logo
مسارالنظام العالمي في الرمق الأخير

مسارالنظام العالمي في الرمق الأخير

الرياضمنذ 4 أيام
أسّس النظام العالمي الراهن، الذي نشأ في أعقاب الحرب العالمية (الغربيّة) الثانية، إطارًا عامًا لتنظيم العلاقات الدولية وفقًا لموازين القُوَى ومواثيق المؤسسات الدولية متعددة الأطراف. وقد استند هذا النظام تاريخيًا إلى ركيزتين أساسيتين: الأولى أيديولوجية، تمثلت في الصراع" العقائدي" بين القطبين الأميركي والسوفيتي إبان الحرب الباردة، والثانية مؤسسية، تجسدت في هيئات من قبيل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وصندوق النقد الدُّوَليّ، التي سعت إلى ضبط التفاعلات الدولية بقواعد وتفاهمات تكفل الحد الأدنى من مصالح سائر دول العالم. غير أن هذا النظام، الذي اعتمد عقودًا طويلة على هيمنة غربية بقيادة الولايات المتحدة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، يشهد اليوم لحظاته الأخيرة تحت وطأة التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العميقة، مما يثير تساؤلات مصيرية حول قدرته على البقاء، أو إمكانية ميلاد نظام جديد أكثر تعددية أو ربما أشد فوضوية.
ومن هذا المنطلق تبرز الصين بوصفها قوة عظمى منافسة، لا تصطدم مع الغرب عسكريًا، وإنما تتغلغل فيه وفي العالم اقتصاديًا عبر استراتيجيات بعيدة المدى بتحالفات ومبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق، التي حولت بكين إلى شريك اقتصادي لا بديل سواه عند مئات الدول. وفي المقابل، تجابه واشنطن أزمات داخلية تكشف عن انقسام مجتمعي وسياسي يقيد فاعليتها الدولية، فيما يبدي حلفاؤها التقليديون في أوروبا وآسيا ترددًا متزايدًا في اتباع سياساتها، لا سيما بعد التراجع الأخلاقي والعسكري الأميركي في ملفات مثل فلسطين وأوكرانيا. أما روسيا، فرغم العقوبات الغربية المفروضة عليها، فقد أفلحت في توطيد تحالفاتها مع دول الجَنُوب العالمي، مستثمرة السخط المتنامي من النيوليبرالية الغربية.
وعلى هذا النحو، لم يعد التنافس بين هذه القُوَى محكومًا بقواعد واضحة المعالم كما كان الحال إبان الحرب الباردة، بل صار صراعًا مكشوفًا على النفوذ والمصالح، يُدار في جُلّه عبر حروب بالوكالة وأزمات مصطنعة، مما يزيد من احتمالات انهيار ما تبقى من التوازن الدُّوَليّ الراهن. وفي غمرة هذا التشرذم، تتصاعد الأزمات الإقليمية لتتحول إلى تهديدات كونية. فالصراع الكامن بين الهند وباكستان النوويتين، والتوترات المتجددة مع إيران، والعدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين، جميعها شواهد على أن العالم لم يعد يمتلك آلية فاعلة لدرء الحروب أو حماية المدنيين. ففي غزة، على سبيل المثال المؤلم، تحولت إسرائيل إلى نموذج فاضح للإفلات من العقاب، مدعومة من الغرب ومحمية بفيتو أميركي في مجلس الأمن، فيمَا يقف المجتمع الدُّوَليّ عاجزًا حتى عن إدانة المجازر التي تجاوز ضحاياها ستين ألفًا. كما كشفت الحرب في أوكرانيا هشاشة النظام الأمني الأوروبي، وأظهرت الأزمات في أفريقيا والشرق الأوسط عجز الأمم المتحدة عن تقديم حلول جذرية، بل إنها باتت أحيانًا أداة لإضفاء الشرعية على التدخلات الانتقائية.
ولا تقتصر مظاهر تقوض النظام العالمي على الصراعات المسلحة، بل تمتد إلى الحقل الاقتصادي والأمن الغذائي وملفات إنسانية وتنموية أخرى، حيث تكابد الدول النامية تبعات التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، لتتسع الهوة بين الشمال والجنوب.
وعند هذا المفترق التاريخي يبدو أن العالم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يشهد ميلاد نظام دوليّ جديد أكثر عدالة وتعددية، مؤسس على احترام الحقوق، وإما أن يغرق في فوضى متصاعدة تتحمل الشعوب الضعيفة وزرها. وفي ظل غياب رؤية عالمية إنسانية مشتركة، يظل السؤال الأكثر إلحاحًا: هل بالإمكان إنقاذ ما تبقى من النظام العالمي قبل انهياره التام، أم أن البشرية مقبلة على عهد جديد من الفوضى، حيث لا رابح سوى من يملك القوة لفرض إرادته على الآخرين؟
مسارات
قال ومضى:
إذا غابت الهِمّة... استحال صعود القِمّة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أكد أن خطة العقوبات التجارية الأميركية قد تكون مربحة على المدى القصير لكن لها تبعات سلبية
أكد أن خطة العقوبات التجارية الأميركية قد تكون مربحة على المدى القصير لكن لها تبعات سلبية

العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • العربية

أكد أن خطة العقوبات التجارية الأميركية قد تكون مربحة على المدى القصير لكن لها تبعات سلبية

أكد مستشار تطوير الأعمال وعضو المجلس التجاري العالمي، عبدالله حسام، على الأهمية الكبيرة للقمة الخمسين المرتقبة بين الاتحاد الأوروبي والصين الخميس المقبل، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين الطرفين تجاوز 800 مليار يورو في عام 2024. وشدد حسام، في مقابلة مع "العربية Business"، على أن الصين تعد شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي في قطاعات حيوية، لا سيما في توفير المعادن النادرة، حيث يستورد الاتحاد الأوروبي أكثر من 85% من احتياجاته في التصنيع والتسليح والتكنولوجيا من الصين. وزير الخزانة الأميركي: تمديد مهلة الرسوم على الصين وارد.. واتفاقيات مرتقبة خلال يومين وقال إن العقوبات الأميركية المفروضة على الاتحاد الأوروبي والصين دفعت التكتل الأوروبي للبحث عن بدائل واستقرار في تعاونه التجاري. وتوقع أن تشهد القمة المرتقبة إصدار بيان مشترك للتعاون في ملف المعادن النادرة واستقرار العلاقات التجارية، بدلاً من التوصل إلى اتفاق شامل. ولفت إلى أن الشركات الأميركية المتواجدة في الصين تبحث أيضًا عن بدائل للاستثمار في ظل التعريفات الجمركية التي تفرضها الإدارة الأميركية. وبيّن أن الاتحاد الأوروبي يسعى جاهدًا لإيجاد حلول وسط توازن بين مصالحه مع الولايات المتحدة والصين، مؤكدًا أنه لن يتنازل عن ملف المعادن النادرة الذي يمثل أهمية قصوى لأمنه وتطوره التكنولوجي. وأشار إلى وجود مفاوضات جارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوصل إلى بنود أكثر مرونة في التعاون التجاري، لتجنب الدخول في صراعات قد تؤثر سلبًا على جميع الأطراف. وفي سياق متصل، نوه حسام إلى أن الصين تتجه نحو توسيع استثماراتها وإنشاء مصانع في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، وتشجع على التعامل بالعملات المحلية لتجنب أزمة الدولار. واعتبر أن هذه التوسعات الصينية في قطاعات مثل الأجهزة الكهربائية والسيارات الكهربائية والطاقة النظيفة تهدف إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي وتقليل تكلفة المنتج النهائي على المستهلك. ولفت إلى أن خطة العقوبات التجارية الأميركية قد تكون مربحة على المدى القصير، لكن لها تبعات سلبية بعيدة المدى على الاقتصاد الأميركي، مثل زيادة التضخم وهروب المستثمرين الأجانب. ودعا الإدارة الأميركية إلى التركيز على النقاش والتوصل لحلول وسط لتجنب هذه التداعيات السلبية.

أميركا تهدد بوقف استخدام "تيك توك" إذا لم توافق الصين على بيعه
أميركا تهدد بوقف استخدام "تيك توك" إذا لم توافق الصين على بيعه

العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • العربية

أميركا تهدد بوقف استخدام "تيك توك" إذا لم توافق الصين على بيعه

قال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، إن الولايات المتحدة ستضطر لوقف استخدام "تيك توك" إذا لم توافق بكين على صفقة لبيع تطبيق مشاركة مقاطع الفيديو القصيرة المملوك للصين والذي يستخدمه نحو 170 مليون أميركي. وقال لوتنيك، اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة يجب أن تتحكم في الخوارزمية التي تشغل منصة التواصل الاجتماعي. وأضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي 90 يومًا إلى مهلة محددة لشركة "بايت دانس" للانسحاب من أصول "تيك توك" في الولايات المتحدة، لتمتد المهلة إلى 17 سبتمبر المقبل، وفق وكالة "رويترز". واتخذ ترامب الخطوة على الرغم من وجود قانون صادر عام 2024 ينص على البيع أو الإغلاق بحلول 19 يناير من هذا العام إذا لم يكن هناك تقدم كبير. وقال لوتنيك: "إذا وافق الصينيون على الصفقة، فسيجري إتمامها.. أما إذا لم يوافقوا عليها، فإن تيك توك ستختفي، وهذه القرارات ستأتي قريبًا جدًا". وشهد ربيع هذا العام الإعداد لصفقة كان من شأنها فصل عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة إلى شركة جديدة تتخذ من البلاد مقرًا لها، ويملكها ويديرها مستثمرون أميركيون، وتوقفت الصفقة عندما أشارت الصين إلى أنها لن توافق عليها بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية.

نيجيريا: مقتل 95 عنصراً من قطاع الطرق على يد القوات المسلحة
نيجيريا: مقتل 95 عنصراً من قطاع الطرق على يد القوات المسلحة

الشرق الأوسط

timeمنذ 11 ساعات

  • الشرق الأوسط

نيجيريا: مقتل 95 عنصراً من قطاع الطرق على يد القوات المسلحة

قَتلت القوات النيجيرية ما لا يقل عن 95 عنصراً من عصابة إجرامية مسلحة خلال اشتباكات وغارات جوية في وقت سابق من هذا الأسبوع، وفق تقرير ميداني لخبراء يعملون مع الأمم المتحدة، واطّلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية» الخميس. يلوّح مؤيدون بأعلام النيجر خلال تجمعهم دعماً للمجلس العسكري في النيجر أمام الجمعية الوطنية في نيامي - 30 يوليو 2023 (أ.ف.ب) وتنشط في المناطق الريفية النيجيرية عصابات مسلحة تُعرف باسم «قطاع الطرق»، وقد عززت وجودها فيها بسبب الفقر والإهمال الحكومي. وتقوم هذه العصابات بمهاجمة القرى ونهبها وحرقها وتفرض «ضرائب» على السكان، كما تقوم بعمليات اختطاف في مقابل الحصول على فدية. وأحبطت القوات الجوية والبرية النيجيرية الثلاثاء، «محاولة هجوم شنتها عصابة من قطاع الطرق، من خلال تنفيذ غارات جوية واشتباكات مسلحة»، في ولاية نيجر بشمال غربي البلاد، وفقاً لتقرير صادر عن مرصد خاص يراقب النزاعات. وقتل ما لا يقل عن «95 شخصاً من قطاع الطرق» خلال الاشتباك الذي وقع بالقرب من قريتي وراري وراغادا في منطقة ريجاو، وفقاً للتقرير نفسه. وأصدرت القوات المسلحة النيجيرية من جهتها، بياناً الأربعاء حول الاشتباك، جاء فيه أن القوات «اشتبكت مع إرهابيين في معركة مسلحة، وتمكنت من تصفية عدد منهم». حرس عسكري من قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات (MNJTF) يرافق حفارة تحفر خنادق يمر عبر نقطة تفتيش عند مدخل مونغونو - ولاية بورنو - نيجيريا - 4 يوليو 2025 (أ.ف.ب) وقتل جندي واحد خلال العملية، بحسب البيان. يأتي هذا الهجوم بعد سلسلة معارك خاضها الجيش النيجيري، وكان أكثر تحفظاً بشأن المكاسب التي حققها خلالها. وكان في السابق يميل إلى الإعلان السريع عن انتصاراته، وأحياناً يبالغ في تقديرها. وقال مصدر استخباراتي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الجيش غيّر استراتيجيته بعدما أدرك أن نشر تفاصيل عملياته كان يُتيح للجهاديين وقطاع الطرق البقاء على اطلاع مستمر بتحركاته. ولم يصدر عن الجيش أي تعليق رداً على طلب للتوضيح. اتساع رقعة النزاع ويقيم كثير من عصابات قطاع الطرق في نيجيريا معسكرات داخل غابة شاسعة تمتد عبر ولايات زمفارا وكاتسينا وكادونا والنيجر، في منطقة تشهد اضطرابات تحولت من نزاعات بين الرعاة والمزارعين حول الأرض والموارد، إلى صراع أوسع يغذيه انتشار الاتجار بالأسلحة. وانتشر العنف في السنوات الأخيرة من معقله بالشمال الغربي، حيث يشير المحللون إلى أن الجيش أحرز بعض المكاسب أخيراً، إلى وسط نيجيريا الشمالي، حيث يرى المراقبون أن الوضع يتفاقم. وأدى تزايد التعاون بين العصابات الإجرامية التي تحركها بشكل رئيسي المكاسب المالية، والجهاديين الذين يخوضون تمرداً مسلحاً منفصلاً منذ 16 عاماً في الشمال الشرقي، إلى تفاقم الهجمات. ولا يزال الجيش على الرغم من المكاسب الأخيرة التي حققها في الشمال الغربي، يقاتل على جبهات عدة. ويقول محللون إن التعاون بين الجيش والقوات الجوية ساعد في عمليات القتال، إلا أن الغارات الجوية أسفرت أيضاً عن مقتل مئات المدنيين. وبين عامي 2018 و2023، تجاوز عدد القتلى جراء هجمات قطاع الطرق عدد ضحايا الجماعات الجهادية، وفقاً لأرقام منظمة «أكليد» (ACLED). وفي الأسبوع الماضي، جمع قطاع طرق على دراجات نارية مجموعة من المزارعين العاملين في حقولهم خارج قرية جانجيبي بولاية زمفارا، وقتلوا 9 منهم وخطفوا نحو 15 آخرين، حسبما أفاد سكان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وفي وقت سابق من هذا الشهر، قتل جنود نيجيريون ما لا يقل عن 150 عضواً من عصابة إجرامية في كمين بولاية كبي شمال غربي البلاد، حسبما أفاد مسؤول محلي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store