
د. إدريس الأزمي الإدريسي رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (2\2) الأحد 20 يوليو 2025
أولا- تُفَنِّدُ الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والمالية الرسمية المحققة خلال السنة المرجعية التي على رئيس الحكومة أن يقارن بها حصيلته الاقتصادية والمالية، وهي سنة 2021 وليست سنة 2020، ادعاءات رئيس الحكومة وحرصه على تسويد الوضعية المرجعية التي انطلقت منها حكومته، إذ تشهد الأرقام الرسمية المحققة سنة 2021 على العكس، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك على أن الحكومة الحالية ورثت وضعا ومسارا إيجابيا على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي، إذ أن معدل النمو المحقق سنة 2021 بلغ 8,2%، بعد انكماش بلغ 7,2% سنة 2020، وهو أعلى معدل يحقق منذ سنة 1997، وتقلص عجز الميزانية من 7,1 % إلى 5,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، وتراجعت نسبة مديونية الخزينة من 72,2% إلى 68,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، وتم احتواء تفاقم العجز الجاري لميزان الأداءات في 2,3% من الناتج الداخلي الإجمالي، وارتفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 26,3 إلى 31,9 مليار درهم، وتحسنت الأصول الاحتياطية الرسمية من العملة الصعبة لتبلغ 330,8 مليار درهم، أي ما يناهز 6 أشهر من واردات السلع والخدمات، وهذا ما يدل بوضوح على أن الاقتصاد الوطني والمالية العمومية وبعد أن عاشت سنة صعبة واستثنائية خلال 2020، عادا وبسرعة إلى التعافي سنة 2021 وتم تسجيل كل هذه النتائج الإيجابية والمحفزة.
ثانيا- أخطأ رئيس الحكومة وهو يؤكد في معرض جوابه بأن ميثاق الاستثمار ظل يراوح مكانه منذ 20 سنة، وهذه مغالطة كبيرة باعتبار أن القانون-الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات الصادر في نونبر 1995، والذي وصفه رئيس الحكومة بهذا الوصف المعيب وغير المسؤول شكل في وقته تحولا نوعيا في مجال دعم وتشجيع الاستثمار ببلادنا، ومكن منذ ذلك الحين، من تحقيق نقلة حقيقية -كما وكيفا- في مجال الاستثمار، وهو ما يؤكده حجم ونوعية الاستثمارات التي شهدتها بلادنا منذ ذلك الحين ولاسيما في السنوات الأخيرة والتي واكبت مختلف الاستراتيجيات القطاعية والمشاريع الكبرى، وهو ما شهد به رئيس الحكومة نفسه في معرض جوابه بأنه تمت المصادقة على 386 مشروعا استثماريا خلال العشر سنوات التي سبقت تعيين هذه الحكومة (بين 2012 و2021)، أي بمعدل 39 مشروعا في السنة. كما أن رئيس الحكومة تجاهل وهو ينسب لنفسه ميثاق الاستثمار الجديد موضوع القانون-الإطار رقم 03.22، أن يعترف أن هذا الميثاق جاء نتيجة عمل جاد وطويل استمر لسنوات من التشاور والإعداد في عهد الحكومتين السابقتين، وأنه استفاد من هذا العمل والتراكم ووجد نصا قانونيا جاهزا لا ينتظر سوى أن يعرض على المسطرة التشريعية وهو ما كان.
ثالثا- تراجع رئيس الحكومة واعترف للمرة الأولى وبعد طول إنكار أن معدل المغاربة المشمولين بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض انتقل من 42,2% قبل إطلاق هذا الورش إلى 88% حاليا، ويشكل هذا التصريح تراجعا صريحا لرئيس الحكومة عن تصريح سابق له في مجلس المستشارين بتاريخ 27 ماي 2025، حين أكد بأنه على مستوى تعميم التغطية الصحية الإجبارية 'باتت هذه المنظومة تشمل حاليا عموم الأسر المغربية'، وظل ينفي لشهور حقيقة إقصاء أزيد من 8,5 مليون من المواطنين والمواطنات من التغطية الصحية، والتي سبق ونبهناه لها عدة مرات منذ نهاية سنة 2022، وأكدتها عدة تقارير لمؤسسات رسمية.
وهنا ينبغي تسجيل هذا التراجع الرسمي لرئيس الحكومة والذي يعترف بتصريحه الجديد هذا أن 12% من المغاربة ما زالوا خارج التغطية الصحية، وإن كانت هذه النسبة غير صحيحة لأنها لا تأخذ في الحسبان عددا من المسجلين الذين لا يستفيدون من التغطية الصحية لكون حقوقهم مغلقة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وهذا يعني أن رئيس الحكومة فشل، ونحن في شهر يوليو 2025، في تحقيق هدف توسيع التغطية الصحية بحلول نهاية سنة 2022 كما نص على ذلك القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، وهو ما يوجب عليه بعد هذا التراجع والاعتراف المبادرة إلى معالجة هذا الإقصاء والعمل على التنزيل السليم للقانون الإطار لإدماج واستفادة كل المغاربة من التغطية الصحية دون استثناء.
ومن جهة أخرى، فإن رئيس الحكومة وهو يتراجع ويعترف مجبرا، لكنه مع ذلك لم يستسلم إذ وفي محاولة منه لإبراز أنه أحرز تقدما في هذا المجال بعد اعترافه بفشله في تحقيق التعميم والوفاء بالتزامه الرابع ضمن الالتزامات العشر للحكومة خلال الفترة 2021 – 2026، وهو تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة ووعده في البرنامج الحكومي بتكريس 'الحكومة السنة الأولى للولاية في المقام الأول لإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية'، فإنه لجأ مرة أخرى إلى التحايل بشأن الوضعية المرجعية، حيث صرح أن نسبة المشمولين بالتغطية الصحية قبل بداية ورش تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض هي 42,2%، وهذا غير صحيح نهائيا لأن رئيس الحكومة أغفل عمدا أن يحتسب عدد المستفيدين سابقا من نظام المساعدة الطبية 'راميد' ضمن هذه النسبة، وهو تضليل وسعي إلى إبراز تقدم مزيف، إذ أن النسبة الحقيقية للمستفيدين من التغطية الصحية قبل إطلاق ورش التعميم في دجنبر 2022 هو 76%.
رابعا- اعترف رئيس الحكومة -من حيث يدري أو لا يدري- بأنه حَرَمَ 50.205 أرملة يَعُلْنَ يتامى وكُنَّ تستفدن في السابق من برنامج الدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشاشة، حيث أكد في معرض جوابه بأن أزيد من 420.000 أرملة يستفدن حاليا من الدعم الاجتماعي المباشر، منها ما يقارب 340.000 أرملة بدون أطفال لم تكن تستفيد في السابق من الدعم، وهو ما يفيد – بحساب بسيط – أن عدد الأرامل اللواتي يحتضن يتامى ويستفدن حاليا من الدعم الاجتماعي المباشر لا يبلغ سوى 80.000 أرملة، وهو ما يعني – بحساب بسيط أيضا – أنه حَرَمَ 50.205 أرملة كُنَّ تستفدن سابقا، وذلك باعتبار أنه وإلى غاية 13 شتنبر 2023، استفادت 130.205 أرملة وما يفوق 220.000 يتيما من برنامج الدعم المباشر للنساء الأرامل في وضعية هشاشة، كما تثبت ذلك الصفحة 53 من مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024 والصفحة 36 من تقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة المرافق لنفس المشروع.
خامسا- كذب رئيس الحكومة وهو يصرح أنه وجد أمامه أوضاعا اجتماعية صعبة كان معها الحوار الاجتماعي مجمدا لعدة سنوات، وهنا يكفي للسيد رئيس الحكومة أن يعود إلى أرشيف رئاسة الحكومة ليكتشف عدم صحة ما يدعيه وليطلع على جولات الحوار الاجتماعي خلال الولايتين الحكومتين السابقتين وقبلهما، والموثقة بالصوت والصورة، وكذا الزيادات المقررة والاتفاقيات الموقعة، والتي كان آخرها اتفاق 25 أبريل 2019، ولينعش ذاكرته لاسيما وأنه كان يحضر جولات الحوار الاجتماعي إلى جانب رؤساء الحكومة السابقين.
سادسا- واصل رئيس الحكومة كعادته نسب الإصلاحات السابقة وعائداتها الإيجابية لنفسه وإلصاق فشله وعجزه بمن سبقه، وهو يصرح بأن الحكومة عملت على استعادة توازنات المالية العمومية عبر إصلاحات هيكلية همت على الخصوص إصلاح المنظومة الجبائية، من خلال تنزيل تدابير القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، وأنه بفضل هذه الإصلاحات، وبوتيرة أفضل مما كان متوقعا، انتقلت المداخيل الجبائية إلى حوالي 300 مليار درهم سنة 2024، بزيادة بلغت حوالي 100 مليار درهم مقارنة بسنة 2020. كما عرفت الموارد العادية تحسنا كبيرا خلال نفس الفترة، بزيادة فاقت 143 مليار درهم، وأن هذه المنجزات، مكنت من تقليص عجز الميزانية نسبة للناتج الداخلي الخام إلى 5,4% سنة 2022 و4,3% سنة 2023 و3,8% سنة 2024. وتطور معدل المديونية نسبة للناتج الداخلي الخام من 71,4% سنة 2022 إلى 68,7% سنة 2023 و67,7% سنة 2024.
وبهذا الخصوص، لقد أغفل رئيس الحكومة أن يذكر بأن القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي هو نتيجة عمل من سبقه وحصيلة التراكم الكبير المحقق في هذا المجال، والذي كان موضوع المناظرة الوطنية الثانية حول الإصلاح الجبائي في أبريل 2013، التي جاءت بعد المناظرة الوطنية الأولى في نونبر 1999، وتلتهما المناظرة الوطنية الأخيرة حول الجبايات والتي نظمت سنة 2019، والتي صدر بناء على توصياتها بالجريدة الرسمية في 26 يوليو 2021 القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، وبالتالي لا فضل له فيه إلا أنه يقوم بتنزيله ويستفيد من عائداته دون أي يعترف بفضل من سبقه، بل وينسب لنفسه كعادته فضل هذا التطور.
كما تجنب رئيس الحكومة أن يُفَصِّلَ بشأن التطور الكبير للموارد العادية وأن يبين بكل شفافية ومسؤولية مصدرها والذي يعود أساسا إلى تفويت الحكومة بشكل غير مسبوق لمجموعة من الأصول العقارية والمرافق العمومية، فيما سمي بالتمويلات المبتكرة، حيث بلغ مجموع ما جنته الحكومة من هذا التفويت خلال سنوات 2022 و2023 و2024 ما مجموعه 85,8 مليار درهم.
ثم إن رئيس الحكومة أغفل الأسباب الموضوعية لتراجع عجز الميزانية ومعدل المديونية نسبة للناتج الداخلي الخام، والتي تعود أساسا إلى عاملين اثنين: هما التطور الكبير للموارد الجبائية بفضل الإصلاح الجبائي والموارد العادية الكبيرة مما سمي بالتمويلات المبتكرة، وكذا أساسا بفضل مراجعة المندوبية السامية للتخطيط لمعدل النمو ولحجم الناتج الداخلي الخام برسم سنوات 2023 و2024، إذ لولا هذه المراجعة لكانت وفق الأرقام الرسمية التي كانت تقدمها الحكومة نفسها في السابق، أي قبل هذه المراجعة، نسبة المديونية إلى الناتج الداخلي الخام 69,5% سنة 2023 (عوض 68,7% بعد المراجعة)، و70,1% سنة 2024 (عوض 67,7% بعد المراجعة).
كل هذه الاعتبارات تثير تساؤلات كبيرة ومقلقة حول مدى استعادة واستدامة توازنات المالية العمومية والقدرة على استمرار تمويل برامج الحماية الاجتماعية، في ظل اعتماد الحكومة بشكل كبير وغير مسبوق على تمويلات غير مستدامة من مثل التمويلات المبتكرة، وعدم وجود أي سياسة حكومية إرادية لادخار جزء من فائض الموارد الضريبية بالنظر لتطورها الظرفي بنسب كبيرة لا تتناسب مع معدلات النمو وتطور الاستهلاك، والتي لا يمكن لها أن تستمر بنفس النسب إلى ما لا نهاية، وكذا في غياب أي إرادة وسياسة حكومية في مجال ترشيد النفقات العمومية.
وفي المُحَصِّلة، فإن مرور رئيس الحكومة الأخير أمام مجلس المستشارين في موضوع مرتب ومكرر وفضلا عن أنه لم يأت بجديد يذكر باستثناء استغلاله لمراجعة المندوبية السامية للتخطيط في يونيو الماضي لمعدل النمو لسنة 2023 و2024 ولآثار هذه المراجعة على نسب عجز الميزانية ومعدل المديونية، فإنه تجنب معدلات البطالة المرتفعة والتي بلغت في عهده 13% سنة 2023 و13,4% سنة 2024، وهي نسب لم تسجل منذ سنة 2000، واكتفى بالتذكير بخارطة الطريق الحكومية في مجال التشغيل التي اعتمدتها في 26 فبراير 2025، أي بعد تأخر دام أزيد من ثلاث سنوات من تنصيب الحكومة في أكتوبر 2021، وإعلانه بشكل مفاجئ وغير مقبول دستوريا عن أهداف جديدة تتجاوز الولاية الحكومية الحالية حين وعد 'بعكس المنحى التصاعدي للبطالة وتقليصه بشكل ملموس إلى 9% وإحداث 1,45 مليون منصب شغل في أفق سنة 2030″، متناسيا الالتزامات العشر للحكومة خلال الفترة 2021 – 2026، وخصوصا الالتزام الثاني بإحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل خلال الخمس سنوات من الولاية الحكومية الحالية، والالتزام الثالث برفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30% عوض 20%.
وختاما، تثبت الملاحظات المثارة أعلاه أن رئيس الحكومة وهو يستفيد من ريع وعائد الإصلاحات السابقة ومن عمل الحكومات التي سبقته في اعتماد إصلاحات هيكلية أفادت الاقتصاد الوطني وعززت المالية العمومية من مثل إصدار القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، والقانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، وإعداد القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار، فإنه وبالإضافة إلى إنكار وتبخيس عمل من سبقه فإنه يعتمد التحايل باختيار مؤشرات وسنوات دون غيرها في محاولة لتضخيم التقدم الحاصل وحجب التأخر المسجل والعجز عن القيام بإصلاحات جديدة، كما أنها تظهر فشله في تنزيل جزء من هذه القوانين من مثل الإقصاء الكبير الحاصل على مستوى تعميم التغطية الصحية، والدعم الاجتماعي المباشر بالرغم من أنه يصرح أن لا مجال للتراجع على المكتسبات المحققة، وكذا الفشل الذريع في معالجة معضلة البطالة التي تفاقمت في عهده وتأخره الكبير في إقرار السياسة المناسبة لمعالجة هذا الوضع، وذلك بالرغم من تعهده في المحور الثاني من البرنامج الحكومي بمواكبة تحول الاقتصاد الوطني من أجل خلق فرص شغل للجميع، وبجعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المساء الإخباري
منذ 4 ساعات
- المساء الإخباري
صوت العدالة .. زيادة الحد الأدنى للأجور في المغرب عدالة متجددة
تتزايد عمليات البحث في المغرب حول موضوع زيادة الحد الأدنى للأجور للعام 2025 حيث يعبر المواطنون عن آمالهم في تحسين أوضاعهم المعيشية ومواجهة التحديات الاقتصادية المتصاعدة، وتسعى الحكومة المغربية جاهدة لرفع مستويات الدخل وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين مما سينعكس بشكل إيجابي على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. زيادة الحد الأدنى للأجور في المغرب 2025 أعلنت الحكومة المغربية عن نيتها رفع الحد الأدنى للأجور في كلا القطاعين العام والخاص كجزء من خطتها لدعم دخل العاملين، ومن أبرز تفاصيل هذه الزيادة: سيتم رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع غير الفلاحي من 2638 درهم إلى 3045 درهم مما سيساعد في تحسين الظروف المعيشية للعمال. في القطاع الفلاحي سيصل الحد الأدنى للأجور إلى 2855 درهم. تقدر نسبة الزيادة بحوالي 5% مقارنة بالأجور السابقة. موعد تطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور تشير التوقعات إلى أن الإعلان الرسمي عن بدء تطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور في المغرب سيكون في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين، وهذا الإجراء يأتي كجزء من خطة الدولة لتحسين ظروف المعيشة وتعزيز الاستقرار المالي للأسر المغربية، ومن المتوقع أن يتضمن الإعلان الرسمي ما يلي: بدء تطبيق الزيادة بعد المصادقة الحكومية النهائية. مراجعة آلية صرف الأجور في المؤسسات العامة والخاصة. يأتي هذا النوع من الإصلاحات ضمن إطار جهود الحكومة لتعزيز القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وتحقيق العدالة في توزيع الدخل. أهمية زيادة الحد الأدنى للأجور تعكس هذه المبادرة الحكومية التزام الدولة بتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية حيث تسهم زيادة الحد الأدنى للأجور في: دعم الفئات ذات الدخل المحدود مما يساهم في تحسين مستوى معيشة العديد من الأسر. تحفيز القوة العاملة وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية. تقليص معدلات الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما يعد أحد الأهداف الأساسية للحكومة. التغيرات أهم العوامل في الحد الأدنى للأجور شهدت الأجور في المغرب خلال الفترة السابقة تغيرات ملحوظة، ومن أبرز القطاعات المتأثرة: القطاع غير الفلاحي: الحد الأدنى السابق كان 2638 درهم بينما الحد الأدنى الجديد سيكون 3045 درهم مما يشير إلى زيادة بنسبة حوالي 15%. القطاع الفلاحي: كان الحد الأدنى السابق تقديريا 2480 درهم، وسيصل الحد الأدنى الجديد إلى 2855 درهم بنسبة زيادة مشابهة تصل إلى حوالي 15%. تعتبر زيادة الحد الأدنى للأجور في المغرب عام 2025 بارقة أمل للعديد من العاملين في البلاد، وتؤكد التزام الحكومة بتحسين ظروفهم المعيشية ومواكبة التغيرات الاقتصادية، ومن المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المغرب مما يسهم في تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية والفئوية.


المغربية المستقلة
منذ 6 ساعات
- المغربية المستقلة
انجازات حكومة عزيز أخنوش بين مؤشرات الأداء وإشكالية الأثر المجتمعي
المغربية المستقلة : نجلاء مرون: باحثة في القانون العام منذ تولي حكومة عزيز أخنوش مهامها سنة 2021، تمكن الاقتصاد المغربي من الحفاظ على استقرار نسبي رغم التحديات العالمية، فحسب تقرير بنك المغرب للسياسة النقدية الصادر في يونيو 2025، فقد سجل الناتج الداخلي الخام نموا بنسبة 3.8% خلال سنة 2024، مدفوعا بالدينامية القوية للقطاعات غير الفلاحية التي نمت بنسبة 4.5%، وذلك بفضل الطلب الداخلي وتوسيع الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات السيارات والفوسفاط والطاقة النظيفة، وان استقرار عجز الميزانية ظل عند 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مدعوما باحتياطيات من العملة الصعبة بلغت حوالي 402 مليار درهم، تغطي واردات السلع والخدمات لفترة تتراوح بين خمسة وستة أشهر، وعلى الرغم من التحسن النسبي للصادرات فقد ارتفع العجز التجاري خلال الربع الأول من سنة 2025 ليبلغ 71.6 مليار درهم، بزيادة بلغت 16.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد والمالية، كما شهدت عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة تطورا ملحوظا، حيث وصلت إلى 43.2 مليار درهم سنة 2024 مقارنة بـ 26.3 مليار درهم سنة 2020، مع تسجيل نحو 21.9 مليار درهم حتى نهاية ماي 2025، بزيادة نسبتها 27%، وفيما يتعلق باستقرار الأسعار، نجحت الحكومة في خفض معدل التضخم إلى أقل من 1% بنهاية سنة 2024، بعد أن بلغ 6.6% سنة 2022 و6.1% سنة 2023، (وهو ما يعكس فعالية السياسات النقدية والمالية)، كذلك على مستوى التشغيل انخفض معدل البطالة بمقدار 0.4 نقطة خلال الفصل الأول من سنة 2025، مع إحداث نحو 351 ألف منصب شغل جديد في القطاعات غير الفلاحية. كشفت الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة أمام مجلس المستشارين يوم 27 ماي 2025 عن جهود الحكومة لتعزيز الإنصاف، إذ تم إدماج نحو أربعة ملايين أسرة في نظام التغطية الصحية الإجبارية «أمو-تضامن»، ليصل عدد المستفيدين وذوي الحقوق إلى حوالي 11 مليون شخص، مع تكفل الدولة بأداء اشتراكات سنوية تناهز 9.5 مليار درهم، وتمت معالجة أكثر من 14 مليون ملف طبي لدى وكالات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بتصفية حوالي 12 مليون ملف بغلاف مالي يفوق 17 مليار درهم ، كما استفاد نحو 3.5 مليون عامل غير أجير من التغطية الصحية، مع معالجة أكثر من أربعة ملايين ملف بقيمة إجمالية قاربت 4 مليارات درهم، اما على مستوى الدعم الاجتماعي المباشر، فقد خصص غلاف مالي قدره 25 مليار درهم سنة 2024 ارتفع إلى 26.5 مليار درهم سنة 2025، مع استهداف بلوغ 29 مليار درهم في أفق 2026، ليستفيد منه حوالي أربعة ملايين أسرة تضم 12 مليون فرد. وفي الشق الاستثماري، أطلقت الحكومة دينامية جديدة للنهوض بالاستثمار، حيث صادقت اللجنة الوطنية للاستثمار في ثماني دورات فقط على 237 مشروعا بقيمة إجمالية تفوق 369 مليار درهم، من المتوقع أن توفر أزيد من 166 ألف منصب شغل قار، ضمن تفعيل ميثاق الاستثمار الجديد وتحسين مناخ الأعمال، وفي إطار استراتيجيته الطموحة للتحول الطاقي، يعتزم المغرب إنتاج ثلاثة ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويا بحلول 2030، مع تخصيص حوالي مليون هكتار لإقامة مشاريع ضخمة في الجهات الجنوبية باستثمارات تناهز 319 مليار درهم، وقد بلغت حصة الطاقات المتجددة حاليا حوالي 44% من القدرة المنشأة، مع التطلع لرفعها إلى 52% بحلول 2030، في سياق تحقيق الحياد الكربوني سنة 2050، وتستهدف هذه المشاريع خلق آلاف فرص العمل، وتعزيز صادرات المغرب من الطاقة النظيفة إلى الأسواق الأوروبية والعالمية، رغم ذلك، يواجه المغرب تحديات مثل تأمين التمويلات الضخمة، تطوير البنية التحتية اللازمة، وتقنيات إنتاج تنافسية، بالإضافة إلى ضبابية الطلب العالمي على الهيدروجين. وفي إطار تعزيز ريادته الصناعية، واصل المغرب تطوير قطاع صناعة السيارات بطاقة إنتاجية تتجاوز 700 ألف وحدة سنويا، مع تركيز متزايد على السيارات الكهربائية والهجينة، إلى جانب توطين أجزاء من سلسلة القيمة عبر مصانع تجميع البطاريات واستقطاب استثمارات نوعية في مكونات صناعة الطائرات والطائرات بدون طيار، بما يسهم في نقل التكنولوجيا وبناء كفاءات وطنية متخصصة. اما على صعيد البنية التحتية، توسعت شبكة الطرق السريعة والسيارة لتتجاوز 2400 كيلومتر، مع تقدم ملحوظ في إنجاز الخط الثاني للقطار الفائق السرعة بطول يفوق 430 كيلومتر، وبموازنة تقارب عشرة مليارات دولار، إضافة إلى مشاريع توسعة ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي، بهدف دعم التنمية في الأقاليم الجنوبية وتعزيز الربط بالأسواق الدولية. وفيما يتعلق مسار التحول الرقمي، تندرج استراتيجية «المغرب الرقمي 2030» ضمن الجهود الوطنية لتعزيز السيادة الرقمية وترسيخ التحول الرقمي كرافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتروم هذه الاستراتيجية إلى رقمنة الخدمات العمومية وتبسيط المساطر الإدارية، بما يسهم في تحسين ترتيب المغرب في مؤشرات جودة الخدمات العمومية والانتقال من المرتبة المئة إلى الخمسين عالميا في أفق 2030، مع رفع نسبة رضا المستخدمين إلى أكثر من 80%، كما تهدف إلى دعم تنافسية الاقتصاد الرقمي من خلال مضاعفة عائدات التصدير الرقمي من 18 مليار درهم إلى 40 مليار درهم، وتنمية نسيج الشركات الناشئة من 380 شركة سنة 2022 إلى 3000 شركة بحلول 2030، مع التركيز على إنتاج حلول رقمية وطنية مستقلة وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ويعزز هذا التوجه تكوين وتأهيل ما يقارب 100 ألف موهبة رقمية سنويا، واستقطاب الكفاءات الأجنبية، في إطار رؤية متكاملة لحماية المعطيات الوطنية وبناء قدرات سيادية في مجال الرقمنة والابتكار التكنولوجي. وفي المجال السياحي، استقبلت المملكة خلال سنة 2024 أكثر من 17.7 مليون سائح، محققة مداخيل تفوق 115 مليار درهم، إن هذه المؤشرات وغيرها تعكس بوضوح رؤية الحكومة لترسيخ العدالة الاجتماعية، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية بشكل متوازن، بما يضع المغرب في موقع تنافسي قادر على مواجهة التحولات العالمية. وبالرغم من كل هذه المؤشرات، يظل السؤال الجوهري مطروحا: لمـاذا لا يشعــر المواطـــن بهـذه الإنجـــــازات ؟ هذه الفجوة ناتجة عن عوامل مركبة أبرزها التفاوت الجهوي في توزيع الاستثمارات، وضعف قنوات التواصل الحكومي وغياب الشفافية الكافية في عرض البيانات، إضافة إلى بطء تنفيذ إصلاحات بنيوية مثل نظام التقاعد وربط التعليم بسوق العمل، كذلك، طبيعة هذه الإنجازات، خاصة المشاريع الهيكلية الكبرى والإصلاحات الاستراتيجية، فحسب بعض الدراسات كالتي قام بها البنك الدولي بعنوان ' البنية التحتية والتنمية الاقتصادية: تقييم تجارب الدول النامية ' أن الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية أو الطاقات المتجددة أو الحماية الاجتماعية تحتاج إلى زمن نضج مؤسساتي وتقني وإداري كي تتحول إلى نتائج ملموسة على مستوى الدخل الفردي وجودة الخدمات، غير أن هذا الفارق الزمني بين التخطيط والإنجاز من جهة، وتوقعات المواطنين من جهة أخرى، قد يولد فجوة إدراكية تستثمر أحيانا في خطاب التبخيس من هنا، فإن التحدي الحقيقي أمام حكومة عزيز أخنوش لا يكمن فقط في تنفيذ هذه المشاريع وفق الجدول الزمني المعلن بل أيضا في حسن إدارة الزمن السياسي للتواصل حولها، وتقديم مؤشرات مرحلية تطمئن المواطن بأن التغيير قادم بشكل تدريجي وملموس، بما يقلص من فجوة الثقة ويحصن المكتسبات ضد التبخيس الشعبوي، فتصاعد خطاب التبخيس يستثمر هذه الثغرات ويحولها إلى سردية اختزالية تفرغ أي إنجاز من معناه وتختزل السياسات العمومية في صورة إخفاق شامل فهو لا يندرج – خطاب التبخيس – ضمن النقد البناء الذي تحتاجه الديمقراطية والمؤسسات، بل يمثل بحسب ماكس فيبر Max Weber في تحليله لمفهوم الحياد الأكسيولوجي انزياحا عن التحليل العلمي لصالح الدعاية والشحن الانفعالي، وهو ما اكد عليه كذلك بيير بورديو Pierre Bourdieu في كتابه ' الهيمنة الرمزية '(La Domination Symbolique) ونوربرت إلياس Norbert Elias في' عملية التمدن (The Civilizing Process)' فهذا الخطاب يخلق سلطة رمزية خفية تهيمن على المخيال الجمعي، فتعطل قدرة الرأي العام على تشكيل مواقف نقدية متوازنة، ويفتح المجال للشائعات والتهييج بدل المعطيات الموثوقة. تكمن خطورة خطاب التبخيس كذلك في كونه لا يكتفي برصد جوانب القصور – وهو أمر مشروع – بل يحولها إلى قاعدة تعميمية تغلق النقاش أمام أي قراءة موضوعية للنتائج، فتقوض الثقة بالمؤسسات وتضعف التعاقد بين الدولة والمجتمع، مما يفتح الباب أمام الشعبوية والابتذال السياسي. في تقديرنا، تشكل السنة الأخيرة من عمر الولاية الحكومية الحالية فرصة استراتيجية لإعادة بناء التوازن بين انجازات الدولة وانتظارات المجتمع، عبر تسريع الإصلاحات الجوهرية، وضمان عدالة التوزيع المجالي للثمار التنموية، وتبني تواصل حكومي شفاف يقر بالإنجازات كما يقر بالتحديات، فتحويل النقد إلى أداة لتحسين الأداء – لا لتبخيسه – هو المدخل الحقيقي لإعادة الثقة وتثبيت وظيفة السياسات العمومية في خدمة الإنسان والمجتمع على قاعدة العدالة والنجاعة والاستدامة.


المغربية المستقلة
منذ 6 ساعات
- المغربية المستقلة
إقليم الناظور يتحول إلى قطب صناعي واعد بافتتاح أكبر وحدة لإنتاج الأجبان بسلوان
المغربية المستقلة : سلمى القندوسي شهد إقليم الناظور، يومه الثلاثاء 22 يوليوز 2025، محطة صناعية جديدة تعزز مساره التنموي، و ذلك بافتتاح وحدة كبرى لإنتاج الأجبان بالحظيرة الصناعية سلوان، في خطوة تترجم الدينامية الاقتصادية المتسارعة بالمنطقة، و تفتح آفاقا واعدة أمام التشغيل والاستثمار. المشروع، الذي تطلب غلافا استثمارياً يفوق 160 مليون درهم، أنجز بدعم من مجلس جهة الشرق و وزارة التجارة و الصناعة، ليشكل لبنة إضافية في صرح البنية الصناعية المتطورة التي يشهدها الإقليم، خاصة في ظل المشاريع الاستراتيجية الكبرى وعلى رأسها ميناء الناظور غرب المتوسط. استغرقت أشغال بناء هذه الوحدة الصناعية نحو ثلاث سنوات، و تتميز حاليا بطاقة إنتاجية تصل إلى 35 طنا يوميا، مع أهداف لرفع هذه القدرة تدريجياً إلى 120 طنا في المستقبل القريب، مما سيمكن المصنع من تلبية حاجيات السوق المحلي وفتح آفاق للتصدير. و من المرتقب أن يحدث هذا المشروع الحيوي أزيد من 250 منصب شغل مباشر، على أن يتوسع لاحقاً ليصل إلى حوالي 1000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ما يجعله رافعة قوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالإقليم. و يعزز هذا المشروع موقع الناظور كوجهة جاذبة للاستثمار الصناعي، بفضل بنيته التحتية الحديثة، و موارده البشرية المؤهلة، و رؤية تنموية تتطلع إلى جعل الإقليم نموذجا في مجال التصنيع الغذائي و مشتقاته. بهذا الإنجاز، يواصل الناظور ترسيخ مكانته كقطب اقتصادي صاعد في جهة الشرق، مستفيدا من موقعه الاستراتيجي و مناخه الاستثماري المتجدد.