logo
انطلاق المنتدى الاقتصادي الدولي في روسيا وترقب لخطاب بوتين

انطلاق المنتدى الاقتصادي الدولي في روسيا وترقب لخطاب بوتين

الجزيرةمنذ 4 ساعات

موسكو – انطلقت أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي بمدينة سانت بطرسبورغ الروسية بمشاركة أكثر من 20 ألف شخص من 140 دولة ومن المقرر أن يستمر إلى السبت المقبل.
ومن المتوقع أن تُشكل الكلمة المنتظرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة النقاش العامة الحدث الأبرز للمنتدى، وستتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم، وتقييما لوضع الاقتصاد الروسي وحالة علاقات روسيا مع أهم شركائها الأجانب وآفاقها، وفق ما أعلن عنه رسميا، ويرجح أن تركز بشكل كبير على المواجهة بين إيران وإسرائيل والحرب مع أوكرانيا.
حضور واسع
من بين الضيوف في المنتدى الذي يقام تحت شعار "القيم المشتركة أساس النمو في عالم متعدد الأقطاب": رؤساء ومسؤولون أبرزهم الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ودينغ شيويه شيانغنائب رئيس مجلس الدولة الصيني.
ويشارك في المنتدى أيضا وزراء الاقتصاد من قطر والسعودية والجزائر والإمارات وتركيا والهند ودول أخرى.
وقال أنطون كوبياكوف، مستشار الرئيس الروسي والأمين التنفيذي للجنة المنظمة للمنتدى، إن المنتدى سيُعقد في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات جسيمة، بدءًا من الحاجة إلى تسريع الرقمنة ووصولًا إلى مكافحة تغير المناخ.
وأكد أن المنتدى لن يكون منصة لمناقشة هذه القضايا فحسب، بل سيُسهم كذلك في تطوير حلول عملية محددة تُمكّن الاقتصاد العالمي من التكيف مع الظروف الجديدة.
ومن المقرر تنظيم 19 حوارًا تجاريا حول التعاون الدولي مع إيران والصين وتركيا وأميركا اللاتينية ودول الاتحاد الأوروبي.
ويتضمن برنامج أعمال المنتدى المحاور التالية:
الاقتصاد العالمي: منصة جديدة للنمو العالمي.
الاقتصاد الروسي: نوعية جديدة للنمو.
الإنسان في العالم الجديد: تنمية رأس المال البشري.
البيئة المعيشية: التنمية المستدامة.
صفقات رئيسية
قال الخبير الاقتصادي أندريه زايتسيف للجزيرة نت إن المنتدى اكتسب على مدار 27 عامًا مكانة المنصة العالمية الرائدة لإبرام الاتفاقيات ومناقشة القضايا الرئيسية للاقتصاد العالمي وضاعف من إمكانية إقامة روابط التعاون وتبادل الخبرات والكفاءات العالمية لضمان التنمية المستدامة.
وأضاف أنه في العام الماضي تم توقيع 1073 اتفاقا مع شركاء دوليين بقيمة تجاوزت 12 مليار دولار، متجاوزة بذلك تقريبًا ضعف ما تم التوقيع عليه في عام 2023.
وأوضح أن ذلك يعود إلى تحويل المنتدى لأداة للتواصل على نطاق عالمي لا سيما للشركات الكبرى ورجال الأعمال.
وقدّر زايتسيف زيادة قيمة العقود المبرمة بنسبة 20% عن العام السابق، متوقعًا أن تُسهم هذه الصفقات الرئيسية في تطوير الصادرات الروسية في اتجاهات جديدة، بالإضافة إلى مشاريع دولية أخرى.
وأكد زايتسيف أن المنتدى سيواصل هذا العام تعزيز مكانته كمنصة للحوار حول قضايا البنية الاقتصادية العالمية في سياق النظام العالمي المتغير الذي تحرك الآن ليس نحو نظام عالمي متعدد المراكز، بل نحو نظام عالمي متعدد الأصوات، على حد وصفه، باتجاه تشكيل صورة جديدة للعالم بشأن قضايا التنمية الاقتصادية الدولية.
وقال إن الفارق الرئيسي في هذا المنتدى هو التركيز على التنفيذ العملي لاستبدال الواردات وتشكيل سلاسل لوجستية ومالية مستدامة جديدة مع بلدان الجنوب والشرق العالميين.
وبيّن زايتسيف أن المنتدى يجب أن يصبح تأكيدا واضحا للعالم أجمع أن الاقتصاد الروسي لم ينجُ فحسب، بل اكتسب أيضا ديناميكية تنموية جديدة تعتمد على الموارد الداخلية والشراكة مع الحلفاء والدول المحايدة.
منصة
من جهته، وصف الخبير في المدرسة العليا للاقتصاد فلاديمير أوليتشينكو المنتدى بكونه بالغ الأهمية لروسيا في ظروف العقوبات والقيود، مشيرا إلى أنه يُمثل منصة رئيسية لتطوير التعاون التجاري والاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية وإبراز نمو روسيا الاقتصادي ومكانتها العالمية.
وتابع أنه يشكل منصة لتعزيز المصالح الوطنية الروسية في سياق عالم متعدد الأقطاب، لا سيما ضمن مجموعات كبيرة مثل مجموعة بريكس.
وأوضح أنه في هذه الظروف، يلقي المنتدى الضوء على التقدم الذي أحرزته روسيا في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي، وهما محركان أساسيان للنمو الاقتصادي والتنمية في ظل التحديات العالمية الراهنة.
ورأى أن الأهم في المنتدى أنه يمثل منصة جيوسياسية وجيو اقتصادية لأوراسيا، كمنطقة ذات أهمية إستراتيجية تشهد تحولات كبيرة، وفرصة لتعزيز مفهوم روسيا لعالم عادل متعدد الأقطاب وإبراز دورها في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي.
وقال أوليتشينكو إن المشاركة الواسعة من الوفود تشهد على الاهتمام الكبير بالمنتدى، وتبعث برسالة قوية للعالم حول قابلية الاقتصاد الروسي للاستمرار وانفتاحه على التعاون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انطلاق المنتدى الاقتصادي الدولي في روسيا وترقب لخطاب بوتين
انطلاق المنتدى الاقتصادي الدولي في روسيا وترقب لخطاب بوتين

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

انطلاق المنتدى الاقتصادي الدولي في روسيا وترقب لخطاب بوتين

موسكو – انطلقت أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي بمدينة سانت بطرسبورغ الروسية بمشاركة أكثر من 20 ألف شخص من 140 دولة ومن المقرر أن يستمر إلى السبت المقبل. ومن المتوقع أن تُشكل الكلمة المنتظرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة النقاش العامة الحدث الأبرز للمنتدى، وستتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم، وتقييما لوضع الاقتصاد الروسي وحالة علاقات روسيا مع أهم شركائها الأجانب وآفاقها، وفق ما أعلن عنه رسميا، ويرجح أن تركز بشكل كبير على المواجهة بين إيران وإسرائيل والحرب مع أوكرانيا. حضور واسع من بين الضيوف في المنتدى الذي يقام تحت شعار "القيم المشتركة أساس النمو في عالم متعدد الأقطاب": رؤساء ومسؤولون أبرزهم الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ودينغ شيويه شيانغنائب رئيس مجلس الدولة الصيني. ويشارك في المنتدى أيضا وزراء الاقتصاد من قطر والسعودية والجزائر والإمارات وتركيا والهند ودول أخرى. وقال أنطون كوبياكوف، مستشار الرئيس الروسي والأمين التنفيذي للجنة المنظمة للمنتدى، إن المنتدى سيُعقد في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات جسيمة، بدءًا من الحاجة إلى تسريع الرقمنة ووصولًا إلى مكافحة تغير المناخ. وأكد أن المنتدى لن يكون منصة لمناقشة هذه القضايا فحسب، بل سيُسهم كذلك في تطوير حلول عملية محددة تُمكّن الاقتصاد العالمي من التكيف مع الظروف الجديدة. ومن المقرر تنظيم 19 حوارًا تجاريا حول التعاون الدولي مع إيران والصين وتركيا وأميركا اللاتينية ودول الاتحاد الأوروبي. ويتضمن برنامج أعمال المنتدى المحاور التالية: الاقتصاد العالمي: منصة جديدة للنمو العالمي. الاقتصاد الروسي: نوعية جديدة للنمو. الإنسان في العالم الجديد: تنمية رأس المال البشري. البيئة المعيشية: التنمية المستدامة. صفقات رئيسية قال الخبير الاقتصادي أندريه زايتسيف للجزيرة نت إن المنتدى اكتسب على مدار 27 عامًا مكانة المنصة العالمية الرائدة لإبرام الاتفاقيات ومناقشة القضايا الرئيسية للاقتصاد العالمي وضاعف من إمكانية إقامة روابط التعاون وتبادل الخبرات والكفاءات العالمية لضمان التنمية المستدامة. وأضاف أنه في العام الماضي تم توقيع 1073 اتفاقا مع شركاء دوليين بقيمة تجاوزت 12 مليار دولار، متجاوزة بذلك تقريبًا ضعف ما تم التوقيع عليه في عام 2023. وأوضح أن ذلك يعود إلى تحويل المنتدى لأداة للتواصل على نطاق عالمي لا سيما للشركات الكبرى ورجال الأعمال. وقدّر زايتسيف زيادة قيمة العقود المبرمة بنسبة 20% عن العام السابق، متوقعًا أن تُسهم هذه الصفقات الرئيسية في تطوير الصادرات الروسية في اتجاهات جديدة، بالإضافة إلى مشاريع دولية أخرى. وأكد زايتسيف أن المنتدى سيواصل هذا العام تعزيز مكانته كمنصة للحوار حول قضايا البنية الاقتصادية العالمية في سياق النظام العالمي المتغير الذي تحرك الآن ليس نحو نظام عالمي متعدد المراكز، بل نحو نظام عالمي متعدد الأصوات، على حد وصفه، باتجاه تشكيل صورة جديدة للعالم بشأن قضايا التنمية الاقتصادية الدولية. وقال إن الفارق الرئيسي في هذا المنتدى هو التركيز على التنفيذ العملي لاستبدال الواردات وتشكيل سلاسل لوجستية ومالية مستدامة جديدة مع بلدان الجنوب والشرق العالميين. وبيّن زايتسيف أن المنتدى يجب أن يصبح تأكيدا واضحا للعالم أجمع أن الاقتصاد الروسي لم ينجُ فحسب، بل اكتسب أيضا ديناميكية تنموية جديدة تعتمد على الموارد الداخلية والشراكة مع الحلفاء والدول المحايدة. منصة من جهته، وصف الخبير في المدرسة العليا للاقتصاد فلاديمير أوليتشينكو المنتدى بكونه بالغ الأهمية لروسيا في ظروف العقوبات والقيود، مشيرا إلى أنه يُمثل منصة رئيسية لتطوير التعاون التجاري والاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية وإبراز نمو روسيا الاقتصادي ومكانتها العالمية. وتابع أنه يشكل منصة لتعزيز المصالح الوطنية الروسية في سياق عالم متعدد الأقطاب، لا سيما ضمن مجموعات كبيرة مثل مجموعة بريكس. وأوضح أنه في هذه الظروف، يلقي المنتدى الضوء على التقدم الذي أحرزته روسيا في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي، وهما محركان أساسيان للنمو الاقتصادي والتنمية في ظل التحديات العالمية الراهنة. ورأى أن الأهم في المنتدى أنه يمثل منصة جيوسياسية وجيو اقتصادية لأوراسيا، كمنطقة ذات أهمية إستراتيجية تشهد تحولات كبيرة، وفرصة لتعزيز مفهوم روسيا لعالم عادل متعدد الأقطاب وإبراز دورها في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي. وقال أوليتشينكو إن المشاركة الواسعة من الوفود تشهد على الاهتمام الكبير بالمنتدى، وتبعث برسالة قوية للعالم حول قابلية الاقتصاد الروسي للاستمرار وانفتاحه على التعاون.

الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"
الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"

في ظل تحولات متسارعة يشهدها النظام الدولي، وتزايد حدة التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ والموارد، استضافت جامعة بوغازيجي التركية يومي 16 و17 يونيو/حزيران الجاري مؤتمرا دوليا رفيع المستوى بعنوان "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط.. إعادة رسم طرق التجارة والشبكات". جاء المؤتمر بتنظيم مشترك مع مركز الجزيرة للدراسات ، وبمشاركة مؤسسات أكاديمية من الصين و تركيا وأوروبا، وبحضور نخبة من الباحثين والخبراء. وناقش المؤتمر الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية لمشاريع الربط والبنى التحتية العالمية، وفي مقدمتها مبادرة الحزام والطريق الصينية، و الممر الاقتصادي الهندي- الشرق أوسطي- الأوروبي ، ومشروع طريق التنمية بين العراق وتركيا ، فضلا عن المبادرة الأوروبية للبنية التحتية، مع تركيز خاص على موقع الشرق الأوسط ضمن هذه المبادرات باعتباره منطقة تقاطع إستراتيجي في إعادة تشكيل شبكات التجارة والتحالفات الدولية. طبيعة الصراع الدولي وفي كلمته الافتتاحية، قدّم مدير مركز الجزيرة للدراسات الدكتور محمد المختار الخليل قراءة إستراتيجية معمقة لطبيعة التنافس الراهن، مؤكدا أن القوى العظمى لا تتصارع اليوم على "إعادة رسم الخرائط" فحسب، بل تسعى إلى بناء شبكات مصالح متجددة ومسارات بديلة لطرق التجارة ترسم بها خريطة النفوذ المستقبلي. واعتبر أن النظام العالمي الجديد لا يمكن أن يولد دون تفكيك ما تبقى من القديم، وأن ما يجري في قطاع غزة وإيران ليس إلا تمظهرا حيا لهذا التحول. ورأى الخليل أن التنافس القائم في المنطقة يجسد مواجهة بين 3 كتل: قوى صاعدة، وقوى متراجعة، وقوى نزاعة للاستقلال، وأن هذا المؤتمر يسعى إلى صياغة فهم جماعي لهذه التحولات بما يُمكّن الباحثين وصنّاع القرار من استشراف سيناريوهات الخروج من الأزمات المتكررة في الشرق الأوسط. من جانبه، شدد وو شويمينغ نائب رئيس أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية على الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط ضمن مبادرة الحزام والطريق، واعتبر أن الصين تسعى إلى بناء علاقات قائمة على التفاهم والتكامل في مجالات الطاقة المتجددة والاتصالات والتبادل الثقافي، وليس على الهيمنة أو الاستقطاب. كما أكد التزام بكين بتعزيز التعاون الدولي ودعم الاستقرار في المنطقة بعيدا عن الإستراتيجيات القائمة على الفوضى أو التفتيت. هشاشة النظام الدولي من تركيا، اعتبر مدير دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة "سيتا" مراد يشلطاش أن الحرب على إيران ليست مجرد تطور عابر، بل هي حدث مفصلي يعكس إعادة تشكيل العلاقات الدولية وتحولات ميزان القوى. كما نبّه إلى فشل النظام الدولي ومؤسساته الأممية في التعامل مع أزمات الشرق الأوسط بسبب غياب المرجعيات القيمية الموحدة والتناقضات البنيوية في المنظمات الدولية. وفي كلمته، رأى سلجوق أيدين نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة بوغازيجي، أن الأحداث الجارية في أكثر من مكان، من الحرب على غزة إلى التصعيد في أوكرانيا، مرورا بالتوتر المتصاعد بين القوى الغربية، تكشف عن هشاشة عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية للنظام الدولي، وتؤشر على خلل متزايد في قدرته على الاستجابة للأزمات المتراكمة. واعتبر أن سلاسل التوريد والممرات التجارية لم تعد مجرد مسارات لوجستية، بل تحولت إلى أدوات للتنافس الجيوسياسي والاستقطاب الإستراتيجي، داعيا إلى مراجعة شاملة للمفاهيم السائدة حول الأمن الاقتصادي العالمي في ظل تزايد تداخل الاقتصاد بالتوازنات العسكرية والسياسية. أبرز مداولات اليوم الأول: تفكك النظام الدولي، وصراع المصالح، وتحولات التكنولوجيا ناقشت جلسات اليوم الأول من المؤتمر مظاهر تفكك النظام الدولي الراهن؛ حيث شددت المداخلات على أن الأحداث الجارية، ولا سيما في غزة، كشفت عن هشاشة عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية العالمية، في ظل تنامي التوترات وتزايد الاعتماد على سلاسل الإمداد والممرات الدولية كمجالات للتنافس الجيوسياسي. ورصد في هذا السياق تصاعد حاد في التنافسية الإستراتيجية بين القوى الغربية وفي الشرق الأوسط. ولم تغب الإشارة إلى ضعف النظام القانوني الدولي في ضوء غياب المساءلة الفعلية عن الانتهاكات العسكرية، ولا سيما في السياق الفلسطيني. توقفت النقاشات كذلك عند التحولات في الدور التركي الإقليمي؛ حيث رفضت التصورات التي تربط بين الحضور التركي في بعض الملفات و"الحنين العثماني"، في مقابل التأكيد على دور أنقرة الوسيط والتوازني القائم على الثقة في النفس والسعي نحو التهدئة. أما في المجال التكنولوجي، فقد طرحت مقاربات تؤكد أن الصراع العالمي بات يتمحور حول الهيمنة الرقمية والتفوق التكنولوجي، لا حول التوسع العسكري فقط، مع تحذيرات من أن الولايات المتحدة تسعى لتطويق صعود قوى أخرى كالصين وتركيا من خلال التحكم في المجال الرقمي والتحالفات الأمنية. شكلت مداولات اليوم الأول إطارا تحليليا لرؤية القوى الإقليمية والدولية لمستقبل النظام العالمي في ظل عالم تتزايد فيه مؤشرات التمزق أكثر من ملامح الاستقرار. أبرز مداولات اليوم الثاني الشرق الأوسط.. مختبر التعددية القطبية شكل اليوم الثاني من المؤتمر مناسبة لتوسيع النقاش حول موقع الشرق الأوسط داخل نظام عالمي آخذ في التشظي وإعادة التشكل؛ حيث لم يعد العالم محكوما بثنائية الحرب الباردة، ولا باستقرار القطب الأوحد، بل بات ساحة لتفاعلات بين قوى صاعدة وأخرى متراجعة، وتحالفات مرنة تتبدل بحسب المصالح والظروف. وفي هذا السياق، ناقشت الجلسات بإسهاب إمكانيات أن تتبنى دول المنطقة مبادرات تكاملية خاصة بها بعيدا عن الارتهان للمشاريع العابرة من الخارج، وطرحت تساؤلات عميقة حول ما إذا كان الشرق الأوسط قادرا، في ظل واقعه السياسي المعقد، على صوغ أجندة تكامل إقليمي مستقل. تناولت المداخلات دور المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة الدول التركية، باعتبارها منصات محتملة لتفعيل هذا الدور، إلا أن غالبية المشاركين أقروا بأن غياب الرؤية الموحدة والانقسامات السياسية والصراعات الداخلية لا تزال تشكل عائقا حقيقيا أمام بناء مسارات تجارية واقتصادية مشتركة تنطلق من داخل المنطقة نفسها وتستجيب لأولويات شعوبها. كما استعرضت الجلسات التحديات السياسية واللوجستية التي تواجه هذه المبادرات، بما فيها نقص البنية التحتية العابرة للحدود، والشكوك بين الدول المتجاورة، وتداخل الأجندات الأمنية مع المشاريع الاقتصادية، مما يجعل فكرة "تكامل إقليمي مستقل" هدفا صعب المنال، وإن لم يكن مستحيلا. وسلط المؤتمر الضوء بشكل خاص على استبعاد تركيا من مبادرة الممر الاقتصادي الهندي- الشرق أوسطي- الأوروبي، معتبرا ذلك مؤشرا على الاصطفافات الجيوسياسية الجديدة التي تعيد تشكيل شبكة النفوذ والمصالح في المنطقة. مخرجات بحثية اختتم المؤتمر أعماله بإعلان مجموعة من المخرجات البحثية التي تسعى إلى ترجمة النقاشات النظرية إلى أدوات معرفية وسياساتية قابلة للتوظيف. وشملت هذه المخرجات إعداد كتاب جماعي محرر يوثق أبرز أوراق المؤتمر ومداولاته، بالتعاون مع مركز الجزيرة للدراسات ودار نشر دولية، إلى جانب إصدار موجزات سياسات تستند إلى التحليلات والقراءات التي طرحت خلال الجلسات. كما تم التأكيد على التوجه نحو تنظيم فعاليات بحثية لاحقة، تشمل مؤتمرات متخصصة وورشا ولقاءات تشاورية، بهدف تعميق النقاش في القضايا التي تناولها المؤتمر، وتوسيع نطاقها ضمن دوائر البحث وصنع السياسات.

الصراع الإيراني الإسرائيلي والمناورة الكبرى في الشرق الأوسط
الصراع الإيراني الإسرائيلي والمناورة الكبرى في الشرق الأوسط

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

الصراع الإيراني الإسرائيلي والمناورة الكبرى في الشرق الأوسط

يشهد الشرق الأوسط حاليًّا ما يشبه مناورة حرب القرن 21 الكبرى، حيث تتحول المنطقة إلى رقعة شطرنج جيوسياسية معقدة، تخاض فيها الحرب بين إيران وإسرائيل، مدعومتين بقوى عالمية عظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين. ولا يقتصر هذا الصراع على المواجهة العسكرية المباشرة، بل يتعداها إلى معادلة إستراتيجية دقيقة، تتطلب مناورات عسكرية ودبلوماسية مكثفة من كافة الأطراف. المعادلة العسكرية بين إيران وإسرائيل: استنزاف وتحدٍّ في جوهر هذه المناورة، تكمن معادلة عسكرية حرجة بين إيران وإسرائيل؛ الإستراتيجية الإيرانية الأساسية في الحرب الآن هي تحييد أميركا، وحرب السماوات المفتوحة.. تسعى إيران إلى استنزاف قدرة إسرائيل على السيطرة على أجوائها، معتبرة أن قدرة الطيران الإسرائيلي على الاستمرار في الجو ستُستنزف سريعًا. وبالتالي، تبطئ إيران حاليًا في الكشف عن أهم ما تملكه وعن صواريخها الثقيلة والأكثر تقدمًا ومنصات الإطلاق، وتكتفي بالتعامل من خلال الصواريخ ومنصات الإطلاق التقليدية. هذا التباطؤ نابع من إدراكها أن إسرائيل ترغب في هذه اللحظة بضرب صواريخها الثقيلة قبل أن تكتمل دفاعاتها وتؤمن منصات إطلاق صواريخها. وبالتالي، تناور إيران لعدم الكشف عن قدراتها الصاروخية الثقيلة في هذا التوقيت المبكر. هذا الوضع يشبه قبول مبادرة روجرز عام 1967، حيث تهدف إيران لكسب الوقت لترتيب موقفها الداخلي وقدراتها الصاروخية، واستكشاف البيئة المحيطة بنظامها (مثل مواقف روسيا والصين)، وترتيب حساباتها الخاصة بالتحالفات. ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي استنزاف قدرات إسرائيل على الرصد والتحليق في سماء إيران، من خلال إجهاد الطيران الإسرائيلي دون تحقيق قمع للقدرات الصاروخية الإيرانية ومنصات إطلاقها. في المقابل، تعمل إيران على استنزاف القدرات الدفاعية الإسرائيلية بعمليات الضرب الصاروخي والمسيرات؛ من أجل الوصول إلى فتح السماء الإسرائيلية، واستخدام إيران لسلاحها التكتيكي المتميز -وهو المسيرات- باعتباره دقيقًا من ناحية، وأقل تكلفة وتأثيرًا على مستوى إثارة الرأي العالمي. حسابات روسيا والصين ليست بسيطة؛ فالصين وروسيا لا تريدان أن يشتعل العالم، وإنما تريدان أن تحققا أهدافهما وتنجحا في تغيير الوضع العالمي القائم دون زلزال يدمر العالم، لأنهما لن تستفيدا من النتيجة أهداف إسرائيل تعمل إسرائيل على المناورة والتقدم.. هي ترغب في امتلاك السيادة الجوية، وضرب قواعد الصواريخ وقدرات الإطلاق الصاروخي الإيراني، كما ترغب في دخول أميركا سريعًا للتعامل مع هذا الوضع، معتبرة أن قدرة الطيران الإسرائيلي على الاستمرار في الجو ستُستنزف سريعًا، وأن قدرة الدفاعات الإسرائيلية تمثل تحديًا في ذات الوقت. حسابات القوى الكبرى.. ما بين التحرك المحسوب ونافذة الفرصة الضيقة إيران تعلم أن من الخطأ الآن ارتكاب أي حماقة ضد أميركا، وبالتالي هناك نوع من التفاهم بأن تبقى أميركا خارج اللعبة، في مقابل عدم استهداف إيران للمصالح الأميركية، وبالتالي يكون الصراع إيرانيًّا إسرائيليًّا. مقابل هذا التفاهم يظهر هناك تفاهم آخر، وهو أنه إذا تدخلت أميركا بشكل مباشر فإن حلفاء إيران سيتدخلون. حسابات حلفاء المحور الشرقي (روسيا والصين) لذلك، تتمثل أبرز الخيارات المتاحة أمام الصين وروسيا في: التدخل المحسوب، والذي سيكون على حساب إيران لاجتذاب الأطراف المختلفة في المنطقة، التي تبحث عن التحوط ووسيط للتفاهم غير أميركا. أو دعم إيران في ضرب إسرائيل والتخلص من التحدي الإسرائيلي بشكل مركز. أو العمل على توسيع المعركة لتصبح ضد أميركا وإسرائيل في المنطقة بشكل عام. أو دفع الأمور إلى مستوياتها القصوى من خلال ضرب النفط وإشعال توتر موسع في الخليج. لكن حسابات روسيا والصين ليست بسيطة؛ فالصين وروسيا لا تريدان أن يشتعل العالم، وإنما تريدان أن تحققا أهدافهما وتنجحا في تغيير الوضع العالمي القائم دون زلزال يدمر العالم، لأنهما لن تستفيدا من النتيجة. كما أنهما تريدان استغلال هذا الموقف الأميركي والإسرائيلي المسعّر للحرب لتحرزا نقطة على حساب أميركا كوسيطي سلام في المنطقة، وبالتالي العمل على احتواء أي اندفاع إيراني لتفجير المنطقة لكسب الخليج. حسابات أميركا تعمل أميركا على المناورة واستغلال نافذة الفرصة المتاحة، لتدمير قدرات إيران الهجومية قبل تدخل القوى الأخرى، وبالتالي التفاوض معها حول تجنب الأسوأ، في حين أنها ستعمل حتمًا على التقدم للأمام بعد احتواء الآخرين. هنا، يحاول ترامب أن يحيد الصين وروسيا -وبالأخص روسيا- من خلال فكرة أنه لن يعمل على إسقاط النظام ولا تقسيم إيران، لأن ما تريده أميركا وإسرائيل ببساطة هو تأمين مدخل المنطقة ومخرجها؛ مدخل المنطقة من خلال الخليج العربي، ومخارجها في سواحل المتوسط. تأمين مدخل المنطقة في الحسابات الأميركية يعني إبعاد إيران أصلًا عن الخليج العربي، بفصل إقليم الأحواز العربي وإعادة تقسيم إيران. ومن ناحية أخرى، العمل على تحويل إيران إلى قوة مضادة لروسيا.. يحاول ترامب أن يناور مع الروس حول هذا الأمر قائلًا: "إنني لن أحاول أن أغير النظام في إيران، وإنما أريد أن أجعله نظامًا محايدًا، لا ضدي ولا ضدك، لا ضد روسيا ولا ضد أميركا وإسرائيل". روسيا تتخوف من أن هذه يمكن أن تمثل الفرصة الأخيرة بالنسبة لها في الشرق إذا ما أخطأت الرهان وذهبت في الرهان على إيران؛ سواء في إستراتيجية استنزاف أو غيرها، باعتبار أن أميركا لديها الحصان الرابح في المشهد وهو إسرائيل، وبالتالي سيتم استبعاد روسيا تمامًا من الشرق الأوسط. أما إذا اختارت الحياد، فإنه يمكن أن يكون لها حظ في الشرق الأوسط، وتفاهمات مع أميركا وإسرائيل في النهاية. هذه معضلة "تجنب الأسوأ" التي يعمل ترامب على فرضها على روسيا؛ لأن البديل هو أن نسقط النظام في إيران، وبالتالي نحاصر روسيا وتواجه موقفًا خطيرًا في وسط آسيا كله، من إيران إلى دول وسط آسيا وحتى تركيا؛ باعتبار أن هذه المنطقة التي كانت روسيا تعمل على إغلاقها تقليديًّا أمام أميركا ستكون قد تم اختراقها بقوة، وويتبع ذلك فتح أميركا والغرب قلب أوراسيا وتحويله ضد روسيا، وبالتالي خلق جبهة استنزاف واسعة وتدميرية بالنسبة لروسيا. من ناحية أخرى، ستكون حالة تدميرية بالنسبة للصين، لأن الصين حينها سيكون عليها أن تخوض حربًا متعددة الجبهات: حربًا في وسط آسيا لتأمين طرق الإمداد والتصدير الخاصة بها للوصول إلى الأسواق الأوروبية من خلال البر، وأخرى لتأمين موقفها من خلال البحر وقدرتها على الوصول إلى الأسواق وارتباطاتها العالمية، والذي تواجه فيه تحديات كبيرة بسبب تايوان والتحالفات الأميركية حول بحر الصين الجنوبي. وبالتالي، تمتلك أميركا وضعية سيد اللعبة في مقابل الجميع.. نافذة الفرصة الضيقة أمام الجميع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store