logo
أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

أعيدوا أورتاغوس الحاسمة

صوت بيروتمنذ 7 أيام
لو تمّ حَذْف اسم توم بارّاك وقراءة تصريحاته، لكان الظنّ الغالب، أنّ قائلها هو أحد السياسيين المحليين التقليديين. أيّ، كثرة الكلام حتّى فقدان الاتّزان وتدوير الزوايا إلى درجة 'الدَوَخان'. كأنّ ما كان ينقص اللبنانيين وعقلية الحكم التي تربّت على التسويف وركل الفرص، سوى 'رشّة' تناقضات وخلطة مفاهيم عتيقة، أطلقها سفير واشنطن في تركيا والمبعوث الأميركي إلى سوريا.
يمثّل الأخير النهج الملتبس للسياسة الناعمة حتى لو كان هدفه نزع سلاح 'حزب الله'، إذ يفتقر إلى قوّة الدفع و'التحريض الإيجابي' نحو التغيير المطلوب. فالمواقف المعلنة والضغوط المباشرة أثبتت فعاليتها، مقارنة بالمبادرات 'المائعة' وذات 'الوجهين'. في هذا الإطار، يُستَحضَر قول المفكّر السياسي والفيلسوف الأميركي الشهير فرنسيس فوكوياما، (بما معناه) إنّه بوجود محفّزات التحرّر، يمكن للتقدّم الذي يحتاج إلى سنة، أن يتحقّق خلال شهرٍ.
كما أدّت مواقف باراك، إلى مقاربة رمزية في الشكل والأسلوب، بينه وبين النائبة السابقة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي عُرفت بلهجتها الحادة ومواقفها الواضحة، إذ لم تجامل الأنظمة ولا الجهات السياسية، بل مثّلت مدرسة دبلوماسية تقوم على المكاشفة والهيبة والرسائل المباشرة، لا سيما تجاه 'حزب الله'.
وترى مصادر مطلعة على أجواء البيت الأبيض، أن التصريحات الملتبسة لباراك، تندرج ضمن هوامش القرار الأميركي ولا تُعبّر عن صرامة إدارة ترامب والورقة الأميركية المتعلّقة بسلاح 'الحزب'. فقوله إنّ ' أميركا لا ترى 'حزب الله' منظمة إرهابية، بل الجماعة المسلحة التابعة له، هي المنظمة الإرهابية التي نواجه معها المشكلات'، تناقض تصنيف واشنطن الذي لا يفصل بين جناحي 'الحزب' العسكري والسياسي.
أما موقفه من أن 'الأسلحة التي يراد التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل'، فيتعارض مع اتفاقية وقف إطلاق النار والشروط الأميركية، المشدّدة على نزع سلاح 'حزب الله' من دون تمييز بين ثقيل أم خفيف، مما يعكس ضلالًا لديه.
استطرادًا، ولفهم هذا الشطط الشاذ عند باراك، علينا فهم رؤية ترامب لولايته وحكمه، إذ لجأ إلى تحرير عهده من أعباء الدولة العميقة في واشنطن التي يمقتها إلى حدّ كبير جدًّا، إضافة إلى الإعلام التابع لها مثل الـ CNN و'فوكس نيوز' والذي تحوّل في نظره إلى أجسام ثقيلة، وتشكّلت لدى شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي، عداوة بارزة ضدّ الدولة البيروقراطية.
ومن أجل ترشيد إدارته، أراد ترامب تجسيد روحية قيام الدولة الاتحادية الفدرالية التي اعتمدت النظام الرئاسي، نظرًا إلى خصائصه المتميّزة بسرعة القرارات وقوّة التنفيذ. لذا، عيّن الرئيس الحالي ستيف ويتكوف مبعوثًا خاصًّا إلى الشرق الأوسط، وتوم بارّاك إلى سوريا ومسعد بولس مستشارًا أوّل لشؤون أفريقيا.
هذه الإيجابية والمرونة في صياغة قرارات البيت الأبيض، تقابلها سلبيات وهفوات وقع بها السيّد باراك، ومنها: تحذيره اللبنانيين من 'خطر وجودي' إذا لم يتحركوا بـ 'سرعة البرق' لأن مصيرهم سيكون هو العودة إلى خريطة 'بلاد الشام' (والتلميح بكلام غير مباشر، عن وقوع الأردن في خريطة 'سوريا الكبرى').
هذا التصريح، ينمّ عن جهلٍ في تاريخ المنطقة، وما فرضته الأيديولوجيات والعقائد والقوميات البائدة، من مصطلحات تعكس منطق الاستقواء وشطب مفهوم الدولة الوطنية وتعددية الشعوب. في المقابل، يشير التعبير المذكور إلى رومنطيقية رافقت مهاجري القرن الماضي الذين يتحدّر منهم برّاك ولا يزال سجين مفرداتها، من دون أن يعي تأثيرها وعيوبها الثقافية والنفسية والتاريخية.
والأمر ذاته ينبطق على مفهومه لاتفاقية 'سايكس بيكو'، حيث وصفها بأنها 'قسّمت سوريا والمنطقة الأوسع لمكاسب إمبريالية، وليس من أجل السلام'، ومعتبرًا أن هذا الخطأ 'كلّف أجيالًا'، كأنه يردّد مع القائلين بأن 'لبنان هو كذبة تاريخية وصنيعة الاستعمار'، علمًا بأن اتفاق 'سايكس بيكو' قسّم المنطقة إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا وترك لشعوب المنطقة تقرير مصيرها وحدودها، وأي تلاعب بالحدود يؤدّي إلى مزيد من النزاعات والصراعات ولن يحلّ السلام. فيما التغيير المنشود هو داخل خرائط الدول وليس فوقها.
وتختم المصادر، مؤكّدة أنّ تصريحات باراك الصحافية المثيرة للجدل، قد تشكّل اختبارًا لردود الفعل المحلية والدولية، أو تمهيداً لمسار دبلوماسي موازٍ، من دون أن تعني أي تبدّل في السياسة الأميركية، خصوصًا أن وزارتي الخارجية والدفاع ما زالتا تتخذان موقفًا أكثر تشددًا تجاه 'حزب الله'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سموتريتش: غزة ستصبح 'جزءا لا يتجزأ من إسرائيل'
سموتريتش: غزة ستصبح 'جزءا لا يتجزأ من إسرائيل'

OTV

timeمنذ 20 دقائق

  • OTV

سموتريتش: غزة ستصبح 'جزءا لا يتجزأ من إسرائيل'

أدلى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بتصريحات مثيرة للجدل أعلن فيها أن قطاع غزة 'سيصبح جزءا لايتجزأ من دولة إسرائيل'. وأشاد وزير المالية الإسرائيلي بـ'فرصة هائلة' لإعادة بناء المستوطنات في القطاع، وفق ما أوردت صحيفة 'تايمز أوف إسرائيل'. وأيد سموتريتش 'الضم الأمني' لشمال قطاع غزة أمس الثلاثاء، قائلا إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير 'يؤيد الفكرة'، وقال إن غزة ستصبح 'جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل'. وأدلى سموتريتش الذي يشغل أيضا منصب وزير في وزارة الدفاع بهذه التصريحات في مؤتمر بالكنيست بعنوان 'ريفييرا غزة – من الرؤية إلى الواقع' والذي عرض فيه المشاركون خططا لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة. وقال: 'أعتقد حقا أن هناك فرصة هائلة'، مقترحا أن تبدأ إسرائيل 'بالحدود الشمالية وإنشاء ثلاث تجمعات سكنية هناك، نحن نتحدث عن ذلك بالفعل. البعض يطلق عليه اسم 'ضم أمني'.' وأضاف: 'صرح رئيس الأركان الأسبوع الماضي بضرورة الضم الأمني'. وانعقد المؤتمر في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن من سيحكم غزة بعد حرب إسرائيل المستمرة مع 'حماس' هناك، وفق الصحيفة العبرية. ودعا سموتريتش وغيره من السياسيين اليمينيين المتطرفين مرارا وتكرارا إسرائيل إلى السيطرة على غزة وإعادة بناء المستوطنات في القطاع. وقد استند اسم المؤتمر وتركيزه إلى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير أن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة، وتدفع الفلسطينيين المقيمين هناك إلى المغادرة، وتحولها إلى 'ريفييرا الشرق الأوسط'. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على قول سموتريتش بأن زامير 'يؤيد الضم'. وشمل الحضور في المؤتمر وزراء بالحكومة، وأعضاء في الكنيست، ورؤساء مجالس إقليمية، وأفراد أمن، وأقارب رهائن، وباحثين، ونشطاء، دعا المتحدثون إلى جعل إعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة 'سياسة حكومية'. ووفقا لتقرير على القناة '12' الإسرائيلية، تتضمن تفاصيل خطة الاستيطان الإسرائيلية التي عرضت في المؤتمر 'إنشاء مدينتين في غزة واحدة في شمال القطاع وأخرى في جنوبه إلى جانب حرم جامعي ومنطقة صناعية ومجمع تجاري وتقني ومنطقة سياحية تضم فنادق على شاطئ البحر'. وصرح سموتريتش بأن الخطة يمكن أن تجلب 'مئات الآلاف من السكان إلى غزة، وتحل مشكلة السكن وتكلفته بالنسبة لنا'. وأشار وزير المالية الإسرائيلية أمس الثلاثاء، إلى أن رؤيته 'تحظى بدعم ترامب'. وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا أن إسرائيل لا تسعى إلى إعادة توطين سكان القطاع، وقد مال ترامب في الأشهر الأخيرة إلى التقليل من أهمية خطته للسيطرة الأمريكية، والتي رفضتها دول الجوار، وجزء كبير من المجتمع الدولي، وسياسيون من كلا الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة. ومع ذلك، قال نتنياهو في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر إن عدة دول على وشك الموافقة على استيعاب سكان غزة، وفق ما ذكرت 'تايمز أوف إسرائيل'.

البيت الأبيض: ويتكوف سيلتقي في أوروبا مسؤولين من الشرق الأوسط لبحث مقترح وقف النار بغزة والإفراج عن الرهائن.
البيت الأبيض: ويتكوف سيلتقي في أوروبا مسؤولين من الشرق الأوسط لبحث مقترح وقف النار بغزة والإفراج عن الرهائن.

الديار

timeمنذ 20 دقائق

  • الديار

البيت الأبيض: ويتكوف سيلتقي في أوروبا مسؤولين من الشرق الأوسط لبحث مقترح وقف النار بغزة والإفراج عن الرهائن.

Aa اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 21:48 البيت الأبيض: ويتكوف سيلتقي في أوروبا مسؤولين من الشرق الأوسط لبحث مقترح وقف النار بغزة والإفراج عن الرهائن. 21:47 البيت الأبيض: نريد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن في أقرب وقت ممكن. 21:22 هيئة البث "الإسرائيلية" عن مصادر: نتنياهو أكد لسموتريتش وبن غفير العودة للقتال إذا لم تتحقق أهداف الحرب. 21:21 مستشفى العودة: 8 شهداء و57 مصابا من طالبي المساعدات بنيران جيش الاحتلال قرب محور نتساريم وسط القطاع. 21:21 هيئة البث "الإسرائيلية" عن مصادر: رئيس الأركان أطلع نتنياهو على وضع القوات على الأرض وهو أمر لا يمكن تجاهله، وتآكل قوة الجيش في غزة هو أحد أسباب رغبة نتنياهو وزامير في إنهاء الحرب. 21:20 مستشفيات غزة: 61 شهيدا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم بينهم 12 من طالبي المساعدات.

"لبنان الكبير" على وقع "زلزال" المنطقة؟!
"لبنان الكبير" على وقع "زلزال" المنطقة؟!

النشرة

timeمنذ 25 دقائق

  • النشرة

"لبنان الكبير" على وقع "زلزال" المنطقة؟!

لم يكن تفصيلاً أن يعلن رئيس الجمهورية ​ جوزاف عون ​، في مقدمة خطاب القسم، أنه أصبح "الرئيس الأول بعد المئوية الأولى لقيام دولة ​ لبنان ​ الكبير، في وسط زلزال شرق أوسطي تصدّعت فيه تحالفات وسقطت أنظمة وقد تتغير حدود"، لا سيما أن جميع الأحداث، التي تلت ذلك، تؤكد وجود مجموعة من الأخطار، التي ينبغي التعامل معها بحكمة، لتفادي أي تداعيات كارثية على لبنان. في هذا السياق، قد يكون من المنطقي العمل على تشريح المشهد المحيط بالساحة المحلية، قبل الإنتقال إلى الواقع الداخلي، خصوصاً أنّ ​ أحداث السويداء ​ في سوريا، في الأيام الماضية، أثبتت أن الأمور من الممكن أن تتدحرج بسرعة قياسية، لا سيما إذا ما ربط ذلك بمجموعة من المواقف التي يدلي بها، بين الحين والآخر، الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان وسفير واشنطن في تركيا توم براك. بالنسبة إلى براك، فهو سبق له أن وجه العديد من الإنتقادات إلى إتفاقية ​ سايكس بيكو ​، التي قسمت المنطقة بالشكل المعروف حالياً، كما عمد، قبل أن يتراجع، إلى توجيه تحذير بلغة تهديد، عن إمكانية عودة لبنان إلى "بلاد الشام"، بما يشكله ذلك من تهديد لنموذج لبنان الكبير، في حال لم يسارع المسؤولون اللبنانيون إلى معالجة ملف سلاح "​ حزب الله ​"، بحسب قوله، قبل أن تسقط أحداث السويداء ما كان يروج له عن نموذج سوري بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، يُراد من لبنان أن يقتدي به. على الرغم من حالة الإنقسام في قراءة ما حصل في السويداء، إلا أنّ ما يمكن التأكيد عليه هو أنّ الأحداث التي وقعت في المحافظة أحدثت شرخاً كبيراً في الهويّة السوريّة، التي كانت قد تعرضت إلى إنتكاسة أخرى، في شهر آذار الماضي، نتيجة أحداث الساحل، حيث بات من الصعب، في ظل العلاقة المتوترة أيضاً بين "​ قوات سوريا الديمقراطية ​" والسلطة الجديدة في دمشق، الحديث عن إمكانية الحفاظ على سوريا موحدة تحت سلطة الشرع. هنا، قد يكون من المفيد الإشارة إلى أنّ ما بعد إتفاق وقف إطلاق النار، كان الأبرز عمليات التهجير التي طالت سكان السويداء من البدو نحو أماكن أخرى، في حين لن يكون مستبعداً أن يقرر الدروز، الذين يسكنون مناطق عدّة، النزوح إلى المحافظة، خوفاً من أي هجمات قد يتعرضون لها، بعد أن تحولت الأزمة إلى طائفية بالدرجة الأولى، ما يقود، من الناحية العملية، إلى تكريس الكانتونات الطائفية. ما تقدم، لا يمكن أن يُفصل عما يخطط على الساحة الفلسطينية، حيث لا تزال مشاريع تهجير سكان قطاع ​ غزة ​، المدعومة من قبل الولايات المتحدة، حاضرة بقوة، بعد أن عمل العدوان الإسرائيلي للقضاء على كل مقومات الحياة في القطاع، بالرغم من الموقف الرافض الذي تُعبر عنه بعض الدول العربية، إلا أن الأهم هو أن هذا الأمر لا يقتصر على غزة فقط، بل يشمل أيضاً ما يًطرح من مشاريع تطال الضفة الغربية. بالنسبة إلى لبنان، لا يمكن تجاهل حالة القلق من تداعيات الأحداث السوريّة عند كل تطور، حيث كانت المخاوف قائمة، في الأيام الماضية، من إنتقال التوترات المذهبية هناك إلى الساحة المحلية، بدليل البيان الصادر عن قيادة الجيش، ثم تأكيد الرئيس عون نفسه، أن الاتصالات مستمرة لمعالجة تداعيات ما يجري في عدد من دول المنطقة، تفادياً لتأثيرها على لبنان، من دون تجاهل الخطر الإسرائيلي القائم، في ظل الضغوط التي تفرض على الجانب الرسمي. في المحصّلة، في ظلّ ما يجري في المنطقة من تطورات، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي المستمر، لا يمكن أن يبادر أيّ فريق لبناني إلى تجاهل التهديدات أو الأخطار المحدقة بالساحة المحلية، الأمر الذي يتطلب أعلى درجات الدقة في مقاربة مختلف الملفات، وصولاً إلى تمرير المرحلة الراهنة، بالشكل الذي يبقي لبنان بعيداً عن زلزال المنطقة ومشاريع تغيير الحدود فيها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store