logo
حوار أوروبَّا تحت الاختبار..."تململ سياسيّ" خجول أمام مجازر غزَّة

حوار أوروبَّا تحت الاختبار..."تململ سياسيّ" خجول أمام مجازر غزَّة

فلسطين أون لاينمنذ 7 ساعات

لندن-غزة/ نبيل سنونو:
هل استيقظت أوروبا بعد 20 شهرًا من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة؟ سؤال يطرحه بروز اختلاف في نبرة بعض عواصم القارة العجوز تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية.
لكن ذلك الاختلاف، الذي بدأ بالظهور تحت ضغط الرأي العام لم يرقَ بعد إلى مستوى الفعل الرادع.
بريطانيا، التي لطالما كانت حليفا تقليديا لـ(إسرائيل)، اتخذت أخيرا خطوات رمزية، أثارت تساؤلات حول جديتها في وقف الجرائم المستمرة، وسط دعوات فلسطينية وأوروبية لتصعيد الإجراءات فعليا.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الثلاثاء، سلسلة من الإجراءات ضد (إسرائيل)، شملت تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، واستدعاء سفيرة الاحتلال الإسرائيلي في لندن، وفرض عقوبات محدودة على بعض المستوطنين في الضفة الغربية.
لكن منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني (يوروبال) يرى في هذه الخطوات مجرد تعبير عن ضغط داخلي متزايد، دون أن تمثل تحولا فعليا في السياسة البريطانية تجاه العدوان المتواصل على غزة.
ويقول رئيس المنتدى زاهر بيراوي لصحيفة "فلسطين": إن التحركات البريطانية الأخيرة تعكس تململا سياسيا أكثر مما تشير إلى تحول جوهري في الموقف الأوروبي من العدوان.
وخلال مناقشات البرلمان البريطاني التي أعقبت إعلان لامي، عبر عدد من النواب عن قلقهم من التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي وممارسات الحكومة، لا سيما استمرار صادرات الأسلحة إلى (إسرائيل).
وسلط النائب جيرمي كوربين الضوء على هذا التناقض، بينما دعا النائب شوكات آدم إلى تعليق الاتفاقيات التجارية القائمة، وليس فقط تلك التي لم تُوقّع بعد.
في هذا السياق، كشف منتدى يوروبال عن موافقة حكومة حزب العمال على تراخيص تصدير عسكري إلى (إسرائيل) بلغت قيمتها أكثر من 127 مليون جنيه إسترليني خلال الربع الأخير من عام 2024، أي ما يفوق مجمل ما وافقت عليه حكومة المحافظين خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يشكل -وفق المنتدى- تناقضا مقلقا مع خطاب "ضبط النفس" الذي تبناه وزير الخارجية.
ويدعو بيراوي، المملكة المتحدة إلى اتخاذ إجراءات تتجاوز الرمزية، وتشمل فرض حظر كامل على تصدير الأسلحة لـ(إسرائيل)، وتعليق الاتفاقيات التجارية والأمنية القائمة، وتقديم دعم حقيقي للمسار القضائي الدولي الهادف إلى إنهاء الإفلات من العقاب.
ويشدد على ضرورة أن تكشف الحكومة البريطانية عن تقييماتها الداخلية لارتكاب (إسرائيل) جريمة إبادة جماعية في غزة، وهي مطالبة سبق أن طرحتها النائبة كارلا دينير، كاختبار حقيقي لمدى التزام لندن بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
غضب شعبي وتردد رسمي
ولا تقتصر التحركات السياسية على بريطانيا، إذ أبدت دول أوروبية أخرى – كإيرلندا وإسبانيا وبلجيكا – مواقف أكثر تقدما، مطالبة بوقف الحرب وتفعيل أدوات المحاسبة الدولية. ومع ذلك، لا يزال الأداء الرسمي الأوروبي أسير توازنات الحلف الأطلسي والمصالح الاقتصادية والأمنية مع (إسرائيل).
ورغم خروج مظاهرات حاشدة في العواصم الأوروبية مطالبة بوقف العدوان وقطع العلاقات العسكرية مع (تل أبيب)، فإن الاستجابة السياسية بقيت حذرة، وتفتقر إلى الجرأة اللازمة لاتخاذ خطوات مؤثرة.
ويقول بيراوي: "هناك تحولات إيجابية غير مسبوقة في المواقف الأوروبية الرسمية ضد دولة الاحتلال وجرائمها في غزة، ومع ذلك، لا تزال هذه المسائل رمزية إلى حد كبير، وتفتقر إلى التأثير الفعال والفوري، وهي غير كافية لوقف الإبادة الجماعية".
وفي إطار المواقف الأوروبية، شهد الموقف الفرنسي من حرب غزة تحولا واضحا؛ فبعد دعمها الأولي لـ(إسرائيل)، بدأت باريس تنتقد بشدة عمليات الاحتلال العسكرية بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطرح إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية. كما طالبت فرنسا بمراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية مع (إسرائيل) وهددت بإجراءات عقابية.
وأعلنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي سيُراجع اتفاقية شراكته مع (إسرائيل).
لكن بيراوي يؤكد، أن المواقف الحالية للندن وعواصم أوروبية أخرى، وإن كانت تحمل إشارات إيجابية، إلا أنها ما تزال قاصرة عن أداء دورها الفاعل في وقف الجرائم، وفرض العدالة، وإنهاء التواطؤ غير المباشر مع آلة القتل الإسرائيلية.
وعن التعنت الإسرائيلي إزاء أي حديث عن مساءلة أو عقوبات، يرى رئيس "يوروبال" أن هذا الرفض يعكس ثقة حكومة الاحتلال في محدودية ردود الفعل الأوروبية، ويؤكد أن الإجراءات الرمزية وحدها لا تكفي في مواجهة حملة عسكرية توصف دوليا بأنها إبادة جماعية.
ويؤكد أن "الرد الإسرائيلي يعكس الاستهانة بالقانون الدولي، ويبرز الحاجة إلى موقف أكثر صرامة من العواصم الأوروبية، يترجم إلى إجراءات عملية تضع كلفة حقيقية لسياسة القتل والدمار".
وبدعم أمريكي ترتكب (إسرائيل) منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 174 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين قسرا.
وبين ضغوط الشارع وتردد السياسات الرسمية، تظل أوروبا مطالبة باتخاذ موقف أخلاقي وقانوني يتناسب مع حجم الكارثة الجارية في غزة.
المصدر / فلسطين أون لاين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير نزوح قسري من الموت إلى بؤس لا ينتهي في خان يونس
تقرير نزوح قسري من الموت إلى بؤس لا ينتهي في خان يونس

فلسطين أون لاين

timeمنذ 7 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير نزوح قسري من الموت إلى بؤس لا ينتهي في خان يونس

خان يونس/ محمد أبو شحمة: تحت أزيز الطائرات وصوت القصف العنيف وأعمدة الدخان الكثيفة، خرجت عائلة عويضة من منزلها في حي الشيخ ناصر، الواقع شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لا في نزهة أو زيارة عائلية، بل في رحلة نزوح قسرية إلى المجهول، بعد أن نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي إنذارات بالإخلاء لمناطق واسعة من المدينة المنكوبة. لم تحمل العائلة معها سوى حقيبة صغيرة تحوي بعض الأوراق الثبوتية، وصورة قديمة تجمع أفراد الأسرة في لحظة دفء باتت اليوم من الماضي، بينما خرجوا منهكين يسيرون على الأقدام من شرق خان يونس إلى غربها، في ظل غياب شبه تام لوسائل المواصلات بسبب الحصار الخانق، وانعدام الوقود، واختفاء المركبات من الشوارع. شهدت المدينة بأكملها، وخصوصًا أحياؤها الشرقية، حركة نزوح جماعي لآلاف المدنيين، بعد التهديدات المباشرة من جيش الاحتلال بالإخلاء الفوري. في النزوح مشهد مروع لا تخطئه العين، حيث آلاف الأسر تسير مثقلة بالحقائب، بالأطفال، بالخوف، هاربة من موت محقق إلى مصير مجهول، في ظل إبادة جماعية ترتكب بحق المدنيين بدعم وصمت دولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة. كان وجه محمد عويضة، رب الأسرة، شاحبًا حين بدأ بالخروج من بيته الصغير، وعلى كتفيه علق حقائب أطفاله الأربعة، بينما أمسكت زوجته بيد الصغيرة "لين"، وفي يدها الأخرى بقجة خبز يابس صنعته من ما توفر لديهم من المعكرونة والعدس، بعد أن نفد الطحين منذ أيام طويلة، ولم تعد الأسرة قادرة على تحضير أبسط ما يسد الرمق. في طريق النزوح، كانت الأقدام تسبق القلوب، والخوف يتقدم الصفوف، والقصف لم يتوقف، والطائرات تواصل التحليق في السماء، والموت يترصد الأرصفة، والمارة، وحتى الأشجار. رأى عويضة في طريقه أطفالًا نائمين تحت ظلال الشجر، وامرأة تحتضن رضيعها كما لو أنها تحميه من خوف لا ينتهي، حتى بعد أن غادر الحياة. يقول محمد عويضة لصحيفة "فلسطين"، وهو يمسح العرق والغبار عن جبينه المتعب: "لا أحد يعلم إلى أين نسير، فقط نعرف من أين خرجنا، ولكن خرجنا من بيت كان لنا، فيه بعض الطعام، وفيه شعور بالأمان، رغم الخطر المحدق، لكنه كان بيتنا، أما الآن فنحن لاجئون في وطننا". وأضاف بنبرة مشوبة بالوجع: "وقع خبر الإخلاء كالصاعقة، وأعرف تمامًا ما يعنيه النزوح، وما تتطلبه هذه الرحلة من إرهاق جسدي ونفسي، ومن تكلفة باهظة على مستوى الكرامة والإنسانية، ونحن لا نعلم ما ينتظرنا في منطقة المواصي، وإن كنا سنجد هناك مكانًا يأوينا أصلاً". بعد ثلاث ساعات شاقة من السير على الأقدام، وصل محمد عويضة وزوجته وأطفاله إلى منطقة "المواصي"، التي توصف اليوم بأنها منطقة "آمنة" رغم افتقارها لكل مقومات الحياة. لكن كما كان يتوقع، لم يجد هناك مكانًا يستقر فيه، ولم تكن هناك خيام كافية، ولا حتى ظل شجرة يلجأون إليه، فاضطر إلى قضاء ليلته الأولى في العراء، أمام جدار جامعة الأقصى، برفقة آلاف العائلات التي شاركته المصير. اليوم، بدأ محمد عويضة بمحاولات يائسة لبناء خيمة صغيرة من بقايا النايلون والكرتون على جانب الجدار، بهدف توفير الحد الأدنى من الحماية لأطفاله من حرارة الشمس الحارقة في النهار، والبرد القارس الذي يهب مع ساعات الليل الأولى، خاصة عند اقتراب الفجر. لم يكن الخوف من القصف فقط، بل حتى الكلاب الضالة التي تقترب من المخيمات باتت خطرًا إضافيًا يهدد الصغار. ورغم كل الألم، يصر على مواجهة الوضع الجديد الذي يعيشه حاليًا من أجل الحفاظ على حياة أطفاله وزوجته، وعدم السماح لنفسه باليأس أو الاستسلام لما يحصل. المصدر / فلسطين أون لاين

حوار أوروبَّا تحت الاختبار..."تململ سياسيّ" خجول أمام مجازر غزَّة
حوار أوروبَّا تحت الاختبار..."تململ سياسيّ" خجول أمام مجازر غزَّة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 7 ساعات

  • فلسطين أون لاين

حوار أوروبَّا تحت الاختبار..."تململ سياسيّ" خجول أمام مجازر غزَّة

لندن-غزة/ نبيل سنونو: هل استيقظت أوروبا بعد 20 شهرًا من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة؟ سؤال يطرحه بروز اختلاف في نبرة بعض عواصم القارة العجوز تجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية. لكن ذلك الاختلاف، الذي بدأ بالظهور تحت ضغط الرأي العام لم يرقَ بعد إلى مستوى الفعل الرادع. بريطانيا، التي لطالما كانت حليفا تقليديا لـ(إسرائيل)، اتخذت أخيرا خطوات رمزية، أثارت تساؤلات حول جديتها في وقف الجرائم المستمرة، وسط دعوات فلسطينية وأوروبية لتصعيد الإجراءات فعليا. وأعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الثلاثاء، سلسلة من الإجراءات ضد (إسرائيل)، شملت تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، واستدعاء سفيرة الاحتلال الإسرائيلي في لندن، وفرض عقوبات محدودة على بعض المستوطنين في الضفة الغربية. لكن منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني (يوروبال) يرى في هذه الخطوات مجرد تعبير عن ضغط داخلي متزايد، دون أن تمثل تحولا فعليا في السياسة البريطانية تجاه العدوان المتواصل على غزة. ويقول رئيس المنتدى زاهر بيراوي لصحيفة "فلسطين": إن التحركات البريطانية الأخيرة تعكس تململا سياسيا أكثر مما تشير إلى تحول جوهري في الموقف الأوروبي من العدوان. وخلال مناقشات البرلمان البريطاني التي أعقبت إعلان لامي، عبر عدد من النواب عن قلقهم من التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي وممارسات الحكومة، لا سيما استمرار صادرات الأسلحة إلى (إسرائيل). وسلط النائب جيرمي كوربين الضوء على هذا التناقض، بينما دعا النائب شوكات آدم إلى تعليق الاتفاقيات التجارية القائمة، وليس فقط تلك التي لم تُوقّع بعد. في هذا السياق، كشف منتدى يوروبال عن موافقة حكومة حزب العمال على تراخيص تصدير عسكري إلى (إسرائيل) بلغت قيمتها أكثر من 127 مليون جنيه إسترليني خلال الربع الأخير من عام 2024، أي ما يفوق مجمل ما وافقت عليه حكومة المحافظين خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يشكل -وفق المنتدى- تناقضا مقلقا مع خطاب "ضبط النفس" الذي تبناه وزير الخارجية. ويدعو بيراوي، المملكة المتحدة إلى اتخاذ إجراءات تتجاوز الرمزية، وتشمل فرض حظر كامل على تصدير الأسلحة لـ(إسرائيل)، وتعليق الاتفاقيات التجارية والأمنية القائمة، وتقديم دعم حقيقي للمسار القضائي الدولي الهادف إلى إنهاء الإفلات من العقاب. ويشدد على ضرورة أن تكشف الحكومة البريطانية عن تقييماتها الداخلية لارتكاب (إسرائيل) جريمة إبادة جماعية في غزة، وهي مطالبة سبق أن طرحتها النائبة كارلا دينير، كاختبار حقيقي لمدى التزام لندن بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. غضب شعبي وتردد رسمي ولا تقتصر التحركات السياسية على بريطانيا، إذ أبدت دول أوروبية أخرى – كإيرلندا وإسبانيا وبلجيكا – مواقف أكثر تقدما، مطالبة بوقف الحرب وتفعيل أدوات المحاسبة الدولية. ومع ذلك، لا يزال الأداء الرسمي الأوروبي أسير توازنات الحلف الأطلسي والمصالح الاقتصادية والأمنية مع (إسرائيل). ورغم خروج مظاهرات حاشدة في العواصم الأوروبية مطالبة بوقف العدوان وقطع العلاقات العسكرية مع (تل أبيب)، فإن الاستجابة السياسية بقيت حذرة، وتفتقر إلى الجرأة اللازمة لاتخاذ خطوات مؤثرة. ويقول بيراوي: "هناك تحولات إيجابية غير مسبوقة في المواقف الأوروبية الرسمية ضد دولة الاحتلال وجرائمها في غزة، ومع ذلك، لا تزال هذه المسائل رمزية إلى حد كبير، وتفتقر إلى التأثير الفعال والفوري، وهي غير كافية لوقف الإبادة الجماعية". وفي إطار المواقف الأوروبية، شهد الموقف الفرنسي من حرب غزة تحولا واضحا؛ فبعد دعمها الأولي لـ(إسرائيل)، بدأت باريس تنتقد بشدة عمليات الاحتلال العسكرية بسبب الكارثة الإنسانية المتفاقمة. ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطرح إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية. كما طالبت فرنسا بمراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية مع (إسرائيل) وهددت بإجراءات عقابية. وأعلنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي سيُراجع اتفاقية شراكته مع (إسرائيل). لكن بيراوي يؤكد، أن المواقف الحالية للندن وعواصم أوروبية أخرى، وإن كانت تحمل إشارات إيجابية، إلا أنها ما تزال قاصرة عن أداء دورها الفاعل في وقف الجرائم، وفرض العدالة، وإنهاء التواطؤ غير المباشر مع آلة القتل الإسرائيلية. وعن التعنت الإسرائيلي إزاء أي حديث عن مساءلة أو عقوبات، يرى رئيس "يوروبال" أن هذا الرفض يعكس ثقة حكومة الاحتلال في محدودية ردود الفعل الأوروبية، ويؤكد أن الإجراءات الرمزية وحدها لا تكفي في مواجهة حملة عسكرية توصف دوليا بأنها إبادة جماعية. ويؤكد أن "الرد الإسرائيلي يعكس الاستهانة بالقانون الدولي، ويبرز الحاجة إلى موقف أكثر صرامة من العواصم الأوروبية، يترجم إلى إجراءات عملية تضع كلفة حقيقية لسياسة القتل والدمار". وبدعم أمريكي ترتكب (إسرائيل) منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 174 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين قسرا. وبين ضغوط الشارع وتردد السياسات الرسمية، تظل أوروبا مطالبة باتخاذ موقف أخلاقي وقانوني يتناسب مع حجم الكارثة الجارية في غزة. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير مجزرة في مركز إيواء... عائلة "أبو عمشة" تكتب نهايتها بالنَّار والدَّمار
تقرير مجزرة في مركز إيواء... عائلة "أبو عمشة" تكتب نهايتها بالنَّار والدَّمار

فلسطين أون لاين

timeمنذ 10 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير مجزرة في مركز إيواء... عائلة "أبو عمشة" تكتب نهايتها بالنَّار والدَّمار

غزة/ يحيى اليعقوبي: في حالة صدمة وذهول، أفاق النازحون في مدرسة "موسى" بحي الدرج بمدينة غزة، على أصوات انفجارات مرعبة دوت في سماء المدينة، مع توالي أحزمة نارية ضربت جبل الصوراني شرق حي التفاح، قبل الثانية فجر أمس الثلاثاء بعشر دقائق. لكن صدمتهم ازدادت مع اشتعال النار في الطابق الثالث من المدرسة نفسها، ما أدى إلى حالة من الفوضى والذعر، مصحوبة بصراخ وبكاء أطفال ونساء استفاقوا في أكثر لحظات ضعفهم وهم نائمون. بسرعة، التهمت النار الفصول المفتوحة على بعضها، بعد أن دمر استهدافان سابقان الجدران الفاصلة بينهما. وقف الأهالي عاجزين عن إطفاء النيران. في الداخل، تقلب أفراد عائلة أبو عمشة بالنار وهم أحياء، وكانت أحلامهم لا تتعدى البحث عن الأمن داخل المركز، وقطعة خبز تسكت جوعهم. في تلك اللحظات، تعالت صرخات الاستغاثة من خلف النيران، وامتزجت رائحة الدخان بصرخات الألم، لتختلط في النهاية بأجساد 13 فردًا لم ينجُ منهم أحد، محوهم الرماد تمامًا. في زاوية أخرى من المشهد، تجمع أطفال نازحون أسفل معرش في المدرسة، خوفًا من تمدد النيران وإحراق الخيام التي تملأ ساحة المدرسة كما حدث في مراكز أخرى. فيما قضت عائلات أخرى ليلتها في الشوارع المحيطة، حيث كانت النساء تحتضن أطفالهن الذين عادوا للنوم، بينما بقيت عيونهن حارسة عليهم. عائلات محيت من السجل المدني يقف يونس أبو عمشة في وسط مسرح المجزرة الدامية، بعيون دامعة وصوت منهك وملامح شاحبة، يتأمل صرخات الألم الأخيرة لعمه طلال يونس أبو عمشة وزوجته وأبنائه الذين استشهدوا جميعًا، وتم محو العائلة من السجل المدني، وكذلك ابن عمه طارق رشدي أبو عمشة وزوجته وبناته، التي محيت عائلتهم أيضًا من السجل المدني. يسكن القهر صوته ويحفر الحزن أخاديده في ملامح وجهه، يقول أبو عمشة لصحيفة "فلسطين": "كانت العائلة نائمة عندما تعرضت للقصف، فتفحمت أجسادهم بحيث لم نستطع التعرف عليهم. عمي طلال وبناته كانوا عائلة كريمة يحبها الجميع، لديه ابن مهندس وآخر طبيب. وابن عمي طارق كان لديه ثلاث بنات. في الآونة الأخيرة، لم يكن لديهم قطعة خبز يأكلونها، يمر يوم أو يومان وهم يبحثون عن لقمة خبز صغيرة". ويضيف: "رحل الشهداء وهم جائعون، وهذه الحقيقة المرة التي يجب أن يقف العالم أمامها ويصحو ضميره أمام ما نعيشه من إبادة جماعية". بعد ثلاثة أشهر من الحرب، نزحت عائلة أبو عمشة من شمال قطاع غزة إلى حي الدرج، وسكنت في المدرسة باحثةً عن "الأمان" الذي لم تجده هناك، بعد أن نجت من استهدافين سابقين تعرضت لهما المدرسة وأسفرا عن مقتل نحو عشرين شهيدًا. بقربه، كانت إسراء أبو عمشة تحاول جمع ما تبقى من مقتنيات وملابس وطعام نجى من المحرقة الدامية بعدما امتدت النار إلى الفصل الذي كانت تتواجد فيه. لم يفصلها عن الفصل المحترق سوى شادر بلاستيكي، كان الفاصل بين الموت والحياة، لكنه لم يصمد أمام النيران وشظايا صاروخين أطلقتها طائرات إسرائيلية مسيرة. حملت إسراء أطفالها بصرخاتهم المذعورة، فيما كانت شقيقتها ضيفتها في تلك الليلة نزحت مع زوجها وأولادها من شمال غزة تحترق أمام ناظريها، وتصرخ بجسد يحترق. هب الجيران لإطفائها ونقلها إلى المشفى مصابة بحروق من الدرجة الثانية. كانت إسراء شاهدة على مجزرة مروعة، ولحظات لا تُنسى، لا تزال الصدمة تخيم على ملامحها ونبرة صوتها. تجلس على أحد المقاعد بملابس مغبرة ومختلطة بالرماد، وكأنها نسخت مثلها على وجوه وأجساد أطفالها، وتحكي لـ"فلسطين": "جئنا إلى المدرسة نبحث عن مكان آمن بعيدًا عن القصف والصواريخ والموت، لكن الموت والقصف لاحقانا". من زاوية أخرى من المشهد الدامي، تروي وهي تحتضن طفلها الصغير: "تفاجأنا بالاستهداف دون سابق إنذار. احترق الشهداء أمام أعيننا وذابت جلودهم، النار كانت مشتعلة في كل مكان، والمكان مليء بالأطفال والنساء. نحن نازحون جئنا لنبحث عن الأمان وليس للموت". وعن احتراق شقيقتها تضيف بصوت ممزوج بالأسى، وهي تحاول حبس دموعها واستعادة جزء من قوتها بعد ساعات طويلة لم تذق فيها طعم النوم: "جاءت أختي بعد يوم نزوح صعب، نامت هي وأولادها لدينا لمدة مؤقتة إلى أن تجد مكانًا تنزح إليه، لكنها احترقت هي وزوجها بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة، في وضع صعب خاصة مع غياب الدواء والعلاج". ولم تتوقف المجزرة عند هذا الحد، فأحدث الصاروخ فتحة في الطابق وانفجر في الطابق السفلي، ما أدى إلى بتر يدي وقدمي الطفل عبد الكريم أبو عمشة، الذي أطلق صرخة حياة من بين الرماد والموت: "نريد أن نعيش، وأن يعش أطفالنا حياة كريمة، وأن يتوقف شلال الدم". مشاهد مؤلمة على مدار عدة ساعات، انهمك الشاب بلال شاهين بمساعدة بقية الأهالي في أعمال الإنقاذ وانتشال الشهداء، وإزالة آثار المجزرة، وإعادة بعض مظاهر الحياة إلى المركز. لكنه لن ينسى هو وبقية النازحين حياة العائلة التي قضتها تبحث عن الأمن داخل ذلك الركن، الذي سكنته رغم استهدافه سابقًا، وتضررت جدرانه التي امتلأت بالسواد بفعل القصف السابق، "فسكنت العائلة في ما يشبه القفص"، كما يصف. حاول بلال إطفاء الحريق عند اشتعال النيران، لكنه وقف مع آخرين أمام نيران هائلة، وبمعدات بدائية لم تستطع فعل شيء أمام نيران هائجة تأكل كل شيء. يروي لـ"فلسطين": "تفاجأنا بحجم النيران الكبير، ومن خلفها كنا نلمح أجساد العائلة، كانوا مصابين واحترقوا أحياء. انتظرنا وصول طواقم الدفاع المدني، وعندما وصلوا، بصعوبة بالغة استطاعوا إطفاء النيران، وأخرجنا أجساد الشهداء المتفحمة التي لم نستطع التعرف عليها". "حتى طلوع الشمس، لم يعد غالبية النازحين إلى المركز بسبب خوفهم من تكرار قصف المدرسة كما فعل الاحتلال بأماكن أخرى"، أضاف وهو يكمل مهمته في كنس الغبار وإزالة الردم. في ساحة المركز المليئة بالخيام، يلتقط يمن عريف أنفاسه، وهو يجلس بجانب أطفاله وزوجته، يحاولون إعداد طعام الغداء على النار. ينظر إلى الجزء المتفحم من الطابق الثالث بالمدرسة الذي تعرض للقصف، مستحضرًا تفاصيل ليلة دامية عاشها من هذا الركن، يقول: "استيقظنا قبل قصف المدرسة على أثر أحزمة نارية ربما أيقظت من شدة صوتها كافة سكان مدينة غزة. حملت أولادي وخرجت من المدرسة لأن الأطفال صغار، وعاشوا لحظات مرعبة. قضينا ليلتنا في الشارع". وأضاف وهو يكرر كلمات الحمد على النجاة لـ"فلسطين": "لو تمددت النيران كما حدث في مراكز إيواء أخرى، ربما وقعت مجزرة دامية. جئنا إلى هنا منذ ثلاثة أشهر من حي الشجاعية، ولم نتخيل أن يلاحقنا الموت". المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store