
كيف تدخّلت الحكومة السورية لمحاصرة أزمة السويداء؟
نجحت الدولة السورية في قطع شوط "لا بأس به" ببناء علاقات مع بعض الفصائل في السويداء بينما تمنعت أخرى، وانتهى الأمر إلى اشتباكات بين عدد منها، مما دعا الدولة إلى التدخل السريع لفضّ الاشتباكات وفرض سيطرتها على المحافظة وسط مقاومة من بعض الفصائل على رأسها "المجلس العسكري في السويداء" والعناصر الذين يقودهم شيخ العقل حكمت الهجري.
يُشار إلى أنه في اتصال مباشر مع مدير مكتب شيخ العقل حكمت الهجري، رفض إعطاء تصريح للجزيرة نت.
حل سلمي
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا -في حديث خاص للجزيرة نت- إن "الهجري هو من يغلق أي باب للحوار أو الحلول السلمية، على عكس الدولة التي كانت تسعى منذ 7 أشهر لأي حل سلمي يحمي المواطنين المدنيين في السويداء ويوفر الدماء على جميع الأطراف".
وأضاف أن الدولة هي "الملاذ الآمن لكل المواطنين السوريين، هي دائما تغلّب لغة الحوار والحكمة في الحلول، ولكن إن اضطرت لاستخدام الحسم، فسيكون هذا الخيار موجودا".
ولفت البابا إلى أن بقاء قوات الجيش والأمن في السويداء مرتبط بعودة الحياة الطبيعة للسكان في جميع مناطقها، وأن الدولة "ليس لها أي نية لإلحاق الضرر بأهل السويداء، بل على العكس تماما هدفها حماية المدنيين وطمأنتهم، وأن تسير المحافظة بما يليق بها من مسار وطني مع الدولة السورية".
بدوره، قال أسعد الفارس، وهو أحد منسقي مظاهرات ساحة الكرامة في السويداء، للجزيرة نت، إن التيار الوطني في السويداء منذ أول لحظة بعد سقوط النظام السابق طالب الدولة بفرض سيطرتها على المحافظة "للتخلص من المليشيات والعصابات التي تتبع النظام البائد وتمتهن تجارة المخدرات".
تجاوزات
وتأسّف الفارس لما حدث من "تجاوزات" قال إنها "من قبل بعض العناصر ممن دخلوا إلى السويداء دون معرفة الجهات التي يتبعونها، والذين قاموا بإحداث بعض الأضرار بالممتلكات الخاصة وبتجاوزات بحق أشخاص من المحافظة".
وأضاف أنهم في التيارين الوطني والمدني كلهم مع بسط الأمن والأمان من قبل الدولة، ويطالبون منذ سقوط النظام السابق بدخول الدولة السورية، "كنا نحارب شيخ العقل حكمت الهجري داخليا رغم كل التهديدات التي كانت تصلنا من قبل التابعين له".
وحسب الفارس، فإن "موقف الهجري متغير وليس ثابتا، فصباحا يوافق على دخول الأمن، وبعد الدخول يتراجع ويعارض ذلك ويطالب بقتالهم"، واعتبر أنه منذ عام 2011 "لا يملك الهجري رؤية سياسية أبدا، وهو من قاد السويداء إلى نقطة ضعيفة وضيقة في تاريخ سوريا ، وأبعدها عن موقعها النضالي والتاريخي وعن مشاركة أخواتها بقية المحافظات في نضالها ووصولها للحرية".
وأضاف "أن الهجري يخاف من دخول الدولة الرسمي إلى السويداء لأن هناك اتفاقا بينه وبين فلول النظام وخاصة تجار السلاح والمخدرات بأن يقدم لهم الحماية وهم يقدمون له الحماية والمال".
أما عن التدخل الإسرائيلي، فقال الفارس إن الدروز ليسوا حلفاء لإسرائيل والعكس كذلك، لأنهم عرب و"إسرائيل هي عدوتهم وحليفة من يحقق لها مصالحها الخاصة فقط". وأكد "أننا في السويداء ضد أي تدخل خارجي إن كان من إسرائيل أو غيرها، وبوصلتنا دمشق ونحن من يبني بلدنا سوريا مع بعضنا البعض من جميع الطوائف والأعراق".
من جانب آخر، قال وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة ، في بيان له، اليوم الثلاثاء، "أصدرنا تعليمات صارمة للقوات الموجودة داخل مدينة السويداء بضرورة تأمين الأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي، وحماية الممتلكات العامة والخاصة من ضعاف النفوس".
وأضاف أن البدء بتسليم أحياء المدينة لقوى الأمن الداخلي سيتم حالما يتم الانتهاء من عمليات التمشيط، لمتابعة ضبط الفوضى وعودة الأهالي لمنازلهم، وإعادة الاستقرار لها.
بدورها، وجّهت وزارة الدفاع نداء -في بيان رسمي لها- إلى كافة الوحدات العاملة داخل مدينة السويداء، أعلنت فيه عن وقف تام لإطلاق النار بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان السويداء، على أن يتم الرد فقط على مصادر النيران والتعامل مع أي استهداف من قبل المجموعات الخارجة عن القانون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 دقائق
- الجزيرة
العشائر تخوض اشتباكات داخل السويداء والداخلية تنفي انتشار عناصرها
نفت وزارة الداخلية السورية، اليوم الجمعة، دخول قوى الأمن إلى محافظة السويداء في حين دخل عدد من مقاتلي العشائر أحياء في مدينة السويداء بعد اشتباكات مع عناصر درزية مسلحة، بحسب مراسل الجزيرة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا "تناقلت بعض الوكالات والقنوات الإعلامية أخبارا غير دقيقة حول دخول قوى الأمن الداخلي إلى محافظة السويداء"، مؤكدا للإخبارية السورية "عدم صدور أي تصريح رسمي بهذا الخصوص، وننفي بشكل قاطع صحة ما نشر، محملين الجهات الإعلامية مسؤولية نقل معلومات غير موثوقة". وأضاف البابا أن قوات وزارة الداخلية في "حالة جاهزية طبيعية دون أي تحرك أو انتشار في المحافظة حتى اللحظة". وقال مصدر أمني سوري، للجزيرة، في وقت سابق إن وزارة الداخلية بدأت بتجهيز قوات من الشرطة للدخول إلى محافظة السويداء، لفرض الاستقرار وحماية المواطنين. وأضاف المصدر نفسه أن هذا الإجراء يأتي بعد مناشدات وُجهت للوزارة، للتدخل واحتواء الموقف في محافظة السويداء، وفرض الأمن والاستقرار. وأفاد مراسل الجزيرة بأن الاشتباكات في السويداء ما زالت مستمرة منذ ساعات الليل، ولم تتوقف في عدد من المحاور، مؤكدا أن الاشتباكات وصلت إلى أحياء السويداء من الجهتين، الشمالية والشمالية الغربية، عقب وصول تعزيزات من العشائر من محافظات سورية أخرى. وكان مقاتلو العشائر بدؤوا هجوما، ودخلوا قرى عدة في ريف السويداء، على خلفية انتهاكات نفذتها فصائل درزية محلية في السويداء بحق سكان المحافظة من البدو، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السورية. وشملت الانتهاكات، وفق الوكالة، إعدامات ميدانية، وحرق منازل، "حدثت بعد انسحاب قوات وزارتي الدفاع والداخلية". تصدّ واتهامات في المقابل، قالت فصائل عسكرية محلية درزية إن هجمات يشنها مقاتلون من عشائر البدو على مدينة السويداء ما تزال مستمرة، مشيرة في بيان لها إلى أنها "تتصدى لتلك الهجمات، وتمنع تقدمها من عدة محاور". واتهمت الفصائل مقاتلي عشائر البدو بتنفيذ عمليات حرق للمنازل ولمحال المدنيين، في ظل صمت مريب وتسهيلات مكشوفة من الحكومة المؤقتة. ووصف رئيس عشائر الجنوب السوري الشيخ راكان الخضير الأوضاع في محافظة السويداء بالصعبة للغاية، وقال إن الحل "هو الإفراج عن المحتجزين، وعودة أبناء العشائر إلى قراهم"، مضيفا أن على الدولة السورية "تحمل مسؤوليتها لحماية كل السوريين من العشائر والدروز"، موضحا أنه إذا "لم تكن الدولة قادرة على ضبط الأمن، فإن العشائر ستتولى الأمر بنفسها". وكانت طائرات مسيرة إسرائيلية شنت فجر اليوم الجمعة غارات استهدفت مواقع داخل محافظة السويداء جنوبي سوريا، بالتزامن مع توغل مقاتلي العشائر وسيطرتهم على قرى في ريف السويداء الغربي، عقب اشتباكات مع مجموعات خارجة عن القانون. تأتي الغارات الإسرائيلية المتواصلة على خلفية إعلان إسرائيل بأنها لن تسمح بمهاجمة الدروز. وأعلنت إسرائيل اليوم الجمعة عن إرسال طرود غذائية ومعدات طبية ومستلزمات إسعافات أولية وأدوية للدروز في السويداء. 600 بين قتيل وجريح وأعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح أن أكثر من 650 شخصا سقطوا بين قتيل وجريح منذ يوم الخميس. وأضاف في منشور عبر منصة "إكس" اليوم الجمعة "مند صباح أمس الخميس تم إسعاف أكثر من 570 جريحا، ونقل 87 من الضحايا الذين قتلوا جراء التصعيد، وتم إجلاء مئات العائلات إلى مناطق أكثر أمانا". وأفاد الصالح "قامت الوزارة بتشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية، والدفاع المدني السوري، ومنظمات محلية إنسانية ومؤسسات خدمية، تعمل على مدار الساعة لتقديم خدمات الإغاثة والإخلاء والإسعاف للمواطنين. في السياق، أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 321 وسقوط 436 جريحا.


الجزيرة
منذ 6 دقائق
- الجزيرة
بيدرسون يطالب إسرائيل بوقف "انتهاكاتها الاستفزازية" في سوريا
طالب المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون إسرائيل بوقف "انتهاكاتها الاستفزازية في سوريا"، فيما أدانت ستيفاني تريمبلاي، نائبة متحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، العنف الذي يواجهه البدو بمحافظة السويداء جنوبي البلاد على يد مجموعات خارجة عن القانون. وأعرب بيدرسون، في اتصال مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ، أمس الخميس، عن قلقه البالغ من "استمرار العنف واستهداف المدنيين"، مشددا على "أولوية الانتقال السياسي الموثوق والمنظم والشامل في البلاد". وحث المبعوث الأممي على ضبط النفس وحماية كل الطوائف وتطبيق المساءلة، داعيا إلى أن يسود الاستقرار والسلم الأهلي مع تجنب الأعمال الانتقامية. وأقدم مسلحون بريف السويداء جنوبي سوريا على تهجير عائلات بدوية وارتكاب انتهاكات بحقهم، وفق الوكالة السورية للأنباء (سانا). وقالت تريمبلاي "ندين بصورة قاطعة جميع أعمال العنف ضد المدنيين، والإعدامات التعسفية، وجميع الإجراءات التي قد تُؤجج التوترات الطائفية أو تحرم الشعب السوري من فرصة السلام والمصالحة بعد سنوات طويلة من الصراع المدمر". هجمات إسرائيل ومن جانب آخر، عبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان فولكر تورك، الجمعة، عن قلقه بشأن تقارير عن سقوط ضحايا مدنيين نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية على السويداء ودرعا ووسط دمشق. وقال إن "هجمات (إسرائيل الجوية) كالتي طالت دمشق الأربعاء تُمثل أخطارا جسيمة على المدنيين والأهداف المدنية"، مشددا على أن "مثل هذه الهجمات يجب أن تتوقف". وفي السياق، طلب تورك التحقيق بسرعة في أعمال العنف التي شهدها جنوب سوريا في الأيام الماضية، وأسفرت عن مقتل زهاء 600 شخص. وقال، في بيان، يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص، وإجراء تحقيقات مستقلة وسريعة وشفافة في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. ونبّه إلى أن "اتخاذ خطوات فورية لتجنب تجدد العنف أمر حيوي"، وأن "الانتقام والثأر ليسا الحل". وأشار تورك استنادا لتقارير موثوقة إلى "انتهاكات وإساءات واسعة النطاق تشمل إعداماتٍ خارج إطار القانون وقتلًا تعسفيًا وخطفًا وتدمير ممتلكات خاصة ونهب منازل". وأضاف "ومن بين مرتكبي هذه الممارسات المحتملين أفراد من القوى الأمنية وآخرون مرتبطون بالسلطات الانتقالية فضلا عن مسلحين آخرين من المنطقة بينهم دروز وبدو". فرصة السوريين ورأى أن سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الثاني، منح الشعب السوري "لحظة أمل بمستقبل أفضل قائم على حقوق الإنسان"، معتبرا أن "من مسؤولية السلطات الانتقالية إثبات أن هذا الفصل سوف يتسم بالحقوق والعدالة والحماية المتساوية للجميع". واندلعت، الأحد الماضي، مواجهات دامية في السويداء بين أطراف بدوية ومجموعات درزية خارجة عن القانون، تدخلت على إثرها قوات حكومية لإعادة الاستقرار إلى المحافظة. وشنت إسرائيل، الأربعاء، تحت ذريعة "حماية الدروز"، غارات مكثفة على 4 محافظات، وقصفت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق. وطالب معظم أعضاء مجلس الأمن الدولي، في جلسة طارئة دعت إليها سوريا، بضرورة وقف إسرائيل اعتداءاتها على البلاد، مشددين على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة وسيادة سوريا. ونددت دول ومنظمات بالعدوان العسكري الإسرائيلي على سوريا، ودعت إلى موقف دولي لوقف اعتداءات إسرائيل المتكررة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
"المدينة الإنسانية" في غزة: ما الهدف من إنشائها؟
في ظل تصاعد الضغوط لإدخال المزيد من المساعدات إلى غزة، يستفيق الفلسطينيون في القطاع على كابوس جديد يحمل اسمًا مضللًا "المدينة الإنسانية". فمنذ إعلان كاتس عن خطته، اتضحت طبيعتها والهدف "الإسرائيلي" منها، إذ إن من يدخل إلى هذه المدينة لن يخرج منها إلى القطاع، إنما إلى خارج حدوده، وهو ما يعني ترحيلًا مباشرًا وخنقًا لما تبقى من الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، ضمن إستراتيجية ممنهجة تستهدف التصفية الصامتة. في هذا السياق، كشف موقع "كاونتر بانش" عن تقرير صادم يسلط الضوء على خطة "إسرائيلية" وُصفت بأنها "الأكثر وقاحة" في مسار الإبادة الجماعية الحديثة، وتقضي بإنشاء ما يسمى "مدينة إنسانية" جنوب قطاع غزة، ولكن خلف هذا الاسم الخادع، تكمن نوايا مرعبة بترحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرًا إلى معسكر اعتقال مقنع، لا يهدف إلى النجاة، بل إلى التمهيد لتطهير عرقي شامل. ونقل التقرير، استنادًا إلى صحيفة "هآرتس"، أن وزير حرب كيان الاحتلال، كاتس، يقترح تهجير نحو 600 ألف فلسطيني إلى منطقة محاطة بالأسوار تُقام على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وتُصنف هذه المدينة بأنها "إنسانية". لكن الخطة تتضمن فرزًا لسكان غزة، وفصل مَن يُشتبه بانتمائهم لحركة المقاومةالإسلامية "حماس"، تمهيدًا لترحيل المدنيين قسرًا إلى خارج القطاع، والاستيلاء على المناطق، ونزع السلاح من قطاع غزة، وتنفيذ خطة التهجتر التي سبق أن عرضها دونالد ترمب. ووفقًا لكاتس أيضًا، يقود نتنياهو محاولات للبحث عن دول تستوعب الغزيين، ومع ذلك، كشف مصدر "إسرائيلي" أن تداعيات الخطة السياسية والقضائية والاقتصادية تجعل تنفيذها صعبًا، وذلك في رأي أكثر من مسؤول مطلع عليها. وأوضح المصدر نفسه أن متخذي قرار هذه الخطة أدركوا أن صعوبتها الرئيسية تكمن في عدم استعداد أي دولة من الدول التي توجهت إليها "إسرائيل" لاستيعاب سكان من غزة. ويحذر "كاونتر بانش" من أن الهدف ليس إعادة توطين السكان، بل محو وجودهم تمامًا من الجغرافيا الفلسطينية، وهو ما يمثل امتدادًا مباشرًا لفكر صهيوني لطالما حلم بالسيطرة الكاملة على غزة دون فلسطينيين، أما من يُحشرون في تلك "المدينة"، فلن يُسمح لهم بمغادرتها ولا بالعودة إلى منازلهم المدمرة، وسيظلون محاصرين في منطقة عسكرية مغلقة تحت التهديد المستمر، إلى حين ترتيب خروجهم النهائي. وتشير الخطة إلى انتهاك صارخ للقانون الدولي، فالترحيل القسري لسكان أرض محتلة يُعد جريمة حرب وتطهيرًا عرقيًا وفقًا لمواثيق الأمم المتحدة، ومع ذلك، يبدو أن كاتس، مدفوعًا بهوس "الحل النهائي"، لا ينوي التراجع، بل أعلن عن بدء البناء خلال فترة وقف إطلاق النار المتوقعة، في إشارة إلى تسريع محموم لفرض واقع جديد قبل أي تسوية محتملة. في العالم العربي، الوضع أشدّ مأساوية، فالأنظمة تمضي قُدمًا نحو التطبيع وعقد الصفقات، بينما يُترك الفلسطينيون فريسة للجوع والموت والتهجير. ويتساءل موقع "كاونتر بانش": أين الخطوط الحمراء التي لطالما لوّحت بها العواصم الرسمية؟ يوجه التقرير اتهامًا مباشرًا إلى المجتمع الدولي، الذي لم يكتفِ بالصمت بل شارك بفاعلية في المذبحة الجارية منذ 20 شهرًا، من خلال الدعم العسكري والغطاء الدبلوماسي. فقد سقط أكثر من 55 ألف شهيد فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، تحت نيران القصف "الإسرائيلي" الذي استهدف المستشفيات والمخابز والمساجد والمدارس ومخيمات اللاجئين. لم يكتفِ الاحتلال بالتدمير، بل استخدم التجويع كسلاح، فمنع وصول المساعدات، وهاجم القوافل الإغاثية، وأنشأ نقاط توزيع للمساعدات سرعان ما تحولت إلى كمائن مميتة، واستكمالًا لهذه الصورة القاتمة، أُنشئت "مؤسسة غزة الإنسانية" بدعم أميركي، تهدف إلى تحويل الإغاثة إلى أداة للضغط والسيطرة، بعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة، ويتساءل التقرير بمرارة: كيف لحكومة قامت على أنقاض المحرقة أن تنشئ اليوم معسكر اعتقال جماعي؟ وكيف تستمر واشنطن في تزويدها بالسلاح، ومنع المساءلة في الأمم المتحدة، ومعاقبة كل من يجرؤ على قول الحقيقة، مثل المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي؟ أما في العالم العربي، فالوضع أشدّ مأساوية، فالأنظمة تمضي قُدمًا نحو التطبيع وعقد الصفقات، بينما يُترك الفلسطينيون فريسة للجوع والموت والتهجير. ويتساءل موقع "كاونتر بانش": أين الغضب العربي؟ وأين الخطوط الحمراء التي لطالما لوّحت بها العواصم الرسمية؟ إذا لم تنهض الأمة العربية والإسلامية والعالم الآن، فلن يكونوا مجرد متفرجين على الإبادة، بل شركاء فيها، فلا وقت للتردد، ولا مكان للحياد على الرغم من الصورة القاتمة، يضيء التقرير بارقة أمل تتمثل في الاجتماع طارئ الذي عقدته "مجموعة لاهاي" يومي 15 و16 يوليو/ تموز في كولومبيا. وهدف هذا الاجتماع إلى دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية. ويدعو الموقع جميع الدول التي تدّعي التزامها بالعدالة إلى الانضمام الفوري لهذه الدعوى، وممارسة ضغط حقيقي لوقف مخطط الاحتلال الكارثي. كما يطالب الموقع أعضاء الكونغرس الأميركي بإعلان موقف واضح وفوري، والكف عن الخطابات المزدوجة وتمويل القنابل التي تهدم المدارس على رؤوس الأطفال والنساء، والتوقف عن الصمت إزاء ارتكاب أبشع المجازر على مرأى ومسمع من العالم. فإذا لم تنهض الأمة العربية والإسلامية والعالم الآن، فلن يكونوا مجرد متفرجين على الإبادة، بل شركاء فيها، فلا وقت للتردد، ولا مكان للحياد.