
"عدالة مُضللة".. كيف دمرت خوارزميات البريد البريطاني حياة المئات؟
ويترقب الرأي العام البريطاني ما سيكشفه تقرير قضائي مستقل من ملابسات جديدة حول هذه القضية، عقب الإعلان عن أولى نتائجه قبل أيام.
وربطت النتائج الأولية للتحقيقات وقوع 13 حالة انتحار في صفوف موظفي البريد باتهامات باطلة ضدهم بالفساد المالي، تبين لاحقا أنها استندت إلى بيانات رقمية خاطئة.
وأظهرت التحقيقات أن خللا في برنامج تقني تسبب في اختفاء أرصدة مالية من حسابات البريد، في الوقت الذي زعمت إدارة "البريد الملكي" أن ذلك عائد لعمليات احتيال قام بها عدد من الموظفين.
أخطاء غير قابلة للإصلاح
وكان القضاء البريطاني قد وجه بين عامي 1999 و2015 تهما تشمل السرقة والتلاعب في الحسابات لنحو 1000 مدير فرع بريد في بريطانيا ، وحكم على حوالي 236 منهم بالسجن.
واعتمدت مؤسسة البريد لرفع تلك الدعاوى طوال سنوات على بيانات من نظام "هورايزون" الذي كانت تعتمده برمجياتها باعتبارها أدلة دامغة لإدانة المتهمين، وتمسكت بإصرار بأن بياناتها دقيقة وتصلح لرفع قضايا جنائية ضد موظفيها، رغم تنبيهات متكررة بوجود عيوب في النظام التقني.
وعلى مدى عقدين، قاد موظفون متضررون وحقوقيون حملة لكشف زيف تلك التهم، ورفع 555 متضررا بين عامي 2017 و2019 دعوى قضائية جماعية ألغت بعدها المحكمة أواخر عام 2020 الإدانات الموجهة للمتهمين.
وحظي موظفو البريد "المتهمون زورا بالاحتيال المالي" بتعاطف شعبي واسع في بريطانيا عقب عرض قناة "آي تي في" (ITV) العام الماضي فيلما دراميا يصور معاناتهم والمصاعب التي واجهتهم بعد أن قرر القضاء إدانتهم بدعوى أن المعطيات التي قدمتها أجهزة الحاسوب صادرة عن أنظمة تكنولوجية هامش الخطأ فيها منعدم.
وقال رئيس لجنة التحقيق وين وليامز -في كلمة ألقاها عقب نشر التقرير الأول- إن العمال المتضررين عاشوا معاناة إنسانية "كارثية" وضغطا شديدا بسبب الملاحقة القضائية ودُمرت حياتهم ومستقبل أسرهم، ومازالوا يواجهون تأخيرا فادحا في صرف التعويضات التي يطالب بها حوالي 10 آلاف موظف.
أنظمة معصومة من الخطأ
ولم يستبعد المحققون -بحسب الجزء الأول من التقرير- أن يكون مسؤولون في شركة التكنولوجيا "فوجيتسو" اليابانية المصممة لأنظمة "هورايزون" المتسببة في إنتاج البيانات الخاطئة وموظفون آخرون في مؤسسة البريد على علم بثغرات النظام التقني قبل طرحه، لكنهم غضوا الطرف عنها، وأصروا على سلامة البيانات التي أظهرتها البرامج التقنية.
وتعد شركة "فوجيتسو" اليابانية للأنظمة التكنولوجية أحد أهم موردي أنظمة البرمجيات للحكومة البريطانية منذ عقود، وتشير صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى أن الضغط السياسي بسبب فضيحة "مؤسسة البريد الملكي" دفع الحكومة البريطانية إلى استبعاد الشركة من مشاريع حكومية مستقبلية لأتمتة الخدمات العامة.
لكن وسائل إعلام بريطانية أخرى كشفت استمرار الحكومة في منح عقود للشركة، الرائدة أيضا في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي ، بلغ عددها 23 عقدا منذ بداية العام الماضي ومن ضمنها تمديد اتفاقية مع مكتب البريد نفسه بقيمة 63 مليون جنيه إسترليني.
وتعيد هذه القضية الجدل بشأن مخاطر التعامل مع البيانات الضخمة التي تنتجها الأنظمة الرقمية، والنظر إليها كمعطيات محايدة لا تخطئ واستخدامها أدلة قطعية لإدانة المؤسسات والأفراد، في وقت يتم فيه الاعتماد بشكل متزايد على تلك البرامج التقنية لتحديث الخدمات العامة في بريطانيا.
ولم يستبعد أمير النمرات رئيس مركز الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي بجامعة شرق لندن أن تكون الشركات الموردة لهذه الأنظمة على علم بالعيوب التي تشوبها ولكن بدافع المنافسة التجارية تغض الطرف عنها، محذرا من أن هذه الحوادث قد تتكرر في المستقبل مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لإدارة المؤسسات الحكومية في بريطانيا.
ويشدد النمرات -في حديث للجزيرة نت- على أن هذه القضية تنبه إلى أن الأنظمة التقنية يمكن أن تتسبب في أخطاء فادحة، وأن البرامج التي تصدر قرارات آلية قد تؤثر في مصير آلاف الأفراد لابد من ضمان شفافيتها وطرقها لمحاسبة الجهات المسؤولة عن تطويرها.
رقمنة خطرة
ورغم أن قضية البريد الملكي تعود إلى مطلع الألفية، إلا أن تداعياتها -التي بلغت حد انتحار بعض المتهمين بسبب الضغوط التي تعرضوا لها- تسلط الضوء مجددا على قضايا مشابهة تسببت فيها رداءة جودة البيانات لدى المصالح الحكومية وتحيزها في خروقات قانونية كحرمان مستحقين من الإعانات الاجتماعية، أو تصنيف أشخاص على أنهم يشكلون خطرا على الأمن العام، وفتح تحقيقات خاطئة ضدهم.
وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) قد طالبت -في فبراير/شباط الماضي- الشرطة البريطانية بوقف استخدام الخوارزميات وأنظمة التنبؤ بمكان حدوث الجرائم واستهداف المجرمين المحتملين، بعد ثبوت اعتمادها على بيانات غير عادلة تستهدف بالأساس المهمشين والفقراء، محذرة من أن تلك الأنظمة التكنولوجية قد تتسبب في أضرار جسيمة ضد تلك الفئات.
وترى لي داناسيك، الباحثة في مختبر "عدالة البيانات "بجامعة كارديف البريطانية، أن القرارات الآلية يجب عدم الوثوق بها لأنها مبنية على منظومات خوارزمية عبارة عن "علب سوداء" يصعب معرفة الأسس التي تتخذ على أساسها قرارتها وحساباتها، مشددة على ضرورة إخضاعها للرقابة البشرية والتدقيق في النتائج التي تقدمها.
وتحذر الباحثة من الاعتماد الكلي على البيانات الضخمة وخوارزميات أنظمة الذكاء الاصطناعي لأنه في الوقت -الذي تدعي تلك الأنظمة التكنولوجية الحياد والدقة- تتخللها أخطاء وعيوب يمكن أن تترتب عنها نتائج قاتلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
الهجمات السيبرانية بدأت ضد الإيرانيين قبل شهور من الهجوم الإسرائيلي
تعرض أكثر من 20 مواطن إيراني مقيم داخل البلاد وخارجها لهجمات أمنية سيبرانية متطورة وذات أهداف محددة قبل شهور من بدء الحرب الإسرائيلية، وذلك وفق تقرير نشرته "بلومبيرغ". وتوصلت منظمة "ميان" (Miaan Group) لحقوق الإنسان الرقمية إلى عدد من الإيرانيين تلقوا تنبيهات من شركة " آبل" بوجود اختراق في هواتفهم بالنصف الأول من العام الجاري وفق ما جاء في تقرير "بلومبيرغ". وتجدر الإشارة إلى أن هذه التنبيهات التي ترسلها "آبل" لضحايا الهجمات السيبرانية تعد دليلا على وقوع الهجمات، كون الشركة لا ترسلها بشكل عشوائي وتكون مخصصة بشكل واضح كما ذكر التقرير. ويؤمن الباحثون في منظمة "ميان" أنهم لم يتعرفوا إلا على جزء من ضحايا هذا الهجوم السيبراني، وهو ما يعززه اكتشاف مجموعة أخرى من 12 ضحية إضافية اكتشفهم الباحث الأمني حامد كاشفي مؤسس شركة "دارك سيل" (DarkCell) حسب ما جاء في التقرير. وتؤكد "بلومبيرغ" من خلال التقرير أن هذه الواقعة تعد الأولى من نوعها التي تعتمد على أدوات سيبرانية متطورة تستهدف إيرانيين يعيشون داخل وخارج البلاد، وتربط بين الهجمات السيبرانية والعكسرية. وذلك وفق تصريحات منظمة "ميان" التي أكدت أن المجموعة المخترقة تضمنت اثنان من المعارضين إيران داخل البلاد فضلا عن موظف تقني إيراني يعيش في أوروبا، وجميعهم يستخدمون أجهزة "آيفون" واستقبلوا إشعار الاختراق من "آبل". ومن جانبه أكد كاشفي أنه اكتشف 12 من الضحايا يعيشون في إيران ويعملون في القطاع التقني بالبلاد أو القطاع الحكومي الحساس، ولكن رفض كاشفي الكشف عن وظائفهم بدقة خوفا على سلامتهم، وذلك وفق تقرير "بلومبيرغ". وأضاف كاشفي في حديثه مع "بلومبيرغ" أن هذا الهجوم على الأرجح استخدم ثغرة "اليوم صفر" التي لا تطلب أي تفاعل من الضحية مع الهاتف أو رسائل الهجوم، وهي تعد من أكثر الهجمات السيبرانية تعقيدا وأكثرها تكلفة. كما اطلعت "بلومبيرغ" على نسخة من التنبيه الذي يصل إلى مستخدمي "آبل" الذين تعرضوا للاختراق، وهو يؤكد أن الهجمات السيبرانية المماثلة نادرة للغاية وباهظة الثمن وهي على الأرجح موجهة لهذا الشخص تحديدا بسبب مكانته. ولكن لم تنسب "آبل" الهجوم لأي مجموعة أو جهة معروفة، فضلا عن ذلك لم تستطع منظومة "ميان" أو كاشفي بشكل فردي الوصول إلى هواتف الضحايا وتحليلها بشكل ملائم، إذ رفض البعض هذا الأمر مفضلين أن ترسل الهواتف إلى الجهات الإيرانية المعنية وفق ما وضح كاشفي، وإلى جانب ذلك تم اكتشاف بعض الهجمات بعد حدوثها بعدة أشهر؛ وهذا يخفي أي أدلة موجودة في الهاتف.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
كيف استغلت الشرطة البريطانية قانون الإرهاب لقمع التضامن مع فلسطين؟
لندن- منذ أن قررت الحكومة البريطانية حظر حركة " فلسطين أكشن" وتصنيفها منظمة "إرهابية"، تكثف الشرطة مؤخرا ملاحقاتها لنشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية مشهرة في وجههم "قانون الإرهاب"، إذ اتسعت حملة الاعتقالات لتشمل حتى أولئك الذين رفعوا لافتات داعمة ل فلسطين رغم خلوها من أي إشارات إلى المنظمة المحظورة. وحذرت المحكمة العليا البريطانية الشرطة من إساءة استخدام سلطاتها أو تأويل القانون بشكل خاطئ، وذلك بعد أن قدم مدافعون عن الحركة أدلة تظهر لجوء الشرطة إلى هذا القانون لاعتقال متظاهرين بسبب ارتدائهم قمصانا كتب عليها "فلسطين حرة"، أو لرفعهم لافتات تندد بما وصفوه بجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ونهاية الأسبوع الماضي، اعتقل عناصر الشرطة حوالي 100 متظاهر في أنحاء متفرقة من البلاد خلال احتجاجات مناهضة لحظر الحركة ومن ضمنهم مسنون، حيث خرج محتجون مُتحدين قرار الحظر ورفعوا شعارات ولافتات مساندة لحركة "فلسطين أكشن". اعتقالات بالجملة وتكررت تلك المشاهد في ساحات التظاهر البريطانية خلال الأسبوع السابق أيضا حين بادرت الشرطة لاعتقال 72 محتجا على خلفية إبدائهم التضامن مع الحركة، ليبلغ عدد المعتقلين بموجب "قانون الإرهاب" 200 شخص، بينما تواترت تصريحات محتجين آخرين بشأن توقيفهم لمجرد حمل لافتات داعمة لفلسطين أو غزة. وبرزت مخاوف من أن يتحول هذا "التحرك القانوني" إلى استهداف واسع لحركة التضامن مع فلسطين وتجريم للاحتجاج رفضا للإبادة الجماعية في قطاع غزة. وكان التفسير الفضفاض للإرهاب في بريطانيا وسوء تأويل الشرطة لهذا القانون مثار قلق المنظمات الحقوقية على مدى سنوات، إذ دعت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمحكمة البريطانية العليا -في وقت سابق- لمراجعة تعريف الإرهاب الوارد في قانون عام قانون عام 2000. ويؤكد كريس دويل، الناشط البريطاني في حملة التضامن مع فلسطين، للجزيرة نت، أن التظاهر السلمي يعد من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف، مشددا على أن الجدل الدائر حول حظر حركة "فلسطين أكشن" لا ينبغي أن ينعكس سلبا على حرية التعبير، أو يدفع المتظاهرين إلى فرض رقابة ذاتية على آرائهم ومواقفهم. ويرى دويل، ويشغل أيضا منصب رئيس مركز التفاهم العربي البريطاني، أن حكومة حزب العمال تسير في اتجاه مقلق، محذرا من أن إصرارها على التعامل مع خروقات جنائية ارتكبها بعض نشطاء الحركة ضمن إطار قانون الإرهاب، قد يؤدي إلى إرباك تطبيق القانون، ويضيق مساحة الاحتجاج، ويرهق منظومة العدالة نتيجة حملة الاعتقالات الواسعة. ورغم حدة النقد المصوب إليها، تدافع الحكومة البريطانية عن المسار الذي اختارته للتعامل مع هذه الحركة، وتتهمها "بالانحراف عن الاحتجاج السلمي وارتكاب جنح إرهابية". وكانت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر قد أعلنت في 23 يونيو/حزيران الماضي عن قانون لحظر الحركة وافق عليه البرلمان بعد اقتحام ناشطَين قاعدة "برايز نورتون" العسكرية وإلقائهما طلاء أحمر على طائرتين عسكريتين، في حادث وصفه رئيس الوزراء كير ستارمر بـ"المشين". حملة ضغط وقامت الحركة على مدى سنوات بعمليات استهداف شركات الصناعات العسكرية البريطانية، في حملة ضغط على السلطات لوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، وأصبح الآن الانتماء إليها أو التضامن معها محظورا بموجب قانون الإرهاب في بريطانيا، وتصل مدة عقوبته إلى 14 سنة سجنا. وتحاول الحركة إقناع المحكمة بمراجعة قانونية كاملة لقرار حظرها ووضعها على قوائم الإرهاب بعد أن رفضت سابقا طعنا لمنع سريان الحظر مؤقتا رفعته المنظمة قبل ساعات قليلة من دخوله حيز التنفيذ في الخامس من يوليو/تموز الجاري. وتكبدت حركة التضامن مع فلسطين خسارة أخرى قبل أسابيع أمام القضاء البريطاني، إذ لم تمانع المحكمة العليا استمرار توريد أسلحة لإسرائيل، ولم تعارض إمداد جيش الاحتلال بقطع غيار لطائرات " إف-35" التي يعتمد عليها لشن الضربات الجوية ضد قطاع غزة، رغم رفع نشطاء قضية تطالب بوقف تصدير تلك الأسلحة. ويثير تحرك الحكومة البريطانية لحظر "فلسطين أكشن" محاذير بشأن تضييق ممنهج أوسع على جمعيات ومؤسسات أخرى مؤيدة لفلسطين، إذ أشارت صحيفة غارديان إلى إن بنوكا بريطانية جمدت الحسابات المصرفية لمنظمتين متضامنتين مع الفلسطينيين. وكشفت الصحيفة أن كلا من منظمة "أصدقاء مانشستر الكبرى من أجل فلسطين" و"حملة التضامن الأسكتلندية مع فلسطين" جُمدت أرصدتهما، في الوقت الذي تعد فيه الحركتان إحدى الجمعيات النشطة في الحشد لدعم القضية الفلسطينية والاحتجاج ضد السياسات الحكومية الداعمة لإسرائيل. ويشير نهاد خنفر أستاذ القانون في جامعة لندن، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حكومة حزب العمال تخوض هجمة شرسة وحربا معلنة -عبر وزارة الداخلية وشرطة مكافحة الإرهاب وتحت غطاء الادعاء العام البريطاني- على حرية الرأي والتعبير، إذ لم تعد تقتصر الاعتقالات على المتضامنين مع حركة "فلسطين أكشن" المحظورة بل أصبحت تمتد لجمعيات تقدم مساعدات لغزة وأصوات تعارض الإبادة ضد سكانها. سياسات متناقضة وتصر الحكومة البريطانية على أن تلك الخطوة لا تسعى للتضييق على حركة الاحتجاج الفلسطينية، إذ قال وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في وقت سابق أمام البرلمان إن الحظر "لا يمس بأي شكل حركة الاحتجاج المناهض للسياسات الإسرائيلية وتواصل الحكومة ضمان حق الداعمين لفلسطين في التظاهر". وبينما تصعّد حكومة حزب العمال ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين، اختارت من جديد تشديد الضغط على الحكومة الإسرائيلية بعد إصدارها بيانا موقعا من 28 وزير خارجية دول غربية وأوروبية، في محاولة لحث تل أبيب على الوقف الفوري للحرب على غزة، ولتفاقم حملة التجويع الممنهج ضد سكانها. وفي الوقت الذي فشل فيه الأوروبيون في التوافق قبل أيام على فرض عقوبات على إسرائيل، قادت بريطانيا إصدار البيان غير المسبوق في سياق محاولات الحكومة رفع نبرة التحذير تجاه تل أبيب، إذ هدد وزير الخارجية ديفيد لامي بفرض عقوبات جديدة إذا لم يتم وقف إطلاق النار في القطاع. لكن الناشط دويل يرى أن موقف الحكومة ينبني على تناقض صارخ، إذ تدعي أنها تبذل جهودا لضمان احترام القانون الدولي وتمارس ضغطا على إسرائيل لوقف حرب إبادة جماعية، في حين أنها تضيق الخناق على حركة التضامن مع فلسطين التي لا تطالب سوى بقرارات حكومية منسجمة أيضا مع القانون الدولي الإنساني. من جانبه، يرى خنفر أن وزارة الداخلية تخوض حملة شرسة ضد الحركة التضامنية الفلسطينية في تناقض واضح مع تصريحات وزير الخارجية "التي لم تقدم أي تحرك جدي لمعاقبة إسرائيل".


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
إحالة وزيرة الثقافة الفرنسية وكارلوس غصن للمحاكمة بتهمة الفساد
أحال قضاة تحقيق في باريس -الثلاثاء- وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي والرئيس السابق لمجموعة رينو-نيسان كارلوس غصن إلى المحاكمة بتهم منها الفساد واستغلال النفوذ. وفي لائحة الاتهام الموقعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، طلب مكتب المدعي العام المالي الوطني محاكمة وزيرة الثقافة، تحديدا بتهمة الفساد واستغلال النفوذ السلبي من قِبل شخص يشغل منصبا انتخابيا عاما في منظمة دولية، هي البرلمان الأوروبي. ويتوقع تحديد موعد المحاكمة في جلسة الاستماع الأولى في 29 سبتمبر/أيلول. وكان مكتب المدعي العام الفرنسي للجرائم المالية طلب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 محاكمة داتي، التي من المتوقع على نطاق واسع أن تترشح لمنصب رئيس بلدية باريس في مارس/آذار 2026، ورئيس شركة رينو-نيسان السابق غصن في إطار تحقيق بالفساد. وعمل المحققون على التدقيق في المقابل المادي للاستشارات الذي تلقته داتي من تحالف رينو-نيسان للسيارات، الذي وظفها مستشارة بعد أن استقالت من منصبها وزيرة للعدل عام 2009 للترشح للبرلمان الأوروبي. وتنفي داتي وغصن -الذي يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية- التهم الموجهة إليهما في القضية التي بدأ التحقيق فيها في باريس عام 2019. ويُشتبه في أن تكون داتي -وزيرة العدل في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي – قد تقاضت "بسرية تامة، بل في غياب الشفافية"، وفق التحقيق، مبلغ 900 ألف يورو (نحو مليون و53 ألف دولار) بين عامي 2010 و2012 مقابل خدمات استشارية من دون أن تكون قد عملت فعليا، بناء على اتفاق وقّعته مع شركة "آر إن في بي" (RNVB) التابعة لرينو-نيسان عندما كان غصن رئيسا للمجموعة. وكانت داتي في ذلك الحين محامية وعضوة في البرلمان الأوروبي (2009-2019). ويشتبه بأن الاتفاق مع الشركة كان ستارا لنشاط ضغط في البرلمان الأوروبي، وهو ما يُحظر على النواب القيام به. كما اتهمت تقارير صحفية فرنسية داتي في يونيو/حزيران، بتلقي 299 ألف يورو من مجموعة "جي دي إف سويز" أثناء ولايتها النيابية، من دون أن تصرّح عن مصدر هذه الأموال للبرلمان الأوروبي. ويقيم غصن (71 عاما) حاليا في لبنان ، وصدرت بحقه في أبريل/نيسان 2023 مذكرة توقيف دولية في الملف. وسيحاكم بتهم استغلال النفوذ من قبل رئيس شركة، وإساءة الأمانة، والفساد. وأوقف الرئيس السابق لرينو أواخر 2018 في اليابان حيث كان من المفترض أن يحاكم بتهمة الاحتيال المالي. وقد هرب من اليابان في صندوق على متن طائرة خاصة إلى لبنان أواخر 2019. ولم يغادر غصن لبنان منذ ذلك الحين بسبب نشرة حمراء صادرة عن الشرطة الدولية (الإنتربول) في اليابان.