في بيروت أظهر بوضوح حجم التناقضات بين الأحزاب، إذ لا توجد علاقة ودّية بين القوات اللبنانية وحزب الله، بل تنافر واضح، ومع ذلك توافق الطرفان على لائحة واحدة باسم 'بيروت بتجمعنا'. وهنا يطرح عودة تساؤلات مشروعة: هل كانت البيئات الحزبية مقتنعة بهذا التوافق؟ ويجيب: 'لا البيئة الشيعية المؤيدة لحزب الله كانت مقتنعة تماماً، ولا بيئة القوات كذلك'. من هنا، برز 'التكليف الشرعي' كأداة لإلزام جمهور الحزب بالاقتراع، حتى وإن لم يكن الأمر نابعاً من قناعة تامة. ويرى الشيخ عودة أن استخدام 'التكليف الشرعي' في السياسة لا يختلف جوهرياً عن أسلوب الأحزاب في توجيه ناخبيها، معتبراً أن الفارق الوحيد هو الطابع الديني للخطاب. فهو يشبه بين من يلتزم بتوجيه 'الوليّ الفقيه' في حزب الله، وبين من يلتزم بتوجيه حزبي سياسي مختلف، مثل من يتبع رئيس حزب التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية. ويقول: 'في النهاية، الجميع يطيعون زعماءهم، سواء غُلّف الخطاب بالدين أم لا'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store