logo
هل أصبحت أميركا محاطة بالأعداء؟

هل أصبحت أميركا محاطة بالأعداء؟

الاتحاد٢٨-٠٣-٢٠٢٥

هل أصبحت أميركا محاطة بالأعداء؟
قبل سنوات عديدة، سألتُ صديقاً تم تعيينه مسؤولاً كبيراً في السياسة الخارجية عمّا تعلّمه في الحكومة، ولم يكن يعرفه من قبل. فأجاب: «كنت أعتقد أن وضع السياسات يعتمد بنسبة 75% على العلاقات. الآن أدرك أنه يعتمد بنسبة 95% على العلاقات».
من الصعب جداً إنجاز أمور كبيرة بمفردك. لذلك، يعتمد القادة والدول الأكفاء على العلاقات المبنية على القيم المشتركة، والتاريخ المشترك، والثقة المتبادلة. إنهم يبنون تحالفات لمواجهة التحديات الكبرى في العصر، وأهمها: هل سيكون القرن 21 قرناً صينياً أم قرناً أميركياً آخر؟
في هذه المنافسة، تمتلك الصين العديد من المزايا، ولكن حتى وقت قريب، كان لأميركا ميزة حاسمة-وهي أن لديها أصدقاء أكثر حول العالم. ولكن، للأسف، خلال الشهر ونصف الشهر الماضيين، حطّمت أميركا الكثير من تلك العلاقات وحولتها إلى أشلاء.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، انتقل الأوروبيون من الصدمة إلى الحيرة. كانت هذه الفترة بالنسبة لهم مثلما كان يوم 11 سبتمبر بالنسبة لنا-إزالة الأوهام وكشف التهديد الوجودي. أدرك الأوروبيون أن أميركا، التي اعتبروها صديقهتم، هي في الواقع قوة عظمى غير صديقة.
هذه ليست مجرد مشكلة ترامب، بل إن سمعة أميركا بأكملها قد تضررت. فماذا سيحدث إذن؟
ثمة مخاوف من نهاية حلف «الناتو». أمضى جو بايدن أربع سنوات في الدفاع عن النظام الليبرالي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. نشأ هذا النظام من تجربة تاريخية محددة: فالانعزالية بعد الحرب العالمية الأولى أدّت إلى فظائع الحرب العالمية الثانية، بينما أدى التوجه الدولي بعد الحرب العالمية الثانية إلى 80 عاماً من السلام بين القوى العظمى، لكن عندما تروي هذا السرد للأجيال الشابة، ستجد أن الكثيرين ينظرون إليك كما لو كنت تتحدث عن القرن 14. لقد كان النظام العالمي بعد الحرب إنجازاً تاريخياً، لكنه كان نتاج عصره، ولن نعود إليه. إن محاولة إحياء شبح «دين أتشيسون» لن تجدي نفعاً، علينا التفكير في بنية عالمية جديدة.
هل نشهد نهاية الغرب (مؤقتاً)؟ ما نسميه «الغرب» ليس مجرد كيان جغرافي، بل هو نقاش مستمر على مدى قرون-من سقراط في بحثه عن الحقيقة، إلى رامبرانت في تجسيده للرحمة، إلى جون لوك في تطويره للفكر الليبرالي التنويري، إلى فرانسيس بيكون في ريادته للمنهج العلمي. هذا هو تراثنا.
لطالما اعتبرت أميركا نفسها تتويجاً للمشروع الغربي العظيم. تم تجسيد فكرة الغرب في التحالفات والتبادلات بين أوروبا وأميركا الشمالية. لكن مفهوم «الغرب» لا يبدو أنه موجود في ذهن ترامب. إنه يفصل أميركا عن جذورها الفكرية والروحية. لقد أكمل المشروع الذي بدأه جيسي جاكسون في عام 1987، عندما هتف مع نشطاء تقدميين في جامعة ستانفورد: «مرحباً، مرحباً، يجب أن ترحل الحضارة الغربية!»
وهل الصراع الحضاري الجديد هو بين الصلابة واللين؟ لا تُفرط في التفكير في هذا الأمر. ترامب لا يلعب لعبة الشطرنج رباعية الأبعاد، ويحاول إجبار روسيا على الانسحاب من تحالفها مع الصين. السياسة الخارجية الأميركية الآن مُوجّهة نحو أي شيء يُثير حماس ترامب. لديه شغف مستمر «بالصلابة الذكورية». في عقلية «ماجا» (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً)، يُنظر إلى فلاديمير بوتين على أنه «صلب»، بينما تُعتبر أوروبا الغربية «لينة». يُنظر إلى إيلون ماسك على أنه «صلب»، بينما تُعتبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية «لينة». شركة المصارعة العالمية الترفيهية (دبليو دبليو إي) WWE صلبة، والجامعات لينة. صراعات الهيمنة صلبة، والتحالفات لينة.
والسؤال إما أن تنتعش أوروبا أو تصبح متحفاً؟ من الممكن أن تصبح أوروبا وجهة سياحية للعالم بسبب انخفاض معدلات الخصوبة، وضعف الابتكار، وبطء النمو الاقتصادي. لكن الأوروبيين يدركون أن هذه لحظتهم للانفصال عن الاعتماد الأمني على أميركا واستعادة قوتهم. تزيد ألمانيا من قدرتها على الاقتراض لتتمكن من صنع الأسلحة. هز رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي القارة بزعمه أن تجزئة السوق تقتل الابتكار في مجال التكنولوجيا. يعتقد العديد من المحافظين أن أوروبا علمانية جداً ومنحلة للغاية بحيث لا يمكن أن تتعافى. ربما. ولكن ألمانيا دولة جادة. وفرنسا لديها جهاز حكومي لا مثيل له. والتاريخ أثبت أن البريطانيين يمكن الوثوق بهم عندما تصبح الأوقات صعبة.
عصر جديد من انتشار الأسلحة النووية.
مع انسحاب أميركا من دورها كضامن أمني، ستستنتج دول من بولندا إلى اليابان أنها بحاجة إلى أسلحة نووية. ما الخطأ الذي قد يحدث؟
ستملأ الصين الفراغ. بينما تفرط أميركا في أصدقائها، ستسعى الصين إلى كسبهم. فقد وصف الممثل الصيني الخاص للشؤون الأوروبية معاملة إدارة ترامب لأوروبا بأنها «مروعة». وقال: «أعتقد أن على الأصدقاء الأوروبيين التفكير في هذا الأمر، ومقارنة سياسات إدارة ترامب بسياسات الحكومة الصينية. عندها سيرون أن الدبلوماسية الصينية تركز على السلام والصداقة والنوايا الحسنة والتعاون الذي يحقق الربح للطرفين».
لسنوات عدة، أظهر «مسح القيم العالمي» أن أوروبا الغربية والمناطق الليبرالية في أميركا تنجرف نحو ثقافة هي «فردية ما بعد الحداثة»، وهي ثقافة تبتعد بشكل متزايد عن الثقافات التقليدية في بقية العالم. كان من المحتم أن يؤدي ذلك في النهاية إلى خلافات سياسية. أحد أسباب إعجاب المحافظين في حركة «ماجا» ببوتين هو أنهم يرونه حليفاً ضد عدوهم الحقيقي-برامج الدراسات العرقية في جامعة كولومبيا.
التاريخ لم ينتهِ بعد. وكما يشير المؤرخ روبرت كاجان، فإن أميركا تتأرجح بين فترات الانعزالية والتدخل، وبين الفردية والجماعية، وبين التشاؤم والتفاؤل غير العقلاني.
سياسات إدارة ترامب سيترتب عليها رد فعل عكسي، ما سيوفر فرصة جديدة للنهضة. وعندما يحدث ذلك، سيكون الناس مستعدين لسماع الحقيقة، وهي أنه عندما تحوّل أميركا إلى آلة للضغط، ستحقق بعض المكاسب قصيرة الأجل بينما تنحني القوى الأضعف لنفوذها، ولكنك في النهاية ستدمر العلاقات،محلياً ودولياً،التي هي في الواقع مصدر قوة أميركا على المدى الطويل.
*كاتب أميركي كندي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الروسي يعلن إسقاط 159 مسيرة أوكرانية
الجيش الروسي يعلن إسقاط 159 مسيرة أوكرانية

صحيفة الخليج

timeمنذ 43 دقائق

  • صحيفة الخليج

الجيش الروسي يعلن إسقاط 159 مسيرة أوكرانية

موسكوـ (أ ف ب) أعلن الجيش الروسي أنه أسقط 159 طائرة مسيّرة أوكرانية في غضون 12 ساعة في مناطق عدة، بعد يومين على اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي والأمريكي لم يفض إلى أي إعلان بشأن وقف لإطلاق النار. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية أن «127 مسيّرة أوكرانية رصدت ودمرت» بين الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش الثلاثاء وحتى فجر الأربعاء. وأوضح البيان أن هذه المسيّرات حاولت خصوصاً مهاجمة منطقتي بريانسك وكورسك الروسيتين الحدوديتين. وقد أسقطت 32 مسيّرة أخرى بين الساعة الأولى والخامسة ت غ من الأربعاء وفق المصدر نفسه. والثلاثاء، قالت روسيا إنه يتعين على أوكرانيا أن تقرر ما إذا كانت ستتعاون في وضع مذكرة تفاهم قبل اتفاق سلام مستقبلي محتمل ناقشته موسكو مع الولايات المتحدة. وعبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد موسكو للعمل مع أوكرانيا بشأن مذكرة تفاهم للتوصل لاتفاق سلام مستقبلي، مشيراً إلى أن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تسير على النهج الصحيح. يأتي ذلك بعد أن أجرى بوتين اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين. وذكر بوتين أن المناقشات المتعلقة بالمذكرة ستشمل مبادئ تسوية وتوقيت وتعريفات وقف إطلاق نار محتمل، بما في ذلك إطاره الزمني.

الدولار يتراجع مع ترقب مشروع قانون الضرائب
الدولار يتراجع مع ترقب مشروع قانون الضرائب

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

الدولار يتراجع مع ترقب مشروع قانون الضرائب

انخفض الدولار اليوم الأربعاء مواصلا تراجعه الذي استمر يومين أمام العملات الرئيسية الأخرى، إذ لم يتمكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إقناع الجمهوريين الرافضين بدعم مشروع قانون الضرائب الشامل الذي طرحه. ويتوخى المتعاملون أيضا الحذر من احتمال سعي المسؤولين الأمريكيين لإضعاف الدولار في اجتماعات وزراء مالية مجموعة السبع المنعقدة حاليا في كندا. وهذا الأسبوع، تباطأت التطورات بشكل كبير في حرب الرسوم الجمركية العالمية التي يشنها ترامب، والتي أدت إلى تأرجح العملات بشكل كبير في الأشهر القليلة الماضية، حتى مع اقتراب نهاية مهلة التسعين يوما التي تشهد تعليقا لرسوم جمركية على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة دون إبرام اتفاقيات تجارية جديدة. وفي حين لا تزال الأسواق متفائلة بأن البيت الأبيض حريص على عودة التدفق التجاري على أساس مستدام، يبدو أن المحادثات مع الحليفتين المقربتين طوكيو وسول فقدت زخمها. ومع تضافر كل ذلك، ظل الدولار تحت ضغط. وكتب محللو بنك الكومنولث الأسترالي في مذكرة "لا نعتبر أن الدولار الأمريكي، والأصول الأمريكية عموما، في بداية دوامة من الانهيار". واستطردوا "مع ذلك، نتوقع أن يضعف الدولار مجددا في عام 2026 بمجرد تلاشي الضبابية المحيطة بالرسوم الجمركية وانخفاض أسعار الفائدة الذي سيدعم انتعاش الاقتصاد العالمي". ويقول محللون إن مشروع قانون ترامب الضريبي سيضيف ما بين ثلاثة وخمسة تريليونات دولار إلى ديون البلاد. ويؤثر تضخم الديون والخلافات التجارية وضعف الثقة على الأصول الأمريكية. وكتب محللو جولدمان ساكس في مذكرة بحثية "معدلات الرسوم الجمركية الآن أقل، ولكنها ليست منخفضة، ويمكن قول الشيء نفسه عن مخاطر الركود في الولايات المتحدة". وأضافوا "لا تزال الولايات المتحدة تواجه أسوأ مزيج بين النمو والتضخم بين الاقتصادات الرئيسية، وبينما يشق مشروع القانون المالي طريقه بالكونجرس، فإن تراجع التفوق الأمريكي يُثبت - حرفيا - أنه مكلف في وقت يشهد احتياجات تمويل كبيرة". وتابعوا "يفتح هذا مسارات أوسع لضعف الدولار ومنحنى أكثر انحدارا لسندات الخزانة الأمريكية". وتراجع الدولار 0.55 بالمئة إلى 143.715 ين بحلول الساعة 0520 بتوقيت جرينتش، ونزل 0.67 بالمئة إلى 0.8222 فرنك سويسري. وارتفع اليورو 0.42 بالمئة إلى 1.1332 دولار، في حين زاد الجنيه الإسترليني 0.3 بالمئة إلى 1.34315 دولار. وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية، 0.38 بالمئة إلى 99.59، مواصلا انخفاضا بلغ 1.3 بالمئة على مدار يومين.

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعد وقف واشنطن تمويلها
بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعد وقف واشنطن تمويلها

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعد وقف واشنطن تمويلها

أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء أنّ بروكسل ستمنح إذاعة أوروبا الحرة/راديو الحرية مساعدة مالية قدرها 5.5 مليون يورو لتمكينها من مواصلة عملها بعد أن جمّدت الولايات المتحدة تمويلها. وقالت كالاس للصحافيين إثر اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل إنّ "هذا المبلغ سيدعم العمل الحيوي الذي تقوم به إذاعة أوروبا الحرة". وأضافت أنّ "هذا تمويل طارئ قصير الأمد مصمّم ليكون بمثابة شبكة أمان للصحافة المستقلّة". وجمّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مارس تمويل إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية وهيئات بثّ أمريكية أخرى، بما فيها صوت أمريكا، وذلك في إطار مساعيه لخفض الإنفاق الحكومي. لكنّ إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية التي توظّف ما يزيد على 1700 شخص طعنت أمام القضاء بقرار ترامب وقد حصلت الأسبوع الماضي على أمر قضائي يتيح لها مؤقتا مواصلة الحصول على تمويلها. لكنّ الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي التي تشرف على عمليات هذه الإذاعة لم تفرج حتى اليوم عن الأموال المخصّصة لها. وفي تصريحها، شدّدت كالاس على أنّ المساعدة المالية التي رصدها الاتّحاد الأوروبي لن تكون قادرة على تغطية عمل الإذاعة في جميع أنحاء العالم، بل ستركّز على بلدان في مناطق مثل القوقاز وآسيا الوسطى. وأقرّت المسؤولة الأوروبية بأنّه "من الواضح أنّ أوروبا لا تستطيع توفير كلّ التمويل اللازم" لعمل الإذاعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store