logo
الكارثة الصامتة تحت الرماد.. تقرير علمي يكشف الأضرار الخفية لحرائق الغابات على التربة والبيئة

الكارثة الصامتة تحت الرماد.. تقرير علمي يكشف الأضرار الخفية لحرائق الغابات على التربة والبيئة

رؤيامنذ 3 أيام
تتسبب الحرائق في القضاء الفوري على مواطن آلاف الأنواع من الكائنات الحية
عندما تلتهم ألسنة اللهب مساحة خضراء أو غابة حرجية، لا تكون الخسارة مجرد أشجار متفحمة ومناظر طبيعية مدمرة. خلف ستار الدخان والرماد، تبدأ كارثة بيئية صامتة وطويلة الأمد، تكشف الدراسات العلمية الموثقة عن عمق تأثيرها على الهواء والتنوع البيولوجي، والأهم من ذلك، على التربة التي تمثل أساس الحياة ذاتها.
يستعرض هذا التقرير، بالاستناد إلى أبحاث وخبراء في علوم البيئة، المخاطر العلمية المترتبة على احتراق الغطاء النباتي، والتي تتجاوز بكثير ما تراه العين المجردة.
أولاً: الانهيار البيئي المباشر وخسارة التنوع البيولوجي
الغابات والمساحات الخضراء ليست مجرد مجموعة من الأشجار، بل هي أنظمة بيئية متكاملة ومعقدة (Ecosystems). ووفقاً لتقارير برامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، يؤدي احتراقها إلى:
تدمير الموائل الطبيعية: تتسبب الحرائق في القضاء الفوري على مواطن آلاف الأنواع من الكائنات الحية، بما في ذلك الثدييات والطيور والزواحف والحشرات، مما يؤدي إلى نفوق أعداد هائلة منها أو تهجيرها القسري.
خسارة التنوع النباتي: لا تقتصر الخسارة على الأشجار الكبيرة، بل تشمل الشجيرات والأعشاب والنباتات النادرة التي قد يستغرق نموها عقوداً، وبعضها قد لا ينمو مجدداً أبداً في نفس المنطقة.
تلوث الهواء الحاد: تنتج الحرائق كميات هائلة من الملوثات الخطرة. فإلى جانب إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربونCO2 بكميات ضخمة، تنبعث جسيمات دقيقة (PM2.5) تشكل خطراً مباشراً على صحة الجهاز التنفسي للإنسان والحيوان على حد سواء، بحسب تحذيرات منظمة الصحة العالمية (WHO).
ثانياً: "قتل التربة".. التأثير الأخطر والأطول أمداً
يعتبر التأثير على التربة هو الخطر الأكبر والأصعب في معالجته بعد الحرائق. وتشير الدراسات الجيولوجية والبيئية إلى سلسلة من التأثيرات المدمرة:
التعقيم الحراري (Thermal Sterilization): يمكن أن تتجاوز حرارة الحريق الشديد 800 درجة مئوية على سطح التربة.
هذه الحرارة العالية تقوم حرفياً بـ"تعقيم" الطبقة السطحية، مما يؤدي إلى قتل الكائنات الحية الدقيقة الحيوية (البكتيريا والفطريات) التي لا تُرى بالعين المجردة. هذه الكائنات هي المسؤولة عن تحليل المواد العضوية وتوفير المغذيات الأساسية للنباتات، وبدونها تفقد التربة خصوبتها.
فقدان المواد العضوية: يحرق اللهب طبقة "الدبال" (Humus) الغنية بالمواد العضوية المتراكمة عبر السنين من أوراق الشجر المتساقطة والمواد المتحللة.
هذه الطبقة هي إسفنجة التربة الطبيعية التي تحتفظ بالماء والمغذيات، وفقدانها يحول التربة إلى مجرد غبار معدني جاف.
تكوّن الطبقة الكارهة للماء (Hydrophobic Layer): في ظاهرة علمية خطيرة، تتسبب حرارة الحريق في إذابة المركبات الشمعية والزيتية الموجودة في النباتات المحترقة.
تتسرب هذه المواد إلى حبيبات التربة السطحية وتغلفها، مكونة طبقة رقيقة غير مرئية تمنع تسرب مياه الأمطار إلى داخل التربة، فتصبح الأرض "كارهة للماء".
ثالثاً: ما بعد الحريق.. الانجراف، الفيضانات، والتصحر
الآثار المدمرة على التربة تمهد الطريق لمرحلة جديدة من الكوارث:
الانجراف الشديد للتربة (Soil Erosion): عند هطول أول أمطار غزيرة على أرض محروقة، لا تجد المياه ما يوقفها (جذور نباتات) ولا تستطيع التربة امتصاصها (بسبب الطبقة الكارهة للماء).
والنتيجة هي حدوث انجراف هائل للتربة السطحية الخصبة، وتشكّل السيول والفيضانات الطينية المدمرة التي تدمر ما تبقى من المنطقة وتلوث مجاري المياه والأودية.
خطر التصحر (Desertification): مع فقدان التربة لخصوبتها، وقدرتها على الاحتفاظ بالماء، وموادها العضوية، يصبح من الصعب جداً، وأحياناً مستحيلاً، عودة الغطاء النباتي بشكل طبيعي.
على المدى الطويل، تتحول المنطقة التي كانت خضراء إلى أرض قاحلة شبه صحراوية، في عملية قد تكون غير قابلة للعكس.
رابعاً: حلقة التأثير المناخي المفرغة
تمثل حرائق الغابات ضربة مزدوجة للمناخ العالمي، كما توضح الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
فالغابات السليمة تعمل كـ"بالوعة للكربون" (Carbon Sink)، حيث تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. عند احتراقها، يحدث أمران:
تتوقف عن امتصاص الكربون.
تطلق كل مخزونها من الكربون الذي جمعته على مدى عقود أو قرون دفعة واحدة إلى الغلاف الجوي، مما يفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
هذا الاحترار الإضافي يؤدي بدوره إلى موجات جفاف وحر أشد، مما يهيئ الظروف المثالية لنشوب المزيد من الحرائق، في حلقة مفرغة خطيرة.
إن فهم الأبعاد العلمية لأضرار حرائق الغابات يؤكد أنها ليست مجرد حوادث عابرة، بل هي بداية لسلسلة طويلة من التدهور البيئي. إن حماية كل شجرة ومساحة خضراء ليست مجرد حفاظ على الجمال الطبيعي، بل هي حماية للتربة التي نعتمد عليها، وللهواء الذي نتنفسه، وللتوازن الدقيق الذي يحكم كوكبنا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السخام في الهواء يغير بنية دماغ الجنين داخل الرحم
السخام في الهواء يغير بنية دماغ الجنين داخل الرحم

خبرني

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبرني

السخام في الهواء يغير بنية دماغ الجنين داخل الرحم

خبرني - يتسبب التغير المناخي في حرائق الغابات التي بدورها تُطلق السخام للغلاف الجوي مسببة تلوثًا، ومن جانب آخر يؤثر تلوث الهواء على امتصاص الغلاف الجوي للحرارة ويتسبب في حبسها. ومع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة وتفاقم الاحترار العالمي، من الطبيعي أن يزداد معها معدل تلوث الهواء الذي يقود للعديد من الحالات الصحية؛ مؤديًا في نهاية الأمر إلى الموت. وقد أُجريت العديد من الدراسات لتحديد مدى تأثيرات تلوث الهواء على الصحة العامة للبشر، وعلى الأجنة والأطفال بصورة خاصة. وفي هذا الصدد، أجرت مجموعة بحثية من إسبانيا دراسة لمعرفة التغيرات الحاصلة في بنية الدماغ للجنين عند تعرض الأم لملوثات الهواء الشائعة، ووجدوا بالفعل زيادة في حجم تجاويف الدماغ وبعض التغيرات في المناطق المرتبطة بالحركة والمعالجة الحسية. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "ذا لانسيت بلانتاري هيلث" (The Lancet Planetary Health) في يونيو/حزيران 2025. تُعد هذه أول دراسة تبحث في علاقة تلوث الهواء بنمو الدماغ خلال فترة الحمل. وبالفعل، حلل الباحثون بيانات تم جمعها في الفترة ما بين عامي 2018 إلى 2021 من 754 زوجًا من الأمهات والأجنة؛ فخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، خضعت المشاركات لتصوير بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل. ويجدر بالذكر هنا أنّ هذا النوع من التصوير متخصص وعبره يمكن تحليل شكل دماغ الجنين وبنيته. بعد ذلك، قدر الباحثون تعرضهم لبعض الملوثات الشائعة، وهي الجسيمات العالقة (PM2.5)، ثاني أكسيد النيتروجين (NO₂)، والكربون الأسود. ماذا وجدوا؟ لاحظ الباحثون أنه خلال الثلثين الأخيرين من الحمل (الثلث الثاني والثالث)، هما الأكثر تأثرًا بالتلوث، علمًا بأنه خلال تلك الفترتين ينمو دماغ الجنين. ووجدوا أيضًا أنّ الأجنة الأكثر تعرضًا لملوثات الهواء، تُظهر تغيرات في أحجام بعض الهياكل الدماغية. كما لاحظوا زيادة في حجم تجاويف الدماغ التي تحتوي على السائل النخاعي.

عادات يومية تثير انتفاخ البطن في الصيف
عادات يومية تثير انتفاخ البطن في الصيف

السوسنة

timeمنذ 7 ساعات

  • السوسنة

عادات يومية تثير انتفاخ البطن في الصيف

السوسنة - مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تزداد الشكوى من شعور مزعج بانتفاخ البطن، حتى لدى من لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام. ورغم أن كثيرين يربطون الأمر بنوعية الغذاء، إلا أن هناك ممارسات يومية بسيطة قد تكون السبب الحقيقي وراء هذا الإزعاج الهضمي، كما تشير دورية OnlyMyHealth المتخصصة.هذه العادات الشائعة تُربك عمل الجهاز الهضمي وتزيد من تراكم الغازات، مما يؤدي إلى شعور متكرر بعدم الراحة والامتلاء. من أبرزها:شرب المشروبات الباردة بسرعة يربك حركة المعدة، ويزيد من كمية الهواء الذي يُبتلع أثناء الشرب، ما يؤدي إلى الانتفاخ. وينصح الخبراء بتناول المشروبات بدرجة حرارة معتدلة وببطء، مع تفضيل الخيارات المهدئة مثل شاي النعناع أو الشمر.أما تناول الطعام بسرعة، فهو عادة تؤدي إلى خلل في عملية المضغ وابتلاع هواء زائد، مما يُسبب تراكم الغازات داخل البطن. وينصح بتخصيص وقت كافٍ لكل وجبة ومضغ الطعام جيدًا لتسهيل الهضم.ومن العوامل المسببة للانتفاخ أيضًا المشروبات الغازية، إذ يحتوي معظمها على ثاني أكسيد الكربون الذي يتحوّل إلى فقاعات داخل المعدة. وبدلاً من ذلك، ينصح الخبراء بشرب الماء المنقوع بأوراق النعناع أو شرائح الخيار والليمون.الإكثار من الخضراوات النيئة مثل البروكلي والقرنبيط والملفوف قد يكون له تأثير سلبي، إذ تنتمي هذه الأصناف إلى فصيلة الكرنب وتحتوي على مركبات تتخمر داخل الأمعاء. يُفضَّل طهي هذه الخضراوات على البخار أو شواؤها لتسهيل هضمها دون فقدان قيمتها الغذائية.تخطي الوجبات أيضًا قد يُربك الجهاز الهضمي ويبطئ عملية الأيض، خاصة مع انخفاض الشهية في الصيف. ويفضل تناول وجبات صغيرة منتظمة تحتوي على فواكه طازجة أو زبادي أو مكسرات غير مملحة.مضغ العلكة باستمرار يمكن أن يكون عاملًا غير متوقع لانتفاخ البطن، بسبب ابتلاع الهواء والمحليات الصناعية التي تحتوي عليها بعض الأنواع، مثل السوربيتول. ويُنصح باستخدام بدائل طبيعية مثل أوراق النعناع أو الماء المنكه بالأعشاب.الشرب باستخدام الشفاطة (القشة)، خاصة مع العصائر والمشروبات الباردة، يُدخل هواء إضافي إلى المعدة، خاصة إذا كان الشرب بسرعة. من الأفضل تناول المشروبات مباشرة من الكوب وبهدوء.الإفراط في تناول الملح يؤدي إلى احتباس الماء داخل الأنسجة، خصوصًا مع التعرق الزائد في الصيف. يجب تقليل الملح، والاعتماد على النكهات الطبيعية كالأعشاب والليمون لتحسين مذاق الأطعمة.أما قلة شرب الماء فهي من أبرز الأسباب التي تعيق حركة الأمعاء وتؤدي إلى احتباس السوائل. لذلك، يجب شرب 8 أكواب على الأقل يوميًا، ويفضل تعزيز الترطيب بإضافة شرائح ليمون أو أوراق نعناع إلى الماء.فإذا كنت تعاني من انتفاخ متكرر في هذا الموسم، فربما لا يتعلق الأمر بما تأكله، بل بكيفية تعاملك اليومي مع العادات الصغيرة التي تُحدث فارقًا كبيرًا في راحتك الهضمية. اقرأ ايضاً:

التعاون في بناء القدرات بين وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية
التعاون في بناء القدرات بين وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية

جفرا نيوز

timeمنذ 11 ساعات

  • جفرا نيوز

التعاون في بناء القدرات بين وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية

جفرا نيوز - كجزء من التعاون المستمر مع وزارة الصحة الأردنية والخدمات الطبية الملكية، ودعمًا للاستجابة الطارئة الشاملة، تواصل الشبكة الشرق الأوسطية للصحة المجتمعية (امفنت) دعم تطوير كوادر قادرة على الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات الصحية العامة. استنادًا إلى خبرتها الإقليمية الواسعة في تمكين أعضاء وقيادات فرق الاستجابة السريعة، نفذت امفنت تدريبًا متقدمًا للمدربين لقادة فرق الاستجابة السريعة (RRT) من مرتبات الخدمات الطبية الملكية في الأردن، استمر لمدة خمسة أيام. عُقد التدريب في الفترة من 6 إلى 10 يوليو 2025، واستند إلى حزمة التدريب المتقدم لفرق الاستجابة السريعة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (WHO)لتزويد المشاركين بمعارف متقدمة، ومهارات عملية، وأدوات أساسية تُمكنهم من الاستجابة الفعّالة والفورية لحوادث الصحة العامة. ومن خلال توظيف خبرات وموارد المؤسسات الثلاث، ضَمَنَ البرنامج التدريبي تجربة تعليمية محليًا ومصممة خصيصًا لتلبية احتياجات فرق الاستجابة السريعة في الأردن. كما تضمن التدريب مجموعة شاملة من المواضيع منها الرصد، الاستقصاء الوبائي، البحث النشط عن الحالات وتتبع المخالطين، إدارة المختبرات، إدارة البيانات أثناء الطوارئ، مكافحة العدوى والوقاية منها (IPC)، التأهب والاستجابة للطوارئ، إشراك المجتمع والتواصل بشأن المخاطر، بالإضافة إلى تمارين محاكاة عملية أتاحت للمشاركين تطبيق ما تعلموه في بيئة تحاكي الواقع. يأتي هذا التدريب ضمن مشروع يهدف إلى تعزيز قدرات الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الصحية، وذلك في إطار "مأسسة برنامج الاستجابة السريعة في الأردن". وسيُستكمل هذا الجهد بتنفيذ تدريبين إضافيين على المستوى الوطني، أحدهما في المناطق الشمالية والآخر في المناطق الجنوبية، وذلك لضمان الجاهزية اللامركزية وتعزيز القدرات في مختلف أنحاء المملكة. تعكس الشراكة بين امفنت، ووزارة الصحة الأردنية، والخدمات الطبية الملكية، التزامًا مشتركًا بتعزيز أنظمة الاستجابة الطارئة في الأردن، وتسليط الضوء على تأثير الجهود الوطنية المنسقة في بناء قوة عاملة صحية عامة مرنة وقوية. في إطار دعمها الإقليمي المستمر، تضمن امفنت تخصيص مناهج تدريب فرق الاستجابة السريعة لتتناسب مع الاحتياجات والأولويات الصحية الفريدة لكل بلد. هذا التخصيص السياقي يعزز من ملاءمة التدريب ويقوي جاهزية الفرق التشغيلية لإدارة مختلف حالات الطوارئ الصحية. الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (امفنت) هي شبكة إقليمية تعنى بتعزيز أنظمة الصحة العامة في إقليم شرق المتوسط وخارجه. تعمل امفنت بالشراكة مع وزارات الصحة، والمنظمات غير الحكومية، والوكالات الدولية، والقطاع الخاص، والمؤسسات ذات الصلة على المستويين الإقليمي والدولي، بهدف دعم الصحة العامة والوبائيات التطبيقية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store