logo
الطريق إلى شرق أوسط مزدهر

الطريق إلى شرق أوسط مزدهر

الوطنمنذ يوم واحد
في حديث سابق لولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، صرح بأن طموح المملكة هو تحويل الشرق الأوسط إلى «أوروبا جديدة».
أراد ولي العهد أن يعبر بدقة عن علاقة المملكة بمحيطها، وأن يعيد تعريف مفهومي الأمن والازدهار في المنطقة.
في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات التحول الداخلي في السعودية، من تنويع مصادر الاقتصاد إلى بناء الإنسان والمعرفة، اختارت المملكة أن تتجه أيضًا إلى جوارها العربي، وهذه المرة ليس في صورة هبات ومساعدات، بل في شكل استثمارات ورؤوس أموال فاعلة تحقق منطلقات إستراتيجية عقلانية، وتنهض بالشعوب لضمان الأمن المشترك وتحقيق التنمية المستدامة.
القيادة السعودية تدرك أن الحدود في عالم اليوم لم تعد أسوارًا تحجز الأزمات، بل معابر تصدر الاضطرابات والأخطار. فحين ينهار الأمن في دولة مجاورة، تنفلت موجات النزوح، وتنشط شبكات التهريب، وتخترق التنظيمات المتطرفة الفراغات، وتهدد طرق الإمداد التي تمر بالمناطق غير المستقرة.
لكن المسألة لا تتعلق بالأمن فقط، بل بنظرة اقتصادية بعيدة المدى، فالسعودية رغم ضخامتها الاقتصادية تتطلع للتكامل الاقتصادي ضمن منظومة إقليمية، من هنا جاءت مشروعات الربط الكهربائي والاستثمار في الموانئ والإعمار وإنشاء الممرات التجارية في الدول المجاورة، هذه المشروعات لا تشكل نموًا في البنى التحتية فحسب، بل هي شرايين يتم من خلالها تبادل الفرص والمصالح، وتتوحد عبرها الجهود والأهداف.
من جهة أخرى، تؤكد دراسات البنك الدولي أن التكامل الاقتصادي الإقليمي قادر على رفع الناتج الجماعي للدول المشاركة بنسبة قد تصل إلى %13، وتؤثر هذه النسبة في خلق الفرص والوظائف، وتراجع الهجرة، ودعم الاستقرار.
يظهر التحول الأهم في الرؤية السعودية: في الانتقال من فلسفة «المساعدات» إلى منطق «الشراكات»، فالمملكة اليوم لا تقدم الهبات من موقع المانح، بل تستثمر من موقع الشريك، ويعكس هذا التحول في الفلسفة التنموية وعيًا متقدمًا لدى صانع القرار السعودي.
في الجانب الفلسفي، كتب الفيلسوف السياسي «جون رولز» عن مبدأ العدالة الدولية التي تقوم على مسؤولية الدول المزدهرة تجاه جوارها، وكتب فيلسوف الاقتصاد «أمارتيا سن» عن أهمية الارتباط بين التنمية البشرية والاستقرار السياسي، من هنا تتجاوز فلسفة «الجوار المزدهر» التي تنطلق منها السعودية اليوم التنظير السياسي لتكون إستراتيجية تنموية محكمة، قادرة على تخطي العقبات وتذليل الصعوبات والترفع عن المواقف المنغلقة لبعض العابرين على المشهد.
في هذا السياق أيضًا نقرأ تجارب دولية تاريخية: الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لم تنتظر حتى تتعافى أوروبا من تلقاء نفسها، بل أطلقت «خطة مارشال» التي ضخت أموالًا طائلة في اقتصادات مدمرة، لأن استقرار أوروبا وازدهارها كان يشكل مصلحة أمريكية، الصين اليوم تفعل الشيء ذاته عبر مبادرة «الحزام والطريق» التي تستثمر من خلالها في طاجيكستان وقيرغيزستان وشرق إفريقيا لبناء عمقها الإستراتيجي، كما يمكننا التأمل في فلسفة التكتلات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي الذي نشأ من فكرة مفادها: اجعلوا الاقتصاد جسرًا نحو السلام، لا وقودًا للصراع.
تمضي السعودية في هذا المسار لتصوغ نموذجًا عربيًا أصيلًا للقيادة الإقليمية، فهي لا تفرض الهيمنة بالقوة، ولا تسعى للاستحواذ على قرار الآخرين، بل تبني نفوذها عبر التمكين، وتصنع السلام عبر خلق المصالح المشتركة، وتقدم رؤية للدور الإقليمي يرتكز على أن بناء القوة لا يكون بإضعاف الجيران، بل بتحويلهم إلى شركاء في الرخاء، فالازدهار قابل للانتقال إذا وجدت الإرادة والقيادة والرؤية.
أخيرًا.. الرؤية السعودية لشرق أوسط مزدهر، مشروع سياسي واقتصادي متكامل، يتعامل مع الجوار بوصفه امتدادًا للأمن ومجالًا للنمو وساحة للنفوذ الثقافي والإنساني، وقد حققت السعودية بالفعل خطوات كبرى في مشروعها من خلال دبلوماسيتها واستثماراتها وقيادتها التي تعمل اليوم على صناعة التاريخ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد عقود على هيروشيما... دمار غزة يروي الكارثة من جديد
بعد عقود على هيروشيما... دمار غزة يروي الكارثة من جديد

Independent عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • Independent عربية

بعد عقود على هيروشيما... دمار غزة يروي الكارثة من جديد

مع ظهور صور صادمة جديدة لمدينة غزة وقد سويت أحياؤها بالأرض وغطاها الرماد والغبار، يتوقف العالم لاستذكار صراع آخر خلف دماراً واسعاً: القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما. خلال السادس من أغسطس (آب) 1945، أطلقت الولايات المتحدة القنبلة النووية "ليتل بوي" على المدينة اليابانية، فتبخر عشرات الآلاف في ثوانٍ، وقتل أكثر من 140 ألف شخص خلال الأشهر التالية. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت اليابان استسلامها، منهية الحرب العالمية الثانية. في الذكرى الـ80 للتفجير، عبرت منظمات حقوقية وناشطون يابانيون من هيروشيما عن مخاوفهم حيال ما يجري في غزة، محذرين من أن العالم لم يتعلم بعد من دروس الماضي. مدير الاستجابة للأزمات في فرع منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة كريستيان بينديكت ، قال لـ"اندبندنت"، "عندما توضع صور غزة جنباً إلى جنب مع صور هيروشيما قبل 80 عاماً، فإن أوجه الشبه لافتة. مثل هيروشيما، الدمار في غزة كارثي، عائلات كاملة أُبيدت، أطفال دُفنوا تحت الأنقاض، ومستشفيات ومدارس لم يبق منها أثر". وأوضحت مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) جولييت توما، أن إحدى زميلاتها كانت أخيراً في رفح، المنطقة الواقعة جنوب غزة والتي دُمرت إلى حد كبير جراء القصف الإسرائيلي. وأضافت "كانت تقود سيارتها للخروج من غزة عبر رفح جنوباً، وقالت إن رفح بدت وكأنها هيروشيما. سألتها إن كانت لديها صور، فقالت إن التصوير غير مسموح. لكننا بحثنا معاً عن صور لهيروشيما على 'غوغل'، فقالت 'هذا بالضبط ما تبدو عليه [رفح] اليوم'". تصر إسرائيل على أن حركة "حماس" تتحمل المسؤولية عن الحرب -التي اندلعت بعد مقتل نحو 1200 شخص وخطف أكثر من 250 آخرين على يد الجماعة المصنفة إرهابية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023- وعن حجم الدمار في غزة. عند سؤاله في مقابلة حديثة مع قناة "سكاي نيوز" عن "تسوية" غزة بالأرض، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية "نحن نعتبر أية إصابة للمدنيين مأساة، إلا أن هذه المنظمة الإرهابية "حماس"، تتبع ذلك كجزء من استراتيجيتها. إنهم يعرضون الأبرياء للخطر ويستخدمونهم دروعاً بشرية. أما إسرائيل، فعلى العكس، تبذل كل جهد ممكن لمنع وتقليل الضرر الذي قد يلحق بالمدنيين إلى أدنى حد، بما في ذلك إجلاء المدنيين من مناطق القتال". وعلى بعد آلاف الأميال داخل هيروشيما، ترددت المخاوف في شأن مستقبل غزة خلال فعالية أقيمت الأربعاء الماضي لإحياء الذكرى. "لا للسلاح النووي، أوقفوا الحرب" و"حرروا غزة! لا مزيد من الإبادة الجماعية" كانت بعض الشعارات التي رفعها مئات المتظاهرين خارج متنزه النصب التذكاري للسلام، حيث حضر رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا مراسم رسمية. وللمرة الأولى، حضر الفعالية ممثل عن فلسطين، إلى جانب نحو 55 ألف مشارك، بينهم وفود من عدد قياسي من الدول بلغ 120 دولة، من بينها روسيا وبيلاروس. ووقف الحضور دقيقة صمت عند الساعة 8:15 صباحاً، تزامناً مع قرع "أجراس السلام" خلال التوقيت نفسه الذي ألقيت فيه القنبلة على هيروشيما من قاذفة أميركية من طراز "بي 29". رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي حذر من الميل المتزايد إلى تقبل فكرة استخدام الأسلحة النووية كخيار لتحقيق الأمن القومي، في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا والنزاعات الدائرة داخل الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وروسيا تحتفظان بمعظم الترسانة النووية في العالم. وقال ماتسوي "إن هذه التطورات تتجاهل بصورة فاضحة الدروس التي كان ينبغي على المجتمع الدولي أن يستخلصها من مآسي التاريخ، وهي تهدد بنسف أطر بناء السلام التي بذل كثر جهوداً شاقة لإرسائها". وخلال يونيو (حزيران) الماضي، شنت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد" مستهدفة منشآت إيران النووية ومواقع صواريخها الباليستية، في محاولة لإحباط أي مسعى من طهران لتطوير سلاح دمار شامل. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كرر مراراً التحذير من العواقب التي قد تترتب إذا ما حصلت إيران على أسلحة نووية، وما قد تسببه من دمار. متظاهرون يجلسون أمام "قبة القنبلة الذرية" قبيل مراسم إحياء الذكرى الـ80 للقصف النووي على هيروشيما (أ ب) وقال بعض الناجين من هيروشيما، الأربعاء الماضي، إنهم شعروا بخيبة أمل من تصريح أدلى به دونالد ترمب خلال الآونة الأخيرة، إذ برر فيه الهجوم الذي شنته واشنطن على إيران خلال يونيو الماضي بمقارنته بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المدرس السابق كوسي ميتو البالغ من العمر 79 سنة، والذي تعرض للإشعاع وهو لا يزال جنيناً في بطن أمه "هذا أمر سخيف. لا أعتقد أن بوسعنا التخلص من الأسلحة النووية طالما ظل المعتدي يبرر استخدامها". وفي الفاتيكان، قال البابا لاوون الـ14 الأربعاء الماضي إنه يصلي من أجل من عانوا آثاراً جسدية ونفسية واجتماعية جراء القنبلة الذرية على هيروشيما، مضيفاً أن هذه المأساة تظل "تحذيراً عالمياً من الخراب الذي تسببه الحروب، وبخاصة الأسلحة النووية".

ماذا تخبئ قمة ترمب وبوتين للعالم؟
ماذا تخبئ قمة ترمب وبوتين للعالم؟

Independent عربية

timeمنذ 10 ساعات

  • Independent عربية

ماذا تخبئ قمة ترمب وبوتين للعالم؟

على مدى الأشهر السبعة الماضية تساءل كثر عن سر الرغبة الجارفة التي يبديها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في لقاء فلاديمير بوتين، فعلى رغم عزوف الأخير وغلقه كل أبواب الحوار مع الولايات المتحدة، بدا ترمب متحفزاً لإحياء علاقة كثيراً ما انتقد بسببها. وعلى رغم الفوارق الأيديولوجية والسياسية والكراهية التي يكنها أقوى حلفاء واشنطن الغربيين تجاه بوتين باعتباره المسؤول عن نشوب الحرب الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، فإن ترمب مضى في مساعيه لطي صفحة الخلاف، وعقد قمة ثنائية مع الرئيس الروسي. وهكذا أصبح ستيف ويتكوف، صديق ترمب ومبعوثه للمهام الصعبة، زائراً دائماً للكرملين، حيث التقى بوتين خمس مرات، آخرها الأربعاء الماضي، وهو اللقاء الذي أثمر أخيراً اتفاقاً لعقد لقاء الزعيمين الجمعة، وتحدد موقع إقامته في ألاسكا بحسب الرئيس الأميركي. حلم ترمب المؤجل القمة المرتقبة لن تكون فحسب خطوة نحو إنهاء الحرب الأوكرانية، فالرئيس الأميركي يسعى أيضاً إلى تحقيق الهدف الذي وضعه منذ نحو 9 سنوات، وهو إعادة الدفء إلى العلاقات الروسية – الأميركية، وقد عبر عن ذلك في تجمع انتخابي عام 2016 قائلاً، "ألن يكون عظيماً لو كنا على وفاق مع روسيا". لكن في 2017 استقر ترمب في واشنطن كضيف جديد وقليل الخبرة بأسرارها، وشكل إدارته الأولى من شخصيات سرعان ما اختلف معها، وكان ذلك سبباً في إعاقة خططه بالتقارب مع روسيا، إذ كان الصقور الجمهوريين أكثر تشككاً منه في شأن نيات سيد الكرملين. أزمة التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات لمنع فوز هيلاري كلينتون كانت أيضاً سبباً في عرقلة التقارب، وفق المفكر الأميركي جون ميرشايمر، فالأزمة التي تحولت إلى قضية رأي عام، سلبت الرئيس الجمهوري فرصة التحرك بحرية تجاه موسكو، وبدا أن ترمب لم يتجاوز حنقه تجاه باراك أوباما، فحمله هذا العام مسؤولية الترويج لهذه "الأكذوبة"، واتهمه بـ"الخيانة" لأنه قاد محاولة للربط بينه وبين روسيا من دون وجه حق. بوتين المحبوب بوتين المكروه الرئيس الروسي، ابن الـ"كي جي بي" الذي يقر له الخصوم بذكائه، لم يكن دائماً مثار الخصومة في الغرب، فبعد عامين من انتخابه رسمياً للرئاسة عام 2000، نشأ "مجلس 'الناتو' وروسيا" وبدا بوتين مرتاحاً للغاية بين جيرانه الأوروبيين حتى إنه مازحهم في أحد الاجتماعات قائلاً إنه يقترح "تغيير اسم مقر 'الناتو' إلى بيت السوفيات". استذكر الأمين السابق لحلف "الناتو" جورج روبرتسون تلك اللحظة قائلاً إن النكتة بثت الذعر في الوفد البولندي، لكنها كانت دلالة على الإشارات الإيجابية التي حرص الرئيس الروسي دائماً على إرسالها، ومنها قوله لأمين الحلف عام 2000 إنه يريد تحسين العلاقات بين موسكو و"الناتو" خطوة بخطوة. بوتين أيضاً أقام علاقات ودية مع نظرائه الأميركيين، وكان أول الرؤساء الذين هاتفوا جورج دبليو بوش في أعقاب هجوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وما زال مشهد رقصه مع بوش محفوراً في الذاكرة، وأفضل مثال لإبراز التحول في العلاقات الأميركية – الروسية من الحفاوة إلى الخصومة. يعبر بوش نفسه عن تلك المرحلة قائلاً، "لقد وجدت بوتين صريحاً وجديراً بالثقة. لقد استشعرت جوهره. ولم أكن لأدعوه إلى مزرعتي لو لم أثق به"، وغيره كثير من قادة دول "الناتو" الذين استبشروا بالزعيم الروسي ذي النبرة الهادئة قبل أن ينقلبوا عليه. الرؤساء الديمقراطيون كانوا أيضاً على وفاق مع بوتين، كان مشهد أوباما وهو يتبادل الضحكات مع بوتين العلامة الفارقة في قمة مجموعة الـ20 التي احتضنتها المكسيك في 2012. وقبله بيل كلينتون صرح بأن الولايات المتحدة قادرة على التعامل تجارياً مع بوتين. لكن عندما ترشح ترمب إلى الرئاسة عام 2016، كان الحرس الجمهوري القديم متشدداً تجاه بوتين، بل إن الجمهوريين كانوا ينتقدون بشدة إدارة أوباما لرفضها تزويد الحكومة الأوكرانية بالأسلحة الفتاكة رداً على الهجمات التي دعمتها موسكو على شرق أوكرانيا. وآخر مرشحين جمهوريين للرئاسة، وهما جون ماكين وميت رومني، وضعا روسيا على رأس قائمة خصوم الولايات المتحدة، بل وشتما بوتين علناً، لكن ترمب خالف التقاليد، ورحب بفتح صفحة جديدة مع الرئيس الروسي، وكان يتخيل عالماً تكون في أميركا وروسيا على وفاق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تغير المزاج الغربي وصل ترمب إلى الحكم بعد نحو عقد من تغير المزاج الغربي تجاه بوتين، وتغير خطاب بوتين نفسه تجاه الغرب، ففي 2007 تحدث الرئيس الروسي أمام "مؤتمر ميونيخ للأمن" عن أفكاره بوضوح، وقال، "دولة واحدة، وهي الولايات المتحدة، تجاوزت حدودها الوطنية، بكل الطرق". كان بوتين وقتها مستاءً من توسع "الناتو"، وقال في سياق انتقاده الخطط الأميركية لإنشاء نظام دفاع صاروخي في أوروبا الوسطى، "لقد وزعت أحجار جدار برلين منذ فترة طويلة كتذكارات، والآن يحاولون أن يفرضوا علينا خطوط تقسيم وجدران جديدة". ولم يمر وقت طويل حتى أظهر بوتين استعداده لاستخدام القوة العسكرية لزعزعة الأنظمة الموالية للغرب في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وتجلت جرأته عندما ضم شبه جزيرة القرم في 2014، مما مهد إلى الحرب الشاملة ضد أوكرانيا في 2022، التي يرى بوتين أنها ضرورية للدفاع عن روسيا من أطماع "الناتو". ومع إلقاء الرئيس بايدن بثقل الولايات المتحدة خلف أوكرانيا، بالسلاح والكلمات، تدهورت العلاقات الأميركية – الروسية إلى أدنى مستوياتها، وانقطع الخط الساخن للطوارئ بين الكرملين والبيت الأبيض الذي يعود تاريخ لأزمة الصواريخ الكوبية 1962، في حين لوحت روسيا بإمكان استخدام الأسلحة النووية. الحذر من "فخاخ بوتين" فشل ترمب في تحقيق هدفه الطموح بإنهاء الحرب الأوكرانية بغضون 24 ساعة من ولايته الثانية، ومن خلال القمة المرتقبة مع بوتين، يحاول الرئيس الأميركي تحقيق اختراق في المفاوضات واستعادة توازن العلاقات مع روسيا. وفي هذا المسعى، لم يخف ترمب ضيقه من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إذ انتقده علناً، وأوقف مساعدات عسكرية مراراً، متذرعاً برغبته في "دفع الطرفين نحو السلام". لكن بالنسبة إلى الغرب لم يظهر بوتين حتى الآن استعداداً حقيقياً للتفاوض، على رغم الضغوط والعقوبات والرسائل الأميركية المتكررة. ولم يعلق الروس على إمكان عقد لقاء ثلاثي يضم أيضاً الرئيس الأوكراني، مما يعكس هشاشة خطوط التواصل في شأن أوكرانيا. وفيما يتحدث ترمب عن "محادثات بناءة" مع بوتين، فإن مسؤولين في البيت الأبيض يلمحون إلى تعقيدات التفاوض، بخاصة حول وقف إطلاق النار، وما إذا كانت روسيا ستقدم تنازلات حقيقية مقابل تخفيف العقوبات. وتخشى أوكرانيا أن يستغل بوتين حرص ترمب على الظهور بمظهر صانع السلام لإحراج واشنطن، ودفعها نحو فرض شروط مجحفة على كييف، وهو ما حذر منه زيلينسكي صراحة، قائلاً في مقابلة تلفزيونية إن روسيا تبدو الآن أكثر التزاماً بوقف إطلاق النار. الضغط يجدي نفعاً، لكن الأهم ألا يخدعوننا والولايات المتحدة". وقال المتخصص في مجال السياسة الروسية في جامعة كينغز كوليج بلندن سام غرين إن بوتين "أخرج نفسه من موقف ضعف كبير وحول هذه العملية برمتها إلى وضع يتوافق تماماً مع ما يحتاج إليه تقريباً". وصرح زيلينسكي أمس السبت أن الدستور الأوكراني لا يسمح لكييف بالتفاوض على التنازل عن أراضي البلاد، في حين أبلغ ترمب المسؤولين الأوروبيين أن الاجتماع مع بوتين سيعقبه قمة ثلاثية تضم بين بوتين وزيلينسكي، لكن الكرملين سارع إلى نفي أي وعد من هذا القبيل. التقارير تشير إلى أن الكرملين يدرس وقفاً جزئياً للهجمات، تحديداً الصواريخ والطائرات المسيرة، لكن دون التزامات طويلة الأمد. ووثقت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 6700 مدني أوكراني في النصف الأول من هذا العام، فيما وصف ترمب القصف الروسي بأنه "مقزز" و"عار". وعلى رغم كثافة اللقاءات بين المبعوث الأميركي ويتكوف وبوتين، لم تنجح واشنطن حتى الآن في الحصول على تنازلات حقيقية، إذ لا يزال بوتين متمسكاً بشروطه، وعلى رأسها بقاء أوكرانيا خارج "الناتو"، والاعتراف بالسيطرة الروسية على الأراضي المحتلة. ويرى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن "الضغط بدأ يؤتي ثماره"، مشيراً إلى أن روسيا ربما للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، بدأت تعرض "شروطاً ملموسة"، حتى وإن كانت غير مقبولة بالكامل من قبل أوكرانيا أو حلفائها. ويريد بوتين تعهداً رسمياً بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أو أي تحالفات عسكرية غربية أخرى، ومنعها من استضافة قوات غربية على أراضيها، أو بناء جيش يهدد روسيا. وأوضح مدير مركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا ألكسندر غابوييف أن بوتين سيدخل القمة المقررة الجمعة في ألاسكا وأمامه سيناريوهات عدة، تشمل التوصل إلى اتفاق مرض مع ترمب ينجح الرئيس الأميركي في فرضه على أوكرانيا، أو اتفاق مُرضٍ مع ترمب يرفضه زيلينسكي، مما يدفع الولايات المتحدة إلى التخلي عن أوكرانيا. أما الخيار الثالث، بحسب غابوييف، فهو أن يواصل الرئيس الروسي الحرب لمدة تراوح ما بين 12 و18 شهراً، على أمل استنزاف القوات الأوكرانية قبل أن تفقد آلة الحرب الروسية زخمها. بعد إقليمي لقمة ترمب - بوتين على رغم أن الحرب في أوكرانيا تتصدر أولويات القمة المرتقبة، فإن عودة الحوار رفيع المستوى بين واشنطن وموسكو قد تحمل في طياتها تأثيرات إقليمية، لا سيما في ما يخص إيران، التي تسعى الولايات المتحدة إلى إبقائها في موقف تفاوضي ضعيف قبيل استئناف المحادثات النووية. ويرى مراقبون أن الانفتاح الأميركي – الروسي يمكن توظيفه في ملفات أخرى شديدة الحساسية في الشرق الأوسط، وفي مقدمها الملف الإيراني، فالولايات المتحدة تدرك أن أي تباين بين موسكو وطهران يمكن أن يشكل ورقة ضغط دبلوماسية فعالة، بخاصة بعد ضعف الدعم الروسي لإيران في حربها مع إسرائيل. ولفت غرانت روملي وآنا بورشفسكايا الباحثان في "معهد واشنطن" إلى أن المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، التي دامت 12 يوماً، كشفت عن حدود العلاقات بين طهران وكل من موسكو وبكين، فبينما ترتبط الدول الثلاث بشراكات استراتيجية وتعاون دبلوماسي، إلا أن الأزمة الأخيرة أظهرت أن هذا التحالف ليس متماسكاً كما يصور. ويرى الباحثان أن هذا الموقف المتحفظ يعد مؤشراً إلى خطوط صدع بدأت تتشكل داخل ما يفترض أنه محور ثلاثي، وهذا يضع أمام الولايات المتحدة فرصة دبلوماسية ثمينة ينبغي استغلالها عبر تعميق الفجوة بين طهران وموسكو من جهة، وبين طهران وبكين من جهة أخرى بهدف إبقاء إيران في وضع استراتيجي هش، لا يمكنها من فرض شروط قوية في أي مفاوضات نووية مقبلة.

9 دول أوروبية ترفض خطط إسرائيل للسيطرة على غزة
9 دول أوروبية ترفض خطط إسرائيل للسيطرة على غزة

شبكة عيون

timeمنذ 19 ساعات

  • شبكة عيون

9 دول أوروبية ترفض خطط إسرائيل للسيطرة على غزة

9 دول أوروبية ترفض خطط إسرائيل للسيطرة على غزة ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: أعلنت تسع دول أوروبية، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، رفضها الشديد لخطط الحكومة الإسرائيلية للسيطرة على قطاع غزة، ووصفت الخطوة بأنها احتلال، مع إدانة تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع. وجاء الموقف في بيان مشترك أعقب إعلان إسرائيل نيتها توسيع عملياتها العسكرية وصولاً إلى السيطرة الكاملة على غزة. وشهد الموقف الأوروبي تحركات بارزة، منها قرار ألمانيا وقف تصدير أسلحة لإسرائيل بقيمة 365 مليون يورو لعام 2023، ودعوة رئيسة المفوضية الأوروبية لوقف فوري لإطلاق النار، إلى جانب تصريحات رئيس المجلس الأوروبي التي وصف فيها ما يجري بأنه كارثة إنسانية وانتهاك للقوانين الدولية. كما جددت فرنسا دعوتها للاعتراف بدولة فلسطين، بينما استدعت بلجيكا السفير الإسرائيلي لمناقشة القرار. ويرى مراقبون أن هذا التحول يعكس ضغوطاً شعبية متزايدة، مع خروج مظاهرات حاشدة في عدة عواصم أوروبية، أبرزها في هولندا وبلجيكا، شارك فيها شباب وطلاب جامعات، إضافة إلى موظفين حاليين وسابقين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مطالبين بموقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل. ويأتي هذا التحول في مواقف بعض الدول الكبرى، مثل ألمانيا، رغم استمرارها في تزويد إسرائيل بقطع غيار الدبابات، ما يثير جدلاً سياسياً داخل الاتحاد الأوروبي، في ظل توقعات بمزيد من التطورات خلال الفترة المقبلة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات الحكومة المصرية: افتتاح المتحف المصري الكبير في 1 نوفمبر المقبل مصر.. تنسيق حكومي لرفع كفاءة شركات قطاع الأعمال واستغلال الأصول بأعلى عائد مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه الحكومة السعودية مصر اقتصاد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store