
إسرائيل تحارب الصورة... وتواصل التجويع
الفلسطينيين في قطاع غزة
. الصورة التي ظهر فيها المطوق بجسد هزيل تبرز عظامه تحت جلد رقيق وعينين غائرتين أثارت موجة تعاطف واسعة مع ضحايا التجويع في القطاع، لكنها تحولت في الوقت نفسه إلى محور حملة تحريض إسرائيلية شرسة ضد وسائل الإعلام التي نشرتها، وعلى رأسها "ذا غارديان" البريطانية و"نيويورك تايمز" الأميركية.
رداً على التهجم الإسرائيلي، كتبت محررة شؤون القراء العالمية في صحيفة ذا غارديان إليزابيث ريبانز مقالاً تدافع فيه عن خيار نشر الصورة، وتؤكد تمسكها بموقفها. المنصب الذي تحتله ريبانز مستقل داخل المؤسسة الإعلامية، ويُعنى بتلقي شكاوى القراء واستفساراتهم، ومراقبة أداء الصحيفة من حيث الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية في التغطية. وأشارت في مقالها، المنشور أمس الأربعاء، إلى أنه "بين إبريل/ نيسان ومنتصف يوليو/ تموز من هذا العام، أدخل أكثر من 20 ألف طفل في غزة إلى المستشفى لتلقي العلاج من سوء التغذية، من بينهم ثلاثة آلاف يعانون من سوء تغذية حاد، وفقاً لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC)"، وهي مبادرة عالمية تضم في عضويتها وكالات تابعة للأمم المتحدة، مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، و"يونيسف"، إلى جانب منظمات غير حكومية ومعاهد بحثية، وقالت إن "ذا غارديان" نشرت خلال تلك الفترة وفي الأسابيع التالية "صوراً عدة لأطفال جائعين، بينها ما لا يقل عن 20 صورة لأطفال ظهروا في حالة هزال شديد. لكن صورة واحدة ظهرت على الصفحة الرئيسية للموقع في 23 يوليو وعلى الصفحة الأولى من الطبعة المطبوعة في اليوم التالي أثارت جدلاً حاداً".
عرجت ريبانز على الحملة التي قادها الصحافي البريطاني المعروف بدعمه للاحتلال ديفيد كولير، الذي اتهم المؤسسات الإعلامية التي نشرت الصورة بأنها "تروج كذبة حول المجاعة"، واستند إلى تقرير طبي يعود إلى مايو/ أيار 2025، يفيد بأن الطفل مصاب بالشلل الدماغي، كما ذكرت أن قارئاً تواصل معها مباشرة ووصف الصورة بأنها "مفبركة"، وكذلك قارئ آخر قال "بالتأكيد هذا الطفل المسكين يعاني. ولكن هل هذا بسبب الجوع؟ بل بسبب عدة حالات طبية وُلد بها محمد... عليكم التأكد من أن قراءكم يعرفون السبب الحقيقي وراء هذه الصورة". وردت عبر التأكيد على أن "توفر هذه المعلومة (الحالة الصحية للطفل) ليست دائماً بالأمر السهل. الحرب فوضوية، والظروف الفردية معقدة بطبيعتها". وأضافت: "إسرائيل تمنع الصحافيين الأجانب من دخول غزة، ما يعني الاعتماد على صحافيين محليين، بمن فيهم المصورون الذين يعملون في ظروف صعبة وخطيرة. تتلقى ذا غارديان نحو ألف صورة يومياً من غزة، مقدمة من وكالات الصور الكبرى أو عبرها. وصورة محمد وصلتها عبر وكالة Getty من وكالة الأناضول التركية الحكومية".
وفي حين أقرت بأن الصحيفة البريطانية لم تكن على علم بالحالة الصحية للطفل، إلا أنها سألت: "هل كان ينبغي على المحررين الاستفسار؟ قال المحررون المعنيون الذين تحدثت معهم إن رؤية جسده المنهك لم تكن ملفتة بشكل خاص؛ إذ إنهم شاهدوا صوراً مماثلة باستمرار على مدى شهور". وأضافت: "في أزمة جوع، يشير الخبراء إلى أن الأطفال والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية موجودة مسبقاً هم من بين الأكثر عرضة للخطر. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، من بين 63 حالة وفاة مرتبطة بسوء التغذية سجلت في يوليو، كان هناك 24 طفلاً دون سن الخامسة، وهذا يشكل 38%، في حين أن الأطفال دون الخامسة يمثلون نحو 15% من إجمالي سكان غزة. الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النمو قد تكون لديهم احتياجات غذائية خاصة. قال طبيب أطفال تحدثت معه إن التشخيص غالباً ما يكون تحدياً في البيئات التي تفتقر إلى أدوات الكشف المبكر، ما يعني أن الشلل الدماغي، على سبيل المثال، لا يُشخّص بشكل نهائي أحياناً حتى يبلغ الطفل عامين".
إعلام وحريات
التحديثات الحية
"أونست ريبورتينغ"... حاجز صهيوني على الكلمة والصورة
وتابعت: "قال المحررون إن الإشارة إلى المشاكل الصحية القائمة لدى محمد كانت ستُدرج لو عُرفت - وقد عدلت تعليقات الصور الآن - لكنهم يرون أن الصور لا تزال صالحة للنشر، ويقولون إن الطفل المريض الذي يعاني من الجوع ليس أقل استحقاقاً لانتباهنا من أي طفل آخر". وختمت ريبانز مشددة على تمسكها بالصورة، فقالت: "من جانبي، أوافق على أن المعلومات المفقودة كانت ذات صلة بقراءة أكثر اكتمالاً للصورة. لكن ذا غارديان لم تعتمد، كما زعم البعض، على هذه الصورة وحدها لتوضيح ما وصفه تقرير IPC بعد أيام (رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض هذا التقييم) بأنه مجاعة آخذة في التفاقم. وإذا ما اعترفنا بأن الأكثر هشاشة هم الأكثر تأثراً بنقص الغذاء والخدمات الصحية، فإن نشر هذه الصورة لمعاناة حقيقية لم يكن، في رأيي، عملاً مخادعاً".
"نيويورك تايمز" كانت قد ردت أيضاً على الحملة الإسرائيلية بحقها بعد نشرها صورة المطوق على صفحتها الأولى قبل أسبوعين. عدّلت "نيويورك تايمز" تقريرها حول التجويع في غزة، لتضيف أن محمد المطوق "يعاني من مشكلات صحية سابقة"، مستندةً إلى ما قالت إنه "معلومات جديدة من المستشفى وسجلات طبية". وأصدرت متحدثة باسم الصحيفة البيان التالي: "الأطفال في غزة يعانون من سوء تغذية ويواجهون خطر المجاعة، كما وثّق صحافيو نيويورك تايمز وآخرون. ونشرنا أخيراً تقريراً عن أكثر المدنيين عرضة للخطر في غزة، بمن فيهم محمد زكريا المطوق، البالغ من العمر نحو 18 شهراً، والذي يعاني من سوء تغذية حاد. ومنذ ذلك الحين، تلقينا معلومات جديدة، بما في ذلك من المستشفى الذي عالجه وسجلاته الطبية، وحدثنا التقرير لإضافة سياق يتعلق بمشكلاته الصحية السابقة. هذا التفصيل الإضافي يمنح القرّاء فهماً أوسع لحالته. صحافيونا ومصورونا يواصلون تغطية ما يحدث في غزة بشجاعة وحساسية، وعلى حساب سلامتهم الشخصية، كي يرى العالم عواقب هذه الحرب عن كثب".
ومع ذلك، تواصل الهجوم عليها، واتهمها رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينت بـ"الترويج لتشويه دموي"، زاعماً أن الطفل يعاني من "حالة صحية سابقة"، وصورته ليست دليلاً على المجاعة، ووصف التقرير بأنه "افتراء دموي عصري". واستمرت منظمة أونست ريبورتينغ الصهيونية في تحريضها على الصحيفة فكتبت، تحت عنوان "اعتذار نيويورك تايمز الشكلي عن فرية الدم البغيضة"، أن "خمسة أيام من الضغط من القنصلية الإسرائيلية في نيويورك ومنظمات مثل أونست ريبورتينغ استغرقت صحيفة نيويورك تايمز حتى تعترف بخطئها"، ثم استنكرت تمسك الصحيفة "بالرسالة الضمنية التي حاولت إيصالها عبر نشر الصورة، وهي اتهام إسرائيل (...) وبدلاً من أن تُمارس النقد الذاتي بحق صحافييها الذين أخطأوا في سرد القصة، عمدت إلى تمجيد شجاعتهم وحساسيتهم".
لكن رواية الاحتلال تنهار أمام الوقائع الميدانية، كما وثّقتها وكالة الأناضول وشهادات طبية مباشرة. الطفل محمد كان يعاني من ارتخاء عضلي ومشكلات عصبية طفيفة بعد ولادته، لكنه استعاد قدرته على الوقوف والمشي بفضل برنامج تغذية وعلاج طبيعي منتظم. وبعدما منعت إسرائيل دخول المكملات الغذائية إلى القطاع، انتكست حالته مجدداً، وفقد ثلاثة كيلوغرامات من وزنه، وتحوّل جسده إلى هيكل عظمي. وقالت والدته إنه "انهار صحياً من جديد بسبب الجوع، وفقد القدرة على الحركة. أحاول إسكات جوعه بالماء فقط". وأضافت أن إغلاق إسرائيل المعابر قطع آخر سبل النجاة، وأن التكايا الخيرية توقفت عن العمل، ولم يتبقَّ لهم سوى الانتظار على حافة الموت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
إسرائيل تحارب الصورة... وتواصل التجويع
لا يزال الجدل متواصلاً في الأوساط الصحافية العالمية حول صورة الطفل محمد زكريا المطوق، ابن العام ونصف العام، والتي عكست وحشية سياسة التجويع الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة . الصورة التي ظهر فيها المطوق بجسد هزيل تبرز عظامه تحت جلد رقيق وعينين غائرتين أثارت موجة تعاطف واسعة مع ضحايا التجويع في القطاع، لكنها تحولت في الوقت نفسه إلى محور حملة تحريض إسرائيلية شرسة ضد وسائل الإعلام التي نشرتها، وعلى رأسها "ذا غارديان" البريطانية و"نيويورك تايمز" الأميركية. رداً على التهجم الإسرائيلي، كتبت محررة شؤون القراء العالمية في صحيفة ذا غارديان إليزابيث ريبانز مقالاً تدافع فيه عن خيار نشر الصورة، وتؤكد تمسكها بموقفها. المنصب الذي تحتله ريبانز مستقل داخل المؤسسة الإعلامية، ويُعنى بتلقي شكاوى القراء واستفساراتهم، ومراقبة أداء الصحيفة من حيث الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية في التغطية. وأشارت في مقالها، المنشور أمس الأربعاء، إلى أنه "بين إبريل/ نيسان ومنتصف يوليو/ تموز من هذا العام، أدخل أكثر من 20 ألف طفل في غزة إلى المستشفى لتلقي العلاج من سوء التغذية، من بينهم ثلاثة آلاف يعانون من سوء تغذية حاد، وفقاً لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC)"، وهي مبادرة عالمية تضم في عضويتها وكالات تابعة للأمم المتحدة، مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، و"يونيسف"، إلى جانب منظمات غير حكومية ومعاهد بحثية، وقالت إن "ذا غارديان" نشرت خلال تلك الفترة وفي الأسابيع التالية "صوراً عدة لأطفال جائعين، بينها ما لا يقل عن 20 صورة لأطفال ظهروا في حالة هزال شديد. لكن صورة واحدة ظهرت على الصفحة الرئيسية للموقع في 23 يوليو وعلى الصفحة الأولى من الطبعة المطبوعة في اليوم التالي أثارت جدلاً حاداً". عرجت ريبانز على الحملة التي قادها الصحافي البريطاني المعروف بدعمه للاحتلال ديفيد كولير، الذي اتهم المؤسسات الإعلامية التي نشرت الصورة بأنها "تروج كذبة حول المجاعة"، واستند إلى تقرير طبي يعود إلى مايو/ أيار 2025، يفيد بأن الطفل مصاب بالشلل الدماغي، كما ذكرت أن قارئاً تواصل معها مباشرة ووصف الصورة بأنها "مفبركة"، وكذلك قارئ آخر قال "بالتأكيد هذا الطفل المسكين يعاني. ولكن هل هذا بسبب الجوع؟ بل بسبب عدة حالات طبية وُلد بها محمد... عليكم التأكد من أن قراءكم يعرفون السبب الحقيقي وراء هذه الصورة". وردت عبر التأكيد على أن "توفر هذه المعلومة (الحالة الصحية للطفل) ليست دائماً بالأمر السهل. الحرب فوضوية، والظروف الفردية معقدة بطبيعتها". وأضافت: "إسرائيل تمنع الصحافيين الأجانب من دخول غزة، ما يعني الاعتماد على صحافيين محليين، بمن فيهم المصورون الذين يعملون في ظروف صعبة وخطيرة. تتلقى ذا غارديان نحو ألف صورة يومياً من غزة، مقدمة من وكالات الصور الكبرى أو عبرها. وصورة محمد وصلتها عبر وكالة Getty من وكالة الأناضول التركية الحكومية". وفي حين أقرت بأن الصحيفة البريطانية لم تكن على علم بالحالة الصحية للطفل، إلا أنها سألت: "هل كان ينبغي على المحررين الاستفسار؟ قال المحررون المعنيون الذين تحدثت معهم إن رؤية جسده المنهك لم تكن ملفتة بشكل خاص؛ إذ إنهم شاهدوا صوراً مماثلة باستمرار على مدى شهور". وأضافت: "في أزمة جوع، يشير الخبراء إلى أن الأطفال والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية موجودة مسبقاً هم من بين الأكثر عرضة للخطر. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، من بين 63 حالة وفاة مرتبطة بسوء التغذية سجلت في يوليو، كان هناك 24 طفلاً دون سن الخامسة، وهذا يشكل 38%، في حين أن الأطفال دون الخامسة يمثلون نحو 15% من إجمالي سكان غزة. الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النمو قد تكون لديهم احتياجات غذائية خاصة. قال طبيب أطفال تحدثت معه إن التشخيص غالباً ما يكون تحدياً في البيئات التي تفتقر إلى أدوات الكشف المبكر، ما يعني أن الشلل الدماغي، على سبيل المثال، لا يُشخّص بشكل نهائي أحياناً حتى يبلغ الطفل عامين". إعلام وحريات التحديثات الحية "أونست ريبورتينغ"... حاجز صهيوني على الكلمة والصورة وتابعت: "قال المحررون إن الإشارة إلى المشاكل الصحية القائمة لدى محمد كانت ستُدرج لو عُرفت - وقد عدلت تعليقات الصور الآن - لكنهم يرون أن الصور لا تزال صالحة للنشر، ويقولون إن الطفل المريض الذي يعاني من الجوع ليس أقل استحقاقاً لانتباهنا من أي طفل آخر". وختمت ريبانز مشددة على تمسكها بالصورة، فقالت: "من جانبي، أوافق على أن المعلومات المفقودة كانت ذات صلة بقراءة أكثر اكتمالاً للصورة. لكن ذا غارديان لم تعتمد، كما زعم البعض، على هذه الصورة وحدها لتوضيح ما وصفه تقرير IPC بعد أيام (رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض هذا التقييم) بأنه مجاعة آخذة في التفاقم. وإذا ما اعترفنا بأن الأكثر هشاشة هم الأكثر تأثراً بنقص الغذاء والخدمات الصحية، فإن نشر هذه الصورة لمعاناة حقيقية لم يكن، في رأيي، عملاً مخادعاً". "نيويورك تايمز" كانت قد ردت أيضاً على الحملة الإسرائيلية بحقها بعد نشرها صورة المطوق على صفحتها الأولى قبل أسبوعين. عدّلت "نيويورك تايمز" تقريرها حول التجويع في غزة، لتضيف أن محمد المطوق "يعاني من مشكلات صحية سابقة"، مستندةً إلى ما قالت إنه "معلومات جديدة من المستشفى وسجلات طبية". وأصدرت متحدثة باسم الصحيفة البيان التالي: "الأطفال في غزة يعانون من سوء تغذية ويواجهون خطر المجاعة، كما وثّق صحافيو نيويورك تايمز وآخرون. ونشرنا أخيراً تقريراً عن أكثر المدنيين عرضة للخطر في غزة، بمن فيهم محمد زكريا المطوق، البالغ من العمر نحو 18 شهراً، والذي يعاني من سوء تغذية حاد. ومنذ ذلك الحين، تلقينا معلومات جديدة، بما في ذلك من المستشفى الذي عالجه وسجلاته الطبية، وحدثنا التقرير لإضافة سياق يتعلق بمشكلاته الصحية السابقة. هذا التفصيل الإضافي يمنح القرّاء فهماً أوسع لحالته. صحافيونا ومصورونا يواصلون تغطية ما يحدث في غزة بشجاعة وحساسية، وعلى حساب سلامتهم الشخصية، كي يرى العالم عواقب هذه الحرب عن كثب". ومع ذلك، تواصل الهجوم عليها، واتهمها رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينت بـ"الترويج لتشويه دموي"، زاعماً أن الطفل يعاني من "حالة صحية سابقة"، وصورته ليست دليلاً على المجاعة، ووصف التقرير بأنه "افتراء دموي عصري". واستمرت منظمة أونست ريبورتينغ الصهيونية في تحريضها على الصحيفة فكتبت، تحت عنوان "اعتذار نيويورك تايمز الشكلي عن فرية الدم البغيضة"، أن "خمسة أيام من الضغط من القنصلية الإسرائيلية في نيويورك ومنظمات مثل أونست ريبورتينغ استغرقت صحيفة نيويورك تايمز حتى تعترف بخطئها"، ثم استنكرت تمسك الصحيفة "بالرسالة الضمنية التي حاولت إيصالها عبر نشر الصورة، وهي اتهام إسرائيل (...) وبدلاً من أن تُمارس النقد الذاتي بحق صحافييها الذين أخطأوا في سرد القصة، عمدت إلى تمجيد شجاعتهم وحساسيتهم". لكن رواية الاحتلال تنهار أمام الوقائع الميدانية، كما وثّقتها وكالة الأناضول وشهادات طبية مباشرة. الطفل محمد كان يعاني من ارتخاء عضلي ومشكلات عصبية طفيفة بعد ولادته، لكنه استعاد قدرته على الوقوف والمشي بفضل برنامج تغذية وعلاج طبيعي منتظم. وبعدما منعت إسرائيل دخول المكملات الغذائية إلى القطاع، انتكست حالته مجدداً، وفقد ثلاثة كيلوغرامات من وزنه، وتحوّل جسده إلى هيكل عظمي. وقالت والدته إنه "انهار صحياً من جديد بسبب الجوع، وفقد القدرة على الحركة. أحاول إسكات جوعه بالماء فقط". وأضافت أن إغلاق إسرائيل المعابر قطع آخر سبل النجاة، وأن التكايا الخيرية توقفت عن العمل، ولم يتبقَّ لهم سوى الانتظار على حافة الموت.


العربي الجديد
٣١-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
حمص مطحون وأوراق شجر مغلية.. حلول يائسة لإطعام رضع غزة
في خيمة على شاطئ غزة، تطحن جدة الطفلة منتهى البالغة من العمر ثلاثة أشهر الحمص حتي يصل إلى أنعم قوام ممكن لتحويله إلى معجون لتطعمه للرضيعة، في محاولة يائسة لإنقاذ الحفيدة من الموت جوعاً ، رغم علمها بأن المعجون سيبكيها من شدة الألم. وتقول عبير حمودة خالة منتهى، إنه لو كان بإمكان الرضيعة الكلام لصرخت في وجههم متسائلة عما يضعونه في جوفها. وعبس وجه منتهى وتلوى جسدها بينما كانت جدتها تطعمها المعجون بواسطة محقنة. وعائلة منتهى واحدة من العديد من عائلات غزة التي تواجه خيارات صعبة في محاولة إطعام أطفالها الرضع، خاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر والذين لا يستطيعون تناول الطعام الصلب وهضمه. وشح الحليب الصناعي للرضع بشدة بعد تراجع وصول المساعدات إلى غزة. وتعجز العديد من النساء عن إرضاع أطفالهن بسبب سوء التغذية ، بينما ينفصل أطفال آخرون عن أمهاتهم بسبب النزوح أو الإصابة أو الموت كما هو الوضع بالنسبة لمنتهى. وتقول عائلتها، إن والدة الطفلة أصيبت برصاصة أثناء حملها وأنجبت قبل الأوان وهي فاقدة للوعي في العناية المركزة وتوفيت بعد بضعة أسابيع. وأشار مدير مجمع الشفاء الطبي إلى هذه الحالة في منشور على "فيسبوك" في 27 إبريل/ نيسان، بعد أربعة أيام من ولادة منتهى. وتفيد جدتها نعمة حمودة، بأنها تشعر بالخوف الشديد بشأن مصير الطفلة، وأضافت "أطلقنا عليها اسم والدتها.. آملين أن تنجو وتعيش طويلاً، لكننا خائفون جداً، فنحن نسمع أن الأطفال والكبار يموتون جوعاً كل يوم". وأشارت أسرة منتهى إلى أن وزنها الآن حوالي 3.5 كيلوغرامات تقريبا، وهو بالكاد يزيد عن نصف وزن طفل في مثل عمرها. وتعاني من اضطرابات في المعدة مثل القيء والإسهال بعد الرضاعة. وقال مسؤولون صحيون وعمال إغاثة وعائلات من غزة لـ "رويترز"، إن عدة عائلات تطعم الأطفال الرضع الأعشاب المغلية والشاي أو تطحن الخبز أو السمسم. وأبلغت وكالات إغاثة إنسانية أيضا عن حالات يقوم فيها الأهالي بغلي أوراق الشجر في الماء وتناول علف الحيوانات وطحن الرمل وتحويله إلى طحين. ووفق خبراء صحة الأطفال، فإن إطعام الأطفال المواد الصلبة في وقت مبكر للغاية يمكن أن يعرقل تغذيتهم ويسبب مشاكل في المعدة ويمكن أن يتسبب في خطر الاختناق. وأفاد سليم عويس المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) "إنها خطوة يائسة لتعويض نقص الغذاء.. عندما لا تستطيع الأمهات الإرضاع أو توفير حليب الأطفال الصناعي، فإنهن يلجأن إلى طحن الحمص والخبز والأرز وأي شيء يتمكن من الحصول عليه لإطعام أطفالهن.. وهذا يعرض صحتهم للخطر لأن هذه المواد ليست ليتغذى عليها الرضع". زجاجات أطفال بلا حليب دفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي رئيسي لمراقبة الجوع، إلى القول يوم الثلاثاء إن أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف في القطاع، وإنه يتعين القيام بتحرك فوري لتجنب انتشار الموت. وأحدثت صور الأطفال الفلسطينيين المصابين بالهزال صدمة في العالم. وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، أنه لا يزال يفتقر إلى التصاريح اللازمة لإيصال مساعدات كافية. وتقول وكالات إغاثة إنسانية، إن حليب الأطفال في غزة يكاد ينفد. ويتجاوز سعر العلب المتوفرة في السوق 100 دولار وهو ثمن يستحيل على عائلات مثل أسرة منتهى التي أصبح والدها من دون عمل منذ تسبب الحرب في إغلاق محل الفلافل الذي كان يملكه وتشريد العائلة من منزلها. ونفدت مخزونات حليب الأطفال تقريبا من قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط غزة. وشرحت إحدى الأمهات كيف سكبت طحينة السمسم السميكة في زجاجة الرضاعة وخلطتها بالماء. وقالت أزهار عماد (31 عاما) والدة جوري البالغة من العمر أربعة أشهر "جيبت لها طحينة في قلبها سمسم وحطيتها بنتفة مايه (بعض الماء) وشربتها للبنت، بس البنت مش قابلاها، باعتبار إني أعوضها عن الحليب". وأضافت وهي في حالة ذعر أثناء وصف كيفية تسبب هذه المحاولات في مرض طفلتها بدلا من تغذيتها "مفيش إشي متوفر، أنا باعملها حلبة، يانسون، كراوية، أي إشي أعشاب". خطر يهدد رضّع غزة وتحدث أفراد الطاقم الطبي في المستشفى عن عجزهم وهم يشاهدون صحة الأطفال تتدهور من دون أي وسيلة آمنة لإطعامهم. وقال الطبيب خليل دقران "الأطفال الآن يتم إرضاعهم إما بالمياه أو ببعض طحين البقوليات الصلبة وهذا مؤذ للأطفال". وأضاف "إذا استمر التجويع، إذا لم يأكل الطفل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام يفارق الحياة". قضايا وناس التحديثات الحية أطفال غزة... هياكل عظمية في مواجهة التجويع وارتفع عدد الوفيات جراء الجوع في غزة إلى 159 منذ بدء الحرب بعد تسجيل حالتي وفاة جديدتين خلال الساعات الـ 24 الماضية إحداهما لطفل، حسب ما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم الخميس. وبحسب بيانات الوزارة، من بين عدد الوفيات 90 طفلا، في وقت لا تزال فيه الإمدادات الغذائية والطبية محدودة بشكل حاد بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات. ويشهد القطاع أزمة إنسانية حادة في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكانت إسرائيل قد أغلقت في الثاني من مارس/آذار 2025 جميع المعابر المؤدية إلى غزة، وهو ما أدى إلى تفاقم أوضاع السكان الذين يعانون من نقص حاد في المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء. وتحذر منظمات إنسانية دولية من خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق، في وقت لا تزال فيه جهود الإغاثة محدودة وتعاني من قيود لوجستية وأمنية في معظم أنحاء القطاع. (رويترز، أسوشييتد برس)


القدس العربي
٣٠-٠٧-٢٠٢٥
- القدس العربي
مدير منظمة الصحة العالمية يؤكد ضرورة استمرار تدفق الإغاثة إلى غزة- (تدوينة)
جنيف: أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الأربعاء ضرورة ضمان استمرار تدفق المساعدات الطبية إلى قطاع غزة. وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ومقرها في جنيف، أوصلت للتو عشر شاحنات إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي الإسرائيلي. وأوضح أن هذه الشاحنات التي غادرت العريش في مصر محملة بـ'أدوية أساسية ومعدات للمختبرات وتحليل المياه'. ومن المتوقع أن تنضم إليها الخميس شاحنتان أخريان محملتان بالمساعدات الطبية، بالإضافة إلى اثنتي عشرة منصة محملة بمنتجات الدم. وأضاف تيدروس عبر منصة إكس 'سيتم بعد ذلك إدخال جميع شحنات منظمة الصحة العالمية إلى قطاع غزة، إلى جانب ثلاث شاحنات تحمل إمدادات طبية من شركاء'. وأكد المسؤول الأممي أن 'الاحتياجات الصحية في غزة هائلة. واستمرار تدفق الإمدادات الطبية أمر ضروري'، مضيفا 'نواصل الدعوة إلى ضمان وصول المساعدات الطبية إلى قطاع غزة وعبره بشكل مستدام وآمن وبدون عوائق، بالإضافة إلى وقف لإطلاق النار'. وشدّد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية على أن 'السلام هو أفضل دواء'. .@WHO has moved 10 trucks from Al-Arish in Egypt to the Kerem Shalom crossing for #Gaza, carrying essential medicines, laboratory and water testing supplies. Two additional trucks with medical supplies along with 12 pallets of blood products are expected tomorrow. All WHO… — Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) July 30, 2025 فرضت إسرائيل حظرا شاملا للمساعدات على قطاع غزة في الثاني من آذار/مارس بعد فشل المفاوضات بشأن تمديد وقف الأعمال العدائية. وفي أواخر أيار/مايو، استأنفت الدولة العبرية إدخال المساعدات بمستوى متواضع، رغم التحذيرات من خطر المجاعة. هذا الأسبوع، أعلنت إسرائيل عن فترات توقف يومية في عملياتها العسكرية في أجزاء من قطاع غزة وفتحت طرقا آمنة للسماح لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية بتوزيع الغذاء في القطاع الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني. وتقول منظمة الصحة العالمية إن الغارات الجوية ونقص الإمدادات الطبية والغذاء والمياه والوقود في قطاع غزة 'استنفدت تقريبا' نظامه الصحي الذي يعاني من نقص التمويل، مع خروج العديد من المستشفيات عن الخدمة والبعض الآخر بالكاد يعمل. وصرّح متحدث باسم الوكالة التابعة للأمم المتحدة بأن تسع شاحنات تابعة لها دخلت قطاع غزة في 25 حزيران/يونيو، وأربع شاحنات في 28 منه، و11 في الثامن من تموز/يوليو، وست أخرى في 20 يوليو/تموز. وأضاف 'لم يتم نهب أي شاحنة منذ أن استأنفنا التزويد'. (أ ف ب)