
فك الارتباط: كيف اتخذ الملك حسين قراره التاريخي؟ وما تأثيره على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي اليوم؟
ودعا الكنيست الحكومة الإسرائيلية إلى "العمل على بسط السيادة القانونية والقضائية والإدارية على كافّة مناطق الاستيطان، لأن ذلك يعزز أمن إسرائيل وحقها في السلام"، كما حث "أصدقاء إسرائيل حول العالم على دعم فرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية".
ودانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، قرار الكنيست ورأت فيه "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وتقويضاً واضحاً لحل الدولتين ولحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران من عام 1967".
وقال أحمد الصفدي، رئيس مجلس النواب الأردني، في بيان إن القرار يمثل "خرقاً فاضحاً ل معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية (وادي عربة) عام 1994، معتبراً إياه "بمثابة تمهيد لتهجير الشعب الفلسطيني، وهو ما لن يقبل به لا الأردن ولا الشعب الفلسطيني".
وقد جاء قرار الكنيست قبل أيام قليلة من الذكرى السابعة والثلاثين لإعلان فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية.
ففي 31 يوليو/تموز من عام 1988، أعلن العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، قراره التاريخي بفك الارتباط القانوني والإداري بين المملكة الأردنية الهاشمية والضفة الغربية، منهياً بذلك علاقة رسمية دامت أكثر من أربعة عقود.
ولم يكن هذا القرار إلا تمهيداً لحدث سياسي كبير تمثَّل في إصدار وثيقة "إعلان الاستقلال الفلسطيني" في الجزائر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1988، على لسان ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك.
فما قصة الارتباط القانوني والإداري الذي كان بين الضفة الغربية وبين الأردن؟
السياق التاريخي
قسم مؤتمر سان ريمو للسلام، في أبريل/ نيسان من عام 1920، الإمبراطورية العثمانية وأسّس نظاماً إقليمياً جديداً على أنقاضها، بتعيين بريطانيا كدولة انتداب على فلسطين مع مهمة تتمثل في تسهيل إنشاء وطن قومي لليهود تماشياً مع وعد بلفور لعام 1917. وتم التصديق على التفويض بعد عامين من قبل عصبة الأمم، التي سبقت الأمم المتحدة، في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
وفي مارس/آذار من عام 1921، تولى الأمير عبد الله الأول، نجل الشريف الحسين بن علي الذي قاد "الثورة العربية الكبرى" ضد الحكم العثماني، حكم المنطقة الواقعة شرق نهر الأردن.
جاءت هذه الخطوة بعد وصوله إلى معان -جنوبي الأردن-، ومن ثم إلى عَمّان، في إطار تفاهمات مع السلطات البريطانية، وفي عام 1946 نال شرق الأردن استقلاله، وغيّرت إمارة شرق الأردن اسمها إلى المملكة الأردنية الهاشمية.
وعقب رحيل القوات البريطانية المُنتدِبة في مايو/أيار 1948 وإعلان قيام دولة إسرائيل، دخلت جيوش 5 دول عربية إلى فلسطين. وفي الصراع الذي تبع ذلك، وهو أول الحروب العربية-الإسرائيلية، توسّعت إسرائيل خارج نطاق الأراضي التي نص عليها مشروع التقسيم.
وكان الجيش الأردني قد دخل بقيادة الملك عبد الله الأول، إلى فلسطين نتيجة الحرب العربية الإسرائيلية حيث سيطر الأردن على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وكانت الضفة الغربية إحدى المناطق التي خُصصت لتكون دولة عربية بموجب خطة تقسيم فلسطين التي أصدرتها الأمم المتحدة عام 1947. ووفقاً لتلك الخطة، كان من المفترض أن تكون القدس منطقة دولية، لكن المدينة قُسّمت بدلاً من ذلك إلى قطاع تحت السيطرة الإسرائيلية في الغرب وقطاع تحت السيطرة الأردنية في الشرق.
أما الدولة العربية التي كان من المفترض إنشاؤها وفق خطة التقسيم، فلم ترَ النور قط، وتم ضم الضفة الغربية رسمياً إلى الأردن في 24 أبريل/نيسان 1950، إلا أن هذا الضم لم تعترف به سوى بريطانيا وباكستان.
والضفة الغربية هي منطقة من أراضي فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني (1920–1947)، وتقع غرب نهر الأردن، وقد ضمتها المملكة الأردنية الهاشمية من عام 1949 حتى عام 1988، وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وتُعرف هذه المنطقة، باستثناء القدس الشرقية، داخل إسرائيل بالاسم التوراتي: يهودا والسامرة.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1948، عُقد مؤتمر أريحا بمشاركة وجهاء فلسطينيين، حيث أُعلن قبول الحكم الأردني، وتم ضم الضفة الغربية رسمياً إلى الأردن في 24 أبريل/ نيسان من عام 1950، فيما عُرف بـ "وحدة الضفتين"، ومُنح سكان الضفة الجنسية الأردنية.
وحول قرار الضم، يقول الدكتور ليث كمال نصراوين، لبي بي سي: "إن الوحدة بين الضفتين كان هدفها الأساسي دعم القضية الفلسطينية، كما تشير إلى ذلك الظروف الدستورية والتاريخية التي رافقت تلك الحقبة الزمنية".
ويشير إلى أنه و"بعد هزيمة عام 1948 تداعى زعماء الضفة الغربية ومفكروها إلى الاجتماع في أريحا للتباحث حول أفضل السبل لحماية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، فقرروا عرض الوحدة مع الضفة الشرقية على الملك عبد الله الأول ابن الحسين الذي قبلها".
ويضيف بأن عبدالله الأول "قام بإقالة حكومة توفيق أبو الهدى وكلّفه بإعادة تشكيلها على أن يضم لحكومته وزراء من الضفة الغربية".
ومن ناحية أخرى، واجهت فكرة الوحدة بين الأردن والضفة الغربية انتقادات من بعض الفلسطينيين وبعض الدول العربية، التي رأت أن الأردن تعامل مع الضفة كأرض أردنية دون إعطاء الفلسطينيين هوية سياسية مستقلة.
وخلال الفترة من 1950 إلى 1967، أدار الأردن الضفة الغربية كجزء من أراضيه، وعُين حكام عسكريون، بعضهم من أصول فلسطينية مثل عارف العارف وإبراهيم هاشم، لضمان التواصل مع السكان المحليين.
واستمرت الإدارة الأردنية للضفة الغربية حتى حرب يونيو/حزيران من عام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما تسبب بنزوح حوالي 300 ألف فلسطيني.
وقد ازداد الوضع تعقيداً بعد حرب 1967 حيث تم خلق واقع جديد لم يعد فيه الأردن يسيطر فعلياً على المنطقة، رغم استمراره في التمسك بشرعيته القانونية، وظلت المملكة تصرُف الرواتب وتدير التعليم والمؤسسات الدينية في الضفة، فيما ظل الفلسطينيون يحملون الجنسية الأردنية، في انتظار ما ستسفر عنه التسويات الدولية.
بين عامي 1967 و1987
زاد التوتر بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد أحداث عام 1970، المعروفة بأحداث أيلول الأسود، التي انتهت بإخراج الفصائل الفلسطينية من الأردن.
وكانت هناك أحداث أخرى قد مهدت لهذا القتال، تمثلت في قيام فصيل فلسطيني هو "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بسلسلة من عمليات خطف الطائرات.
ومع دعم سوريا للمسلحين، كانت حوادث الاختطاف بمثابة الفتيل الذي فجّر الوضع المتأزم أصلًا.
وفي ذلك الوقت، ندد الملك حسين في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية بالخاطفين ووصفهم بـ "عار العالم العربي".
كما حذر من أنه إذا لم يحترم مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقات وقف إطلاق النار "فسوف يتحملون العواقب".
وفي 17 أيلول/سبتمبر شن الجيش الأردني هجوماً واسع النطاق على مسلحين فلسطينيين في بلدات أردنية مختلفة بعد أسابيع من القتال المتقطع بين الجانبين.
وكانت سوريا تدعم المنظمات الفلسطينية التي تمكنت من السيطرة على أجزاء من الأردن حتى تمكن الجيش الأردني من تدمير قواعدها فيما عرف لاحقاً بأحداث أيلول الأسود.
وكانت مدينة الزرقاء، التي تسيطر على طرق الإمداد إلى شمال البلاد، مسرحاً لقتال عنيف أيضاً.
وكانت هناك ادعاءات متضاربة بالنصر حيث قالت إذاعة عمان إن الجيش الأردني يسيطر على ثلاثة أرباع العاصمة، فيما قالت مصادر فلسطينية إن المسلحين يسيطرون على المدينة بأكملها.
وأُغلق المطار والحدود، وعُطلت خطوط الاتصالات. وتم تداول أنباء أن القوات الأردنية اقتحمت مقر منظمة التحرير الفلسطينية، لكن مكان وجود ياسر عرفات لم يكن معروفاً حينها، ويعتقد أنه كان موجوداً في سوريا.
وفي 27 سبتمبر/أيلول وقّع العاهل الأردني الملك حسين وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات اتفاقاً لوقف إطلاق النار بعد 10 أيام من القتال المرير.
ودعا الاتفاق، الذي تم توقيعه في قمة طارئة بالعاصمة المصرية القاهرة، إلى وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب جميع القوات من المدن الأردنية.
ووقع على الاتفاق 8 من قيادات الدول العربية الأخرى خلال قمة ترأسها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في محاولة لإنهاء الأزمة.
ومنذ أحداث عام 1970، بدأت تتشكل مسافة سياسية متنامية بين الطرفين، وبرزت بشكل جلي في مؤتمر القمة العربي في الرباط عام 1974، حيث تم الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1987، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد عكست الانتفاضة رغبة الفلسطينيين في الاستقلال الوطني، مما زاد الضغط على الأردن لإعادة تقييم علاقته بالضفة، فرأى الملك حسين أن استمرار الارتباط الإداري والقانوني قد يعيق الجهود الفلسطينية لإقامة دولة مستقلة، خاصة مع الاعتراف العربي بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
قرار فك الارتباط
تقول دائرة المعارف البريطانية إنه في يونيو/حزيران من عام 1988، عقدت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً منحت خلاله منظمة التحرير الفلسطينية السيطرة المالية على الدعم الموجّه للفلسطينيين، ما شكل اعترافاً فعلياً بعرفات كمتحدث باسمهم.
بعد ذلك، أعلن الملك حسين بن طلال في 31 يوليو/ تموز من عام 1988 فك الارتباط بين الأردن والضفة الغربية ووقف التعامل الإداري والقانوني، مع الإبقاء على الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس.
وحول كواليس هذا القرار، يقول رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، في كتابه "الحقيقة البيضاء": "إنه في يوم من أواخر شهر مايو/أيار 1988، زار الأردن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وزير خارجية الجزائر حيث التقى الملك، ليلقي بقنبلته التي فاجأتنا، فقد أعلن عن رغبة الجزائر بالدعوة إلى عقد قمة عربية في منتصف شهر يونيو/حزيران المقبل، بسبب الانتفاضة الفلسطينية، والوضع في الضفة وقطاع غزة، وضرورة اجتماع الزعماء العرب للبحث في هذا الأمر".
ومضى قائلاً:"وقد عُقد المؤتمر، وكانت البوادر واضحة فيما سيؤول إليه، خاصة من خلال مشروع القرار الذي قدمته منظمة التحرير، وكان مشروع القرار يلغي أي دور للأردن، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، في دعم الانتفاضة، وأظن أن هذه الحادثة كانت بداية للتفكير في اتخاذ قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية".
وقد حُلّ البرلمان الأردني، وأوقف دفع الرواتب لـ 21 ألف موظف مدني من الضفة، كما تم تحويل جوازات سفر الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى وثائق سفر صالحة لمدة عامين فقط.
وعندما تم إصدار وثيقة "إعلان الاستقلال الفلسطيني" في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1988، سارع الملك حسين إلى الاعتراف بها. وهكذا، تبقى العلاقة بين فك الارتباط وإعلان الاستقلال الفلسطيني متشابكة، فالأول مهّد للثاني، وأزال غموضاً قانونياً طالما عرقل المطالب الفلسطينية بالسيادة.
وقد رحب فلسطينيون، ولا سيما قيادة المنظمة، بالقرار الأردني، ورأوا فيه خطوة ناضجة تعزز الشرعية الفلسطينية، وتزيل عقبة تمثيلية طالما أضعفت الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية. غير أن البعض اعتبر أن القرار ترك الضفة الغربية دون حماية سياسية أو قانونية، مما عزز من سيطرة إسرائيل، وانتقدوا سحب الجنسية، معتبرين أنه أثر سلباً على حقوق الفلسطينيين في الضفة.
كما رأى البعض أن قرار فك الارتباط الإداري والقانوني لم يكن دستورياً لأنه لم ينشر في الجريدة الرسمية وأن الحكومة وحدها لا تملك حق القيام بهذه الخطوة، فعندما قامت وحدة الضفتين عام 1950 قامت نتيجة قرار جماعي في 24 ابريل/ نيسان من عام 1950 اشترك فيه مجلس الأمة بنوابه وأعيانه الذين كانوا يمثلون الضفتين.
ومع توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، بدا أن الأردن نجح في تثبيت نفسه كداعم للعملية السلمية، ونجح في ضمان الاعتراف الدولي بدوره الديني الخاص في القدس، كما تجلى في اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل عام 1994.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
الأمة العربية بين مجد الحضارة وأغلال التبعية
الأمة العربية امتلكت عبر التاريخ إرثًا حضاريًا عظيمًا أسهم في صناعة واحدة من أرقى الحضارات الإنسانية التي أضاءت العالم أربعة قرون متواصلة بينما كان الغرب يعيش عصور الظلام والتخلف وفي زمن الإسلام الذهبي كانت بغداد وقرطبة ودمشق والقاهرة منارات للعلم والفكر والفلسفة والطب ومراكز إشعاع حضاري امتد تأثيره إلى أوروبا وآسيا وإفريقيا وقد جاء هذا المجد بفضل رسالة الإسلام التي بعث بها الله مع نبيه محمد ﷺ دين الحق والحرية والعدل الذي حرر الإنسان من عبودية البشر والجهل وأقام ميزان التوازن بين الدنيا والآخرة كما قال تعالى 'وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا' فكان هذا المبدأ قاعدة للحضارة الإسلامية التي جمعت بين العبادة والعمل وبين الروح والعقل فازدهرت العلوم وتقدمت الأمم تحت راية الإسلام لكن الغرب الذي أدرك منذ الحروب الصليبية خطورة هذه الحضارة الموحدة لم يتوقف عن السعي لتفكيكها فبدأ بالغزو الفكري والثقافي باحثًا في الإسلام عن ثغرات يمكن استغلالها ثم انتقل إلى الغزو العسكري والسياسي مستخدمًا أدوات داخلية لتدمير الأمة من الداخل وكان من أخطر هذه الأدوات صناعة تيارات متطرفة تحمل اسم الإسلام وتسيء إليه مثل الوهابية التكفيرية التي زرعت الفتن وأشعلت الصراعات الطائفية والمذهبية وأضعفت الوحدة الإسلامية ومع الحرب العالمية الأولى نفذت بريطانيا وفرنسا مخطط سايكس بيكو لتقسيم العالم العربي إلى كيانات ضعيفة وزرع المشروع الصهيوني في فلسطين بدعم مباشر عبر وعد بلفور عام 1917 معلنين هدفهم الواضح وهو وضع العرب تحت سيادتهم وتدمير حضارتهم التي تهدد وجودهم ولم يكن اختيار فلسطين عبثًا بل جاء جزءًا من رؤية استراتيجية تعود جذورها إلى زمن الغزو الفرنسي لمصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 حين أدركت القوى الأوروبية أن السيطرة على هذه البقعة الجغرافية تعني التحكم في طرق التجارة والفصل بين جناحي الأمة العربية الشرقي في آسيا والغربي في شمال إفريقيا ومنع أي مشروع وحدوي عربي أو إسلامي من النهوض لذلك كان زرع الكيان الصهيوني في قلب المشرق العربي خطوة لإقامة حاجز جغرافي يفصل الأمة ويقطع تواصلها الطبيعي ومنذ ذلك الحين تحولت المنطقة إلى ساحة لمشروع الفوضى والتقسيم حيث جرى تعميق الخلافات الطائفية والعرقية ونشر الفساد الأخلاقي والديني ودعم تنظيمات إرهابية بواجهة إسلامية وجوهر يخدم الغرب مثل القاعدة وداعش وفي قلب هذا المشهد بقيت إسرائيل راسخة حتى اليوم بفضل عاملين أساسيين أولهما الدعم الأمريكي غير المحدود الذي جعل من الكيان الصهيوني أداة استراتيجية لحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط حيث قدمت واشنطن له الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الشامل وضمنت تفوقه النوعي وحمته من أي إدانة دولية باستخدام الفيتو في مجلس الأمن وثانيهما الصمت والتخاذل العربي المطلق إذ غابت أي استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال وانشغلت الدول العربية بصراعاتها الداخلية وحروبها البينية فيما اكتفى الموقف العربي غالبًا بالشجب اللفظي والبيانات الخطابية وهكذا وبفعل هذه العوامل مجتمعة تم إبعاد العرب عن دورهم الحضاري وتحويلهم إلى كيانات متفرقة تعيش على هامش التاريخ الحديث تحت هيمنة الغرب وضمان استمرار التفوق الإسرائيلي بينما يبقى مشروع النهوض العربي رهين الإرادة المفقودة والوحدة الغائبة وطالما يبقى حالنا كما هو الخنوع والاستسلام يبقى العرب أمة غائبه عن الحضارة والأخطر الان هو على الأمة برمتها ذلك المشروع الخبيث مايسمى بالشرق الأوسط الجديد نفذ بالمال العربي وعقل العرب الذي لم يغادر البداوة لازال بعض العرب يؤمن بالغزو للبلدان العربيه وتدمير قدراتها وقوتها على أمل ان يكون لهم نصيب في المشروع القادم دون وعي وإدراك وفهم عقليه الغربي الذي يريد الأرض وثرواتها دون إعطاء الآخرين أي شي فعلى كل مثقفين الامة وقيادتهم الوطنية ان تأخذ دورها بالتصدي للمشاريع الصهيونية الرامي لإقامة الامبراطوريه الصهيونية بمنطقه الشرق الأوسط . اليوم غزة تتعرض للإبادة الجماعية وشعبها يباد ويقتل ويشرد من ارضه ويقابله صمت عربي . وإذ كانت اليوم غزة غدا كل البلدان العربية تكون تحت نيران الصهيونية .


ساحة التحرير
منذ 13 ساعات
- ساحة التحرير
جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة!الطاهر المعز
جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة! الطاهر المعز تساءل الكثيرون في أغلب أنحاء العالم عن سؤال بالغ الأهمية: لماذا لا تبذل دول البريكس، وخاصة روسيا والصين، جهودًا أكبر مما تبذلانه من أجل فلسطين والدفاع عنها؟ لأن هذا الموضوع رئيسي في نظر المقاومة اليمنية مثلا، وثانوي أو هامشي في نظر روسيا والصين، او أي دولة أخرى، فالقضية الفلسطينية هي قضيتنا كعرب، وتحرير فلسطين من واجباتنا ومهامّنا، ويمكن للقوى التقدمية ( والصين وروسيا ليست ضمنها) دعمنا ومساندتنا، أو نَقْدنا. أما بالنسبة لروسيا والصين، فإن علاقاتهما مع الكيان الصهيوني لا تتأثّر بالعدوان المُستمر ضدّ الشعب الفلسطيني ( والشعوب العربية والإيرانية). تُساهم الشركات والدّولة الصينية في ازدهار الإقتصاد الصهيوني لكنها تمتنع عن اتخاذ قرار سياسي مثل المُقاطعة وفَرْض العقوبات وسحب الإستثمارات، وهذ الحدّ الأدنى لما يمكن أن يُقِرّه حزب يسمي نفسه شيوعيًّا ويقود دولة بحجم الصين، لكنه يمتنع عن اتخاذ قرار سياسي يضر باقتصاد الكيان الصهيوني، رغم المجازر اليومية بحق المدنيين في غزة، ولذا وجب اعتبار الشُّركاء في العلاقات التجارية والإقتصادية والمالية (الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا وتركيا وروسيا والصّين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وأستراليا والأنظمة العربية المُطبّعة سرًّا أو علنًا) شُركاء في جرائم الجيش الصهيوني في فلسطين المحتلة كما في لبنان وسوريا واليمن وإيران، ولم تردّ الصين على العدوان على 'الصديق الإيراني' لأنها ترفض التضحية بعلاقاتها الاقتصادية مع الكيان الصهيوني، حيث تستثمر شركات صينية مملوكة للدولة مثل كيم تشاينا وبرايت فودز ومجموعة فوسوم (إلى جانب الشركات الصهيونية) في مستوطنات الضفة الغربية، وتمتلك هذه الشركات الصينية المملوكة للدولة حصصًا في شركات صهيونية، ولذلك لم تُندد جمهورية الصين الشعبية علنًا بالسياسة الإستعمارية الصهيونية قبل انتشار الانتقادات 'الغربية' للمجازر، إلا أنها لا تزال تدعم اقتصاد المستوطنين سرًا، رغم انتقادات الحكومة الصينية اللاذعة حاليا ( خلال الأشهر الأخيرة ) لسياسة الإبادة الجماعية في غزة، وعلى سبيل المثال تُمثل المنتجات الصينية ما يقرب من 20 مليار دولار، أي أكثر من 20% من واردات الصهاينة، وتحاول الصين تبرير تواطؤها بـ'مبدأ عدم التدخل في شؤون الشُّركاء، وفصل الإقتصاد عن السياسة'، الذي يعني ببساطة: المال والأعمال قبل كل شيء، وهو لا يمت بصلة إلى المبادئ الإشتراكية، وعملا بهذا المبدأ الإنتهازي، اغتنمت الصين فُرصة تظاهر الدّول 'الغربية' بنقد بعض ممارسات الحكومة الصهيونية، لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدولة المارقة، وناقش السفير الصيني في تل أبيب مع وزير الاقتصاد والصناعة الصّهيوني 'تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني الإسرائيلي'، بالتزامن مع هجوم جيش الاحتلال على مستودعات المساعدات الإنسانية (الأسبوع الأول من حزيران/يونيو 2025). بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، لم تُقدّم الصين دعمًا اقتصاديًا لكوبا، تجنّبًا لكسر الحصار الأمريكي وتجنّبًا للعقوبات الصّارمة على من يتحدّاها، ولذلك لا يمكن أن نتوقّع منها ( أو من روسيا أو ) قطع العلاقات الإقتصادية والدّبلوماسية مع الكيان الصهيوني رغم الإبادة الجماعية… دعمت الصين خلال عُقُود خَلَتْ حركات التحرر الوطني والمناهضة للإمبريالية حول العالم، وشمل ذلك دعم القضية الفلسطينية، إذ كان لمنظمة التحرير الفلسطينية مكتب وامتيازات دبلوماسية وحصانة في بكين، منذ سنة 1965، وأعلن ماو تسي تونغ ( أيار/مايو 1965): 'الإمبريالية تخشى الصين والعرب، وإسرائيل وفورموزا قاعدتان للإمبريالية في آسيا… أنتم ( الفلسطينيون) البوابة الأمامية للقارة الكبرى ( آسيا)، ونحن البوابة الخلفية3 واليوم، بعد ستين سنة، ترتبط شركات صينية مثل ' كيم تشاينا' للكيماويات المملوكة للدولة الصينية، بشكل مباشر بالتدمير العسكري لسبل عيش الفلسطينيين، وتستثمر العديد من الشركات الصينية المملوكة للدولة، إلى جانب شركات صينية خاصة أخرى، بشكل مباشر أو غير مباشر في المستوطنات الصهيونية أو الشركات العاملة فيها، بغية تيسير حياة المستوطنين وإدامتها على الأراضي المحتلّة. اكتسبت الصين احترامًا متزايدًا لتعهدها ببناء علاقات سلمية ومربحة للجميع مع الدول الأخرى، لكن ماذا تفعل شركاتها في فلسطين المحتلة، وبينما يتعرض الفلسطينيون للإبادة وللتجويع وسرقة الأراضي، يعيش عمال صينيون ويعملون في المستوطنات المجاورة لقرية هوارة قرب نابلس، على مرأى ومسمع من الجميع، ويعمل عشرات الصينيين في مستوطنة بيت إيل، قرب رام الله في أعمال البناء والطّرقات المُخصّصة للمستوطنين الصهاينة، مما يُعزّز النشاط الإستعماري الإستيطاني، بعد أن كانت حكومة الصين تسمح للعمّال الصينيين بالعمل في فلسطين المحتلة وتمنع توظيفهم في الضفة الغربية المحتلة، خوفًا على أمْنِهم وسلامتهم، وفق مجلة الدّراسات الفلسطينية – أيار/مايو 2025 استخلاصات توجد العديد من التناقضات في التّصريحات الصينية، حيث يقول ممثل الصين في محكمة العدل الدّولية ' إن استخدام الشعب الفلسطيني للقوة لمقاومة القمع الأجنبي في إطار السّعي إلى الحصول على حق تقرير المصير واستكمال إقامة دولة مستقلة هو حق غير قابل للتصرف مؤسس في القانون الدولي' لكن تُشير كل الوقائع إلى محافظة الصين على علاقاتها الإقتصادية والتجارية مع دولة الإحتلال، بل تُعدّ الصين أكبر شريك تجاري آسيوي للكيان الصهيوني وثاني أكبر شريك تجاري عالمي، وتُظهر بيانات للجمارك الصينية، ارتفاع حجم التجارة الثنائية من حوالي 8 مليارات دولار سنة 2013 إلى 25,45 مليار دولارا سنة 2022، و بلغت قيمة الواردات الصهيونية من الصين 13,53 مليار دولار أمريكي سنة 2024، بزيادة تقارب 20% عن سنة 2023، وتعززت العلاقات التكنولوجية بين الطّرَفَيْن ، وتحاول الصين تشجيع الشركات التكنولوجية الصهيونية على الإستثمار في الصين والإستفادة من 'مزايا السوق الصينية. الواسعة' يختلف الموقف الصيني عن معظم الدّول 'الغربية'، فالصين لا تُشارك ولا تُبرّر الإبادة الجماعية، خلافًا للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، ولا تستخدم الصّين حق النّقض لصالح الكيان الصهيوني في مجلس الأمن الدولي، لكن من حقنا ومن واجبنا نقد تعميق العلاقات الإقتصادية والتجارية لدولة تَدّعِي الإشتراكية مع دولة تأسست على وطن الشعب الفلسطيني وتمارس الإبادة الجماعية، ضمن استمرار النّكبة منذ 1948 إلى الآن، وترفض الصين، خلافًا لدول أخرى في أمريكا الجنوبية، قطع علاقاتها الدّبلوماسية والإقتصادية مع الكيان الصهيوني، بل استغلت فرصة الإبادة الجماعية في غزة لتعزيز علاقات الشراكة الإقتصادية والتجارية والمالية (الإستثمارات) مع الكيان الصهيوني وفق موقع 'الرأسمالية العارِيَة' ( nakedcapitalism ) بتاريخ السادس من حزيران/يونيو 2025 خاتمة لا يزال الحزب الصيني الحاكم يُسمِّي نفسه شُيوعيًّا، لكن النّظام رأسمالي، رغم اختلاف مسيرته عن النّظام الرّأسمالي التّقليدي، فقد اكتسب الأثرياء ثروتهم من خصخصة وتقاسم ممتلكات الدّولة ( أي الشعب الصيني)، وتَقُود المصالح الإقتصادية والإستراتيجية السياسة الخارجية للدولة، وهو ما يُسمّى في لُغة السياسة والدّبلوماسية 'الواقعية' أو 'البراغماتية'، ولا تحتل الصّين حاليا أراضي بلدان أخرى، بل تحاول بشتّى الطُّرُق استعادة فرموزا ( تايوان التّابعة لها والتي انفصلت سنة 1949) ولكنها تستغل الطبقة العاملة في الدّاخل وفي بلدان أخرى عديدة مما أدّى إلى إضرابات عمّال النّيجر والكونغو وغيرهم ضدّ الإستغلال الفاحش للشركات الصينية… بالنسبة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية، كان الدّعم مبدئيا من قِبَل الدولة والحزب الشيوعي الصيني والمنظمات المَاوِيّة في العالم، ولكن أدّت جُمْلة من العوامل، ومن بينها الضّغوط الأمريكية واستسلام بعض الأنظمة العربية وقيادات منظمة التّحرير، الذي تزامن مع تغييرات توجّهات السلطة الصينية، إلى تراجع موقف الصين ودول عديدة أخرى وعزل المقاومة الفلسطينية بعد الغزو الصهيوني لِلُبنان… إن تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة من مهمات الفلسطينيين والعرب قبل غيرهم، ولا نطلب ( ولا يُمكن) للصين أو روسيا أو غيرها أن تحلّ محلّنا أو أن تُحرّر شبرًا واحدًا من أراضينا المحتلّة، وكل ما نطلبه هو عدم دعم الكيان الصهيوني ومقاطعته والعمل على محاسبة المجرمين الصهاينة من قيادات عسكرية وحكومية وسلطات أكاديمية وغيرها… 2025-08-09 The post جوانب من العلاقات الصهيونية – الصّينِيّة!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.


موقع كتابات
منذ يوم واحد
- موقع كتابات
روسيا والامارات وسنوات من التعاون المثمر
زيارة رئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، الى العاصمة الروسية موسكو ، ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين في أحدى قاعات الكريملين 'يكاترينسكي' ، والتي تأتي بحسب الرئيسين لتعزيز جسور التعاون بينهما ، فقد أبدى الرئيسان رغبتهما في زيادة هذا التواصل في جميع الاتجاهات والصعد ، خصوصان وان مقومات هذا النجاح متوفرة لدى كلا الجانبين ، ' والثقة المتبادلة ' بينهما كفيلة في تفعيل هذه الرغبة لدى الجانبين . الزيارة مهمة لكلا البلدين ، فالكرملين في بيانه أكد على التوافق بين مواقف روسيا والإمارات ، بشأن معظم القضايا الراهنة على الأجندة العالمية والإقليمية ، ويجري تنسيق السياسة الخارجية في إطار المنظمات الدولية بين موسكو وابو ظبي ، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجموعة بريكس (مع الأخذ في الاعتبار انضمام الإمارات إلى المجموعة كعضو كامل العضوية في 1 يناير 2024)' ، وان الاتصالات بين البلدين 'ودية' و'قائمة على الثقة'. وتستند العلاقات الروسية الإماراتية ، إلى إطار قانوني واسع ، ومن أهم الوثائق اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي والتقني (1990)، والتعاون العسكري التقني (2006)، والشراكة الاستراتيجية في قطاع النفط والغاز (2010)، وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة (2010)،والتعاون في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية (2012)، ومعاهدات تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية (2014) ، وفي عام 2018، وُقّع إعلان شراكة استراتيجية بين البلدين ، وفي فبراير 2025، وقّع البلدان اتفاقية بشأن إزالة الازدواج الضريبي ، في حين تتولى اللجنة الحكومية الدولية الروسية الإماراتية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني (التي تأسست عام 1994) تنسيق التعاون الاقتصادي؛ ويعمل مجلس الأعمال الروسي الإماراتي منذ عام 2006. المحادثات بين الرئيس بوتين والشيخ محمد ، تبادلوا خلالها وجهات النظر حول مختلف القضايا الدولية ، وبالتأكيد تم تركيز اهتمام خاص على الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك الوضع في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، حيث تؤيد موسكو وابو ظبي حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وتدعوان باستمرار إلى حل هذا الصراع الطويل الأمد من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية ، على أساس قانوني دولي معترف به على نطاق واسع، والذي يفترض إنشاء دولتين لشعبين'. كما ان زيارة رئيس دولة الامارات الى موسكو ، جاءت متزامنة مع التطورات السياسية حول الملف الاوكراني ، بعد لقاء مبعوث الرئيس الامريكي مع الرئيس بوتين وما تمخض من نتائج قال عنها الرئيس الامريكي دونالد ترامب ' انها مثمرة اكثر مما هو متوقع ' ، وبالتالي فقد زادت التوقعات عن امكانية ان تكون الامارات مكانا لعقد أول قمة روسية امريكية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب ، وقد سبق وان عبرت الإمارات أستعدادها لأن تكون منصةً للقاءٍ الرئيسين الامريكي والروسي ، كما وسبق وان ابدت المملكة العربية السعودية وتركيا أيضًا نفس الاستعداد ، فالأخيرة عضوٌ في حلف الناتو، وهذا يُمثل عائقًا لها، والمملكة العربية السعودية خيارٌ مُرجَّحٌ للغاية ، ولكن هذه المرة الكفة تميل الى الامارات ، على اعتبار ان البلدين السعودية وتركيا ، سبق لهما استضافت اجتماعات امريكية روسية واوكرانية . وفي الوقت نفسه ، وعلى غرار دول أخرى في المنطقة العربية ، اتخذت الإمارات موقفًا محايدًا في الأزمة الأوكرانية، داعيةً الأطراف إلى حل النزاع بالطرق الدبلوماسية ، كما ونجحت الإمارات في لعب دور الوسيط ، وتوسطت مرارًا وتكرارًا في تبادل أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا ، وبفضل مساعدتها، تبادلت موسكو وكييف حوالي 3.7 ألف شخص ، وتؤكد وزارة الخارجية الإماراتية أن أبوظبي ستواصل 'جهودها لحل النزاع الأوكراني سلميًا وتخفيف آثاره الإنسانية' ، وبالتأكيد فإن هذه القضية ، قد حظيت باهتمام كبير في اجتماع بوتين والشيخ محمد ، وامكانية مناقشة تبادل وجبة جديدة الأسرى وعددًا من القضايا الإنسانية الأخرى. ومن المعروف أن الزعيمين ناقشا في الجزء الخاص من القمة القضايا الراهنة على جدول الأعمال الدولي، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط والوضع في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، حيث تتوافق مواقف روسيا والإمارات العربية المتحدة في معظم القضايا: فكلا البلدين يؤيدان حل النزاع بالوسائل السياسية والدبلوماسية وإقامة دولتين مستقلتين ، ولكن لا يزال البحث عن حل لأزمة غزة ، والذي يعتبر من أهم القضايا الجوهرية التي تواجه العالم العربي اليوم ، وتهتم الإمارات بحسب إيلينا ميلكوميان، الباحثة الرائدة في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، لصحيفة إزفستيا ، بدعم خططها في الشرق الأوسط ، لذا من المهم بالنسبة لها معرفة ما يمكن لروسيا فعله لضمان تنفيذ هذه الخطط بالشكل الذي يناسب الدول العربية ، وتقر الخبيرة بأن الإمارات تختبر قدرات روسيا ، أو حتى ستحاول إقناع موسكو بممارسة المزيد من الضغط على إيران ، لدفعها إلى اتباع سياسة أكثر اعتدالًا. وركز الرئيسان على دراسة الجوانب الرئيسية للتعاون الاقتصادي بين البلدين، بما في ذلك التفاعل في مجالات الاستثمار والصناعة والطاقة والثقافة والتعليم، مع التركيز على تنفيذ مشاريع محددة ، ووفقا للبيان، بلغ حجم التجارة المتبادلة بين روسيا والإمارات في عام 2024 نحو 9 مليارات دولار (في عام 2023 بلغ حجم هذا المؤشر 10.2 مليار دولار)' ، وارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات العربية المتحدة بنسبة 80% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، ليصل إلى 3.97 مليار دولار، ووجود نمو متزايد في التيار السياحي بين روسيا والإمارات ففي عام 2024، ارتفع عدد الرحلات التي يقوم بها الروس إلى الإمارات بنسبة 13.4% مقارنة بعام 2023، ليصل إلى 1.47 مليون سائح ، كما ارتفع عدد الإماراتيين الذين زاروا روسيا بنسبة 54% ليصل إلى 67 ألف شخص، وهو أعلى رقم بين دول الخليج العربي. وعلى هامش محادثات الرئيسين فلاديمير بوتين ومحمد بن زايد آل نهيان ، وقعت روسيا والإمارات العربية المتحدة اتفاقيتين جديدتين للتعاون في قطاعي الاستثمار والنقل ، الوثيقة الأولى تتعلق بتجارة الخدمات والاستثمارات بين حكومتي روسيا والإمارات. ووقعها وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم ريشيتنيكوف، ووزير التجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي. كما وقع الطرفان على تفاهم مشترك بشأن هذه الاتفاقية ، أما الوثيقة الثانية، فهي مذكرة تفاهم بين وزارة النقل الروسية ، ووزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية، ووقعها وزير النقل الروسي أندريه نيكيتين، ووزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي ، سهيل بن محمد المزروعي ، واتفق الطرفان على تطوير التعاون في مجال النقل البري. وعموما فإن العلاقات بين موسكو وابو ظبي ، تتطور بشكل ديناميكي بما فيه الفائدة للطرفين ، وهذا التطور هو نتيجة الزيارات المتكررة التي قام بها الرئيس محمد بن زايد آل نهيان لروسيا ، ولخصوصية العلاقات بين الرئيسين ، فقد عقدا سوية 14 قمة بينهما ، وفي مناسبات عديدة ، ومنذ عام 2022، وبصفته رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة ، زار الشيخ محمد بن زايد روسيا أربع مرات ، في أكتوبر 2022، ويونيو 2023، ومرتين في أكتوبر 2024 – حيث كان في موسكو في زيارة رسمية يومي 20 و21 أكتوبر، وبعد بضعة أيام زار قازان لحضور قمة 'بريكس' ، بالاضافة الى تواصل الرئيسين هاتفيا بانتظام ، ففي عام 2025، تمت ثلاث محادثات هاتفية بينهما – في مارس ومايو ويونيو ، ووصف الرئيس الروسي الاتصالات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأنها 'ودية' و'قائمة على الثقة' ، في حين أبدى الرئيس الاماراتي ، دعمه لجهود روسيا الرامية إلى بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، بما في ذلك في إطار البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. كما وتتمتع روسيا والإمارات العربية المتحدة بعلاقات جيدة للغاية في السنوات الأخيرة ، ففي عام 2024، انضمت الإمارات إلى مجموعة البريكس، وهذا بحد ذاته دليل على الكثير ، وبالطبع، تتعرض الإمارات العربية المتحدة لضغوط مستمرة بسبب تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات ثانوية عليها. إلا أن هذه الدولة العربية لا تلين، وتواصل التفاعل الفعّال مع روسيا ، وتشير الخبيرة السياسية الدولية إيلينا سوبونينا ، إلى أن لقاء بوتين وآل نهيان قد يهدئ الموقف ويخفف من حدة تهديدات دونالد ترامب لروسيا ، خصوصا وان رئيس دولة الامارات ، قد نجحت بالفعل في لعب دور الوسيط الدولي ' الموثوق ' في العديد من القضايا المهمة . وكما اشارنا ، فقد ربط العديد من المراقبين الزيارة ، التي جاءت ' مصادفة ' قبل يوم من انتهاء مهلة الرئيس الامريكي لروسيا ، والتي تم التحضير لها مسبقًا، وتحديد موعدها مبكرًا ، ولكن وبفضل هذه المصادفة ، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تهدئة الوضع إلى حد ما – ورئيس الإمارات مستعد لبذل الجهود اللازمة لتحقيق ذلك ، وبدوره أكد الرئيس الروسي ، أن لدى بلاده العديد من الأصدقاء الذين يُمكنهم المساعدة في تنظيم اللقاء بينه وبين نظيره الامريكي المرتقب ، ومن بينهم رئيس الإمارات العربية المتحدة.