logo
مجموعة العشرين تؤكد استقلالية البنوك المركزية في إجماع نادر

مجموعة العشرين تؤكد استقلالية البنوك المركزية في إجماع نادر

الجزيرةمنذ 3 أيام
في سابقة هي الأولى منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية، نجح وزراء مالية مجموعة العشرين في التوصل إلى بيان ختامي مشترك خلال اجتماعهم الذي عُقد في مدينة ديربان بجنوب أفريقيا، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
ووفقًا للبيان الذي نشرته الرئاسة الجنوب أفريقية اليوم الجمعة، فقد أجمعت الدول الأعضاء على ضرورة مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، والتي تشمل استمرار الحروب والنزاعات المسلحة، واشتداد التوترات التجارية، واضطراب سلاسل الإمداد، وارتفاع مستويات الديون، فضلًا عن الكوارث الطبيعية المتكررة، التي تؤثر سلبًا على النمو والاستقرار المالي العالمي واستقرار الأسعار.
إجماع نادر
وفي خطوة لافتة، أكد البيان المشترك الذي صدر عن الاجتماع أن استقلالية البنوك المركزية تُعد "ضرورية للغاية" لضمان استقرار الأسعار وتنفيذ السياسات النقدية على نحو فعال.
وأكدت المجموعة أن "المصارف المركزية ملتزمة بشدة بضمان استقرار الأسعار، بما يتماشى مع صلاحياتها، وستواصل تعديل سياساتها وفقًا للمعطيات الاقتصادية"، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويُعد هذا الإجماع نادرًا، خصوصًا في ظل الضغوط العلنية المتواصلة التي يمارسها الرئيس الأميركي على رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول ، إذ وصفه مرارًا "بالأحمق" واتهمه بالتقاعس عن خفض الفائدة، بل وهدّد مؤخرًا بإقالته متهمًا إياه "بالاحتيال" بسبب طريقة إدارته لمشروع تجديد مقر البنك المركزي.
الغياب الأميركي الرسمي
ورغم غياب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت عن الاجتماع الذي امتد يومين، ومشاركة نائبه مايكل كابلان ممثلًا عن واشنطن، فإن البيان صدر بإجماع الدول الأعضاء، بما فيها الولايات المتحدة، وهو ما يعكس رغبة جماعية في الحفاظ على التوازن النقدي والمالي العالمي، وسط ما وصفه البيان "بحالة متزايدة من عدم اليقين والتحديات المعقدة".
ويأتي هذا التوافق تمهيدًا لقمة رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين المزمع عقدها في مدينة جوهانسبرغ، حيث يتوقع أن يُبنى على هذا الزخم الجديد موقف موحد من القضايا الاقتصادية الكبرى، بما في ذلك إعادة هيكلة الديون العالمية، واستقرار النظام التجاري الدولي.
وتضم مجموعة العشرين 19 دولة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، ويمثل أعضاؤها أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما يجعل قراراتها ذات تأثير بالغ في صياغة التوجهات الاقتصادية الدولية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاقتصاد الأسود يمول الجماعات المسلحة بشرق أفريقيا
الاقتصاد الأسود يمول الجماعات المسلحة بشرق أفريقيا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الاقتصاد الأسود يمول الجماعات المسلحة بشرق أفريقيا

يمثل الاقتصاد غير المنظم أو ما يطلق عليه "الاقتصاد الأسود" في شرق أفريقيا ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، ويلعب دورا مؤثرا وحيويا في ديناميكيات الصراعات المسلحة بالمنطقة، إذ يوفر موارد مالية وهياكل اقتصادية تمول الجماعات المسلحة والإرهابية الناشطة، مما يساهم في إضعاف سلطة الدولة، ويديم عدم الاستقرار مع كل ما يرتبط به من تداعيات. ويعرّف رئيس المنتدى الاستشاري للحكومة الفدرالية للاقتصاد الموازي مايكل شابير الاقتصاد الأسود بأنه مجموعة من أنشطة كسب المال غير المشروعة التي تحدث بشكل أساسي "خارج السجلات"، بعيدا عن أنظار ووعي المنظمين وصانعي السياسات والمسؤولين وجباة الضرائب والإحصائيين. ورغم غياب أرقام دقيقة للحجم الكلي لهذا الاقتصاد في شرق أفريقيا فإن التقديرات تشير إليه باعتباره جزءا من التدفقات المالية غير المشروعة الكبيرة التي تسري في عروق الهياكل الاقتصادية الخفية، في حين يتجه قسم منها مغادرا إلى خارج القارة. مصادر تمويل للجماعات الإرهابية والإجرامية بالنظر إلى الاستغلال غير المشروع للموارد في أفريقيا كأحد الأنشطة المتفرعة عن هذا الاقتصاد فقد كررت تقارير رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بشأن مكافحة الإرهاب التأكيد على دور هذا النشاط كمصدر تمويل رئيسي للجماعات الإرهابية في أفريقيا. وأشار تقرير قُدّم إلى الدورة 1040 لمجلس السلم والأمن الأفريقيين إلى أن الجماعات المسلحة في أفريقيا تموّل عملياتها من خلال الاستغلال غير المشروع للموارد، والابتزاز، والصيد الجائر، من بين أساليب أخرى. وعلى مستوى دولي فقد اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارات عدة، منها 2195 و2462 و2482، والتي أقرت بأن الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية مصدر تمويل للجماعات المسلحة والإرهابية وكذلك للشبكات الإجرامية. ويذهب تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن قيمة الاستخراج والتهريب غير القانونيين لبعض الموارد في شرق الكونغو الديمقراطية تتراوح بين 0.7 و1.3 مليار دولار سنويا، حيث يقدر الخبراء أن ما بين 10% و30% من هذه التجارة غير المشروعة تذهب إلى شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود المتمركزة شرق الكونغو الديمقراطية. في المقابل، تمكن الأرباح التي تجنيها الجماعات المسلحة المتمركزة في الكونغو الديمقراطية من هذه الأنشطة من تأمين تكلفة المعيشة الأساسية لما لا يقل عن 8 آلاف مقاتل مسلح سنويا وتمويل ما لا يقل عن 25 جماعة مسلحة، حيث تستطيع الجماعات المهزومة أو المجردة من السلاح الاستفادة من هذه المداخيل لإعادة بناء نفسها والظهور باستمرار وزعزعة استقرار المنطقة. الفحم شريان حياة "الشباب" ويصف تقرير منشور عام 2018 على "فير بلانيت" -وهي منظمة غير ربحية تعنى بحقوق الإنسان والعدالة البيئية- الفحم بأنه "شريان الحياة لحركة الشباب" الصومالية التي أنشأت نظاما ضريبيا صارما على كل مراحل الدورة الاقتصادية للفحم، بما يتضمن ضرائب إنتاج على منتجي الفحم ورسوم نقاط تفتيش على الناقلين ورسوم موانئ وضرائب تصدير. وتشير أرقام نشرتها منظمة "غريدا" -وهي منظمة بيئية- إلى أنه في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 حققت الحركة ما بين 8 ملايين و18 مليون دولار سنويا من ضرائبها على حركة الفحم عند حاجز واحد فقط. وفي تقدير نشرته "غريدا" عام 2013 تخمن أن إجمالي حجم صادرات الفحم غير المشروعة من الصومال تراوح بين 360 و384 مليون دولار سنويا. وتقدر تقارير أممية القيمة الإجمالية لهذه التجارة عام 2018 بما بين 120 مليونا و150 مليون دولار سنويا، ويبلغ العائد السنوي للشباب منها نحو 7.5 ملايين إلى 10 ملايين دولار. ولا يقتصر هذا الاستغلال غير المشروع على المعادن والفحم فقط، حيث تُستغل الأخشاب وموارد الغابات والفوسفات والغاز الطبيعي وصيد الأسماك أيضا بشكل غير قانوني في مناطق أفريقية مختلفة -بما في ذلك القرن الأفريقي – لتمويل الجماعات المسلحة. الاتجار بمنتجات الحياة البرية وتهريب البشر كما يشكل الاتجار غير المشروع بمنتجات الحياة البرية -بما في ذلك العاج- مصدر دخل مهما آخر للجماعات المسلحة، وتذهب تقديرات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (يو إن أو دي سي) إلى أن هذه التجارة وحدها تدر نحو 400 مليون دولار سنويا في جميع أنحاء أفريقيا. ويربط تقرير صادر عن "منظمة تعاون رؤساء الشرطة في شرق أفريقيا" بين الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والمجموعات الإرهابية في شرق أفريقيا، إذ تفرض هذه المجموعات رسوما على المتاجرين والمهربين مقابل المرور الآمن في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها. كما يتطرق التقرير إلى جوانب أخرى تستفيد بها المجموعات المسلحة من هذه الأنشطة غير الشرعية، إذ يخدم الاتجار بالبشر أغراضا إستراتيجية، كزيادة عدد الأعضاء من خلال التجنيد القسري ومكافأة المقاتلين بالوصول إلى الضحايا، إلى جانب استغلالها شبكات التهريب لتسهيل حركة المقاتلين وتزوير الوثائق، مما يسهل لها سبل القيام بأنشطة غير قانونية مختلفة. ورغم عدم توفر أرقام دقيقة للمكاسب المتأتية من هذه الأنشطة فإن النظر في المداخيل المقدرة في مناطق أخرى يصلح للإضاءة على مقدار الاستفادة منها، حيث قدرت أرباح عصابات التهريب في ليبيا وحدها عام 2015 بما بين 255 مليونا و300 مليون دولار، في حين تشير التقارير إلى أن الأرباح السنوية لعصابات التهريب في اليمن وحده تقدّر بملايين الدولارات. تهريب المخدرات يدرج تقرير صادر عن الشرطة الدولية "الإنتربول" الاتجار بالمخدرات كمصدر للإيرادات للجماعات المسلحة في شرق أفريقيا، مشيرا إلى أن تنزانيا تشكل جزءا من طريق رئيسي لإعادة شحن الهيروين الداخل إلى المنطقة، وأن كينيا لا تزال نقطة عبور للهيروين من أفغانستان إلى أوروبا كوجهة نهائية، وذلك بشكل رئيس عبر ميناء مومباسا. وتربح المجموعات المسلحة في شرق أفريقيا من هذه التجارة الرائجة مستغلة هشاشة الحدود وصعوبة سيطرة القوى الأمنية عليها للتحكم في طرق التهريب وحراسة الشحنات مقابل رسوم أو نسبة من الأرباح. ويشير تقرير للخارجية الأميركية إلى مشاركة حركة الشباب في تجارة الهيروين عبر إعادة بيعه إلى الجماعات الإجرامية، كما شارك بعض أعضاء الجماعات المسلحة من دارفور في تهريب المخدرات إلى ليبيا من خلال توفير ممر آمن لقوافل المخدرات. ورغم أن المصادر تفتقر إلى أرقام دقيقة عن أرباح هذه التجارة غير الشرعية نتيجة للسرية التي تغلفها فإن تقريرا شاركت "الإنتربول" في إعداده يقيم التمويل السنوي لـ7 من المجموعات المسلحة والمتطرفة في أفريقيا -من بينها الشباب وبوكو حرام- بما يقارب مليارا إلى 1.39 مليار دولار سنويا من كل المصادر، معتبرا أن أهمها "تهريب وضرائب المخدرات". تهريب المواد التموينية والوقود تعد شبكات تهريب الوقود والمواد التموينية والسلع الاستهلاكية العابرة للحدود من مصادر الدخل الرئيسية للجماعات المسلحة في شرق أفريقيا، حيث تستفيد هذه الجماعات من هشاشة الحدود والطلب المتزايد على السلع المدعومة في بلدان تفتقر إلى مثل هذه الأشكال من الدعم، أو من تهريبها إلى مناطق النزاع حيث تتصاعد أسعارها بفعل الندرة. وتفرض الجماعات المسلحة أشكالا متعددة من الرسوم على الشاحنات والبضائع العابرة للمناطق التي تسيطر عليها مقابل السماح بمرورها أو توفير الحماية، وعلى سبيل المثال تحقق نقاط التفتيش التي تنشئها حركة الشباب في الصومال عشرات ملايين الدولارات سنويا من الضرائب المفروضة على نقل الوقود والسكر والمواد الغذائية، وغيرها. ويلاحظ مقال منشور على موقع "المبادرة الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للدول" استمرار تدفق الشاحنات من الوقود من أوغندا إلى معابر غير رسمية تديرها الجماعات المسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية حتى بعد قرارات المنع الرسمية. بالمقابل، تعيد الجماعات المذكورة ونظيرات لها في جنوب السودان بيع شحنات الوقود المهربة بأسعار أعلى في الأسواق الداخلية أو تشرف على عمليات التوزيع داخل مناطق سيطرتها، مما يرفع من أرباحها. وتوضح تقارير الأمم المتحدة خلال عام 2011 تحقيق حركة الشباب ما بين 400 ألف و800 ألف دولار سنويا من الضرائب على شحنات السكر المتجهة إلى كينيا فقط، وأوصلت التقديرات في تقارير لاحقة هذه الأرقام إلى ما بين 12 مليونا و18 مليون دولار سنويا. وتقدّر بعض التقارير خسائر الحكومات في شرق أفريقيا من الضرائب المفقودة من كل عمليات التهريب غير المشروعة بما يشمل الوقود وغيره بنحو 1.6 مليار دولار سنويا، ويعد جزء كبير منها أرباحا مباشرة للجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة. تداعيات على الدولة والمجتمع تمثل مصادر الدخل التي يوفرها الاقتصاد الأسود سببا رئيسيا في ازدهار الجماعات المسلحة بشرق أفريقيا التي تعد بدورها عاملا مهما في الهشاشة التي تعانيها دول المنطقة، في رجع صدى لعنوان تقرير صادر عن المعهد الدولي للسلام في نيويورك أطلق عليه "شرقي أفريقيا.. الأمن وإرث الهشاشة". قدرة هذه الجماعات على الاستمرار والتكيف تكرس وجودها كأنظمة حكم بديلة في مناطق سيطرتها عبر أدوات "حوكمة قسرية" خاصة بها تتضمن الضرائب والسيطرة على طرق التجارة، مما يضعف العلاقة بين المجتمعات المحلية والدولة في تلك المناطق ويزيد نزيف شرعية الأخيرة ويرسخ لغيابها والاعتراف المحلي بسلطة الأمر الواقع. وتربط التقارير الحقوقية الأنشطة الإجرامية في الاقتصاد الأسود بانتهاكات جسيمة ومستمرة لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، تستخدم التجارة غير المشروعة بالمعادن في شرق الكونغو الديمقراطية لتمويل الجماعات المسلحة التي تمارس وبشكل منهجي جرائم، كاغتصاب النساء والأطفال والتعذيب وعمالة الأطفال في المناجم، كما يُستخدم الاتجار بالبشر لنشر الرعب، حيث يُجبر الضحايا على ارتكاب أعمال إرهابية أو القتال. وتعد تجارة السلاح جزءا خطيرا من "النشاطات التجارية" غير المشروعة للجماعات المسلحة في المنطقة، حيث توفر القنوات لانتشار واسع النطاق للأسلحة النارية، مما يغذي الصراعات الموجودة ويزيد درجات خطورتها، كما أنه يؤدي إلى زيادة أرباح جماعات الجريمة المنظمة، مما ينعكس سلبا على أمن مجتمعات المنطقة واستقرارها.

تقرير يتوقع خسائر اقتصادية هائلة لأفريقيا بفعل تغير المناخ
تقرير يتوقع خسائر اقتصادية هائلة لأفريقيا بفعل تغير المناخ

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

تقرير يتوقع خسائر اقتصادية هائلة لأفريقيا بفعل تغير المناخ

أظهر تقرير جديد، أعده مركز التنمية العالمية، أن الدول الأفريقية ستعاني من خسائر اقتصادية هائلة، إذا لم يتم الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين بما فيها تراجع المحاصيل الزراعية الأساسية والمياه والوظائف وزيادة معدلات الفقر والجوع. وأشار التقرير إلى أن استمرار تغير المناخ على مساره الحالي سوف يؤدي إلى خفض إنتاج المحاصيل في أفريقيا بنسبة 2.9% في عام 2030، وبنسبة من 18 إلى 30% بحلول عام 2050. فيما قد يواجه حوالي 200 مليون شخص خطر المعاناة من الجوع الشديد بحلول عام 2050. وأظهر التقرير أن خسارة عائدات المحاصيل التي تبلغ حوالي 30% سوف تتسبب في ارتفاع معدلات الفقر بنسبة تتراوح بين 20% و30% مقارنة بسيناريو عدم تغير المناخ، كما يمكن أن يبقى 50 مليون شخص بدون مياه إذا استمر التدهور المناخي الراهن. وحسب التقرير، يعمل 42.5% من الطبقة العاملة في أفريقيا بالقطاع الزراعي، وستنخفض مداخيل هؤلاء العمال، ومعظمهم من الريفيين، ومن المرجّح أن يدفع تراجع القطاع الزراعي المزيد من الناس إلى براثن الفقر المدقع، وتوقع التقرير انخفاضا طويل الأمد في الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا بنسبة 7.12%. وقال مُعد التقرير فيليب كوفي أدوم إن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.12% سيؤثر على إمكانات تكوين الثروة في الاقتصاد بشدة، وإذا استمر تغير المناخ بالوتيرة الحالية تشير التوقعات على مستوى الدول إلى إمكانية خسائر اقتصادية أكبر بكثير في الناتج المحلي الإجمالي، تتراوح بين 11.2% و26.6% على المدى الطويل. وجمع فيليب كوفي أدوم، الخبير الاقتصادي في مجال البيئة والطاقة، في هذا التقرير سنوات عديدة من الأبحاث التي أجراها علماء وباحثون في مجال تغير المناخ، ووجد أن غرب أفريقيا وشرقها سيكونان الأسوأ حالا جراء تبعات التغير المناخي. وأشار أدوم إلى أنه في المناطق الأكثر تضررا بأفريقيا عندما يتقلص حجم الاقتصادات، قد تُغلق الشركات أبوابها، وستُدمر بعض الوظائف، ولن تُخلق وظائف جديدة، خصوصا وأنه من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان القارة ملياري نسمة في السنوات المقبلة، ويُعتبر سكانها الأكثر شبابا في العالم ويحتاجون إلى الوظائف. كما أكد أن الحديث عن وقف تدهور المناخ، يعني تطوير العمل المجتمعي أو الجماعي، ومن البديهي أن الحكومات هي اللاعب الرئيسي، حيث يتعيّن عليها تعزيز جهود التغيير المطلوبة من خلال دعم المبادرات الخاصة في مجال التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، إما بشكل مباشر أو من خلال برامج الحوافز. ويُعد القطاع الزراعي الركيزة الاقتصادية الأساسية لمعظم اقتصادات أفريقيا، ويشكّل التغير المناخي خطرا جسيما عليه، وقد يُسبب حالة من الضائقة الاقتصادية الدائمة إذا لم يتم التحرك بسرعة وعلى نطاق واسع، حسب التقرير. وشدد أدوم على أن تغير المناخ يعد أزمة بيئية مستمرة وخطيرة، لكن الفرصة ما زالت سانحة للتحرك قبل وقوع ما لا يمكن الرجوع عنه، حسبه، وبذل جهود استباقية لمكافحة تغير المناخ والتخفيف من آثاره. وكان تقرير آخر للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد أشار إلى أن أفريقيا تعد من أكثر مناطق العالم عرضة للظواهر المناخية المتطرفة، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وموجات الحر والأعاصير المدارية والعواصف الشديدة والأمطار الغزيرة وحرائق الغابات، و60% من السكان لا تشملهم أي نظم للإنذار المبكر. وفي حين أن القارة مسؤولة عن أقل من 4% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، فإن دولها تخسر في المتوسط ما بين 2% و5% من ناتجها المحلي الإجمالي، كما يُحول العديد من دول القارة ما يصل إلى 9% من ميزانياتها للاستجابة للظواهر المناخية المتطرفة.

إفريقيا الجائعة.. حديقة واشنطن الخلفية
إفريقيا الجائعة.. حديقة واشنطن الخلفية

جريدة الوطن

timeمنذ 9 ساعات

  • جريدة الوطن

إفريقيا الجائعة.. حديقة واشنطن الخلفية

منذ عقود، كانت علاقة الولايات المتحدة بالقارة الإفريقية تُشبه إلى حد كبير علاقة سيد بحديقته الخلفية: لا يُوليها عناية يومية، لكنه يحرص أن تبقى على قيد الحياة لتثمر حين تندر الثمار في حقوله الأخرى. وعلى الرغم من كل الشعارات حول التنمية والشراكة والديمقراطية، فإن السياسات الأميركية تجاه إفريقيا – خاصة في عهد الرئيس دونالد ترامب – تكشف عن منطق استعلائي قائم على التهميش، والمصلحة الأنانية، والنظرة النفعية البحتة للقارة. في 9 يوليو الجاري، استضاف ترامب خمسة رؤساء أفارقة في «غداء عمل» بالبيت الأبيض، ركّز على ما سمّاه «الفرص التجارية» التي قد تعود بالنفع على الطرفين. لكن حتى هذا اللقاء، الذي بدا احتفاليا في ظاهره، لم يخلُ من دلالات مثيرة للقلق. فمن حيث الشكل، لم يكن الغداء جزءا من استراتيجية شاملة لانفتاح أميركي جديد على إفريقيا، بل بدا كمبادرة انتقائية، أشبه بـ«تسوّق سياسي» يروم صفقات معدنية وتجارية، في محاولة واضحة لمنافسة الصين على كعكة القارة. لقد أزال ترامب الستار عن النفاق المعتاد في الدبلوماسية الأميركية. فوزير خارجيته ماركو روبيو صرّح بوضوح أن واشنطن ستتخلى عن «نموذج المساعدات الخيرية»، وستتعامل فقط مع الدول التي تُظهر «القدرة على مساعدة نفسها». وبعبارة أخرى: لا حديث بعد الآن عن حقوق الإنسان أو الحكم الرشيد أو دعم الديمقراطية. المهم هو عدد الصفقات التجارية التي ينجزها السفراء، لا عدد المدارس أو مراكز الصحة التي تفتتحها المعونة الأميركية. وبينما قد يرحّب بعض القادة الأفارقة بهذا النهج، ويجدون فيه راحة من الضغط الأخلاقي الأميركي، إلا أن الصورة الكبرى تفضح استخفافا هيكليا بالقارة. فاختيار الضيوف في غداء ترامب لم يكن نتيجة اعتبارات استراتيجية متوازنة، بل أقرب إلى المزاجية السياسية. فبعضهم، كان موجودًا في واشنطن أصلاً. وآخرون، لا تربطهم مصالح تُذكر بواشنطن، بل يواجهون تحديات داخلية تجعل من الدعوة دعما ضمنيا لشرعيات هشّة. وفي هذا السياق، تبرز قضية ذلك البلد الإفريقي الصغير بوصفها نموذجا للفوضى في الرؤية الأميركية. لا توجد سفارة أميركية هناك، ولا مصالح اقتصادية تُذكر، لكن رئيسها تلقّى دعوة مميزة للبيت الأبيض، رغم أن شرعيته محل شك قانوني، بعد تأجيل الانتخابات. الرسالة الضمنية واضحة: واشنطن لا تُمانع في دعم زعماء شرعيتهم مهزوزة، ما داموا قادرين على على التعايش مع الصلف الأميركي وامتصاصه. ولعل ما يُظهر حقيقة العلاقة الأميركية–الأفريقية أكثر من أي شيء، هو فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية قاسية على دول إفريقية لا تستورد ما يكفي من السلع الأميركية. ليسوتو، الدولة الصغيرة التي تعتمد على تصدير الألماس والملابس، تعرضت لعقوبة اقتصادية لمجرد أنها تعاني من عجز تجاري مع أميركا. أما جنوب إفريقيا، فقد تلقت تهديدات مباشرة من ترامب بسبب عضويتها في مجموعة «بريكس»، ورفعت واشنطن سيف الرسوم بنسبة 30 % على صادراتها، في رسالة تنذر بعقوبات أوسع قد تطال دولًا أخرى كإثيوبيا ومصر. وإذا كانت واشنطن قد حاولت من قبل التقليل من مخاوفها بشأن نفوذ الصين وروسيا في إفريقيا، فإن الوقائع اللاحقة كشفت العكس. فالإدارة الأميركية أضحت تعترف بأن نشاط بكين وموسكو يُهدد مصالحها في القارة. الصين، التي ضخت مئات المليارات في مشاريع الطاقة والبنى التحتية، تُتهم من قبل واشنطن بمحاولة تقويض النظام الدولي وتعزيز مصالحها الضيقة. أما روسيا، فتُقدَّم كقوة زعزعة، تستخدم الشركات العسكرية الخاصة لنشر الفوضى وتعظيم مكاسبها في الفراغات الأمنية. وتزداد خيبة واشنطن حين تنظر إلى مواقف القارة السياسية. فمعظم دول إفريقيا رفضت إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، ما يُفسَّر كصفعة دبلوماسية للغرب. وبينما تضخ الصين استثمارات تفوق 50 مليار دولار سنويا، وتُبرم مئات الصفقات مع عشرات الدول، لم تستثمر أميركا سوى 22 مليارا في 80 شركة خلال الفترة نفسها. بل إن الصين عقدت قمة ضخمة في 2006 مع 35 رئيسا إفريقيا، لا تزال واشنطن عاجزة عن مجاراتها في الزخم والحضور. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تحافظ على وجود عسكري مُنظّم في إفريقيا، رغم غياب الصراعات الساخنة المباشرة على نمط الشرق الأوسط. فقيادة «أفريكوم»، التي أُسست عام 2008، تُشرف على العمليات العسكرية الأميركية في 53 دولة، بما يعكس قناعة أميركية بأن القارة لا يجب أن تترك فارغة أمام الآخرين، حتى إن لم تكن أولوية سياسية أو اقتصادية. وفي خضم هذا التدافع نحو القارة – من الشرق والغرب – يبرز سؤال يطعن في عمق الخطاب التنموي الدولي: هل ستستفيد إفريقيا من هذا التزاحم على مواردها؟ أم أنها تظل فريسة نَهَمٍ استعماريٍّ بثوبٍ جديد، تؤدي فيه الأنظمة الفاسدة دور الوسيط المُطيع؟ الإجابة المؤلمة أن الحديقة الخلفية قد لا تُزهر، ما دام من يُمسك بمقصِّ التقليم لا يريدها أن تنمو أصلا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store