logo
ماذا نعرف عن تأثير الاستخدام الطويل الأمد لأوزمبيك ومونجارو؟

ماذا نعرف عن تأثير الاستخدام الطويل الأمد لأوزمبيك ومونجارو؟

Independent عربية٢٨-٠٦-٢٠٢٥
جاءت عناوين الأخبار هذا الأسبوع صاخبة في وقعها ومقلقة في مضمونها. فقد ذكرت إحدى الصحف أن "أوزمبيك ربما يعطل مفعول حبوب منع الحمل"، وذلك عقب تحذير أصدرته "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" Medicines and Healthcare Products Regulatory Agency في بريطانيا، أوصت فيه النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل الهرمونية باعتماد وسيلة إضافية خلال فترة تلقيهن الحقن، وتجنب الأخيرة تماماً خلال فترتي الحمل أو الرضاعة. ومن جهتها، حذرت "الجمعية البريطانية لانقطاع الطمث" The British Menopause Society أن النساء اللاتي يعتمدن على العلاج بالهرمونات البديلة قد يواجهن انخفاضاً في امتصاص أقراص هرمون البروجسترون خلال استعمال هذه العقاقير، مما قد يفاقم خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم.
وفي السياق ذاته، حذرت تقارير أخرى من أن الحقن التي يستخدمها كثيرون لإنقاص الوزن، مثل "ويغوفي" Wegovy و"مونجارو" Mounjaro، ربما تنطوي أيضاً على خطر خفي للإصابة بسرطان الكلى.
كذلك أصدرت "وكالة الأدوية الأوروبية" هذا الشهر تحذيراً يفيد بأن استخدام "سيماغلوتايد" [المادة الفاعلة في عدد من أدوية السكري وإنقاص الوزن مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"] قد يضاعف خطر الإصابة بحالة نادرة تسبب فقداناً مفاجئاً للبصر، تسمى طبياً "الاعتلال العصبي البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني" (اختصاراً NAION).
في الحقيقة، هذه العناوين الأخبارية كفيلة بإثارة القلق حتى لو كانت الأدوية التي تتحدث عنها نادرة الاستخدام، ولكن ما يسمى حقن إنقاص الوزن أصبحت شائعة جداً إلى حد فاق توقعات الشركات المصنعة نفسها. وبدءاً من هذا الأسبوع، يُسمح للأطباء العامين بإعطاء دواء "مونجارو" للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين يعانون أيضاً مجموعة من المضاعفات الصحية الأخرى.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حتى مارس (آذار) 2025، قدرت شركة "آي كيو فيا" IQVIA المتخصصة في تحليلات سوق الأدوية أن نحو 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يستخدمون علاجات لإنقاص الوزن. ولما كانت هذه العلاجات غير متوفرة بشكل كاف لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، يشتري المستخدمون 80 في المئة منها على نفقتهم الخاصة، وغالباً عبر الإنترنت، لذا تصدرت الشركات المصنعة قائمة الشركات الأعلى قيمة في أوروبا.
ولكن مع عدم توفر دراسات علمية موثوقة طويلة الأمد، هل نملك فعلاً معرفة عميقة بمدى مأمونية استخدام هذه الأدوية؟ صحيح أنها خضعت لاختبارات دقيقة قبل طرحها في السوق، ولكن هل راعت الشركات المصنعة كيفية استخدام الناس لها، ما الذي نعرفه حقاً عن آثارها الطويلة الأجل، هل نحن إزاء إنجاز طبي حقيقي، أم إننا نعيش فصلاً آخر في تاريخ عقاقير إنقاص الوزن الحافل بالإخفاقات والمشكلات؟
أزمة تتطلب حلولاً عاجلة
لا يختلف اثنان على أن السمنة تمثل حالة طوارئ صحية عامة. اليوم، يعاني نحو ثلاثة أرباع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و75 سنة في المملكة المتحدة زيادة في الوزن، بعدما كانت نسبتهم عام 1993 تتجاوز قليلاً نصف هذا العدد. وترتبط السمنة بجملة من المشكلات الصحية الخطرة، من قبيل داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، واضطرابات المفاصل، والعقم، فضلاً عن حوالى 30 نوعاً من السرطان.
تقدر النفقات السنوية التي تتحملها "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" في المملكة المتحدة لعلاج السمنة وتبعاتها بنحو 6.5 مليار جنيه إسترليني سنوياً. وفي ضوء هذا العبء المالي الهائل، يعد البحث عن دواء آمن وفاعل لمكافحة السمنة "الكأس المقدسة" التي يطمح الطب إليها. ولكن المحاولات السابقة غالباً ما انتهت بفشل ذريع، سواء بسبب نتائج ضعيفة وغير مرضية، أو مشكلات خطرة تتعلق بسلامة الاستخدام.
سجل حافل بالمشكلات
على مر التاريخ، كانت أدوية إنقاص الوزن مصحوبة بأخطار جسيمة. أحد أقدم هذه الأدوية مركب "2.4 دينيتروفينول" 2,4-dinitrophenol، الذي استخدم في الأصل كمادة متفجرة في الحرب العالمية الأولى. كان يعمل من طريق زيادة معدل التمثيل الغذائي أو الأيض، محفزاً الجسم على حرق السعرات الحرارية على شكل حرارة. ومع بروز موضة عشرينيات القرن العشرين التي كشفت أجزاء أكبر من الجسم، سارع كثيرون إلى استخدامه، ولكن اتضح أن الجرعة الخطأ منه تؤدي فعلاً إلى احتراق الجسم من الداخل. وقد دفعت الوفيات المروعة إلى حظر استخدام هذا الدواء عام 1938.
لاحقاً، ظهرت أدوية إنقاص الوزن القائمة على مركبات "الأمفيتامين" amphetamine، التي لاقت رواجاً واسعاً في خمسينيات القرن العشرين وستينياته قبل أن يؤدي اكتشاف صلتها بالإدمان وأمراض القلب والأوعية الدموية إلى حظر استخدامها. وفي مراحل أقرب زمنياً، سحبت الهيئات التنظيمية المعنية الدواءين "سيبوترامين" sibutramine (ريدكتيل Reductil) و"ريمونابانت" rimonabant (أكومبليا Acomplia) من الأسواق بعد ثبوت ارتباطهما بحدوث نوبات قلبية وسكتات دماغية، إضافة إلى ظهور آثار نفسية خطرة. وخلال الفترة التي سبقت تعليق استخدام "أكومبليا" عام 2008، حدثت أربع حالات انتحار بين المشاركين في تجربة سريرية خاصة به.
وهنا، ظهر جيل جديد من عقاقير إنقاص الوزن التي تنتمي إلى عائلة من الأدوية تسمى "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" (GLP-1). تشمل هذه الأدوية المركبين "سيماغلوتيد" semaglutide و"تيرزيباتيد" tirzepatide، اللذين يعملان من طريق محاكاة عمل هرموناتنا الطبيعية في الجسم المسؤولة عن التحكم في الشهية والشعور بالشبع. وكان أول عقار من هذه الفئة يُطرح في الأسواق "إكسيناتيد" exenatide ، المخصص أساساً لعلاج السكري من النوع الثاني، وذلك عام 2005. ثم حصل "أوزمبيك" على موافقة الاستخدام عام 2017، وتبعه "مونجارو" عام 2023. أظهرت التجارب السريرية نتائج غير مسبوقة، إذ فقد بعض المشاركين ما يصل إلى 26 في المئة من وزن الجسم، في نسبة تعادل النتائج التي تحققها جراحة السمنة، إضافة إلى غياب الآثار الجانبية المميتة التي ارتبطت بأدوية إنقاص الوزن السابقة.
ولكن، لماذا تختلف هذه الأدوية عن سابقاتها؟ يشرح البروفيسور جايلز يو، الاختصاصي في الغدد الصماء العصبية الجزيئية في "جامعة كامبريدج" البريطانية، قائلاً: "كانت معظم الأدوية السابقة تستهدف الدماغ، لأنه ببساطة المركز المسؤول عن الشعور بالجوع. ولكن أدى ذلك إلى آثار جانبية خطرة. ويضيف "أما هذه الأدوية الأحدث فعبارة عن نسخ معدلة وطويلة المفعول من هرمونات طبيعية موجودة أصلاً في أجسامنا، ومصممة لتصل إلى المناطق المطلوبة من الدماغ بشكل طبيعي، مما يتيح للجسم التفاعل معها تماماً كما يتعامل مع هرموناتنا الخاصة".
حل سحري أم حقل ألغام؟
رغم نجاحها اللافت، أثار الانتشار السريع لاستخدام هذه الحقن مخاوف متزايدة. مستخدمون كثر يحصلون عليها الآن من طريق عيادات خاصة عبر الإنترنت، وغالباً من دون رقابة طبية كافية. بل إن البعض يلجأ إلى شراء "تركيبات" غير قانونية منها، يحضرها بشكل غير رسمي متخصصون في التجميل. كذلك تغص وسائل التواصل الاجتماعي بتقييمات المستخدمين، ونصائح حول الجرعات البالغة الصغر micro-dosing، وصور "قبل الاستخدام وبعده" توثق فقدان الوزن. ولكن هذا الأسبوع، حذر متحدث باسم شركة "نوفو نورديسك" الدنماركية، المصنعة لعقاقير "أوزمبيك" و"ويغوفي"، من هذه الممارسات، وقال في تصريح إلى "ديلي ميل" إنهم لا يوصون بالجرعات الدقيقة مثلاً، موضحاً أن "الجرعات المعتمدة رسمياً وحدها التي خضعت للدراسة السريرية، وحصلت بناء على النتائج على الترخيص بالاستخدام".
وعلى نحو مماثل، حذرت "الجمعية الصيدلانية الملكية" Royal Pharmaceutical Society من أنه في حالة غياب الإشراف الطبي المناسب، يواجه المستخدمون أخطاراً صحية تشمل الجفاف، وحصوات المرارة، وسوء التغذية، وفقدان العضلات.
ماذا عن سلامة الاستخدام الطويل الأمد؟
يبدي البروفيسور يو تفاؤله قائلاً إن "الهيئات التنظيمية، مثل 'إدارة الغذاء والدواء الأميركية' و'وكالة الأدوية الأوروبية'، صارمة جداً في تقييم الأدوية. هذه العقاقير معتمدة في مختلف أنحاء العالم، ولو أنها غير آمنة لما حازت التراخيص بالاستخدام".
ويضيف البروفيسور كاريل لورو، الخبير في الطب الأيضي في "جامعة أولستر" في إيرلندا الشمالية، أن جميع الأدوية المعتمدة، وليس عقاقير إنقاص الوزن وحدها، لا بد من أن تخضع للدراسة لمدة لا تقل عن 52 أسبوعاً. ومرد ذلك، كما يقول، إلى أنه "في حال عدم ظهور مشكلات كبيرة خلال عام، فمن غير المرجح أن نشهدها لاحقاً. ويستند هذا التقييم إلى خبرة تراكمية واسعة لدى الهيئات التنظيمية، استمدتها من مراجعة عشرات الآلاف من الدراسات السابقة".
ولكن الآثار الجانبية الأقل وضوحاً لا تظهر في العادة إلا بعد بدء الاستخدام الواسع النطاق. ويؤكد البروفيسور لورو أن النتائج الجديدة التي تصدرت عناوين الأخبار في الأسابيع القليلة الماضية تمثل جانباً طبيعياً من العملية المعتادة "المراقبة ما بعد التسويق"، كما تسمى، وفيها تواصل شركات الأدوية والهيئات التنظيمية جمع البيانات [ومتابعة سلامة الأدوية بعد طرحها في الأسواق].
ويقول البروفيسور لورو "نعم، ربما تظهر بعض المشكلات أو الآثار الجانبية. لكننا استخدمنا هذه الفئة من الأدوية طوال 20 عاماً، غالباً على أشخاص كانت حالهم أكثر سوءاً من المستخدمين الحاليين. وتبدو البيانات مطمئنة جداً".
كذلك يشير البروفيسور لورو إلى أنه في التجارب، واجه المشاركون الذين أخذوا هذه الأدوية آثاراً جانبية خطرة أقل مقارنة بالمجموعة التي تلقت دواء وهمياً. و"يعزى ذلك إلى أن السمنة وداء السكري حالتان صحيتان مؤذيتان جداً في حد ذاتهما. وعند نقطة معينة، يصبح من غير المبرر أخلاقياً عدم إجازة دواء أثبت قدرته على تحسين صحة المرضى".
تحليل الأخطار
لا تزال بعض الأخطار قيد الدراسة. أثيرت التحذيرات بشأن سرطان الكلى بناء على دراسة شملت 43 ألف شخص ممن يتلقون عقاقير من فئة "محفزات مستقبلات 'جي أل بي- 1'"، مقابل عدد مماثل في مجموعة الضبط. وقد سجلت مجموعة العلاج 83 إصابة مقارنة مع 58 إصابة في مجموعة الضبط، مما يمثل زيادة طفيفة في العدد الكلي للحالات، وليس بالضرورة دليلاً قاطعاً على وجود علاقة سببية مباشرة.
وعلى النقيض، أظهرت تجارب سريرية أخرى أن العقاقير نفسها توفر فوائدة كبيرة في حماية الكلى. تابعت تجربة "فلو" FLOW (التي امتدت من 2019 إلى 2023) أكثر من 3500 مريض، ووجدت أن استخدام "سيماغلوتيد" ارتبط بانخفاض بنسبة 24 في المئة في خطر الإصابة بالفشل الكلوي، وانخفاض بنسبة 50 في المئة في الوفيات الناجمة عن أمراض الكلى. وكانت النتائج حاسمة إلى حد إنهاء التجربة مبكراً لتمكين مجموعة الدواء الوهمي من تلقي العلاج.
البروفيسور لورو الواثق في فاعلية العقاقير، يقول "لقد أظهرنا أن هذه الأدوية قادرة على تقليص معدلات النوبات القلبية بنسبة تصل حتى 25 في المئة، وتقليل خطر الإصابة بالسكري لدى المعرضين للإصابة به بنسبة تراوح ما بين 80 و90 في المئة. نعم، شهدنا مشكلات في العينين، ولكن هذه الحالة تحديداً لا تظهر إلا لدى مرضى السكري، ولا يتجاوز معدل حدوثها حالة واحدة من كل 10 آلاف شخص". كذلك يشير البروفيسور يو إلى أن "السكري من النوع الثاني يمثل السبب الرئيس لفقدان البصر في أوساط البالغين".
ماذا عن المخاوف المتعلقة بوسائل منع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة؟ يوضح البروفيسور لورو أن السبب المحتمل يعود إلى التقيؤ، علماً أنه أحد الآثار الجانبية المعروفة لهذه الأدوية، وليس لأن الدواء نفسه يعوق الامتصاص. "أي مادة نبتلعها سيمتصها الجسم في النهاية، إلا إذا طرحها خارجاً من طريق القيء".
للحد من الغثيان أثناء استخدام هذه الأدوية، ينصح الخبراء بالالتزام بالجرعات المنخفضة، حتى لو تباطأت وتيرة فقدان الوزن. وإذا استمرت مشكلة التقيؤ، يكمن الحل في التحول إلى أشكال غير فموية من العلاج بالهرمونات البديلة، مثل اللاصقات، أو استخدام الواقي الذكري، أو اللولب الرحمي.
هشاشة العظام وأخطار أخرى
أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن تأثير حقن إنقاص الوزن على العضلات والعظام. مثلاً، المغنية الأميركية أفيري التي استخدمت "أوزمبيك" لمدة عام على رغم معاناتها اضطرابات في الأكل، كشفت لجمهورها، وقد اغرورقت عيناها بالدموع، عن تشخيص إصابتها بهشاشة العظام. وأقرت أنها لم تحصل على الدواء بوصفة طبية. فهل نحن أمام حالة فردية، أم إن كثراً مروا بتجربة مشابهة؟
أظهرت دراسة نشرت العام الماضي أن ما بين 15 و40 في المئة من الوزن المفقود باستخدام "سيماغلوتايد" ربما يكون ناتجاً عن فقدان جزء من الأنسجة غير الدهنية في الجسم. في رأي البروفيسور يو، لا بد من أن يعرف المستخدمون هذه الحقيقة. ويوضح أن "كل شخص يفقد الوزن، أياً كانت الوسيلة، سيخسر دائماً، إلى جانب الدهون، جزءاً من الأنسجة الخالية من الدهون، والتي تشمل الماء والعضلات والعظام". ومع ذلك، يقول إنه ليس بين أيدينا دليل حتى الآن على أن حقن إنقاص الوزن تسهم بشكل مباشر ومستقل في الإصابة بهشاشة العظام".
وفي رأي البروفيسور يو، تبقى التمارين الرياضية الطريقة الأفضل لتقليص فقدان العظام، إذ تظهر الدراسات أنها تساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية وكثافة العظام عند ممارستها بالتزامن مع هذه الأدوية.
كذلك يساعد اتباع نظام غذائي غني بالبروتين في الحفاظ على العضلات. أظهرت مراجعات علمية أيضاً أنه بعد خسارة الوزن، ورغم فقدان الأنسجة غير الدهنية، يمتلك المستخدمون في العادة نسبة أعلى من الكتلة العضلية مقارنة بالدهون، وأن هذه العضلات قد تكون "أفضل جودة" بفضل ما تتميز به من ألياف عضلية أقوى. ولكن، بالنسبة إلى كبار السن الذين يملكون احتياطات عضلية أقل، فإن فقدان مقدار كبير من الوزن والعضلات ربما يكون محفوفاً بالأخطار، لا سيما أن استعادة الكتلة العضلية تصبح أكثر صعوبة مع التقدم في السن.
مشكلة الإدمان
لا تقضي هذه الأدوية على السمنة بصورة نهائية، بل تتحكم بها. عند التوقف عن الحقن، تعود شهيتك إلى سابق عهدها. وجدت إحدى الدراسات أن المرضى استعادوا ثلثي الوزن الذي فقدوه في غضون سنة واحدة من توقفهم عن العلاج. تثير هذه الحقيقة تساؤلات صعبة. يقول لورو "أحد أهم الأسئلة التي نطرحها على المرضى الآن: هل أنت على استعداد لاستخدام هذا العقار مدى الحياة؟"
وبالطبع، تترتب على هذا الخيار كلفة مالية، سواء من جيب المستخدم (حوالى 250 جنيهاً استرلينياً شهرياً) أو من "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، التي سيتوجب عليها النظر في تغطية تكاليف الوصفات الطبية مدى الحياة. ومع هذه ومع هذه الكلفة المرتفعة، يبقى السؤال: كيف نمنع استغلال الأدوية وبيعها بشكل غير قانوني في السوق السوداء؟
الجيل المقبل: أمل أم مبالغة؟
تركز الأدوية الحالية على هرمون أو اثنين فقط من هرمونات الأمعاء التي تنظم الشهية. غير أن الجهاز الهضمي يضم، كما يوضح البروفيسور يو، نحو 20 هرموناً معوياً تؤثر في الشعور بالشبع. بناء عليه، ليس مستبعداً أن تعتمد علاجات الجيل المقبل من أدوية إنقاص الوزن على دمج عدد أكبر من هذه الهرمونات، مما يسمح باستخدام جرعات أقل، ومن ثم خفض الآثار الجانبية المحتملة، مثل القيء.
ويقول يو إن "العلاجات المقبلة ربما تخلو تماماً من أي آثار جانبية هضمية". إضافة إلى ذلك، يعمل الخبراء على تصميم بعض أدوية إنقاص الوزن من الجيل الجديد بطريقة تتيح حماية الكتلة العضلية والحفاظ على كثافة العظام، وذلك عبر تنشيط مسارات بيولوجية تحاكي تأثيرات التمارين الرياضية.
كذلك يوضح البروفيسور يو أن الأقراص غير المكلفة المتوقع طرحها في المستقبل ربما تمثل السر أيضاً وراء الحفاظ على نتائج فقدان الوزن مدى الحياة. ومع إعلان "منظمة الصحة العالمية" في مايو (أيار) الماضي عزمها دعم استخدام أدوية مكافحة السمنة لعلاج البالغين، ربما يتوسع نطاق الوصول إلى هذه العلاجات عالمياً، مما قد يشكل نقطة تحول طبية بارزة.
ولكنها ليست مناسبة للجميع
قلة في المجتمع الطبي تشكك في أن "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" تمثل إنجازاً كبيراً. ولكنها في الوقت ذاته ليست حلاً شاملاً يناسب الجميع. مثلاً، حوالى 15 في المئة من المرضى لا يستجيبون للعلاج. وثمة قلق متزايد من أن الوصول إليها لا يزال مقتصراً على من يستطيعون تحمل تكاليف الوصفات الطبية الخاصة، بينما يواجه مرضى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" قيوداً على استخدامها. كذلك يلجأ إليها كثيرون من دون ممارسة التمارين الرياضية أو تحسين نظامهم الغذائي، علماً أنهما يكتسيان أهمية بالغة في الحفاظ على قوة العضلات والعظام في المستقبل.
ومع ذلك، يرى البروفيسور يو أن التغيير قادم. ويقول في هذا الصدد "تنتهي صلاحية براءة اختراع 'أوزمبيك' بعد سبعة أعوام. وأتوقع أن ينخفض سعره من 200 جنيه استرليني إلى نحو 10 جنيهات استرلينية شهرياً. عندها، ستتمكن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" من توفيره على نطاق واسع، وتحت إشراف مناسب، ذلك أن هذه الأدوية الفاعلة مصممة لأغراض صحية، وليس كأداة تجميلية. الهدف منها مساعدة الأشخاص الذين يعانون السمنة. وإذا تناولها أشخاص نحيفون، ترتفع حينها احتمالات الآثار الجانبية بشكل كبير، وترجح كفة الميزان لمصلحة الأخطار مقابل الفوائد. لذا، لا بد من الحرص على عدم وقوعها في الأيدي الخطأ".
في الحقيقة، تعد أدوية مثل "سيماغلوتايد" سلاحاً جديداً في المعركة ضد السمنة، الحالة الصحية التي بقيت عصية على العلاج طوال عقود من الزمن، وتكلف "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ملايين الجنيهات بسبب الأمراض المصاحبة لها، بدءاً بالنوع الثاني من السكري، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وصولاً إلى هشاشة العظام، وحتى الاكتئاب. ومع ذلك، ليست هذه العقاقير حلولاً سحرية، إذ لا تخلو من أخطار، ويبقى نطاق فاعليتها محدوداً، كما أنها تتطلب اتخاذ قرارات صعبة بشأن الاستخدام طويل الأمد [مثلاً، هل من الآمن استخدامها مدى الحياة، وما الآثار الجانبية المحتملة مع الاستخدام المطول، وهل تتحمل الأنظمة الطبية تكلفة توفيرها على المدى الطويل؟].
عند استخدامها بالشكل المناسب، وتحت إشراف طبي، ومع توقعات معقولة، تحدث هذه العقاقير تغييراً جذرياً في حياة المرضى. ولكن الاختبار الحقيقي لا يكمن فقط في الوزن المفقود هذا العام، بل في ما سيحدث خلال العقد المقبل.
يبقى أن التفاؤل بعلاجات إنقاص الوزن هذه ينبغي أن يكون مصحوباً بالحذر الشديد واليقظة التامة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علاج مركَّب يُخفّض الوزن ويحافظ على كتلة العضلات
علاج مركَّب يُخفّض الوزن ويحافظ على كتلة العضلات

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق الأوسط

علاج مركَّب يُخفّض الوزن ويحافظ على كتلة العضلات

ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الخامس والثمانين للجمعية الأميركية للسكري، عُرضت في 23 يونيو (حزيران) الماضي نتائج دراسة «بليف» في المرحلة 2 بي Phase 2b BELIEVE Study. وأظهرت نتائج الدراسة أن الاستخدام المُشترك لعقار «سيماغلوتيد» Semaglutide (لخفض وزن الجسم ككل وخفض شحوم الجسم) مع عقار تجريبي يُدعى «بيماغوروماب» Bimagrumab (للحفاظ على الكتلة العضلية للجسم)، أدى إلى فقدان كبير في كتلة الشحوم مع الحفاظ على كتلة العضلات. ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، فإن فقدان كتلة العضلات يُعدّ مصدر قلق طبي مُتزايد، مع ارتفاع معدلات استخدام عقاقير مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن، إذ يقدِّر «بعض» الدراسات أن الكمية المفقودة من «الكتلة غير الدهنية للجسم» تصل إلى 40 في المائة من إجمالي كتلة الجسم المفقودة نتيجة تلقي أدوية مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن. وإزاء هذه المشكلة، فإن أحد الحلول المطروحة والمُحتملة الفائدة، هو دمج تلقي العقار الذي يخفض الوزن بالعموم مع تلقي عقار آخر يعمل على حفظ الكتلة العضلية للجسم. وهذا العقار المُقترح هو «بيماغوروماب». آلية جديدة لعلاج السمنة • عقار «سيماغلوتيد» (أوزمبيك) هو أحد أشهر العقاقير التي تُستخدم حالياً على نطاق واسع في خفض الوزن لمعالجة السمنة. وهو من فئة «مُنشطات مستقبلات الببتيد -1 الشبيه بالغلوكاجون GLP-1». ويعمل عقار «سيماغلوتيد» على زيادة إنتاج الأنسولين، وبالتالي خفّض مستوى السكر في الدم. كما أنه يُقلل من الرغبة في تناول الطعام عن طريق خفض الشهية وإبطاء عملية الهضم في المعدة، وبالتالي خفض وزن الجسم. ولكن تظل الإشكالية في تسببه أيضاً بفقدان الكتلة العضلية في الجسم، التي يعد وجودها وتوفرها أمراً على درجة عالية من الأهمية للإنسان؛ وذلك لسببين: الأول أن توفر الكتلة العضلية يُعطي هيكل الجسم ثباتاً وقدرة على أداء الحركة والنشاط البدني. والآخر أن الكتلة العضلية هي مكان حرق الدهون في الجسم، وبفقدانها تضعف قدرة الجسم على التخلص من الشحوم. • عقار «بيماغوروماب» يتكون من أجسام مضادة وحيدة النسيلة Monoclonal Antibody. وتعتمد آلية عمله على «إعاقة» و«تعطيل» مسارات الأكتيفين Activin Pathways. ومسارات الأكتيفين حال نشاطها تعمل على خفض نمو كتلة العضلات وزيادة تخزين الدهون في الأنسجة الدهنية Adipose Tissue. وبالتالي يُؤدي تلقي هذا العقار في نهاية الأمر إلى زيادة كتلة العضلات وخفض كتلة الشحوم في الجسم. وأفاد الباحث الرئيس في الدراسة، ستيفن ب. هيمسفيلد، أستاذ ومدير مختبر تكوين الجسم-الأيض في «مركز بينينغتون للأبحاث الطبية الحيوية» التابع لجامعة ولاية لويزيانا، خلال الجلسات العلمية الخامسة والثمانين للجمعية الأميركية للسكري، بأن الدراسة قارنت بين تلقي عقار «بيماغوروماب» وعقار «سيماغلوتيد»، كلٌّ على حدة وبالاشتراك معاً، لعلاج السمنة. وقال: «نقدم آلية جديدة كلياً لإدارة معالجة السمنة. لقد سمعنا الكثير عن عقاقير مُنشّطات GLP-1 لفقدان الوزن. وستكون هذه آلية فريدة مع (بيماغوروماب)، وهو دواء ذو آلية عمل مختلفة تماماً». وأوضح الباحث المشارك في الدراسة، الدكتور لويس جيه. أرون، أستاذ أبحاث التمثيل الغذائي ومدير مركز التحكم الشامل في الوزن في كلية طب وايل كورنيل بنيويورك، أن تأثيرات «بيماغوروماب» تُكمّل تأثيرات أدوية GLP-1 ومثبطات الشهية الأخرى. وأضاف أن الاستخدامات المحتملة للدواء تشمل استخدامه علاجاً إضافياً لمُنشطات GLP-1 لعلاج السمنة، أو بديلاً لتلقي أنواع عقاقير الإنكريتين في الأشخاص الذين لا يتحملونها أو لا يستجيبون لها بشكل كافٍ. نتائج متميزة ويتوفر حالياً نوعان من عقاقير الإنكريتين: الأول مُنشّطات GLP-1 (مثل أوزمبيك)، والآخر مثبطات ديبيبتيديل ببتيداز 4 DPP4 (مثل مونجارو). وكلاهما يُستخدم لخفض نسبة سكر الدم، ولخفض الوزن. ولذا أضاف الدكتور لويس جيه. أرون أن الاستخدامات المحتملة للدواء (بيماغوروماب) تشمل استخدامه علاجاً مساعداً لمنشطات GLP-1 لعلاج السمنة، وذلك بديلاً للإنكريتينات للأشخاص الذين لا يستطيعون تحملها أو لتنشيط التأثير لدى الذين لا يستجيبون لها بشكل كافٍ، وأيضاً بوصفه علاجاً مفضلاً محتملاً للحفاظ على استمرارية التأثر في خفض الوزن Maintenance Therapy. وذكر الباحثون في نتائج دراستهم إلى الأسبوع الـ72 أنه: - انخفض وزن الجسم بنسبة 22.1 في المائة عن خط الأساس في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقارنةً بانخفاضات بنسبة 15.7 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده و10.8 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده. - بلغت نسبة فقدان كتلة الدهون 45.7 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقابل 27.8 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و28.5 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده - بلغت نسبة فقدان كتلة العضلات الخالية من الدهون 2.9 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً، مقارنةً بفقدان 7.4 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و«زيادة» كتلة العضلات بنسبة 2.5 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده. - نسبة المشاركين الذين حققوا فقداناً في الوزن بنسبة 20 في المائة أو أكثر كانت 70 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً، مقابل 25 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و11 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده. - نسبة الذين حققوا انخفاضاً في كتلة الدهون بنسبة 30 في المائة أو أكثر كانت 94 في المائة في المجموعة التي تلقت العقارين معاً. مقارنةً مع نسبة 36.4 في المائة مع «سيماغلوتيد» وحده، و50 في المائة مع «بيماغوروماب» وحده. - انخفضت شحوم البطن Visceral Adipose Tissue، ومحيط الخصر Waist Circumference، بشكل أكبر في كل من المجموعة التي تلقت العقارين معاً، التي تلقت «بيماغوروماب» وحده، مقارنةً بانخفاض أقل في المجموعة التي تلقت «سيماغلوتيد» وحده. إشكاليات وآثار جانبية ولكن ظهرت إشكالية مع حصول «ارتفاع عابر» في مستويات الكوليسترول الكلِّي والكوليسترول الخفيف (الضار) LDL في الدم عند المجموعة التي تلقت العقارين معاً. أي ارتفع ثم عاد إلى مستواه الذي سبق تلقي العقارين معاً. بينما في المجموعة التي تلقت «بيماغوروماب» وحده، حصل الارتفاع، ثم انخفض، ولكن ليس إلى المعدل الذي كان قبل تلقي «بيماغوروماب» وحده. وهو ما علق عليه الدكتور لويس جيه. أرون بالقول: «أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ذلك». وحول ملاحظة ارتفاع الكوليسترول الخفيف ضمن نتائج هذه الدراسة، علق البروفسور سيميون تايلور، أستاذ الطب بجامعة ميريلاند في بالتيمور، قائلاً بـ«العموم» إن بيانات الفاعلية كانت «مذهلة»، وإن هذا المزيج «حقق فاعلية غير مسبوقة، وتحديداً مزيج فقدان كتلة الدهون وزيادة كتلة الجسم الخالية من الدهون. وقد صاحبت هذه التغييرات تحسينات إكلينيكية ذات دلالة إحصائية في ضغط الدم ومؤشرات نسبة السكر في الدم. وسيكون من الضروري فهم تأثير ذلك على النتائج الإكلينيكية «الصعبة» مثل نتائج تلقي هذا العقار على إصابات أمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، أضاف البروفسور تايلور أن التجربة أثارت بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة، لا سيما ارتفاع مستوى الكوليسترول الخفيف، الذي وصفه الباحثون بأنه عابر، لكنهم لم يقدموا بيانات حول التدابير التي ربما اتخذها الأطباء المشاركون في الدراسة للتخفيف من هذا الارتفاع. وقال: «من المهم للباحثين توضيح كيفية إدارة تلقي جرعات الستاتينات (أدوية خفض الكوليسترول). إذا كانت الآثار الجانبية لدواء (بيماغوروماب) عابرة (أي عاد وحده إلى مستواه الأساسي)، فقد يكون ذلك سيناريو إيجابياً. أما إذا عاد مستوى الكوليسترول الخفيف إلى مستواه الأساسي بسبب زيادة جرعات الستاتينات، فستكون لذلك آثار مختلفة». والواقع أن ارتفاع الكوليسترول لم يكن هو الأثر الجانبي الوحيد لعقار «بيماغوروماب»، بل شملت الآثار الجانبية الشائعة لدى المجموعات التي تناولت «بيماغوروماب» تشنجات عضلية، والإسهال، وحب الشباب. وتوقف 9 في المائة من المرضى عن العلاج بسبب الآثار الجانبية على مدى 72 أسبوعاً. ولم تحدث أي وفيات. وعلق البروفسور تايلور قائلاً: «إن بيولوجيا مستقبلات الأكتيفين معقَّدة للغاية. ومن الصعب التنبؤ بجميع مخاوف السلامة المحتملة. وستوفر دراسات المرحلة الثالثة واليقظة الدوائية فهماً أفضل». وأضاف أن بعض مشكلات السلامة المحتملة لا تظهر إلا عند تناول عدد كبير من الأشخاص للدواء لفترات طويلة، وأكد أن «أدوية السمنة، بطبيعة الحال، مُلزمة بأن يكون لديها ملف سلامة نظيف للغاية».

مستخدمو حقن «أوزمبيك» الشهيرة ينجذبون لهذا النوع من العطور
مستخدمو حقن «أوزمبيك» الشهيرة ينجذبون لهذا النوع من العطور

الشرق الأوسط

time٢٨-٠٦-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

مستخدمو حقن «أوزمبيك» الشهيرة ينجذبون لهذا النوع من العطور

كشفت تقارير جديدة أن مستخدمي حقن «أوزمبيك» الشهيرة لإنقاص الوزن ينجذبون إلى العطور ذات الروائح السكرية. ووفق شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد تحدّث عدد من الأشخاص، الذين قاموا باستخدام هذه الحقن، عن «اشتهاء غير متوقَّع» لهذه العطور. وكتب أحدهم على منصة «ريديت»، في نقاش موسع حول هذا الأمر: «بدأتُ تناول حقن أوزمبيك، في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وخسرتُ 36 كيلوغراماً، واكتسبتُ انجذاباً جديداً لنوع من العطور هو العطور ذات الروائح السكرية». وكتب مستخدم آخر: «بدأ هوسي بالعطور ذات الروائح السكرية عندما بدأتُ أخذ جرعاتي من حقن أوزمبيك». ويقول الدكتور مارك سيغل، أستاذ الطب السريري في مركز لانغون الصحي بجامعة نيويورك والمحلل الطبي في «فوكس نيوز»، إنه على الرغم من أنه لم يلاحظ هذه الظاهرة لدى مرضاه، لكن الأمر قد يرجع إلى تأثير الأدوية على عملية الهضم. وأوضح قائلاً: «لقد لاحظت زيادة في ارتجاع المريء والتجشؤ المرتبطين بتأخر إفراغ المعدة نتيجة استخدام هذه الحقن». وتابع: «يمكن أن يؤدي هذا إلى طعم حمضي أو لاذع، والذي قد يؤثر نظرياً على حاسة الشم أيضاً ويدفع الأشخاص للانجذاب إلى روائح بعينها». إلا أن سيغل أشار إلى ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث لدراسة العلاقة المحتملة بين حقن أوزمبيك والتغيرات في حاستَي التذوق والشم لدى البعض. وتعمل حقن «أوزمبيك» عن طريق محاكاة هرمون الشبع الطبيعي. وصُمِّمت هذه الفئة من الأدوية في الأصل لعلاج مرض السكري، وأصبحت حلاً شائعاً لفقدان الوزن. ومؤخراً، صدرت عدة دراسات جديدة تتحدث عن تأثير حقن إنقاص الوزن؛ خصوصاً «أوزمبيك»، على الصحة، مشيرة إلى مساهمته في علاج عدة أمراض، مثل أمراض الكلى والكبد والقلب والسرطان والتهاب البنكرياس. وأظهرت الدراسات أيضاً أن هذه العلاجات تقلل أيضاً الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. إلا أن هناك دراسة، أُجريت في أغسطس (آب) الماضي، كشفت أن الأشخاص الذين يتناولون حقن «سيماغلوتيد» أكثر عرضة للإبلاغ عن اختبارهم أفكاراً انتحارية، مقارنة بمن يتناولون عقاقير أخرى. كما حذّرت دراسة أخرى، أُجريت في فبراير (شباط) الماضي، من أن علاجات إنقاص الوزن الشهيرة، مثل «أوزمبيك» و«ويغوفي»، قد تتسبب في إصابة الأشخاص بمشكلات في العين تؤدي إلى العمى.

ماذا نعرف عن تأثير الاستخدام الطويل الأمد لأوزمبيك ومونجارو؟
ماذا نعرف عن تأثير الاستخدام الطويل الأمد لأوزمبيك ومونجارو؟

Independent عربية

time٢٨-٠٦-٢٠٢٥

  • Independent عربية

ماذا نعرف عن تأثير الاستخدام الطويل الأمد لأوزمبيك ومونجارو؟

جاءت عناوين الأخبار هذا الأسبوع صاخبة في وقعها ومقلقة في مضمونها. فقد ذكرت إحدى الصحف أن "أوزمبيك ربما يعطل مفعول حبوب منع الحمل"، وذلك عقب تحذير أصدرته "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" Medicines and Healthcare Products Regulatory Agency في بريطانيا، أوصت فيه النساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل الهرمونية باعتماد وسيلة إضافية خلال فترة تلقيهن الحقن، وتجنب الأخيرة تماماً خلال فترتي الحمل أو الرضاعة. ومن جهتها، حذرت "الجمعية البريطانية لانقطاع الطمث" The British Menopause Society أن النساء اللاتي يعتمدن على العلاج بالهرمونات البديلة قد يواجهن انخفاضاً في امتصاص أقراص هرمون البروجسترون خلال استعمال هذه العقاقير، مما قد يفاقم خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم. وفي السياق ذاته، حذرت تقارير أخرى من أن الحقن التي يستخدمها كثيرون لإنقاص الوزن، مثل "ويغوفي" Wegovy و"مونجارو" Mounjaro، ربما تنطوي أيضاً على خطر خفي للإصابة بسرطان الكلى. كذلك أصدرت "وكالة الأدوية الأوروبية" هذا الشهر تحذيراً يفيد بأن استخدام "سيماغلوتايد" [المادة الفاعلة في عدد من أدوية السكري وإنقاص الوزن مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"] قد يضاعف خطر الإصابة بحالة نادرة تسبب فقداناً مفاجئاً للبصر، تسمى طبياً "الاعتلال العصبي البصري الأمامي الإقفاري غير الشرياني" (اختصاراً NAION). في الحقيقة، هذه العناوين الأخبارية كفيلة بإثارة القلق حتى لو كانت الأدوية التي تتحدث عنها نادرة الاستخدام، ولكن ما يسمى حقن إنقاص الوزن أصبحت شائعة جداً إلى حد فاق توقعات الشركات المصنعة نفسها. وبدءاً من هذا الأسبوع، يُسمح للأطباء العامين بإعطاء دواء "مونجارو" للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين يعانون أيضاً مجموعة من المضاعفات الصحية الأخرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حتى مارس (آذار) 2025، قدرت شركة "آي كيو فيا" IQVIA المتخصصة في تحليلات سوق الأدوية أن نحو 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يستخدمون علاجات لإنقاص الوزن. ولما كانت هذه العلاجات غير متوفرة بشكل كاف لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، يشتري المستخدمون 80 في المئة منها على نفقتهم الخاصة، وغالباً عبر الإنترنت، لذا تصدرت الشركات المصنعة قائمة الشركات الأعلى قيمة في أوروبا. ولكن مع عدم توفر دراسات علمية موثوقة طويلة الأمد، هل نملك فعلاً معرفة عميقة بمدى مأمونية استخدام هذه الأدوية؟ صحيح أنها خضعت لاختبارات دقيقة قبل طرحها في السوق، ولكن هل راعت الشركات المصنعة كيفية استخدام الناس لها، ما الذي نعرفه حقاً عن آثارها الطويلة الأجل، هل نحن إزاء إنجاز طبي حقيقي، أم إننا نعيش فصلاً آخر في تاريخ عقاقير إنقاص الوزن الحافل بالإخفاقات والمشكلات؟ أزمة تتطلب حلولاً عاجلة لا يختلف اثنان على أن السمنة تمثل حالة طوارئ صحية عامة. اليوم، يعاني نحو ثلاثة أرباع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و75 سنة في المملكة المتحدة زيادة في الوزن، بعدما كانت نسبتهم عام 1993 تتجاوز قليلاً نصف هذا العدد. وترتبط السمنة بجملة من المشكلات الصحية الخطرة، من قبيل داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، واضطرابات المفاصل، والعقم، فضلاً عن حوالى 30 نوعاً من السرطان. تقدر النفقات السنوية التي تتحملها "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" في المملكة المتحدة لعلاج السمنة وتبعاتها بنحو 6.5 مليار جنيه إسترليني سنوياً. وفي ضوء هذا العبء المالي الهائل، يعد البحث عن دواء آمن وفاعل لمكافحة السمنة "الكأس المقدسة" التي يطمح الطب إليها. ولكن المحاولات السابقة غالباً ما انتهت بفشل ذريع، سواء بسبب نتائج ضعيفة وغير مرضية، أو مشكلات خطرة تتعلق بسلامة الاستخدام. سجل حافل بالمشكلات على مر التاريخ، كانت أدوية إنقاص الوزن مصحوبة بأخطار جسيمة. أحد أقدم هذه الأدوية مركب "2.4 دينيتروفينول" 2,4-dinitrophenol، الذي استخدم في الأصل كمادة متفجرة في الحرب العالمية الأولى. كان يعمل من طريق زيادة معدل التمثيل الغذائي أو الأيض، محفزاً الجسم على حرق السعرات الحرارية على شكل حرارة. ومع بروز موضة عشرينيات القرن العشرين التي كشفت أجزاء أكبر من الجسم، سارع كثيرون إلى استخدامه، ولكن اتضح أن الجرعة الخطأ منه تؤدي فعلاً إلى احتراق الجسم من الداخل. وقد دفعت الوفيات المروعة إلى حظر استخدام هذا الدواء عام 1938. لاحقاً، ظهرت أدوية إنقاص الوزن القائمة على مركبات "الأمفيتامين" amphetamine، التي لاقت رواجاً واسعاً في خمسينيات القرن العشرين وستينياته قبل أن يؤدي اكتشاف صلتها بالإدمان وأمراض القلب والأوعية الدموية إلى حظر استخدامها. وفي مراحل أقرب زمنياً، سحبت الهيئات التنظيمية المعنية الدواءين "سيبوترامين" sibutramine (ريدكتيل Reductil) و"ريمونابانت" rimonabant (أكومبليا Acomplia) من الأسواق بعد ثبوت ارتباطهما بحدوث نوبات قلبية وسكتات دماغية، إضافة إلى ظهور آثار نفسية خطرة. وخلال الفترة التي سبقت تعليق استخدام "أكومبليا" عام 2008، حدثت أربع حالات انتحار بين المشاركين في تجربة سريرية خاصة به. وهنا، ظهر جيل جديد من عقاقير إنقاص الوزن التي تنتمي إلى عائلة من الأدوية تسمى "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" (GLP-1). تشمل هذه الأدوية المركبين "سيماغلوتيد" semaglutide و"تيرزيباتيد" tirzepatide، اللذين يعملان من طريق محاكاة عمل هرموناتنا الطبيعية في الجسم المسؤولة عن التحكم في الشهية والشعور بالشبع. وكان أول عقار من هذه الفئة يُطرح في الأسواق "إكسيناتيد" exenatide ، المخصص أساساً لعلاج السكري من النوع الثاني، وذلك عام 2005. ثم حصل "أوزمبيك" على موافقة الاستخدام عام 2017، وتبعه "مونجارو" عام 2023. أظهرت التجارب السريرية نتائج غير مسبوقة، إذ فقد بعض المشاركين ما يصل إلى 26 في المئة من وزن الجسم، في نسبة تعادل النتائج التي تحققها جراحة السمنة، إضافة إلى غياب الآثار الجانبية المميتة التي ارتبطت بأدوية إنقاص الوزن السابقة. ولكن، لماذا تختلف هذه الأدوية عن سابقاتها؟ يشرح البروفيسور جايلز يو، الاختصاصي في الغدد الصماء العصبية الجزيئية في "جامعة كامبريدج" البريطانية، قائلاً: "كانت معظم الأدوية السابقة تستهدف الدماغ، لأنه ببساطة المركز المسؤول عن الشعور بالجوع. ولكن أدى ذلك إلى آثار جانبية خطرة. ويضيف "أما هذه الأدوية الأحدث فعبارة عن نسخ معدلة وطويلة المفعول من هرمونات طبيعية موجودة أصلاً في أجسامنا، ومصممة لتصل إلى المناطق المطلوبة من الدماغ بشكل طبيعي، مما يتيح للجسم التفاعل معها تماماً كما يتعامل مع هرموناتنا الخاصة". حل سحري أم حقل ألغام؟ رغم نجاحها اللافت، أثار الانتشار السريع لاستخدام هذه الحقن مخاوف متزايدة. مستخدمون كثر يحصلون عليها الآن من طريق عيادات خاصة عبر الإنترنت، وغالباً من دون رقابة طبية كافية. بل إن البعض يلجأ إلى شراء "تركيبات" غير قانونية منها، يحضرها بشكل غير رسمي متخصصون في التجميل. كذلك تغص وسائل التواصل الاجتماعي بتقييمات المستخدمين، ونصائح حول الجرعات البالغة الصغر micro-dosing، وصور "قبل الاستخدام وبعده" توثق فقدان الوزن. ولكن هذا الأسبوع، حذر متحدث باسم شركة "نوفو نورديسك" الدنماركية، المصنعة لعقاقير "أوزمبيك" و"ويغوفي"، من هذه الممارسات، وقال في تصريح إلى "ديلي ميل" إنهم لا يوصون بالجرعات الدقيقة مثلاً، موضحاً أن "الجرعات المعتمدة رسمياً وحدها التي خضعت للدراسة السريرية، وحصلت بناء على النتائج على الترخيص بالاستخدام". وعلى نحو مماثل، حذرت "الجمعية الصيدلانية الملكية" Royal Pharmaceutical Society من أنه في حالة غياب الإشراف الطبي المناسب، يواجه المستخدمون أخطاراً صحية تشمل الجفاف، وحصوات المرارة، وسوء التغذية، وفقدان العضلات. ماذا عن سلامة الاستخدام الطويل الأمد؟ يبدي البروفيسور يو تفاؤله قائلاً إن "الهيئات التنظيمية، مثل 'إدارة الغذاء والدواء الأميركية' و'وكالة الأدوية الأوروبية'، صارمة جداً في تقييم الأدوية. هذه العقاقير معتمدة في مختلف أنحاء العالم، ولو أنها غير آمنة لما حازت التراخيص بالاستخدام". ويضيف البروفيسور كاريل لورو، الخبير في الطب الأيضي في "جامعة أولستر" في إيرلندا الشمالية، أن جميع الأدوية المعتمدة، وليس عقاقير إنقاص الوزن وحدها، لا بد من أن تخضع للدراسة لمدة لا تقل عن 52 أسبوعاً. ومرد ذلك، كما يقول، إلى أنه "في حال عدم ظهور مشكلات كبيرة خلال عام، فمن غير المرجح أن نشهدها لاحقاً. ويستند هذا التقييم إلى خبرة تراكمية واسعة لدى الهيئات التنظيمية، استمدتها من مراجعة عشرات الآلاف من الدراسات السابقة". ولكن الآثار الجانبية الأقل وضوحاً لا تظهر في العادة إلا بعد بدء الاستخدام الواسع النطاق. ويؤكد البروفيسور لورو أن النتائج الجديدة التي تصدرت عناوين الأخبار في الأسابيع القليلة الماضية تمثل جانباً طبيعياً من العملية المعتادة "المراقبة ما بعد التسويق"، كما تسمى، وفيها تواصل شركات الأدوية والهيئات التنظيمية جمع البيانات [ومتابعة سلامة الأدوية بعد طرحها في الأسواق]. ويقول البروفيسور لورو "نعم، ربما تظهر بعض المشكلات أو الآثار الجانبية. لكننا استخدمنا هذه الفئة من الأدوية طوال 20 عاماً، غالباً على أشخاص كانت حالهم أكثر سوءاً من المستخدمين الحاليين. وتبدو البيانات مطمئنة جداً". كذلك يشير البروفيسور لورو إلى أنه في التجارب، واجه المشاركون الذين أخذوا هذه الأدوية آثاراً جانبية خطرة أقل مقارنة بالمجموعة التي تلقت دواء وهمياً. و"يعزى ذلك إلى أن السمنة وداء السكري حالتان صحيتان مؤذيتان جداً في حد ذاتهما. وعند نقطة معينة، يصبح من غير المبرر أخلاقياً عدم إجازة دواء أثبت قدرته على تحسين صحة المرضى". تحليل الأخطار لا تزال بعض الأخطار قيد الدراسة. أثيرت التحذيرات بشأن سرطان الكلى بناء على دراسة شملت 43 ألف شخص ممن يتلقون عقاقير من فئة "محفزات مستقبلات 'جي أل بي- 1'"، مقابل عدد مماثل في مجموعة الضبط. وقد سجلت مجموعة العلاج 83 إصابة مقارنة مع 58 إصابة في مجموعة الضبط، مما يمثل زيادة طفيفة في العدد الكلي للحالات، وليس بالضرورة دليلاً قاطعاً على وجود علاقة سببية مباشرة. وعلى النقيض، أظهرت تجارب سريرية أخرى أن العقاقير نفسها توفر فوائدة كبيرة في حماية الكلى. تابعت تجربة "فلو" FLOW (التي امتدت من 2019 إلى 2023) أكثر من 3500 مريض، ووجدت أن استخدام "سيماغلوتيد" ارتبط بانخفاض بنسبة 24 في المئة في خطر الإصابة بالفشل الكلوي، وانخفاض بنسبة 50 في المئة في الوفيات الناجمة عن أمراض الكلى. وكانت النتائج حاسمة إلى حد إنهاء التجربة مبكراً لتمكين مجموعة الدواء الوهمي من تلقي العلاج. البروفيسور لورو الواثق في فاعلية العقاقير، يقول "لقد أظهرنا أن هذه الأدوية قادرة على تقليص معدلات النوبات القلبية بنسبة تصل حتى 25 في المئة، وتقليل خطر الإصابة بالسكري لدى المعرضين للإصابة به بنسبة تراوح ما بين 80 و90 في المئة. نعم، شهدنا مشكلات في العينين، ولكن هذه الحالة تحديداً لا تظهر إلا لدى مرضى السكري، ولا يتجاوز معدل حدوثها حالة واحدة من كل 10 آلاف شخص". كذلك يشير البروفيسور يو إلى أن "السكري من النوع الثاني يمثل السبب الرئيس لفقدان البصر في أوساط البالغين". ماذا عن المخاوف المتعلقة بوسائل منع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة؟ يوضح البروفيسور لورو أن السبب المحتمل يعود إلى التقيؤ، علماً أنه أحد الآثار الجانبية المعروفة لهذه الأدوية، وليس لأن الدواء نفسه يعوق الامتصاص. "أي مادة نبتلعها سيمتصها الجسم في النهاية، إلا إذا طرحها خارجاً من طريق القيء". للحد من الغثيان أثناء استخدام هذه الأدوية، ينصح الخبراء بالالتزام بالجرعات المنخفضة، حتى لو تباطأت وتيرة فقدان الوزن. وإذا استمرت مشكلة التقيؤ، يكمن الحل في التحول إلى أشكال غير فموية من العلاج بالهرمونات البديلة، مثل اللاصقات، أو استخدام الواقي الذكري، أو اللولب الرحمي. هشاشة العظام وأخطار أخرى أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن تأثير حقن إنقاص الوزن على العضلات والعظام. مثلاً، المغنية الأميركية أفيري التي استخدمت "أوزمبيك" لمدة عام على رغم معاناتها اضطرابات في الأكل، كشفت لجمهورها، وقد اغرورقت عيناها بالدموع، عن تشخيص إصابتها بهشاشة العظام. وأقرت أنها لم تحصل على الدواء بوصفة طبية. فهل نحن أمام حالة فردية، أم إن كثراً مروا بتجربة مشابهة؟ أظهرت دراسة نشرت العام الماضي أن ما بين 15 و40 في المئة من الوزن المفقود باستخدام "سيماغلوتايد" ربما يكون ناتجاً عن فقدان جزء من الأنسجة غير الدهنية في الجسم. في رأي البروفيسور يو، لا بد من أن يعرف المستخدمون هذه الحقيقة. ويوضح أن "كل شخص يفقد الوزن، أياً كانت الوسيلة، سيخسر دائماً، إلى جانب الدهون، جزءاً من الأنسجة الخالية من الدهون، والتي تشمل الماء والعضلات والعظام". ومع ذلك، يقول إنه ليس بين أيدينا دليل حتى الآن على أن حقن إنقاص الوزن تسهم بشكل مباشر ومستقل في الإصابة بهشاشة العظام". وفي رأي البروفيسور يو، تبقى التمارين الرياضية الطريقة الأفضل لتقليص فقدان العظام، إذ تظهر الدراسات أنها تساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية وكثافة العظام عند ممارستها بالتزامن مع هذه الأدوية. كذلك يساعد اتباع نظام غذائي غني بالبروتين في الحفاظ على العضلات. أظهرت مراجعات علمية أيضاً أنه بعد خسارة الوزن، ورغم فقدان الأنسجة غير الدهنية، يمتلك المستخدمون في العادة نسبة أعلى من الكتلة العضلية مقارنة بالدهون، وأن هذه العضلات قد تكون "أفضل جودة" بفضل ما تتميز به من ألياف عضلية أقوى. ولكن، بالنسبة إلى كبار السن الذين يملكون احتياطات عضلية أقل، فإن فقدان مقدار كبير من الوزن والعضلات ربما يكون محفوفاً بالأخطار، لا سيما أن استعادة الكتلة العضلية تصبح أكثر صعوبة مع التقدم في السن. مشكلة الإدمان لا تقضي هذه الأدوية على السمنة بصورة نهائية، بل تتحكم بها. عند التوقف عن الحقن، تعود شهيتك إلى سابق عهدها. وجدت إحدى الدراسات أن المرضى استعادوا ثلثي الوزن الذي فقدوه في غضون سنة واحدة من توقفهم عن العلاج. تثير هذه الحقيقة تساؤلات صعبة. يقول لورو "أحد أهم الأسئلة التي نطرحها على المرضى الآن: هل أنت على استعداد لاستخدام هذا العقار مدى الحياة؟" وبالطبع، تترتب على هذا الخيار كلفة مالية، سواء من جيب المستخدم (حوالى 250 جنيهاً استرلينياً شهرياً) أو من "هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، التي سيتوجب عليها النظر في تغطية تكاليف الوصفات الطبية مدى الحياة. ومع هذه ومع هذه الكلفة المرتفعة، يبقى السؤال: كيف نمنع استغلال الأدوية وبيعها بشكل غير قانوني في السوق السوداء؟ الجيل المقبل: أمل أم مبالغة؟ تركز الأدوية الحالية على هرمون أو اثنين فقط من هرمونات الأمعاء التي تنظم الشهية. غير أن الجهاز الهضمي يضم، كما يوضح البروفيسور يو، نحو 20 هرموناً معوياً تؤثر في الشعور بالشبع. بناء عليه، ليس مستبعداً أن تعتمد علاجات الجيل المقبل من أدوية إنقاص الوزن على دمج عدد أكبر من هذه الهرمونات، مما يسمح باستخدام جرعات أقل، ومن ثم خفض الآثار الجانبية المحتملة، مثل القيء. ويقول يو إن "العلاجات المقبلة ربما تخلو تماماً من أي آثار جانبية هضمية". إضافة إلى ذلك، يعمل الخبراء على تصميم بعض أدوية إنقاص الوزن من الجيل الجديد بطريقة تتيح حماية الكتلة العضلية والحفاظ على كثافة العظام، وذلك عبر تنشيط مسارات بيولوجية تحاكي تأثيرات التمارين الرياضية. كذلك يوضح البروفيسور يو أن الأقراص غير المكلفة المتوقع طرحها في المستقبل ربما تمثل السر أيضاً وراء الحفاظ على نتائج فقدان الوزن مدى الحياة. ومع إعلان "منظمة الصحة العالمية" في مايو (أيار) الماضي عزمها دعم استخدام أدوية مكافحة السمنة لعلاج البالغين، ربما يتوسع نطاق الوصول إلى هذه العلاجات عالمياً، مما قد يشكل نقطة تحول طبية بارزة. ولكنها ليست مناسبة للجميع قلة في المجتمع الطبي تشكك في أن "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" تمثل إنجازاً كبيراً. ولكنها في الوقت ذاته ليست حلاً شاملاً يناسب الجميع. مثلاً، حوالى 15 في المئة من المرضى لا يستجيبون للعلاج. وثمة قلق متزايد من أن الوصول إليها لا يزال مقتصراً على من يستطيعون تحمل تكاليف الوصفات الطبية الخاصة، بينما يواجه مرضى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" قيوداً على استخدامها. كذلك يلجأ إليها كثيرون من دون ممارسة التمارين الرياضية أو تحسين نظامهم الغذائي، علماً أنهما يكتسيان أهمية بالغة في الحفاظ على قوة العضلات والعظام في المستقبل. ومع ذلك، يرى البروفيسور يو أن التغيير قادم. ويقول في هذا الصدد "تنتهي صلاحية براءة اختراع 'أوزمبيك' بعد سبعة أعوام. وأتوقع أن ينخفض سعره من 200 جنيه استرليني إلى نحو 10 جنيهات استرلينية شهرياً. عندها، ستتمكن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" من توفيره على نطاق واسع، وتحت إشراف مناسب، ذلك أن هذه الأدوية الفاعلة مصممة لأغراض صحية، وليس كأداة تجميلية. الهدف منها مساعدة الأشخاص الذين يعانون السمنة. وإذا تناولها أشخاص نحيفون، ترتفع حينها احتمالات الآثار الجانبية بشكل كبير، وترجح كفة الميزان لمصلحة الأخطار مقابل الفوائد. لذا، لا بد من الحرص على عدم وقوعها في الأيدي الخطأ". في الحقيقة، تعد أدوية مثل "سيماغلوتايد" سلاحاً جديداً في المعركة ضد السمنة، الحالة الصحية التي بقيت عصية على العلاج طوال عقود من الزمن، وتكلف "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ملايين الجنيهات بسبب الأمراض المصاحبة لها، بدءاً بالنوع الثاني من السكري، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وصولاً إلى هشاشة العظام، وحتى الاكتئاب. ومع ذلك، ليست هذه العقاقير حلولاً سحرية، إذ لا تخلو من أخطار، ويبقى نطاق فاعليتها محدوداً، كما أنها تتطلب اتخاذ قرارات صعبة بشأن الاستخدام طويل الأمد [مثلاً، هل من الآمن استخدامها مدى الحياة، وما الآثار الجانبية المحتملة مع الاستخدام المطول، وهل تتحمل الأنظمة الطبية تكلفة توفيرها على المدى الطويل؟]. عند استخدامها بالشكل المناسب، وتحت إشراف طبي، ومع توقعات معقولة، تحدث هذه العقاقير تغييراً جذرياً في حياة المرضى. ولكن الاختبار الحقيقي لا يكمن فقط في الوزن المفقود هذا العام، بل في ما سيحدث خلال العقد المقبل. يبقى أن التفاؤل بعلاجات إنقاص الوزن هذه ينبغي أن يكون مصحوباً بالحذر الشديد واليقظة التامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store