logo
أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

صوت بيروت١٦-٠٧-٢٠٢٥
لو تمّ حَذْف اسم توم بارّاك وقراءة تصريحاته، لكان الظنّ الغالب، أنّ قائلها هو أحد السياسيين المحليين التقليديين. أيّ، كثرة الكلام حتّى فقدان الاتّزان وتدوير الزوايا إلى درجة 'الدَوَخان'. كأنّ ما كان ينقص اللبنانيين وعقلية الحكم التي تربّت على التسويف وركل الفرص، سوى 'رشّة' تناقضات وخلطة مفاهيم عتيقة، أطلقها سفير واشنطن في تركيا والمبعوث الأميركي إلى سوريا.
يمثّل الأخير النهج الملتبس للسياسة الناعمة حتى لو كان هدفه نزع سلاح 'حزب الله'، إذ يفتقر إلى قوّة الدفع و'التحريض الإيجابي' نحو التغيير المطلوب. فالمواقف المعلنة والضغوط المباشرة أثبتت فعاليتها، مقارنة بالمبادرات 'المائعة' وذات 'الوجهين'. في هذا الإطار، يُستَحضَر قول المفكّر السياسي والفيلسوف الأميركي الشهير فرنسيس فوكوياما، (بما معناه) إنّه بوجود محفّزات التحرّر، يمكن للتقدّم الذي يحتاج إلى سنة، أن يتحقّق خلال شهرٍ.
كما أدّت مواقف باراك، إلى مقاربة رمزية في الشكل والأسلوب، بينه وبين النائبة السابقة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي عُرفت بلهجتها الحادة ومواقفها الواضحة، إذ لم تجامل الأنظمة ولا الجهات السياسية، بل مثّلت مدرسة دبلوماسية تقوم على المكاشفة والهيبة والرسائل المباشرة، لا سيما تجاه 'حزب الله'.
وترى مصادر مطلعة على أجواء البيت الأبيض، أن التصريحات الملتبسة لباراك، تندرج ضمن هوامش القرار الأميركي ولا تُعبّر عن صرامة إدارة ترامب والورقة الأميركية المتعلّقة بسلاح 'الحزب'. فقوله إنّ ' أميركا لا ترى 'حزب الله' منظمة إرهابية، بل الجماعة المسلحة التابعة له، هي المنظمة الإرهابية التي نواجه معها المشكلات'، تناقض تصنيف واشنطن الذي لا يفصل بين جناحي 'الحزب' العسكري والسياسي.
أما موقفه من أن 'الأسلحة التي يراد التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل'، فيتعارض مع اتفاقية وقف إطلاق النار والشروط الأميركية، المشدّدة على نزع سلاح 'حزب الله' من دون تمييز بين ثقيل أم خفيف، مما يعكس ضلالًا لديه.
استطرادًا، ولفهم هذا الشطط الشاذ عند باراك، علينا فهم رؤية ترامب لولايته وحكمه، إذ لجأ إلى تحرير عهده من أعباء الدولة العميقة في واشنطن التي يمقتها إلى حدّ كبير جدًّا، إضافة إلى الإعلام التابع لها مثل الـ CNN و'فوكس نيوز' والذي تحوّل في نظره إلى أجسام ثقيلة، وتشكّلت لدى شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي، عداوة بارزة ضدّ الدولة البيروقراطية.
ومن أجل ترشيد إدارته، أراد ترامب تجسيد روحية قيام الدولة الاتحادية الفدرالية التي اعتمدت النظام الرئاسي، نظرًا إلى خصائصه المتميّزة بسرعة القرارات وقوّة التنفيذ. لذا، عيّن الرئيس الحالي ستيف ويتكوف مبعوثًا خاصًّا إلى الشرق الأوسط، وتوم بارّاك إلى سوريا ومسعد بولس مستشارًا أوّل لشؤون أفريقيا.
هذه الإيجابية والمرونة في صياغة قرارات البيت الأبيض، تقابلها سلبيات وهفوات وقع بها السيّد باراك، ومنها: تحذيره اللبنانيين من 'خطر وجودي' إذا لم يتحركوا بـ 'سرعة البرق' لأن مصيرهم سيكون هو العودة إلى خريطة 'بلاد الشام' (والتلميح بكلام غير مباشر، عن وقوع الأردن في خريطة 'سوريا الكبرى').
هذا التصريح، ينمّ عن جهلٍ في تاريخ المنطقة، وما فرضته الأيديولوجيات والعقائد والقوميات البائدة، من مصطلحات تعكس منطق الاستقواء وشطب مفهوم الدولة الوطنية وتعددية الشعوب. في المقابل، يشير التعبير المذكور إلى رومنطيقية رافقت مهاجري القرن الماضي الذين يتحدّر منهم برّاك ولا يزال سجين مفرداتها، من دون أن يعي تأثيرها وعيوبها الثقافية والنفسية والتاريخية.
والأمر ذاته ينبطق على مفهومه لاتفاقية 'سايكس بيكو'، حيث وصفها بأنها 'قسّمت سوريا والمنطقة الأوسع لمكاسب إمبريالية، وليس من أجل السلام'، ومعتبرًا أن هذا الخطأ 'كلّف أجيالًا'، كأنه يردّد مع القائلين بأن 'لبنان هو كذبة تاريخية وصنيعة الاستعمار'، علمًا بأن اتفاق 'سايكس بيكو' قسّم المنطقة إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا وترك لشعوب المنطقة تقرير مصيرها وحدودها، وأي تلاعب بالحدود يؤدّي إلى مزيد من النزاعات والصراعات ولن يحلّ السلام. فيما التغيير المنشود هو داخل خرائط الدول وليس فوقها.
وتختم المصادر، مؤكّدة أنّ تصريحات باراك الصحافية المثيرة للجدل، قد تشكّل اختبارًا لردود الفعل المحلية والدولية، أو تمهيداً لمسار دبلوماسي موازٍ، من دون أن تعني أي تبدّل في السياسة الأميركية، خصوصًا أن وزارتي الخارجية والدفاع ما زالتا تتخذان موقفًا أكثر تشددًا تجاه 'حزب الله'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسيرة في صيدا رفضاً لـ"حرب الإبادة في غزة وسياسة التجويع الممهنجة"
مسيرة في صيدا رفضاً لـ"حرب الإبادة في غزة وسياسة التجويع الممهنجة"

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

مسيرة في صيدا رفضاً لـ"حرب الإبادة في غزة وسياسة التجويع الممهنجة"

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب شهدت مدينة صيدا، مسيرة حاشدة نظمتها القوى والفصائل الفلسطينية واللبنانية والمؤسسات الشبابية والكشفية والهيئات الأهلية والعلمائية، رفضًا لحرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة، واستنكارًا لسياسة التجويع والحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر منذ سنوات. وقد جابت المسيرة شوارع المدينة بدءاً من ساحة الشهداء وصولاً حتى ساحة النجمة، وسط رفع الإعلام الفلسطينية والحزبية، وهتافات غاضبة دعما لغزة وأهلها ورفضًا للموقف العالمي المتخاذل. وألقى ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي كلمة قال فيها: "نوجّه صرخة وجع ووفاء، فهذه المسيرة ليست فقط تضامنًا مع أهلنا في القطاع، بل هي إعلان واضح أن جراح غزة تنزف في قلب كل حرّ على هذه الأرض"، مؤكدًا أن "العالم مطالب بتحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، والعمل على وقف عدوان الاحتلال وجرائمه". كما ألقيت كلمات أكدت "ضرورة وقف العدوان الصهيوني، وفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى غزة، ومحاسبة الاحتلال "الإسرائيلي" على جرائمه التي تعدت الوصف والعقل الإنساني." قطاع صيدا في حزب الله وفي هذا الاطار، شارك قطاع صيدا في حزب الله في المسيرة الغاضبة التي نظمت بعنوان "صرخة الجوع من صيدا الأبية الى غزة الابية" التي انطلقت من ساحة الشهداء في مدينة صيدا الى ساحة النجمة مرورا بشارع رياض الصلح في المدينة، دعما للمقاومة الفلسطينية وتنديدا بحرب الإبادة اليومية والمجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، في سابقة خطيرة ضد الإنسان المدني الذي تحميه القوانين الدولية من الاعتداء أثناء الحروب. تقدم المشاركين مسؤول قطاع صيدا في الحزب الشيخ زيد ضاهر، ولفيف من العلماء وشخصيات اجتماعية ومخاتير، وعدد من كوادر حزب الله إلى جانب حشد شعبي كبير من مدينة صيدا وجوارها.

مركز "عمليات الوعي" قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية
مركز "عمليات الوعي" قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

مركز "عمليات الوعي" قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب مركز عمليات "تشكيل الوعي"، ويُسمى اختصارا "ملات"، هو قسم التأثير في الخصوم في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بالجيش الإسرائيلي، تناط به قيادة عمليات الحرب النفسية ضد الخصوم، خاصة أثناء الحروب. وأثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي انطلقت بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، كثّف المركز استخدام تكتيكات مختلفة لشن حرب نفسية ضد المقاومة الفلسطينية وسكان القطاع، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي كان يمارسها جيش الاحتلال. النشأة والتأسيس قبل عام 2005 كانت مهمة بث الدعاية في الجيش الإسرائيلي منوطة بقسم المتحدث باسم الجيش وجهاز الاستخبارات، وبعدها تأسس مركز عمليات "تشكيل الوعي" ضمن هيئة العمليات في الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك موشيه يعالون. وصرّح يعالون لصحيفة هآرتس في 25 كانون الثاني 2005 أنه مع الحروب المتكررة مع الفلسطينيين، نشأ إحباط كبير في الجيش الإسرائيلي نتيجة صعوبة التأثير في مواقف الفلسطينيين، أو حتى إيجاد طرق للتواصل معهم، وهو ما دفع قيادته إلى إنشاء "مركز عمليات تشكيل الوعي". ومنح يعالون المركز مكانة قسم في الجيش، ووضع على رأس قيادته ضابطا مخضرما من المخابرات برتبة مقدم، ومنحه صلاحية تجنيد عدد كبير من الضباط والجنود في المركز، خاصة من الناطقين باللغة العربية، وكان ذلك جزءا من مساعيه لـ"تشكيل الوعي وبناء الإمكانات التنظيمية التي تدعم رؤية الجيش". وكان المركز في البداية جهة للتخطيط والتنفيذ، هدفه تركيز وتطوير مجال الوعي، وتنسيق جهود التأثير الإدراكي داخل الجيش الإسرائيلي ضمن حملة وعي متكاملة. وبعدها بعام نقل المركز إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وأصبح جهة تنفيذية فقط، وترتكز مهمته في التأثير في الخصوم، وأصبحت نشاطاته تتسم بالسرية. الأهداف والوسائل يناط بالمركز العمل على تغيير المواقف والمشاعر والسلوك لدى الجمهور المستهدف، ببث الدعاية والحرب النفسية وتمارين الخداع. ووضع الجيش الإسرائيلي خطة متكاملة للتأثير في الخصوم وتغيير وعيهم، وهدف من وراء إنشاء المركز إلى: وضع تصورات لشن حملات على الوعي لدى أعداء "إسرائيل". تطوير الأدوات التكنولوجية وتدريب الأفراد الملائمين وبناء الأطر التنظيمية التي تدعم الرواية الإسرائيلية. توجيه رسالة مباشرة إلى المجتمعات المستهدفة في الدول المعادية. ولتحقيق أهداف مركز عمليات "تشكيل الوعي"، استخدم وسائل عدة، أبرزها: توزيع المنشورات. السيطرة على بث الإذاعات والتلفزيونات التابعة للخصوم والتشويش عليها. إنشاء مواقع إنترنت وهمية للتشويش على الخصوم واغتيالهم معنويا. إدارة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشوية الخصوم. أبرز الحملات قاد المركز حملة معنوية ضد الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصر الله أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، ألقت فيها الطائرات الإسرائيلية على لبنان رسومات لأشجار الأرز -الرمز الرسمي للبلاد- وشعار العلم الوطني للبنان أيضا، ويظهر خلف الشجرة نصر الله مختبئا، بهدف زرع فكرة لدى اللبنانيين بأن "مشاكلهم سببها حزب الله، وأنه يستخدم لبنان لمصالحه الشخصية ويختبئ خلفها". كما ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات، كشفت فيها عن أسماء أعضاء الحزب وحجم خسائره، ومدى سيطرتها على قنوات الاتصال التابعة لحزب الله. وبث المركز منشورات كان الغرض منها تشجيع اللبنانيين على التعاون مع "إسرائيل"، عبر موقع إلكتروني أنشأه لهذه الغاية، كما وفر رقما هاتفيا يمكن عبره الاتصال بممثلي الجيش الإسرائيلي باللغة العربية. كما بث منشورات جاء فيها "ندعو المواطنين إلى رفع أصواتهم ضد تصرفات حزب الله التي تتسبب باستمرار الضربات الإسرائيلية". وكان للمركز دور مركزي في الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، ففي حرب "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل على القطاع عام 2008 استهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر إلقاء منشورات على الغزيين من الطائرات الحربية، والسيطرة على محطات إذاعية وتلفزيونية تابعة للحركة، وإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وبث مقاطع فيديو عليها. وأنتج المركز نشرات إخبارية، وأعاد بثها أكثر من مرة عبر الإذاعات التي استولى عليها، كما سيطر على بث قنوات فضائية، وأجرى مكالمات هاتفية مع سكان غزة لحثهم على الإبلاغ عن عناصر حماس. وفي حرب عمود السحاب التي شنتها "إسرائيل" على القطاع عام 2012، وبعدها حرب "الجرف الصامد التي اندلعت صيف 2014، ركّز المركز على تشويه حركة حماس وقادتها، وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي وأعضاء المكتب وأعضاء المجلس العسكري لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، بهدف إضعاف معنويات عناصرها والتأثير في وعي السكان تجاهها. وحسب دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب نشرت يوم 15 شباط 2021، بعنوان "حملات المعلومات الإسرائيلية في غزة: العصر الرقمي ميدانا للحرب"، فإن من بين الأدوات التي استخدمها المركز، "المكالمات الروبوتية"، أي المكالمات الهاتفية التي يتلقاها المدنيون في غزة، وتحمل رسالة آلية يريد جيش الاحتلال نقلها إليهم، مثل "هذا ليس حلما، هذا كابوس حماس". كما استخدم -حسب الدراسة نفسها- أحد الأساليب المتمثلة في نشر أسماء عناصر حماس الذين استشهدوا أثناء الحرب، وعرض صورهم مع علامة "إكس" حمراء عليها وساعة رملية في الخلفية، مما يشير إلى أن "الوقت ينفد أمام حماس". فشل في تحقيق الأهداف وقال معهد "دراسات الأمن القومي" إن مركز "عمليات تشكيل الوعي" أعدّ -من أجل تحقيق أهدافه- حملة بمساعدة مستشارين مدنيين، تضمنت مقاطع فيديو ومنشورات، كما طوّر قدرات لإنتاج محتوى سريع أثناء الحرب، لكنه فشل في تحقيق ذلك. وحاول الجيش الإسرائيلي تعزيز الانطباع بأن حماس تعرضت لضربات قاسية، واختار لذلك عدم تركيز أنشطته النفسية على قيادة حماس، بسبب الاعتقاد أن "الهجمات الشخصية لن يكون لها تأثير مرغوب فيه في السكان، بل ربما تتسبب بحشد التأييد الشعبي لقادة حماس". ووجد المركز "صعوبة في اكتساب زخم حقيقي لأي رواية تضر بالدعم الشعبي لحماس، إضافة إلى صعوبة قياس مدى الإنجاز في هذا المجال، بحيث يصعب إظهار النجاح الفعلي في تحقيق هذا الهدف"، حسب الدراسة. معركة طوفان الأقصى بعد معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية على غلاف غزة فجر 7 تشرين الأول 2023، عمل المركز على تشويه المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، بهدف: تهجير السكان من مناطقهم. إضعاف معنويات المدنيين. نشر الرعب. تأليب السكان على المقاومة الفلسطينية، في محاولة لإحداث شرخ بينها وبينهم، وتحميلها مسؤولية ما يجري من قتل ودمار على صعيد الأرواح والممتلكات. التركيز على سياسة العقاب الجماعي. ومن بين المزاعم التي تعمّد نشرها بين الغزيين، بالتعاون مع مؤسسات إسرائيلية أخرى، أن "قادة حماس فروا وتخلوا عن المدنيين، وحماس تستخدم المدنيين دروعا بشرية، وتسرق المساعدات الإنسانية المخصصة لهم"، وحمل أحد هذه المنشورات اسم "صحيفة الواقع"، وتضمن تحريضا مباشرا على حماس. كما تضمن أحد المنشورات مثلا شعبيا يقول "حماس مثل البومة ما بتلف إلا على الخراب"، ومنشور آخر احتوى على عبارة مأخوذة من سورة العنكبوت في القرآن الكريم وهي "فأخذهم الطوفان وهم ظالمون" (آية 14)، في محاكاة للتسمية التي أطلقتها المقاومة على معركة 7 تشرين الأول 2023. كما اختُتم العديد من المنشورات بعبارة "قد أعذر من أنذر". وفي منشورات أخرى طبعت أسماء وصور تزعم "إسرائيل" أنها لأعضاء من جهاز الاستخبارات العسكري التابع لحركة حماس، ووضعت في منشورات أخرى أرقام هواتف وعناوين لبريد إلكتروني تحث الغزيين على الاتصال عبرها للإدلاء بمعلومات عن الأنفاق وأماكن الأسرى الإسرائيليين. وشملت بعض المنشورات رسوما وصورا لمنازل مدمرة بغزة، وكُتبت على بعضها عبارات تسخر من المقاومة الفلسطينية، مثل "هل بات النصر على الأبواب أم ليس بعد؟"، وعلى أخرى "حلل يا دويري"، في إشارة ساخرة إلى الوضع الميداني جراء حرب الإبادة. وظهرت عبارة "انتصار جديد للمقاومة" مرافقة برسومات تصور أطفالا وشيوخا ونساء يبكون فوق أنقاض منازل دمرتها إسرائيل في العدوان على غزة. وإلى جانب ذلك، اخترق المركز موجات الإذاعات الفلسطينية وبث رسائل تحريضية ضد المقاومة، وأنشأ صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه المقاومة. وفي كل مرة تلقي الطائرات الإسرائيلية المنشورات على غزة، كانت تحرص على إسقاطها بالقرب من مقرات الصحافيين في غزة، حتى "تتمكن الصحافة المحلية من نشرها". وفي كانون الأول 2023، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا للصحفي ينيف كوفوفيتش، كشف فيه أن الجيش الإسرائيلي كان المسؤول، بشكل مخالف للقانون، عن إدارة قناة في "تليغرام" باسم "72 حورية-بدون رقابة". ‏وأوضح تقرير "هآرتس" أن وحدة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن عمليات الحرب النفسية، هي التي تدير القناة، وتستهدف فيها الإسرائيليين مع "المحتوى الحصري من قطاع غزة"، وتعرض جثث مقاتلي حركة حماس بوعد "تحطيم خيال الإرهابيين". وتشجع القناة متابعيها البالغ عددهم أكثر من 5 آلاف متابع على مشاركة محتواها "الحصري من قطاع غزة" وفيه أكثر من 700 منشور وصورة وفيديو لفلسطينيين يقتلون ويدمرون في القطاع، حتى "يرى الجميع كيف أننا نحطمهم". واضطر الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأن "قسم التأثير" في قسم العمليات يشغل أيضا قناة "72 عذراء بلا رقابة".

غزة تتضور جوعا وأقصى اليمين الإسرائيلي يحلم
غزة تتضور جوعا وأقصى اليمين الإسرائيلي يحلم

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

غزة تتضور جوعا وأقصى اليمين الإسرائيلي يحلم

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب إنها لحظة انقسام حاد؛ في جانب، هناك الواقع اليومي الساحق لـ قطاع غزة، إذ بلغ حجم المجاعة الجماعية في هذه الأرض المحاصرة مستويات مأساوية، وفي الجانب الآخر، هناك رؤية سريالية يروّج لها سياسيو أقصى اليمين في إسرائيل. بهذه العبارات استهل الكاتب بواشنطن بوست إيشان ثارور مقالا له، موردا أن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية يتبنون رؤية مستوحاة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزة مليئة بالأبراج اللامعة، والسياحة الفاخرة، والأحياء النظيفة، ولكن من دون فلسطينيين. وكتب ثارور عن المجاعة في القطاع، قائلا إنها بلغت مستوى أن العاملين في المجال الطبي والإنساني المكلّفين بإغاثة المجوعين بالكاد يستطيعون الصمود بأنفسهم، ومنظمات الإغاثة إما فرغت مخازنها أو توشك على النفاد، بعد أكثر من 4 أشهر من الحصار، مضيفا أن الأمم المتحدة كشفت عن أن واحدا من كل 3 أشخاص في غزة يقضي عدة أيام من دون طعام. واستمر الكاتب في عرض حالة التجويع الشامل في غزة، موضحا أن كل يوم يجلب معه صورا جديدة لأطفال هزلى وأُسر يائسة تبحث عما يسدّ الرمق وسط أنقاض غزة، ووفيات متزايدة من كل الأعمار. رؤية سريالية وفي الجانب الآخر، يقول ثارور، هناك الرؤية السريالية، ومنها ما طرحته وزيرة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية، جيلا غمليئيل، التي نشرت هذا الأسبوع مقطع فيديو مُنتجا بتقنية الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي يُصوّر كيف يمكن أن تبدو غزة ما بعد الحرب. استحضر هذا الفيديو نسخة سابقة مشابهة نشرها ترامب على منصته "تروث سوشيال" في شباط الماضي، ظهرت فيها شخصية شبيهة للملياردير الأميركي إيلون ماسك وهو يأكل الحمص من وعاء خبز، وتماثيل ذهبية لترامب، وأغنية بعنوان "غزة ترامب". احتفى المقطع، الذي لا يتجاوز الدقيقة، باقتراح ترامب للمساعدة في إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى منطقة أبراج شاهقة، وسياحة مترفة، وأحياء سكنية جديدة نظيفة، واليخوت الفاخرة تخترق شواطئ القطاع على البحر المتوسط، ويبتسم سكان يهود فوق أطباق من الحمص، وسكان غزة الأصليين، أو معظمهم، لا يظهر لهم أثر. وأشارت الوزيرة الإسرائيلية إلى "ضرورة الهجرة الطوعية" لسكان غزة الفلسطينيين. ترحيل ولم تكن وحدها في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية، التي دعت إلى هذا المصير. فمنذ الأيام الأولى التي تلت هجوم تشرين الأول 2023، سعى عديد من الساسة الإسرائيليين ليس فقط إلى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل صوّروا أكثر من مليوني فلسطيني في غزة كأنهم "سكان أعداء" ينبغي ترحيلهم. وأوضح ثارور أن إفراغ غزة من سكانها برز مجددا يوم الثلاثاء خلال مؤتمر لأقصى اليمين في الكنيست، حيث وصف المشاركون غزة بأنها موقع مثالي لحل أزمة الإسكان في إسرائيل، كما كانت المستوطنات في الضفة الغربية، ودعوا إلى عودة المستوطنين اليهود إلى القطاع. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو أحد أبرز رموز أقصى اليمين في حكومة نتنياهو، خلال المؤتمر الذي حمل عنوان (ريفيرا غزة- من الحلم إلى الواقع): "سنحتل غزة ونجعلها جزءا لا يتجزأ من إسرائيل". ريفيرا غزة ووفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن بعض الخطط المطروحة تشمل إنشاء مدينتين منفصلتين داخل القطاع الضيق، إلى جانب منطقة سياحية تحتوي على فنادق شاطئية، ومناطق صناعية وزراعية جديدة. وأكد سموتريتش وجود خطط لـ"نقل سكان غزة إلى دول أخرى"، مشيرا إلى أن ترامب نفسه يدعم هذا التوجه. ويوم الخميس، استمر تصعيد الخطاب، فقد أعلن وزير التراث الإسرائيلي أمنحاي إلياهو -وهو سياسي يميني متطرف كان قد اقترح في بداية الحرب استخدام قنبلة نووية ضد غزة- أن "غزة كلها ستكون يهودية". وقال لإحدى المحطات الإذاعية: "الحكومة الإسرائيلية تُسابق الزمن لمحو غزة من الوجود"، واصفا الفلسطينيين بأنهم "نازيون مغسولو الأدمغة". وأضاف: "الحمد لله، نحن نمحو هذا الشر. نحن ندفع هذه الفئة السكانية التي تربت على كتاب كفاحي" في إشارة إلى كتاب أدولف هتلر. وقال إلياهو في المقابلة نفسها: "لا توجد مجاعة في غزة"، واعتبر التقارير بشأن الجوع دعاية معادية لإسرائيل. وأضاف: "ليس علينا أن نقلق بشأن الجوع في غزة. فليقلق العالم بشأنه".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store