logo
برؤية ملكية.. «العقبة الخاصة» بوابة الأردن للعالم

برؤية ملكية.. «العقبة الخاصة» بوابة الأردن للعالم

أخبارنا١٣-٠٧-٢٠٢٥
أخبارنا :
العقبة - ابراهيم الفرايه ونادية الخضيرات
عادت العقبة من جديد إلى دائرة الضوء، لا كمدينة ساحلية أو مركز جذب سياحي فقط، بل كمحور وطني تنموي شامل يُعاد استحضاره بقوة ضمن الرؤية الملكية الشاملة التي تؤمن بأن العقبة ليست مجرد مدينة على البحر، بل بوابة للأردن على العالم، ومنصة اقتصادية واستثمارية وسياحية ولوجستية كبرى قادرة على إحداث الفارق على مستوى الاقتصاد الكلي للدولة.
فالعقبة منطقة اقتصادية خاصة تم تأسيسها برؤية ملكية تهدف إلى تحويلها إلى وجهة استثمارية وسياحية متكاملة، مع التركيز على التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات. هذه الرؤية الملكية، التي تجسدت من خلال سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، تسعى إلى تحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز مكانة العقبة على المستويين المحلي والإقليمي.
ما تشهده العقبة اليوم ليس نشاطاً حكومياً روتينياً، بل محطة مفصلية تُختبر فيها قدرة الدولة على تحويل الرؤية إلى واقع، والفرص إلى منجزات.
العقبة التي جمعت البحر والصحراء، والجغرافيا والسياسة، أصبحت في قلب معادلة التنمية، وها هي الآن تتقدم بخطى واثقة نحو دور أكبر، يحتاج إلى العمل أكثر من الأقوال، وإلى استثمار لا يعرف التردد.
في هذا السياق، جاءت الزيارة الميدانية المكثفة التي أجراها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان إلى مدينة العقبة، والتي شملت تسعة مواقع حيوية، رافقها اجتماع موسّع في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، تلاه تفاعل نيابي موسّع تمثل بزيارة لجنة العمل والتنمية والسكان النيابية، وعقدها سلسلة لقاءات مع عدد من الجهات الرسمية والاستثمارية الكبرى.
رئيس الوزراء، وخلال حديثه أمام مجلس مفوضي سلطة العقبة، قالها بصراحة ووضوح:»حجم العمل في العقبة كبير، ويجب ألا نضيع الفرصة.»بهذه العبارة، فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التقييم الصارم، والقرارات الجريئة، والإرادة التنفيذية التي تسعى إلى تسريع الإنجاز وتحقيق الأثر التنموي المستدام.
العقبة.. من مدينة ساحلية إلى بوابة أردن المستقبل
في كلمته، شدد الدكتور حسان على أن التفكير في العقبة يجب أن ينطلق من كونها نموذجًا متقدمًا لأردن المستقبل، يُطبق فيه أحدث ما وصلت إليه التجارب العالمية في الإدارة الحضرية والتنمية الاقتصادية والتقنيات المستدامة، بحيث تتحول إلى مرجعية لباقي مناطق المملكة في مجال الخدمات الذكية والتخطيط الشمولي.
وأكد أن العقبة ما زالت تحظى باهتمام كبير من جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد، اللذين يوجّهان باستمرار إلى تطوير المدينة وتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي وإمكاناتها الطبيعية واللوجستية.
وأشار إلى أن المدينة شهدت توسعًا سكانيًا واقتصاديًا كبيرًا خلال السنوات الـ25 الماضية، ما يتطلب مواكبة في الخدمات والبنية التحتية وتكاملًا في الأداء بين الجهات المعنية.
زيارة حكومبة ميدانية لمواقع استراتيجية
خلال جولته، زار رئيس الوزراء عدداً من المشاريع القائمة والمخططة، من أبرزها :
معبر حدود الدرة،حيث وُجه الدكتور حسان بتسريع مراحل تطوير المعبر الذي يشهد مرور أكثر من 100 ألف مسافر شهريًا، ويخدم حركة السياحة والشحن، ويُقام على مساحة 300 دونم، ويحتوي على مرافق لوجستية وتجارية متطورة.
ميناء العقبة الجديد: يضم 9 أرصفة من بينها رصيفان مخصصان لصوامع الحبوب، والذي تمَّ تطويره وتوسيع قدرته على المناولة لتبلغ 6 ملايين طن سنوياً، ساهمت في نمو عمليات المناولة بنسبة 9% مقارنة مع العام الماضي.
ميناء الحاويات: مشروع شراكة ناجح مع القطاع الخاص، دخل مرحلة جديدة من التطوير باتفاقية بلغت قيمتها 242 مليون دولار لتحويله إلى ميناء «أخضر» ضمن أهداف التنمية المستدامة.
المجمع الصناعي: وضع حجر الأساس لخزان أمونيا ثنائي الجدار، بسعة 55 ألف طن، يخدم الصناعات المتخصصة، ويعزز أمن التزوّد الصناعي والسلامة العامة.
مستودعات الغاز البترولي: إطلاق مشروع خزانين بسعة 2000 طن متري، بكلفة تتجاوز 15 مليون دينار، لتقليل كلف النقل وتعزيز أمن الطاقة.
مركز الإسعاف والطوارئ التابع لشركة مناجم الفوسفات: يقدم خدمات طبية متكاملة للعاملين في المنطقة الصناعية والمجتمع المحلي، ويعمل على مدار الساعة مجانًا.
المركز الدولي لمحمية العقبة البحرية: مبادرة بيئية متقدمة لحماية الشعاب المرجانية النادرة في خليج العقبة، وتعزيز الاقتصاد الأزرق، بالشراكة مع مؤسسات علمية محلية وعالمية.
مركز العقبة الدولي للمعارض: يقع على مساحة 170 ألف م²، ويُعد منصة استراتيجية لسياحة الأعمال والمؤتمرات.
مضمار سباقات السيارات: يعزز موقع العقبة في خارطة السياحة الرياضية الإقليمية، ويستهدف استقطاب البطولات الدولية وزيادة الجذب السياحي.
السلطة: رؤية شمولية ومشروع توزيع أراضٍ قيد الدراسة
من جهته، أكد رئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة «شادي رمزي» المجالي ، أن ملف توزيع الأراضي على المواطنين بأسعار رمزية قيد الدراسة أمام المجلس كون عدد المتقدمين للاستفادة من هذا المشروع كبير جدا كما ان تكلفته عالية وسيتم تنفيذه بطريقة سليمة.
وأضاف المجالي ، أن سلطة منطقة العقبة رؤية ملكية حققت النجاح وجعلت من العقبة مركزا تجاريا واستثماريا ولوجستيا على المستوى المحلي والعالمي .ونجحت في استقطاب استثمارات استراتيجية جعلت منها مدينة جاذبة ومرنة، مؤكداً أن السلطة تضع في أولوياتها المحاور الخمسة: الاستثمار، السياحة، المدينة الذكية، التدريب، والابتكار.
وقال إن العقبة أصبحت انموذجا للحكومة المركزية وفيها بيئة تشريعية مستقرة ولديها شراكات حقيقية مع القطاعين العام والخاص وحوافز استثمارية وتدعم التدريب المهني وهي اكبر مشغل وظائف على مستوى المملكة .
العمل النيابية : رقابة ودفع باتجاه تسريع الإنجاز
خلال زيارتها للعقبة، عقدت لجنة العمل والتنمية والسكان النيابية سلسلة لقاءات نوعية، استعرضت خلالها الإنجازات وناقشت التحديات.
وأكد رئيس اللجنة النائب معتز أبو رمان، أن العقبة اليوم هي «رئة الأردن الاقتصادية»، داعياً إلى تفعيل «المثلث الذهبي» الذي يربط العقبة بالبتراء ووادي رم، ويمثل مشروعاً سياحياً وطنياً متكاملاً.
وطالبت اللجنة بإنشاء مستشفى حكومي رديف، وتنفيذ خطة لتسكين 15 ألف عائلة، وتسريع مشاريع سكة الحديد والناقل البحري، وتسهيل إجراءات التخليص في الموانئ، وخلق بيئة خدمية تناسب حجم المدينة ومكانتها.
شهادات : تطوير العقبة والفوسفات والموانئ
في لقاء اللجنة مع شركة تطوير العقبة، أكد الرئيس التنفيذي حسين الصفدي ، أن الشركة تسير في تنفيذ مشاريع استراتيجية تشمل تطوير الشاطئ الجنوبي، وساحة الثورة، وسوق السمك، والمرافق السياحية، مشيراً إلى أن التمكين والتشغيل المحلي يمثلان أولوية قصوى.
وفي شركة الفوسفات الأردنية، استعرض الدكتور محمد الذنيبات ، التحول الذي شهدته الشركة من خسائر عام 2016 إلى أرباح تراكمية بقيمة 2.05 مليار دينار، وارتفاع القيمة السوقية من 234 مليون إلى 4.3 مليار دينار، وتخصيص أكثر من 1.2 مليار دينار للمشاريع المستقبلية.
أما في شركة إدارة وتشغيل الموانئ، فقد قدم الدكتور محمود خليفات ، عرضاً شاملاً حول ارتفاع المناولة بنسبة 10%، والخطط لتطوير البيئة المينائية وتحسين عمليات التفويج وتسهيل المعاينة والتخليص.
أرقام العقبة: صورة النمو والتحول
عدد السكان: ارتفع من 217 ألف نسمة عام 2021 إلى أكثر من 250 ألفاً حالياً، مع توقعات بالوصول إلى 267 ألفاً في 2028.
عدد الموانئ: 12 ميناءً، و30 رصيفاً.
المناولة: ارتفعت من 765,662 حاوية إلى 906,882 حاوية، ومتوقع تجاوز 977 ألفاً بحلول 2028.
الشركات المسجلة: ارتفعت من 1682 شركة إلى 1935 شركة حالياً.
الغرف الفندقية: من 5818 غرفة في 2021 إلى 7133 حالياً، ومتوقع أن تصل إلى 10,849 غرفة في 2028.
الجامعات: 4 جامعات، مع توسع في التعليم الطبي والمهني.
والسؤال : هل تكون العقبة، بالفعل، عنوان المرحلة المقبلة في التنمية الوطنية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النفط يفقد بعض زخمه وسط تركيز الأسواق على مهلة ترامب لروسيا
النفط يفقد بعض زخمه وسط تركيز الأسواق على مهلة ترامب لروسيا

الدستور

timeمنذ 37 دقائق

  • الدستور

النفط يفقد بعض زخمه وسط تركيز الأسواق على مهلة ترامب لروسيا

الدستور- رصد هدأت وتيرة ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية، اليوم الأربعاء، بعد ارتفاعها في الجلسة السابقة بأكثر من 3%، إذ يترقب المستثمرون التطورات بشأن الموعد النهائي الأكثر صرامة الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وارتفعت العقود الآجلة الأكثر نشاطا لخام برنت 8 سنتات بما يعادل 0.12% إلى 71.81 دولار للبرميل بحلول الساعة 04:19 بتوقيت غرينتش، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 8 سنتات أو 0.12% إلى 69.29 دولار للبرميل. وارتفع عقد خام برنت لشهر سبتمبر الذي يحل أجله اليوم 18 سنتا إلى 72.69 دولار للبرميل. وكان كلا العقدين قد أغلقا جلسة أمس الثلاثاء عند أعلى مستوياتهما منذ 20 يونيو. رسوم على الشركاء وأمس الثلاثاء، قال ترامب إنه سيبدأ في فرض إجراءات على روسيا، مثل فرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100% على الشركاء التجاريين، إذا لم تحرز تقدما في إنهاء الحرب في غضون 10 إلى 12 يوما، متجاوزا بذلك مهلة الخمسين يوما التي حددها سابقا. وقالت مؤسسة 'فاندا إنسايتس' المتخصصة في تحليل أسواق النفط، فاندانا هاري: 'من المتوقع أن تستمر علاوة مخاطر العرض التي تتراوح بين أربعة وخمسة دولارات للبرميل التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية ما لم يتخذ بوتين خطوة تصالحية'. وكانت الولايات المتحدة قد حذرت الصين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، من أنها قد تواجه رسوما جمركية ضخمة إذا استمرت في الشراء، حسبما ذكر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في مؤتمر صحافي باستوكهولم، حيث تجري الولايات المتحدة محادثات تجارية مع الصين. وقال محللون من 'جيه.بي مورغان' في مذكرة أنه رغم استبعاد أن تمتثل الصين للعقوبات الأميركية، أشارت الهند إلى أنها ستفعل ذلك، مما يعرض 2.3 مليون برميل يوميا من صادرات النفط الروسية للخطر.

إيلون ماسك يعلن عن صفقة بين سامسونغ وتسلا
إيلون ماسك يعلن عن صفقة بين سامسونغ وتسلا

السوسنة

timeمنذ ساعة واحدة

  • السوسنة

إيلون ماسك يعلن عن صفقة بين سامسونغ وتسلا

السوسنة - أعلن الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، يوم الإثنين، أن مصنع سامسونغ إلكترونيكس في تكساس سيورّد رقائق إلكترونية لشركته، وذلك عقب إعلان الشركة الكورية عن صفقة تبلغ قيمتها 16.5 مليار دولار.وكتب ماسك على حسابه في منصة 'إكس' للتواصل الاجتماعي: 'سيُخصَّص مصنع سامسونغ العملاق الجديد في تكساس لتصنيع شريحة A16 من الجيل التالي لشركة تيسلا'.وكانت سامسونغ قد أعلنت، في اليوم ذاته، أنها أبرمت اتفاقية لمدة ثماني سنوات، دون أن تُسمّي الطرف الآخر، مكتفية بالإشارة إلى أنه 'شركة عالمية كبرى'.وبموجب الصفقة، التي بدأت في 24 تموز/يوليو، وتبلغ قيمتها 16.5 مليار دولار، ستستمر الشراكة حتى نهاية عام 2033.وأضاف ماسك، في منشور ثانٍ: 'سألتزم شخصيًا بتسريع وتيرة التقدّم. موقع المصنع مثالي، فهو ليس بعيدًا عن منزلي'.وكانت الشركة الكورية الجنوبية العملاقة قد أعلنت، في مطلع الشهر الجاري، أنها تتوقع تراجعًا بنسبة 56% على أساس سنوي في أرباحها التشغيلية خلال الربع الثاني، بسبب القيود الأمريكية المفروضة على تصدير المكوّنات المتقدمة إلى الصين.وعلى الرغم من الجهود المبذولة لأكثر من عام لسد الفجوة مع منافستها الكورية الجنوبية في مجال الرقائق، شركة 'إس كيه هاينكس'، فإن سامسونغ واجهت صعوبات في توفير كميات كبيرة من رقائق الذاكرة عالية النطاق الترددي (HBM)، الضرورية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.وقد اتجهت المجموعة بشكل متزايد نحو السوق الصينية، إلا أن هذه السوق باتت تحت ضغط متزايد بعد أن فرضت واشنطن قيودًا على هذا القطاع، ما حال دون تمكّن الشركات الأمريكية من تصدير رقائقها إليها.

هل الإحلال المحلي للواردات هو المفتاح لتقليل العجز التجاري في الأردن؟*د.حمد الكساسبة
هل الإحلال المحلي للواردات هو المفتاح لتقليل العجز التجاري في الأردن؟*د.حمد الكساسبة

Amman Xchange

timeمنذ 3 ساعات

  • Amman Xchange

هل الإحلال المحلي للواردات هو المفتاح لتقليل العجز التجاري في الأردن؟*د.حمد الكساسبة

الراي يُعد العجز التجاري في الأردن ضغطًا مزمنًا ومستمرًا على الاقتصاد الوطني، حيث تتجاوز الواردات الصادرات عامًا بعد عام. وما يلفت الانتباه أن جزءًا كبيرًا من هذه الواردات، وخصوصًا المنتجات الزراعية، والحيوانات الحية، وبعض السلع الصناعية، يمكن إنتاجه محليًا بجودة تنافسية وتكلفة معقولة، دون المساس بحرية أو رفاهية المستهلك. تشير بيانات عام 2024 إلى أن واردات الأردن تجاوزت 24 مليار دولار، منها على الأقل 3.5 إلى 5 مليارات دولار سلع لها بدائل محلية واضحة وقابلة للتطوير. يرى البعض أن الاستيراد أرخص بسبب ندرة المياه في الأردن. لهذا الرأي بعض الصحة، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، لكنه لا يبرر الاعتماد الكلي والثقيل على الواردات في جميع الحالات. فهناك العديد من المنتجات مثل الأعشاب، والزيتون، والدواجن، والتي لا تتطلب كميات كبيرة من المياه، ويمكن زراعتها باستخدام أنظمة ري حديثة أو المياه المعالجة والمُعاد تدويرها، مما يجعل الإنتاج المحلي أكثر جدوى في العديد من القطاعات، مع تقليل الأثر البيئي وزيادة الأمن الغذائي. من المهم التمييز بين الإحلال المحلي الكامل والجزئي. فليس الهدف استبدال كل الواردات بشكل فوري، بل تحقيق إحلال تدريجي ومدروس في السلع القابلة للإنتاج محليًا. قد تحقق بعض القطاعات الزراعية والصناعية نسب إحلال تصل إلى 70%، بينما تظل النسبة أقل في قطاعات أخرى. هذه المقاربة تضمن الواقعية والمرونة، وتُبقي على جودة وتنوع الخيارات المتاحة للمستهلك. وفي ظل التحولات العالمية، يمكن للإحلال المحلي أن يندمج مع أهداف التحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة في الإنتاج، واعتماد أنظمة ري موفرة، وتوسيع استخدام المياه المعالجة. هذا يضمن تقليص الأثر البيئي وتعزيز التكيف المناخي، ويجعل الإنتاج المحلي جزءًا من التزامات الأردن البيئية والاقتصادية. ومع ذلك، فإن تطوير الإنتاج المحلي لا يخلو من تحديات حقيقية، منها ارتفاع تكاليف الطاقة وأسعار الوقود، وضعف التمويل المتاح للمزارعين والصناعيين، ونقص التنسيق الفعّال بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وقلة الإرشاد والدعم الفني والتقني. كما أن البيروقراطية واللوائح غير المرنة تعيق التوسع في الإنتاج المحلي. وللتغلب على هذه العقبات، يلزم وجود خطة دعم شاملة وواضحة تشمل التسهيلات الائتمانية، وتحسين البنية التحتية، ودعم مدخلات الإنتاج في القطاعات ذات الأولوية للإحلال، بالإضافة إلى برامج تدريبية وتوعوية للمزارعين والصناعيين. في هذا السياق، يصبح الإحلال المحلي أداة اقتصادية ذكية، وليست انعزالية، تعزز الاستقلال الاقتصادي وتخلق فرصًا صناعية وزراعية مستدامة. يمكن توجيه مشتريات الجهات الحكومية—مثل المستشفيات، والمدارس، والمؤسسات العسكرية—نحو المنتجات المحلية المعتمدة ذات الجودة العالية. كما يجب تفعيل أدوات السياسة التجارية لحماية المنتجين المحليين، بالتعاون والتنسيق مع القطاع الخاص، وبما يتوافق مع اتفاقيات التجارة الدولية والالتزامات القانونية. إذا نُفّذت سياسة الإحلال المحلي بجدية خلال ثلاث سنوات، فقد يصل حجم البدائل المحلية إلى مليار دولار في السنة الأولى، ويتزايد تدريجيًا ليصل إلى 3.5 إلى 5 مليارات دولار بحلول السنة الثالثة. هذا التحول سيقلل فاتورة الاستيراد بشكل ملموس، ويقوي الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي، ويدعم استقرار الدينار الأردني، ويوفر آلاف فرص العمل الجديدة في القطاعين الزراعي والصناعي، ويعزز النمو الاقتصادي الوطني بمعدل إضافي يتراوح بين 1 إلى 1.5 نقطة مئوية سنويًا، وفقًا لتقديرات أولية واقعية. من المهم الإشارة إلى أن تقليص فاتورة الاستيراد من خلال الإحلال المحلي سيكون له أثر مباشر في تعزيز الحساب الجاري، ودعم الاستقرار النقدي، وزيادة الثقة في العملة الوطنية. وكلما تقلصت الحاجة إلى تمويل العجز التجاري بالاقتراض أو استنزاف الاحتياطي الأجنبي، كلما زادت قدرة الأردن على مواجهة الصدمات الخارجية وتحقيق استقرار اقتصادي أوسع. تبنت دول مثل المغرب ومصر استراتيجيات مماثلة بنجاح. فالمغرب دعم قطاعات الزراعة والصناعة بشكل مكثف للحد من الفجوة التجارية، بينما عززت مصر مؤخرًا إنتاجها الغذائي والدوائي لتقليل الواردات وتعزيز أمنها الاقتصادي، مع تبني إجراءات تحفيزية للمنتجين المحليين وشروط تحفيز التصدير. من الجدير بالذكر أن هذه السياسة لا تتعارض مع اتفاقيات التجارة الحرة الدولية، طالما تم تنفيذها ضمن قواعد واضحة وشفافية كاملة. فقد اتبعت دول ذات اقتصاديات مفتوحة مثل المغرب وتركيا إجراءات مشابهة لحماية صناعاتها الوطنية وتقليل عجزها التجاري، مع الحفاظ على الانفتاح التجاري والتنافسية العالمية. المفتاح يكمن في التعامل مع هذه السياسة كأداة متوازنة تعمل على تنظيم السوق بما يحقق العدالة الاقتصادية والاستدامة البيئية والاجتماعية، دون فرض قيود تعيق حرية المستهلك أو تقلص خياراته. بل تضمن استمرارية الخيارات ضمن نظام اقتصادي أكثر استقرارًا وعدلاً. ويتطلب نجاح هذه السياسات إرادة سياسية واضحة، وتنسيقًا مؤسسيًا قويًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وشراكة وطنية حقيقية، ورؤية استراتيجية واضحة تعيد بناء الثقة في الاقتصاد المحلي وتعزز قدرته التنافسية. إن بناء قاعدة إنتاج محلية قوية ليس ترفًا اقتصاديًا، بل ضرورة وطنية ملحة لضمان الاستقرار النقدي والمالي، وتعزيز فرص التوظيف، وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام. وهو خطوة عملية نحو اقتصاد أكثر توازنًا، يقوم على الإنتاج والشراكة بدلاً من الاستهلاك والاعتماد على الخارج.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store