
حين يُطفأ الحلم.. يموت الإنسان واقفًا
ليس الموت دائمًا موعدًا طبّيًا تُدوّن فيه آخر نبضة قلب، ولا هو لحظة عجز فيها الجسد عن الاستمرار، بل كثيرًا ما يزورنا الموت ونحن ما زلنا نتنفس، نتحرك، نبتسم على استحياء، لكن دون رغبة.. دون حلم.. دون أمل.
يموت الإنسان حقًا، حين يطفئ شمعة التمني داخله، حين ينطفئ ببطء دون ضجيج، وكأن الروح تسحب ظلها من الجسد خلسة، وتتركه في زحام الأيام مجرد رقمٍ آخر.
التمنّي ليس رفاهية فكرية، ولا مجرد ترف عاطفي نمارسه قبل النوم، بل هو نبض سري يغذي القلب بالحياة، هو الوقود الذي يُبقي أرواحنا مشتعلة، حتى في عزّ العتمة.
من يتمنّ يزرع، ومن يتمنى يرى ما لا يُرى، ويؤمن بما لا يُمس، ويمشي نحو ما لا يُدرَك إلا بالقلب.
إنك حين تسأل رجلًا فقد القدرة على التمني، كأنك تسأل شجرة فقدت جذورها، تقف نعم، لكنها تنتظر السقوط، أما أولئك الذين يشعلون قلوبهم بفتيل الأمل، فحتى وإن ضاقت بهم السبل، ترى في أعينهم ضوءًا لا تطفئه العواصف.
في مجتمعاتنا، يتكاثر الموتى دون جنازات، شباب فقدوا شغفهم، نساء كسرهن الانتظار، رجال احترفوا الصمت، لأنهم ببساطة لم يعودوا يتمنون.
كل من فقد الحلم مات قبل أن يودع الحياة، فالوطن لا يُبنى بمن يتنفس فقط، بل بمن يحلم، ويتمنى، ويؤمن أن الغد قابل للدهشة.
علينا أن نُعيد للقلوب لغتها الأصلية، لغة التمنّي، أن نقول لطفل صغير: ماذا تحلم أن تكون؟ وأن نقول لشيخ كبير: لمَ لا تبدأ الآن؟ أن نكتب على جدران الخوف عبارة بسيطة: من حقك أن تتمنى، وإن طال الطريق.
المجتمع الذي يُقدّس التنفس ويهمل التمنّي، هو مجتمع يخرج أحياءً بالهوية، موتى بالداخل، لا تُقاس حياة الإنسان بعدد أيامه، بل بعدد المرات التي حلم فيها رغم الألم، وتمنى رغم الانكسار.
من هنا يبدأ الإحياء الحقيقي: حين نُعطي للتمنّي مكانته، ونجعل من الحلم وطنًا داخليًا لا تحتله الخيبات.
فالهواء وحده لا يكفي للبقاء، ما يُبقي الإنسان حيًا هو ما يراه بعين قلبه، لا بعين وجهه، وما يُحركه ليس نبضه البيولوجي، بل رغبته في الوصول إلى غدٍ لم يُولد بعد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 16 ساعات
- الدستور
محافظ الفيوم يشهد احتفالية تسليم تأشيرات حجاج الجمعيات
شهد الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، احتفالية تسليم جوازات السفر والتأشيرات لحجاج الجمعيات الأهلية لموسم حج 1446هـ/2025م، والتي نُظمت بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي، تحت رعاية التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ومؤسسة الجارحي للتنمية المجتمعية. وخلال كلمته، وجّه المحافظ الحجاج بالالتزام بالإرشادات الصحية والأمنية، وتمثيل مصر بصورة مشرفة في الأراضي المقدسة، مشددًا على توفير كل سبل الدعم من البعثات المرافقة لضمان رحلة آمنة وميسرة. حضر الفعالية عدد من القيادات التنفيذية وأسر الحجاج وممثلي الجمعيات الأهلية، وسط أجواء من البهجة والروحانية. من جانبها، أوضحت الدكتورة شيرين فتحي، وكيل مديرية التضامن الاجتماعي بالفيوم، أن حصة المحافظة لهذا الموسم بلغت 270 حاجًا على المستوى الثاني، تم اختيارهم من خلال قرعة إلكترونية نزيهة، وتم تقسيمهم إلى 6 مجموعات بإشراف مرافقين مؤهلين من التضامن والجمعيات. وأضافت أن الحجاج تلقوا لقاءات تثقيفية دينية وإدارية وتنظيمية لتعريفهم بمناسك الحج وإجراءات السلامة. كما تم خلال الاحتفالية تسليم الحجاج ملابس الإحرام والإسدالات المقدمة من المؤسسة القومية لتيسير الحج والعمرة، إلى جانب شنط العناية الشخصية المقدمة من مؤسسة العربي. وفي ختام الحفل، أشاد المحافظ بدور مؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها مؤسسة الجارحي، في دعم وتنظيم موسم الحج، متمنيًا لحجاج بيت الله الحرام حجًا مبرورًا وعودة سالمة إلى أرض الوطن.


الدولة الاخبارية
منذ 18 ساعات
- الدولة الاخبارية
برعاية مؤسسة الجارحي عضو التحالف الوطنى.. محافظ الفيوم يشهد احتفالية تسليم جوازات وتأشيرات حجاج الجمعيات الأهلية
الأحد، 25 مايو 2025 11:18 صـ بتوقيت القاهرة شهد الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، احتفالية تسليم جوازات السفر والتأشيرات لحجاج الجمعيات الأهلية لموسم حج 1446هـ/2025م، والتي نُظمت بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي، تحت رعاية التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، ومؤسسة الجارحي للتنمية المجتمعية. وخلال كلمته، وجّه المحافظ الحجاج بالالتزام بالإرشادات الصحية والأمنية، وتمثيل مصر بصورة مشرفة في الأراضي المقدسة، مشددًا على توفير كل سبل الدعم من البعثات المرافقة لضمان رحلة آمنة وميسرة. حضر الفعالية عدد من القيادات التنفيذية وأسر الحجاج وممثلي الجمعيات الأهلية، وسط أجواء من البهجة والروحانية. من جانبها، أوضحت الدكتورة شيرين فتحي، وكيل مديرية التضامن الاجتماعي بالفيوم، أن حصة المحافظة لهذا الموسم بلغت 270 حاجًا على المستوى الثاني، تم اختيارهم من خلال قرعة إلكترونية نزيهة، وتم تقسيمهم إلى 6 مجموعات بإشراف مرافقين مؤهلين من التضامن والجمعيات. وأضافت أن الحجاج تلقوا لقاءات تثقيفية دينية وإدارية وتنظيمية لتعريفهم بمناسك الحج وإجراءات السلامة. كما تم خلال الاحتفالية تسليم الحجاج ملابس الإحرام والإسدالات المقدمة من المؤسسة القومية لتيسير الحج والعمرة، إلى جانب شنط العناية الشخصية المقدمة من مؤسسة العربي. وفي ختام الحفل، أشاد المحافظ بدور مؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها مؤسسة الجارحي، في دعم وتنظيم موسم الحج، متمنيًا لحجاج بيت الله الحرام حجًا مبرورًا وعودة سالمة إلى أرض الوطن. الحضور بالحفل توزيع المهدايا على الحجاج


اليوم السابع
منذ 2 أيام
- اليوم السابع
حين يُطفأ الحلم.. يموت الإنسان واقفًا
ليس الموت دائمًا موعدًا طبّيًا تُدوّن فيه آخر نبضة قلب، ولا هو لحظة عجز فيها الجسد عن الاستمرار، بل كثيرًا ما يزورنا الموت ونحن ما زلنا نتنفس، نتحرك، نبتسم على استحياء، لكن دون رغبة.. دون حلم.. دون أمل. يموت الإنسان حقًا، حين يطفئ شمعة التمني داخله، حين ينطفئ ببطء دون ضجيج، وكأن الروح تسحب ظلها من الجسد خلسة، وتتركه في زحام الأيام مجرد رقمٍ آخر. التمنّي ليس رفاهية فكرية، ولا مجرد ترف عاطفي نمارسه قبل النوم، بل هو نبض سري يغذي القلب بالحياة، هو الوقود الذي يُبقي أرواحنا مشتعلة، حتى في عزّ العتمة. من يتمنّ يزرع، ومن يتمنى يرى ما لا يُرى، ويؤمن بما لا يُمس، ويمشي نحو ما لا يُدرَك إلا بالقلب. إنك حين تسأل رجلًا فقد القدرة على التمني، كأنك تسأل شجرة فقدت جذورها، تقف نعم، لكنها تنتظر السقوط، أما أولئك الذين يشعلون قلوبهم بفتيل الأمل، فحتى وإن ضاقت بهم السبل، ترى في أعينهم ضوءًا لا تطفئه العواصف. في مجتمعاتنا، يتكاثر الموتى دون جنازات، شباب فقدوا شغفهم، نساء كسرهن الانتظار، رجال احترفوا الصمت، لأنهم ببساطة لم يعودوا يتمنون. كل من فقد الحلم مات قبل أن يودع الحياة، فالوطن لا يُبنى بمن يتنفس فقط، بل بمن يحلم، ويتمنى، ويؤمن أن الغد قابل للدهشة. علينا أن نُعيد للقلوب لغتها الأصلية، لغة التمنّي، أن نقول لطفل صغير: ماذا تحلم أن تكون؟ وأن نقول لشيخ كبير: لمَ لا تبدأ الآن؟ أن نكتب على جدران الخوف عبارة بسيطة: من حقك أن تتمنى، وإن طال الطريق. المجتمع الذي يُقدّس التنفس ويهمل التمنّي، هو مجتمع يخرج أحياءً بالهوية، موتى بالداخل، لا تُقاس حياة الإنسان بعدد أيامه، بل بعدد المرات التي حلم فيها رغم الألم، وتمنى رغم الانكسار. من هنا يبدأ الإحياء الحقيقي: حين نُعطي للتمنّي مكانته، ونجعل من الحلم وطنًا داخليًا لا تحتله الخيبات. فالهواء وحده لا يكفي للبقاء، ما يُبقي الإنسان حيًا هو ما يراه بعين قلبه، لا بعين وجهه، وما يُحركه ليس نبضه البيولوجي، بل رغبته في الوصول إلى غدٍ لم يُولد بعد.