ترامب يمد لإيران سلم التطبيع للنزول عن الشجرة
الالتباس عنوان المشهد، احتفالات متزامنة بالنصر أقامها الايرانيون في طهران، والاسرائيليون في تل أبيب، كل يزعم الانتصار في حرب الإثنى عشر يوماً، وكل يحشد جمهوره خلف جيشه احتفالاً بالنصر، أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد برز للعلن منفوش الريش، مثل ديك عيد الشكر، زاعماً أنه نال من الجميع، وأنه وجه ضربته إلى قلب قنبلة إيران النووية، واستطاع بعدها عبر بعض ألعاب حواة السياسة، أن يطلق صافرة ملزمة بإنهاء الحرب، وإعلانه فائزاً وحيداً في مشهد محمل بالأوهام والتهاويم.
"الرئيس كذاب"
المشهد في الشرق الأوسط بعد حرب الإثنى عشر، بات محملاً بكل دواعي الالتباس والشك، فلا أحد يملك يقيناً خالصاً يمكن التحقق من أسبابه ودواعيه، بأن ضربات ترامب فوق قدس أقداس مشروع طهران النووي، قد حققت أهدافها، ترامب نفسه بدا غير واثق تماماً من نتائج ضرباته فوق فوردو، ونطنز، وأصفهان، بينما تقول عناوين "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"سي إن إن.": "الرئيس كذاب"!.. فلا المواقع النووية الإيرانية الثلاث دمرت، ولا المشروع النووي الإيراني عاد عشرات السنين إلى الوراء كما زعم ترامب لحظة احتفائه بانتصار كامل على إيران حسب زعمه. السبب الرئيسي في ظني وراء حالة الالتباس التي حملت كل أطراف الحرب إلى ساحات احتفال متزامن بالنصر، يُزعم فيه كل منهم أنه المنتصر الوحيد، هو أن الإيرانيين الذين اخترعوا الشطرنج وأرسوا قواعد اللعبة، برعوا في خنق الملك اذا ما رأوا أن انتصاره مستحيلاً وأن هزيمته مرفوضة.
في لعبة الشطرنج التي برع فيها أهل فارس، يعتبر موت الملك خنقاً أحد قوانين التعادل في اللعبة. يحدث ذلك عندما لا توجد لدى اللاعب الذي يتعين عليه اللعب أي نقلات قانونية متاحة، إذ تنتهي المباراة فوراً بالتعادل بحصول كل لاعب على نصف نقطة. وهذا بالضبط ما أراده المرشد الإيراني علي خامنئي الذي عمل من أجل التعادل، بعدما أدرك مبكراً إستحالة تحقيق انتصار كامل في حرب مفتوحة ضد الولايات المتحدة واسرائيل، وضد ظروف إقليمية ودولية تحالفت كلها ضد طهران في توقيت متزامن.
نصر دون ثمن
إحتفاء دونالد ترامب بالضربة الأميركية المثلثة ضد المواقع الثلاث النووية الإيرانية الرئيسية في فوردو، ونطنز، وأصفهان، باعتبارها ضربة مظفرة غير مسبوقة في التاريخ، على حد قوله، عكست ميلاً فطرياً لدى الرئيس الأميركي لتحقيق نصر كامل بنصف ثمن، أو حتى دون أي ثمن، كما فضحت رغبة كامنة لديه، في المسارعة بطي صفحة الصراع، والمسارعة الى احتواء طهران.
لكن مصداقية الرئيس الأميركي باتت على المحك بقوة -قبل استحقاق الانتخابات النصفية- بعدما أصرت شبكات إعلامية أميركية كبرى على كشف حقيقة نتائج الضربات الأميركية على منشآت إيران النووية، بأنها ضربات غير مؤثرة، وأن أقصى ما يمكن أن ينتج عنها من آثار هو تعطيل البرنامج النووي الإيراني ثلاثة أشهر إضافية.
الرسالة التي يركز عليها إعلام الديموقراطيين هي أن "الرئيس كذاب"، بفرض تعمده الكذب، أو مخدوع، بفرض عدم إدراكه لحقيقة ما جرى. وفي الحالين كما يريد خصوم ترامب فإن الرجل يصبح غير جدير بالمنصب الرئاسي!
تطبيع إيراني أميركي
الحرب ضد ايران قد تعكس بالنسبة لإسرائيل، بصورة مباشرة، حالة من حالات السباق من أجل الفوز بزعامة النظام الاقليمي الشرق أوسطي الجديد، ويعتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه بات قاب قوسين أو أدنى من انتزاع زعامة الشرق الاوسط، بعدما حرم طهران من أذرعها في غزة (حركة حماس) وفي لبنان (حزب الله) وفي سوريا، وجزئياً في العراق، وإضعاف الحوثيين في اليمن.
وضع الحرب الاسرائيلية-الإيرانية على خارطة التنافس، حول طبيعة النظام الدولي (أحادي القطب بانفراد أميركي بالزعامة) أو (متعدد الأقطاب بشراكة صينية/روسية) يحشد قدرات الغرب خلف طموحات إسرائيل في الاقليم، ويزود السلوك الأميركي تجاه إيران بحوافز جديدة، من بينها أن كسب إيران أو حتى تحييدها، يحرم الصين وروسيا أو أياً منهما من حليف إيراني محتمل، تخسر أميركا كثيراً إن لم تربحه إلى جانبها، وهذا ربما كان بين دوافع قرار ترامب بـ (ضربة رمزية غير عميقة لمنشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان) وهو كذلك ما عكسته تحركات المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عقب الضربات الأميركية والرد الإيراني الرمزي عليها بقصف حنون لقاعدة العديد في قطر. اذ سارع المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى التصريح عقب الضربة وتفاعلاتها بأن هناك مباحثات مباشره وعبر وسطاء مع إيران، تبحث تشكيل لجنه أو مجموعة اتصال لمنع حدوث أو تكرار أي اعتداء إيراني على إسرائيل أو العكس، لتجب تكرار ما حدث، كما تبحث اللجنة العمل على بدء مفاوضات أميركية- إيرانية مباشره بمشاركة دولتين أو ثلاث لبحث الملف النووي الإيراني، وكذلك بحث مسار العلاقات الإيرانيه الأميركية لتطبيع العلاقات بين البلدين على المديين المتوسط والبعيد، في أول إشارة على إمكانية تطبيع إيراني- أميركي لأول مرة منذ قرابة نصف قرن.
إيران فوق شجرة التشدد
يتطلع ترامب مبكراً إلى دمج ايران ضمن الرؤية الأميركية للإقليم، وذلك عبر التطبيع، ومن خلال وعود برفع العقوبات، الأطول والأكثر إيلاماً.
إيران صعدت فوق شجرة التشدد، منذ الإطاحة بالشاه قبل أكثر من أربعين عاماً، لكن محاولات إنزالها من فوق الشجرة سلماً أو قتالاً، منذ ذلك التاريخ، باءت كلها بالفشل. فهل تضع سياسات ترامب بالكذب أو بالخديعة، سلماً يساعد مرشد الثورة على النزول من فوق الشجرة؟!
إيران التي أنهكتها سنوات الحصار منذ الثورة، قد تكون مؤهلة لأول مرة بعد عقود من الصراع للتعايش مع محيطها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
لم أقدم أي عرض لإيران ولم نتواصل منذ دمرنا منشآتها النووية
وكان ترامب قد ألمح، الأحد، إلى إمكانية رفع العقوبات عن إيران إذا أبدت حسن النية. كما قال في مقابلة مع قناة 'فوكس نيوز' الأميركية، إن إيران لا تفكر الآن بالعودة إلى المشروع النووي، مضيفاً أنها 'مرهقة جداً'. وأضاف 'إيران لم تملك الوقت لنقل اليورانيوم قبل الضربات الأميركية'.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
ترامب: لم أقدم أي عرض لإيران ولم نتواصل منذ دمرنا منشآتها النووية
أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، اليوم الاثنين، أنه لا يتحدث مع إيران ولا يعرض عليها "أي شيء" وكرر تأكيده على أن الولايات المتحدة"محت تماما" منشآت إيران النووية. وكان ترامب قد ألمح، الأحد، إلى إمكانية رفع العقوبات عن إيران إذا أبدت حسن النية. كما قال في مقابلة مع قناة " فوكس نيوز" الأميركية، إن إيران لا تفكر الآن بالعودة إلى المشروع النووي ، مضيفاً أنها "مرهقة جداً". وأضاف "إيران لم تملك الوقت لنقل اليورانيوم قبل الضربات الأميركية".


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
"الاناضول": سفير أميركا يتوقع تسوية العقوبات على تركيا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب قال السفير الأميركي لدى تركيا توماس باراك في مقابلة مع وكالة "الأناضول" إنه يتوقع "أن يتمكن الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب إردوغان من تسوية مسألة العقوبات ذات الصلة بالدفاع المفروضة على تركيا منذ سنوات بحلول نهاية العام". أضاف :"إن الرئيسين يمكن أن يعطيا توجيهات لتسوية مسألة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في 2020 على خلفية شراء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400".