
حرب إيران: زلزال جيوسياسي يعري أزمة واشنطن ويعجل بنهاية الهيمنة الأحادية
علي بلحسن في فجر يوم أحد متوتر قصفت الطائرات الأمريكية منشآت نووية إيرانية في خطوة عسكرية هزت أكثر من مجرد بنيات تحتية. فالضربة التي وصفها مراقبون بأنها هروب إلى الأمام من قبل إدارة أمريكية مأزومة، كشفت عمق التحولات الجارية في النظام العالمي، وعرت أزمات بنيوية تضرب الداخل الأمريكي. ليست الصواريخ التي انطلقت نحو إيران سوى امتداد لأزمة تخنق الإقتصاد الأمريكي: دين عام بلغ 34 ترليون دولار، وتضخم يتجاوز 62 ٪، وعجز في الميزانية يقدر ب 1,9 تريليون دولار، كما أن تكاليف خدمة الدين تلتهم 35 ٪ من الإيرادات الضريبية فيما تلقي واشنطن بظل قوتها العسكرية على العالم، تظهر بنيتها التحتية المتهالكة تراجعا ملحوظا مقارنة بما حققته الصين في مجالات النقل والطاقة والرقمنة. كما أن تزايد عدد الدول المنضمة إلى مجموعة البريكس وتراجع حصة الدولار في الاحتياطات العالمية إلى 55 ٪ بعد أن كانت 71 ٪ عام 2000 ، وتهافت سياسة الرئيس الأمريكي في اتخاذ عدد من القرارات المتهورة من قبيل رفع الرسوم الجمركية وغيرها، وتصويت 153 دولة في الأمم المتحدة لإدانة السلوك الأمريكي، وتهديد إيران بغلق مضيق هرمز… كلها مؤشرات تدل على تحول جيوسياسي حقيقي لا يمكن إنكاره. في ظل هذا المشهد تبدو الضربة الأمريكية محاولة يائسة لإبطاء عقارب ساعة التحول العالمي . فروسيا والصين تتحركان بحذر محسوب: الأولى تتجنب مواجهة مباشرة مع الناتو، والثانية حريصة على تجنب أي تصعيد يهدد مشروع الحزام والطريق. لكن رغم هذا الحذر تميل التوازنات الدولية تدريجيا لصالح قوى الشرق . وقد أبان هذا العدوان عن صمود إيران وتماسك جبهتها الداخلية واقتدارها العسكري والعلمي وهو ما فاق كل التوقعات سواء من الأصدقاء أو الأعداء. هذا الصمود أتاح لروسيا والصين مساحة دبلوماسية أوسع للترافع على المشروعية الدولية وعزل أمريكا في المنتظم الأممي . لقد انكشف تراجع قدرة أمريكا على الاستمرار في لعب دور شرطي العالم الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الساحة الدولية ويطيح بالأنظمة متى شاءت ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي. ورغم هذه المؤشرات يحذر الخبراء من المبالغة في الحديث عن انهيار وشيك للنظام العالمي القائم، فالدولار ما زال يسيطر على85 ٪ من تداولات العملات العالمية، ونظام 'سويفت' يحتفظ بقوته بوصفه شبكة مالية يصعب استبدالها سريعا. فالتحول إذن سيكون تدريجيا وقد يستغرق عقدا أو أكثر. إن التدخل العسكري الأمريكي في الحرب ضد إيران قد يتحول من مجرد ضربة عسكرية محدودة إلى مستنقع استراتيجي طويل الأمد، وبمثابة جرس إنذار لنظام دولي يتحول، ولإمبراطورية تواجه مفترق الطرق. فالعدوان الصهيوني- الأمريكي سيشكل منعطفا استراتيجيا في العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، مرورا بالحرب الباردة والنظام العالمي الجديد. لقد تلقت إسرائيل حليفة أمريكا، لأول مرة في تاريخها ضربات موجعة ومدمرة وفضحت كل الأوهام التي تقول بأنها أعظم قوة في المنطقة تكنولوجيا وعسكريا، وأنه ليس هناك قوة في المنطقة قادرة على مواجهتها وهزيمتها. وتبين بالملوس ان الكيان أداة وضيفية للولايات المتحدة والغرب عموما لم يعد السؤال اليوم ' من سينتصر'، بل هل تستطيع واشنطن إدارة تراجعها بحكمة؟ لقد نجحت بريطانيا في القرن العشرين في الحفاظ على مكانتها عبر تقبل التراجع بصبر ودهاء، بينما سقطت إمبراطوريات أخرى بسبب الإنكار والمغامرة.
وفي هذا السياق، فد لا تكون الضربة على إيران مجرد عمل عسكري، بل إنذار لإمبراطورية عند مفترق الطرق. فبينما تواجه واشنطن تحدي إدارة تراجعها، قد تخرج إيران أقوى من ذي قبل. وحسب صحيفة 'بوليتيكو' فإن استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها بل عزز خيار استئناف برنامجها النووي، وربما تعجل بقرارها السياسي نحو تصنيع السلاح النووي. وقد تشكل مع الصين وروسيا محورا جديدا يسرع تشكل النظام العالمي المتعدد الأقطاب، ويضع حدا للهيمنة الغربية الأمريكية في إطار القطبية الأحادية بعد انهيار القطب السوفياتي وظهور النظام العالمي الجديد أواخر القرن الماضي. وهو التحول الذي نعيشه اليوم كمخاض عسير لتاريخ جديد، لم تتضح بعد ملامحه النهائية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عبّر
منذ 32 دقائق
- عبّر
البنك الدولي يوافق على تمويل إعادة إعمار لبنان بـ 250 مليون دولار
أعلن البنك الدولي الأربعاء الموافقة على تمويل بقيمة 250 مليون دولار لدعم جهود لبنان في ترميم وإعادة إعمار البنى التحتية في المناطق المتضررة جراء الحرب الأخيرة بين حزب الله واسرائيل. ويهدف مشروع المساعدة الطارئة للبنان إلى تعزيز الأثر الاقتصادي والاجتماعي لعملية إعادة الإعمار بأسرع وتيرة ممكنة، عبر ترتيب الأولويات وتحديد تسلسلها الزمني، وذلك باعتماد نهج تدريجي للاستجابة والتعافي، وفق بيان للبنك الدولي. وكان التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الناجمة عن آثار الصراع، الذي أجراه البنك الدولي خلال الفترة من 8 أكتوبر 2023 إلى 20 دجنبر 2024، قد أظهر أن إجمالي الأضرار المباشرة في 10 قطاعات رئيسية بلغ نحو 7.2 مليار دولار، في حين قدرت احتياجات التعافي وإعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار أميركي. كما قدرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق الحيوية -التي تمثل ركائز أساسية للنشاط الاقتصادي، وصحة وسلامة المجتمعات المحلية، بنحو 1.1 مليار دولار، شملت قطاعات النقل، والمياه، والطاقة، والخدمات البلدية، والتعليم، والرعاية الصحية. وقال المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه إنه 'نظرا إلى ضخامة حاجات إعادة الإعمار التي يواجهها لبنان ، صمم هذا المشروع ليكون بمثابة إطار قابل للتوسع، بقيمة تصل إلى مليار دولار، مع مساهمة أولية قدرها 250 مليون دولار من البنك الدولي'. وأضاف: 'يقدم هذا الإطار أداة موثوقة تتيح لشركاء التنمية تنسيق دعمهم، بالتوازي مع استمرار التقدم في أجندة الإصلاح الحكومية، بما يسهم في تعزيز الأثر الجماعي لجهود التعافي وإعادة الإعمار في لبنان على المدى الطويل'. وتشكل إعادة الإعمار أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة اللبنانية. وتعول بيروت على دعم خارجي خصوصا من دول الخليج للحصول على مساعدات لتمويل إعادة الإعمار والتعافي من الانهيار الاقتصادي.


كش 24
منذ 3 ساعات
- كش 24
الوداد ينهي مشواره في 'الموندياليتو' بهزيمة ثالثة
شهدت بطولة كأس العالم للأندية 2025 قفزة مالية هائلة، ورفع قيمة الجوائز الإجمالية إلى مليار دولار أمريكي، لتصبح البطولة الأغنى في تاريخ كرة القدم من حيث الجوائز المالية. وبحسب ما أعلنه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، تبلغ جائزة البطل 125 مليون دولار، توزع بين مكافآت المشاركة والانتصارات في مختلف الأدوار، حيث يحصل الفريق المتوج باللقب على: (85 مليون دولار مقابل المشاركة والأداء، 40 مليون دولار للفوز في النهائي). كما تمنح الفرق مبالغ مالية عن كل فوز أو تعادل بدءا من دور المجموعات وحتى المباراة النهائية، ما يجعل الأداء داخل البطولة عنصرا أساسيا في زيادة الأرباح. مكافأة المشاركة حسب القارات: القارة مكافأة المشاركة (دولار أمريكي) أوروبا من 12.81 إلى 38.19 مليون (حسب تقييم الفيفا) أمريكا الجنوبية 15.21 مليون أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي 9.55 مليون آسيا 9.55 مليون إفريقيا 9.55 مليون أوقيانوسيا 3.58 مليون الجوائز حسب الأداء في البطولة: المرحلة: الجائزة المالية كل فوز في دور المجموعات: 2 مليون دولار كل تعادل في دور المجموعات: 1 مليون دولار التأهل إلى دور الـ16: 7.5 مليون ربع النهائي: 13.125 مليون نصف النهائي: 21 مليون الوصيف: 30 مليون البطل: 125 مليون مشاركة الوداد المغربي شارك نادي الوداد الرياضي ممثل المغرب وإفريقيا في البطولة، حيث خاض مباراتين في دور المجموعات وخسرهما، مع تبقي مباراة ثالثة له. ورغم غيابه عن الأدوار الإقصائية، ضمن الوداد مكافأة مالية تبلغ: 9.55 مليون دولار كمكافأة مشاركة ومن الممكن أن ترتفع قيمة المكافأة في حال تحقيق نتيجة إيجابية في المباراة المتبقية (1 مليون دولار للتعادل، 2 مليون للفوز). باريس سان جيرمان والصدارة المالية تصدر نادي باريس سان جيرمان قائمة الأندية الأعلى ربحًا في كأس العالم للأندية 2025 حتى الآن، بإجمالي مكافآت بلغت 49.50 مليون دولار، وفقًا لتقديرات "فيفا". وتوزعت هذه القيمة بين مكافأة المشاركة، التي جاءت مرتفعة استنادًا إلى تصنيفه الأوروبي وقيمته التسويقية، بالإضافة إلى مكافآت الأداء في دور المجموعات. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الحصيلة في حال مواصلة الفريق مشواره في الأدوار الإقصائية. جوائز أبرز الأندية المشاركة النادي إجمالي الجوائز ($ مليون) باريس سان جيرمان (فرنسا): 49.50 مانشستر سيتي (إنجلترا): 49.45 بايرن ميونخ (ألمانيا): 49.00 تشيلسي (إنجلترا): 48.69 بنفيكا (البرتغال): 41.31 إنتر (ميامي أمريكا): 21.05 الأهلي (مصر): 11.55 الهلال (السعودية): 11.55 معايير احتساب المكافآت المالية لم يفصح "فيفا" بشكل دقيق عن الآلية الكاملة لتحديد الفروقات في مكافآت الأندية الأوروبية، لكنه أشار إلى عدة معايير منها:طريقة التأهل (بطل قاري أو نقاط تصنيف)، شعبية النادي وقيمته التسويقية، عدد التذاكر المباعة لمبارياته،الأداء في البطولة وتأثيره على تصنيفات الاتحادين الدولي والأوروبي.


عبّر
منذ 3 ساعات
- عبّر
بريطانيا تتخلى عن دعم مشروع 'إكسلينكس' لنقل الطاقة المتجددة من المغرب
في قرار مفاجئ، أعلنت حكومة المملكة المتحدة رفضها دعم مشروع إكسلينكس ' Xlinks First ' الطموح، الذي تبلغ تكلفته 24 مليار جنيه إسترليني (33 مليار دولار أميركي)، والهادف إلى نقل الكهرباء المتجددة من المغرب إلى بريطانيا عبر كابلات بحرية تمتد على مسافة 4000 كيلومتر، وُصفت بأنها ستكون الأطول في العالم. الحكومة البريطانية: مشروع إكسلينكس 'محفوف بالمخاطر ولا يخدم المصلحة الوطنية' في بيان رسمي صدر يوم الخميس، قالت الحكومة البريطانية إن المشروع 'ينطوي على مستوى عالٍ من المخاطر الكامنة والتراكمية'، مشيرة إلى أنه لا يتماشى استراتيجيًا مع سياسة المملكة في تعزيز إنتاج الطاقة محليًا. وأمام البرلمان، صرح وكيل وزارة الطاقة لشؤون أمن الطاقة والانبعاثات الصفرية، مايكل شانكس، قائلاً: 'لا يتوافق المشروع بشكل واضح مع مهمة الحكومة في بناء طاقة محلية هنا في المملكة المتحدة… لذلك، فإن تقديم الدعم ليس في المصلحة الوطنية'. مشروع طموح كان سيزوّد 7 ملايين منزل بالطاقة كان المشروع يهدف إلى تزويد سبعة ملايين منزل بريطاني بالكهرباء النظيفة، من خلال الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في المغرب، مدعومة بنظام تخزين يعتمد على بطاريات ضخمة بقدرة 11.5 غيغاواط. ووفقًا لشركة 'إكسلينكس'، فإن هذا المشروع كان بإمكانه تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي وتعزيز هدف بريطانيا في الوصول إلى شبكة كهرباء خضراء بالكامل بحلول عام 2030. لكن بدون دعم حكومي، وخاصة من خلال ما يُعرف بـ'عقد الفروقات' (CfD) — وهو نظام يضمن سعراً ثابتاً للطاقة ويُستخدم لتشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة — فإن المشروع قد يواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ مرحلته الاستثمارية النهائية. خيبة أمل من المستثمرين.. وبدائل قيد الدراسة رئيس مجلس إدارة 'إكسلينكس'، والرئيس التنفيذي السابق لشركة 'تيسكو'، ديف لويس، أعرب عن دهشته وخيبة أمله من قرار الحكومة، قائلاً: 'نشعر بخيبة أمل شديدة لأن الحكومة تخلّت عن فرصة إطلاق مشروع بهذا الحجم من القيمة البيئية والاقتصادية… نعمل الآن على تقييم خيارات بديلة لتفعيل المشروع وتعظيم إمكاناته'. دعم دولي واسع واستثمارات من شركات طاقة كبرى رغم غياب الدعم البريطاني، فإن مشروع 'إكسلينكس' حظي بدعم استثماري من شركات عملاقة، أبرزها: GE Vernova (استثمرت 10.2 مليون دولار في 2023) توتال إنرجيز الفرنسية Octopus Energy، أكبر مزود طاقة تجزئة في المملكة المتحدة وتدرس 'إكسلينكس' الآن خيارات تمويل من القطاع الخاص، كما تفكر في مسارات بديلة للطاقة قد تربط المغرب بدول أوروبية أخرى مثل ألمانيا، بدلًا من بريطانيا.