logo
رؤية ترامب للحل في قطاع غزة

رؤية ترامب للحل في قطاع غزة

الجزيرةمنذ 7 أيام

26:50
ما وراء الخبر
ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ (2025/5/15)- أحدث تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، وإلى أي حد تمثل تطورا في رؤيته للحل بالنظر إلى تصريحاته السابقة بخصوص القطاع؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هذا ما يجب أن تفعله بريطانيا والغرب فورًا
هذا ما يجب أن تفعله بريطانيا والغرب فورًا

الجزيرة

timeمنذ 28 دقائق

  • الجزيرة

هذا ما يجب أن تفعله بريطانيا والغرب فورًا

إن التصريحات الأخيرة الصادرة عن الحكومة البريطانية بشأن الجرائم البشعة التي ترتكبها إسرائيل في غزة تمثل إدراكًا، مرحبًا به، بأن إسرائيل- الحليف الموثوق لديهم – تمارس وحشية مروعة ضد شعب غزة. فقد وقف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في 20 مايو/ أيار، في مجلس العموم، وأدان الحصار الإسرائيلي على غزة، واصفًا إياه بأنه"خطأ أخلاقي" و"إهانة لقيم الشعب البريطاني". وبهذا الموقف، علّق أيضًا مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة مع إسرائيل، وفرض عددًا محدودًا من العقوبات الانتقائية والبسيطة نسبيًا كنوع من الاحتجاج. وقبل ذلك بيوم، وجّه رئيس الوزراء كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني تحذيرًا مشتركًا لإسرائيل، طالبوا فيه باتخاذ "إجراءات ملموسة"، إن لم توقف هجومها العسكري المتجدد وتسمح بتدفق المساعدات إلى غزة. تشكل هذه التصريحات أوضح انتقاد توجهه دول الغرب لإسرائيل في الذاكرة الحديثة، غير أنها جاءت فقط بعد أكثر من عامٍ ونصفٍ من المجازر المتواصلة بحق المدنيين؛ إذ قُتل أكثر من 50 ألف غزيّ منذ عام 2023، من بينهم عشرات الآلاف من النساء والأطفال. فكم من الأرواح البريئة، بما فيها أرواح الأطفال، كان يمكن إنقاذها لو صدرت مثل هذه الإدانات لجرائم إسرائيل قبل عام مضى من قبل حلفائها الغربيين؟ السؤال المطروح الآن هو: هل ستُترجم هذه الصحوة الأخلاقية المتأخرة إلى تدابير فعّالة تحدث تغييرًا حقيقيًا؟ فكلمة "فعالة" هي الكلمة المحورية هنا. لماذا، إذن، قرر حلفاء إسرائيل المخلصون – والذين طالما غضّوا الطرف عن أفعالها الشنيعة – التحدث فجأة، وبصوت مرتفع؟ أظن أن هذا التحول لا يعود إلى شعور جديد بمعاناة البشر، بل إلى دوافع جيوسياسية، وإدراك آخذ في التبلور، لما قد تجلبه المحاسبة من تداعيات. فقد أفادت تقارير في الأسابيع الماضية بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد بدأ يشعر بالإرهاق والانزعاج من بنيامين نتنياهو، معتبرًا أن إستراتيجيات رئيس الوزراء الإسرائيلي، تمثل عبئًا على إرثه في صفقات السلام. ولم تفت الأنظار إشارة ترامب الواضحة عندما تجاهل إسرائيل في جولته الأخيرة في الخليج، رغم الضغط المكثف من حكومة نتنياهو؛ في دلالة على اتساع الفجوة بين واشنطن وتل أبيب. هذه الشروخ فتحت المجال أمام بريطانيا، وكندا، وفرنسا لطرح قلقها العميق تجاه سلوك إسرائيل دون الخوف من معارضة أميركية صريحة أو، ما هو أسوأ، توبيخ من البيت الأبيض. ويضاف إلى ذلك التدخلات القوية التي صدرت عن دبلوماسيين مخضرمين، وخبراء مشهود لهم، وعمال إغاثة إنسانيين. ففي الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن الدولي في 13 مايو/ أيار، حذر منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، توم فليتشر، من "جريمة القرن الحادية والعشرين" التي تتكشف في غزة، مشددًا على أن أي مساعدات لم تدخل القطاع منذ أكثر من عشرة أسابيع، وأن 2.1 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة الوشيكة. وقد وجّه سؤالًا بسيطًا لكنه حاسم لمناصري إسرائيل والمجتمع الدولي عامة: "هل ستتحركون – بحسم – لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟ أم ستكتفون بالقول: لقد فعلنا كل ما في وسعنا؟" ثم أطلق فليتشر نداءً مفجعًا: إن لم تصل المساعدات الحيوية إلى العائلات في غزة خلال 48 ساعة، فإن نحو أربعة عشر ألف رضيع قد يفقدون حياتهم. إن لم يهزّ ذلك ضميركم الأخلاقي، فحقًا لا شيء سيفعل. إن هذا الشاهد الصادم الصادر عن دبلوماسي وإنساني خَبِر النزاعات عقودًا، يؤكد ما قاله كثيرون غيره: غزة أصبحت جحيمًا على الأرض، والظروف فيها تجاوزت حدود الإنسانية. ومع تزايد الصور والبث المباشر لمعاناة المدنيين، تجد الدول التي دعمت وسلّحت ومولت إسرائيل نفسها مضطرة إلى مواجهة تواطئها. إن الغضب الأخلاقي وحده لا يكفي. فإذا كانت حكومات الغرب تؤمن حقًا بأن ما تقوم به إسرائيل "وحشي"، "لا يُطاق"، و"غير مقبول" – كما صرّحت الحكومة البريطانية خلال الساعات الـ48 الماضية – فعليها أن تتخذ خطوات ملموسة، لا أن تكتفي بعقوبات رمزية أو تعليق محادثات تفاوضية لم تُعقد أصلًا منذ شهور. فيما يلي ثلاث خطوات ملموسة يجب على المملكة المتحدة وحلفائها الغربيين اتخاذها، وبشكل فوري: أولًا، يجب على المملكة المتحدة وحلفائها أن يعلّقوا فورًا كل صادرات الأسلحة والمكونات المرتبطة بها إلى إسرائيل. إن التدابير البريطانية الحالية- التي تعلّق فقط 10% من تراخيص تصدير الأسلحة – تعدّ غير كافية إلى حدٍ شنيع. فإذا كان وزير الخارجية يصف الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بأنها "إهانة للقيم البريطانية"، فكيف يبرر بيع أسلحة وذخائر ومكونات بريطانية – بما في ذلك أجزاء لطائرات إف- 35 – تُستخدم في ارتكاب هذه الفظائع؟ ثانيًا، على المملكة المتحدة فرض عقوبات ذات معنى. لا تكفي تجميد أصول عدد محدود من الشخصيات الإسرائيلية. ينبغي أن تشمل العقوبات مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، مثل الوزير الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي وُصفت تصريحاته الأخيرة بشأن "تطهير وتدمير غزة" بالتطرف من قِبل وزير الخارجية نفسه. إعلان كما ينبغي فرض عقوبات على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويجب أيضًا فتح نقاش جادّ حول فرض حظر تجاري ومقاطعة ثقافية، على غرار تلك التي فُرضت ذات يوم على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لعزل حكومة أدانتها محكمة العدل الدولية بانتهاك حظر الفصل العنصري والتمييز العنصري. أخيرًا؛ يجب على المملكة المتحدة وحلفائها الغربيين أن يعترفوا فورًا بدولة فلسطين، على خطى حلفائها الأوروبيين في أيرلندا، والنرويج، وإسبانيا. فإن كانت بريطانيا تؤمن حقًا بأن حل الدولتين هو طريق السلام، فلا يجوز لها الاكتفاء بالتصريحات الجوفاء، وهي تعترف بدولة واحدة فقط. فنحن نعلم أن لا حل عسكريًا لمسألة فلسطين/ إسرائيل. لن تُحل هذه القضية إلا من خلال الدبلوماسية والمفاوضات. ولا يمكن أن يتحقق تقدم جادّ نحو السلام إذا كانت حقوق شعب بأكمله تُنفى تمامًا. إن التصريحات الصادرة خلال الأيام القليلة الماضية من لندن وباريس وأوتاوا جاءت متأخرة كثيرًا – لكنها مرحب بها – ومع ذلك يجب أن تكون مقدمة لإجراءات وعقوبات فعالة لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب غزة. لقد فات الأوان على عشرات الآلاف من الغزيين الذين قُتلوا، وعلى الجرحى الذين لا يُحصون، وعلى الذين اقتلعتهم آلة الحرب من بيوتهم. ومع ذلك، فإن بوادر النقد الغربي المتزايد تشير إلى إدراك آخذ في التنامي بأن الدعم غير المشروط لإسرائيل قد وضع هذه الحكومات في الجانب الخاطئ من التاريخ. وهو خطأ قد يُحاسبون عليه يومًا ما. المقياس الحقيقي لجدّيتهم لن يكون في فصاحة خطابهم، بل في الأفعال الحقيقية التي يتخذونها الآن. ومن أجل أربعة عشر ألف رضيع يقفون على عتبة الموت، آمل أن يأتي هذا التحرك عاجلًا، لا آجلًا.

هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟
هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟

حين تُرفع العقوبات، لا تُفتح فقط الأبواب أمام المال والمشاريع، بل تُطرح أسئلة عميقة: هل يمكن إعادة بناء بلد خرج بعد عقد من الحرب، دون إعادة إنتاج الأسباب التي أوصلته إلى الانهيار؟ إن ما تحتاجه سوريا اليوم ليس مجردَ إعمار للبنية التحتية، بل تعافيًا سياسيًا ومجتمعيًا يضع الأسس لدولة حديثة عادلة ومشتركة. إنّ التحولات العميقة في رواندا، وألمانيا، وكوريا، وأميركا، لا تمنحنا وصفات جاهزة، لكنها تكشف كيف يمكن للدول أن تنهض من تحت الركام إذا امتلكت إرادة جماعية ورؤية واضحة. فهي تساعدنا على تمييز ما يُصلح الدول بعد الصراع، وما يُعيدها إلى الدوامة. ومن هنا، نفهم أن الإعمار لا يبدأ من المال، بل من الإصلاح والمؤسسات. العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، خُصصت مبالغ ضخمة لإعادة الإعمار، لكن النتائج كانت كارثية. غابت الرؤية الوطنية، وهيمنت المرجعيات الدينية على المشهد السياسي، وتشكّلت مليشيات طائفية موازية لمؤسسات الدولة تُدار من الخارج، ما أدى إلى تآكل السلطة المركزية. تزامن ذلك مع انتشار واسع للفساد المالي والإداري، وغياب أي مساءلة حقيقية، مما حوّل الإعمار إلى أداة تعميق للانقسام بدل أن يكون وسيلة لتجاوزه. تجربة إعادة الإعمار بقيادة الرئيس رفيق الحريري بعد الحرب الأهلية بدت واعدة في بدايتها، لكنها افتقرت إلى استقلالية القرار الوطني، الذي كانت تهيمن عليه آنذاك أجهزة المخابرات السورية، بالإضافة إلى غياب إصلاح جذري في بنية الدولة. تركّز الجهد بشكل مفرط على دور الحريري كمحرّك للإعمار، على حساب بناء مؤسسات فاعلة ومستقلة. تم التركيز على البنيان العمراني، فيما غابت المحاسبة والشفافية، واستُبدلت الدولة بشبكات مصالح طائفية، ما أدى لاحقًا إلى انهيار شامل في مؤسسات الدولة ومقوماتها الاقتصادية. كما تكشف لنا التجارب السابقة: لا يمكن بناء دولة عادلة ما لم تتوفر مصالحة وطنية شاملة، وعدالة انتقالية، وهوية وطنية جامعة، وفي حال التغاضي عما سبق فإن أي مشروع إعمار لن يكون إلا استراحة قصيرة في طريق أزمة أعمق. تجارب النجاح: من رماد الدمار إلى نهضة الدول.. كيف نجحت رواندا وكوريا وألمانيا وأميركا؟ رواندا خرجت من إحدى أفظع الإبادات في القرن العشرين، لكنها اختارت طريق المصالحة الجماعية بدل الثأر. أنشأت محاكم شعبية (غاتشاكا)، وركزت على التعليم، وتمكين المرأة، واستخدام التقنية والحكومة الإلكترونية. فنجحت في التحول من دولة فاشلة إلى واحدة من أكثر الدول كفاءة في أفريقيا. ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، كانت البلاد مدمرة اقتصاديًا وسياسيًا. لكن تجربة مشروع مارشال فيها لم تكن ناجحة بسبب المال، علمًا بأنها ليست أكثر المستفيدين أوروبيًا منها، بل لأن الشعب الألماني امتلك مشروعًا للإصلاح وإعادة البناء. ارتبط الدعم الخارجي بحكومة شرعية، ومؤسسات منتخبة، وقانون صارم ضد الفساد. ويُعزى تميز النجاح الألماني مقارنة بدول أوروبية أخرى إلى عدة عوامل: وجود قاعدة صناعية وتعليمية متقدمة نسبيًا قبل الحرب. تمكين القيادة المحلية من إدارة الدعم بدل فرضه من الخارج. البيروقراطية الفعالة. الإرادة الشعبية الواضحة للنهوض من جديد. كوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية، كانت من بين أفقر دول العالم. لكنها اختارت طريق التنمية من خلال التعليم، والإصلاح الزراعي، والتصنيع الموجه للتصدير. بدعم من الدولة، نشأت شركات وطنية كبرى واستثمرت في الإنسان قبل البنيان، مما مهّد لتحولها إلى قوة اقتصادية عالمية. ما تعلّمناه من التحولات الكبرى الناجحة: التنمية ليست منحة خارجية، بل رؤية داخلية. إعادة الإعمار الناجحة تبدأ من الإنسان، ومن الثقة بين الدولة والمجتمع، ومن العدالة، قبل أن تبدأ من التمويل أو العقود. ما الذي تحتاجه سوريا؟ سوريا لا تحتاج فقط إلى أموال أو مؤتمرات، بل إلى رؤية وطنية جذرية تُرسي أسس الدولة الجديدة على أربعة محاور مترابطة: هيئة وطنية مستقلة لإدارة الإعمار: تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة، وتخضع لمجلس رقابي متعدد التمثيل وبرلمان محترف فاعل، مما يضمن الشفافية التامة في التمويل والتنفيذ. مصالحة وطنية عميقة: لا تستند إلى تسويات فوقية، بل إلى حوار مجتمعي شامل يشمل جميع الضحايا والفاعلين، وتؤطره آليات العدالة الانتقالية والمساءلة. اقتصاد إنتاجي وتنمية متوازنة: يقوم على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتعليم المهني، والزراعة والصناعة، والانتقال إلى اقتصاد حيوي لا رَيعي. سيادة وطنية وشراكات نزيهة: الانفتاح على التمويل الخارجي يجب ألا يتحول إلى وصاية سياسية، بل إلى شراكات إستراتيجية تحفظ القرار الوطني. وفي الوقت ذاته، من الضروري أن يعي كل من يعوّل على الخارج أو يراهن على تدخلاته، أن هذا الخيار لم يكن يومًا مسارًا ناجحًا لبناء الأوطان. فالتجارب القاسية في الإقليم والعالم أثبتت أن الاستقرار لا يُستورد، وأن التنمية الحقيقية لا تُبنى على انتظار الخارج، بل على إرادة الداخل. خاتمة رفع العقوبات لا يعني بالضرورة بداية التعافي، بل هو فرصة مشروطة. نجاحها يتوقف على خيارات الداخل أكثر من الخارج. سوريا اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تختار طريق رواندا، وألمانيا، وكوريا في لحظاتها التحولية، فتنهض ببطء ولكن بثقة، أو تعيد تكرار أخطاء العراق، ولبنان فتُغرق نفسها في دوامة جديدة. لكن ما تحقق حتى الآن ليس بالقليل: من التحرير العسكري لأجزاء واسعة من البلاد، إلى تعزيز الانفتاح الإقليمي، وصولًا إلى رفع العقوبات. كلها مؤشرات على أن مشروع الدولة السورية الجديدة يسير بثبات نحو استعادة السيادة والفاعلية. وتبقى إحدى المهام المصيرية أمام القيادة اليوم هي استكمال استعادة وحدة الأراضي السورية، لا سيما في شمال شرق البلاد، وتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، وتشكيل البرلمان الفاعل، بما يعزز الشعور الوطني ويؤسس لبيئة سياسية واقتصادية مستقرة. ويبقى السؤال: هل تنجح القيادة؟ وفي مقدمتها الرئيس الشرع في إنجاز المهام الكبرى القادمة من إعادة بناء المؤسسات، وتحقيق العدالة إلى إطلاق تنمية حقيقية؟ إنها لحظة كتابة التاريخ مجددًا لا ترميمه، إعادة الإعمار ليست إعادة بناء لما كان، بل رؤية إبداعية لما يجب أن يكون.

كيف فرضت قطر نفسها لاعبًا إقليميًّا وعالميًّا؟
كيف فرضت قطر نفسها لاعبًا إقليميًّا وعالميًّا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

كيف فرضت قطر نفسها لاعبًا إقليميًّا وعالميًّا؟

في زمن يطغى فيه صوت المدافع على نداء السلام، تبرز قطر كنموذج فريد لدولة كبيرة في التأثير والحضور السياسي! نجحت الدوحة، عبر نظامها السياسي المحنّك، في أن تتحول إلى نقطة التقاء للمتخاصمين، ووجهة أولى لطالبي الوساطة والسلام، مثبتة بذلك أن ثقل الدول لا يُقاس بعدد الجنود ولا بمساحة الأرض، بل بعمق الرؤية ونضج السياسات. اعتمدت قطر على مزيج من الثبات والمرونة في سياساتها الخارجية، حيث بقيت على مواقفها المبدئية دون أن تنجرّ وراء الانفعالات أو الاصطفافات العقيمة. هذا الثبات منحها ثقة المجتمع الدولي، ليس فقط على مستوى الحكومات، بل حتى على مستوى الشعوب. وبلا دعاية مباشرة، تمكّنت من ترسيخ صورة ذهنية إيجابية عنها في اللاوعي الجمعي العالمي، كدولة تسعى إلى التهدئة لا التصعيد، إلى البناء لا الهدم. ومنذ سنوات، تمارس قطر دورًا محوريًّا في رأب الصدع وإنهاء الخلافات، لا سيما في المنطقة العربية التي عانت -ولا تزال- من ويلات النزاعات والانقسامات. لم تكن الوساطات القطرية مجرد تحركات دعائية، بل كانت مبادرات جادة ومثمرة في عديد من الملفات، من لبنان إلى السودان، ومن أفغانستان إلى غزة، حيث سعت لإطفاء نار الفتنة وإحلال التوافق.. هذا الدور لم يكن سهلًا، لكنه كان مدروسًا ومحسوبًا بدقة، يعكس إدراكًا عميقًا لتعقيدات الواقع الإقليمي والدولي. تقوم السياسة القطرية على مبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل السلبي في شؤون الآخرين، مع ممارسة نوع من "التدخل الإيجابي" حين تدعو الحاجة إلى إصلاح ذات البين، أو حماية المدنيين من تبعات النزاعات. بهذا الأسلوب، لم تدخل قطر في خصومات عبثية، بل كسبت احترام خصومها قبل أصدقائها، وأصبحت طرفًا مقبولًا في طاولات التفاوض حتى من قِبل الذين لا يتوافقون مع سياستها. من اللافت أن قطر استطاعت توظيف مواردها وقدراتها بطريقة إستراتيجية تخدم رؤيتها الكبرى، لا سيما في مجالي الإعلام والدبلوماسية؛ فوسائلها الإعلامية مارست دورًا مهمًّا في إبراز الحقائق وإعطاء صوت للمهمّشين، بينما عملت دبلوماسيتها الهادئة -بعيدًا عن الضجيج- على بناء علاقات متوازنة مع الجميع، من الشرق إلى الغرب. وبينما انشغلت دول كثيرة في بناء ترساناتها العسكرية أو فرض نفوذها بالقوة، كانت قطر تبني لنفسها مكانة ناعمة لكنها راسخة، قائمة على الكلمة والموقف والنية الصادقة. لم تسعَ لأخذ دور أكبر من حجمها الجغرافي، لكنها نجحت في أن تكون أكثر تأثيرًا من كثير من الدول الكبرى في ملفات السلام والمصالحة. إن التجربة القطرية تقدم اليوم درسًا مهمًّا: لا يشترط أن تكون الدولة عظمى لتكون مؤثرة، بل يكفي أن تكون دولة ذات رؤية، ثابتة على مبادئها، حريصة على مدّ الجسور لا بناء الأسوار. وبهذا المعنى، تُعد قطر قصة نجاح سياسي في زمن تعقّدت فيه الحسابات، وتراجعت فيه القيم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store