logo
سندات اليابان تحت الضغط مع استمرار إيشيبا في السلطة

سندات اليابان تحت الضغط مع استمرار إيشيبا في السلطة

الشرق للأعمال٢٣-٠٧-٢٠٢٥
تواجه السندات الحكومية اليابانية موجة جديدة من الضغوط البيعية عقب الهزيمة الانتخابية التاريخية التي مُني بها رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، رغم أن التأثير الفوري على الأسواق يوم الثلاثاء تبدد نسبياً بفضل انتعاش في أسواق الدين العالمية.
سجلت السندات اليابانية لأجل 20 و40 عاماً تراجعاً طفيفاً مع استئناف التداول في بورصة طوكيو، ما دفع العوائد إلى الارتفاع بواقع نقطة أساس و4 نقاط أساس على التوالي. كما تراجعت مؤشرات الأسهم، ولا يزال أداؤها المستقبلي رهناً بتطورات ملف الرسوم الجمركية. وانخفض الين كذلك، وسط المخاطر الهبوطية الناتجة عن احتمال توسع الحكومة في الإنفاق.
ورغم أن بقاء إيشيبا في منصبه يمنح الأسواق قدراً من الاستقرار، إلا أنه سيحتاج أيضاً لإيجاد سبل لتهدئة نواب المعارضة المطالبين بخفض الضرائب، إلى جانب الأسر الراغبة في تخفيف وطأة التضخم. ومن المتوقع أن تُترجم أي استجابة لهذه الضغوط سريعاً إلى ارتفاع في عوائد السندات الحكومية.
الين يقود تفاعل الأسواق مع نتائج الانتخابات
في ظل إغلاق الأسواق اليابانية يوم الإثنين بسبب عطلة وطنية، وجد المستثمرون في الين وسيلة رئيسية للتعبير عن قراءتهم الأولية لنتائج الانتخابات، حيث صعدت العملة اليابانية بنحو 1% أمام الدولار الأميركي، بعد موجة تراجع استمرت خلال معظم يوليو. إلا أن الين عاد للتراجع بنحو 0.2%، ليُتداول عند 147.63 ين مقابل الدولار اعتباراً من الساعة 1:38 ظهراً في طوكيو.
الين يرتفع بعد انتخابات اليابان وأسهم هونغ كونغ لأعلى مستوى منذ 2021.. التفاصيل هنا
وقال كاتسوتوشي إينادومي، كبير الاستراتيجيين لدى شركة "سوميتومو ميتسوي ترست أسيت مانجمنت" (Sumitomo Mitsui Trust Asset Management): "المخاوف بشأن توسع السياسة المالية لا تزال تضطرم داخل الأسواق، ومع نتائج الانتخابات الأخيرة، قد تتعرض السندات الحكومية اليابانية لموجة جديدة من الضغوط البيعية". وتابع قائلاً: "أتوقع أن نشهد انحداراً حاداً في منحنى العائد، تقوده السندات طويلة الأجل جداً بشكل خاص".
كانت عوائد السندات الحكومية اليابانية طويلة الأجل، التي تتراوح آجالها بين 20 إلى 40 عاماً، قد تراجعت قليلاً يوم الجمعة، إلا أنها تسلك اتجاهاً صعودياً قوياً خلال الأشهر الأخيرة. وتعكس هذه التحركات في العوائد، التي امتدت تأثيراتها إلى الأسواق العالمية، قلق المستثمرين من تجاوز إنفاق الحكومة اليابانية لقدراتها المالية.
ماذا تقول "بلومبرغ":
الاستقرار في سوق السندات الحكومية اليابانية لن يدوم طويلاً على الأرجح، إذ ستضطر الحكومة إلى المضي قدماً في سياساتها التوسعية لضمان تأييد الأحزاب السياسية الأصغر. علاوة على ذلك، يرتقب عقد عطاء لسندات لأجل 40 عاماً يوم الأربعاء، وسط توقعات بأداء غير سلس... في الأثناء، يستمر الاتجاه العالمي نحو انحدار منحنى العائد دون مؤشرات على تلاشيه.
مارك كرانفيلد استراتيجي لدى "ماركت لايف"
هبوط ثلاثي يهدد الأصول اليابانية
حذرت ديلين وو، الخبيرة الاستراتيجية لدى شركة "بيبرستون غروب" (Pepperstone Group)، من أن غياب الوضوح بشأن السياسات المالية والاقتصادية قد يُضعف جاذبية الأصول اليابانية على المستوى العالمي، على الأقل في الأجل القصير. وأضافت أن حالة الغموض السياسي قد تُعقّد مفاوضات طوكيو التجارية مع واشنطن، مما قد يؤثر سلباً على ثقة المستثمرين.
وأشارت وو إلى أن "سيناريو الهبوط الثلاثي لا يزال قائماً"، في إشارة إلى مخاطر تراجع الين والسندات والأسهم. وعلى الرغم من تمسك إيشيبا بمنصبه، إلا أن "المستثمرين من المرجح أن يتساءلوا عن مدى ما تبقى له من رصيد سياسي"، على حد قولها.
اقرأ أيضاً: لماذا تثير سوق السندات اليابانية قلق المستثمرين؟
في سياق متصل، صرح وزير المالية كاتسونوبو كاتو، يوم الثلاثاء، بأن خفض ضريبة الاستهلاك، كما تطالب به أحزاب المعارضة، سيكون "غير مناسب".
ورغم تعافي مؤشر "توبكس" القياسي للأسهم اليابانية من التراجع الحاد الذي شهده عقب موجة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أبريل، إلا أنه لا يزال بعيداً عن مستوياته القياسية التي بلغها في منتصف العام الماضي. وقد انخفض المؤشر بنحو 0.3% خلال تعاملات بعد الظهر.
التوترات السياسية تضغط على الأسهم اليابانية
وأوضحت هيبي تشين، المحللة بشركة "فانتاج ماركتس" (Vantage Markets) في سيدني: "المشهد بالنسبة للأسهم اليابانية أكثر تعقيداً". وأضافت أن "ضعف الين قد يمنح شركات التصدير دعماً قصير الأجل، لكن تصاعد التوترات السياسية يهدد بتقويض ثقة المستثمرين على نطاق أوسع".
في السياق نفسه، حذر هيروشي ناميوكا، كبير الاستراتيجيين ومدير الصناديق لدى "تي آند دي أسيت مانجمنت" (T&D Asset Management)، من إمكانية تعرض الين لمزيد من الضغوط يوم الثلاثاء، خصوصاً إذا قام المستثمرون ببيع السندات الحكومية طويلة الأجل، قائلاً: "هناك احتمال كبير لتراجع قيمة الين". وتابع: "رغم توقعاتي بارتفاع عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل، إلا أن هذا الصعود سيكون مدفوعاً بعوامل سلبية، ما قد يثير موجة بيع للعملة".
من جهته، يتوقع نيك تويدال، كبير المحللين في شركة "إيه تي إف إكس غلوبال ماركتس" (ATFX Global Markets)، أن تشهد الأسهم اليابانية عمليات بيع يوم الثلاثاء، إلى جانب تراجع عام في قيمة الين، على الرغم من "ارتفاعه المؤقت لكونه ملاذاً آمناً" يوم الإثنين.
أضاف تويدال: "هناك موجة كبيرة من التقلبات المقبلة على الصعيدين المحلي والتجاري. لا أعتقد أن انعدام اليقين السياسي يبشر بالخير بالنسبة للأسهم اليابانية، كما أن الرسوم الأميركية لا تزال تلقي بظلالها، في حين أن الوضع السياسي الجديد قد يزيد الأمور تعقيداً".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على رقائق الكمبيوتر
ترمب يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على رقائق الكمبيوتر

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

ترمب يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على رقائق الكمبيوتر

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم، أنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 100 في المائة على رقائق الكمبيوتر، مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع تكلفة الأجهزة الإلكترونية والسيارات والأجهزة المنزلية وغيرها من السلع التي تعتبر أساسية في العصر الرقمي. وقال ترمب في المكتب البيضاوي أثناء اجتماعه مع تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل: «سنفرض رسوما جمركية بنسبة 100 في المائة تقريباً على الرقائقوأشباه الموصلات... لكن إذا كنت تصنع في الولايات المتحدة الأميركية، فلن تكون هناك رسوم».وأوضح ترمب إن الشركات التي تصنع رقائق الكمبيوتر في الولايات المتحدة ستعفى من ضريبة الاستيراد. وأدى نقص رقائق الكمبيوتر خلال جائحة «كورونا» إلى ارتفاع أسعار السيارات وساهم في ارتفاع التضخم بشكل عام. من جهتها، أعلنت شركة آبل، أنها ستستثمر 100 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع المقبلة وسط ضغوط من الرئيس الأميركي على عملاق التكنولوجيا لتحويل سلسلة التوريد الخاصة بها إلى الأراضي الأميركية. وأعلن تيم كوك، رئيس شركة آبل، في المكتب البيضاوي برفقة ترمب: «نلتزم اليوم باستثمار 100 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة، ليصل إجمالي استثماراتنا في الولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة». وأضاف: «كجزء من ذلك، نطلق برنامج آبل للتصنيع الأميركي. سيحفز هذا البرنامج المزيد من الإنتاج هنا في أميركا للمكونات الأساسية المستخدمة في منتجات آبل في جميع أنحاء العالم، ويسعدنا أن نعلن أننا قد وقعنا بالفعل اتفاقيات جديدة مع 10 شركات في جميع أنحاء أميركا للقيام بذلك». وفي فبراير (شباط)، أعلنت آبل أنها ستستثمر أكثر من 500 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات، بعد فترة وجيزة من بدء ترمب في فرض سلسلة من الرسوم الجمركية على الواردات، بما في ذلك على البلدان التي تشكل جزءاً من سلسلة التوريد الخاصة بالشركة. ولطالما طالب ترامب شركة آبل بتصنيع هاتف آيفون في الولايات المتحدة. ويقول خبراء إن هذا سيتطلب استثمارات ضخمة وسيجعل الهواتف الذكية أكثر تكلفة بشكل كبير.

قلق الشهر الثامن من السنة!
قلق الشهر الثامن من السنة!

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

قلق الشهر الثامن من السنة!

يأتي شهر أغسطس (آب) من كل سنة ليُعيد الإشارة إلى الفارق الأهم بين الإنسان والحيوان، ولكنه يُشير إليه هذه السنة أكثر من أي سنة انقضت على مدى ثمانية عقود. أما السبب فهو أنه في مثل هذا الشهر من عام 1945، بل في مثل هذه الأيام بالضبط، كانت اليابان مسرحاً لأول استخدام للقنبلة الذرية في الحروب، فاحترقت مدينة هيروشيما في اليوم السادس من الشهر بقنبلة، وما كادت أيام أقل من أصابع اليد الواحدة تمر، حتى كانت مدينة ناغازاكي قد لحقت بهيروشيما عندما استهدفتها القنبلة الثانية في اليوم التاسع. وفي 2024 كانت هذه الذكرى الدامية قد أطلّت على الناس، وكانت جائزة نوبل للسلام هي التي أحيتها، عندما ذهبت إلى جمعية الناجين من حريق القنبلة. وقد أذاعت «وكالة الصحافة الفرنسية» تقريراً وافياً عن الذكرى، وعن الحريق النووي الذي أكل المدينتين في مثل هذا الشهر من تلك السنة، فلم يقف أحد، ولا شيء، في طريقه، وهو يأكل كل ما هو حي وغير حي فيهما. والذين ذهبوا إلى هناك لاحقاً، وقد كنت واحداً منهم، رأوا بأعينهم أن القنبلتين اللتين ألقاهما الأميركيون على المدينتين بأمر من الرئيس الأميركي هاري ترومان، لم يتوقف حريقهما عند البشر، ولكنه تجاوزهم إلى الشجر والحجر! رأيت هناك الأشجار وقد جفّت فروعها في مكانها، ورأيت أحجاراً احتفظ بها اليابانيون في متاحف خاصة بحريق المدينتين النووي، ولم تكن أحجاراً من النوع العادي الذي نعرفه، ولكنها أحجار اختلط فيها الصخر بالدم، فتشكلت كُتل حجرية بشرية معاً، وتجمدت دماء ضحايا القنبلة على كل حجر. وقد احتفظ اليابانيون ببقايا البشر مع بقايا الحجر، لعل العالم يتعلَّم من تجاربه، فلا يعود إلى الفعل نفسه للمرة الثانية، ثم يتوقع أن يحصل على نتيجة مغايرة. ورغم ذلك، فإنه لا يكف عن العودة إلى ما سبق أن جرّبه ورأى حصيلته، ولا يتوقف عن السير في الطريق النووي المعروفة نهايته. فإذا جاءت العودة في الشهر نفسه الذي احترقت فيه المدينتان، وسقط في الأولى 140 ألفاً وفي الأخرى 74 ألفاً، فإن المعنى أن الإنسان وهو يعود أو يعاود الذهاب في الطريق ذاته، إنما يمحو الفارق الأهم بين الإنسان والحيوان. فكلاهما كائن حي، وكلاهما يحس ويشعر، وكلاهما لديه رأس يحتوي على ذاكرة، ولكن هناك فوارق طبعاً، وربما كان هذا هو ما جعل أرسطو يصف الإنسان بأنه حيوان ناطق، لأن الحيوان لا ينطق ولا يتكلم. غير أن الفارق الأهم هو أن الإنسان كائن له تاريخ، أما الحيوان فلا تاريخ له في مسيرته على الأرض منذ الحيوان الأول على ظهرها إلى الحيوان الأخير. وحين أراد الأستاذ أحمد بهاء الدين تعريف هذا الفارق في كتابه «أيام لها تاريخ» قال إن الطريقة التي جرى بها اصطياد أول فأر في التاريخ، لا تزال هي نفسها التي يتم بها اصطياد كل الفئران، وسوف تظل هي نفسها إلى آخر التاريخ. جاء شهر أغسطس هذه السنة، فإذا بنا أمام الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، وهو يطلق تهديدات نووية في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية ومعها العالم، فيقول إن على الأميركيين ألا ينسوا أن لدى الروس قدرات نووية موروثة عن الاتحاد السوفياتي السابق. وكان معنى التهديد الروسي أن موسكو لا تجد شيئاً يمنعها من تكرار حريق المدينتين اليابانيتين مرةً ثانية، ولكن في اتجاه مُدن أخرى، وبغير أن نعرف أي مدينة بالضبط يمكن أن يطولها الحريق النووي هذه المرة. ولم يُكذّب الرئيس الأميركي دونالد ترمب خبراً في المقابل، فأعلن أنه أعطى أوامره بنشر غواصتين نوويتين أميركيتين في مناطق مناسبة بالنسبة للروس، وبغير أيضاً أن نعرف ما المكان المناسب بالنسبة إلى روسيا في حالة مثل هذه، وما المكان غير المناسب؟ وازدادت الأجواء سخونة نووية حين قال ترمب إن العالم مقبل كما يبدو على صيف نووي، وأنه بصفته رئيساً لبلاد العم سام مكلف بحماية مواطنيه في أميركا! سوف يحمي مواطنيه من حريق الصيف النووي الذي ينفخ فيه، ولكننا لا نعرف شيئاً عمَّن سيحمي بقية الناس في أنحاء الكوكب من حريق الصيف الذي يُبشّر به ترمب أو ينذر. المفارقة أن هذا كله يتم بالتزامن مع الذكرى الثمانين لحريق 1945، ويتم فيما شهادات الناجين من الحريق منشورة تقول إن ما وقع يجب ألا يتكرر، وإن تكراره يعني محو الفارق الأهم بين الإنسان والحيوان، وإن التهديد الأميركي في مواجهة التهديد الروسي يُبدد رصيد السنوات الثمانين في مسيرة العالم، فلا يكون هناك فارق بين إنسان وحيوان.

«حرب رمادية» تخوضها الصين لاستعادة تايوان!
«حرب رمادية» تخوضها الصين لاستعادة تايوان!

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

«حرب رمادية» تخوضها الصين لاستعادة تايوان!

بينما بدأت تايوان مناوراتها العسكرية الأكبر منذ سنوات بمشاركة أكثر من 22 ألف جندي احتياطي، بدا واضحاً أن التحضيرات لم تعد مجرد إجراء روتيني، بل تعبير عن قلق استراتيجي في ظل التصعيد الصيني متعدد الأوجه. هذه التدريبات التي تزامنت مع تمارين للدفاع المدني، تعكس تحوّلاً في المزاج العام داخل الجزيرة، وتؤكد أن سيناريو المواجهة لم يعد محصوراً في إطار التحليل النظري، بل بات بنداً دائماً على طاولة الاستعدادات. تايوان مشغولة هذه الأيام بمسلسل «هجوم اليوم صفر» الذي يثير الرعب؛ لأنه يحكي عن غزو صيني. ووفق مجلة «الإيكونوميست»، تشعر تشنغ هسين مي، منتجة المسلسل، بالقلق بعد حملة القمع التي شنّها الحزب الشيوعي في هونغ كونغ. وتقول: «نريد نشر الوعي فيما نتمتع بحرية الإبداع. قد نفقد حريتنا في المستقبل». المصادر الدبلوماسية في تايبيه ترى أن الوضع تغيّر جذرياً، فالصين التي لا تُخفي نيتها «استعادة الجزيرة»، كثّفت مناوراتها البحرية والجوية، ووسّعت استخدام أدوات الحرب غير التقليدية مثل التضليل الإعلامي والتجسس السيبراني. ووفق مصدر سياسي مطّلع، فإن النخب التايوانية باتت مقتنعة بأن الخطر أصبح احتمالاً قائماً خلال العقد المقبل. جهات دبلوماسية غربية معنية بهذا الملف ترى أن بكين تسير نحو فرض واقع جديد يعتمد على ترهيب تايوان وتفكيك ثقتها، من دون حرب شاملة. هذا النهج، المعروف بـ«الحرب الرمادية»، يشمل الطائرات المسيّرة، والتلاعب بالأخبار، وتجنيد جماعات محلية للتأثير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الهدف ليس فقط نزع سلاح تايوان، بل كسر إرادتها. وفي ظل الضغوط، يبقى السؤال الأبرز: كيف ستتصرف الولايات المتحدة؟ ومتى؟ مصادر دبلوماسية غربية تقول إن واشنطن تراهن على سياسة «الغموض البنّاء»، أي عدم إعلان نية التدخل العسكري من عدمه، لكنها تُبقي على دعمها العسكري والسياسي، وتحرص على تمرير رسائل إلى بكين مفادها أن الاجتياح لن يمر بلا تبعات. رغم غياب معاهدة دفاع رسمية أو علاقات دبلوماسية كاملة، تبقى الولايات المتحدة المورد الأساسي للسلاح. وقد أشارت مصادر أميركية إلى صفقات تسليح جديدة تشمل طائرات مقاتلة وصواريخ مضادة للسفن وتكنولوجيا الحرب الإلكترونية. لكنها تواجه تحديات بسبب تأخير الإنتاج والنقاشات الداخلية حول الميزانية.أوساط عسكرية أميركية، من بينهم قادة سابقون في قيادة المحيطَيْن الهندي والهادئ، حذّرت من أن الصين قد تحاول غزو تايوان قبل عام 2027. تصريحات هؤلاء، التي نقلتها وسائل إعلام أميركية، تؤكد أن الصين تواصل تعزيز قدراتها البرمائية والجوية، وتنفّذ تدريبات تحاكي حصاراً بحرياً أو ضربات لمنع الإمداد الخارجي. في المقابل، تشير مصادر أمنية تايوانية إلى أن تايوان تسعى لتحديث قدراتها، بما في ذلك تطوير أسطول غواصات محلية، وشراء طائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي. لكنها تعترف بأن التأخير في التسليم والخلافات السياسية أبطآ هذه الجهود. وقد شهد العام الحالي جدلاً بعد تجميد اعتمادات مالية في البرلمان، ما أجّل بعض المشاريع الحيوية. في خلفية الأزمة، تقف الصناعة التكنولوجية عاملاً حاسماً. فشركة «تي إس إم سي» تُنتج نحو 90 في المائة من الرقائق الإلكترونية المتطورة في العالم، المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والصناعات العسكرية، وفقدان هذه القدرة سيؤدي إلى اضطراب واسع في الأسواق. الاستثمارات الأخيرة لبناء مصانع في أريزونا الأميركية لم تغيّر من هذه المعادلة؛ إذ تظل المهارات وسلاسل التوريد متركزة في تايوان. وترى مصادر اقتصادية تايوانية أن نقل الإنتاج «استراتيجية لتوزيع المخاطر»، لكنها لا تلغي مركزية الجزيرة في التكنولوجيا المتقدمة. كما أن الموقع الجغرافي لتايوان بالغ الحساسية. فمضيق تايوان تمر فيه 80 في المائة من حركة الشحن الآسيوية، مما يجعل أي نزاع كارثة اقتصادية عالمية. وتؤكد مصادر دبلوماسية في طوكيو وسيول أن ضربة صينية لتايوان قد تترافق مع هجمات على قواعد أميركية في اليابان وكوريا الجنوبية، مما يُحوّل النزاع إلى حرب إقليمية. رغم المؤشرات، لا يبدو أن الرأي العام في تايوان استوعب خطورة الموقف. يشير مسؤولون أمنيون محليون إلى أن الاستعداد المدني دون المستوى، والمواطنين يتعاملون مع التهديد كأنه بعيد. ويضيفون أن غياب الثقافة الدفاعية يعوق بناء مقاومة فعّالة إذا قررت بكين الحسم العسكري. المصادر السياسية المقربة من واشنطن ترى أن تايوان لن تصمد وحدها في حرب واسعة، إذ إن الحصار أو منع الإمدادات سيجعل التدخل الأميركي العسكري حتمياً، سواء عبر كسر الحصار أو توفير غطاء جوي أو إدارة عمليات الإمداد، لكن ذلك يتطلّب استعداداً مسبقاً وتنسيقاً عسكرياً دقيقاً، وهو ما تفتقر إليه العلاقة الحالية، حسب شخصيات سياسية تايوانية. إذ لا توجد شبكة اتصالات عسكرية مباشرة أو تدريبات مشتركة، مما يجعل التنسيق في الطوارئ معقداً للغاية. وفي النهاية، ترى مراكز القرار في واشنطن أن سقوط تايوان لن يغيّر فقط وجه آسيا، بل سيهزّ النظام الدولي. حماية تايوان ليست فقط مسألة جغرافيا أو سيادة، بل مسألة هيبة أميركا، واستقرار التكنولوجيا العالمية، وتوازن الأمن البحري والتجاري. ولهذا، فإن الوقت المتبقي للتحضير قد يكون أقصر مما يبدو، والسيناريوهات التي تُرسم في الغرف المغلقة قد تتحول فجأة إلى واقع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store