
أموال طائلة.. هل تصبح تركيا مثل السعودية في عالم كرة القدم؟ – DW – 2025/8/12
بعد أن كان يُنظر إليه سابقًا على أنه مكانٌ مثاليٌّ لانتقال النجوم المسنين في نهاية مسيرتهم الكروية، يبرز الدوري التركي الممتاز "السوبر ليغ" كلاعبٍ جادٍّ في سوق الانتقالات، حتى أنه يُنافس السعودية، تلك القوةً الماليةً الكرويةً الضخمة في السنوات الأخيرة.
تقدم أندية إسطنبول الثلاثة الكبرى - غلطة سراي، فنربخشة، وبشكتاش – مبالغ تُتيح لها استقطاب نجومٍ عالميين مثل فيكتور أوسيمين، وليروي ساني، وجون دوران.
غلطة سراي، بطل الدوري التركي، الذي كان لديه أوسيمين على سبيل الإعارة الموسم الماضي، وافق الآن على دفع 75 مليون يورو (87 مليون دولار) لنابولي مقابل انتقال المهاجم النيجيري بشكل دائم للفريق.
وهذه ليست فقط أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم التركية، ولكنها أيضًا ثالث أغلى صفقة في نافذة الانتقالات الحالية على مستوى العالم. سيدفع غلطة سراي لأوسيمين راتبًا سنويًا صافيًا قدره 21 مليون يورو، بينما سيكسب ليروي ساني الدولي الألماني، الذي تم التعاقد معه مؤخرًا من بايرن ميونيخ، 12 مليون يورو سنويًا. يقال إن مهاجم فنربخشة الجديد، جون دوران، المعار من نادي النصر السعودي، سيتقاضى قرابة 20 مليون يورو سنويًا. ويُقال إن زميله السابق أندرسون تاليسكا، الذي انضم إلى فنربخشة قادمًا من النصر في يناير، يتقاضى 15 مليون يورو سنويًا.
لكن أندية غلطة سراي وفنربخشة وبشكتاش تُنفق ببذخ على صفقات قياسية رغم ديونها المرتفعة ووجودها في بلد يعاني اقتصاديًا. ويُعتقد أن إجمالي ديون الثلاثي ومعهم طرابزون سبور - الذي يُعتبر رابع أكبر نادٍ في تركيا- تتجاوز مليار يورو، حيث أن إيراداتهم لم تعد تغطي نفقاتهم منذ مدة طويلة.
يعتقد البعض أن الحكومة تدعم ضمنيًا زيادة الإنفاق، حيث أن التعاقدات رفيعة المستوى في هذا البلد المهووس بكرة القدم تصرف الأنظار عن مشاكل مثل ارتفاع التضخم والبطالة. وقال الكاتب الرياضي أونور أوزغن لـ DW: "يمكن تفسير غض الطرف عن ضجة الانتقالات على أنها جزء من محاولة لتشتيت انتباه الجماهير خلال أزمة اقتصادية، وتهدئة الغضب العام، والسيطرة على الأندية وجماهيرها". وأضاف أوزغن، الذي يكتب في صحيفة بيرغون، إحدى الصحف المعارضة القليلة المتبقية في تركيا: "نعيش في ظل نسخة محلية من سياسة الخبز والسيرك".
ويذكر أن "الخبز والسيرك" أو باللاتينية "panem et circenses"، هو مصطلح يعود لعصر الرومان، عندما كان الحكام يوفرون الطعام والترفيه لعامة الشعب حتى لا يهتموا بالشأن العام.
وأوزغن ليس هو الوحيد في هذا التقييم للوضع في الكرة التركية. فخبير اقتصاد كرة القدم، توغرول أكسار، قال هو أيضا لـ DW: "كرة القدم تهيمن على أجندة المجتمعات الفقيرة".
وأوضح مؤسس موقع Futbolekonomi.com، الموقع الإلكتروني الوحيد في تركيا المخصص لتغطية أخبار كرة القدم التجارية: "الأشخاص الذين لا يستطيعون حتى شراء لقمة العيش يتابعون أخبار الانتقالات طوال اليوم".
ونتيجة لذلك، يركز معظم المشجعين على التعاقدات الكبيرة، وليس على العبء المالي المرتبط بها. وقال محمد، وهو أحد مشجعي فريق غلطة سراي، لـ DW: "هناك منافسة شرسة بيننا وبين غريمنا اللدود فنربخشة في الدوري التركي. يجب أن نحافظ على تفوقنا مهما كلف الأمر - بل نحتاج إلى توسيع الفارق". وأضاف: "التعاقدات الكبيرة تمنحنا أيضًا أفضلية نفسية على منافسينا".
يدعم أكثر من 90 بالمئة من مشجعي كرة القدم الأتراك أحد الأندية الثلاثة الكبرى، مما يمنحها نفوذًا سياسيًا هائلًا. وتمثل قواعدها الجماهيرية الواسعة "بنكًا انتخابيًا" قويًا غالبًا ما تسعى الحكومات إلى كسبه، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
في السنوات الأخيرة، تلقت الأندية الثلاثة دعمًا حكوميًا كبيرًا في جهودها لزيادة إيراداتها. وبدعم من مجلس أسواق رأس المال التركي - التابع لوزارة الخزانة والمالية - أصدرت هذه الأندية مرارًا وتكرارًا أسهمًا جديدة لجمع رأس المال من المستثمرين. وفي غضون ذلك، أُعيدت هيكلة ديونها من خلال اتفاقيات قروض مع البنوك الحكومية.
وقال أحمد طاليمجيلر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة باكيركاي في إزمير، لـ DW: "لطالما ارتبطت الأندية الكبرى في تركيا بعلاقات وثيقة مع الدولة". وأضاف: "نظرًا لإلغاء أو إعفائها من ديونها بشكل دوري، فإنها تواصل إبرام صفقات باهظة الثمن دون تردد".
في عام 2022، أصدرت الحكومة قانونًا قالت إنه يهدف إلى منع الاقتراض المتهور من قبل الأندية. وينص هذا القانون على عقوبات صارمة، بما في ذلك بنود تسمح بعقوبات سجن للمسؤولين، الذين يدفعون أنديتهم إلى الديون. ومع ذلك، فإن القانون، الذي يسمح للأندية باقتراض ما يصل إلى 10بالمئة فقط من إجمالي إيراداتها للعام السابق، لم يُطبّق قط. ويعتقد كثيرون أن الحزب الحاكم يستخدم هذا القانون كعصا ضد أندية كرة القدم ومجموعات المشجعين للسيطرة عليها.
في الماضي، كانت مجموعات المشجعين تنزل إلى الشوارع بشكل متكرر خلال الاحتجاجات ضد حكومة أردوغان، وخاصة مظاهرات غيزي بارك عام 2013. وحتى وقت قريب، كانت الملاعب من بين الأماكن القليلة، التي يمكن للجماهير فيها التعبير عن معارضتهم علانية. مع ذلك، لم تُسمع أي هتافات معارضة في الملاعب منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو، المرشح الرئاسي لحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، في مارس/آذار. كما غابت مجموعات المشجعين بشكل ملحوظ عن احتجاجات الشوارع المستمرة التي أشعلها اعتقال إمام أوغلو.
ووفقًا للنائب مصطفى أديغوزيل، عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، فإن هذا ليس صدفة. وصرح لـ DW أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يبدو أنه أبرم صفقة مع الأندية الثلاثة الكبرى، حيث وافقوا على إبقاء روابط مشجعيهم منضبطة مقابل غض الحكومة الطرف عن الإنفاق على اللاعبين.
وقال أديغوزيل لـ DW: "الحكومة، التي تستخدم تدقيق حسابات الأندية كآلية للمكافأة والعقاب، تُكلف إدارات الأندية فعليًا بمهمة التحكم في المدرجات".
ووفقًا لأوزغين، فإن "العصا" الحكومية لا تُبقي إدارات الأندية منضبطة فحسب، بل تدفع المشجعين أيضًا إلى الرقابة الذاتية. وأشار إلى نظام التذاكر الإلكتروني الإلزامي "باسوليغ" وكاميرات الملاعب تُستخدم كأدوات لخلق "مدرجات خالية من السياسة".
يعتقد الخبير الاقتصادي أكسار أنه في حال تطبيق القانون، سيواجه العديد من مسؤولي الأندية إجراءات قانونية، لكن الاقتراض المفرط مسموح به عمدًا. وقال: "تُغرق الأندية الكبرى في الديون لضمان امتثالها للحكومة".
ولم تُجب وزارة الرياضة التركية بعد على استفسار من DW حول كيفية تمكن الأندية من مواصلة الاقتراض رغم القانون الذي يهدف إلى الحد من هذه الممارسة.
يرى أوزغن أن الأندية الثلاثة الكبرى تسعى جاهدةً لتحقيق حلمها بأن تصبح "السعودية الأوروبية"، لكنه يُحاجج بأن هذا ببساطة غير قابل للاستمرار على المدى الطويل. وقال: "لا توجد عائدات نفطية، فقط ديون وفواتير رواتب متضخمة. الفجوة بين الدخل والإنفاق هائلة". وأضاف: "إيرادات البث تتقلص فعليًا، ودخل أيام المباريات والترويج محدود. تنفق الأندية بالدولار أو اليورو، لكنها تكسب بالليرة التركية، وتخسر مكانتها مع كل فترة انتقالات".
كما يُشير إلى فرق رئيسي بين السعودية والثلاثة الكبار بتركيا، وقال: "تتبع السعودية استراتيجية تمولها الدولة. أما الأندية التركية، فلديها علاقات وثيقة بالسلطة السياسية، لكنها لا تملك الموارد المالية نفسها".
نقله للعربية: صلاح شرارة / تحرير: عارف جابو
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 19 ساعات
- DW
بايرن يبحث عن لقبه الـ11 في كأس السوبر وشتوتغارت بالمرصاد – DW – 2025/8/15
مباراة نارية مرتقبة السبت المقبل على أرض ملعب "إم إتش بي أرينا" بين نادي شتوتغارت الفائز بالكأس، وبايرن ميونخ بطل الدوري، فمن سينتزع لقب كأس السوبر الألماني؟ جماهير الكرة الألمانية على موعد مع مباراة نارية يوم غد السبت (16 أغسطس/ آب 2025)، ضمن منافسات كأس السوبر الألماني، حيث يستضيف نادي شتوتغارت، بطل كأس ألمانيا ، بايرن ميونخ بطل الدوري على أرض ملعب "إم إتش بي أرينا". توّج شتوتغارت بلقب الكأس بعد فوزه على نادي أرمينيا بيليفيلد (4-2) في أيار/ مايو الماضي، بينما استعاد النادي البافاري إلى رزمانته لقب بطل الدوري (بوندسليغا)، في ختام موسم حافل استعاد فيه بايرن ميونيخ بقيادة المدرب فينسنت كومباني، صدارة الدوري برصيد 82 نقطة، وفارق من 13 نقطة أبعدته عن الوصيف باير ليفركوزن. البافاري كشّر عن أنيابه وعاد مرة أخرى إلى قوته الهجومية الضاربة مسجلا 99 هدفاً، وهو ثاني أعلى معدل أهداف له على مستوى الدوري المحلي منذ موسم 1971/ 1972. وليست الروح الهجومية السمة الوحيدة التي ميزت حامل لقب الدوري، وإنما خط دفاعه الذي أضحى "الأقوى" على مستوى بوندسليغا، حيث تصدت شباكه لـ 32 هدفاً محقَّقا، في أفضل سجل للفريق منذ موسم 2017/ 2018. في المقابل، أبدى شتوتغارت أداءً متبايناً وأنهى الدوري المحلي في المركز التاسع برصيد 50 نقطة، بينما كان قد حلّ في مركز الوصيف في موسم 2023/ 2024. خلال المراحل الختامية من الموسم الماضي، تحسن الأداء الهجومي لشتوتغارت بقيادة المدرب سيباستيان هونيس بشكل ملحوظ، ونجح لاعبوه في إحراز 12 هدفاً في آخر أربع مباريات، و15 هدفاً في أربع مباريات ودية. إلا أن أداءه على أرضه لم يرق إلى تطلعات جمهوره، فقد هزم سبع مرات ولم يفز إلا في ثلاث مباريات من مجموع عشر مباريات رسمية خاضها في ختام الموسم على أرضه. وإذا كان فريق بايرن ميونيخ سيدخل المباراة مثقلا بخسارة (0-1) مني بها أمام نادي بولونيا الإيطالي الأسبوع الماضي، عكّرت عليه فرحة الفوز في المباريات السبع السابقة في جميع المسابقات، إلا أنه يبقى المرشح االأبرز للفوز بلقب السوبر، خاصة وأن المواجهات الخمسة الأخيرة بين الفريقين، حسمها البافاري أربعة منها لصالحه وانهزم في واحدة فقط. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video التشكيلة المتوقعة للفريقين من المنتظر أن يشارك في مباراة السبت لوكا جاكيز وجوليان شابوت في خط دفاع شتوتغارت، بعد أن اعتمد المدرب عليهما بشكل أساسي خلال فترة الإعداد للموسم القادم. وفي خط الوسط قد يشارك أنجيلو ستيلر وبأتاكان كارازور، وفي خط الهجوم دينيز أوندا ونيك فولتماد، بدعم من الجناحين جيمي ليويلينغ وكريس فوهريش. في المقابل، قد يلجأ كومباني، مدرب البايرن إلى منح لاعب الجناح الأيسر الكولومبي لويس دياز أول مشاركة رسمية له مع النادي، وقد يشغل اللاعب ميكايل أوليسيه الجناح الأيمن خلف الهداف هاري كين. ويُعتقد أن يدفع كومباني بلاعب خط الوسط المخضرم يوشوا كيميتش في المباراة، كما أن إصابة ألكسندر بافلوفيتش في عينه قد تفتح الباب أمام ليون جوريتسكا للعب في مركز وسط الارتكاز. أما جمال موسيالا، فلا يراهن أي أحد على جهوزيته بعد الإصابة التي تعرّض لها في يوليو/تموز خلال كأس العالم للأندية ضد باريس سان جيرمان، والتي ستبعده لأشهر عن الملاعب. وسيدخل بايرن ميونخ هذه المباراة بدافعٍ كبير للفوز بلقب كأس السوبر، الذي يحمل هذا العام اسم "فرانز بيكنباور" تكريماً لأسطورة النادي البافاري الراحل. وـخر لقب له في هذه المسابقة يعود إلى عام 2022، وكان لقبه العاشر، في حين فاز نادي شتوتغارت باللقب مرة واحدة في عام 1992. تحرير: و.ب


DW
منذ يوم واحد
- DW
أزمة السكك الحديدية .. حكومة ألمانيا تطيح برئيس "دويتشه بان" – DW – 2025/8/14
بعد سنوات من الانتقادات الموجهة للشركة بسبب تأخر القطارات واضطراب خدماتها، أقالت الحكومة الرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان"، التي توظف نحو ربع مليون موظف وتسجل خسائر بالمليارات. أقالت الحكومة الألمانية اليوم الخميس (14 أغسطس/ آب 2025) ريشارد لوتس، الرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان"، بعد سنوات من الانتقادات الموجهة للشركة بسبب تأخر القطارات واضطراب خدماتها. وقطاع سكك الحديد الألماني، الذي كان يعد سابقا مثالا للجودة والدقة، تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في واقع يعزوه مراقبون إلى انحسار كبير في الاستثمارات. ويتزايد الضغط السياسي على الحكومة الألمانية لتحديث الشركة وإصلاح بنيتها التحتية المتقادمة، واستعادة موثوقية خطوط القطارات في أكبر اقتصاد بأوروبا. وبات الركاب يشتكون غالبا من تأخير مطوّل للرحلات وإلغاء بعضها في أكبر اقتصاد في أوروبا، إذ شهد ما نسبته 40 بالمئة من خدمات المسافات الطويلة تأخيرا العام الماضي. وأكدت الحكومة في بيان أن ريشارد لوتس، الذي تولى في العام 2017 إدارة المؤسسة المملوكة للدولة، سيغادر منصب الرئيس التنفيذي قبل سنتين من انتهاء عقده في 2027. وقال وزير النقل باتريك شنايدر في مؤتمر صحافي لإعلان مغادرة لوتس منصبه إن "الأوضاع في دويتشه بان (شركة السكك الحديد الألمانية) دراماتيكية، لجهة رضا العملاء ودقة المواعيد والربحية". وشدّد على أن "الشركة يجب أن تصبح أكثر سرعة وأكثر انسيابا وأكثر فاعلية وأكثر توفيرا". وسيبقى لوتس في المنصب إلى حين اختيار خلف له، وأشارت الحكومة إلى أن آلية التوظيف ستفعّل على الفور. ولفت كارل-بيتر ناومان وهو الرئيس الفخري لرابطة ركاب النقل العام "برو بان" إلى أن تغيير الرئيس التنفيذي لن يحل مشاكل "دويتشه بان". وقال في تصريح لوكالة فرانس برس إن الأوضاع لن تتغيّر إلا إذا تحسّنت الخطط وازدادت الميزانية. وتابع "كل وزراء النقل السابقين فشلوا إلى حد ما وساهموا بشكل كبير في ما آلت إليه السكك الحديدية اليوم". وكان شنايدر قد ندّد علنا في وقت سابق من الشهر الحالي بانعدام دقة مواعيد رحلات القطارات، وأشار إلى أنه بصدد درس إجراء تغييرات على صعيد الطواقم. وكان عمّال السكك الحديدية الذين توظّف "دويتشه بان" نحو 220 ألفا منهم، قد وجّهوا انتقادات للوتس، وفي يوليو/ تموز دعت نقابة سائقي القطارات إلى إقالته. وقال وزير النقل إنه سيعرض خطّة مفصّلة لإصلاح الشبكة في أواخر سبتمبر/ أيلول. وتعد شركة السكك الحديدية الألمانية من أكبر جهات التوظيف في البلاد، حيث يعمل بها حوالي 220 ألف موظف، وكانت قد باشرت أعمال تجديد أقسام من الشبكة، لكن إنجاز الخطة قد يستغرق سنوات. وتعاني الشركة تراجعا في الأرباح منذ سنوات وهي مثقلة بديون تتخطّى 20 مليار يورو. تحرير: صلاح شرارة


DW
منذ 4 أيام
- DW
أموال طائلة.. هل تصبح تركيا مثل السعودية في عالم كرة القدم؟ – DW – 2025/8/12
المبالغ الهائلة التي تدفعها أندية كرة القدم التركية الكبرى في سوق الانتقالات تجعل البعض يُقارنها بسوق الانتقالات في السعودية. لكن ماذا وراء هذا الإنفاق الضخم؟ وما الفارق بين أندية تركيا والأندية السعودية؟ بعد أن كان يُنظر إليه سابقًا على أنه مكانٌ مثاليٌّ لانتقال النجوم المسنين في نهاية مسيرتهم الكروية، يبرز الدوري التركي الممتاز "السوبر ليغ" كلاعبٍ جادٍّ في سوق الانتقالات، حتى أنه يُنافس السعودية، تلك القوةً الماليةً الكرويةً الضخمة في السنوات الأخيرة. تقدم أندية إسطنبول الثلاثة الكبرى - غلطة سراي، فنربخشة، وبشكتاش – مبالغ تُتيح لها استقطاب نجومٍ عالميين مثل فيكتور أوسيمين، وليروي ساني، وجون دوران. غلطة سراي، بطل الدوري التركي، الذي كان لديه أوسيمين على سبيل الإعارة الموسم الماضي، وافق الآن على دفع 75 مليون يورو (87 مليون دولار) لنابولي مقابل انتقال المهاجم النيجيري بشكل دائم للفريق. وهذه ليست فقط أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم التركية، ولكنها أيضًا ثالث أغلى صفقة في نافذة الانتقالات الحالية على مستوى العالم. سيدفع غلطة سراي لأوسيمين راتبًا سنويًا صافيًا قدره 21 مليون يورو، بينما سيكسب ليروي ساني الدولي الألماني، الذي تم التعاقد معه مؤخرًا من بايرن ميونيخ، 12 مليون يورو سنويًا. يقال إن مهاجم فنربخشة الجديد، جون دوران، المعار من نادي النصر السعودي، سيتقاضى قرابة 20 مليون يورو سنويًا. ويُقال إن زميله السابق أندرسون تاليسكا، الذي انضم إلى فنربخشة قادمًا من النصر في يناير، يتقاضى 15 مليون يورو سنويًا. لكن أندية غلطة سراي وفنربخشة وبشكتاش تُنفق ببذخ على صفقات قياسية رغم ديونها المرتفعة ووجودها في بلد يعاني اقتصاديًا. ويُعتقد أن إجمالي ديون الثلاثي ومعهم طرابزون سبور - الذي يُعتبر رابع أكبر نادٍ في تركيا- تتجاوز مليار يورو، حيث أن إيراداتهم لم تعد تغطي نفقاتهم منذ مدة طويلة. يعتقد البعض أن الحكومة تدعم ضمنيًا زيادة الإنفاق، حيث أن التعاقدات رفيعة المستوى في هذا البلد المهووس بكرة القدم تصرف الأنظار عن مشاكل مثل ارتفاع التضخم والبطالة. وقال الكاتب الرياضي أونور أوزغن لـ DW: "يمكن تفسير غض الطرف عن ضجة الانتقالات على أنها جزء من محاولة لتشتيت انتباه الجماهير خلال أزمة اقتصادية، وتهدئة الغضب العام، والسيطرة على الأندية وجماهيرها". وأضاف أوزغن، الذي يكتب في صحيفة بيرغون، إحدى الصحف المعارضة القليلة المتبقية في تركيا: "نعيش في ظل نسخة محلية من سياسة الخبز والسيرك". ويذكر أن "الخبز والسيرك" أو باللاتينية "panem et circenses"، هو مصطلح يعود لعصر الرومان، عندما كان الحكام يوفرون الطعام والترفيه لعامة الشعب حتى لا يهتموا بالشأن العام. وأوزغن ليس هو الوحيد في هذا التقييم للوضع في الكرة التركية. فخبير اقتصاد كرة القدم، توغرول أكسار، قال هو أيضا لـ DW: "كرة القدم تهيمن على أجندة المجتمعات الفقيرة". وأوضح مؤسس موقع الموقع الإلكتروني الوحيد في تركيا المخصص لتغطية أخبار كرة القدم التجارية: "الأشخاص الذين لا يستطيعون حتى شراء لقمة العيش يتابعون أخبار الانتقالات طوال اليوم". ونتيجة لذلك، يركز معظم المشجعين على التعاقدات الكبيرة، وليس على العبء المالي المرتبط بها. وقال محمد، وهو أحد مشجعي فريق غلطة سراي، لـ DW: "هناك منافسة شرسة بيننا وبين غريمنا اللدود فنربخشة في الدوري التركي. يجب أن نحافظ على تفوقنا مهما كلف الأمر - بل نحتاج إلى توسيع الفارق". وأضاف: "التعاقدات الكبيرة تمنحنا أيضًا أفضلية نفسية على منافسينا". يدعم أكثر من 90 بالمئة من مشجعي كرة القدم الأتراك أحد الأندية الثلاثة الكبرى، مما يمنحها نفوذًا سياسيًا هائلًا. وتمثل قواعدها الجماهيرية الواسعة "بنكًا انتخابيًا" قويًا غالبًا ما تسعى الحكومات إلى كسبه، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان. في السنوات الأخيرة، تلقت الأندية الثلاثة دعمًا حكوميًا كبيرًا في جهودها لزيادة إيراداتها. وبدعم من مجلس أسواق رأس المال التركي - التابع لوزارة الخزانة والمالية - أصدرت هذه الأندية مرارًا وتكرارًا أسهمًا جديدة لجمع رأس المال من المستثمرين. وفي غضون ذلك، أُعيدت هيكلة ديونها من خلال اتفاقيات قروض مع البنوك الحكومية. وقال أحمد طاليمجيلر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة باكيركاي في إزمير، لـ DW: "لطالما ارتبطت الأندية الكبرى في تركيا بعلاقات وثيقة مع الدولة". وأضاف: "نظرًا لإلغاء أو إعفائها من ديونها بشكل دوري، فإنها تواصل إبرام صفقات باهظة الثمن دون تردد". في عام 2022، أصدرت الحكومة قانونًا قالت إنه يهدف إلى منع الاقتراض المتهور من قبل الأندية. وينص هذا القانون على عقوبات صارمة، بما في ذلك بنود تسمح بعقوبات سجن للمسؤولين، الذين يدفعون أنديتهم إلى الديون. ومع ذلك، فإن القانون، الذي يسمح للأندية باقتراض ما يصل إلى 10بالمئة فقط من إجمالي إيراداتها للعام السابق، لم يُطبّق قط. ويعتقد كثيرون أن الحزب الحاكم يستخدم هذا القانون كعصا ضد أندية كرة القدم ومجموعات المشجعين للسيطرة عليها. في الماضي، كانت مجموعات المشجعين تنزل إلى الشوارع بشكل متكرر خلال الاحتجاجات ضد حكومة أردوغان، وخاصة مظاهرات غيزي بارك عام 2013. وحتى وقت قريب، كانت الملاعب من بين الأماكن القليلة، التي يمكن للجماهير فيها التعبير عن معارضتهم علانية. مع ذلك، لم تُسمع أي هتافات معارضة في الملاعب منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو، المرشح الرئاسي لحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، في مارس/آذار. كما غابت مجموعات المشجعين بشكل ملحوظ عن احتجاجات الشوارع المستمرة التي أشعلها اعتقال إمام أوغلو. ووفقًا للنائب مصطفى أديغوزيل، عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، فإن هذا ليس صدفة. وصرح لـ DW أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يبدو أنه أبرم صفقة مع الأندية الثلاثة الكبرى، حيث وافقوا على إبقاء روابط مشجعيهم منضبطة مقابل غض الحكومة الطرف عن الإنفاق على اللاعبين. وقال أديغوزيل لـ DW: "الحكومة، التي تستخدم تدقيق حسابات الأندية كآلية للمكافأة والعقاب، تُكلف إدارات الأندية فعليًا بمهمة التحكم في المدرجات". ووفقًا لأوزغين، فإن "العصا" الحكومية لا تُبقي إدارات الأندية منضبطة فحسب، بل تدفع المشجعين أيضًا إلى الرقابة الذاتية. وأشار إلى نظام التذاكر الإلكتروني الإلزامي "باسوليغ" وكاميرات الملاعب تُستخدم كأدوات لخلق "مدرجات خالية من السياسة". يعتقد الخبير الاقتصادي أكسار أنه في حال تطبيق القانون، سيواجه العديد من مسؤولي الأندية إجراءات قانونية، لكن الاقتراض المفرط مسموح به عمدًا. وقال: "تُغرق الأندية الكبرى في الديون لضمان امتثالها للحكومة". ولم تُجب وزارة الرياضة التركية بعد على استفسار من DW حول كيفية تمكن الأندية من مواصلة الاقتراض رغم القانون الذي يهدف إلى الحد من هذه الممارسة. يرى أوزغن أن الأندية الثلاثة الكبرى تسعى جاهدةً لتحقيق حلمها بأن تصبح "السعودية الأوروبية"، لكنه يُحاجج بأن هذا ببساطة غير قابل للاستمرار على المدى الطويل. وقال: "لا توجد عائدات نفطية، فقط ديون وفواتير رواتب متضخمة. الفجوة بين الدخل والإنفاق هائلة". وأضاف: "إيرادات البث تتقلص فعليًا، ودخل أيام المباريات والترويج محدود. تنفق الأندية بالدولار أو اليورو، لكنها تكسب بالليرة التركية، وتخسر مكانتها مع كل فترة انتقالات". كما يُشير إلى فرق رئيسي بين السعودية والثلاثة الكبار بتركيا، وقال: "تتبع السعودية استراتيجية تمولها الدولة. أما الأندية التركية، فلديها علاقات وثيقة بالسلطة السياسية، لكنها لا تملك الموارد المالية نفسها". نقله للعربية: صلاح شرارة / تحرير: عارف جابو